الاتخابات العامة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الاتخابات العامة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-11-06, 17:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18 الاتخابات العامة



الانتخابات العامة

مادة الشرعية وميزانها والبرلمانية ثمرتها في مواجهة الاستبداد

1ـ3



ناصية البحث :

لقد أصبح الحديث اليوم عن الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي ، كالحديث عن الاشتراكية في نهاية الخمسينات والستينيات والسبعينيات ، أي مجرد شعار تطلقه بعض النخب الثقافية يعلنون من خلاله توبتهم عما اقترفوا من زلل وخطل وتضليل ، هذا إذا أحسنا الظن بهم . ولكن عندما يجعلون سبب تعثر الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي هو الحركات الإسلامية كالإخوان المسلمين أو جبهة الإنقاذ أو غيرها من الحركات الإسلامية فيجب أن يكون لنا معهم حديث آخر . الغرب الأوربي وصل إلى صيغة معينة من الديمقراطية وأعلن منذ البداية أن هذه الصيغة غير قابلة للتطبيق إلا في منظومة فلسفية وفكرية واجتماعية واقتصادية غربية ، مبرراً بذلك سياسة الاستعمار التي كان يمارسها في الأقطار التي وقعت تحت نير استبداد جنوده وجنرالاته من جهة ، وليشبع غروره العنصري واستعلائه على الآخر من جهة ثانية . إلا أن هناك عامل آخر ، وهو خلق العداوة والبغضان مع الآخر ليضمن ولاء شعبه للنخبة الحاكمة .
Montesquieu مونتيسكيو : أبو الدستور ، كما يعرّف بالغرب ، وكذالك Hugo Grotius هوجو غروتيوس : أبو حقوق الإنسان . يعلنان أن الديمقراطية وحقوق الإنسان نبتتان غربيتان لا يمكن استنباتها في تربة خارج أوربا . كانت النخب الأوربية تعتقد ، وحتى وقت قريب ، أن أجراء انتخابات عامة وحرة وفق المعاير الأوربية في الضبط والربط سيحمل الحركات الإسلامية إلى سدة القرار السياسي وسيسبب متاعب للغرب نفسه . المستفيد الوحيد من هذا الهاجس الغربي هو الاستبداد والطغيان نفسه . لم يعد سراً أن الغرب نفسه هو الذي ساند كل أنواع الأنظمة الشمولية التي أفسدت الحرث والنسل . وبعد عناد وإصرار عجيب من قبل النخب الحاكمة في الغرب على هذا الوهم القاتل وأصبح الوضع في كل الدول العربية كارثي الأبعاد . وقع الغرب في حيرة من أمره الاستمرار أو التوقف وترك الحبل على الغارب . الأرجح أن الغرب لن يستمر في دعم الاستبداد على نفس الوتيرة السابقة ، ولكن لن يدعم القوى الواعدة في إرساء الديمقراطية ، كمقدمة للإصلاح ، وأقصى ما يستطيع الغرب الأوربي اليوم هو الحياد السلبي أما أمريكا فستبقى لفترة ، قد تطول أو تقصر ، تدعم المشروع الصهيوني المدمر . لهذا فالرهان على أمريكا كعكاز يستند عليه للإصلاح والديمقراطية وهم عقيم . أمريكا مهددة أن تنكص إلى نظام فاشي مستبد . لا يوجد في أمريكا مؤسسات مهيئة فلسفيا وفكرياً لتقويم المسيرة غير الديمقراطية ، وجل ما لدى أمريكا أفكار تدعوا إلى "تحسين" الأداء الامبراطوري . الساحة العربية ستصبح عما قريب منطقة فراغ سياسي وعجز اقتصادي ، ولاسبيل للخروج منه إلا أن تأخذ النخب العربية زمام المبادرة وتبحث عن قواسم مشتركة فيما بينها وتتنافس فيما بينها ضمن هذه القواسم . يجب أن لا تأخذ بالديمقراطية كنتيجة فحسب ولكن عليها أن تدرس الطريق الذي قاد إلى الديمقراطية بوعي وموضوعية . في انكلترا ، أعرق ديمقراطية في العالم ، بدأت المسيرة الديمقراطية بوضع البرلمانية في مقابل الاستبداد وجعلت البرلمان الممثل لإرادة الأمة البديل الوحيد لاستبداد الذي يستمد شرعيته من الإرادة الإلهية ، ومن المفارقات أن الخصم العنيد للاستبداد ودعوى الإرادة الإلهية هم من المتدينين المسيحين في حين أن فلاسفة الاستبداد وتغول الدولة من الملاحدة أو المتشككين بوجود الله وعلى رأسهم تومس هوبز Thomas Hobbes الذي كان يتوقع الشر والحرب الأهلية لمجرد ضعف الملك والرضوخ أو التنازل لمطالب الديمقراطين . الضعف كان متبادل الملك قدم بعض الإصلاحات المغرية لفريق من الديمقراطيين ، ومرفوضة من الفريق الآخر الأكثر عزوة ومكانة عند الشعب . نفس الشئ وقع في الطرف الآخر . فريق كان يرى : أن أي تنازل من قبل الملك سوف يأتي على هيبة السلطة ويشجع الديمقراطيين على طلب المزيد من حتى تؤول السلطة في النهاية لخصومهم وكان يمثل هذا الفريق هوبز . وفريق يرى أن القبول ببعض التنازلات هي الضريبة واجبة الدفع لكسب الوقت للعودة إلى مواطن القوة من جديد . لقد وقعت الحرب الأهلية كما توقع هوبز في كتابه الغول Laviathan وعاشت انكلنرا أقبح أنواع الستبداد قبل أن تصل إلى نظام برلماني . إن خطاء القبول ببعض الإصلاحات من قبل القوى الديمقراطية ونجاح سياسة " الرشوة " الإصلاحية في شق صفوف الديمقراطين هو السبب الأساس في نشؤ الحرب الأهلية . الاستبداد لا يصلح فالإصرار على البرلمانية كممثل لإرادة الشعب دون مساومة ، حتى في الجزئيات المتعلقة بآليات الانتخابات ، التي قد تصبح من الأمور الجوهرية . إن سورية تحكم ومنذ أربعين عاماً بنظام مستبد وأجهزة قمعية مخيفة وهي الآن تبحث عن دور وظيفي جديد في منظومة الهيمنة الأمريكية ، وبما أن أمريكا تستطيع فقط أن تنفذ سياسة حماية إسرائيل دون الهيمنة على العالم انطلاقاً من العراق كقاعدة ، كما سوق الصهاينة خطة احتلال العراق ، فالدور الوظيفي الذي تبحث عنه سورية اليوم لن يكون إلا صهيوني الشكل والمضمون . فهل يقبل الاستبداد في سورية بكل فصائله هذا الدور ؟ إن حجة النظام بقبول الدور الوظيفي الأمريكي في الماضي والقول لا طاقة لنا بجالوت أو حسب المثل الشامي " اليد التي لا تقدر عليها بوسها وادعي عليها بالكسر " أصبحت يد إسرائيل بدون القفاز الأمريكي . فهل يقبل الاستبداد والباطنية السياسية يد إسرائيل في سبيل البقاء بالسلطة والفوز بغنيمة المال الحرام في البنوك الغربية . ؟ الأيام حبلى بالكثير . إن الإصرار على البرلمانية من قبل قوى التغير شرط أساسي لتجنيب البلاد التشرذم الذي يقود إلى ما هو أسوء من أحداث الثمانيات . إن أي مشرع للإصلاح يراهن على أحد أجنحة الاستبداد للحصول على مكاسب " إصلاحية " وهم وتخلي عن مبدأ إرادة الشعب التي يجب أن تكون الحكم . المشروع الذي طرحته المعارضة المصرية الإسلامية واللبرالية والذي يتلخص بإجراء انتخابات رئاسية يسمح لعدد من المرشحين منافسة المستبد ، أقل ما يقال فيه أنه سذاجة وتلفيق ، فالمستبد يملك كل آليات التلاعب والتزوير لتزيف إرادة الشعب . ما الذي يضير المستبد أن يفوز بنسبة 70% بدلاً من 99,9% مع بقاء آليات الاستبداد والقمع والطغيان . إن النظام الرئاسي حتى على الطريقة الفرنسية هو تحجيم للبرلمانية التي تمثل إرادة الشعب وعنها تنبثق السلطة التنفيذية رئاسة ووزارة . يجب على الطبقة السياسية والمعارضة أن تدخل عالم البرلمانية والديمقراطية من أبوابها وليس التسلق على جدرانها . في الحالة السورية يجب أن تطالب المعارضة بمجلس نيابي منتخب يمثل إرادة الشعب . ويجب أن تتوفر كل الشروط الدستورية والقانونية لها مع كل آليات الضبط والربط الأوربية ، فحن لسنا أقل شأناً منهم ، وأن تجرى وفق النظام النسبي المعمول به في الدول الاسكندنافية أو ألمانيا ، أي الأخذ بكل صغيرة وكبيرة في هذا الشأن فالشيطان يقبع في التفاصيل ، كما يقول المثل . الدستور السوري المعمول به اليوم هو وثيقة استبداد مرفوضة كلياً وجزئياً وغير قابلة للإصلاح . دستور سورية لعام 1950 الذي أوقف العمل به بعد انقلاب آذار 1963 هو العقد الاجتماعي الأكثر ملائمة لسد الفراغ الدستوري الذي قد يحصل بعد سقوط الاستبداد . على المعارضة السورية ، إسلامية أو غير ذالك ، أن ترفض العنف غير المقاوم للإحتلال رفضاً مبدئياً وليس تكتيكياً باعتباره ، أي العنف ، مشرع استبداد للمستقبل ، فليس من العقلانية والحكمة استبدال ، استبداد باستبداد ، وظلم بظلم ، وقهر بقهر . إن هذا البحث الذي بين يدي القارئ هو تفصيل في جزئية في المشروع البرلماني الديقراطي ، ولكنها جزئية مهمة ودقيقة ، فهي الميزان الذي توزن به الديمقراطية نفسها ، فكلما كان الميزان دقيقاً كلما كان القبول بالنتائج أشمل وأوسع . إن الذين يتبضعون بين مسارات الهيمنة الأمريكية وينادون على "رحيق" الديقراطية الأمريكية في الأسواق العربية ، سيجدون في هذا البحث ما ينقض غزلهم ويبين زيفهم . أما بعض الشيوخ الذين مارسوا الاستبداد في سورية في بواكير عهده ، ولم يفارقهم حلم الرجوع إليه مرددين أغنية " نجاة الصغيرة "من شعر نزار القباني : كم قلت آني غير عائدة له /// ورجعت ما أحلى الرجوع إليه . أنصحهم بقراءة الكتاب الشعبي الماجن " رجوع الشيخ إلى صباه " ففيه ما قد يصرفهم عن أضغاث الأحلام وعنجهيات الأقزام .
بحث مقارن في القوانين والنظم الانتخابية الغربية ، وإمكانية الاستفادة منها في بلورة مشروع برلماني في مواجة الاستبداد
لا يمكن بحث هذا الموضوع بحثاً فنياً ، بعيداً عن الموروث والمستحدث وتجارب الإنسان ، التي أفرزت معانات بعيدة الأثر في سلوك الفرد والجماعات ، وما أحاط كل هذا من عقائد نقلية وتصورات فلسفسةعقليةجدلية ، ولكن ضرورة التخصيص ( الواقع السياسي في سوريا ) قد يعفينا من الدخول في خضم الجدل النظري الذي لم يصل أحد فيه إلى يقين يطمئن إليه ، فضلاً أن يحمل الآخرين عليه ، وبقي الجدل كما بدأ أول مرة ؛ كل حزب بما لديهم فرحون .
لو استعرضنا أدبيات المعارضة السورية من طقق إلى السلام عليكم ، كما يقول المثل الدارج ، نجد أنها تتجنب طرح مسألة الشرعية ، أي شرعية النظام في سورية . هل أنقلاب الثامن من آذار عام 1963 واستيلاء الجيش والأجهزة القمعية على السلطة كل السلطة ( تشريعية ، قضائية ، تنفيذية ) كان شرعية يعتد بها ؟. هل فرضية الدفاع عن الحقوق المغتصبة عبر تجيش الدولة والمجتمع مرجعية كافية لتبرير السطو على كرامة الإنسان ومعين رزقه والوصاية عليه ، حتى في أخص خصوصياته ؟ منذ تاريخ ذلك السطو ، وعملية الحلول والاتحاد الباطنية ، أصبحت السلطة تردد مقالة فرعون كما أوردها القرآن الكريم " ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " . أدبيات المعارضة السورية ، في معظمها ، تطرح وهم إصلاح سلطة مغتصبة لا تملك أى مقوم من مقومات الشرعية بل تساوم من سطى عليها لإنتزاع بعض من ذلك السطو فتكسب السلطة بالمقابل اعتراف ضمني ببعض الشرعبة . مطلب الإصلاح مبرر بل مطلوب فقط من سلطة تملك شرعية معتبرة . إن رفض اللاشرعية شرط لازم وقد يكون غير كافي لمنع عملية سطو أخرى تحل محل "اللاشرعية " فنكون كالمستجير من الرمضاء بالنار . لهذا من واجب الذين يتصدون ويعارضون اللاشرعية أن يقدموا ، وبوضوح لا لبس فيه ، معالم الشرعية البديلة للاشرعية . مثل اغتصاب السلطة كمثل الاحتلال كلاهما غير شرعي والمفاضلة بينهما صناعة سوفسطائية صورية . المستهدف في كلا الحالتين كرامة الإنسان تمهيداً لستعباده ، يختلفان فقط في الوسيلة والغواية والتبرير والتغرير .
المادة الأولى من الدستور الألماني تقول وبشك مقتضب محكم الصياغية وعنوانها : ( صيانة الكرامة الإنسانية ) مفردات هذا العنوان :
1- كرامة الإنسان لا تمس ، احترامها وصيانتها واجب كافة سلطات الدولة .
2- لهذا فالشعب الألماني يعرف نفسه ، برفض النيل أو مصادرة حقوق الإنسان ، كقاعدة لمجتمع إنساني سلمي وعادل في العالم
3- الحقوق الأساسية الاحقة تلزم المشرع والسلطة التنفيذية والقضاء مباشرة الحقوق . هذه المادة الدستورية تعتبر من الثوابت التي لايمكن المساس بها أوتعديلها بأي غالبية برلمانية . من الثوابت في الدستور الألماني المادة 20 التي تحمل عنوان حماية أسس الحياة الطبيعية وهو ما يطلق عليه في الفقة الإسلامي حماية النسل والحرث . جعل الدستور الأماني سلطات الدولة ومؤسسات وأجهزة الدولة في خدمة هدف واحد صيانة الكرامة الإنسانة وعدم المساس بها كما أطلق العنان لكل التنظيمات غير الحكومية لممارسة حق مراقبة أداء أجهزة الدولة من أجل الوصل إلى نفس الغرض . موقع البرلمان في بنية الدولة هو حلقة الوصل بين المنظمات غيرالرسمية والمؤسسات الرسمية ، وعليه فإن فساد المؤسسة البرلمانية يعني انفراط العقد وتسيب آليات الضبط والربط . أما الجنوحاً نحو الاستبداد أو الجنوحاً نحو الفوضي . أطلق على البرلمان والمؤسسات الملحقة به السلطة التشريعية وهو تعبير مجازي أكثر منه حقيقة وواقع . إن صناعة القانون أو التشريعات ألتي تنتظم البلاد صناعة أهل الاختصاص تنجز في ظل البرلمان والوزارة ، أي من في أروقة المعاهد ومراكز البحث العلمي ، والتي قد تبعد عن مبنى البرلمان في المكان مئات الكيلومترات وفي الأهلية العلمية أجيال معرفية . ولكن في الغالب بتكليف من البرلمان أو الوزارة أو الأحزاب . لهذا يتلقى البرلمان وكتله البرلمانية فتاوى أو إقتراحات متعدد في الموضوع الواحد . قد يأخذ أحدها صيغة القانون إذا نال أغلبية أصوات البرلمان وصادق عليه المجلس الفدرالي الذي يمثل الولايات وينبثق عادة من مجالس الولايات وبشكل نسبي وفق تمثيل الأحزاب في مجلس الولاية . لايوجد إقصاء للأقلية بأى حال من الأحوال . مع ذالك قد يحدث أن يصدر قانون من البرلمان ويصادق عليه المجلس الفدرالى ، ولكن يعترض على دستوريته أحد أو بضع أفراد من البرلمان أو خارج البرلمان . عند ذلك يحال إلى المحكمة الدستورية للنظر في مطابقتة أو عدم مطابقته للدستور . عندما ترى المحكمة عدم مطابقته للدستور كلياً أو جزئياً يعاد إلى البرلمان لإخال التعديلات المقترحة من قبل المحكمة الدستورية . نرى من خلال هذا العرض أن المحكمة الدستورية هي التي تمارس السيادة في نهاية المطاف وليس السلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية ، ممثلة بالبرلمان والمجلس الفدرالي ، ولهذا يعتبر الدستور هو وثيقة السيادة أو وثيقة الحاكمية . هذه الآلية هي نفسها الآلية المعتمدة في الفقه السياسي الإسلامي . الفقهاء الوضعيون أخذوا هذه الآلية من الفقه الإسلامي وليس العكس ، وذلك عندما رأوا أن الأمير يقف أمام القاضي كمدعي أو مدعي عليه كأي فرد آخر . الفقه الإسلامي يفرق بين الحكم ومنه الحاكمية أي السيادة ، والأمر ومنه الأمارة أو سياسة الملك . بل أن مادة (حَكَمَ) و(أََمَرَ) في المراجع اللغوية متباينة تبان واضح ، ويمكن الرجوع إلى لسان العرب للتأكد من ذلك . إن الآيات القرآنية التي ترد فيها كلمة (حَكَمَ) ومشتقاتها تشير بلا لبس أوغموض أن الحكم لله عندما يتعلق الأمر بموضوع العقائد وتحكيم غير الله في المنظومة العقائدية يعني الكفر أو الشرك ، أما إذا كان الأمر يتعلق في المنظومة الأخلاقية والقيمية فتحكيم غير الله في هذه المنظومة يعني الفسق ، وكذلك في منظومة حقوق الأفراد أو مبادئ العدل فتحكيم غير الله يعني الظلم . والقاضي أو الحكم يحكمان بين الناس أو الفرقاء المتخاصمين بالعدل ، والشريعة تعني منظومة العدل . إن التمعن الدقيق والتدبر السليم في الآيات 47 و48 و50 من سورة المائدة يبين صحة ما ذهبنا إليه . لم يستعمل الفقهاء المسلمون كلمة (أَمَرَ) محل كلمة (حَكَمَ) أو بالعكس ، وعندهم أن الأمر هو من شأن الأمة أو الشعب الذى يحسم بالشورى وبكلمة مخختصرة : إن الولاية للأمة أو الشعب . لم تنعت السلطة التنفيذية بالحكومة من قبل الفقهاء بل كان المصطلح المتعارف عليه الوزارة التي تحمل عن الأمارة بعض الوزر ( راجع الأحكام السلطانية والوزاة للماوردي ) إلا أن الكثير من فقهاء السياسة المعاصرين لم يتوخوا الدقة في استعمال المصطلح في هذا الموضوع ، رغم خطورته ، فجعلوا الحكم كالأمر والعكس ، بل لم يأنفوا من استعمال مصطلح الحكومة كتعريب لكلمة Government التي تعني السيطرة والتوجيه في حين كلمة حكم أو قضاء تقابل كلمة Judgment ، وكان عليهم التزام مصطلح الوزارة والإمارة وأن تستعمل كلمة (حَكَم) ومشتقاتها بما يليق بها من وقار . يستعمل الألمان كلمة Regierung وهي مصطلح عصري نسبياً وتعني ( قاد ، رسم ، نظم ، خط ) لأجهزة الدولة العليا . وظيفة الحكم أو القضاء في الشأن العام والدولة والسلطة هو تقويم الإمارة والوزارة بما ينسجم مع مفهوم السيادة أو الحاكمية ، وهو نفس الوظيفة التي تقوم بها المحكمة الدستورية في الدولة العصرية . لقد أشرنا إلى الوظيفة الفعلية والنظرية للبرلمان أو المجلس النيابي وقلنا أن الوظيفة الفعلية هو حلقة الوصل بين الأمة أو الشعب وبين السلطة التنفيذية ، ونظرياً أو مجازاً السلطة التشريعية وعنه تنبثق السلطة التنفيذية . يعتبر هذا الدور من أخطر بل من ضروريات الاستقرار في الدولة والمجتمع . السؤال : ماذا يقدم الفقة السياسي الإسلامي في هذا المضمار ؟ إن الإجابة على هذا السؤال بشكل أكاديمي يرضي أهل الاختصاص من الغربيين ومراكز البحث العلمي في الجامعات الإسلامية ( الأزهر الشريف ، كليات الشربعة والقانون ، ومراكز الفتوى والمرجعيات ) سيخرجنا عن القصد والغاية من هذا البحث ولكن من الواجب أن نعلن أن النتائج التي توصلنا إليها قابلة للبحث والجدل العلمي لتبيان الأسس الأصلية التي استندنا إليها في تقرير هذه النتجية ، فقد أخذنا على أنفسنا أن نتجنب التوليف والتلفيق ومسايرة الضغوط التي يفرضها الواقع الثقافي المعزز بالإعلام الصاخب ، وعلمتنا الخبرة أن ما يعتبر من المسلمات والثوابت قد لا يكون كذلك ، كما أن صياغة شذرات المعرفة بشكل عقيدة أو ادلجة المعرفة هو السهم القاتل للمعرفة والحقيقة . ومع ذلك يبقى العرض قائماً لكل الذين يريدون معرفة المقدمات والأسس التي قادتنا إلى هذه النتائج ، ونسأل الله أن يمكننا أن نقدمها خالصة من السوفسطائية لتطمئن قلوب أهل المعرفة وطلاب الحق . إن البرلمانية Parliamentarian أو Parlamentarismus وتعني بالعربية تمثيل الشعب عبر مجلس منتخب يعبر عن إرادة الناخبين أو الشعب في مقابل السلطة التنفيذية ، المنبثقة أصلاّ عن المجلس ، تعتبر من طيبات الفكر الإنساني أو من الحكمة التي تعتبر ضالة المؤمن أَنا وجدها فهو أحق الناس بها ولا يجد الباحث في الفقه السياسي المعاصر صعوبة في إيجاد جرثومة هذا الفكر في أصول الشريعة نفسها ، وأهمها على الإطلاق قوله تعالى في سورة الشورى الآية 38 ( وأمرهم شورى بينهم ) بل إن ممارسة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في قيادة دولة الدعوة تقدم عملياً وحسياً وبصائرياً ما يجب أن تكون عليه الحياة السياسية وكل تأويل يهدف إلى تحجيم أو إلغاء الحياة الشورية هي من سفسطة الاستبداد المقيت الذي يقود إلى ظلامية وضمور الشعور بالمسؤولية .

الانتخابات العامة

مادة الشرعية وميزانها والبرلمانية ثمرتها في مواجهة الاستبداد

2ـ3


قد يعترض غير المسلم ويقول هذا شأن وهمّ ينتظم فقط أهل الملة . أنا أريد حقي في هذا الشأن . لا أريد أن أطمئنه على حقه في دولة تحكمها غالبية مسلمة فحسب بل أريد أن أحرضه ليطالب بحقه ، سأقف معه كمسلم ليس متعاطفاً فحسب بل ومدافعاً عما أعتقد أن من صلب ما أمن به ، وبحجج وآليات أكثر صدقاً وحصافة مما تعتمده المنظمات الغربية التي تدافع عن حقوق الأقليات في الدول الديمقراطية . إن دولة تحكم بأغلبية مسلمة ملزمة بتطبيق ما تعتقد أنه من الثوابت ، وفي هذه الحالة عليها أن تأخذ بمبدأ العدل حصراً وليس انطلاقاً من حيادية الدولة وحماية الأقليات المعمول به في الدول العلمانية التي لا تغني عن الحق شيئاً . مبدأ العدل يرسم : أن يعطى كل ذي حق حقه ( يا أيها الذَّين أمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنَّكم شنئان قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى واتَّقوا الله ، إنَّ الله خبير بما تعملون ). على غير المسلم أن يرفع صوته ويقول للسلطة التي تقودها أغلبية مسلمة إني أطالب بحق المواطنة في هذه الدولة وبكل مفردات المواطنة استناداً إلى وثيقة المدينة التي خطها رسولكم عندما دخل المدينة مهاجراً ، وإلا فأنتم قوم تقولون ما لا تفعلون . يستطيع المسيحي العربي أن يضيف إلى كل هذا ، إذا شاء ، أنه ابن هذا البلد كابر عن كابر ، وأجداده حملوا المسيحية السمحة إلى عقر بلاد الفرنجة فأسهموا في إيجاد قيم مشتركة بين أهل الملة والآخر ، أقلها الوصايا العشرة . أما أهل الفرق والنحل من أهل الملة فلم يعد هناك مبرر للتعصب لمقالة أو لرجل أوجدتها قراءة فلسفية باطنية في ظروف قهر واستبداد فنحن في عصر أنعم الله به بوسائل للبحث والمعرفة تجعلنا نأخذ المعلومة من أصولها وتغنينا عن مقالة شيخ خرف أو زنديق لعوب . لقد بدد الخوف المضفي إلى التقوقع وافتضح سراة الفرق والنحل على رؤوس الأشهاد على أنهم قوم جعلوا ( الأنا ) تستبح الإنسان وتجعل منه كالأنعام أو أضل سبيلاً ، ومع هذا كله لا يمكن حسم الجدل في هذا الموضوع نظرياً فلا بد من الممارسة والمضارعة ليتبن أي الفريقين ( الأغلبية أم الأقلية ) أصدق قولاً وأحسن عملاً . لقد وصلت إلى يقين أن الحياة الاجتماعية في ادغال افريقيا والأمازون في القرن التاسع عشر وحياة البداوة والقبلية قبل الإسلام أكثر إنسانية ورحمة بالإنسان من العيش تحت كابوس الاستبداد والطغيان . أما معالم الحياة التي يبشر بها أهل العولمة في الهمجية ، يكون المستجير بها كالمستجير من الرمضاء بالنار . العودة إلى البرلمانية هي عود على بدء ، ووضع الحصان أمام العربة ، وقد يكون الزخم الذي ستفرزه ممارسة البرلمانية في العالم العربي الإسلامي أعظم شأناً من الزخم الذي عرفته أوربا في القرن الثامن عشر ، لأن الإشكاليات التي واجهت الإنسان الغربي آنذاك هي إيجاد الآلة التي تطعم الناس وتأمنهم من خوف ، وقد حلت هذه المعضلة بالعلم والتكنولوجيا .
أما اليوم فالإشكاليات تنحصر بكسر طوق الاحتكار والهيمنة ، حيث يعتبر الاستبداد والطغيان سياجها الأول . إن أهم معينين للاستبداد والطغيان هو الأنانية الفردية والأنانية العصبية ، التي تصنع الوثنية والأساطير والخرافة والهلع والإرهاب والعداوة والبغضاء لتجعل منها واقع . حسي بصائري لا تخطئه أعين الدهماء ، بل تجعل الثقافة السائدة ثقافة الدهماء لا مكان للتدبر والتبصر فيها . عجيب أمر العالم الذي نعيشه . إنه يرى رأي العين ، وربما مرار في اليوم الواحد ، ما يبيت للعالم من جحيم وطغيان . في العراق وفلسطين ، بيوت تهدم وأطفال تقتل ، وأشجار تقلع ، ونساء ترمل ، وأسوار تشيد ، وكأن المغول بعثوا من أجداثهم ينسلون . يأمرون الناس فيطاعون ، ولقتلهم يستسلمون ، وعليهم بالبعث والحساب أن يكفرون . إن الاستبداد والطغيان هما مجموعة قلاع يشد بعضها بعض ، سواء على مستوى القطر الواحد أم على مستوى العالم بأسره ، ولا يمكن إسقاطها دفعة واحدة ، وقد شاهدنا ذلك في الاتحاد السوفيتي وفي كل الأنظمة الشمولية . من هنا لابد من إسقاط قلاع الاستبداد وثقافة الاستبداد خطوة خطوة مع عدم الدخول في مساومة مع ثقافة الاستبداد . إن تجربة الأمم في هذا المضمار غنية جداً وتحتاج منا معرفة ماهيتها وكنهها . إن عملية التخلص من الاستبداد في انكلترا بدأت من طرح إشكالية السلطة المطلقة في مقابل البرلمانية فأدى هذا الطرح إلى حرب أهلية استغلت فضائع الحرب الأهلية لتبرير شرعية السلطة المطلقة وتغول الدولة التى تفرض هيبة النظام بالقوة والقسوة والجبروت ، وبررت هذه الإجراءت لمنع عودة الفتنة والحرب الأهلية . وقد نظّر لهذه المقالة هوبز حيث رأى المجتمع عبارة عن قطيع من الذئاب كل يريد أن يفتك بالآخر ولفرض سلوك التعايش بين الذئاب لابد من الدولة والسلطة القوية . هذه الفلسفة ( الهبزية ) للدولة والمجتمع والسلطة هي عين سياسة الملك التوراتيه لبني إسرائيل ، وهي التي تقود معظم صناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية سواء في سياستهم الداخلية أو في سياستهم الخارجية . إن انتظار العون من أمريكا لإقامة نظام ديمقراطي تعددي هو من نوع إنتظار إبليس دخول جنة الخلد بدون حساب . البرلمانية في الولايات المتحدة الامريكية صورية وهزيلة وليس لها وظيفة البرلمانية في الدول الغربية . المؤسسات البرلمانية الأمريكية معلمة غير ملزمة وليس بمقدورها أن تقوم بحلقة الوصل بين السلطة التنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني ، ولذلك فتقويم سياسة السلطة التنفيذية رهن بنشاط وقوة مؤسسات المجتمع المدني أو تدخل السلطة القضائية . نيكسون لم يقال من قبل المؤسسات البرلمانية وإنما من قبل القضاء بعنى أنه ارتكب جرماً .

يتبع >








 


قديم 2008-11-06, 17:05   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

لم تستطع المؤسسات البرلمانية إيقاف حرب فيتنام ، وإنما التمرد الشعبي وضغط مؤسسات المجتمع المدني . أدلة كثيرة في التاريخ السياسي الأمريكي تعزز ما ذهبنا إليه . الشيء الإيجابي في النظام الأمريكي هو تداول السلطة القسري حيث يحرم على الرئيس التمديد لولاية ثالثة . لولا وجود هذه الآلية لكان رئيس الدولة اليوم كلينتون أو أي طويل عمر آخر . رأس الدولة في الولايات المتحدة ينتخب من قبل الشعب مباشرة وبنظام بمنتهى التخلف بمجرد حصول أحد المرشحين على بضع أصوات أزيد من المرشح الآخر في أحد الولايات يحصل على مجموع أصوات الناخبين للرئيس في هذه الولاية أي عملية إقصاء كاملة للرأي الآخر .

إن انتخاب رأس الدولة وبالتالي السلطة التنفيذية عبارة عن صناعة إعلامية ، حيث للمال والدهماء النصيب الأوفر في أسهم هذه الصناعة . الفقه السياسي الأوربي والإسلامي يرفض مثل هذه الصناعة وسنرى لاحقاً من خلال دراسة قانون الانتخابات الألماني الهوة العميقة التى تفصل بين البرلمانية الأوربية والألمانية بشكل خاص والمشهد الكريكاتوري للبرلمانية الأمريكية وعملية الاقتراع . أما ؛ لماذا يرفض الفقه السياسي الإسلامي صناعة الأكثرية على الطريقة الأمريكية ويقترب حتى يلامس الفقه السياسي الأوربي ؟ . لأن المنطلقات والمعاير في اختيار من يمثل الشعب تكاد تكون متطابقة ، الإضافة التي يقدمها الفقه السياسي الإسلامي هي أن الإسلام يقصد ويتوخى العدل وليس الحياد كما هو الحال في دولة الحداثة الغربية . المجتمع بالنسبة للفقيه المسلم عصبيات وقبائل وليس كم لا لون له ولا طعم ، ولهذا يسعى الفقيه المسلم إلى السمو بهذه العصبيات والقبائل وليس إلغاؤها أوتجاهلها . على كل حال سأشير في حينها إلى هذه الفروق بموضوعية .
سأحاول ، عند تبيان وشرح قانون الانتخابات في جمهورية ألمانيا الاتحادية ، أن أجعل أرض المسرح هو الجمهورية العربية السورية حيث الأماكن والأسماء مألوفة لتقريب المشهد الانتخابي إلى القارئ العربي .
نظام الانتخابات العامة :
هناك نظامان رئيسيان للانتخابات معمول بها في العالم لاختيار أعضاء المجلس النيابي ( البرلمان ) في أي دولة في العالم . الانتخابات بالأكثرية والانتخابات النسبية . نظام الانتخابات بالأكثرية يتطلب تقسيم المنطقة الانتخابية إلى دوائر انتخابية متساوية العدد ، على سبيل المثال محافظة ديرالزور التي يبلغ عدد سكانها مثلاً 1,5مليون نسمة ، وفق نظام الانتخابات بالأكثرية يجب أن تقسم المحافظة إلى 15 دائرة انتخابية ، اى بمعدل قدره 100 ألف نسمة لكل دائرة انتخابية يمثلها في المجلس النيابي نائب واحد . هذا التقسيم يجلب صعوبات عملية ويخلق حزازات وهرج ومرج يجعل تحقيق التقسيم العادل صعب المنال ، إن لم يكن مستحيلاً . ولنفرض أن التقسيم حصل بشكل " مرضي " عند ذلك يطرح السؤال التالي . ماهي الشروط التي يجب أن تتوفر بالمرشح ليعتبر فائزاً بالمقعد النيابي عن الدائرة التي يراد تمثيلها ؟ . هناك اجتهادان الأول مطبق في فرنسا Assemble’e Nationale حيث يتنافس المرشحون في الدائرة الانتخابية على المقعد . يعتبر أحد المرشحين فائزاً عند حصوله على أكثر من 50% من مجموع الأصوات المعتبرة بعد الاقتراع ، وفي حالة عدم فوز أحد المرشحين بهذه النسبة يعاد الانتخاب بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى الأصوات في الدورة الأولى ، ويعتبر فائزاً في المقعد الانتخابي من يحصل على أكثر الأصوات . هناك اعتراضان معتبران على هذه العملية الانتخابية . الأول يرى أن هذه العملية تقصي عملياً رأياً سياسياً لناخبين قد تصل نسبتهم إلى 49% من الحضور على ساحة صنع القرار . الثاني إن عملية إعادة الانتخابات في حالة عدم حصول أحد المرشحين في الجولة الأولى على نسبة51% تحمل في ثناياها مخاطر عديدة ، منها أن عملية الإعادة تعتبر عملية انتخابية جديدة بمعطيات جديدة وبتوجه جديد وتحالفات جديدة متأثرة إلى حد بعيد بنتائج الدورة الأولى . كما تسوف عملية الحسم الضرورية وتفسح المجال لأجواء الهرج والمرج التي تخلقها طبيعة العملية الانتخابية نفسها ، وهذا ما دعى المشرع الانكليزي إلى الأخذ بنظام الحسم النسبي في انتخاب البرلمان House of Commons ، حيث يعتبر فائزاً بمقعد الدائرة الانتخابية من حصل في الدورة الأولى على أكثر الأصوات مهما كان نسبتها إلى نسبة الأصوات المعتبرة . النموذج الفرنسي أو الانكليزي يقودان إلى شخصنة الاختيار ويحجمان من أهمية البرامج والمناهج السياسية كما يعطيان أهمية مفرطة للأعيان ونجوم المجتمع المسكونة ( بلأنا ) والنرجسية المفرطة . أخذ المشرع الألماني بنظام الانتخابات النسبي ، وذلك بعد أن وقف على مواطن الخطأ والصواب في كلا النظامين الفرنسي والانكليزي ، اللذان طبقا في المانيا قبل الحرب العالمية الثانية . الانتخابات النسبية لا تعني نسخ العملية الانتخابية نفسها وإنما تقيمها بطريقة حسابية مختلفة ، أي إن نتائج انتخابات الدوائر الانتخابية يعاد توزيعها على المنطقة الانتخابية بقضها وقضيضها ، فيصبح المركز الانتخابي ذا قيمة إدارية رمزية وتنتقل أهمية المركز الانتخابي إلى المنطقة الانتخابية وتستغني عن عملية التوزيع بالتساوي للمراكز الانتخابية التي لايمكن انجازها دون هرج ومرج وبشكل قسري . المشرع الألماني يجعل المنطقة الانتخابية أو الولاية بأسرها مركز انتخابي ويمثل المنطقة الانتخابية عدد من النواب بنسب عدد السكان . كما يرجح المشرع الألماني البرنامج أو المنهج على الشخص دون أن يلغي أهمية الشخص الذي ينأى بنفسه من الانخرط في أحد القوائم الانتخابية أو الاحزاب المتنافسة . لنبقى بمحافظة ديرالزور ونطبق عليها نظام الانتخابات النسبي المطبق في ألمانيا . افترضنا أن عدد سكان المحافظة 1,5 مليون نسمة ونصابها من المجلس النيابي 15 نائب . يقدم للناخب ورقة الاقتراع وضرف توضع فيه الورقة بعد الاقتراع . تختم الورقة الانتخابية بخاتم اللجنة الانتخابية بعد التأكد من ورود أسم الناخب على قائمة من يحق لهم الانتخاب وتتستلم اللجنة الانتخابية البطاقة الانتخابية التي أرسلت إلى الناخب وتحتفظ اللجنة بها . في حالة عدم وصول البطاقة الانتخابية أو فقدانها يمكن للناخب أن ينتخب بدون البطاقة الانتخابية بشرط أن يقدم ما يثبت هويته الشخصية ، مثل الهوية الشخصية أو جواز سفره ومطابقة ذلك مع القائمة الانتخابية ، ولكي لا يسمح للناخب أن يدلي أكثر من مرة بصوته . يحدد لكل ناخب مركز انتخابي معين يدلي بصوته فيه ، لستبعاد أن ينتخب مرة ببطاقته الانتخابية ومرة أو مرات ببطاقته الشخصية . يستعمل في بعض الدول حبر خاص يوضع على الابهام الأيمن بعد أن يدلي الناخب بصوته ، كما في الهند ، للوصول إلى نفس الغرض ، أي عدم تكرار عملية الاقتراع أكثر من مرة . في ألمانيا يعطى الناخب الذي فقد بطاقته الانتخابية أو لم تصل إليه قبل موعد الانتخابات بطاقة بديلة تضم إلى بطاقات المقترعين بعد الاقراع . الغاية من هذه العملية هو التأكد من أن عدد أوراق الاقتراع أو الضروف متطابق مع عدد البطاقات الانتخابية . قبل عملية فرز الاصوت التي تجري علنية ، أي يحق لكل مواطن أن يراقب عملية المطابق والفرز عياناً . عملية المطابقة مضاعفة . التأكد أن عدد المقترعين وفق قائمة الناخبين مطابق لعدد البطاقات الانتخابية التي جمعت من المقترعين مضاف إليها البطاقات البديلة لمن فقد بطاقته الأصلية . يندر أن يكون هناك فارق يذكر لأن العملية الانتخابية تجري بهدوء واحترام ، ثم تفّرغ صناديق الانتخابات الاقتراع وتعد اللجنة أوراق الاقتراع أو الظروف التي تحتويها قبل فضها والتأكد من مطابقة عددها مع عدد الطاقات الانتخابية وعدد المقترعين حسب قائمة الناخبين ، فإذا حصل التطابق تبدأ عملية الفرز العلني وبدقة متناهية . عملية الفرز وفق النظام الألماني أسهل وأسرع من النظم الأخرى حيث يمكن معرف التوجه العام بعد ربع ساعة من بدء عملية الفرز ، حسب قوانين رياضية إحصائية معروفة عند أهل الاختصاص ، حيث تأخذ عينات معبرة عن الوسط الانتخابي . أن الورقة الانتخابية نفسها تسهل على المقترع الانتخاب ،وعلى اللجنة الانتخابية عملية الفرز . ورقة الانتخاب مقسومة طولياً إلى قسمين . الجانب الأيمن يضم أسماء المرشحين فردياً أو أسم رئيس القائمة الانتخابية ونائبه أو رئيس القائمة الحزبية ونائبه مضافاً إليهما أسم الحزب اللذان ينتميان إليه . القائمة ، التي استوفت الشوط القانونية ، تتمتع بنفس الميزات التى تعطى للأحزاب المعتمده قانونياً ( تحصل القائمة على نفس شروط الأحزاب الرسمية عندما يتقدم القائمين عليها بعدد معين من التواقيع ، 2000 توقيع ، إلى الجهات المختصة أو القضائية المختصة لخوض المعركة الانتخابية ) . الشق الأيسر من الورقة الانتخابية يضم أسماء الاحزاب أو القوائم الانتخابية مقابل وعلى نفس النسق لمرشح الحزب أو القائمة الانتخابية . يتمتع الناخب بصوتين انتخابيين الأول يعطى للمرشح مباشرة أي في الشق الأيمن من الورقة الانتخابية والثاني يعطى للحزب أو القائمة الانتخابية . قد يعطي الناخب صوته الأول إلى أحد المرشحين الأفراد ويعطي الصوت الثاني إلى أحد الأحزاب أو القوائم الانتخابية أو يعطي صوته الأول للمرشحين المباشرين لأحد الاحزاب أو القوائم الانتخابية والصوت الثاني لحزب آخر أو قائمة أخرى . لا قيمة للصوت الثاني لمرشح يتقدم للانتخابات كفرد ، لأن نجاحه يتوقف على عدد الأصوات التي يحصل عليها من الصوت الأول ، فإذا حصل على أصوات تجعله في عداد النواب الفائزين عن المنطقة الانتخابية فالصوت الثاني لا قيمة له ، في المثال التوضيحي الذي ضربناه 15 حيث افترضنا أن عدد النواب المخصص لمحافظة دير الزور هو 15 . ليكي يسمح لفرد أن يتقدم للانتخابات العامة كفرد يجب ، كما في القائمة الانتخابية ، أن يحصل على 2000 توقيع من مواطنين يحق لهم الانتخاب تقدم إلى اللجنة المختصة لاعتمادها ، وكانه قائمة انتخابية بعنصر واحد . يسعى المشرع الألماني لتخفيف قيود الترشح ليراعي حق المساواة من جهة وإشباع النزعات الفردية من جهة أخري . في حالة حصول مرشح فرد على أصوات كافية لنجاح أكثر من مرشح فالأصوات الفائضة عن حاجته تعتبر لاغية أو عديمة الفائدة لأن التوزيع النسبي يجعلها من نصيب الآخرين . الترشيح الفردي حالة نادرة ولكن حالة محتملة . ربما في البلاد العربية أكثر احتمالاً لتجذر الأنانية . تقوم اللجنة الانتخابية بفرز الاصوات وتعطي كل ذي حق حقه ، فالمرشحين المباشرين في الشق الأيمن يأخذون نصيبهم من الصوت الأول وتأخذ الأحزاب والقوائم الانتخابية نصيبها من الصوت الثاني . توزيع المقاعد على الأحزاب والقوائم والأفراد يتم حسب قانون رياضي يحمل أسم عالم الرياضيات البلجيكي الأصل دي هونش D honch . السؤال : ماهو القصد من الصوت الثاني ؟ الصوت الثاني هو الذي يحدد نسبة الفوز وبالتالي عدد النوب الذين سيمثلون الحزب أو القائمة في المجلس النيابي . أي الأكثر حسماً في تحديد الطيف البرلماني أو النيابي ، كما يساعد على تكتيل القوة الانتخابية للأحزاب الصغيرة بل يساعدة الاحزاب الصغيرة في اجتياز العقبة القانونية 5% بقصد التحالف معها لتكوين أغلبية برلمانية ، وهذا يتطلب وعي بأهمية التحالفات في العمل السياسي ، ليس عند الطبقة السياسية وقادة الاحزاب فحسب ، وإنما أيضاً عند الناخب . لنفرض أن الحزب ( آ ) حصل على 51% من الصوت الأول فحصل على ثمانية مقاعد مباشرة ، بينا فاز 57% من الصوت الثاني مما يخوله الحصول على مقعد إضافي ، أي تسع مقاعد بدلاً من ثمانية ، ينتزع المقعد التاسع من المرشحين الأخرين لصالح الحزب الذي حصل على نسبة 57% من الصوت الثاني . قد يحدث العكس أي نسبة الصوت الأول تسمح للحزب بالحصول على تسع مقاعد بينما الصوت الثاني لا يعطي الحزب أكثر من ثمانية مقاعد والاحزاب المنافسة حصلت بقوة الصوت الثاني على بقية المقاعد المخصصات للمنطقة أي 7 ، في مثالنا عن محافظة ديرالزور 15 ، عند ذالك يعطى للحزب حقه كما حددته نسبة الصوت الأول دون أن ينتزع من الاحزاب المنافسة ذلك المقعد . أي يضاف إلى نصاب المنطقة الانتخابية مقعد آخر ويصبح 15 + 1 هذه الإضافة لها مايبررها من العقل والمنطق والزخم الانتخابي . العقبة القانونية أو الحاجز القانوني الذي يلغي الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب دون الحاجز القانوني 5% ( في تركيا 10% ) هو من المواضيع الجدلية في الأوساط السياسية والقانونية ولكل الفرقاء حجته المعتبرة . المدافعون عن الحاجز القانوني مع التمسك بنظام الانتخابات النسبي يرون أن الانتخابات النسبية تسمح بالتعددية السياسية إلى درجة قد يتعذر فيها تشكيل أغلبية برلمانية تضطلع بمهام السلطة . كما تلزم الاحزاب ، صغيرة أوكبيرة ، أن تخفيف من عنجهيتها الأيديولوجية وعنفوان برامجها السياسية لتلتقي مع الأحزاب الأخرى من أجل تكوين أغلبية برلمانية تضطلع بمهام السلطة . ولكي لا تبتز الأحزاب الصغيرة وأصحاب الخصوصيات وأهل النحل والفرق الأحزاب الكبيرة وتفرض أولوياتها دونما حق ، يصبح الحاجز القانوني إجراء مقبول تمليه ضرورة الحسم ومنع الهرج والمرج الذي يفقد السلطة هيبتها ووقارها لإنفاذ الأمر . أي تحجيم تمليه ضرورة الحسم للتعددية سياسية متحررة ، ومع هذا يبقي نظام الانتخابات النسبي أرحب صدراً بالتعددية السياسية من نظام للتعددية سياسية متحررة ، ومع هذا يبقي نظام الانتخابات النسبي أرحب صدراً بالتعددية السياسية من نظام الانتخابات بالأكثرية المعمول به في فرنسا أو بريطانيا ، كما أن النظام الفرنسي الرئاسي يحجم البرلمانية أصلاً ، حيث ينتخب رئيس الجمهورية مباشرة من قبل الشعب وبصلاحيات دستورية واسعة انتزعت من المجلس النيابي والوزارة لصالح الرئاسة هذا بالإضافة إلى أن نظام الانتخابات بالأكثرية يقصي رأي أو طيفأً سياسياً ، ولو مؤقتاً ،عن التواجد على ساحة صنع القرار ولو بالرأي والمشورة . لهذا يعتبر الحقوقيون أن الانتخابات النسبية أشد رحابة بالتعددية من نظام الأكثرية حتى في انكلترا ، غير الرئاسي ، لأنه النظام الإنكليزي يحابي الأكثرية والشخصيات السياسية التقليدية بشكل مفرط . السؤال الآخر هو : ماهو الارتفاع المعقول والمقبول للحاجز القانوني ، 3% كما في بعض الدول الاسكندنافية ، 5% كما في ألمانيا ، 10% كما في تركيا ؟ من المسلم به أن تحجيم التعددية يتناسب طرداً مع ارتفاع الحاجز القانوني ، كما قد يصيب الفكر السياسي والتجديد والمبادهة في الصميم ، وقد يعوق بفاعلية نشوء أحزاب وبرامج وإطروحات سياسية جديدة . لهذا يسعى المشرع الألماني إلى التخفيف من وطأة هذا الحاجز والالتفاف عليه بإجراءات معقوله منها السماح للأحزاب الصغيرة التي لم تستطيع بالصوت الثاني تجاوز حاجز 5% ولكنها حصلت على ثلاث مقاعد نيابية مباشره من الصوت الأول عند ذلك يسمح للحزب أن يمثل بكافة النواب التي توجبها نسبة الصوت الثاني . لنفرض أن حزب ما حصل على نسبة 4,2% من الصوت الثاني وتمكن ثلاثة من مرشحي الحزب الحصول على ثلاث مقاعد مباشرة من الصوت الأول ؛ عند ذلك تترجم هذه النسبة إلى عدد من النواب ، في المثل الألماني حوالي 24 نائب ، من بينهم 3 مقاعد مباشرة فيكون بذلك عدد نواب الحزب 24 نائباً بدلاً من ثلاثة فقط . في دولة كسورية أرى أن الحاجز القانوني يجب أن لا يتجاوز 3% مع الأخذ بالإجراء المكمل الذي شرحته أنفاً .

الانتخابات العامة

مادة الشرعية وميزانها والبرلمانية ثمرتها في مواجهة الاستبداد

3ـ3


نحن نفاضل بين نظم ديمقراطية حيث التعددية أحد مسلماتها الأساسية ولا يوجد مجال للمقارنة بينها وبين النظم الشمولية التي تحرم التعددية أصلاً وتعاقب كل مظاهر التعبير عنها بأشد العقوبات ، والأكثر غرابة وسفاهة أن الأحزاب التي تعاني من فقدان الحرية بكل مفرداتها ، والتعددية السياسية بأبسط أشكلالها تضم صوتها إلى صوت الاستبداد وتنادي بمنع الأحزاب ذات المرجعية الدينية . إن المرجعية الدينية ضرورة وطنية وحضارية كما هي واجب ديني . المنظومة القيمية هي صمام الأمان أمام الاحتقان الغريزي الذي تعاني منه الحضارة الغربية ذات المرجعية الدهرية أو الدنيوية . على سبيل المثال لا الحصر . كل الدساتير الأوربية تدعوا إلى حماية الأسرة وتتلقي المؤسسات الاجتماعية دعم مالياً محترماً ، ومع ذلك لم تستطيع كل الجهود المذولة لهذا الغرض أن توقف تفكك الأسرة ، تماماً كما توقع كارل ماركس وأنجلز . لقد أثبتت الاحصائيات الدقيقة أن 90% من الذين قادوا حركة التمرد الطلابية في ألمانيا هم شباب لم يعرفوا حياة الأسرة لأنهم عاشوا في كنف أمهاتهم دون آبائهم لأسباب عدة . غالبية أو قل 90% منهم يوثن العنف أو قد مارسه . يوجد الآن 3 ملاين طفل في ألمانيا لا يعرفون حياة الأسرة ويعيشون في كنف أمهاتهم ، نتيجة تفكك الأسرة وفقدان حس المسؤولية عند الرجال ، ولهذا يتوقع أهل الاختصاص تجدد ظاهرة العنف في المجتمعات الأوربية يكون العنف الذي تعرفه المنطقة العربية أهون الشرين . إن الفقه الإسلامي ثروة إنسانية يكون من السفه والغرور العلماني (الدنيوي ) غير المسؤول التفريط بها . إن فقهاً يوازن بحصافة عجيبة بين الحقوق والواجبات وبين العقل والفطرة وبين الجمال والعفة وبين الكرامة والمتعة حري أن يصان ويفعل ويكون له صوت في ساحة القرار ومحاريب التشريع المسؤول . إنها ليست دعوة سلفية محافظة بل دعوة مسؤولة لتجنيب الحرية من دعاوى الغريزة الهمجية . إن استبعاد مشاركة الأحزاب الدنيية من العملية السياسية تصب مباشرة في خانة العولمة الصهيونية والعلمنة الشمولية حيث يصبح أفراد المجتمع قطعان من الذئاب ينهش بعضه بعض . هذه الدعوة غير المسؤولة ستقود إلى الفتنة التي يسعي كل سياسي حصيف إلى عدم الوقوع في أتونها .
إن إقرار التعددية هو مجرد خطوة صغيرة على طريق الاعتراف بكامل الحقوق والواجبات التي توجبها التعددية نفسها. في الدول الديمقراطية الغربية تزدهر صناعة الحيل الديوانية (البروقراطية) وتتفتق كل يوم عن جديد من السفسطة والشعارات المضللة للتملص مما توجبه التعددية من حقوق وواجبات تنسجم مع قواعد العدل والكرامة والفطرة . الإندماج The Integration أو Multicultural Society التعدد الثقافي والحضاري ، مصطلحات لحجب الحقيقة والاستحقاقات . المراقب الحصيف يكاد يلمس عند الغالبية ، التي تعتبر نفسها المالك والوصي على الأرض والدولة والمجتمع ، خوف غريزي وغير عقلاني من أن تنال الأقليات حقوقها الطبيعية . هاجس البنية السكانية Demography يستحوذ على مشاعر رجال الدولة ومعظم الساسة ، ويدفع بهم لارتكاب حماقات وموبقات فظيعة ، كتغذية النعرات العنصرية سراً وعلانية "بالحجة" والوسيلة ، أو وضع العقبات ولإجراءت " القانونية " أمام الأقليات لكي لا تحصل على حقوقها المشرعة . النظم الشمولية تعمل العكس تماماً . تركز على الخصوصيات العرقية والطائفية لتبرر اغتصاب السلطة من قبل الأقلية . الشمولية هيمنة إرادة الأقلية على الأكثرية . إن نظم الانتخابات النسية هي الأقرب إلى إعطاء كل ذي حق حقه ، وتحقيق مفردات المواطنة بشكل مرضي .

الجدول التالي يبين بشك واضح عدم عدالة نظام الانتخابات بالأكثرية وعدم انسجام عدد المقاعد النيابية مع نسبة الأصوات :

الأحزاب . عدد المقاعد (651 ) عام 1992

العمال 41,9 % 321 مقعد - المحافظين 34,4% 272 مقعد - الأحرار 17,9% 26 مقعد- البقية 5,8% 32 مقعد

عدد المقاعد ( 659 ) عام 1997

العمال 43,1% 418 م - المحافظين 30,6 % 165م - الأحرار 16,7% 46 م - البقية 9,6% 30 م

المقاعد ( 659 ) عام (1 200 )

العمال 40% 412م - المحافظين31,7% 166م - الأحرار18,3% 52 م - البقية 9,3 % 29م

لو طبق على نتائج الانتخابات في عام 2001 النظام النسبي ( الألماني ) لحصل حزب العمال على 268 فقط مقعداً بدلاً من 412 ولحصل حزب المحافظين على 209 مقعداً بدلاً من 166 مقعداً ولحصل حزب الأحرار الديمقراطي على 121 مقعداً بدلاً من 52 مقعداً ولحصلت الأحزاب الصغيرة والأفراد ( البقية ) على 61 بدلاً من 29 مقعداً .
أعتقد بات واضحاً أن نظام الإنتخابات النسبية تقدم تمثيل أفضل وأعدل للطيف السياسي والتعددية السياسية . ربما هذه الخطوة العملية تسهم بشكل أفضل في حل الاحتقان والتشنج العرقي والطائفي في مجتمع متعدد الأعراق والطوائف وتضع الزعامات الطائفية والعرقية أمام المحك والامتحان الصعب في بناء الوحدة الوطنية بدل التجارة والمزاودات الفارغة .
هل للانتخابات النسبية عيوب ومثالب ؟ نعم : إن أول مأخذ على الانتخابات النسبية هو أن فوز أحد الأحزاب الكبرى بأغلبية مطلقة أمر عسير المنال ، حيث أن آلية الانتخاب البسيطة نسبياً وآلية توزيع المقاعد الحسابية تسهم بشك فعال في توزيع الأصوات الانتخابية على الطيف السياسي بشكل عادل نسبياً أو أكثر عدلاً من الانتخابات بالأكثرية على الأقل ، وهذا ما يجعل توليف الأغلبية مصحوب بمشقة وتنازلات معتبرة للأحزاب الصغيرة التي ترتضي الائتلاف مع الأحزاب الكبيرة للاضطلاع بمسؤولية الوزارة وانتخاب رئيس الدولة ، ورئيس المجلس النيابي ، وإقرار الميزانية العامة . التجربة الألمانية في عشرينات القرن الماضي ( جمهورية فايمرا ) حيث لم يكن هناك حاجز قانوني أمام الأحزاب الصغيرة جعل تشكيل الوزارة وانتخاب مستشار يقود السلطة التنفيذية صعب المنال وبالتالي أوجد فراغ سياسي أعطى زخماً سياسياً للأحزاب المتطرفة إيديولوجياً ( الشيوعيين والنازيين ) . لنأخذ نتائج الانتخابات التي أجريت في 20/5/1928 . كان عدد الأحزاب والقوائم الانتخابية وصل إلى 13 حزباً . عدد لا بأس به من هذه الأحزاب تمثل خصوصيات ونحل وفرق لا علاقة لها بالشأن العام ( هذه الظاهرة لا زالت قائمة إلى الآن ولكن حجم أثرها السلبي بالحاجز القانوني 5% ) في تلك الانتخابات حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي ، أقوى الأحزاب وأفضلها حظاً ، على 153 مقعداً من أصل 491 مقعد ، وحصل حزب الشعب للأمة الألمانية على 73 مقعداً ، وحصل حزب المركز على 62 مقعدأً ، وحصل الحزب الشيوعي على 54 مقعداً ، وحصل الحزب النازي على 12 مقعداً وحصلت الأحزاب الصغيرة وعددها 8 أحزاب على 137 مقعداً . هذه النتجة جعلت تشكيل وزارة ومستشار أمراً عسيراً لهذا جنح المشرع الألماني بعد الحرب الثانية إلى فرض الحاجز القانوني 5% لتفادي الأثار السلبية للانتخابات النسبية ، فحظيت المانيا باستقرار سياسي معتبر . أما في تركيا فالحاجز 10% وهذه عملية قسرية غير مبررة من الناحية الفقهية على الأقل . إسبانيا التي أخذت بالنظام الألماني بعد سقوط الدكتاتورية تتمتع باستقرار سياسي جيد وديمقراطية نشطة . المرة الوحيدة التي حصل حزب سياسي واحد على الأغلبية المطلقة في إلمانيا كان في عام 1957 حيث حصل الحزب المسيحي الديمقراطي مع رديفه الحزب الاشتراكي المسيحي في مقاطعة بافاريا الجنوبية على نسبة 50,2% فقط .
إذن بعد التغلب على العيب الأول بالحاجز القانوني 5% يبقي العيب الثاني ، وهو ضرورة المساومات السياسي مع الحزب أو الاحزاب المؤتلفة مع الحزب المكلف ، وهذا لعمري عين السياسة ، فوجود خصم حميم في مطبخ القرار يحجم الوعود الانتخابية غير الواقعية وينشط الحياة السياسية في الدورة القادمة ، على الأقل من الناحية النظرية . إلا أن نشاط الحياة السياسية ليس متوقفاً على سياسة الوزارة والسلطة التنفيذية ، فهناك العامل الاقتصادي والعامل الاجتماعي والعامل الفكري والثقافي .

يتبع >









قديم 2008-11-06, 17:05   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

حق الانتخاب أو الترشيح للانتخابات العامة وتقلد المناصب السياسية ( رئيس الجمهورية ، رئيس الوزراء ، الوزراء ...إلخ )

من حيث المبدأ كل من يملك حق المواطنة يملك حق الانتخاب وحق الترشيح . الاستثناء يحدده الدستور أو القانون .
فالدستور يحدد سن التكليف مثلاً 18 سنة وهو السن الذي يعتبر فيه المواطن أو المواطنة مسؤولان عن أعمالهما أمام القانون . يميل المشرع الغربي بشكل عام لتخفيض السن القانونية للناخب ورفع المسألة القانونية في الجنح والجنايات ، أما سن الخدمة الإلزامية في القوات المسلحة فالتوجه العام هو إلغاء الخدمة الإلزامية ، وما تخفيض مدة الخدمة إلا خطوة نحو إلغائها كلياً كما في الولايات المتحدة الأمريكية . الجدل القانوني لسن الانتخاب يتركز حول التوفيق بين سن المسؤولية القانونية جزائية كانت أم مدنية ، حيث تقتضي الحكمة رفعها أو الإبقاء عليها على الأقل . وخفض سن من يحق لهم الانتخاب ، ولولا أن سن التكليف وسن الانتخاب مادة دستورية ( المادة 38 الفقرة الثانية ) ، حيث تتجنب الطبقة السياسية عرفاً تعديل أي مادة دستورية ، لخفضت سن من يحق لهم الانتخابات إلى 16 سنة منذ سنوات . ومع ذلك تسعى بعض الولايات إلى مثل هذا التعديل في نطاق الانتخابات البلدية والمحلية . الفقه الإسلامي أكثر مرونة في هذه المسألة الذي لم يحدد سن معينة للأهلية القانونية وإنما ذكر سن البلوغ وهو مابين 15-16 للذكور وأقل من ذلك للإناث مما يعطي المشرع في هذه المسألة سعة ومرونة . ونحن نعالج هذه المسألة رأينا أن نربطها بمسألة هامة في العملية الانتخابية نفسها وهي المشاركة في الانتخابات فعلياً . في النظم الديمقراطية الغربية ثلاث إجراءات مختلفة ولكنها متفقة من حيث المبدأ الذي يعطي حق الانتخاب لكل مواطن One man one vote المعروف . إلا أن بعض الدول مثل بلجيكا تجعل هذا الحق واجباً أو فرضاً أي من له حق الانتخاب عليه واجب الانتخاب أيضاً ، وكل تقصير في أداء هذا الواجب يلزم المقصر بدفع غرامة مالية ، ولهذا جعل المشرع البلجيكي يوم الاقتراع العام عطلة رسمية في أحد أيام الدوام الرسمي في الاسبوع . المذهب الثاني وهو أن حق الانتخاب مجرد حق فردي يمارسه من يشاء ويعفو عنه من يشاء ولكن واجب الدولة أن تجعله ممكن ومتيسر للجميع ولهذا لم تجعل يوم الاقتراع عطلة رسمية ، ويقع عادة يوم الأحد ، إلا أنها اتخذت كل الإجراءات لجعله ممكن وميسر . من هذه التيسيرات مثلاً الاقتراع بالرسالة البريدية ، حيث يتلقى كل ناخب البطاقة الانتخابية قبل يوم الاقتراع بحوالى إسبوعين على الاقل وله الخيار أن يقترع بالرسالة البريدية إذا كان على سفر أو مريضاً أو آثر الراحة عن الذهاب إلى مركز الاقتراع في موعده ومكانه المحدد للإدلاء بصوته . لا يترتب على عدم المشاركين في الاقتراع أي غرامة مالية ، إلا ان السواد الأعظم يعتبر المشاركة من واجبات المواطنة ونسبة المشاركة قد تصل إلى أكثر من 90% وخاصة في الأحياء والمناطق المحافظة ، ومع هذا فإن نسبة أكثر من 20% مؤشر يدعو إلى القلق عند الطبقة السياسية ورجال الدولة والفكر . تفسر نسبة عدم المشاركة وأحياناً تؤول بتشاؤم وتشكك في جدوى الآلية الديمقراطية وإحاطتها بالرغبات الظاهرة والكامنة عند الواطن . عند الذين يوثنون السلطة لا يهمهم نسبة المشاركة صعوداً أو هبوطاً ، المهم عندهم أن يكون من عداد الناجحين في الاقتراع العام وكأن لسان حالهم يقول :



ظاهرة عدم المشاركة في الاقتراع والتأويل والجدل القائم حولها ، رغم التسهيلات المعتمدة ، جديرة بالاهتمام . ولكي نصل إلى شاطئ اليقين عند تأويل عدم المشاركة . لابد من آليات موضوعية للتفريق بين عدم المشاركة كسلاً وزهداً أم احتجاجا على المعروض من طيف سياسي لم يستوعب التعددية السياسية والاجتماعية والفكرية في المجتمع . لقد رأينا أن نأخذ بتوليفة بين آليات الانتخابات البلجيكية التي توجب الاقتراع وتعاقب المقصر فيه وآليات النظام الألماني الذي يجعل عملية الاقتراع مجرد حق يمارسه من يشاء ويعفو عنه من يشاء . وراينا أن حق الانتخاب متاح لكل مواطن ومواطنة بلغا السادسة عشر ؛ ولكن يصبح هذا الحق واجباً بعد بلوغ الحادي والعشرين من العمر ، ويعود هذا الواجب ليصبح مجرد حق لمن بلغ الخامسة والستون من العمر وهو عادة سن التقاعد عن العمل . يعاقب كل من يقصر في أداء واجبه الانتخابي بغرامة مالية وهم فقط بين ( 21-65 ) سنة . أما الشباب اليافع والشيوخ فلا يتوجب عليهم الغرامة عند التقصير أو الامتناع . لا يعني واجب الانتخاب لزوم التصويت لأحد المرشحين أو الاحزاب لأن الانتخابات سرية . بهذا نكون قد حسما الجدل حول السن القانونية لمن يحق لهم الانتخاب وأعطينا تفسير أدق للأصوات المعترضة على الطيف السياسي المعروض والتوجه السياسي العام . هذا المشروع القانوني يقدم آلية للحسم ويجنبنا مغبة إعادة العملية الانتخابية لعدم توفر النصاب 51% التي تشترطها معظم القوانين الانتخابية في العالم . النموذج الثالث وهو المعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى ممن أخذ بهذا النموذج المتخلف ومنها مصر . وهو ليس موضع إجماع عند فقهاء القانون ، لتعديه على شرط سرية الاقتراع . النموذج الأمريكي يشترط على الناخب أن يسجل اسمه في الدوائر المختصة قبيل الاقتراع بمدة محددة ، معلناً رغبته في المشاركة في الانتخابات العامة ليحصل بعدها على البطاقة الانتخابية التي بموجبها يحق له الإدلاء بصوته . هذه العملية بحد ذاتها تفسر نسبة التدني في المشاركة الانتخابية التي لا تزيد على 50% إلا قليلاً في الولايات المتحدة وفي الانتخابات المصرية الأخيرة لم تصل في أحسن تقدير إلى 18% . وقد يحجم الكثير عن ممارسة حقهم في الاقتراع ، وخاصة في الدول المستبدة مثل مصر ، حتى لا يعرض نفسه للمسائلة الحقيقة أو الموهومة . ولعله يفسر سماح الحكومة المصرية للأخوان المسلمين بالانتخابات العامة ، رغم العداوة الشديدة ، لمعرفة سرعة تنامي التيار الإسلامي ورصده . سرية الاقتراع لا تعني فقط الدخول إلى حجرة معزولة والإدلاء بصوتك بعيداً عن الأنظار وإنما أيضاً استبعاد كل الآليات التي تمكن الدولة من تحديد ولو بشكل تقربي الشريحة النشطة في صناعة القرار السياسي أو حصرها في شريحة معينة . لأن مبدأ السرية نشأ اصلاً من عداء مبرر لتدخل الدولة .

نعود إلى السؤال

من يحق له الانتخاب لنستوفي على وجه التقرب مسؤولية الإجابة عليه ؟ القوانين الوضعية والشرعية على حد سواء تحجر على بعض المواطن ممارسة هذا الحق . والقانون الوضعي يجرد المواطنين الذين ارتكبوا جرائم تصل عقوبتها إلى خمس سنوات سجن أو أدينوا بجرائم تخل بشرف المواطنة ؛ يحددها القضاء عند صدور الحكم على المتهم نوع العقوبة وما يترتب على هذا الحكم من حجر دائم أو مؤقت للحقوق المدنية أو حق المشاركة في الانتخابات العامة . كما يجرد كل مواطن من هذا الحق عندما يكون في وضع مرضي يجعل منه تابعاً لغيره في كل شؤونه ، وتحديد هذه الحالة شأن قضائي . إن الفقه الإسلامي ينظر لعملية الانتخاب أو الاقتراع على أنها نوع من الشهادة التي لا يجوز كتمها ، ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده . آيات وأحاديث كثير تؤكد أهمية الشهادة . ولكن الاقترع نوع من الشهادة يفضي بها الإنسان عن قناعته وما أفتى به قلبه فوجوبها على المسلم واضح الدلالة ولكن لما كان عدم الإفضاء بها لا يترتب عليه ضرر حسي بالغير ، لهذا يجور فرض وجوبه من صاحب الولاية ( الأمة ) كما يجوز جعلها مرسلة وهذا شأن الأمة أو من ينوب عنها . إلا أن الفقه الإسلامي يحجر على البعض ممارسة هذا الحق مثله مثل الفقه الوضعي ولكن بتحديد أدق ، إن قذف المحصنات ويلحق بها جريمة شهادة الزور من موجبات الحجر على الحقوق المدنية ، وكذلك رفع التكليف عمن يرفع عنهم التكليف . يحدد القضاء هذه الأمور عياناً . الفقه الإسلامي من حيث المبدأ لا يحجر بالمطلق على من حكم بجناية أو جنحة ونال جزأه العادل علي ذنبه ، إلا إذا كان الذنب من نوع القذف أو شهادة الزور ، ولو كان قاتلاً وعفى ولي الأمر عن حقه . وهذا يعود إلى قناعة القاضي بأهلية الرجل للشهادة ، ولا يوجد حد معين للعقوبة تمنع المحكوم عليه بشكل آلي من حق الانتخاب .
بعد هذا التفصيل لمسائل فرعية علينا أن نقدم بوضوح المبادئ الأساسية لحق الانتخاب التي لا تستقيم العملية الانتخابية بدونها كما لا يجوز المساومة بها وهي من المواد الدستورية ذات الصلة بحقوق الإنسان . هذه المبادئ عمومية ومطلقة ولا توجب أى نظام معين للانتخابات ، نسبة كانت أو انتخاب بالأكثرية المطلقة . هذه المبادئ مشتركة في كل دساتير الدول الديمقراطية المنسجمة مع وثيقة حقوق الإنسان ومستوحاة منها . المادة 38 الفقرة الأولى من الدستور الألماني تحدد بإيجاز وسهولة وامتناع القواعد الأساسية لحق الانتخاب : انتخاب المجلس النيابي يجب أن يكون عاماً ، مباشراً ، حراً ، سواسية ، وسري . المجلس النيابي يسن القوانين التى تنظم الانتخابات مستنداً على تاريخ وارتقاء الدستور نفسه .

المبدأ الأول

- الانتخابات عامة

، وهذا يعني للمواطن حق الانتخاب بغض النظر عن أصوله العرقية أو اعتقاداته الدينية أو هويته الجنسية ( ذكر أم أنثى ) أو انتمائه السياسي . يجب استبعاد كل أنواع الحط أو السخرية أو الازدراء التي تمس الكرامة الإنسانية . لقد ذكرنا آنفاً الشروط القانونية التي تسقط هذا الحق . إن سورية كانت على مدار التاريخ مستودعاً بشرياً ومصدراً من مصادر الهجرة ولهذا يجب أن يحدد القانون من يحق له الانتخاب من المهاجرين والمقيمين في الخارج بشكل طوعي كمواطنين لدول غير عربية أخرى . من المسلم به أن المواطنين الذين أكرهوا على الفرار بدينهم أو أصولهم العرقية أو انتمأتهم السياسية هم مواطنون يتمتعون بحق الانتخاب والترشيح للانتخابات العامة . أما الذين قطعوا طوعاً صلتهم بالوطن مادياً ومعنوياً فهذا شأن آخر يجب البحث به بحكمة ومسؤولية وموضوعية .

المبدأ الثاني

- الانتخابات مباشرة .

عرف فقهاء القانون الوضعي هذا المبدأ ، أن الانتخاب يجب أن يتم بدون وسيط بين الناخب والمرشح لمنصب ممارسة الوظيفة النيابية ( البرلمانية ) حيث يدخل الوسيط أو المندوب Delegate في صياغة إرادة الناخب مجدداً عبر دوره كوسيط في عملية الاختيار . لا زال كثير من المؤسسات الديمقراطية تأخذ بآلية الانتخابات غير المباشرة وخاصة في هيكلية منظمات المجتمع المدني ، الأحزاب والنقابات وكذلك في انتخاب المجالس الشورية في المؤسسات الاقتصادية وممثلي العاملين بها في المجالس الشورية . انتخاب الرئاسة في الولايات المتحدة الامريكية يتم هو الآخر بطريقة غير مباشرة وغريبة أشبه ما تكون بلعبة البوكر المحببة للأمريكان ، حيث هناك 51 ولاية ، صغيرة أو كبيرة ، عدد المندوبين لكل ولاية يتناسب طرداً مع عدد سكان الولاية . فولاية ( ك ) مثلاً التي يبلغ عدد سكانها 10 ملاين نسمة تمثل بألف مندوب في حين عدد مندوبي الولاية ( ل ) التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة 2000 مندوباً . المرشح للرئاسة أو الحزب الذي يحصل على أكثر الأصوات في الولاية يحصل على كافة مندوبي الولاية المعينين من قبل حزبه ، وتخرج بقية الأحزاب صفر اليدين من اللعبة . ونذكر كيف فاز جورج بوش الإبن بكافة أصوات المندوبين لولاية فلوريدا لمجرد حصوله على 576 صوتاً أكثر من المرشح الديمقراطي ولو كان عدد المندوبين متناسب طرداً مع عدد الأصوات التي يحصل عليها الحزب أو المرشح على مستوى الولاية أو مجموع الولايات لتحقق إلى حد ما مبدأ سيادة الأكثرية الذي يعتبر من فقرات العمود الفقري في العملية الديمقراطية . وهناك اعتراض معتبر آخر على الانتخابات غير المباشرة ، وهو مدى التزام المندوبين بإرادة الناخب ، فالمندوب غير ملزم وفق المفهوم التمثيلي أو البرلماني أن يعكس رغبة ناخبيه ، أو أن يكون مجرد حامل رسالة أو ساعي بريد ، وإنما لديه فسحت للموازنة بين ما يعتقد أنه صواب وينسجم مع قناعته الوجدانية ورغبة ناخبيه الذين ستعود إليهم سيادة القرار بعد انتهاء الدورة البرلمانية .
وقد يكون البعض مطاع عند قومه في السراء والضراء ، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أحد سراة القوم : ( إنه الأحمق المطاع ) . النظام البرلماني في هذه المسألة وكذلك النظام الإسلامي يفسحان المجال للطبقة السياسة هامش معتبر للموازنة بين الضرورة ، حسية كانت أم عقلانية ، والرغبة الجماهيرية . الاجتماع الإنساني ليس كم تراكمي أو محصلة حسابية لمجموع أفراده . فالأنسنة في ماهيتها وكنها علاقة جدلية بين النوع والكم ، إن تواجد الملكة والموهبة ثم المعانات مع التحصيل والجهد في رعاية وتفعيل هذه الملكة أو الموهبة ، من خصوصيات الفرد التي ليس بالضرورة حسية . أما الحاجة التي تفرزها المجتمعات فهي حسية في الغالب . إن عالم السياسة ، غير خاضع للمساواة الصورية فقط ، يجعل مبدأ التمثيل ضرورة . فوق كل هذا وذاك أن كل مخلوق ميسر لما خلق له ، فالشأن العام أو الشأن السياسي قد يستحوذ على معظم اهتمامات إنسان ما ، بينما يعتبر مجرد الخوض فيه عند البعض الآخر مثيراً للتثاؤب والملل . هذه الحقيقة أو البديهية جعلت المشرع الوضي يرجح المنطلق التمثلي Representative على التمثيل الملزم Imperative Mandate كذالك الاقتراع المباشر على المسألة المطروحة حالة استثنائية لضرورة استثنائية ، ومع ذلك بقي رعيل من أتباع الاستقلالية والفردية والمباشرة السياسية Anarchy أو Anarchism والتي أطلق عليهم لمزاً وغمزاً " الفوضوية " يرفضون مبداء التمثيل ويدافعون عن مبدأ العمل المباشر. لو حملنا على محمل الجد الخنفشارية القذافيية ، والتي أطلق عليها المؤتمرات الشعبية ، كنوع من أنواع الديمقراطية المباشرة ، فهي في أحسن الحالات الصورة الكاريكاتورية لهذا النوع من التمثيل .
عرفت سورية الانتخابات غير المباشرة في أيام الوحدة عند انتخاب الاتحاد القومي . الاتحاد القومي لم يكن سلطة تشريعية وإنما حزب أو تجمع وحيد لا يعرف التعددية ، وعن هذا الحزب الوحيد أو التجمع الوحيد ينبثق مجلس الأمة . لم تكن التعددية السياسية مسموح بها ، ومع ذلك فقد برزت التعددة السياسية ، سوأً في المؤتمر العام أم في اللجنة التنفيذية للاتحاد القومي ، من خلال انتخاب أشخاص عرفوا بانتمأتهم الحزبية السابقة مع بعض التكتم المفرض على الجميع . فقد حصل الإخوان المسلمون عل 42% من مجموع الأصوات بينا لم يحصل حزب البعث واليسار عل أكثر من 16% وحصل الأعيان والمستقلون على بقية الأصوات . إلا أن تمثيل الإخوان في اللجنة التنفيذية ، حيث تدخلت الأجهزة الأمنية ( المباحث ) ، كان أقل من 8%
من بين كل النماذج التي طرحناها أرى : أن انتخاب السلطة التشريعية ، التي تمثل ولاية الأمة وتعبر عن إرادتها ينبغي أن يكون عن طريق الانتخابات المباشرة والنسبية ، وربما هو النموذج الأقرب إلى مدلول الآية الكريمة " وأمرهم شورى بينهم " كما أن ممارسات الرسول (ص) الفعلية لهذا المبدأ تؤكد صحة ما ذهبنا إليه . لقد نأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنفسه ، في الشأن العام ( الأمر ) أو السياسة العامة ، أن يتوجه مباشرة الى جمهرة القبائل واكتفى بسراة القوم أولاً ، حتى إذا حصل القبول من السراة توجه إلى إلى سواد القوم . هكذا كان شأنه (صلى الله عليه وسلم) في عام الوفود ، بل وفي بيعة العقبة الأولى والثانية حيث طلب (صلى الله عليه وسلم) أن يتخذ القوم نقباء عنهم من النساء والرجال رغم صغر عدد القوم الذين جاءوا مبايعين .
__________________










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:29

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc