|
منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية كل مايتعلق بالعلوم القانونية ، و كذا طرح المشكلات والقضايا التي تحتاج إلى استشارة قانونية... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
2011-02-21, 16:34 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
_القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم__________________________ ____°°° كانت سلطة القضاء وتطبيق نصوص التشريع الإسلامي على الوقائع لرسول الله صلى الله عليه وسلم , استمدها من الله سبحانه بقوله تعالى ( فأحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق)( المائدة -48) وكان منصب القضاء يتولاه النبي صلى الله عليه وسلم في بادىء الأمر بنفسه , لأنه المرجع الوحيد لتلقي الأحكام الشرعية فيما يحدث من المسائل والأقضية , فإذا شجر بين الناس نزاع أو عرض لهم حادث , وأرادوا معرفة حكم الإسلام فيه لينفذوه ذهبوا من تلقاء أنفسهم ليحتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحكم بينهم بما ينزل الله عليه من الوحي تارة , وبأقواله وأفعاله التي تصدر عن اجتهاده تارة أخرى روى الإمام احمد في مسنده عن أم سلمه هند زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : ( جاء رجلان يختصمان في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تختصمون إلى رسول الله وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن (أي أفطن وأقدر على البيان) بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع , فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه , فإنما أقطع له قطعة من النار , فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لأخي ,فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إذاً فقوما فأذهبا , فلتقتسما ثم توخيا الحق ثم أستهما (أي اقترعا) ثم ليحل كل واحد منكما صاحبه ) فكان عليه الصلاة والسلام يحكم في جميع المسائل التي تلقى إليه وفق الدليل الذي يثبت الدعوى ولو ظاهراً على خلاف الواقع , فكان يقول : ( أمرت أن أحكم بالظاهر . والله يتولى السرائر ) ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له صفتان في أحكامه , الصفة الأولى بوصفه مشرعاً والصفة الثانية بوصفه قاضياً فهو في الأولى لايخطىء وإن أخطأ رده الله إلى الصواب في حين أنه في الثانية معرض للخطأ , فقد جاء في كتب السير أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق أراد أن يعطي نصف أثمار نخيل المدينة لغطفان على أن لا يحاربوه مع قريش لكي يكسر شوكة الأحزاب فلما سمع السعدان سعد بن عبادة رئيس الخزرج وسعد بن معاذ رئيس الأوس قالا : يا رسول الله هل ذلك بوحي من الله , أم رأي رأيته ؟ قال : بل رأي رأيته , فقالا لا وحقك لا نعطيهم نصف ثمرة , فأجابهما الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما رأيا . وكان إذا قضى صلى الله عليه وسلم في مسألة , تقدم إليه المحكوم عليه , بمقتضى الوازع الديني الذي هذب أخلاقه , لكي ينفذ الحكم عليه , عقب النطق بالحكم إذ قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) (النساء -65) اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال أحدهما أن ابني كان عسيفاً ( أي أجيراً) على هذا , فزنى بامرأته , وأني أخبرت أن على ابني جلد مائه , فافتديت منه بمائة شاة , وجارية لي , ثم إني سألت اهل العلم فأخبروني إنما على ابني مائة جلده وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته (لأنها محصنة) , فحكم النبي بقوله : ( أما غنمك وجاريتك فرد عليك ( أي مردودة عليك لا تنوب عن الحد ) وجلد ابنه مائه وغربه عاماً , وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر , فإن اعترفت رجمها , فاعترفت فرجمها) ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع في يده السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية , إذ كان يقضي وينفذ ما يقضي به إما بنفسه أو بمن ينتدبهم للتنفيذ كما إنتدب أنيساً لتنفيذ الرجم على الزانية أما طرق الإثبات عنده عليه الصلاة والسلام فمنها البينة , والبينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهره , فكان صلى الله عليه وسلم يقول : ( البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه) وروى مسلم في صحيحه عن بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو يعطى الناس بدعواهم لأدعى الناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه) ومن طرق الإثبات شهادة الشهود وكان عليه الصلاة والسلام يقول ( أكرموا الشهود فإن الله تعالى يحي بهم الحقوق , وقد بين صلى الله عليه وسلم من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تجوز شهادة خائن (في الدين أو المال أو الأمانة) ولا خائنه ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر (حقد) على أخيه ) وقد اخرج هذا الحديث أبي داود والترمذي ومن طرق الإثبات عنده الكتابة , كما حكم بالقافة , وبذلك أقرت الشريعة الإسلامية هذا النوع من الإثبات , فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالقافة , وجعلها دليلاً من أدلة النسب وعمل خلفاؤه الراشدون والصحابة بها ولو أن الحكم بالقافة في اعتقاده إنما هو حكم بالشبه قالت عائشة رضي الله عنها : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرور تبرق أسارير وجهه فقال : أي عائشة ! الم تري أن مجززاً المدلجي (وهو قائف) دخل ورأى أسامة (أي اسامة بن زيد) وكان اسود وزيداً ( أي زيد بن حارثة) وكان أبيض وعليهما قطيفة قد غطيا رأسيهما وبدت أقدامهما , فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ) وذلك يدل على أن إلحاق القافة يفيد النسب , وكان النسب ثابتاً بالفراش ولكن الناس كانوا يقدحون في نسبه لكونه أسود وأبوه أبيض , فلما شهد القائف بأن تلك الأقدام بعضها من بعض سر النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الشهادة التي أزالت التهمة , والحقت الفرع بأصله غير ناظر إلى سواد الإبن الذي منشأه سواد أسامه من أمه أم أيمن الحبشية وكذلك حكم عليه الصلاة والسلام أحكاماً كان رائده فيها الفراسة , ولا عجب في ذلك فقد مدح الله سبحانه وتعالى الفراسة وأهلها في كتابه فقال تعالى ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين )(الحجر-75) وقال تعالى ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم )(البقرة-272) وبذلك أقر الإسلام الفراسة ونصح بالحكم بها مستعيناً بالإمارات والعلامات والقرائن التي تظهر الحق من الباطل لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم وابتدأ عهد الصحابة بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كانت سلطة القضاء يتولاها الخليفة , فلم يتخذ قاضياً يخصه بالقضاء كما فعل الخليفة عمر رضي الله عنه من بعد , بل كان القضاء يتولاه الخليفة بنفسه , وتارة يعهد به إلى غيره , واستمر العمل بهذا حتى أول خلافة عمر , وقد قيل في خلافة أبي بكر تولى عمر بن الخطاب منصب القضاء وكان أول قاضي للخليفة , ولكن الراجح أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من عين قضاة مختصين بالقضاة في الخصومات بين الناس , وإنما كان أبي بكر رضي الله عنه يفوض إلى عمر رضي الله عنه أحياناً النظر في الوقائع التي كان يدلي الخصوم بها إليه غير إنه لم يختصه بالقضاء ولم يكن لعمر بن الخطاب رضي الله عنه اسم قاض في زمن الخليفة أبي بكر رضي الله عنه ولم يحمل ذلك اللقب , ولم يكن عمله مقصوراً على القضاء بل تناول الإمامة وغيرها . قسم أبو بكر جزيرة العرب إلى ولايات , وأقام على كل منها أميراً من قبله , وكان هذا الأمير يقيم الصلاة بين الناس , ويقضي في القضايا التي ترفع إليه , كما كان يقيم الحدود , وبذلك أعطى أبو بكر لكل أمير في ولايته جميع السلطات الثلاث , غير أنه لم يول قضاة يباشرون القضاء دون الأمراء , بل كان أمراء الجند هم ولاة الأمر في العراق والشام , وكان كل واحد منهم يولي بنفسه واحداً من قبله على الناحية التي فتحها , والتي لم يستقر للدولة الإسلامية الأمر فيها نهائياً فكان بذلك نائباً عنه في تلك الناحية قضى أبو بكر رضي الله عنه كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم , وولى ولاته على الأمصار , ليقضوا بينهم فيها , لان القضاء كان معتبراً كما تقدم من أعمال الخليفة كإمامة الصلاة وغيرها , ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الاجتهاد بالرأي والقياس في أيامه , فإن أبا بكر ومن جاء بعده من الخلفاء الراشدين لم يعتمدوا عليه إلا قليلاً , خشية ما قد يقعون فيه من خطاء في الأحكام , حتى لا يجرأ أحد على الإفتاء بين الناس عن جهل , وكان أبو بكر يقول إذا أفتى بالرأي والقياس : ( هذا رأي فإن يكن صواباً فمن الله , وإن يكن خطاً فمني , وأستغفر الله ) توفي أبو بكر الصديق وولي الخلافة بعده عمر في اليوم الذي توفى فيه أبو بكر بوصية منه , وهو بتفرغه للسياسة العامة , وللحروب التي قامت بين الدولة الإسلامية والدولتين الفارسية والرومانية , والتي أنتجت اتساع نطاق الإسلام , وشغلت الخليفة عن التفرغ للقضاء فعمد إلى تعيين قضاة مختصين بالفصل في الخصومات وفض المنازعات , وبعد أن كان القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه , جزءاً من الولاية أصبح في عهد عمر منفصلاً عنها ويعهد يه إلى شخص آخر غير الوالي , سمي لأول مره بالقاضي ,فعين أبا الدرداء ثم يزيد بالمدينة وولى شريحاً قضاء الكوفة ( روي أن عمر رضي الله عنه أخذ فرساً من رجل على سوم , فحمل عليه فعطب , فخاصمه الرحل فقال عمر : أجعل بيني وبينك رجلاً فقال الرجل : إني أرضى بشريحا العراقي , فقال شريح : أخذته سليماً صحيحاً فأنت له ضامن حتى ترده صحيحاً سليماً , قال فكأنه أعجبه فبعثه قاضياً , وقال ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه , فإن لم يستبن في كتاب الله فمن السنة , فإن لم تجده في السنة فأجتهد رأيك ) وولى أبو موسى الأشعري بالبصرة وولى قيس بن أبي العاص قضاء مصر فكانوا بذلك من أول القضاة في الإسلام , أما بقية الأمصار والولايات فقد عهد بالقضاء فيها إلى الأمراء , ولا يغرب عن الذهن , إن القضاء في عهد عمر كان سهلاً بسيطاً مجرداً من النظم الوضعية الكثيرة التي تشاهد الآن ولم يكن للقاضي كاتب ولا سجل فلم تدون الأحكام القضائية لأنها كانت تنفذ عقب صدورها وكان القاضي هو المنفذ لها , وكثيراً ما كان يتقدم المحكوم عليه بنفسه لتنفيذ الحكم عليه , ولم يكن هنالك من داع لوضع قانون للمرافعات , تنظم به الإجراءات أما المحكمة إذ كان القضاء في عهده الأول , فلم يتناول النظر في المصالح العامة , كالوقف وشئون الأيتام , وإنما تناولها فيما بعد سار عمر سير أبي بكر فقد كان حريصاً على إتباع القرآن والسنة فيما جاء به وكان كباقي الصحابة لا ينسب القول بالرأي إلى الشريعة الإسلامية بل إلى نفسه , فقد قال عمر لما قال : ( هذا ما رأى الله ورأى عمر ! بئسما قلت هذا ما رأى عمر , فإن يكن صواباً فمن الله وإن يك خطاً فمن عمر ) وكان عمر يرجع إلى القرآن والسنة فإن لم يجد فيهما جواب للمسألة , نظر فإن كان لأبي بكر قضاء فيها قضى به وإلا دعا رؤساء الناس فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به كان عمر من أظهر الصحابة استعمالاً للرأي وقد ضرب فيه بسهم وافر وساعده على ذلك اتساع رقعة الدولة الإسلامية في زمنه اتساعاً عظيماً وسريعاً وما صادفه من الأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي نتجت عن هذه الفتوحات والتي كانت تتطلب تشريعاً يطبق عليها وعلى أمثالها فقد روى عنه الشيء الكثير من الأحكام المستنبطة من استعمال الرأي والتي كانت هدى ونور اً لمن أتى بعده من الفقهاء , فكان عمر يجتهد في تعرف الحكمة التي نزلت فيها الآية ويحاول معرفة المصلحة التي جاء من أجلها الحديث ويأخذ بالروح لا بالحرف وعلى ضوء هذه وتلك يسترشد عند ما يفصل في المسألة المعروضة عليه , وكان عمر جريئاً في العمل بالرأي ولو خالف ذلك بعض النصوص والقواعد التي كانت معروفة ومعمولاً بها من قبل ومثال على ذلك - قال تعالى في كتابه العزيز ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم) وتطبيقاً لما جاء بهذه الآية الكريمة , كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم الزكاة ومنهم أبو سفيان والأقرع بن حابس وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن , وكان يعطي الواحد منهم مائة من الإبل , ولما ولي أبو لكر الخلافة سار على ما كان يتبعه الرسول وجاءه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس يطلبان أرضاً فكتب لهما بهما , ولما ولي عمر مزق الكتاب وقال : (( إن الله أعز الإسلام وأغنى عنكم , فإن ثبتم عليه , وإلا فبيننا وبينكم السيف )) وبذلك منعهم نصيبهم من الزكاة اهتدى عمر من الآية الشريفة السابقة إلى الحكمة في إعطاء الزكاة إلى المؤلفة قلوبهم , فلما وجد أن الإسلام أعزه الله , وأصبح في غير حاجة لمعونتهم , منع إعطاء الزكاة لهم . كذلك نجد عمر يعفي السارق من قطع اليد , إذا ما انتشرت المجاعة في البلاد فقد روي أن غلماناً لحاطب بن أبي بلتعه سرقوا ناقة لرجل من مزينة , فأتى بهم عمر فأقروا , فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء فقال له : إن غلمان حاطب سرقوا رجل من مزينة وأقروا على أنفسهم , فقال عمر : يا كثير بن الصلت اذهب فأقطع أيديهم , فلما ولى بهم رده عمر ثم قال : أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم , حتى أن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه , حل له , لقطعت أيديهم , وأيمن الله إذ لم أفعل ذلك , لأغرمنك غرامة توجعك , ثم قال : يا مزني بكم أريدت منك ناقتك ؟ قال : بأربعمائة , قال عمر : أذهب فأعطه ثمانمائة . نلاحظ هنا أن عمر حكم على حاطب بن أبي بلتعه بدفع الثمانمائة , ولم يحكم على غلمانه السارقين ,لانه كان السبب المباشر لتحريضهم على السرقة , أما هم فكانوا في حالة اضطرار للسرقة ليسدوا بها رمقهم , وهذا العذر هو الذي جعل عمر يتسامح في عدم قطع أيديهم . وكان عمر أكثر الخلفاء الراشدين محبة للشورى مع فقهه , فقلما أقدم على أمر إلا بعد استشارة أعلام الصحابة وفقهائهم من المهاجرين والأنصار , وتمحيص آرائهم كل تمحيص , فكانت له شورى خاصة يلتمسها في مثل عثمان بن عفان والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وغيرهم , وشورى عامة صورتها أن يتقدم له كل من له رأي من المسلمين , عندما يعرض الأمر عليهم في المسجد , وربما استشار بعد ذلك خاصته زيادة في التحفظ , وكثيراً ما كان يرجع عن رأيه إذا ما ثبت له خطأه ومن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى بامرأة زنت فأقرت , فأمر برجمها , فقال علي رضي الله عنه : لعل بها عذراً ثم قال لها : ما حملك على الزنا , قالت : كان لي خليط وفي إبله ماء ولبن , ولم يكن في إبلي ماء ولا لبن , فظمئت فاستقيته فأبى أن يسقيني حتى أعطيه نفسي , فأبيت عليه ثلاثاً فلما ظمئت وظننت أن نفسي ستخرج أعطيته الذي أراد , فسقاني , فقال علي : الله أكبر فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم , وفي السنن للبيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي : ( أتى عمر بامرأة جهدها العطش , فمرت على راع فاستقت , فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه نفسها ,ففعلت , فشاور الناس في رجمها , فقال علي : هذه مضطرة أرى أن يخلى سبيلها ففعل ) وهذه هي نظرية الضرورة في القانون الجنائي الحديث . أما سيرة عمر مع عماله , فلم يكن الوالي في نظره إلا فرداً كغيره من الأفراد يجري عليه حكم العدل كما يجري على جميع الأفراد الآخرين فكان إذا شكا من العامل أحقر الرعية جره إلى المحاكمة وهنا يقف الاثنان موقف المساواة حتى يتبين الحق في جانب أحدهما مراعياً في ذلك قوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )وقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ( لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ) , فإذا ثبت لعمر إدانة عامله اقتص منه , وأختط عمر طريقة حسنه تكفل للرعية ألا يظلمها الولاة والعمال إذ أمرهم بأن يأتوا إليه كل سنة في موسم الحج , وسمح لكل من أصابه مكروه أو أوقع العمال عليه ظلماً أن يدعي بذلك على العامل في حضرته ليرد إلى المظلوم حقه وينصفه من خصمه وفق قوله عليه الصلاة والسلام ( إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم مني مجلساً , إمام عادل وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم مجلساً إمام جائر ) , فكان العمال يخافون الافتضاح على رؤوس الأشهاد في موسم الحج فيتجنبون ظلم الرعية ويسيرون بين الناس بالعدل والإنصاف , وقد خطب عمر رضي الله عنه في الناس كثيراً لبث هذه الروح في الرعية , ومن خطبه قوله : ( يا أبها الناس إني والله لا أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ( جلودكم) ولا ليأخذوا أموالكم , ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم ويقضوا بينكم بالعدل , فمن يفعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي , فو الذي نفس عمر بيده لاقصنه منه) . وكان عمر شديد التدقيق في انتخاب القضاة فقد روي عنه قوله ( من استعمل رجلاً لمودة أو لقرابة , لا يستعمله إلا لذلك فقد خان الله و رسوله والمؤمنين ) وكان أخص ما يتحراه في القضاة والعمال التقوى والعدالة والعلم والمعرفة والذكاء وكان لا يحب العجلة في الفصل في الخصومات ويقول : ( ردوا الخصوم حتى يصطلحوا , فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن ) ولم تؤثر في تصرفاته عواطفه الخاصة ونزعات قلبه ومحبته لاخوانه , بل كان ديدنه في جميع أعماله الصراحة والعدل , فقد خاصم يهودي الإمام علي بن أبي طالب أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب , وعلي – كما لا يخفى – ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته , وأحد المرشحين للخلافة , فقال له عمر قم يا أبا الحسن , وأجلس أمام خصمك , ففعل , ولكن مع تأثر لاح على وجهه , فلما انتهت الخصومة قال له عمر : أكرهت يا علي أن تجلس أمام خصمك ؟ فقال : كلا ولكني كرهت أنك لم تلاحظ المساواة بيننا بقولك يا أبا الحسن ( إذ الكنية تشير إلى التعظيم ) قتل رضي الله عنه غدراً وهو قائم يصلي بالناس بخنجر طعنه به أبو لؤلؤة فيروز المجوسي سنة 23هجرية . بعد وفاة عمر رضي الله عنه انتخب الناس عثمان بن عفان رضي الله عنه , كان عثمان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وكان أبو بكر وعمر يستشيرانه , ويعملان برأيه , في جلائل الأعمال ومهام الأمور , ولما بويع بالخلافة حذا حذو عمر بن الخطاب ومن سبقه في حسن اختيار القضاة وتذويدهم بالنصائح , وكان يعتمد في قضائه على الكتاب والسنة ثم على قضاء من سبقه من الخلفاء الراشدين فكان إذا لم يجد فيها جواب مسألته رجع إلى استشارة الصحابة في الأمر عملاً بقوله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) وقد اشتهر عثمان بالفقه , وكان من رواة الحديث , يقول بن حجر : ( إنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر , كما روى عنه أولاد عمر ومن الصحابة بن مسعود , وعبد الله بن عمر . وعبد الله بن العباس , وعبد الله بن الزبير , وزيد بن ثابت , وأبو هريرة وغيرهم , ومن التابعين الأحنف بن قيس , وسعيد بن المسيب كان عثمان يعتقد كباقي الخلفاء الراشدين بأن الرأي الذي يفتي به ليس بلازم للأمة أن تأخذ به , فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه أرسل عثمان إلى العمال والقواد وعمال الخراج وعامة المسلمين بالأمصار كتباً يحثهم فيها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعطف على أهل الذمة وجباية الخراج بالعدل والإنصاف ونصح عمال الخراج فقال : ( أما بعد فأن الله خلق الخلق بالحق ولا يقبل إلا الحق , خذوا الحق وأعطوا الحق به , والأمانة الأمانة , قوموا عليها ولا تكونوا أول من يسلبها فتكونوا شركاء من بعدكم , الوفاء الوفاء لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد فإن الله خصم لمن ظلمهم ) جلد عثمان معتادي السكر , وهدد بالنفي عن المدينة كل من عكف على البدع , فاستقامت أحوال الرعية قتل عثمان وهو يتلو في مصحفه , وبعد أن منع عنه البغاة الماء , قتله الغافقي بحديدة كانت معه وجاء غيره من الثوار ليضربه بسيفه , فأكبت عليه زوجه نائلة وتلقت السيف عنه بيدها فقطع أصبعها , ثم ضربوا عنقه , وانتهبوا بيت المال وكان ذلك في 18 ذي الحجة سنة 34هجريه . بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه تنازع الناس في من يتولى الخلافة , وفي أحوال مضطربة قلقة بويع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان عمر يستشير علياً عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام ( ما شقي امرؤ عن مشورة ولا سعد باستبداد رأي ) ويستفتيه في الأحكام الشرعية كما كان يستشيره باقي الخلفاء الراشدين , وكان علي يعتمد على القرآن والسنة في قضائه ثم على قضاء من سبقوه من الخلفاء الراشدين , وكان إذا لم يجد رجع إلى استشارة الصحابة في المسألة المعروضة عليه , عملاً بقوله تعالى لنبيه الكريم ( وشاورهم في الأمر ) وقد حذا حذو من سبقه من الخلفاء الراشدين في اختيار القضاة و إمدادهم بالنصائح , فكتب إلى الاشتر أحد عماله عندما ولاه مصر فقال : ( اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم . ولا يتمادى في الذلة ( الخطأ ) ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه , ولا تشرف نفسه على طمع , ولا يكتفي بأدنى فهم إلى أقصاه , أوقفهم في الشبهات , وآخذهم بالحجج و أقلهم تبرماً بمراجعة الخصم , وأصبرهم على تكشف الأمور , و أصرمهم عند اتضاح الحكم , ممن لا يزدهيه إطراء , ولا يستميله إغراء , وأفسح له في البذل بما يزيد علته وتقل معه حاجته إلى الناس , وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ) وكان يرجع للإمام علي في كثير من مسائل الدين وتفسير القرآن ورواية الحديث وكثيراً ما استفتي في المواريث و والمشكل من القضايا , فقد قضى أن الزوجة التي توفى زوجها قبل أن يدخل بها , ودون أن يفرض لها صداقاً , لا حق لها في صداق المثل ,قياساً على المطلقة , إذ قال تعالى ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) وقضى في رجل فر من رجل يريد قتله , فأمسكه له آخر حتى أدركه فقتله , و بقربه رجل ينظر إليهما وهو يقدر على تخليصه , فوقف ينظر إليه حتى قتله , فقضى على أن يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت , وتفقأ عين الناظر الذي وقف ينظر ولم ينكر , ولعل علي رأى تعزيره بذلك وروي أن ستة غلمان ذهبوا يسبحون , فغرق أحدهم , فشهد ثلاثة على اثنين أنهما أغرقاه , وشهد اثنين على ثلاثة أنهم أغرقوه , فقضى على بن أبي طالب على الثلاثة بخمس الدية وعلى الاثنين بثلاثة أخماسها شكا إليه شاب نفراً فقال : ( إن هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر فعادوا ولم يعد أبي , فسألتهم عنه فقالوا : مات , فسألتهم عن ماله , فقالوا : ما ترك شيئاً , وكان معه مال كثير , وترافعنا إلى شريح , فأستحلفهم وخلى سبيلهم , فدعا علي بالشرط فوكل بكل رجل رجلين , وأوصاهم أن لا يمكنوا بعضهم أن يدنوا من بعض , ولا يسمحوا لأحد أن يكلمهم , ودعا كاتبه ودعا أحدهم , فقال : أخبرني عن أبي هذا الفتى , أي يوم خرج معكم ؟ وفي أي منزل نزلتم وكيف كان سيركم ؟ وبأي علة مات ؟ وكيف أصيب بماله ؟ وسأله عن من غسله ودفنه ومن تولى الصلاة عليه وأين دفن ؟ وتحو ذلك والكاتب يكتب , ثم دعا آخر بعد أن غيب الأول عن مجلسه , فسأله كما سأل صاحبه , ثم الآخر هكذا حتى عرف ما عند الجميع , فوجد كل واحد منهم يخبر بغير ما أخبر به صاحبه فضيق عليهم فأقروا بالقصة , فأغرمهم المال وأفاد منهم بالقتيل . وكان علي رضي الله عنه لا يحبس في الدين , ويقول إنه ظلم , وقد سار الإمام على خطى أسلافه في رفع شأن القضاة , ومنحهم رواتب من النقود أو الطعام , بما يكفيهم ويكفي أولادهم من بيت المال فكان القضاء في عهده مستقلاً محترم الجانب عظيم الإجلال , وكان القاضي غزير العلم واسع المعرفة يتساوى أمامه الرفيع والوضيع والمسلم والذمي عملاً بقوله تعالى ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( العدل أساس الملك ) . قتل علي غيلة بسيف مسموم ضربه به عبد الرحمن بن ملجم أحد الخوارج وهو ينادي لصلاة الصبح بمسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40هجريه ومع ذلك فقد جمع أبنائه وقال لهم : ( إذا أنا مت من ضربته هذه فأضربوه ضربة بضربه , ولا يمثل بالرجل , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إياكم و المثلة ولو بالكلب العقور ) ) وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم عمر بن عبد العزيز رجل نشأ في بيت الإمارة، وتقلب في نعيمها، وعاش حياة البذخ والرفاهية كغيره من أبناء الخلفاء وسلالات الملوك؛ حتى اشتهر عنه أنه كان يستخشن الحرير لنعومة جلده، هذا الفتى الذي ولي إمارة المدينة النبوية المنورة وهو في السادسة والعشرين من عمره، وولي الخلافة قبيل الأربعين كان خير خلفاء بني مروان، وآخر خليفة أجمع الناس على عدله حتى من خصومه. لم تدم خلافته أكثر من سنتين وخمسة أشهر فقط، لكنه أنجز فيها ما عجز عن تحقيقه كثير من السلاطين والأباطرة والأمراء عبر التاريخ، على الرغم من اتساع رقعة خلافته بدءاً من الصين شرقاً وحتى شمال إسبانيا غرباً، ومن صعوبة التواصل بينه وبين أمراء الأقاليم إلا بِجُهْدٍ كبيرٍ وَوَقْتٍ كثيرٍ. هذا الرجل الذي اشتكى من عدله بنو عمه لَمَّا رَدَّ المظالم التي بأيديهم إلى أهلها، حتى فزعوا إلى عمته فاطمة بنت مروان لتكلمه، فلما رجعت إليهم قالت لهم: أنتم فعلتم هذا بأنفسكم، تزوجتم بأولاد عمر بن الخطاب فجاء يشبه جده. فأسكتتهم بذلك، نَعَمْ! لقد أدركه صلاح جَدِّهِ لأمه الفاروق عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنهُ، فَنِعمَ النَّسَبُ ذلك المَنْسَبُ وَنِعمَ الولد من ذلك الوالد، رضي الله عنهم وأرضاهم. كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رَضِيَ اللهُ عَنهُ حافلة بالإنجازات، ولم تتجاوز السنتين إلا ببضعة أشهر، ومنها:- = أمر زوجته فاطمة بنت عبد الملك برد الحُلِيِّ التي وهبها أبوها إلى بيت مال المسلمين، ففعلت على الفور. = كانت حديقة فدك وقفاً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفق منها، ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أَيِّمَهُمْ، وكذلك كانت في حياة أبي بكر وعمر، فلما كان مروان بن الحكم اقتطعها لنفسه، حتى صارت لعمر بن عبد العزيز، فأعادها إلى ولد فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام. = منع شتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنهُ من على منابر الجمعة، كما مضت به عادة بني أمية قبله. = أسقط الزيادة في الجزية عن النصارى من أهل تبوك وعن نجرانية الكوفة، كما أسقط الجزية وكل ضريبةٍ عمن أسلم من أهل خراسان. = أصلح الطرق، وأمر الولاة أن يجعلوا للناس خانات ( استراحات ) على الطرق العامة، وأن يُضِيْفُوا المسافرين يوماً وليلة، ويتعاهدوا فيها دوابهم، ومن كان منهم به علة فَيُضَافُ يومين وليلتين، ومن كان منهم منقطعاً فَيُبْلَغُ بِهِ بَلَدُهُ. = منع ولاته أن يَسْتَقِلُّوا بأوامر القتل والصلب قبل مراجعته. = أمر ولاته: أن من أراد من ذراري المسلمين أن يَحُجَّ فيعطى مائة درهم نفقةً لِيَحُجَّ بها. = بلغ العدل من قضاته مبلغاً لم يَسبِقْ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ مِثْلُهُ، وذلك أن أهل سمرقند شكوا إليه أن قائد جيش المسلمين فتح بلادهم دون أن ينابذهم كما أمر الله في كتابه العزيز { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ }، فكتب عمر إلى واليه: أن أَجْلِسْ لهم القاضي، فلينظر في أمرهم، فإن قضى لهم فَأَخْرِجْ الجيش إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أن تظهروا عليهم. فَأَجْلَسَ لهم القاضي: جميعَ بنَ حاضرٍ النَّاجِيَّ، فقضى ( أن يخرج عَرَبُ سمرقند إلى معسكرهم، وينابذوا أهل سمرقند على سواءٍ، فيكون صُلْحَاً جديداً أو ظَفَرَاً عَنْوَةً ). فلما رأوا ذلك رضوا بما كان. = ناظر الخوارج - في آخر أيامه - ولم يعجل عليهم وهم يومذاك قليل، وكان مما قاله لزعيمهم ( بلغني: أنك خرجت غضباً لله ولنبيه، ولستَ بأولى بذلك مِنِّيْ، فَهَلُمَّ إِلَيَّ أناظرك!؛ فإن كان الحق بأيدينا دخلت فيما دخل فيه الناس، وإن كان في يدك نظرنا في أمرك ). ولما ناظرهم رجع منهم كثير. = بلغ من حكمته في سياسة الرعية يوم أن حادثه ابنه عبد الملك في أمر الإسراع في تحقيق العدل؛ وهو يقول لوالده: يا أمير المؤمنين!، ما تقول لربك إذا أتيته وقد تركت حقاً لم تُحْيِهِ وباطلاً لم تُمِتْهُ؟. يا أمير المؤمنين!، ما يمنعك أن تُنْفِذَ رأيك في هذا الأمر، فوالله ما كنت أُبَاْلِيْ أن تغلي بي وبك القدور في نفاذ هذا الأمر. فقال عمر لابنه: يَا بُنِيِّ!، إني أُرَوِّضُ الناس رياضة الصعب، فإن الله أبقاني مضيت لِنِيَّتِيْ ورأيي، وإن عَجِلَتْ عَلَيَّ مَنِيَّتِيْ لقد علم الله نيتي، وإني إِن بَادَهْتُ النَّاسِ بِمَا تَقُولُ أَحوَجُونِي إِلَى السَّيفِ، وَلاَ خَيرَ فِي خَيرٍ لاَ يَحيَا إِلاَّ بِالسَّيفِ. = وبلغ من سياسته في ترويض الناس ما أوضحه بقوله: لو أقمت فيكم خمسين عاماَ ما استكملت فيكم العدل، إني لأُرِيْدُ أن أُخْرِجَ للمسلمين أمراً من العدل، فأخاف أن لا تَحْتَمِلَهُ قلوبهم، فَأُخْرِجُ معه طمعاً من طمع الدنيا، فَإِنْ فَرَّتْ القلوب من هذا سكنت إلى هذا. = كان من حكمته في اختيار الأصحاب أن خطب قائلاً: أَيُّهَا النَّاس!، مَنْ صَحِبَنَا فَليَصْحَبْنَا بِخَمسٍ ، وَإِلاَّ فَلاَ يَقْرَبْنَا: يَرْفَعُ إِلَيْنَا حَاْجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيْعُ رَفْعَهَا، وَيُعِيْنُنَا عَلَى الخَيْرِ بِجَهْدِهِ، وَيَدُلُنَا مِن الخَيرِ عَلَى مَا نَهتَدِي إِلَيهِ، وَلاَ يَغتَابَنَّ أَحَدَاً، وَلاَ يَعتَرِض فِي مَا لاَ يَعْنِيْهِ. = وكان من رحمته ورأفته وشفقته بالمسلمين أن أمر بإجلاء المسلمين من ( طرنده ) في وسط تركيا اليوم إلى ( ملطية ) قريباً من الحدود السورية؛ خوفاً عليهم من الروم، وأجرى عليهم أرزاقهم، كما أمر من عبر نهر السند من المسلمين أن يعودوا إلى حيث يستطيع المسلمون الدفاع عنهم حتى يستقر أمر تلك البلاد، وأمر واليه أن يُوْقِفَ الغزو في تلك البلاد؛ اكتفاءً بما حصل، فكان أن انتشر الإسلام فيما وراء النهر بالدعوة وحسن المعاملة
|
||||
2011-02-23, 21:50 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك اختي جوداء على المعلومات القيمة جزاك الله خيرا |
|||
2011-02-25, 16:08 | رقم المشاركة : 3 | |||||
|
اقتباس:
اقتباس:
لا شكر على واجب
تسعدني الاضافة والمساعدة ربي يجازيكم |
|||||
2011-02-21, 13:35 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
شكرا لكِ جوداء على هذه المعلومات المهمة و المواضيع القيمة |
|||
2011-03-01, 22:12 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
هي فكرة جيدة فلنبدا معا |
|||
2011-03-27, 22:01 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
]السلام عليكم |
|||
2011-04-08, 00:46 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
ثبوت النسب بالطرق العلمية الحديثة لقد اتضح تأثر المشرع الجزائري إثر التعديل الذي طرأ على قانون الأسرة بموجب الأمر 05-02
المؤرخ في 07/02/2005 بالثورة الهائلة التي كان سببها التطور البيولوجي مسايرا في ذلك التطور التكنولوجي الذي نتج عنه استحداث تقنيات في المعرفة العلمية في السنوات الأخيرة ،حيث فتح المجال واسعا لقضايا لم تشهدها البشرية من قبل ذات صلة مباشرة بحياتنا اليومية والشخصية ،ويتعلق الأمر بالطرق العلمية لإثبات النسب التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 40 (ويجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب). إلا أن ذلك لا يفهم على إطلاقه بأن النص لا يطرح أي إشكال يذكر ،لأن إطلاق العنان للقاضي في إثبات النسب بهذه الطرق دون حصرها أو توضيح لمجال تطبيقها وحجيتها ،فتح الباب على مصراعيه لاختلاف فقهي حول هذه الطبيعة وتحديدا مسألة سلطة القاضي في تقدير هذه الطرق العلمية ،فعلى سبيل المثال استند الباحثون أنه لا مانع شرعي في اعتماد البصمة الوراثية في إثبات النسب نظرا لقيمتها القانونية الحتمية. وهو ما جعل من الضرورة بما كان التساؤل عن هذه الإشكالية التي سيتم الإجابة عنها في مطلبين : المطلب الأول : تكريس الطرق العلمية لإثبات النسب. المطلب الثاني :حجية الطرق العلمية وسلطة القاضي في تقديرها. المطلب الأول : تكريس الطرق العلمية لإثبات النسب : لقد كان المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سباقا للاعتداد بالطرق العلمية كوسيلة لإثبات النسب في دورته السادسة عشر المنعقدة بمكة المكرمة (1). إلا أن هذا الطرح لم يجد صداه لدى المشرع الجزائري في القانون رقم 84-11 المؤرخ في 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة الذي لم ينص على الطرق العلمية كوسيلة من وسائل إثبات النسب مكتفيا في ذلك بالطرق المقررة شرعا والمنظمة في المادة 40 الفقرة الأولى من قانون الأسرة ، بالإضافة إلى الجدل القائم حول قيمة الأخذ بهذه الطرق وعدم حصر المشرع لها ،مع العلم بأنها تختلف بين التي يمكن نفي النسب بها فقط دون أن تكون وسيلة للإثبات وهو ما سيتم معالجته في الفروع التالية: الفرع الأول : إشكالية إدماج الطرق العلمية لإثبات النسب. الفرع الثاني : أنواع الطرق العلمية لإثبات النسب . الفرع الثالث : عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة لإثبات النسب. (1) المشار إليه في "البصمة الوراثية ومدى حجيتها في الإثبات " ،مذكرة تخرج نيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة 13 لسنة 2005،ص 82 الفرع الأول : إشكالية إدماج الطرق العلمية لإثبات النسب : لقد كانت مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية في البداية محل جدل فقهي ،وقف فيه بعض جمهور الفقه موقف المرتاب والرافض للطرق العلمية كوسيلة لإثبات النسب فنظروا على أن اللعان مثلا يعتبر الوسيلة الوحيدة لنفي النسب اعتمادا على قوله تعالى :"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله..."