هام جدا : ضرورة عرض المصادر الحديثية السنية للتحقيق - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هام جدا : ضرورة عرض المصادر الحديثية السنية للتحقيق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-04-18, 11:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Nilophar
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Flower2 هام جدا : ضرورة عرض المصادر الحديثية السنية للتحقيق

تعرض الاسلام مُبكرا لهجمة شرسة على يد جماعة مذهبية منظمة حاقدة على الاسلام وأهله قصدت تشكيك المسلمين فيه باختلاق مئات الروايات فحققوا نجاحا واضحا في تحريف كثير من السنة النبوية، وإدخال فيها ما ليس منها. فهب علماء الإسلام لانقاذها، وتمكنوا من تحقيقها وتمييز صحيحها من سقيمها بفضل علم الجرح والتعديل. لكن عملهم لم يشمل كل السنة النبوية، وشابته نقائص كثيرة .فما يزال كثير من السنة يحتاج إلى تحقيق ، ومنها طائفة ما تزال محل خلاف بين العلماء إلى يومنا هذا . حدث تساهل كبير من قبل أكثر المحدثين مع طائفة من رواة الشيعة الإمامية الذين كانوا يُمارسون التقية في تعاملهم مع أهل الحديث. فمكنهم ذلك من نشر كثير من أفكارهم، ومفترياتهم ،ومروياتهم بين أهل السنة الذين دونوا كثيرا منها في مصادرهم الحديثية .

فهناك روايات حديثية وتاريخية كثيرة في المصادر الحديثية السنية تم جمعها وتدوينها في المصنفات من دون تحقيق ولا تمحيص ، فإن عدم الحكم على تلك الروايات بالبطلان إسنادا ومتنا بالأدلة الصحيحة يجعلها تمثل لنا تحديا مُزعجا ، وتناقضا قائما ، وإشكالا مطروحا ، وتُعطي حُججا قوية لخصوم الإسلام للطعن في القرآن . بل وقد تكون فتنة لمرضى العقول والقلوب من أبناء المسلمين ، وقد تُحدث في بعضهم قلقا وانزعاجا، وشكا وتشويشا. وقد تكون عائقا أمام الباحثين المُنصفين الموضوعيين ، فتجعل بعضهم ينحرف عن المنهج الصواب في موقفهم من الموضوع. إنها بصراحة محنة من محن المرويات المكذوبة مع أن الأمر كان يفرض عليهم التمحيص وعدم التساهل معها لأنها تتعلق بأمر خطير وهام جدا ، فهذا لا يليق ، ولا يجوز ولا يصح السكوت عنه، ولا التهاون فيه .وإلا كان عليهم إهمالها وعدم تدوينها أصلا. علما بأن تمحيصها لم يكن صعبا ،فلو عرضوها على القرآن الكريم ، وتاريخه الصحيح ، وتشددوا في تطبيق علم الجرح والتعديل على رواتها لتبين لهم بطلان مروياتهم ، ولجنبوا الأمة مخاطرها ،وشرورها، ومآسيها !!. بل وما تزال إلى يومنا هذا تثير الشكوك والشبهات. قائمة على تناقض صريح وخطير يتطلب حلا ورفعا ،هذه الروايات أساءت الينا وأعطت مبررات لأعداء الإسلام للطعن فيه .والحقيقة إن الأمر كان يتطلب منهم عدم تدوين تلك الروايات أصلا، وإن دونوها كان عليهم أن يُخضعوها للنقد الدقيق والصارم ويُبينوا بطلانها.
اذ أننا نجد في المصادر الحديثية السنية ، روايات منها ما هو مسكوت عنه ، ومنها ما هو مُصحح ، ومنها ما هو مُؤوّل، مع أنها روايات غير صحيحة ، أو لم تثبت صحتها .
ولولا تساهل أكثر المحدثين مع هؤلاء، وإحسان الظن فيهم ما تمكنوا من التغلغل بينهم والاندساس بين صفوفهم بما كانوا يتظاهرون به من زهد وصدق في اللسان. فأضرتنا رواياتهم أكثر مما نفعتنا، وجلبت علينا مصائب ومحن، وشكوكا وشبهات ، وتشويشات وتناقضات كثيرة وخطيرة جدا . ولهذا فإن قبول رواياتهم من دون نقد وتمحيص وإلحاقها بدين الإسلام هو جريمة في حق الشرع والعلم والأمة .
وعليه فليس من الحكمة ،ولا من المصلحة قبول روايات هؤلاء. لإن دين الإسلام ليس ملكا لأحد، فهو دين الله تعالى الذي تكفل بحفظه ، ولا يحق لأحد أن يُدخل فيه ما ليس منه ، ولا يصح أن يُدخل فيه روايات الضعفاء والكذابين والمشبوهين. وإذا كانت طائفة من المحدثين قد انخدعت بهؤلاء المندسين ، فعلى الأمة أن تكشفهم ولا تساير الذين انخدعوا بهم . لأن الدين يقوم على المتواترات والروايات الصحيحة لا على الروايات الضعيفة، ولا الظنية ، ولا حتى الراجحة ، لأن الراجح لا يلغي المرجوح . وإذا كان بعض المتقدمين لم يتمكنوا من معرفة أحوال كثير من الرواة معرفة كاملة ، بسب البعد أو صعوبة الاتصال، أو لممارسة بعضهم للتقية فإنه بعد جمع أقوال النقاد زالت هذه الصعاب، وأصبح من السهل التأكد من أحوال الرواة المتناقضة، ومعرفة خلفياتها وغاياتها . وهذا يوجب علينا إعادة النظر في أحوال كثير من الرواة انطلاقا من أحوالهم التي وصلتنا ،واحتكاما إلى الشرع والعقل والعلم في حكمنا عليهم .
ونحن لا ننكر بأن علماء الإسلام بذلوا جهودا كبيرة لجمع السنة النبوية وتحقيقها ،وجمع الأخبار المتعلقة بتاريخ القرآن والصحابة. فعلوا ذلك بفضل منهج علم الجرح والتعديل الذي جمع بين نقد الأسانيد والمتون معا . لكنهم مع ذلك فقد تركوا لنا جانبا آخر من المرويات، إما ناقصا أو مُهملا ، فتضررنا منه كثيرا. من ذلك إن كثيرا من المحدثين جمعوا روايات كثيرة تتعلق بالقرآن والسنة من دون تحقيق ، مع قدرتهم عليه، واكتفوا بذكرها مُسندة . فكان من الواجب شرعا وعقلا تحقيقها ، أو عدم ذكرها أصلا ، وأما جمعها وتدوينها ثم السكوت عليها مع قدرتهم على تحقيقها ، فهذا عمل ناقص جدا، و فيه ضرر كبير. لأنه ليس كل أهل العلم لهم القدرة على تمحيص الروايات ،وهذا يضر أهل العلم والناس عامة . كما أن ترك تلك الروايات بلا تحقيق يجعلها فتنة لكثير من الناس لما تثيره من شكوك وشبهات في نفوسهم ، ويتخذها الضالون شواهد في عدائهم لدين الإسلام وأهله .
وربما يقول بعض الناس: إن هؤلاء المحدثين رووا تلك الأخبار لتُعرف فقط ،و لم يكن قصدهم الإهمال والتهاون و ... . نعم هذا اعتذار صحيح ووجيه ، لكن النتيجة واحدة هي أنهم قدموا لنا عملا ناقصا ، وأضرنا كثيرا . فهذا الاعتذار لا يُغير من الأمر شيئا ، وهو أنهم قدموا لنا عملا ناقصا، ربما أضرنا أكثر مما نفعنا. فقد كان في وسعهم الجمع بين الأمرين: روياتها لتُعرف ، ونقدها وعدم السكوت عنها ،وبهذا يتحقق الهدفان .
ومع ذلك فإذا كان لهؤلاء بعض العذر فيما تركوه من روايات من دون تحقيق، فليس لدينا اليوم أي عذر في إهمالها والسكوت عليها. فلا بد من تحقيقها ، وإعادة النظر في كل الروايات التي تحوم حولها الشكوك لترسيخ اليقين والتخلص من الضعيف . فلكل جيل علماؤه ، ومن حقه أن يقول كلمته في المرويات التي يتدين بها، فليس من الشرع ،ولا من العقل، ولا من العلم أن نقبل روايات من دون تحقيق، أو نأخذ بروايات ضعيفة، أو تحوم حولها الشكوك . وأهل الحق لا يخافون من ذلك أبدأ ، وإنما أهل الأهواء هم الذين يخافون منه لأنهم يعلمون أن أديانهم ومذاهبهم ومصالحهم ستنهار لو أخضعوا مروياتهم للنقد العلمي الحيادي القائم على الوحي الصحيح، والعقل الصريح، والعلم الصحيح .
ان المطلوب في التعامل مع الروايات هو التشدد في تحقيقها لا التساهل معها . بل ويجب على كل من يطلب الحق والحقيقة أن يتشدد في تمحيصه للروايات، ولا يتساهل معها خاصة إذا كانت تتعلق بأمور الدين. والتعنت في التضعيف أولى من التعنت في التصحيح. لأن التساهل والتعنت في التصحيح يوسع باب الظن والاحتمال لتدخل منه الأخبار الضعيفة والموضوعة، ويُضيق باب اليقين والصحة، وأما التعنت في التضعيف فهو عكس ذلك. فهذا هو المنهج الصحيح ، والأسلم والأنفع، والأجدر والأولى . والشرع الحكيم قد مدح اليقين وأمر بطلبه وتحصيله ، وأمرنا بالتثبت والتأكد وطلب الصدق والحق، ونهانا عن إتباع الأهواء والظنون ، والقول بلا علم . من ذلك قوله سبحانه: ((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)(السجدة : 24))، و((وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)(يونس: 36))، و((إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى)(النجم: 23))،و((وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)(الإسراء: 36))، و((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)(الحجرات: 6)).

والتساهل في تحقيق الروايات بدعوى الحفاظ على السنة النبوية ، هو في الحقيقة ليس حفاظا عليها، وإنما هو إضرار بها وفتح الباب لتسلل ودخول الروايات الضعيفة والموضوعة. وهذا الفعل ضرره أكثر من نفعه بفارق كبير، لأن القليل الصحيح خير من الكثير الذي يجمع بداخله الصحيح، والضعيف، والمشكوك فيه . وكثير صحيح خير من قليل صحيح ، لكن هذا لا يتحقق أيضا إلا بالتشدد في التحقيق لا بالتساهل فيه.وبسب التساهل وجدنا كثيرا من الرواة ثبت في حقهم التعديل والتجريح كرواة الشيعة الإمامية ، لكن أكثر المحدثين وثقوهم ، وقبلوا رواياتهم، مع أن تضعيفهم لم يُرفع !!. وهذا لا يتفق مع المنهج العلمي الصحيح في نقد الأخبار، الذي يفرض في هذه الحالات أن تبقى أحوال هؤلاء مُعلقة حتى يتم التأكد من حالهم توثيقا أو تضعيفا ، وإلا ستبقى مروياتهم مُستبعدة .
ولاشك أن ذلك التساهل قد أفسد علينا جانبا من ديننا وتاريخينا،إنه جريمة في حق الشرع ،والعقل ،والعلم أن يصبح الإسلام وأهله وتاريخه رهينة لروايات هؤلاء الرواة المحرفين المندسين . علما بأن الإسلام لم يكن في حاجة أبدا إلى رواياتهم ، ولا إلى الروايات المشكوك فيها. إن دين الإسلام كامل بالقرآن الكريم أولا ، وبالسنة النبوية المتواترة ثانيا، وبالسنة التي أثبت التحقيق الدقيق صحتها ثالثا. وعليه فلا يصح الجري وراء مرويات هؤلاء ، وإلحاقها بالدين ،وهو ليس في حاجة إليها. وقد صدق الباحث إسماعيل أحمد الطحان عندما قال: (( وكان هذا الحصاد المر بعض غراسنا في منابت الغفلة حينا والتساهل حينا. ولو أن الذين تناولوا قضية الأحرف السبعة والقراءات تحروا فيها أصح الروايات ، واحتكموا فيها- فيما أشكل عليهم من أمرها- إلى منطق سديد لبلغنا من أمرنا رشدا )).

فبعد أن دُون ذلك الكم الكبير من المرويات فقد أصبح من الواجب على علماء الأمة أن يهبوا لإعادة النظر في تلك الروايات وتحقيقها تحقيقا علميا شاملا دقيقا مُتشددا لا تساهل فيه، يجمع بين النقدين الإسنادي والمتني معا. ولا شك أن بعض أهل العلم لهم جهد مشكور في ذلك، لكن الأمر ما يزال يتطلب المزيد لتعميق المنهج والتطبيق، وتوسيع المجال.

ولا يصح الاحتجاج والاعتراض على من أضعف روايات ثبت ضعفها بالأدلة والبراهين بمجرد الألقاب والأسماء التي لا أدلة صحيحة معها. لأن العلم لا يُعرف بمجرد الأسماء ، و إنما يُعرف بالبراهين والشواهد الصحيحة التي يحملها من الوحي ، أو العقل ، أو العلم ، أو منها كلها .
و هذا انتصار للسنة النبوية، وللحق والعلم ، وانتصار لهؤلاء الأئمة ومناهجهم . فقد سبقونا إلى حمل أمانة التحقيق لتمحيص صحيح الأخبار من سقيمها ، فنحن على منهاجهم نسير. وهم اختلفوا فيما بينهم ، ورد بعضهم على بعض. وألم ينقد الإمام مسلم شيخه البخاري في مقدمة صحيحه ؟ . ومخالفتنا لهم ليست قدحا فيهم ولا إنكارا لما قاموا به ،وإنما هو استمرار لعملهم ، وتعلم منهم، وإتباع لهم ، لكنه ليس تقليدا لهم. وإذا كان بعضهم قد غفل عن أحاديث فصححها وهي ليست صحيحة ، أو أخطأ في الحكم على راو ثم اتبعه غيره فيه لعدم إطلاعه على حاله، فهذا أمر طبيعي في البشر، بل ولا بد منه. وإذا كان أحدهم لم يُخطئ في عمل ما ، فهذا لا يعني أنه لا يُخطئ، وإنما يعني أنه لم يُخطئ فيه ، لا أنه لا يُخطي في كل أعماله.
ثم إن هؤلاء العلماء الكبار ولا واحد منهم ادعى العصمة لنفسه، ولا واحد قال عن نفسه بأن نبي أو رسول في تحقيق الحديث والأخبار. والبخاري عندما كتب صحيحه كتب ما صح عنده وفق منهجه الذي ارتضاه،ولم يقل بأنه لم يُخطئ فيما دونه . لكن لو أن عالما آخر راجع كتابه قد يُخالفه في تصحيح كثير الروايات لمخالفته في شروطه، وفي تعديله أو تجريحه لبعض الرواة . فهناك كثير من الرواة مختلف فيهم من جهة التعديل و التجريح . وهنا سيحدث الاختلاف وستكون أحاديث صححها البخاري هي غير صحيحة عند غيره ، وقد يكون الصواب مع الثاني لا مع البخاري ، وقد يكون العكس .
ومن المعروف عند أهل العلم أن عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي صنف كتابا في بيان أخطاء البخاري المتعلقة بالرواة في تاريخه. والخطأ في أسماء الرواة ينعكس سلبا على المتون . وكما أنه أخطأ في تاريخه ، فلا مانع من أن يُخطي في صحيحه . وممن رد على البخاري وبيًن بعض أخطائه الدراقطني في كتابه : الإلزامات والتتبع . وكذلك الخطيب البغدادي في كتابه: موضح أوهام الجمع والتفريق ، وهذه الكتب منشورة ومتداولة بين أهل العلم .
وعندما ترجم الحافظ عبد الرحمن بن الجوزي لعباد بن يعقوب الرواجي (ت 250هـ) ، كان مما قاله في ترجمته له : (( وكان غاليًا في التشيع ،وقد أخرج عنه البخاري وربما لم يعلم أنه كان متشيعًا )).
و فيما يخص المنهج العلمي المتعلق بنقد الأخبار ، فهو منهج أصوله موجودة في الشرع . ثم مارسه نقاد الحديث ، فتوسعوا فيه وطوّره وقعدوه ودوّنوه ، فكان لهم فضل كبير على علم الجرح والتعديل. لكنه ليس خاصا بهم ولا بغيرهم . فهو منهج ملك للبشرية جمعاء، ومن حق أي إنسان أن يُمارسه إذا التزم بأصوله، وله أن يُطوّره و يزيد فيه ما صح عنده من المستجدات المتعلقة به . فهو منهج مفتوح , لا يحق ولا يصح أن يُغلق ،ولا أن يُحتكر.

علما بأن العلم لا يقوم على إجماع طائفة من الناس على موقف من المواقف ، ولا على القلة ولا على الكثرة . و إلا فإن كل طائفة تستطيع أن تحتج بدعوى الإجماع وتدعي أن موقفها هو الصحيح ، بدعوى أنها أجمعت عليه . و بهذا تضيع الحقيقة ، ويتيه العقل في طلبها، ويصبح العلم ذاتيا لا موضوعيا . وإنما الحقيقة هي أن الصواب لا يُعرف إلا بالدليل الصحيح، ولا دخل هنا للقلة ،ولا للكثرة ،ولا للإجماع إلا بمدى التمسك بإتباع المنهج العلمي الصحيح، والأخذ بالأدلة الصحيحة . وحتى إذا سلمنا بوقوع الإجماع، فإنه ليس كل إجماع معصوما، وإنما يكون راجحا أو صحيحا إذا حدث بطريقة صحيحة. وإذا ما ظهر الدليل الصحيح خلاف ما أجمعت عليه طائفة من أهل الاختصاص، فهنا يجب تركه والأخذ بما أثبته الدليل الصحيح .
وأقول: إن الشرع نص صراحة على أن كل بني آدم خطاء، ولا أحد من البشر معصوم إلا النبي-عليه الصلاة والسلام- ولهذا قال الله لنا : (( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(النساء: 59)) . وأهل السنة لا يعتقدون العصمة في أحد بعد رسول الله ، ولا يوجد واحد من علمائهم ادعى العصمة لنفسه. وبما أن الأمر هكذا فلا البخاري ولا مسلم، ولا أحمد ولا الترمذي ولا غيرهم ادعى أنه معصوم في جمعه وتحقيقه للحديث النبوي.ولا واحد منهم أدعى أنه هو نبي تصحيح الحديث رسوله. ولهذا وجدنا هؤلاء العلماء ينقدون بعضهم في كثير من الأحاديث التي اختلفوا في تصحيحها، وهذا حدث قديما وما يزال مُستمرا إلى يومنا هذا.
وعليه فإن المسلم الغيور على السنة النبوية الحريص عليها يجب أن يكون صارما في تحقيقه للمرويات المتعلقة بهما، ولا يقبل منها إلا ما صح منها من جهة،وإن وجد فيها ما لا يصح عليه أن يستخرجه و ينبه عليه، ولا يصح السكوت عنه من جهة أخرى. وإن سكت فسيكون موقفه هذا طعنا في الروايات الشرعية ،وفي صاحبها-عليه الصلاة والسلام-،وسيستخدمها اعداء الإسلام للطعن في الاسلام والسنة النبوية . ولهذا لا يصح اتهام من رد روايات من المصادر الحديثية السنية ثبت أنها غير صحيحة، لأنه في هذه الحالة فهو لم ينكر السنة النبوية، وإنما دافع عنها، وأنكر بعضا منها لم يصح عنده ولو صح لقرره وأخذ به. ومن يُصر على الإنكار عليه ، فليرد عليه بالعلم لا بالاتهامات والتشنيعات.
علما بأنه من حق أي باحث أن يرد أية رواية إذا قام الدليل الصحيح عنده على بطلانها. وعلى أهل العلم أن يردوا عليه ويبينوا له خطأه إن كان قد أخطأ في موقفه، وعليه أن يأخذ بذلك، ويتخلى عن موقفه . وأما إن كان ردهم غير صحيح ، فمن حقه أن يرفضه ويبقى مُتمسكا بموقفه،ولا يحق لغيره أن يتهمه أو يُجرمه لمجرد أنه رد ما كان يُعتقد أنه صحيح، أو أنه خالف فلان وفلان .
للمقال مصادر








 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للتدقيق, المصادر, الحديبية, الزوجة, ضرورة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc