وأما الركوع الذي يؤدى لطاغية المغرب فهو من الكفر البين لأن الركوع عبادة ولا يجوز صرف العبادة لغير الله .
وأَصل معنى الرُّكوع الانحناء يقال رَكع الشَّيْخ : انحنى كِبَراً .
قال لبيد :
أُخَبِّرُ أخبارَ القرون الّتي مضتْ ... أَدِبُّ كأَنِّي كلَّما قمتُ راكعُ !
وكلّ شيء ينكبُّ لوجهه فتمسُّ رُكبته الأرْض أو لا تمسُّها بعد أن يَخفِض رأسه فهو راكِعٌ .
وهذا الانحناء علامة على التذلل والخضوع ولهذا سمي كل خضوع ركوعا ولو لم يكن معه ركوع .
قال ثعلب : الرُّكوع : الخُضوع .
وقال الرَّاغب الأَصبهانيُّ : الرُّكوع : الانحناء فتارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في الصَّلاة كما هي وتارة في التَّواضع والتَّذلُّل إمّا في العبادة وإمّا في غيرِها .وانظر : "تاج العروس" .
و هؤلاء الذين يركعون لهذا الطاغية لا يشفع لهم كونهم يفعلون هذا الركوع بنية التحية لا بنية العبادة لأن مجرد وقوعه منهم يعتبر شركا.
وقد قال ابن تيمية رحمه الله في "درء تعارض العقل والنقل" :
(كان من أتباع هؤلاء أي: المشركين - من يسجد للشمس والقمر والكواكب ويدعوها كما يدعو الله تعالى ويصوم لها، وينسك لها ـ ويتقرب إليها، ثم يقول: إن هذا ليس بشرك، وإنما الشرك إذا اعتقدت أنها هي المدبرة لي، فإذا جعلتها سببا وواسطة لم أكن مشركا. ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك)اهـ .
والركوع إنما يقصد به تعظيم الله عز وجل ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( أما الركوع فعظموا فيه الرب).
وإذا كان الركوع أمرا عاديا مبتذلا يجوز صرفه لغير الله بنية التحية فما معنى كونه قربة لله أو تعظيما له ؟
إنما يكون الركوع تعظيما لله عز وجل حينما يكون خالصا له ولا يصرف لغيره بحال من الأحوال.
وقد ذكر بعض أهل العلم أن من الحكم في كون صلاة الجنازة لا ركوع فيها ولا سجود أن الميت يوضع أمام المصلين فإذا ركعوا أو سجدوا كان الركوع والسجود في ظاهر الأمر ركوعا وسجودا له‘ فترك الركوع والسجود في هذه الصلاة للإشارة إلى أنهما لا يجوز أن يصرفا لغير الله تعالى .
والحق أن الركوع الذي يؤدى لطاغية المغرب المقصود به التعظيم على الحقيقة , ولوكان المقصود به مجرد التحية لحيوه كما يحيون سائر الناس .
ولو جاز لهم الركوع له بنية التحية لجاز لهم السجود له بنية التحية وجازت لهم الصلاة له بنية التحية وجاز لهم الطواف حوله بنية التحية والذبح له بنية التحية ..وهكذا .
وليس من شرط الركوع تمكين اليدين من الركبتين بل إن تطبيق اليدين في الركوع كان مأمورا به ثم نسخ على الصحيح.
وفي حديث ابن مسعود : (وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليجنأ وليطبق بين كفيه فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم)رواه مسلم .
والمالكية يعتبرون تمكين اليدين من الركبتين مندوبا فقط .
قال النفراوي :
(ووضع اليدين على الركبتين مستحب، فلو سد لهما في حال ركوعه لم تبطل صلاته) [الفواكه الدواني - (1 / 463)].
وقال الشيخ خليل في المختصر وركوع تقرب راحتاه فيه من ركبتيه وندب تمكينهما).
فهذا الركوع الذي يؤدى لهذا الطاغية إن لم يكن فيه تمكين لليدين من الركبتين فلا ينفي ذالك كونه ركوعا .
والله اعلم
والحمد لله رب العالمين .