(1) ، فالآية ذكرت إذ أن الزوج لا يملك لا يملك إلا شهادة نفسه فيلجأ للعان و أي اعتماد على طرق علمية دون ذلك فهو تزيد على كتاب الله وأن الرسول (ص) قال : "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ،فأهدر بذلك الشبه البين وهو الذي يعتمد على البصمات الوراثية ،كما أن الأستاذ الفقيه الجزائري محمد شريف قاهر عضو المجلس الإسلامي الأعلى ،ذكر أن العلم حقيقة نسبية بينما القران الكريم كلام إلاهي لخلق الكون لأنه حقيقة مطلقة صالحة لكل زمان و مكان وهو الذي فصل في مسألة إثبات أو نفي النسب معللا رأيه أن النص القراني صريح وواضح وبالتالي يقتضي العمل بالقاعدة الفقهية "لا إجتهاد مع وجود النص"..(2) . وإنطلاقا من كل ذلك تبنى المجلس الإسلامي الأعلى موقفا صريحا في مسألة النسب بالطرق العلمية رغم عدم إصداره لأي فتوى توضيحية لذلك مستظهرا وضوح القواعد الفقهية التي لمة تسمح بإستعمال أي طريقة غير شرعية قد تثبت أو تنفي النسب (3). واعتمادا على كل ذلك قرر هذا الاتجاه عدم جواز الطرق العلمية في مسألة إثبات النسب لما في ذلك من خروج عن القواعد الفقهية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية بأغراضها الأساسية في حفظ الكليات الخمس من عقل ونفس ،ونسل ودين ومال. كما أنه لا لم تسمح بإستعمال هذه الطرق حماية لحياة الإنسان وحفاظا لتعريض النسل وإنتمائه لأي خطر كان فيه قد يكثر عديمي النسب واللقطاء. ولقد كان المشرع الجزائري متأثرا فيما سبق ذكره أثناء سنه لقانون الأسرة في 1984 ، إذ لم يعتمد سوى بالطرق الشرعية لإثبات النسب الواردة في المادة 40 فقرة 01 من نفس القانون رافضا إستعمال الطرق العلمية كوسيلة لذلك ،وهو ما كان قد كرسه القضاء الجزائري فعلا مكتفيا بجمود النص القانوني الذي لا يقبل أي تأويل أو إجتهاد. ومن ذلك قرار المحكمة العليا الصادر في 15 جوان 1999 الذي جاء فيه " حيث أن إثبات النسب قد حددته المادة 40 وما بعدها من قانون الأسرة الذي جعلت له قواعد إثبات مسطرة وضوابط محددة تفي بكل الحالات التي يمكن أن تحدث ولم يكن من بين هذه القواعد تحليل الدم كطريقة علمية التي ذهب إليها قضاة الموضوع ،مما دل ذلك على أنهم قد تجاوزوا سلطتهم الحكمية إلى التشريعية ،الأمر الذي يتعين معه نقص القرار المطعون فيه وإحالته لنفس المجلس"(1). وقد أضاف قضاة المحكمة العليا في قرارهم الصادر في 14/02/94 : "من المقرر قانونا أيضا أنه يثبت النسب بالزواج الصحيح وبالإقرار والبينة وبنكاح الشبهة وبكا نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32-33-34 من قانون الأسرة". يتضح من كل ما سبق أن قضاة المحكمة العليا بصفتهم قضاة قانون طبقوا النص الحرفي للمادة 40 لقانون الأسرة التي تحدد طرق إثبات النسب قبل تعديلها وكانت تعتبر لجوء القاضي لأي خبرة علمية تستهدف إثبات أو نفي النسب بأي طريقة من الطرق العلمية تجاوزا للسلطة لأنها كانت تعتبر ذلك تشريعا في حد ذاته. لم يكن الرأي المذكور أعلاه والرافض للطرق العلمية لإثبات النسب جامعا بين فقهاء القانون ، ذلك أن اتجاها اخرا رأى في إستعمال هذه الطرق وسيلة علمية حتمية بنتائج ملموسة .فرأو أن الاية التي استدل بها الفريق الأول، إنما تتعلق بالعذاب الذي يوقع على المرأة أو درأه عنها.(2) و إعتبارا لكل ذلك ومحاولة من المشرع الجزائري الإستجابة للتطورات العلمية الحديثة فإنه قد أدرج الطرق العلمية ضمن وسائل إثبات النسب أثناء تعديل قانون الأسرة بموجب الأمر 05-02 في الفقرة الثانية من المادة 40 السالفة الذكر. غير أن هذه المادة إكتفت بالإشارة إلى هذه الطرق العلمية دون تحديد المقصود منها أو حصر لصورها علما ان البحوث العلمية والتوصيات المقدمة في هذا المجال أثبتت وجود نوعين من الطرق العلمية يتصف الأول منها بكونه قطعي الإثبات و الثاني لا يرقى إلى ذلك على أساس أنه ضني الثبوت يعطينا مجرد إحتمالات بل و أحيانا نتائج يتحدد مجالها في نفي النسب فقط . (1) المحكمة العليا غ أ ش ، ملف رقم 22267 ،قرار بتاريخ 15-06-199 مجلة الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص ص 2002 ص 88. (2) من بين هؤلاء الفقهاء المعاصرين ،الدكتور يوسف القرضاوي ومحمد المختار السلامي ،وعبد الله محمد عبد الله و إبن القيم الجوزية. الفرع الثاني : أنواع الطرق العلمية لإثبات النسب : من بين الإشكاليات التي أثارتها المادة 40 فقرة 02 من الأمر 05-02 أنها فتحت المجال للقاضي في إستنباط إستعمال الطرق العلمية في مسألة إثبات النسب نتيجة عدم تحديد وحصر المشرع لهل ،لذلك تطلب الأمر الإستعانة إلى ما توصلت إليه البحوث الطبية و الدراسات العلمية من خلال التقسيم الذي تبنته هذه الأخيرة من طرق علمية قطعية الدلالة و أخرى لا ترقى بالشك إلى اليقين كونها ظنية . لهذا ستكون دراستنا علمية بحتة . أولا : الطرق العلمية القطعية : والذي يتصلhla ونظام الوراثية توصل العلماء إلى إعتبار كل من البصمة بالمناعة طرقا علمية لإثبات النسب بصفة قطعية لأن دقة ثبوتها تصل حسب الخبراء و الأطباء إلى نسبة الخطأ فيها : 01/ 2.000.000 مرة (1). : Adn أولا- نظام البصمة الوراثية لقد رأى العديد من العلماء و الباحثين قياس البصمة الوراثية على ما يسمى بالقيافة التي كانت تعتبر قرينة قوية أخذ بها جمهور الفقهاء في غير قضايا الحدود ، والتي تعني في مصدرها اللغوي مصطلح قافة بمعنى تتبع أثره ليعرفه فالقائف هو الذي يتبع الاثار ويعرفها ، و يعرف شبه الرجل بأبيه و أخيه ، بمعنى الذي يعرف النسب بفراسته و نظره إلى أعضاء المولود رغما أن الحنفية ذهبوا إلى إعتبار أن القيافة لا يلحق بها النسب لأنها ضرب من الظن على عكس جمهور العلماء اللذين استدلوا بحجيتها بحديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت : " دخل علي رسول الله( ص) ذات يوم مسرورا تبرق أسارير وجهه ، فقال : ألم تري أن مجززا المدلجي نظر إلى زيد بن الحارث و أسامة إبن زيد و عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما و بدت أقدامهما فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ." فرأوا في سرور الرسول (ص) دلالة على إقراره بالقيافة . إلا أن البعض الاخر رأوا في عدم قياسها على القيافة نظرا لإختلاف موضوعهما و الأسس التي تبنى عليها فالقيافة تعتمد على الشبه الظاهر بينما تعتمد البصمة الوراثية على بنية الخلية الجسمية أي على الحس و الواقع ، لذلك فالقيافة باب و البصمة الوراثية باب اخر (1). و سواء كانت البصمة الوراثية أخذت مرجعيتها من القيافة أو من غير ذلك ، فإنها تعد وسيلة قاطعة لا تكاد تخطئ في التحقق من إثبات أو نفي نسب الولد لأبيه هذا لظهورها بسبب التطور البيولوجي العنصر المكون للخصائص الوراثية للإنسان ، عندما adnالذي شهده عالمنا المعاصر و يعتبر ال لكل من الأب و الأم بكونه متحدا و يتشكل من لفائف adn تلتقي البويضة مع الحيوان المنوي ،إذا مزدوجة الجانب على هيئة رقائق تسمى ( رقائق الحمض النووي الحلزونية يبلغ سمك جدارها من 50 مليون ملم وقطر هذا الحلزون 1/50 مليون متر مكعب). وتساهم البصمة الوراثية في إثبات أو نفي النسب بإعتبارها تقنية ذات قوة تدليلية قطعية في ذلك فهي موجودة على صيغة واحدة في جميع مكوناتن الجسم سواء الدم ، المني ، الشعر أو في أي عضو من أعضاء الجسم وهو عبارة عن بروتين يحمل مورثات أو جينات تحمل مواصفات تختلف من شخص لاخر ، وتبقى ثابتة مدى الحياة إلى أن تتحلل الجثة بعد الموت مما يسمح للطب الشرعي من معرفة نسب ا له ،ومكوناتadn للأب لإثبات الأبوة وadnالأم لإجراء المطابقة بين adn الطفل (2) ،بتحليل الطفل والأم و الأب إذا تمت المطابقة ثبت نسب الطفل للأب أو للأم أو كلاهما معا إذا لم تتم المطابقة فهذا يدل على نفي نسب الطفل إليهما . و اللجوء للبصمة الوراثية يتم عن طريق الخبرة العلمية التي يتم فيها تحديد ضرورة فحص الحمض النووي للبصمة الوراثية على أساس أن دقة ثبوت النسب أو نفيه بهاته الطريقة العلمية تصل حسب الخبراء والأطباء إلى نسبة وتقول التقارير أن تطور العلوم بشأن الحمض النووي كفيلة بالوصول به في ضرف زمن قريب إلى نسبة 100 ٪ لهذا يرى الأستاذ بن داود عبد القادر ضرورة تقنين جواز اللجوء للطرق العلمية القاطعة التي قد يقع تحديدها عن طريق التنظيم تمييزا لها عن الطرق (1) "البصمة الوراثية و مدى حجيتها في الإثبات" مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ، دفعة 13 /2002-2005 ص 83. (2) د/ حسين علي شحزور ، كتاب " الطب الشرعي ، مبادئ و حقائق " ص 262 و الدكتور إبراهيم صادق الجندي ،تقنية البصمة الوراثية و إمكانية التحايل عليها ص 48 العلمية الظنية ما دام أنه لا مانع شرعي في ذلك . كما أن الباحثين استندوا في إعتماد البصمة الوراثية طبقا لمل جاءت به المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الصادرة بتاريخ 21 رجب 1422 ه الموافق ل 08 أكتوبر 2001 توصل إلى أن الإسلام يقر الأخذ بالبصمة الوراثية في حال تنازع أكثر من شخص في أبوة مجهول النسب ،فقد ذكر الأمين العام للمنظمة في جريدة البيان بتاريخ 09/10/2001 الدكتور أحمد الجندي أن 26 باحثا شاركوا في إعداد بحث البصمة الوراثية و ذلك من الناحية الطبية والشرعية و توصلوا من خلاله إلى حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب ، وضرورة الإحتكام إليها في حالة تنازع إثنين في مجهول النسب أو عدول الأب عن إستلحاق مجهول النسب أو إنكار أبنائه و توريث مجهول النسب و إذا أقر بعض الإخوة بأخوته و نفاها ناخرون و في حالة إدعاء إمرأة بأمومتها بشخص ما دون دون دليل على ولادتها له ، كما أنه ذكر أن كل إنسان ينفرد بنمط خاص في التركيب الوراثي ضمن كل خلية من خلايا جسده ، ولا يشاركه فيها أي شخص اخر و هو ما يعرف كما سبق الذكر ب (1). ثانيا : نظام (مرتبط بالمناعة ) : يعتبر نظام إلى جانب البصمة الوراثية إحدى الطرق العلمية القطيعة في إثبات أو نفي النسب ، فهي من الناحية العلمية تمتاز بخصائص تجعله نظام أكثر فعالية في مجال النسب نفيا و إثباتا ، فنظام مهم جدا بإعتباره نظاما ( ) أي رغم أنه جد متغيرو متعدد المظهر البيولوجي (س شخص إلى اخر) إلا أنه جد ثابت و متوازن في انتقاله من الآباء و الأبناء( ( ) مما يعطيه خاصية ثالثة تتمثل في قدرته العليا في تصنيف و تعريف التشخيص البيولوجي للأشخاص. فهو الأهم في أنظمة التمييز البيولوجي المعروفة حاليا. المركب يتشكل في الحقيقة من خمس أنظمة متشابكة فيما بينها (1) –أ- بن داود عبد القادر ،المرجع السابق ، ص 109 ،110 مما يسمح بتمييز بيولوجي جيني منفرد يجب معرفة أن كل إنسان يحصل على مركبين مختلفين عن بعضهما واحدة من الأب و الأخرى من الأم تسمح بالتمييز بين الأفراد بصورة أكبر مما تمنحه كل الأنظمة الأخرى مجتمعة . إن قطعية إثبات النسب بواسطة نظام قد يقف عائقا أمام حالة الزواج العائلي أو المتكرر فإن الطفل هنا يحصل من والديه على مركبين متشابهين يصعب الإستنتاجات و التحاليل المجترية ، مما يستدعي اللجوء إلى الإثبات عن طريق نظام البصمة الوراثية ثانيا : الطرق العلمية الظنية : تعتبر من الناحية العلمية بعض الطرق وسيلة من وسائل إثبات النسب رغم أن قيمتها العلمية تختلف عن تلك القطعية التي تم الإشارة إليها سابقا ، لذلك فإنها تعرف العديد من الأنظمة التي تتمثل في : أولا : نظام ال / فحص الدم : يعتبر نظام فحص الدم إحدى الطرق العلمية الشائع إستعمالها في مجال نفي النسب ، ذلك أن فصيلة دم كل من الطفل و الأم و الأب تحدد عن طريق تحاليل فحص الدم ، فكل طفل له خاصية جينية إما مع الأم و إما مع الأب ، و بما أن الأم معروفة دائما بواقعة الولادة فإذا كانت له خاصية لم تكن موجودة لدى الأم ، فهي بالضرورة موجودة عند الأب ، فإذا ثبت غياب هذه الخاصية عند الأب المفترض فإن أبوته لهذا الطفل غير ممكنة ، و يتم على أساسها نفي النسب و يتضح من الجدول التالي هذه الفصائل و ما يقابلها من مواد مولدة و أجسام مضادة و تراكيب جينية : الفصيلة المادة المولدة الأجسام المضادة التراكيب الجينية نقي هجين نقي هجين و لتوضيح أكثر نذكر الأمثلة الآتية : - الأم و الابن ففي هذه الحالة إذا كان الرجل فيستحيل أن يكون هو اب الطفل ، لأنه بالضرورة قد حصل على الخاصية من أبيه الحقيقي - الأب و الأم إذا الأب أو و الأم أو فحتما الأطفال إما أو أو ،يستحيل أن يكون للأولاد في هذه الحالة أخا أو . ثانيا : نظام ال : يعتبر هذا النظام ذو خاصية تتمثل في أنه يحتوي على عدة خصائص وراثية نادرة جدا ، يستخدم بنفس الطريقة كنظام ال... ، فعلى سبيل المثال : الأم الأب المفترض الإبن ففي هذه الحالة يستحيل ثبوت النسب لأن الإبن حصل على من أمه وبالتالي من أبيه لكن الأب المفترض و ليس ، إذا فالنسب منفي بطريقة علمية. و تجدر الإشارة إلى وجود حالة خاصة تتمثل في حالة وجود( ) - الأب المفترض - الأم - الإبن ففي هذه الحالة لا يمكن نفي نسب الإبن للأب المفترض لأن الإبن حصل على من أمه و قد يكون قد حصل على من الرجل ولكن نظرا لأن خاصية نظام نادرة جدا فإنه يمكن القول أن هناك إحتمال كبير أن يكون الرجل هو أب فعلي للطفل . ثالثا : نظام مجموعة البروتينات : هو نظام متعدد و متغيلر نظرا لتعدد و تغير هيئات مظهر البروتينات المجودة في المصل و أنزيمات الكريات الحمراء ، و هو نظام حديث جدا يمكن من إستعمال هذه العلامات و يعطي نتائج أكثر دقة من فصائل الدم العادية ، لأنه مع البروتينات لدينا قدرة عالية للتمييز البيولوجي بين الأشخاص ، ويستعمل في التحاليل و الدراسات نفس المبادئ كالأنظمة الدموية ، يبقى التمييز مقتصرا فقط على بعض الخاصيات الكيميائية و البيولوجية . كما تجدر الإشارة إلى أن ما تم ذكره في مجال الطرق العلمية ذات الحجية الظنية كان على سبيل المثال لا الحصر و التي يقتاد إليها في مجال النفي و تعطينا مجرد إحتمالات في الإثبات حيث يوجد إلى جانبها أكثر من 30 نظام علمي يستعمل في هذا المجال نتج عن التطورات البيولوجية الحديثة منها : - نظام المفرزات اللعابية - نظام ... - نظام... نظام ... الفرع الثالث : عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة لإثبات النسب : رغم التكريس القانوني ل‘مكانية إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة فإن إعمال القضاء لتلك الظروف لا يحول دون وجود عقبات و عوائق قد تؤدي إلى عدم تكريسها عمليا و هي إما أن تكون عوائق قانونية أو مادية . أولا : العوائق القانونية : فمن هذه العوائق حرمة الحياة الخاصة ، و إحترام السلامة الجسدية و عدم إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه . 1 /- حرمة الحياة الخاصة : تنص المادة 34 من دستور 1996 على أنه" تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة الإنسان و يحظر أي عنف بدني أو مساس بالكرامة " فهذه المادة تشكا إحدى أهم العقبات الأساسية أمام تطبيق الطرق العلمية الحديثة في النسب ، و خصوصا فحص الحمض النووي الذي يشكل تدخلا في الحياة الخاصة للفرد ، لأنها تفتح المجال للبحث عن الخصائص الوراثية من خلال الإستعداد الوراثي للشخص ، مما قد يمد الغير بمعلومات خاصة بالزوج و الزوجة و تكون ذات طابع شخصي خاص . 2 /- إنتهاك السلامة الجسدية : تنص المادة 35 من دستور 1996 عل أنه " يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على كل ما يمس سلامة الإنسان" و قد تنطوى الطرق العلمية على مساس هذه السلامة الجسدية ، ذلك أنها تعتمد على العتاد المأخود من جسم الإنسان و الذي قد يؤخذ منه بطريق الإكراه ، و هو ما يعد مساسا بسلامته الجسدية . 3 /- عدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه : لقد كرست مختلف الأنظمة الإجرائية مبدئا عاما لا يجوز بموجبه اللجوء لإجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه ، و هو ما سوف يتم إنتهاكه إذا تم الأخذ بالطرق العلمية ، إذ انها تقوم على إجبار الشخص المعني على أخذ العتاد الخلوي من أجل فحص الحمض النووي مثلا ، و هو ما يعد إجبارا للشخص على تقديم دليل ضد نفسه و هو ما قد يجعله دليلا باطلا ، طبقا لقانون الإجراءات . ثانيا : العوائق المادية : 1/- وجود مخبر علمي واحد و وحيد : لقد خصص قسم البيولوجيا الشرعية من خلال تدشين مخبر ال بمناسبة عيد الشرطة بتاريخ 22/07/2004 بالرغم من أنه يعد خطوة هامة في تكريس و تشجيع العمل بالبصمة الوراثية لمسايرة التطور البيولوجي في هذا المجال ، حيث يشرف عليه تقنيين و باحثين مختصين في علم البيولوجيا و الوراثة ، تتجلى أهميته في البحث عن الأدلة بواسطة التحاليل المخبرية سواء كانت في المجال الجنائي أو في إثبات و نفي النسب بإعتبار الطرق العلمية وسيلة مستحدثة في المادة 40 للفقرة الثانية من قانون الأسرة المعدل و المتمم ، إلا ان إستحداث مخبر علمي واحد على المستوى الوطني مقارنة بإستحداث الطرق العلمية من طرف المشرع وقف عائقا ماديا حال أمام صعوبة إستصاغة الأمر من خلال الأوجه التالية : أ- يتطلب اللجوء إلى الطرق العلمية توافر مخابر ذو جودة عالية و تقنية محظة نظرا لصعوبة إستعمال الوسائل المستخدمة في هذا المجال . ب- يتطلب اللجوء إلى الطرق العلمية الإلمام الشامل و المعرفة الدقيقة بعلم الجينات و كل الأنظمة المستعملة في هذا المجال ، الذي يرتكز على الفرضيات و الحالات النادرة و إستعمال بعض المفاعلات صعبة و معقدة يجب مراقبتها بصورة دقيقة فمثلا أثبت الخبراء بأنه يتطلب إستعمال على الأقل 20 نظام في هذا المجال للوصول إلى النتيجة الحتمية في الإثبات أو النفي . ج- يتطلب إعتماد نظام ال دون سواه إمكانيات ضخمة سواء بالإعتماد على مخبر عالي الجودة و على خبراء تقنيين أخصائيين رفيعي المستوى من بينهم أخصائيين في الإحصائيات و الإحتمالات ، نظرا لأنه يشكل إحدى الأنظمة المعقدة و الشائكة. 2/- مسألة مصاريف الخبرة : إذا كان اللجوء إلى الطرق العلمية يرتكز في أساس على ضرورة توافر البات و هياكل مادية ضخمة للوصول إلى نتائج فعالة ، فإن ذلك يتطلب بالمقابل مصاريف باهظة تفتقر لآلية قانونية يتم بموجبها تحميل الخزينة العامة أعبائها ، و بالتالي يتحملها أطراف الدعوى ، فهل يمكن تصور ذلك بالنظر إلى الأوضاع المعيشية و الإقتصادية للمواطن الجزائري ، مما يستدعي القول بأن مجال لجوء المواطن إلى هذه الخبرة يبقى ضيقا جدا . المطلب الثاني : القيمة القانونية للطرق العلمية : لم يشر المشرع إلى القيمة القانونية للطرق العلمية لإثبات النسب ، مما يثير التساؤل عن مدى حجيتها و سلطة القاضي المكلف بشؤون الأسرة في تقديرها ، فيما إذا كان الأمر يبقى خاضعا للقواعد المنوطة بالخبرة العلمية ، أم أن الأمر يتطلب إخضاع هذه الطرق إلى قواعد خاصة نظرا للطبيعة العلمية و الحتمية لهذه الطرق ، و هو ما سيتم الإجابة عنه فيما يلي : الفرع الأول : حجية الطرق العلمية في إثبات النسب الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقدير الطرق العلمية الفرع الاول : حجية الطرق العلمية في إثبات النسب : نظرا لعدم تحديد المشرع الجزائري لحجية الطرق العلمية في إثبات النسب فإن التساؤل حول هذه الحجية قد يثار بالنسبة لقيمتها القانونية فيما إذا كانت قطعية الدلالة و بأنها قابلة للخطأ أي ذات حجية نسبية و من تمة يجدر بنا التساؤل عن مدى تأثير تقرير الخبرة العلمية في هذا المجال على الحكم وجودا أو عدما و هو ما سيتم مناقشته فيما يلي : أولا : الحجية المطلقة للطرق العلمية لإثبات النسب : لقد تبنى معظم رجال القانون إنطلاقا من القيمة التي تعتري مجال الطرق العلمية فكرة أن لهذه الأخيرة حجية مطلقة ذلك أن الخبراء اللذين يقومون بإجراء هذه الخبرة مختصون في هذا المجال و بالتالي فإن لآرائهم تأثير على قرارت القضاة في تبني إتجاههم ، فعلى سبيل المثال يعتبر العلماء أن البصمة الوراثية ذات دلالة تقنية قطعية تتجلى بإنفراد كل شخص بنمط وراثي معين ،لا يوجد عند أي كائن اخر في العالم ، إذ لا يمكن أن يتشابه ال لشخصين إلا مرة واحدة كل 86 بليون حالة أي أن نسبه التشابه يتساوى من 1 إلى 86 بليون شخص فمن تمة يمكن القول أن نسبة التشابه منعدمة تماما .(1) (1) د/ نبيل سليم ( البصمة الوراثية و تحديد الهوية ، مجلة حماية الوطن عدد256 ، 2004 ، الكويت) لذلك كانت من الناحية العلمية وسيلة لا تكاد تخطأ في التحقيق لإلحاق أو نفي نسب الأولاد للاباء لأن الحمض النووي و أيضا ال يعد دليل إثبات و نفي قاطع بنسبة 100 بشرط أن يتم تحليله بطريقة علمية سليمة ما دام أن إحتمال التشابه بين البشر غير وارد . و تجدر الإشارة هنا إلى أن الطرق العلمية المتمثلة حسبما توصل إليه العلماء في نظامي البصمة الوراثية و نظام هي الوحيدة التي تكتسي الحجية القطعية ، و ما ياكد هذه الحجية المطلقة إمكانية أخذها منأي مخلفات ادمية سائلة( دم،مني) أو أنسجة (لحم ، عظم،جلد،شعر) كما أنها تقاوم عوامل التحلل والتعفن و العوامل المناخية المختلفة من حرارة و برودة و جفاف ، ليس ذلك فقط بل أنه يمكن الحصول عليها حتى من الاثار القديمة و الحديثة كما حصل في القضاء الفرنسي في قضية الفنان" إيف مونتان" حيث ادعت امرأة أن لها إبنة منه تدعى" أنياس " و ما أضفى على الأمرنوعا من المصداقية أن تلك السيدة كانت تشبه الفنان في ملامح وجهه و قد أمر القاضي الفاصل في هذه القضية بواسطة الخبرة بحفر قبر الفنان و أخذ عينة من جسمه فحص عينة من حمضه النووي و مقارنتها بالحمض النووي للبنت التي تدعي أنه اباها و بعد مدة سارت القضية و ظهرت النتائج و أثبتت الخبرة أنه لا يربط الفنان و السيدة أي علاقة أبوة أو بنوة ،و لعل أن أكبر مثال على فعالية فحص الحمض النووي كوسيلة من وسائل إثبات النسب ما ذكرته إحدى الصحف السعودية بخصوص إنسان (النايدات) الذي وجدت جثته محفوظة في الثلج منذ حوالي 9000 سنة و علم ذلك عن طريق تحليل البصمة الوراثية فكيف لا يكون لها بذلك حجية مطلقة في إثبات أو نفي النسب .(1) لذلك لا يمكن في كل الاحوال الشك مطلقا في مستوى نجاعة الإعتماد على هذه الطرق العلمية سواءا القطعية منها و التي تعطينا نتائج حتمية في مجال إثبات النسب أو الظنية التي تعطينا نتائج حتمية في مجال النفي و احتمالات في مجال الإثبات و الذي يمكن القاضي دائما من الإستعانة إليها لحل الكثير من المسائل العالقة في إلحاق الأبناء بآبائهم أولا .(2) جريدة الوطن السعودية ، السبب 01/05/2004 عدد 1380 السنة 4 . (1) (2) البصمة الوراثية و مدى حجيتها في الإثبات ، المرجع السابق ، ص 112 ثانيا :الحجية النسبية للطرق العلمية : إذا كان معظم علماء الطب و القانون قد توصلوا إلى إعتبار بعض الطرق العلمية كالبصمة الوراثية و نظام ال ذات حجية قطعية الدلالة نظرا للخصائص التي تم التطرق إليها في هذا الباب ، فإن فري اخر تبنى فكرة الحجية النسبية لهذه الطرق العلمية إعتمادا على ما هو جار العمل به في القواعد العامة بالنسبة للخبرة القضائية و لو كانت علمية مبنية على أسس تقنية محضة . فالطرق العلمية الظنية كنظام ال (تحليل فصائل الدم ) أو نظام المفرزات اللعابية تعتبر وسيلة إثبات نسبية لا يرقى الشك فيها إلى درجة اليقين ، كون أن النتائج التي تصل إليها تبقى محتملة الوقوع لا ترقى أن تكون دليل إثبات حتمي ما دام أن نسبة التشابه فيها بين البشر يبقى واردا بدرجة كبيرة ، و من تم فإن الخبرة العلمية التي تتضمن هاته الطرق تبقي خاضعة للقواعد العامة للخبرة القضائية العادية . ليس ذلك فقط بل أن البعض رأى في الطرق العلمية القطعية التي تم تفصيل بيانها سابقا حجية نسبية كذلك ، فتقنية ال لا يمكنها بأي حال من الأحوال منحنا الدليل القاطع على إتهام شخص معين أو إلحاق نسب ولد ما أو نفيه ، لذلك فإن القاضي و إن إعتمد عليها عند دراسته لملف معين فهي لا ترقى لدليل قطعي غير قابل لإثبات العكس ، كما إعتبر علماء الطب أن التحاليل الجينية لا تشكل كذلك بأي حال من الأحوال سلاحا مطلقا لاول وهلة لأن هذه التقنية رغم حساسيتها تقتضي من القضاء إحاطتها بشروط صارمة للأخذ بها ، و هو ما يجرنا إلى التساؤل عن مدى تقارب المعنيان معا ، فكيف يمكن إعتبارها طرقا علمية قطعية الدلالة من جهة ، وبقاء إحتمال الشك واردا من الجهة الثانية ؟؟ وهو ما يجرنا إلى الحديث عن السلطة التقديرية للقاضي في تقدير الخبرة في مجال الطرق العلمية لإثبات أو نفي النسب. الفرع الثاني : سلطات القاضي في تقدير الطرق العلمية لإثبات النسب : تعتبر الخبرة القضائية طبقا للقواعد العامة بالنسبة للقاضي من المسائل التي تخضع لسلطته التقديرية بإعتبارها سلطة مطلقة له فيها أن يصادق على تقرير الخبراء كليا أو جزئيا ، كما له الحكم من دونها ، فهل تخضع ميألة تقدير الخبرة العلمية في مسألة النسب إثباتا و نفيا للقواعد العامة من جهة ؟ و ما مدى سلطة القاضي في تقدير قيمتها القانونية فيما يخص مسألة نفي النسب عن طريق اللعان كما هو جار العمل به . أولا : لجوء القاضي إلى الخبرة العلمية و سلطاته اتجاهها : لا يمكن بأي حال من الأحوال لقاضي شؤون الأسرة الفصل في مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية إلا باللجوء إلى إستشارة اراء الخبراء و العلماء المتخصصين في مجال البيولوجيا للتوصل إلى نتائج علمية دقيقة بإعتبارها من المسائل التقنية التي لا يمكن للقاضي الفصل فبها إلا بالإستعانة إليهم و الإسترشاد بارائهم (1). و من تم فإن القاضي في هذه الحالة يلجأ طبقا للقواعد العامة للفصل في مثل هذه المسائل التقنية إلى الخبرة القضائية التي سيستصدر من خلالها حكما تحضيريا قبل الفصل في الموضوع بتعيين خبير مختص يوكل له مهام اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات نسب الولد لابيه أو نفيه بتحديد المهام المنوطة إليه بدقة متناهية ، والقول بان الحكم تحضيري مفاده عدم إتضاح نية القاضي في الفصل في مسالة النسب ثبوتا ام نفيا بطبيعة الحال طبقا لما يعرف في ذلك عن الأحكام التحضيرية و التمهيدية كذلك . إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد ، بل تطرح مسألة تقدير القاضي لهذه الخبرة العلمية ومدى حجيتها بإعتبارها خبرة علمية اعتمدت على رأي خبراء مختصين في مجال البيولوجيا من جهة ، واستنادا إلى القيمة العلمية بالطرق الحديثة القطعية منها خاصة كالبصمة الوراثية ، و نظام ال وهو ما رأى فيه البعض خروجا عن القواعد العامة في الخبرة القضائية التي تخضع إلى سلطة القاضي التقديرية في الإعتماد عليها رغم أن هذالا الطرح قد لا يكون بنفس هذا الوضوح في التطبيق ، ذلك أن هاته الطرق (1) أ/ محمود توفيق إسكندر ، الخبرة القضائية ، دار هومة ، طبعة 2002 ، ص 37 و ما يليها . قد لا يتيح للقاضي فهمها و بالتالي يمتنع حتى عن مناقشتها بإعتبارها مسألة تقنية و علمية بحثة و دقيقة ، و من تمة فإن جهل القاضي بهذه الطرق و مصطلحاتها قد يقف عائقا أمام مناقشته لها فيلجأ إلى قبولها و الإستناد عليها ثبوتا للنسب أو نفيا له . ثانيا : تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان و الطرق العلمية : يعتبر اللعان احدى الطرق المشروعة الذي يفيد نفي النسب به طبقا لأحكام المادة41 من قانون الأسرة ، باعتباره الوسيلة الوحيدة التي جاء بها فقهاء الشريعة الإسلامية في مسالة النسب ، لهذا طرحت هذه المسألة ، إشكالا كبيرا من حيث سلطات القاضي في تقديرها إلى جانب الطرق العلمية الواسعة في مجال نفي النسب فإذا كان اللعان الطريقة الشرعية التي جاءت بها النصوص الشرعية لنفي النسب فهل يصح نفيه بالطرق العلمية سواءا منها القطعية و الظنية التي تعد وسائل نفي ناجعة من خلال النتائج المتوخاة منها فيكتفي بها ام لا بد من اللعان أيضا و هل يجوز تقديم الطرق العلمية كوسيلة للنفي على اللعان ؟ الحقيقة أن هذا الأمر كان محل خلاف فقهي كبير ،فذهب البعض إلى عدم جواز تقديم البصمة الوراثية مثلا على اللعان في نفي النسب ، وعلى هذا الأساس جاء قرار المجمع الإسلامي بالرابطة " لا يجوز شرعا الإعتماد على البصمة الوراثية في إثبات النسب و لا يجوز تقديمها على اللعان " كما ذهب البعض الاخر إلى ترجيح الطرق العلمية في هذاالنفي ما دامت نتيجتها قطعية على عكس دعوى اللعان التي ترتكز على أسس و شروط تعجيزية أحيانا كالمدة التي يتطلبها اللعان (8 أيام) أو عدم حصول الزوج على شهود في ذلك . إلا أن التساؤل الذي يبقى مطروحا في هذا المجال يتعلق بمدى تطابق الاثار المترتبة على نفي النسب عن طريق اللعان من تفريق للزوجين و غيرها على نفيه عن طريق الطرق العلمية خاصة أمام عدم تدخل المشرع الجزائري في تحديد هذه المسألة . و تجدر في الأخير الإشارة إلى أنه وإضافة إلى القواعد الموضوعية لإثبات النسب ، توجد قواعد و أحكام إجرائية تتمثل أساسا في وسائل ممارسة دعوى الإثبات هاته التي تخضع للقواعد العامة شأنها شأن باقي الدعاوي المدنية الأخرى ، فإما أن تكون دعوى أصلية تهدف إلى إثبات النسب دون أي نزاع صريح حول موضوع محدد ، وإما دعوى تبعية تهدف لإثبات النسب كحق من الحقوق الشرية إلى جانب إثبات الزواج مثلا. الخــــــــــاتمة لقد حاولنا من خلال عرضنا المتواضع كشف العديد من المشاكل التي تثيرها مسألة إثبات النسب عموما ، و دور الطرق العلمية في ذلك نظرا لما يكتسي هذا المجال من أهمية بالغة فقها و تشريعا و كذلك قضاءا ، مبرزين من خلال ذلك نطاق تطبيق هاته الطرق و دورها البيولوجي و العلمي في الإثبات و النفي من خلال درجات قيمتها و حجيتها . إلا ان ذلك لا يخلو من التعقيدات و الإشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع ، والتي تتطلب حصرها من الجانب القانوني من خلال وضع إيطار قانوني للطرق العلمية أولا سواء القطعية منها التي ترقى إلى درجة اليقين كما تم تفصيله بالنسبة إلى البصمة الوراثية أو نظام من جهة أولى أو الضنية كذلك التي لا ترقى فيها درجة الشك إلى اليقين ، و إلا فلا جدوى من وضع هذه الطرق كوسيلة لإثبات النسب بمقابل الطرق الشرعية أو لنفيه بمقابل اللعان كوسيلة شرعية كذلك . كما أن الضرورة تستدعي تحديد قيمتها القانونية و حجيتها من خلال بسط سلطات القاضي المكلف بشؤون الأسرة في مجال تطبيق الطرق العلمية لخلق نوع من المرونة القانونية كذلك و إلا فما الجدوى من وضع المشرع لهذه الطرق دون حصر لمجالها و حجيتها بما يفيد القضاة في سهولة اللجوء إليها كلما إستعصى عليهم الإثبات بالطرق الشرعية ،كذا و في شأن مسألة التلقيح الإصطناعي التي أسالت الكثير من الحبر من خلال التساؤل عن إتبات أو نسب الولد عن طريق هذه العملية و أساسها كطريقة علمية جديدة للإنجاب وجودا و عدما تماشيا مع وجود أو غياب إحدى شروطها الواردة في المادة 45 مكرر من قانون الأسرة . كل هذه المسائل وغيرها قد تقف عائقا أمام القاضي المكلف بشؤون الأسرة لإيجاد حل قانوني بالنسبة للطرق العلمية المضافة بموجب الأمر 05 -02 السالف الذكر ،مما يستوجب تدخل المشرع الجزائري من أجل وضع إيطار قانونيا لا يدع مجالا للتأويل و التفسير أمام موضوع كان ولا يزال يشكل إهتمام القضاة و الخبراء في نفس الوقت. |
|||
2011-06-19, 00:03 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
كيف يحمي القانون الدولي الانساني الصحفيين في حالة النزاع المسلح
|
|||
2011-04-08, 00:53 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
كيف تكون محاميا مقنعا
كيف تكون محاميا مقنعا
أعتبر الإقناع وعلى مر العصور نوع من أنواع السحر الذي يمارسه المقنعون الماهرون من سياسيين وإعلاميين وقانونيين خلال مسيرتهم العملية بغية الوصول إلى أهدافهم المنشودة والمرتب لها مسبقاً، حيث أن المقنعون المتميزين يستخدمون رسائل غامضة تحض الآخرين على الاعتقاد بفكرة معينة يتم إقحامها في الوسيلة المتبعة للإقناع وتعاد مرات متكررة وإن هذه الرسائل التي تخاطب العقل الباطن تؤثر على المتلقي وتشكل قوة غامضة لا تقاوم يحقق المقنع من خلالها مراده وغاياته. في هذه المقالة سوف نوضح للسادة المحاميين والقانونيين أنه لا يوجد شيء يكتنفه الغموض في الإقناع وبأنه بمقدورنا جميعاً أن نصبح محامين مقنعين مهرة إذا كنا على قدر من الأحترافية في العمل. تعريف الإقناع: الإقناع هو عملية يتم وفقها تغيير وتعزيز المواقف أو المعتقدات أو السلوك للطرف المراد أقناعة. ويتم هذا التغيير من خلال رسائل ينقلها المقنع إلى الطرق الأخر وتنقسم استجابتنا لتلك الرسائل إلى قسمين: - استجابة بعد تفكير: عندما يكون المتلقي مفكراً ينصت بكل عناية لما يقوله المقنع ثم يقوم بقياس ميزات ومساوئ الرسالة من حيث منطقيتها وتوافقها وإذا لم يقتنع بهذه الرسالة يقوم بطرح الأسئلة و طلب مزيداً من المعلومات. - استجابة دون تفكير: الاستجابة لرسائل دون وعي فتكون العقول مغلقة بصورة آلية ولا يكون هناك وقت أو حافز أو قدرة على الإنصات ويعتمد المتلقي على غرائزه لتمنحه مفتاح الإجابة دون الاعتماد على الحقائق والمنطق والأدلة. خطوة المحامي الأولى للإقناع: إن الإقناع يبدأ بالمصداقية و الصدق يتكون من عاملي الثقة و المعرفة فيمكن أن يكون المحامي أو المتحدث بارع في الخطابات ويمتلك قدرات عقلية فائقة وبراعة ذهنية عالية وضليعاً في اللغة العربية وفي كافة صور المناقشة والحوار ولكن إن لم يكن صادقاً في القول فلا يمكن أن يقنع الآخرون. - عندما يفقد المحامي الأمانة في الحديث فإنه بذلك يخلق انطباع لدى المستمع بالشك في صدق حديثه فعندما نستمع إلى أي محامي فأننا نبدأ بسؤال أنفسنا هل نثق في هذا الشخص؟ وهل نصدق كلامه؟ وهل هو صادق في حديثه؟. - من الوسائل التي تجعل المحامي ينال ثقة الآخرين عندما يحاول إقناعهم هو أن يكون حديثه بعيداً عن أهوائه الشخصية فعندما ندرك أن المحامي لا يرغب في أن يحقق أهداف شخصية بحته من خلال إقناع الآخرين بما يريده فسينال بذلك ثقتهم ويكون صادقاً في حديثه. وأنه من أكثر الطرق تأثيرا على ذهن المستمع أن يعبر المحامي في حديثة عن الصورة السلبية أولاً ثم الصورة الإيجابية للواقعة المراد إقناع الأخر بها ويجب أن يطبق قانون الصدق بمهارة كبيرة فينبغي أن يعلن المحامي عن الجوانب السلبية في شخصيته وهذا من شأنه أن يؤثر على ذهن المتلقي ويجعله يقر بصدق الحديث ثم ينتقل عقب ذلك إلى الجوانب الإيجابية وهنا يحدث الإقناع - كما أن الاعتراف بالخطأ هو أكبر دليل على الصدق. - يجب على المحامي لإظهار ثقافته ومعرفته أن يستخدم بعض الألفاظ والتعبيرات الأكثر تداولا في مجال تخصصه ليسهل بذالك الاتصال بالأخريين ومن تلك العبارات: * العدل – الحق – اليقين – الدليل – الضمير – العرف – التشريع – القواعد الأساسية – القانون الأساسي – الفقه – النظام العام – القواعد الاجتماعية – سلطة القانون – الاختصاص ...... الخ. ومن هذه العبارات أيضاً وعلى سبيل المثال ....... * لكل حق دعوى واحدة تحميه. * الأصل براءة الذمة. * البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. * من يدعي خلاف الأصل فهو يستحدث جديدا لا تدعمه قرينة بقاء الأصل على أصله. * للكتابة قوة مطلقة في الإثبات. * لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي. * أن الغش مبطل للمعاملات والتصرفات ولا يبنى عليه حكم. * يجب أن تبنى الإدانة على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين. * العدم لا ينشئ حقا ولا يزيل حقا. * الدفاع حق مقدس للمتهم صانه الدستور فلا يجوز إهماله أو التفريط به. * الزواج حق من حقوق الله سبحانه وتعالى. يوجد ثلاث مستويات للمصداقية يجب التقييد بها للوصول إلى الإقناع يجب على المحامي أن يطبقها لكي ينجح في أقناع الآخرين بما يريد وهذه المستويات هي: المستوى الأول: يجب أن يكون المحامي موضعا لثقة المستمع وهذا يتضمن أن يكون صادقاً في الحديث وأن يعرض قضاياه ببراعة فائقة وأن يتحدث بأسلوب متميز. المستوى الثاني: يجب أن تكون أفكار المحامي المطروحة صادقة فإذا كانت مثيرة للجدل أو الخلاف فينبغي أن تؤيد بعرض بعض الأدلة الصحيحة التي تستند إلى كثير من القواعد القانونية والاجتهادات. المستوى الثالث: يجب على المحامي أن يتوخى صدق الجهة التي يمثلها من خلال كون الموكل صاحب حق وأن كان محتملاً. وسائل تدعيم الثقة للوصول إلى الإقناع 1- يجب على المحامي أن يكون جديراً بالثقة. 2- يجب على المحامي الإعلان عن إنجازاته وما ينوي تحقيقه في القضايا المتناولة بين يديه. 3- يجب على المحامي أن يكون منطقياً في طرحة لأقواله فالمتلقي دائماً يثق بالشخص الذي يتخذ قراراته استناداً إلى عقله بدلا من مشاعره وعواطفه. 4- يجب على المحامي أن لا يبالغ في القول أو يعجز في الوفاء بما وعد به. 5- يجب على المحامي أن ينجح ويسعى للوصول إلى غايته بشكل أفضل وذلك بأن يحقق للموكل مكاسب أكثر من التي سبق أن وعد بها. 6- يجب على المحامي أن يستشهد دوماً بآراء المختصين في القانون والفقهاء وأراء محكمة النقض وذلك لتأييد أقواله ولكي ينال الثقة من الأخريين. 7- يجب على المحامي أن يتوخى الصدق في القول والعمل ويجب عليه أن يبين لموكله مواطن الضعف والنقاط السلبية في قضيته وأن يقدم الاقتراحات لحل تلك المشاكل وأن يعترف بنقاط الضعف والعجز عنده. تأثير المظهر الخارجي على مصداقية المحامي عندما نقابل شخصا للمرة الأولى فأننا نقيم هذا الشخص وأسلوب تعاملنا معه من خلال السلوكيات التالية: 1- ننظر إلى وجه الشخص نظرة تفحص وتمعن. 2- ننظر إلى هيئة الشخص. 3- نمعن النظر في الملابس التي يرتديها. 4- نصغي إلى نبرات صوته. 5- مصافحة الأشخاص. 6- الاستماع إلى كلام الشخص. أنه من الصعب أن تتاح للشخص فرصة الانطباع الأول مرة ثانية، فلقاء الأول والانطباع الأولى يرسخ في ذهن الأخريين ويبنى على أساسة سلوكيات وطريق التعامل التي تتفق وهذا الانطباع ومما لا شك فيه بأن الانطباعات الأولى دائماً ما تخدعنا سواء سلباً أم إيجاباً. - إن مظهر المحامي الحسن بلباس يليق بطبيعة المهنة وكرامتها ونظراته التي تعكس شخصيته ونبرات صوته الواضحة البليغة والقوية ومصافحته دوماً للأشخاص بشكل ينم عن الود والتواضع وقوة الشخصية واستماع المحامي وإصغائه الجيد للأخريين وتفهمه لقولهم وطلباتهم هو بلا شك الوسيلة والخطوة الأولى الناجعة لكي يكون المحامي من المقنعين المميزين. - يجب أن يظهر المحامي دوماً بمظهر صحي معافى وأن لا يتعامل مع الأخريين في الفترة التي تكون فيها حالته الصحية غير جيده لأنه وعندما يلجئ الآخرون إلى المحامي لاسترجاع حقوقهم ولكي يقوم بالدفاع عنهم فأنهم يرسمون له في أذهانهم صورة الشخص قوي البنية قوي الإرادة فصيح اللسان الذي يستطيع أن ينتزع لهم حقوقهم من غاصبيها وبالتالي لا يجوز أن تهتز هذا الصورة في أذهانهم بأن يظهر المحامي حالات ضعفه الصحية ويجب أن يتحاشى الاختلاط بالموكلين خلال تلك الفترات – أدام الله الصحة والعافية على الجميع-. كيفية استخدام المحامي لغة الجسد للتأثير على الآخرين - يجب على المحامي أن يواجه الآخرين بقوة وثبات مع الابتسامة في وجه الأخريين لكونها من أكثر التعبيرات تأثيراً على الطرف المقابل. - يجب على المحامي أن يكون صريحاً في حديثة متفتحاً في سلوكه يتسم بدفء المشاعر وأن يتلقى مقترحات الآخرين بود وعطف للاستحواذ على ثقتهم وحبهم. - يجب على المحامي أن يكون موجزاً في كلامه. - يجب على المحامي أن ينظر إلى الأخريين بإمعان وإن يعتدل في جلسته على الكرسي وإن يضع يديه على ركبتيه فهذا السلوك يظهر اهتمامه بالطرف الأخر وعلى إنصاته له ويجب أمعان النظر بالطرف الأخر لإظهار الاهتمام والعطف ويجب على المحامي أن يمعن النظر في الهيئة القضائية وأن يمازحهم أن أمكن لان ذلك مدعاة للطمأنينة واستمالة العطف وتحقيق الإقناع. - يجب على المحامي وفي بعض الأحيان أن يقوم بالربت على كتفي الطرف الأخر وأن يصافح الأخريين لأن المصافحة من أكثر وسال التواد بين الأشخاص ويجب أن تكون المشاعر معتدلة أثناء المصافحة وأن لا تزيد مدتها عن خمس ثواني فقط ثم تحرر اليد. - يجب على المحامي أن يهدئ من انفعالاته وأن يعتدل في وقفته أمام الناس ولا يبدو متبرما أو قلقاً أو أن يتحرك حركات عشوائية تدل على التوتر والقلق. دائما ما يصدر الأخريين أحكامهم على الطرف الأخر من خلال الملابس التي يرتديها فهي التي تظهر مبادئ الشخص التي يؤمن بها ومما لا شك فيه أن قدرة المحامي على إقناع الآخرين بما يريده ترجع أساساً إلى قدرته على التأثير والسيطرة على الآخر والتي تعتمد على ما يرتديه المحامي من ملابس والتي توحي بهيبته ونفوذه وجدارته وكفاءته في عمله مثل الملابس الرسمية ويجب أن تكون ذات ألون توحي بالقوة والسيطرة كالأزرق والأسود والرمادي الغامق. قوة تأثير وسيطرة الأداء الصوتي إن الصوت هو أداة التعبير عن الشخصية فإذا اتسم صوت المحامي بالقوة فأنه يعبر عن الثقة بالنفس. أما إذا كان الصوت ضعيفاً فسيعده الآخرين متخاذلاً فالصوت هو الذي يعبر عن الانفعالات الشخصية ويجب على المحامي أن يتحدث بطلاقه وأن يتجنب بطئ الحديث والأداء الأمثل هو الإبطاء بالقدر الذي يمكن للآخرين متابعة الحديث ولكن بسرعة كافية تمكنهم من فهم الحديث. - يجب على المحامي أن يخفض نبرات صوته لأن الصوت الخفيض يفرض التأثير والسيطرة على الآخرين. - يجب على المحامي أن يغير في مستوى صوته بالارتفاع والانخفاض بطبقات الصوت أثناء الحديث فتغيير مستوى الصوت يدفع المتلقي لتأييد الكلام أو رفضه – إن انخفاض مستوى الصوت يدل على الثقة بالذات والسيطرة وصدق اليقين أما ارتفاع مستوى الصوت فيوحي بالريبة والقلق وعدم الثقة بالذات. - يجب أن يكون صوت المحامي واضحاً ومسموعاً بدرجة كافية فالصوت الضعيف يعبر دائماً عن مشاعر الخوف ويوحي بالذل والخضوع. - يجب على المحامي أن يلفظ الكلمات والعبارات بوضوح ودقة تامة لأن ذلك يدل على البراعة الفائقة والثقة بالذات ويدفع المتلقي لأن يتابع الحديث وأن يصغي باهتمام. يجب على المحامي أن يتبع نظام الوقفات القصيرة بين الكلمات لجذب انتباه المستمع وإيصال فكره معينه له. - يجب على المحامي أن يتحرى الكذب والخداع في أقوال الطرف الأخر وأن يتمتع ببراعة كشف أمثال هؤلاء الأشخاص من خلال نبرات صوتهم وفي سبيل الوصول إلى معرفة كذب الطرف المقابل يجب على المحامي أن يمعن النظر في الشخص المقابل لإدراك صدق الحديث أو أنه يحاول الخداع لأن ملامح الوجوه ونبرات الصوت والإيماءات دائماً ما تظهر خداع الطرف المقابل وفي سبيل ذلك يجب على المحامي تعلم المهارات الأساسية لتمييز كذب الحديث من صدقه وهذه المهارات: 1- تعبيرات الوجه: إن ملامح وجه الطرف المقابل تظهر مشاعره وأحاسيسه وعواطفه التي يكنها بداخله بالرغم من أن الشخص الذي لديه قدرة على الخداع يمكن أن يخفي تلك التعابير إلا أنه يمكن اكتشافها من خلال نظرات أعين الكاذبين لأن الشخص الكاذب يتفادى النظر للآخرين أثناء الحديث وغالباً ما يرفض أن يقف أو يجلس أمام الشخص الأخر وجهاً لوجه ويحاول دوماً أن يجلس وراء طاولة أو حاجز ليتجنب النظر إليه كما أن الكاذبون قليلاًُ ما يبتسمون وإذا فعلو فبتكلف. 2- الإيماءات الجسدية: يحاول الكاذبون أن يبقوا أيديهم ساكنة أو يخفوها والتقليل من حركاتهم وغالبا ما يشغلوا بلمس أنفسهم فدائما يلمسون أنفهم وذقونهم وأفواههم. 3- تعبيرات الصوت: يتسم حديث الكاذب بارتفاع نبرات صوته في نهاية عباراته بالإضافة إلى توقفه قليلاً أثناء حديثه وتلعثمه والنطق بعبارات غير مفهومة نظراً لاضطرابه وقلقه. 4- تعبيرات الكلمات: يتسم حديث الكاذبين بالعمومية والبعد عن الذاتية فهم يتجنبون استخدام الضمائر الشخصية أنا ونحن الأمر الذي يبعث الريبة والشك في مصداقية حديثهم. عملية كشف الكذب هناك ثلاث خطوات لكشف الكاذبين: أولاً: البحث عن التناقضات والأخطاء التي تقع في الحديث تسبب هفوات الذاكرة وزلات اللسان يجب تدوين هذه التناقضات. ثانياً: أجراء مقارنة بين محادثتين مختلفتين يجب فحص التناقضات في الكلام التي يقوله الشخص وخلال لقاءين منفصلين. ثالثاً: البحث عن التناقضات في الرسائل الكلامية وغير الكلامية من خلال ملاحظة الصوت أثناء الكلام وعيني الشخص ويديه والإنصات لارتفاع نبرات الصوت وحركات اليدين والايمياءات مثل لمس الأنف فإذا كان هناك فجوة بين ما يتلفظ به الشخص وبين تلك التعبيرات الحركية فيكون الشخص كاذباً. أهمية الكلمة في الإقناع - يجب على المحامي أن يتحدث بطريقة الإثبات في اللغة وأن يستخدم كلمات تتصل بما يتوقع حدوثه ويجب التحدث بطريقة التأكيد من خلال وصف الذات والمعتقدات والإنجازات الشخصية على نحو إيجابي صادق. - يجب على المحامي تحمل المسؤولية فبدلاً من إلقاء اللائمة على الآخرين يجب أن يمسك زمام الأمور ويتحمل المسؤولية باستخدام كلامات تدل على ذلك. - يجب على المحامي أن يبتغي المكسب المشترك من خلال استخدام عبارات التعاون وتكاتف الجهود واستخدام قاعدة المكسب للجميع. - يجب على المحامي أن يتحدث على نحو قاطع من خلال التمتع بالصراحة والوضوح بالقول وعدم الإسراف في استخدام الكلمات والتحدث بلغة متكاملة وتجنب العبارات التي تدخل في النفوس الريبة في مدى الإخلاص والأمانة وعدم اللجوء إلى استخدام العبارات القوية مثل (نهائياً مؤكدا وجداً) ثم التصرف على عكس ما قيل وعدم استخدام عبارات التردد واللعثمة مثل (آه و إه و ها و حسناً) والتي توحي بعدم التأكد وفقدان الثقة بالذات. - يجب على المحامي أن لا يلجئ إلى الأسئلة المبتذلة التي تأتي في نهاية الجمل وعدم اللجوء إلى الكلمات المطاطة غير اللازمة عندما يكون غير واثق من أمر أو يخشى التورط فيه. - يجب على المحامي أخيراً تجنب فرط التأدب وهو أحد سمات المتحدث غير الكفء الذي يستخدم عبارات مثل (من فضلك و أشكرك) بصورة متكررة جداً لأن فرط التأدب ينطوي على الجبن وعدم الثقة. - على المحامي القيام بتفخيم الكلمات الإيجابية والبعد عن الكلمات السلبية والتمسك بالثوابت وعدم خلط الأمور ببعضها. - على المحامي استخدام التضاد في عباراته مثال ذلك: (علينا أن لا نحترم القانون من منطلق الخوف بل علينا أن لا نخاف احترام القانون) وعند استخدام عبارات التضاد يجب الحفاظ على اتزان العبارات من خلال اختيار كلمات قصيرة وسهلة قدر الإمكان وجعل خاتمة العبارتين ايجابية. - على المحامي الناجح اختيار عبارات مكررة في مواقف معينة على أن لا تزيد الكلمة المكررة عن ثلاث مرات ومثال ذلك: (أن حق الموكل ثابت بحكم القانون وأن القانون هو القاعدة الفاصلة بين الموكل والخصم والقانون في النهاية سيد الجميع). ومن المتفق عليه أن التكرار يزيد الإقناع ولكي يكون التكرار ذو فاعليه ينبغي أن يقتصر على الكلمات والعبارات الهامة. - على المحامي الناجح استخدام الاستعارة في أسلوب كلامه المجازي لأنها توجز الوصف وتوصل الفكرة بشكل سلس ومحبب. - على المحامي استخدام الدعابة في الإقناع حيث أن الدعابة يمكن أن تكون وسيله فعالة في الإقناع لكونها تجذب الانتباه وتوجد علاقة حميمة بين الطرفين وتجعل الرسالة المراد إيصالها من الكلام قابلة للتذكر وتخفف التوتر وتعزز العلاقة مع الأفراد وتعمل على تحفيزهم. إن نجاح أي قضية للمحامي يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة المحامي على اختلاق موضوع قوي للقضية واستخدام حقائق محددة واستخدام أدلة جديدة إن أمكن. الأسئلة المتكررة ودورها في الإقناع - على المحامي أن يتبع أسلوب الأسئلة المتكررة لأن الأسئلة تدفع كل أنواع المعاملات ومنها المرافعات إلى الأمام على عكس الجمل الخبرية التي تضع في طرق النقاش عقبات تتطلب التخلص منها كما يمكن من خلالها التحكم بموضوع النقاش فزمام المبادرة يكون دوماً في يد السائل نتيجة لشعور الطرف الأخر بأنه يتحتم عليه الإجابة. - على المحامي أن يكثر من استخدام الأسئلة التوجيهية وخاصة عند استجواب الشهود للتأثير عليهم ودفعهم للشهادة وفق توجهات المحامي في القضية. - يجب على المحامي اعتماد استراتيجية التركيز والتي تنطوي على قيامه بالتركيز على النقاط القوية لديه في الدعوى والتركيز على نقاط الضعف لدى خصمه والتقليل من نقاط الضعف في الدعوى وأن يضعف نقاط قوة خصمه بهذا الأسلوب يحقق الإقناع الفاعل والمجدي. وفق هذا المعيار يجب استخدام التكرار للتركيز على النقاط الإيجابية أو السيئة لدى الخصم كما أنه على المحامي أن يعمد إلى إرباك الخصم للتضييق من حدوده والتقليل من قوته ويتم إرباك الطرف الأخر عن طريق تعقيد قضية بسيطة باستخدام المصطلحات بدلاً من اللغة العادية. يجب استخدام المديح في مواقف معينة لأن الإطراء يضعف الطرف الأخر والمجاملات تزيد الألفة والمحبة. الخاتمة: إن الله عز وجل حبا الإنسان بمجموعة من النعم الجسدية من السمع والحركة والكلام وخلق فينا مجموعة من العواطف والأحاسيس والطباع وجعل بينهما ترابط عجيب من خلاله تعكس حركاتنا وتصرفاتنا ونظراتنا طبيعتنا الداخلية وميولنا وعواطفنا ورغباتنا، وعلى المحامي المقنع أن يستفيد من تلك النعم وأن يحاول المقارنة بين الكلمات التي يتفوه بها الشخص وتصرفاته الحركية ونظراته لسبر أغوار الطرف الأخر وفهم مقاصده بهدف تكييف تلك المقاصد بالشكل الذي يوصل إلى إقناع هذا الشخص بالطريقة التي تتفق مع رغباته وميوله كما أنه على المحامي المقنع أن يترجم وبخفة كافة الظواهر المحيطة بالشخص وخاصة مظهره الخارجي بالشكل الذي يمكنه من معرفة الشخصية المقابلة والتحكم في سلوكها وإيصالها إلى الهدف الذي يسعى إليه |
|||
2011-04-12, 18:44 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
ما هي خطة العمل ؟ |
|||
2011-05-17, 23:55 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
أهمية الثقافة القانونية
أهمية الثقافة القانونية أهمية الأشياء تنبع من الحاجة إليها أولاً، ومن الدور الذي تؤديه في حياة الناس. وصدور دورية رصينة تهتم بنشر الثقافة القانونية والحقوقية، هو شيء من هذا القبيل، إذ تفتقد إليها حياتنا الثقافية، وإذا كان هناك دوريات تهتم بهذا الجانب وتكون محصورة بذوي الاختصاص، أي العاملين في الشأن القانوني، فإن ذلك لا يقدم ما تقدمه مجلة يغلب عليها الاهتمام بالجوانب القانونية، وتكتب بلغة تذلل التعابير والمصطلحات التي تسود في عالم القانون والقانونيين، وتتوجه بخطابها إلى عامة الناس. في كل المجالات نجد دوريات تهتم بنشر المعرفة للعامة أو المتخصصين، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الأدب أو الفنون أو الحياة الاجتماعية... الخ. وبسبب من تداخل الموضوعات في عصرنا فإنه من المستحسن أن يلم الناس بالجوانب التي تجعلهم يحسنون فهم ما يتداخل مع اختصاصاتهم وتوجهاتهم من مفردات ومفاهيم قانونية. لقد تعمق التخصص في جوانب الحياة عامة، وازداد الاهتمام بأن يكون العاملون في قطاع ما، على علم ودراية بكل ما يتطلبه هذا الاختصاص، وبما يتداخل معه من قضايا أخرى، أي هناك حاجة لوجود المثقف الشامل والذي كان يعرّف بأنه من يلم من كل علم بطرف، أياً يكن مجال التخصص. ومجال القانون، لا يصح أن يخلو منه تخصص ما، ولا عمل ما، ولا اتجاه حياتي ما، وذلك لأهمية هذا الجانب للناس ولحياتهم، ولأعمالهم التي تنظمها قوانين محلية ودولية، لا يصح أن يبقى جمهور الناس غائبين عنها، مع أن القيام بالمهمات القانونية في الأعمال العامة تكون موكولة إلى مختصين. كل جوانب الحياة لها قوانينها الناظمة، وعلاقة الناس بهذه القوانين والنظم، علاقة سلبية تتمثل بالرضوخ والتسليم لتنفيذها دون دراية بجوانبها وأهميتها وتداخلاتها، أو الخروج عليها دون دراية بالأضرار المحتملة، ما يفقد المواطن المنفذ للقوانين أو الخارج عليها وعيه بها، وبالتالي يتكون لديه شعور بأنها أعباء ثقيلة عليه وذلك لعدم قدرته على ربطها بجوانب حياته الأخرى، ولا بالأسس التي بنيت عليها أو استوجبت وضعها، ما يفسر عداء العامة للقوانين بدرجة ما، فالإنسان عدو ما جهل. ومع أنني لست متخصصاً بالقانون، أشعر بالحاجة إلى تكوين الثقافة القانونية عند الجميع، كما أرى ضرورة تكوين رأي عام حول الاهتمام بالقوانين وضرورة الالتزام بها في مواجهة انتهاكها والخروج عليها، انطلاقاً مما يسود واقعنا من الاستهتار بالقانون والنظام، ابتداء بنظام عبور الشارع، وقانون النظافة، وصولاً إلى أعقد القوانين. لقد بقيت الأعراف والتقاليد ذات سطوة على الناس مع وجود قوانين ناظمة بديلة ولاغية لها، ولدى التدقيق في الأسباب التي تجعل الناس يقبلون على التمسك بالتقاليد والعادات، وينبذون القوانين ويحاولون التفلت منها، مع أن الأعراف هي الشكل الأقدم للقوانين التي تواضع عليها الناس، نجد أن الموضوع على علاقة بالصلات التي تنعقد بين الأعراف والعادات وبين الناس الذين يرون فيها مخارج لمآزقهم، فهي منهم وإليهم، لقد تآلفوا معها وقد نشأت في كنفهم، وهم الذين أوجدوها ورعوها واحترموها وعملوا بها، ولذلك يجدون الصلة بها معقودة بشكل متين، دون أن تلجأ إلى كسر المتوارث، بل إن الكثير من هذه الأعراف والتقاليد من المتوارث الذي يعيد تأكيد حضوره. أما العلاقة بالقوانين فهي ليست على هذه الشاكلة، والصلات بين القانون والناس، علاقة قهرية كما يرونها، لأنها مفروضة عليهم عبر سلطة ما، ومرافقة بسلطة قهرية، بعيدة عن عالم الناس البسطاء الذين يفرون من القهر الذي لم يعرفوا غيره، بل لا يزالون يرون في القوانين ذلك العدو الذي يتربص بهم ويقهر إرادتهم ويجبرهم على ما أحبوه وما لم يحبوه، والجهة الساعية لتطبيقه ليست الجيران والأقارب كما في العادات والأعراف. لقد أشار "ول ديورانت" في "قصة الحضارة" إلى أن الناس يرون فيمن يخرج على القانون بطلاً، بينما يرون فيمن يخرج على العادات مجرماً. السبب هو ما ذكرنا من أن الناس هم من أوجد العادات وأنتجها في خضم حياتهم الاجتماعية اليومية، فبقي تأثيرها كبيراً، في حين أن القوانين فرضتها السلطات المتناسلة ذات الاختصاص. حتى في حياتنا العامة، خاصة في التجمعات الأقل وعياً، أو التي تمتد فيها علاقات القربى بشكل فاعل، وحتى وقت قصير – ربما إلى الآن – كان الناس ينظرون إلى المتنفذين من أقاربهم أو معارفهم بكثير من البطولية، لأن هؤلاء يخرجون عن القوانين بجرأة، بل بوقاحة، ولا نزال نسمع عبارات الاستحسان لما يفعله فلان وأنه لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه، أو فلان ينجي من حبل المشنقة، وهذه من مؤشرات السطوة والمركز المرموق والجاه... الخ. بالتالي فإن استحسان السلوك غير المنضبط على إيقاع القانون، وغير الدال على مسؤولية حقيقية متحضرة، من قبل مسؤول أو موظف، هو نتاج ضعف الثقافة القانونية، التي توضح للناس أسباب وضع القانون وأهمية الالتزام به، وأن البطولة الحقيقية تكون بتطبيقه لا بالخروج عنه، وإن الساعي لتجاوزه هو المجرم.. الخ. وإن فعله يتضمن تبخيساً وتجاوزاً لدور المؤسسات، مما يعني أننا لم نسع إلى تكوين توجهات يمكن استثمارها في التنمية الإنسانية التي لا وجود لها خارج الديمقراطية التي تؤكد أهمية العمل المؤسسي الذي ترعاه القوانين، ليس في مواجهة الأفراد ونشاطاتهم وإبداعاتهم، بل تنظيماً لها، ومنعاً من استغلال الموقع وثغرات القانون أو المناخ السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، ودون استثناءات. لقد ذكر المفكر"ذكي نجيب محمود" أسباباً عدة لتخلف المجتمع العربي، وكان أحد أهم هذه الأسباب هو بطلان نفاذ القوانين بالكرامات الشخصية. إذ كثيراً ما يبطل أحد المتنفذين عمل القانون، أو ينجو بفعلة خارجة على القانون تعد جريمة، أو يعمل على عدم تطبيق القانون على بعض من يهتم بهم، فيصبح تطبيق القانون استنسابياً. من هنا نذكر بأن ثقافة الناس القانونية والاهتمام بتربيتهم على مثل هذه الثقافة، قد تساعد كثيراً في ألا يفلت المجرمون أو الخارجون على القوانين من قبضة العدالة، ويصبح ازدراؤهم لمن يتجاوز القوانين والنظم مهما علت مراتبهم الوظيفية ومسؤولياتهم، بمقدار تجاوزاتهم للقوانين، والعكس صحيح، حيث يصبح حبهم لأعمالهم ولأدوار المسؤولين والتزامهم بمقدار ما يبدو حرص هؤلاء المسؤولين على تطبيق القوانين والانصياع لها ورعايتها وعدم الانتظام في صف من ينتهكها، ويصبح هذا سياسة في إدارة المؤسسات التي يديرونها أو يكونون فيها أو مسؤولين عنها. وهذا يحقق انفراجاً اجتماعياً، ويجعل الناس يقبلون على أعمالهم بكثير من الاندفاع. إن هذه الثقافة القانونية، ليست بديلاً عن عمل القضاء ولكنها تساهم في حمل الناس على احترام القوانين والأنظمة وتجنب مخالفتها. يجب ألا تعلو قوة على قوة القانون. بالتالي فإن تكوين المواطن الذي يجد قناعته ورضاه وغاية وجوده في أن ينظم القانون جميع مفردات الحياة العامة، هو هدف ثمين جداً. عندها سيكون هذا المواطن عوناً للجهات الراعية للقوانين، ولن يسكت على انتهاكها عندما يعلم به. الثقافة القانونية، ليست بديلاً عن عمل القضاء ولكنها تساهم في حمل الناس على احترام القوانين والأنظمة وتجنب مخالفتها لا نزال نسمع عبارات الاستحسان لما يفعله فلان وأنه لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه، وهذه من مؤشرات السطوة والمركز المرموق والجاه أشار "ول ديورانت" في "قصة الحضارة" إلى أن الناس يرون فيمن يخرج على القانون بطلاً، بينما يرون فيمن يخرج على العادات مجرماً الصلات بين القانون والناس، علاقة قهرية كما يرونها، لأنها مفروضة عليهم عبر سلطة ما، ومرافقة بسلطة قهرية حسن إبراهيم أحمد
|
|||
2011-05-30, 15:10 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
|
|||
2011-05-30, 20:14 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
تحــول السيــــادة
قانون دولي : البنية المتغيرة للقانون الدولي.. تحول السيادة |
|||
2011-05-30, 20:19 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
صنـــاعة القــرار الإداري
قضايا الإدارة : المشاركة في صناعة القرار الإداري |
|||
2011-06-16, 11:33 | رقم المشاركة : 15 | |||
|
ربمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الليلة, القانونية |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc