مخطئ جدا من يعتقد أن نقابات التربية في الجزائر يمكن أن تكف عن التهديد بالإضرابات وتنفيذها ، ففي كل مرة تخرج علينا بمطالب لا تكاد تنتهي حتى تتجدد مرة أخرى ، وكأن وزارة التربية مؤسسة إقتصادية أو شركة كبرى ذات مدخول مادي يدر على الجزائر أموالا طائلة تسيل اللعاب.
ما لم يفهمه إخواننا المعلمون والأساتذة أن التلاميذ في كل مرة من إضرابهم هم الضحية وهم المتضرر الأكبر والوحيد ، لأن دقيقة واحدة تضيع منهم في التحصيل لا يمكن تعويضها ، وتجربتنا مع هذه النقابات لا أحد يجهلها في هذا المجال.
لقد أصبح واضحا مما لا يدع مجالا للشك أن هذه النقابات تراهن وهي التي ألفت ذلك على عامل الوقت ، فكلما اقتربت الإمتحانات الرسمية زادت من وثيرة التصعيد والإحتجاجات والإضرابات وهي تدرك جيدا قبل غيرها أن مستقبل أبنائنا لا يمكن ربطه بمطالب مادية بحثة قد تدر عليهم بعض الدنانير قلت أو كثرت ، لأنها في الأخير حتما لن تدخل السعادة إلى نفوسم ولن تحل مشاكلهم مادامت على حساب الملايين من الطلبة في مختلف الأطوار .
قد يتساءل الكثيرون من الأولياء ومن الطلبة أيضا ، متى يضرب أساتذتنا ولو مرة واحدة من أجل تغيير المناهج و تحسين ظروف التمدرس كالقضاء على الإكتضاظ مثلا ، وتوفير النقل المدرسي في المناطق النائية والقضاء على بعض السلبيات التي تقف في تطوير التحصيل العلمي وغيرها من المشاكل التي قد لا نحصيها.
عندما يدرك اساتذتنا أن هذه الإضرابات المفتعلة لن تخدم المنظومة التربوية ولن تضيف لها شيئا ، حينها وفقط يمكن أن نضع مصلحة الطلبة فوق كل إعتبار ، أما غير ذلك من أسلوب الإبتزاز والأنانية المفرطة فلن تنتج إلا الأزمات ، وأبناؤنا ليست سلعة في المزاد.
مرة أخرى نقول ونحن على أبواب إضراب ليومين متتاليين ، فسياسة المطالبة بالحقوق لابد أن تسبقها الإعتراف بالواجبات التي قلما أداها هؤلاء المربين لأولادنا.
إلى أن يتغلب منطق العقل على الأنانية نبقى ننتظر ، ولعل في الإنتظار الصلاح والفلاح.