ممكن بحث عن التكتلات الاقتصادية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإقتصادية و علوم التسيير > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ممكن بحث عن التكتلات الاقتصادية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-10-13, 19:09   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
na.dodo
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي ممكن بحث عن التكتلات الاقتصادية

السلام عليكم من فضلكم بحث حول التكتلات الاقتصادية ويكون شامل و وبهوامش بارك الله فيكم









 


رد مع اقتباس
قديم 2017-10-14, 02:13   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
paloma.laila
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث الاقتصااد عن التكتلات الاقتصادية

الرقم التسلسلي الموضوع رقم الصفحة
1 الفهرس 1
2 المقدمة 2
3 تمهيد 2
4 مقومات التكامل الإقتصادي 3
5 أولا: واقع وآفاق ظاهرة التكتلات الإقتصادية . 4
6 ثانيا : تنامي التوجه الى التكتلات الاقتصادية وآفاق مستقبلية . 4
7 ثالثا : الاتحاد الافريقي الفرص والتحديات . 9
8 الخاتمه 13
9 النتائج 13
10 التوصيات 13
11 الهوامش 14
12 المصادر 16
المقدمة:
يعيش عالم اليوم متغيرات عديدة تستوجب من الدول النامية النظر مرة أخرى في مسارها التنموي، حيث أصبح من المستحيل أن تحقق دولة ما متطلباتها التنموية بجهد منفرد دون أن تلجأ إلى غيرها من الدول لتبادل وتقاسم المنافع المشتركة، كما أن هذه المتغيرات العالمية المتلاحقة لا تخلو من بعض المخاطر والمخاوف ولا تستطيع الدولة بمفردها تحمل تلك المخاطر، بل إن المخاطر تقل كلما كان التعاون هو السائد بين الدول. لذا نجد التوجه الدولي نحو الإقليمية يتزايد يوما بعد يوم، وأصبحت الدول الكبرى تلوذ بمحيطها الإقليمي وتوسعه. حيث نجد الولايات المتحدة تنشئ منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (النافتا)، وتدعو لإنشاء منطقة تجارة حرة للأمريكيتين، وتجعل من المحيط الباسيفيكي امتداداً إقليميا لها من أجل الدخول في تكتل مع بعض الدول الآسيوية وأستراليا. وفي أوروبا بعد تحقيق الحلم الأوروبي الكبير والعمل على ضم كل الدول الأوروبية-شرقية وغربية-بدأ الكلام عن "مبادرة العمالقة" عبر الأطلسي بين الأوروبيين والأمريكيين. ولم يقتصر هذا التوجه المتزايد نحو الإقليمية على هاتين القارتين بل تعدى إلى آسيا وأخيرا إلى أفريقيا.
إن تنامي ظاهرة التكتلات الاقتصادية بهذا الشكل-إضافة إلى الوضع الصعب الذي تعيشه القارة الأفريقية-هو ما جعلنا نبحث في هذا الموضوع محاولين إبراز العلاقة بين تنامي هذه الظاهرة وقيام تكتلات إقليمية في العالم الثالث خاصة في قارة أفريقيا. وماهي فرص نجاح تكتل أفريقي في ظل هذه الظاهرة؟
ومن أجل ذلك تم تقسيم الموضوع إلى المحاور التالية:
تمهيد:يتناول نظرة شاملة عن التكامل من حيث المفهوم والمقومات والأساليب.
المحور الأول:وقد تناول واقع وآفاق ظاهرة التكتلات الاقتصادية.
المحور الثاني:وقد تناولنا فيه بعض التجارب التكاملية في العالم الثالث محاولين التعرض لأسباب فشلها.
المحور الثالث:وقد تناول الاتحاد الأفريقي الفرص والتحديات في عصر التكتلات الاقتصادية، وقد تناولنا الاتحاد من حيث النشأة والأهداف، ومن حيث المقومات الاقتصادية كمحفز داخلي على قيام هذا الاتحاد، ثم تنامي ظاهرة التكتلات والعولمة الاقتصادية– بشكل عام- كمؤثر خارجي يمثل التعامل معه تحديا وفرصة- في نفس الوقت-للاتحاد الأفريقي، ويتوقف مصير الاتحاد على مدى نجاحه في التعامل مع تلك المتغيرات بحكمة وذكاء.
تمهيد:
يعتبر التكامل الإقليمي بين الدول النامية جانباً-من جوانب عديدة-يدخل في استراتيجية التنمية، إذ يستحيل تحقيق تنمية مستقلة-في مواجهة نظام دولي يرفض هذا التوجه بإمكانية قطرية فردية. ومن هذا المنطلق استمدت فكرة التكامل شرعيتها ومبرراتها حتى غدت توجها عالميا لا يخص الدول النامية بقدر ما يخص الدول المتقدمة.
ولم يكن التكامل الاقتصادي مفهوما سهل التحديد فقد اختلف الكتاب الاقتصاديون على تحديد مفهوم متفق عليه بخصوصه، ودون أن ندخل في جدلية تحديد مفهومه نأخذ أحد تلك التعاريف، والذي يرى أن مصطلح التكامل يعني "قيام مجموعة من المفردات بالتجمع في كيان واحداً"(1) وينطوي هذا التعريف على ستة أبعاد يمكن تلخيصها فيما يلي:
* البعد الأول:يتعلق بطبيعة المفردات التي يجري التكامل بينها.
* البعد الثاني:ينصب على نوع النشاط الذي يجري التكامل بشأنه من بين أوجه نشاط هذه المفردات.
* البعد الثالث:يرتبط بما سبق وهو إمكانية تعدد صيغ التكامل مع اختلاف المفردات ونشاطاتها.
* البعد الرابع:أن هذا التوجه يتخذ صفة الديمومة، وهو ما يميزه عن ترتيبات مؤقتة تنتهي في أجل محدود.
* البعد الخامس:هو أن التكامل يتحقق بتراضي الأطراف المعنية، وبالتالي فهو لا يشمل حالات الضم بالقوة .
* البعد السادس:هو أنه لابد من شعور المفردات بجدوي التكامل في تحقيق غاياتها بشكل أفضل من ذلك الذي توفره الأسس البديلة لتنظيم العلاقات فيما بينها.
ولعل كل ماسبق يقودنا إلى القول إن التكامل الاقتصادي هو عملية سياسية واقتصادية مستمرة باتجاه إقامة علاقات اندماجية متكافئة لخلق مصالح اقتصادية متبادلة وتحقيق عوائد مشتركة مناسبة من خلال الاستغلال المشترك لإمكانيات وموارد الأطراف المساهمة بغية خلق مزيد من التداخل بين الهياكلها الاقتصادية لصالح تعزيز تنميتها-محليا إقليميا-وبلوغ درجة من الاندماج فيما بينها تصل في صورتها المثلي إلى الوحدة الاقتصادية وتكوين كيان اقتصادي واحد يسعى إلى أهداف اقتصادية معينة.
إن التكامل ليس مجرد ظاهرة اقتصادية عرفها الاقتصاد الدولي بقدر ما هو توجه أصيل ودائم تسعى إليه دول العالم باختلاف مراحل تطورها وحجم مواردها وتباين دوافعها. وتهدف التكتلات الاقتصادية إلى أهداف عديدة-ليست بالضرورة كلها اقتصادية-بل قد تكون سياسية واجتماعية وعسكرية. ويمكن أن نوجز أهم تلك الأهداف في(2):
1. الحصول على مزايا الإنتاج الكبير.
2.تيسير الاستفادة من مهارات الفنيين والأيدي العاملة بصورة أفضل على نطاق واسع.
3. تسهيل عملية التنمية الاقتصادية.
4. كما أن التكتل الاقتصادي يؤدي إلى تنويع الإنتاج بطريقة اقتصادية
5. رفع مستوى رفاهية المواطنين.
6. التقليل من الاعتماد على الخارج.
مقومات التكامل الاقتصادي:
ينبغي أن يستند التكامل الاقتصادي إلى مقومات أساسية تعزز قيامه وتضمن له البقاء والاستمرارية. ومن هذه المقومات ماهو اقتصادي ومنها ما هو سياسي أو ثقافي، فمن الناحية السياسية ينبغي أن تكون الأنظمة السياسية متقاربة من حيث الفلسفة والتوجهات الاديولوجية، ذلك أن عدم التماثل بين الدول في طبيعة أنظمتها السياسية شكل أهم عائق في وجه معظم التجارب التكاملية في العالم في حين ساعد التماثل في الأنظمة السياسية لمعظم الدول-التي سعت إلى إقامة تكامل-في نجاح تكاملها. كما أن المقومات الثقافية تعتبر عاملا أساسيا ومهما بين الدول المتكاملة، ذلك أن اختلاف العادات والتقاليد والقيم والدوافع الاجتماعية يمكن أن يؤدى إلى إعاقة التكامل إلى حد بعيد.
أمام مقومات الاقتصادية المشار إليها التي تعتبر ضرورية لقيام أي تكامل ناجح فيمكن إيجازها في(3):
* توفر الموارد الطبيعية:
وهو عامل أساسي لنجاح التكامل، حيث إن عدم توفر الموارد الطبيعية بشكل كاف لدى بعض الدول قد يعتبر حافزا على دخولها في تكامل مع غيرها من الدول التي تتوفر على مثل تلك الموارد.
* توفر عناصر الإنتاج اللازمة للعملية الإنتاجية:
ويبرز هذا الجانب أهمية عنصر العمل الاختصاصي والفني الماهر لأهميته بالنسبة للعملية الإنتاجية وتحقيق الكفاءة فيها.
• توفر البنية الأساسية:
وقصد بها الطرق ووسائل النقل والاتصال...الخ إذ يبرز هذا المقوم كعنصر هام في نجاح أي تكامل اقتصادي.
أولا-واقع وآفاق ظاهرة التكتلات الاقتصادية:
1. ظروف نشأة التكتلات الاقتصادية:
لقد كان لإنتهاء الحرب الباردة في النصف الأول من التسعينيات وما رافقها من تحركات على الصعيد العالمي-تهدف إلى إعادة رسم خريطة العالم الاقتصادية والسياسية وصياغة نسق العلاقات الدولية في إطار ما يسمى بالنظام الدولي الجديد-أثر واضح على المستوى العالمي، وتختلف طبيعة هذا الأثر حسب ما إذا كانت الدولة نامية أم صناعية. ومن أهم تلك المتغيرات التي أثرت في العالم أجمع ما شهده العالم يوم الخامس عشرة من أبريل سنة 1994حيث تم التوقيع من طرف مائة وإحدى عشر دولة على اتفاقية "مراكش" لإنشاء منظمة التجارة العالمية إيذانا لوضع معالم التنظيم الدولي للتجارة وتدويل الحياة الاقتصادية أو ما يسمى بالعولمة التي إلى جانب وجهها الاقتصادي لها أوجه أخرى سياسية، وثقافية وحتى اجتماعية(5). وهذه العولمة-حسب رؤية بعض الكتاب-ليست إلا "مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية تتميز بالانتقال التدريجي من الاقتصاد الدولي-الذي تتكون خلاياه القاعدية من اقتصادات متمحورة على الذات ومتنافسة-إلى الاقتصاد العالمي القائم على أنظمة إنتاجية كونية...وإدارة اقتصادية شديدة للعلاقات الاقتصادية العالمية"(6).
ثانياً-تنامي التوجه إلى التكتلات الاقتصادية وآفاقه المستقبلية:
لاتعد ظاهرة التكتلات الاقتصادية ظاهرة حديثة، بل ترجع-على الأقل-إلى بداية القرن العشرين وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن الجديد في الموضوع هو تنامي وسرعة التوجه إلى إنشاء هذه التكتلات أو الدخول فيها خصوصا من قبل الدول المتقدمة. حيث يمكن القول إن تنامي هذه الظاهرة في العقد الأخير من القرن العشرين جعل منها سمة أساسية من سيم النظام الاقتصادي العالمي الجديد، ويعتقد البعض أن جذور الظاهرة ترجع إلى التغيرات التي اعترت الوضع الاقتصادي العالمي في السبعينيات التي تمثلت في انهيار نظام ابريتون وودز لأسعار الصرف الثابتة للعملات، والتحول إلى نظام أسعار الصرف العائمة وما صاحب ذلك من ارتفاع أسعار الطاقة وتقلبات حادة في أسعار العملات الرئيسية وبلوغ أزمة المديونية الخارجية ذروتها في بداية الثمانينيات، الأمر الذي أدى إلى ظهور موجة جديدة من السياسات الحمائية في الدول الصناعية مما أثر سلبا في حرية التجارة والتدفقات السلعية خاصة بالنسبة لصادرات الدول النامية إلى الأسواق العالمية.
ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى هذا التوجّه الجديد نحو التكتلات الاقتصادية-في صفوف الدول النامية بالذات-تكمن فيما شهدته السنوات الأخيرة من عقد الثمانينيات وأول التسعينيات من اتجاه واضح نحو مزيد من التكتل الاقتصادي بين مجموعات الدول المتقدمة بعد أن حل التحدي الاقتصادي محل التحدي الأمني والإيديولوجي فتوصلت دول السوق الأوروبية المشتركة إلى معاهدة ماسترخيت في سنة 1991 التي تم بموجبها تحول السوق إلى اتحاد أوروبي، ثم ما لبثت الولايات المتحدة الأمريكية أن أعلنت في عام 1992 إنشاء منظمة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية Nafta، وفي نفس الاتجاه ونحو المزيد من التكتل الاقتصادي ظهرت تكتلات عملاقة: كالتجمع الكبير الذي يضم معظم دول آسيا والباسيفيكي Apec.
1.التكتل الاقتصادي الأوروبي:
تعتبر الاتحاد الأوروبي من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم وأكثرها اكتمالا من حيث البني والهياكل التكاملية، ومن حيث الاستمرار في استكمال المسيرة التكاملية. فلا يكاد يمر حدث على المستوى الأوروبي إلا ويؤكد أن المسيرة الأوروبية كانت ولا تزال مسيرة عدة دول خلفت وراءها نزاعات تاريخية مريرة، وتجتمع الآن حسب ماتمليه مصالحها المادية المتفاوتة ويتحول الاتحاد الأوروبي بهذا المنظور إلى مجموعة دولية إقليمية بزعامة مهيمنة تتباين بصددها التنبؤات. ومن حيث الإمكانيات فإن هذا التكتل يهيمن تجاريا على أكثر من ثلث التجارة العالمية، حيث يحقق حجم تجارة خارجية يصل في المتوسط إلى حوالي 150 مليار دولار، وهو بذلك يفوق تجمع النافتا. كما يصل الدخل القومي لهذا التكتل إلى مايزيد على 7 آلاف مليار دولار وهو أكبر دخل قومي في العالم، كما أنه يعتبر أضخم سوق اقتصادي داخلي حيث بلغ عدد سكانه 380 مليون نسمة وبمتوسطات دخل فردي مرتفعة نسبيا(13).
2. التكتل الاقتصادي لأمريكا الشمالية(nafta)
تعتبر مصادقة الكونغرس الأمريكي في 17 .11. 1993 على اتفاقية منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية هي البداية لإنشاء هذا التكتل-مع أن سريان الاتفاقية لم يبدأ إلا في أول يناير 1994-الذي يضم كلا من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وهو كما يفهم من الاتفاقية المنشئة له مفتوح أمام باقي الدول الأمريكية بما في ذلك بعض دول أمريكا اللاتينية التي قد تنضم إليه في المستقبل.
وإذا تفحصنا أهداف هذا الاتحاد نجدها لا تختلف كثيراً عن أهداف الاتحاد الأوروبي، فهي بعد تحقيق اقتصاد قوي للدول الأعضاء تعطي كل أولوياتها للقدرة على منافسة التكتلات الاقتصادية الأخرى الصاعدة على المستوى العالمي وبالخصوص الاتحاد الأوروبي، محاولة حجز مكان اقتصادي يناسب المكان المعتبر لهذه الكتلة وبالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية.
3. التكتل الاقتصادي الآسيوي:
لاتزال آسيا إحدى الساحات الهامة في العالم التي من المنتظر أن تشكل تكتلا اقتصاديا عملاقا يضاهي تكتل الاتحاد الأوروبي أو النافتا، خاصة إذا ما نظرنا إلى الدولتين القويتين في المنطقة (اليابان، والصين).وحتى الآن يمكن تمييز محورين للتكتل الاقتصادي في منطقة شرق وغرب الباسيفيكي:
* المحور الأول:يتمثل في رابطة جنوب شرق آسيا المعروفة باسم الآسيان(asean)
*المحور الثاني:يتمثل في جماعة التعاون الاقتصادي لآسيا الباسيفيكية والمعروفة باسم (apec).
أ. رابطة جنوب شرق آسيا Asean)):
يتكون تكتل الآسيان هذا من 6 دول هي:تايلاند، سنغافورة، ماليزيا، بروتاي، إندونيسيا، الفلبين. وقد أنشئ هذا التكتل 1967 وكان هدفه آنذاك أن يكون حلفا سياسياً مضاداً للشيوعية، إلا أن القلق المشترك الذي ساد مختلف دول المجموعة نتيجة الأضرار التي لحقت بهم جراء الإجراءات الحمائية المتبعة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا تجاه صادرات تلك الدول جعلها تركز على التعاون الاقتصادي فيما بينها.
ب. جماعة التعاون الاقتصادي لآسيا الباسيفيكية (apec):
وتتكون هذه المجموعة من 18 دولة على رأسها اليابان والصين واستراليا والولايات وكندا والمكسيك ونيوزيلندة وكوريا الجنوبية، ودول رابطة الآسيان. وقد جاء إنشاء هذا التجمع الاقتصادي العملاق كرد فعل على إعلان قيام أوروبا الموحدة عام 1992. وتأتي الخطوات المتلاحقة لتطوير هذا المنتدى الاقتصادي وتحويله إلى تكتل اقتصادي فعلى من الرغبة المشتركة لكل من اليابان والولايات المتحدة وإدراكهما أن هذه الخطوة تحقق مكاسب للجميع. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا التجمع حوالي 13 تويليون دولار وهو ما يمثل نصف الناتج القومي الإجمالي العالمي، فضلا عن سيطرته على حوالي 50% من التجارة العالمية(16).
إن نجاح مثل هذا التكتل العملاق يتوقف على قدرة اليابان على تفهم طبيعة الدول الآسيوية الأخرى التي تأبى الهيمنة والسيطرة والاستقلال، فإذا نجحت اليابان في فهم هذه الدول إضافة إلى تقديمها مساعدات اقتصادية لدول تلك المنطقة ومساهمتها في حل مشاكلها، كل ذلك يجعل من اليابان قوة اقتصادية تقود تكتلا اقتصاديا في جنوب شرق آسيا يكون من أكبر التكتلات التي تؤثر في مستقبل الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين(17).
إن هذه التكتلات الاقتصادية الكبيرة- التي وصل البعض منها إلى الأطوار الأخيرة من الاكتمال والنضج-تقودها الدول المتقدمة كما هو ملاحظ في كل من أوروبا و أمريكا وآسيا، ولذلك سيزداد تأثيرها في الاقتصاد العالمي مع مرور الزمن، وقد تنحصر المنافسة في إطار هذه التكتلات وهذا ما سيؤثر بقوة في النظام الاقتصادي وفي حجم المكاسب وشكل تكوينها.
كان ذلك عن التكتلات الاقتصادية في الدول المتقدمة وقد يتضح من العرض السابق لها كيف أنها تنمو بسرعة وأن الدول المتقدمة تتهافت للدخول فيها وبأكبر نصيب، أما فيما يخص التكتلات الاقتصادية في الدول النامية فمازالت أوزانها ضعيفة وتحتاج إلى المزيد من العمل والتنسيق، مع أن الكثير منها مات واختفى في طور النشأة. ويظل السؤال المطروح: ما هو دور هذا التوجه العالمي نحو إقامة التكتلات اقتصادية إقليمية على قيام تكتلات اقتصادية إقليمية في العالم الثالث أليس من الأولى بالدول النامية أن تعطى الأولوية لتلك التكتلات؟ بوصفها أقصر طريق إلى التنمية خصوصا في عصر العولمة الاقتصادية وأدواتها الشرسة على الاقتصادات الضعيفة؟
في النقطة الموالية سنحاول التطرق إلى واقع هذه التجارب التكاملية الإقليمية في العالم الثالث وأسباب فشلها وسبل النهوض بها.
ثانيا-أهم تجارب التكامل الإقليمي في العالم الثالث:
كما سبق أن أشرنا فإن التكتلات الاقتصادية لاتعتبر ظاهرة حديثة، بل ترجع إلى بداية القرن العشرين وبشكل أدق بعد الحرب العالمية الثانية حيث قامت تكتلات اقتصادية في أنحاء مختلفة من العالم مثل السوق الأوروبية المشتركة، ومنظمة التجارة الحرة الأوروبية، والسوق المشتركة لدول أمريكا الوسطى، ومنظمة التجارة الحرة لأمريكا الوسطى، ومنظمة التجارة الحرة لأمريكا اللاتينية، كما عمدت دول أوروبا الشرقية إلى إنشاء منظمة "الكوميكون"، وفي الوطن العربي تمت المصادقة على إنشاء السوق العربية المشتركة، كما أن هناك بعض الاتفاقيات الإقليمية في بعض البلدان الأفريقية وأخرى في جنوب وشرق آسيا، وبعض هذه الاتفاقيات تم التعرض إليه آنفا، والبعض الآخر سيتم المرور عليه بسرعة خصوصا المتعلق منها بالدول النامية وعلى وجه الخصوص الدول الأفريقية.
1.أهم تجارب التكامل الإقليمي في آسيا:
يمكن التمييز داخل آسيا-في إطار المناطق التكاملية-بين منطقة آسيا الوسطى ومنطقة جنوب شرق آسيا. ففي وسط آسيا قامت منظمة التعاون الإقليمي للتنمية بين ثلاث دول آسيوية هي: إيران، باكستان، تركيا، وذلك في سنة 1964 بعد استفادتها من مزايا التعاون الذي تحقق لها في إطار حلف بغداد، فقررت الدول المعنية أن تتولي هذه المنطقة جوانب التعاون الاقتصادي لحلف"السنتو"-بعد انسحاب العراق من حلف بغداد-سعيا إلى تكثيف التعاون فيما بينها. وتتميز دول هذا الإقليم بأنها متجاورة وبينها قدر من التوافق في النواحي السياسية والحضارية، وقد تجسد ذلك من خلال إبرام العديد من العقود والاتفاقيات بين الدول وإقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة. غير أن قيام الثورة الإيرانية، ثم نشوب حرب الخليج أديا إلى تجميد أعمال المنظمة في عام 1979، إلى أن قامت الدول الأعضاء في عام 1985 بإعادة هيكلة المنظمة وإحيائها تحت اسم (منظمة التعاون لاقتصادي) (18).
وتعد معاهدة أزمير هي الأساس القانوني لهذه المنظمة، وقد أجريت عدة تعديلات على هذه المعاهدة في سنة1990 وأضيفت لها بروتوكولات في 1991 ، وفي سنة 1992 انضمت سبع دول جديدة إلى الدول الثلاث المؤسسة ليصبح العدد عشر دول، وهذه الدول هي: أفغانستان، وست من دول آسيا الوسطى التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي وهي:أذربيجان، وأوزبكستان، وتركمستان، وطاجاكستان، وكازاخستان، وكيرجيزيا. ولا تختلف أهداف المنظمة الجديدة عن سابقتها وإن كانت منحت اهتماما جديدا للبعد الدولي، فتضمنت أهدافها السعي إلى الاندماج التدريجي في الاقتصاد العالمي، وهي نفسها الفكرة التي اتخذتها مختلف التكتلات الاقتصادية في شتى أنحاء العالم كمبرر لتوجهها الجديد حول تكتل الاقتصادي وذلك اعتماداً على أن الاقتصادات الوطنية في معظم الدول التي تعودت على أساليب مختلفة من الحماية والرعاية من طرف الدولة القومية وجدت أن من الأولى بها أن تتدرب على المنافسة في إطار إقليمي قبل دخولها الإطار الدولي الذي يعتبر بطبيعة الحال أوسع من المجال الإقليمي، وذلك انطلاقاً من حقيقة حتمية في عالم اليوم هي أن الكل داخل لا محالة في قوانين العولمة الاقتصادية إما اليوم وإما غداً.
وفي جنوب شرق آسيا قامت رابطة جنوب شرق آسيا "الآسيان"والتي سبق الحديث عنها.
2. أهم التجارب التكاملية في أمريكا اللاتينية:
في هذا المجال يمكن الحديث عن رابطة التجارة الحرة لأمريكا اللاتينية "النافتا"والتي أنشئت بموجب اتفاقية مونتفديو سنة 1961 وتألفت هذه المنظمة عند إنشائها من الدول التالية: الأرجنتين، البرازيل، المكسيك، شيلي، بيرو، أورغواي، باراغواي. ثم التحقت بها كل من كولومبيا، والإكوادور في سنة 1961، ثم فنزويلا، وبوليفيا 1967، وبذلك تكون هذه الرابطة قد شملت المكسيك وكل قارة أمريكا اللاتينية إلا الدول الثلاث التي كانت مستعمرة (جويانا سابقا) (19) .وكان هدف المنظمة هو تحرير التجارة فيما بين أعضائها دون النص على أن يمتد ذلك إلى اتحاد جمركي أو سوق مشتركة، وهي في ذلك لاتختلف عن باقي التجمعات التكاملية الأخرى من حيث تواضع أهدافها. وعلى الرغم من تواضع أهدافها فإنها تعرضت إلى تباطؤ في تحقيق تلك الأهداف مما أدى إلى تعدد المحاولات التصحيحية. ومنذ1974 زاد الشعور بعجز المعاهدة عن تحقيق تقدم ملموس، خصوصا بعد فشل المفاوضات الساعية إلى إصلاح المنظمة نتيجة تباين الآراء حول مجالات ذلك الإصلاح.
كما أنه ودائما في أمريكا اللاتينية وجدت منطقة تكامل ثانية هي رابطة تكامل أمريكا اللاتينية-وما هي إلا تطوير لرابطة النافتا السابقة الذكر التي أنشئت بموجب معاهدة مونت فيديو الجديدة في أغسطس سنة 1980وكان الجديد في المعاهدة هو توسيع مجالات التعاون بين دول الرابطة وتنمية تجاربها الخارجية وتقوية مركزها الدولي. وتعتبر هذه الرابطة من أكبر التجمعات الإقليمية في العالم الثالث-من حيث المساحة والناتج القومي إلا أن ما يميز هذه المجموعة هو التفاوت الكبير بين أعضائها، فالدول الثلاث الكبرى:الأرجنتين،والبرازيل، والمكسيك تمثل مساحتها70% من مساحة الدول الأعضاء الإحدى عشرة، ونفس الشىء بالنسبة للسكان، بينما كانت الدول الأندية الخمس تمثل أقل من الربع وهو ما ترك للدول الثلاث الباقية (أوروجواي، باراجواي، وشيلي)7% من مساحة الإقليم و6% من عدد سكانه. وهذا التفاوت الكبير في الإمكانيات كان سببا رئيسياً في فشل هذا التجمع وهو ما دعا الدول الأصغر في المجموعة إلى إنشاء تجمع خاص بها. وهذه الدول هي الدول الواقعة في منطقة الأنديز (الإكوادور، شيلي، فنزويلا، البيرو، كولومبيا)، حيث أصدرت هذه الدول ما عرف بإعلان "بوجوتا" في أغسطس 1966 الذي تضمن عزمها على إقامة مشروعات بجهد مشترك، وأعدت صيغة لاتفاقية-هيئة تنمية أندية-من تطوير نظم متعددة الأطراف للبنية الأساسية والتصنيع، ثم أعدت مشروع اتفاقية إقامة تجمع تكاملي جزئي يضم هذه الدول، وقد أقرته النافتا باعتباره لا يتعارض مع معاهدتها. وقد أبدت البيرو في بدية الأمر اعتراضا على سرعة الإجراءات المقترحة لتحرير التجارة وبعد عدولها عن ذلك دخلت اتفاقية قرطاجنة الموقعة في بوجوتا حيز التنفيذ في أكتوبر 1969م(20). وقد تعرضت في السنوات الأخيرة إلى عدة مشاكل، فقد كانت تعاني من تفاوت في السياسات، إضافة إلى ما كان بينها من تباينات اقتصادية.
4. أهم التجارب التكاملية في أفريقيا:
لقد شهدت أفريقيا على غرار باقي قارات العالم-نشاطا تكامليا إقليميا واسع النطاق، فلا يكاد يخلو مكان فيها من الدخول في محاولات تكاملية وفيما يلي سنستعرض بعضا من تلك التجارب التكاملية.










رد مع اقتباس
قديم 2017-10-14, 02:14   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
paloma.laila
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع ....

أ.التجمع الاقتصادي لدول غرب أفريقيا:
أنشئ هذا التجمع في28/مايو/1975 ، يضم ثماني عشرة دولة هي: بنين، بوركينا فاسو، الرأس الأخضر، ساحل العاج، جامبيا، غانا، غينيا، وغينيا بيساو، النيجر، ليبريا، مالي، موريتانيا، نيجيريا، السنغال، سيراليون، توجو، بالإضافة إلى دولتين علقت عضويتهما. وقد سعى هذا التجمع إلى تحقيق مجموعة أهداف تلخصت في تحقيق حرية انتقال رؤوس الأموال والسلع والخدمات بين الدول الأعضاء، والتنسيق بين الدول في مجال السياسات الزراعية والمشروعات ذات العائد المشترك وفي مجال البحوث الزراعية والمائية والنقل والمواصلات والطاقة. مع شمولية هذه الأهداف فلم يتحقق منها إلا القليل.

ب. الاتحاد الاقتصادي لدول وسط أفريقيا:
وقد أنشئ هذا الاتحاد في عام 1983 ودخل حيز التنفيذ في أوائل 1985 وضم كلا من بوروندي، جمهورية أفريقيا الوسطى، تشاد، الكونغو، غينيا الاستوائية، الجابون، ساوتومي، برنسيت، زائير. وقد كان هذا الاتحاد يهدف إلى حرية انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال والأفراد، وتطبيق ضرائب إقليمية موحدة وتنسيق التعريفات الجمركية ونظم الضرائب والنهوض بالسياسات الصناعية والنقل. مع العلم أن هذا الاتحاد جاء على أنقاض الاتحاد الجمركي والاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه سنة 1964 بين الدول الخمس (جمهورية أفريقيا الوسطى، تشاد، الكونغو، الكامرون، الجابون) والذي فشل بعد عامين من إنشائه نتيجة أزمات بينية.

:جـ . منظمة الإيجاد
وهي معروفة باسم الهيئة الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر، وقد أنشئت سنة 1986 ثم تحولت إلى الهيئة الحكومية للتنمية فقط منذ عام 1995، وتضم كلا من:جيبوتي، إريتريا، أثيوبيا، غينيا، أوغندا، الصومال، السودان، تنزانيا، وراندا، يوروندي. ويوجد مقرها الرسمي في جيبوتي، وتهدف إلى تنمية اقتصاديات الدول الأعضاء بشكل عام(22).

د. التكامل الاقتصادي بين دول المغرب العربي:
بدأ الاهتمام بموضوع التكامل الاقتصادي في المغرب العربي منذ الستينيات من القرن المنصرم، إلا أن طموح تلك الشعوب في تكوين اتحاد اقتصادي خاص بها لم يتجسد إلا في السابع عشر من فبراير 1989 في مدينة مراكش، وتمثلت أهداف الاتحاد في توثيق العلاقات في كافة المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية. وقد عرفت السنوات الأخيرة التي عقبت تأسيس الاتحاد تطورا هاما في مجالات العلاقات الاقتصادية إلا أن الاتحاد المغاربي ومنذ فترة واجه عدة مشاكل منها ماهو اقتصادي كتفاقم أزمة المديونية ومشكلة البطالة التي بلغت في الجزائر 28% وفي المغرب 21% وقرابة 16% في تونس، هذا إضافة إلى الخلافات السياسية خصوصا على القضية الجوهرية في المنطقة المتمثلة في مشكلة الصحراء الغربية.

هـ. السوق المشتركة للشرق والجنوب الأفريقي(الكوميسا):
يضم هذا التجمع 20 دولة تقع في شمال وشرق وجنوب القارة الأفريقية، وهو ثاني أكبر تجمع من حيث الكثافة السكانية على مستوى القارة وقد بدأت الإرهاصات الأولية لتكوين هذا الاتحاد منذ 1966 إلا أنه لم يشهد تكوين مؤسسات تكاملية إلا منذ إنشاء منظمة التجارة التفضيلية في عام 1981 حيث تم إنشاء ثلاث مؤسسات لتنفيذ التكامل وتسهيل حركة التجارة بين الدول.
يمكن أن نستخلص من هذا العرض المختصر لأهم التجارب في العالم الثالث التي قد يطلق عليها البعض التكتلات الاقتصادية غير الناجحة أنها ظاهرة ليست بالحديثة نسبيا، فقد عرفت بدايتها منذ الحرب العالمية الثانية وبلغت ذروتها في الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، وأهم ماميزها أنها طالت مختلف قارات العالم، لم تميز بين الرأسمالي منه ولا الاشتراكي، ولا بين المتقدم منه من النامي أي أنها توجه عام وجذري، إضافة إلى كونها مخرجا-شبه متفق عليه-من التخلف إلى التنمية إلا أنه ولأسباب عديدة لم تنجح معظم هذه التكتلات رغم وجاهة دوافعها، فمثلا في أفريقيا باءت التجربة التكاملية بالفشل وخيبت الآمال نظراً لأسباب كثيرة أهمها غياب الآليات السليمة والفعالة والسياسات الرشيدة، والإدارة الدافعة، إضافة إلى الظروف الاقتصادية والهيكلة الاقتصادية الضعيفة التي تميز معظم تلك الدول إلا أن الفشل بأي حال من الأحوال لا يمكن أن يقضي على محاولات تكاملية جديدة، أو تصحيح بعض المحاولات القديمة باعتبار أن العيب ليس في فكرة التكامل نفسها وإنما العيب في الطرق والآليات التي اتبعت في والوصول إليها، وهذا ماسعت إليه تجارب تكاملية عملاقة حجزت مكانها في مصاف التكتلات الاقتصادية العملاقة مؤذنة بإحياء التوجه التكاملي من جديد باعتباره ضرورة في ظل العولمة الاقتصادية ومؤسساتها. إن نجاح هذه التجارب التكاملية المذكور في الدول المتقدمة بالشكل الذي سبق ذكره يشكل لامحالة-إضافة إلى عوامل أخرى-محفِّزاً أساسياً للدول النامية بصفة عامة والأفريقية بشكل خاص لتحذو حذوها في إقامة فضاءات تكاملية تكون على مستوى من الندية والقدرة التنافسية يخولها البقاء في عصر لا حياة فيه للضعفاء. والسؤال المطروح هنا: إذا كان هذا هو الحال بالنسبة للدول المتقدمة-أي السعى إلى الدخول في تكتلات اقتصادية-أليس من الأولى بالدول النامية أن تحرص على الدخول في أكبر قدر من التكتلات الاقتصادية؟إن لم يكن من باب الانتفاع من مزايا التكتلات فليكن-على الأقل-فليكن من باب الحفاظ على النفس من شر تلك التكتلات التي تلتهم الأخضر واليابس متخذة من الدول المارقة عن التكتل سوقا لها مستندة إلى ما توفره لها اتفاقيات-من نوع الجات- من حماية قانونية ومساءلة في حال اتخاذ أي إجراءات حمائية بخصوصها.
ولعل هذا الوضع هو ماجعل القارة الأفريقية مجددا تنفض غبار الماضي وتعلن عن إنشاء اتحاد أفريقي يضم كافة الدول الأفريقية منطلقاً من إمكانيات هذه القارة الغنية بالموارد الطبيعية والعقول النيرة، ومسايرا التوجه العالمي من ناحية أخرى الذي يرى في سياسات التكتل الاستراتيجية الجديدة في عصر العولمة من أجل الوصول إلى تنمية شاملة. وفي المحور الموالي من هذه الدراسة سوف نبحث كيف نشأ هذا الاتحاد؟ وما هي إمكاناته؟ وما هي فرص نجاحه في عصر العولمة والتكتلات الاقتصادية؟

ثالثا-الاتحاد الأفريقي الفرص والتحديات:
إن التساؤلات السابقة تتطلب الإجابة عنها البحث في نشأة الاتحاد الأفريقي والظروف المحيطة بها، ثم البحث في ظروف نجاح هذا الاتحاد في عصر العولمة خصوصاً من جانب تأثير تنامي ظاهرة التكتلات الاقتصادية عليه، ثم من ناحية أخرى البحث في القدرات الذاتية لهذا الاتحاد وهل هي-حقا-تخوله النجاح في هذا العصر الذي تمثل المنافسة الشديدة في الأسواق العالمية سمة أساسية من سماته. وسيتم ذلك من خلال النقاط التالية:

1.نشأة الاتحاد الأفريقي:
لقد ظل الحلم بالوحدة الأفريقية الشغل الشاغل لدعاة الوحدة الأفريقية لاسيما في عصرنا الحالي وما يرافقه من ظروف دولية-سبق الحديث عن بعضها-، كما أن التخلف والتهميش الدولي وعدم الاهتمام بما ينتاب القارة من مشاكل تتعلق بالنزاعات المسلحة، كل ذلك أكد ضرورة تحقيق هذا الحلم. ويمكن القول إن إنشاء الاتحاد الأفريقي قد مر بعدة خطوات حتى وصل إلى المستوى الذي هو عليه الآن. حيث يعتبر المؤتمر الذي عقد في الجزائر بين الرؤساء الأفارقة في (12يوليو1999) هو الخطوة الأولى في طريق الاتحاد، حيث قبلت فيه دعوة القائد الليبي معمر القذافي إلى استضافة بلاده مؤتمر قمة استثنائي في الفترة ما بين (6-9) سبتمبر– 1999 وذلك لمناقشة سبل وأدوات تفعيل منظمة الوحدة الأفريقية بما يتماشى مع التطورات السياسية والاقتصادية العالمية، وإعداد القارة بما يضمن لها الحفاظ على مقدراتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إطار العولمة(23). وفعلا تمخضت هذه القمة الاستثنائية عن "إعلان سرت" الذي نص على إنشاء الاتحاد الأفريقي طبقا لأهداف ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، وأحكام معاهدة إنشاء الجماعة الاقتصادية في "أبوجا"، كما أوصى هذا المؤتمر بالتعجيل بإنشاء كافة المؤسسات المنصوص عليها في معاهدة أبوجا، وتكليف وزراء المنظمة بإعداد الوثيقة القانونية المنشئة للاتحاد. والتي تم تقديمها فيما بعد إلى القمة 36 المنعقدة في (لومى-10-12-يوليو-2000) حيث تم اعتماد القانون التأسيسي للاتحاد،وقد وقعت عليه وقتها27دولة.وقد ركزت أهداف هذا الاتحاد على الجوانب الأمنية وتقليص الخلافات بين دول المنطقة، مع أنها لم تهمل الجوانب الاقتصادية مراعية البعد الدولي ومدى أهميته وتأثيره في النهوض بمختلف تلك الجوانب.

2. فرص نجاح الاتحاد الأفريقي في ظل تنامي التكتلات الاقتصادية:

أ*. الإمكانات الاقتصادية للقارة الأفريقية:
مع أن أفريقيا تصنف عالميا من أكثر قارات العالم تخلفا، فإنها من حيث الموارد الاقتصادية تعتبر غنية ولا أدل على ذلك من الأرقام التالية: تمتلك أفريقيا اليوم-40% من إجمالي الطاقة المائية الكامنة في القارة، كما أن عدد سكانها قرابة 600 مليون نسمة. أما بالنسبة للموارد الزراعية فهي من أهم النشاطات بالنسبة للسكان وتحتل أفريقيا نسبا معتبرة في إنتاج بعض المحاصيل على المستوى العالمي حيث إن إنتاجها من البن يمثل 29% من الإنتاج العالمي، ومن زيت النخيل 75% من الإنتاج العالمي، ومن الزيتون 15% من الإنتاج العالمي، ومن الكاكاو70% من الإنتاج العالمي. كما أن أفريقيا تعتبر غنية بالثروة الحيوانية بمختلف أنواعها. كذلك فإن أفريقيا تنتج:
75% من إنتاج الذهب في العالم و70% من إنتاج الماس
3/2 إنتاج العالم من الكوبالت و50% من إنتاج المنغنيز
30% من إنتاج اليورانيوم و 4/1 خام الفوسفات
4/1 إنتاج العالم من النحاس و15% من إنتاج العالم من البوكسيت
10% من إنتاج النفط و 8% من إنتاج الكروم
ولديها 90% من الاحتياطي العالمي من الكروم، و 20% من الاحتياطي العالمي من النفط كما تنتج 10% من الحديد، و40% من الطاقة الكهربائية(24).
هذا فضلا عن موقعها الاستراتيجي فهي تطل على البحر المتوسط وعلى أماكن هامة (قناة السويس، مضيق جبل طارق)، كما تطل على البحر الأحمر من مضيق باب المندب. هذا إضافة إلى أن القارة تحوي أنهارا عديدة.
إن استغلال هذه الموارد بشكل عقلاني يفتح المجال لتنوع اقتصادي واعد في هذه القارة، ومن الأمور المشجعة في هذا المضمار:عمليات تحويل الفوسفات إلى سماد في كل من الجزائر و مراكش وتونس، وتحويل النحاس وتنقيته في الكونغو، وصنع الاسمنت والطوب والبلاط من الرمال المحلية وحجر الجير في معظم الأقاليم الأفريقية، كل ذلك يمثل نماذج قليلة تدل على التنوع الذي يمكن أن يحدث، وهذا ما جعل جل المحللين الاقتصاديين يجمعون على المستقبل المبشر لهذه القارة خصوصا نبذ ظل جو نبذ الخلافات ومحاولة حلها بالطرق السلمية الذي أصبح يسود القارة.
وحسب دراسة أجريت مؤخراً تعتبر القارة الأفريقية من المناطق الاستثمارية الأكثر جدوى مقارنة ببقية دول العالم-عدا القارتين الأوروبية، والأمريكية الشمالية-، وقد عكست هذه الدراسة ما اتخذته الدول الأفريقية من إجراءات لتحسين اقتصاداتها. خصوصافي ظل وجود مؤشرات مشجعة كتزايد نسبة الشباب إلى عدد السكان...،كما نجد أن هناك مؤشرات مستقبلية عن قطاعات ستكون أكثر جدوي خلال الفترة القادمة وهي السياحة، والصناعات الغذائية، والنسيج والصناعات الجلدية، والاتصالات، الزراعة، والتأمين، والاستثمارات المالية.
إن كل تلك العوامل جعلت من القارة الأفريقية هدفا حاضرا ومستقبلا للعديد من المستثمرين الأجانب الذين يحاولون الاستفادة من القوانين الاستثمارية الصادرة من جهة، وثروات القارة الوفيرة من جهة أخرى. كما أنها هي التي دعت الغيورين على مصالح هذه القارة إلى المناداة باستغلال تلك الموارد بالشكل الذي يخدم سكان هذه القارة مدركين أن ذلك لن يتحقق إلا بتوحيد الجهود والتكاتف جنبا إلى جنب بعضهم مع البعض الآخر. في ظل مناخ دولي لا مجال فيه للدويلات أو حتى التكتلات الاقتصادية الصغيرة، بل لابد من مواكبة الركب والسير في عصر التكتلات الاقتصادية جنبا إلى جنب مع تلك التكتلات إن لم يكن من باب الحفاظ على المصالح الشخصية-للقارة-فلن يكون من باب الدفاع عن النفس في عصر التنافس الاقتصادي على الأسواق "السائبة".
فكيف إذاً لجوّ تنامي التكتلات الاقتصادية أن يكون محفِّزاً على قيام تكتل أفريقي؟ هذا ماسنناقشه في النقطة التالية.

ب*. انعكاس ظاهرة التكتلات الاقتصادية العالمية على قيام الاتحاد الأفريقي:
يعتبر الإعلان عن قيام الاتحاد الأفريقي ومصادقة العديد من الدول على القانون التأسيسي له خطوة هامة في بناء وإرساء قواعد التكامل الاقتصادي الأفريقي المنشود، إلا أن هذه الخطوة لا تمثل إلا قليلا من كثير فالوصول إلى مايسمى بالولايات المتحدة مازال هدفا منشودا يحتاج إلى تضافر وتعاون الدول والشعوب الأفريقية، فالتحديات والتداعيات الناجمة عن بروز النظام العالمي الجديد والعولمة دفعت الدول إلى تحقيق مزيد من التنسيق والتعاون الأفريقي في مجالات الحياة المختلفة. وفي هذا المجال يجب أن نشير إلى أن الوحدة الاقتصادية يجب أن تكون-دائما-قبل الوحدة السياسية وقائدة إليها،ولو تابعنا المسيرة التكاملية الأوروبية للمسنا ذلك بجلاء حيث كانت جل خطواته اقتصادية.
وقد تعرضنا-فيما سبق-إلى بعض التجارب التكاملية التي كانت جادة من حيث استكمال الإطار النظري والدراسات، ومن حيث الأهداف الطموحة إلا أن معظم هذه التجارب تحطم على صخرة الواقع السياسي والأطماع الفردية التي تتنافى-أصلا-مع فكرة التكامل الشامل، ولاسيما أن بعضا من تلك التجارب قد حدثت في القارة الأفريقية وباءت بالفشل. إذ إن القارة الأفريقية مرت بظروف بيئية عسيرة مهدت في نهاية المطاف إلى نجاح المساعي الرامية إلى تأسيس الاتحاد الأفريقي خاصة من جانب الجماهيرية الليبية التي لعبت دوراً رئيسياً في هذا الشأن. وإذا كانت أفريقيا لم تكن مستعدة-بعد فترة الاستقلال السياسي-لقيام وحدة، حيث اكتفت في ذلك الوقت بتأسيس اتحاد فدرالي تمثل في قيام منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1963، فإنها اليوم، وبعد التغيرات التي حصلت على البيئة الدولية، وزيادة مستويات التحديات الداخلية الخارجية لم تجد أمامها سبيلا للتغلب على تلك التحديات إلا بإنشاء الاتحاد الأفريقي بدلا من الاتحاد الرمزي الذي كان متمثلا في منظمة الوحدة الأفريقية.
فالتحديات التي تواجه أفريقيا منذ عهد الاستقلال السياسي تدفعها-مثلها في ذلك مثل بقية التنظيمات الإقليمية الأخرى-إلى تحقيق مستويات ملحوظة من التكامل. ويمكن أن نلخص أهم تلك التحديات في النقاط التالية:
* تنويع قاعدة الإنتاج:حيث بقيت القارة الأفريقية طيلة نصف القرن الماضي تعتمد على إنتاج الموارد الأولية والتجارة الخارجية، ومازالت تعتمد على المساعدات الخارجية، وقد أثقل هذا الوضع كاهلها بالديون الخارجية، في حين أن حصتها من التجارة الخارجية كانت دائما في حدود 2%فقط من إجمالي التجارة العالمية.
* زيادة معدلات الادخار والاستثمار:حيث شهدت أفريقيا تذبذبا شديدا في الاستثمار والادخار بالنسبة للفرد بعد عام 1970، ويبلغ متوسط معدل الادخار نحو13% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أدني معدل ادخار في العالم.
* تضييق الفجوة في نمط توزيع الدخل:حيث إن أفريقيا تعاني من درجة مرتفعة من التفاوت في توزيع الدخل وفي فرص الحصول على الموارد. وتصل نسبة الفقراء إلى ما يفوق 40% من عدد السكان، ويبلغ متوسط دخل الفرد الفقير نحو 65سنتا في اليوم، ويفتقر كثير من السكان إلى العناية الصحية والتعليم وأساسيات الخدمة.ومايزيد الأوضاع تأزما في القارة هو عودة الملاريا كمرض مستوطن إضافة إلى تفشي مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) حيث تسجل 70%من حالات الإصابة بهذا المرض في أفريقيا.
* تحقيق السلام الاجتماعي:حيث إن القارة الأفريقية تعاني من تفشى النزاعات والصراعات الأهلية التي تمثل تهديدا مباشراً للتقدم الاقتصادي والاجتماعي. وتشير التقديرات إلى أن كل واحد من أصل خمسة من سكان القارة يعيش في بلد يعاني من الحرب الأهلية.
* زيادة معدلات الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي:حتى تتمكن أفريقيا من تحقيق الأهداف الاقتصادية التي اتفق عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي-ومن ضمنها تخفيض حالة الفقر بنسبة 50%-يتعين عليها تحقيق معدلات لنمو الناتج المحلي الإجمالي تبلغ في المتوسط حوالي 7% سنويا، الأمر الذي يتطلب تحقيق معدلات للاستثمار تفوق في المتوسط 30% من إجمالي الناتج المحلي.
إذا كانت النقاط السابقة تمثل تحديات-يمكن أن نعتبرها داخلية-تواجه القارة الأفريقية فإنها بالطبع ليست التحديات الوحيدة فهناك تحديات خارجية لاتقل شأنا عنها، ونكتفي هنا بذكر تحدي العولمة الاقتصادية وبالخصوص ماصاحبها من تنامي ظاهرة التكتلات الاقتصادية، حيث إن عصرنا أصبح عصر التكتلات الدولية الكبرى، ولا مجال فيها لتجزئة الجهود والدول الصغيرة المنفردة، وعليه فإن خطوة قيام الاتحاد الأفريقي تجعل القارة الأفريقية في المسار الصحيح الذي لا مجال فيه إلا للأقوياء.
فقيام منظمة التجارة العالمية التي انضمت إليها معظم الدول في العالم وخاصة في أفريقيا، يحتم على دول المنظمة المعاملة بالمثل التي في ظلها يستحيل بناء اقتصاد منعزل، ولاسيما أن معظم الاقتصادات النامية خاصة الأفريقية منها مازالت في مراحل النمو الأولى وتحتاج إلى حماية وتدريب على المنافسة العالمية، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا في إطار ضيق (الإطار الإقليمي)مقارنة بالإطار العالمي المفتوح.إلا أن هذا ليس مستحيلاً في ظل الاستثناء الوارد في بنود منظمة التجارة العالمية الذي يسمح بمعاملة خاصة"مبدأ الدولة الأكثر رعاية" والذي بموجبه يمكن أن تمنح أطراف التكتلات الاقتصادية التي تجاوزت مرحلة"منطقة التجارة الحرة" معاملة خاصة. وهذا ما جعل ظاهرة التكتلات الاقتصادية ظاهرة قديمة اتخذت بعدا جديدا في إطار منظمة التجارة العالمية، وقد أصبح هذا البعد معجِّلا ومحفِّزاً على قيام مثل هذه التكتلات بين مختلف دول العالم-بالشكل الذي سبقت الإشارة إليه.
وبطبيعة الحال فإن أفريقيا وفي ظل تحديات التنمية الاقتصادية الشاملة التي تواجهها هي الأولى بالدخول في مثل تلك التكتلات، خصوصا في ظل وجود مقومات اقتصادية وثقافية وسياسية مساعدة. مع أن ماميز التوجه الجديد إلى التكتلات الاقتصادية العالمية هو بروز البعد "المصلحي" كعنصر أساسي ومقوم مساعد على إنجاح أي تكامل جاد، فمثلا التكتل الأوروبي قام بين دول لا تجمعها إلا المصالح المشتركة فهي دول تختلف في لغتها وتاريخها، وإلى حد ما دينها- كما سبق أن أشرنا-ومع ذلك فضلت مزايا المصالح الاقتصادية المشتركة على عصبية التاريخ والنزاع. كما أن معظم الدول في أمريكا الشمالية وآسيا لم تجد مايجمعها سوى المحيطات والبحار فنجد تجمع الباسيفيكي والكاريبي...الخ، كل ذلك جعل أفريقيا لاتجد مفرّا من التكامل والتكتل إن لم يكن من باب التاريخ المشترك والدين والعلاقات العامة فليكن من باب المصالح المشتركة أسوة بغيرها من التكتلات الاقتصادية المذكورة.
من هنا يبرز انعكاس هذه التكتلات الدولية العملاقة على إنشاء الاتحاد الأفريقي حيث لا يمكن لأفريقيا الوقوف أمامها إلا في إطار تكتل اقتصادي على مستوى الندية، كما أن التغلب على تلك المشاكل التي تعاني منها أفريقيا لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق التكامل والاعتماد الجماعي على الذات. وأخيراً على الرغم من المشاكل التي يواجهها تنظيم على مستوى القارة الإفريقية فإنه حقق تقدماً ملموسا في سبيل حلها.


الخاتمة:
من خلال هذه الدراسة المتواضعة يمكن الوصول إلى مجموعة نتائج بعضها عام شبه متفق عليه إلا أن ذكره هنا جاء من باب التأكيد على أهميته، وبعضها خاص بدراسة الاتحاد الأفريقي. وبناء على تلك النتائج يمكن طرح مجموعة توصيات لشعوب وقادة القارة الأفريقية من أجل الوصول إلى أحسن النتائج. وذلك على النحو التالي:

النتائج:

1. إن التكامل الاقتصادي أصبح اليوم وسيلة متفقا عليها-وشبه وحيدة-من طرف مختلف المهتمين بموضوع التنمية باعتبارها الوسيلة الأكثر ضماناً للوصول إلى مستويات معتبرة من التنمية الاقتصادية، وزيادة رفاهية الشعوب المعنية مهما اختلفت الطرق والأساليب والمفاهيم المستخدمة المعبرة عن هذه الوسيلة.
2. رغم أهمية المقومات الاقتصادية لنجاح أي تكامل، فإن المقومات الاقتصادية يظل لها الدور الحاسم في نجاح وديمومة أي تكامل اقتصادي.
3. بناء على ماحصل في بعض التجارب التكاملية الناجحة فإن المنهج الوظيفي-الذي يبدأ بالأسهل وصولا إلى ماهو أصعب-هو النهج الأصلح للدول الأفريقية، لأنه يجعلها تقتنع وتعايش مزايا التكامل الاقتصادي وبالتالي يصبح مطلباً ضرورياً وليس مسألة مفروضة من بعض الأطراف.
4. إن من أهم الأسباب التي أدت إلى فشل جل التجارب التكاملية في العالم-إضافة إلى الأسباب المتعلقة بتخلف البني التحتية التي يقوم عليها التكامل-هي العوامل السياسية من خلافات وعدم استقرار سياسي.
5. إن الاتحاد الإفريقي جاء نتيجة لشعور عام لدى القادة والشعوب الأفريقية بضرورة قيامه في ظل التطورات التي جرت على العالم، السياسية منها والاقتصادية.
6. إن أهداف الاتحاد الأفريقي تختلف عن غيرها من الأهداف-في المجالات التكاملية السابقة في القارة-حيث تتصف بالطموح والشمول وبعد المدى.
7. إن ماتتمتع به قارة أفريقيا من موارد طبيعية متنوعة، إضافة إلى السوق الواسعة والموقع الجغرافي الاستراتيجي كل ذلك يمثل فرصة لنجاح التكتل الأفريقي الصاعد.
8. من خلال بعض الدراسات التي أجريت على القارة الأفريقية تم التوصل إلى أن المناطق الأفريقية من أكثر المناطق في العالم جدوائية في الاستثمارات .


التوصيات:
بناء على النتائج السابقة يجب على الدول الأفريقية الأخذ بالتوصيات التالية:
1. يجب الأخذ بالمنهج الوظيفي وبالتالي التركيز على المسائل السهلة التي لاتوجد فيها خلافات كبيرة بين الأعضاء ولا حاجة إلى الطموح الزائد الذي قد ينقلب إلى ضده، كما حدث في بعض التجارب التكاملية الفاشلة.
2. كما يجب نبذ الخلافات، واتخاذ خطوات جادة نحو بناء المؤسسات الديمقراطية باعتبارها هي الطريق السليم للوصول إلى الاستقرار السياسي وصيانة المكاسب.
3. بناء على كل ماسبق، وبما للقارة الأفريقية من إمكانيات هائلة فإن المصلحة تحتم عليها بناء تكتل اقتصادي ضخم يضاهي التكتلات العصرية،.وحتى يتم ذلك بفاعلية فإن الأمر يستدعي أن تأخذ في الاعتبار الأولويات التالية:
* الارتقاء بنظم الحكم لحل النزاعات.
* تنمية الموارد البشرية وتكوين المهارات.
* زيادة تنافسية الاقتصادات الأفريقية وتنويع قواعدها الإنتاجية.
* والتقليل من درجة الاعتماد على المساعدات الخارجية وحل مشكل المديونية وتقوية روابط التعاون مع العالم الخارجي.
* اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين المناخ الاستثماري.
* التركيز على القواعد الصناعية البسيطة لما لها من أهمية خصوصاً بالنسبة للتكتلات الاقتصادية حديثة النشأة.
4. بناء على ماسبق، وانطلاقا من تنامي ظاهرة التكتلات الاقتصادية عالميا يتحتم على الدول الأفريقية السعي قدما في بناء سرحها الاقتصادي، إن لم يكن سعيا إلى مزايا هذه التكتلات فلن يكون خوفا من المضار التي قد يتعرض لها أي اقتصاد-في هذا العصر-يعمل منفرداً في جو يتميز بالعمل الجماعي لكل الفاعلين الدوليين.

الهوامش:
1. محمد محمود الإمام، محاضرات في التكامل الاقتصادي، القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية، 1998ص1 .
2.عبد المطلب عبد المجيد،التحديات المستقبلية للتكتل الاقتصادي العربي،الطبعة الأولي القاهرة، عربية للطباعة والنشر،2003 ص52، 53، 54
3. فليح حسن خلف، العلاقات الدولية، عمان، مؤسسة الورق للنشر، 2000،ص177
5. عبد القادر العفوري، العولمة والجات...التحديات والفرص،مكتبة مدبولي،2000،ص13 .
6. حميد الجميلي، "مستقبل الأمن الاقتصادي العربي في ضوء تحولات القرن العشرين"مجلة شؤون عربية،(العدد:100ديسمبر،1999)،ص102 .
7.منير الحمش،"النظام الإقليمي العربي والتحديات الاقتصادية"، مجلة المستقبل العربي(العدد:252، فبراير)،2000،ص45.
8.انظر تقرير الاستثمار في العالم،مؤتمر التجارة والتنمية للأمم المتحدة، سنة 1995، على التوالي.
9. عبدالواحد العفوري، مرجع سبق ذكره، ص14 .
(*) مع العلم أن عدد الدول الأعضاء في هذا المنظمة يبلغ 26 دولة.
10.إسماعيل صبري عبدالله،"الكوكبة:الرأسمالية العالمية في مرحلة الإمبريالية"، مجلة المستقبل العربي(العدد:222،أغسطس، 1998)،ص15.
11.أسامة المجذوب، الجات ومصر والبلدان العربية..من هافانا إلى مراكش، الطبعة الثانية، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية،أكتوبر1997،ص21.
12.مجداب بدر ومحيي الدين حسين، المتغيرات الاقتصادية الدولية وانعكاساتها على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط، طرابلس،أكاديمية الدراسات العليا،1998،ص156، 157.
13. عبدالمطلب عبد الحميد، النظام الاقتصادي العالمي الجديد وآفاقه المستقبلية بعد أحداث 11سبتمبر، الطبعة الأولى،القاهرة، مجموعة النيل العربية،2003،ص120، 121.
14. نفس المصدر، ص129.
16. أسامة المجذوب، الجات ومصر والبلدان العربية...من هافانا إلى مراكش، مرجع سبق ذكره ص 22.
17. عبدالمطلب عبد الحميد، النظام الاقتصادي العالمي الجديد وآفاقه المستقبلية بعد أحداث 11سبتمبر، مرجع سابق ذكره، ص137.
18. محمد محمود الإمام، التكامل الإقليمي بين النظرية والتطبيق، القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية، 2000،ص(329-332).
19. أفرانسيس جيرو نيلام، ترجمة محمد عزيز الاقتصاد الدولي، الطبعة الأولى، ليبيا، جامعة قاريونس،1991،ص228.
20. محمد محمود الإمام، التكامل الإقليمي بين النظرية والتطبيق، القاهرة، مرجع سبق ذكره،ص393.
21. لقد انسحبت موريتانيا عن هذا التجمع مؤخرا.
22. عبدالمطلب عبد الحميد ، السوق الأفريقية المشتركة والاتحاد الأفريقي، الطبعة الأولى، القاهرة، مجموعة النيل العربية،2004، ص59، 60.
23. أحمد حجاج، الاتحاد الأفريقي ومستقبل القارة الأفريقية، الطبعة الأولى، القاهرة، مركز البحوث الأفريقية، 2001، ص92.
24. عباس خضير عباس، موسوعة أفريقيا اليوم السيرة والعطاء، جهاز القلعة للاستثمار، 2002، ص43-45.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
مصادر الدراسة:
الكتب:
1. حجاج، أحمد، الاتحاد الأفريقي ومستقبل القارة الأفريقية، الطبعة الأولى، القاهرة، مركز البحوث الأفريقية، 2001.
2. خلف، أفليح حسن، العلاقات الاقتصادية الدولية، عمان مؤسسة الورق للنشر،2000.
3. نيلام، أفرانسيس جيرو، ترجمة محمد العزيز الاقتصاد الدولي، الطبعة الأولى، ليبيا، جامعة قاريونس،1991.
4. المجدوب، أسامة، الجات ومصر والبلدان العربية...من هافانا إلى مراكش، الطبعة الثانية، القاهرة، الدار المصرية اللبنانية، 1997.
5. بدر، مجداب ومحيي الدين أحسين، المتغيرات الاقتصادية الدولية، وانعكاساتها على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط، طرابلس، أكاديمية الدراسات العليا، 1998.
6. الإمام ، محمد محمود، التكامل الإقليمي بين النظرية والتطبيق، القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية، 2000.
7. عبد المجيد، عبد المطلب، التحديات المستقبلية للتكتل الاقتصادي العربي، الطبعة الأولي القاهرة، دار عربية الطباعة والنشر،2003.
8. العفوري،عبدالقادر، العولمة والجات...التحديات والفرص، القاهرة، مكتبة مدبولي، 2000.
9. عبد الحميد، عبد المطلب، النظام الاقتصادي العالمي الجديد، وآفاقه المستقبلية بعد أحداث 11. سبتمبر، الطبعة ،القاهرة، مجموعة النيل العربية،2003.
10. عبد الحميد، عبدالمطلب، السوق الأفريفية المشتركة والاتحاد الأفريقي، الطبعة الأولى، القاهرة، مجموعة النيل العربية، 2004.
11. القزويني، على التكامل الاقتصادي الدولي والإقليمي في ظل العولمة، الطبعة الأولى، طرابلس، أكاديمية الدراسات العليا، 2004.
الدوريات:
1. الجميلي، حميد، مستقبل الأمن الاقتصادي العربي في ضوء تحولات القرن العشرين"مجلة شؤون عربية"،العدد:100، ديسمبر، 1999)
2. عبد الله ، إسماعيل صبرى، "الكوكبة: الرأسمالية العالمية في مرحلة الإمبريالية" مجلة المستقبل العربي،(العدد:222، أغسطس،1998.
3. الحمش، منير،"النظام الإقليمي العربي والتحديات الاقتصادية" مجلة المستقبل العربي،(العدد:252، فبراير، 2000).
4. عباس،خضير عباس،"موسوعة أفريقيا اليوم السيرة والعطاء"جهاز القلعة للاستثمار2002.
التقارير:
- تقرير الاستثمار في العالم، مؤتمر التجارة والتنمية للأمم المتحدة، السنوات 1995و 2002على التوالي
بحوث غير منشورة:
- محمد محمود الإمام، محاضرات في التكامل الاقتصادي، القاهرة،القاهرة، معهد البحوث والدراسات العربية،1998.










رد مع اقتباس
قديم 2017-10-14, 02:16   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
paloma.laila
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

المبحث الأول : تعريف التكتلات الاقتصادية وشروط الإندماج والتكتل
المطلب الأول: تعريف التكتلات الإقتصادية

لقد وجدت التكتلات الاقتصادية تعبيرها الفكري في نظرية التكامل الاقتصادي. وأصبح الاهتمام بها بعد الحرب العالمية الثانية من طرف مجموعة من دول العالم، حتى أصبح يسمى منتصف القرن العشرين بعصر التكتلات الاقتصادية. وانتشر هذا الاهتمام إلى مناطق أخرى من العالم خاصة بعد بروز ظاهرة العولمة الاقتصادية في نهاية القرن العشرين.

فيعرف التكتل الاقتصادي على انه يعبر عن درجة معينة من درجات التكامل الاقتصادي الذي يقوم بين مجموعة من الدول المتجانسة اقتصاديا وجغرافيا وتاريخيا وثقافيا واجتماعيا، والتي تجمعها مجموعة من المصالح الاقتصادية المشتركة، بهدف تعظيم تلك المصالح وزيادة التجارة الدولية البينية لتحقيق اكبر عائد ممكن، ثم الوصول إلى أقصى درجة من الرفاهية الاقتصادية لشعوب تلك الدول
ويمكن تعريف التكتل الاقتصادي بأنه تجمع عديد من الدول التي تجمعها روابط خاصة بالجوار الجغرافي أو التماثل الكبير في الظروف الاقتصادية أو الانتماء الحضاري المشترك هذا التجمع يكون في إطار معين قد يكون اتحادا جمركيا أو منطقة تجارة حرة. فالتكتل الإقليمي كمفهوم يعكس الجانب التطبيقي لعملية التكامل الاقتصادي، فهو يعبر عن درجة من درجات التكامل الاقتصادي فيما بين الدول الأعضاء
من هنا يمكن القول بأن التكتلات الاقتصادية هي وسيلة تلجأ إليها دول معينة ضمن منطقة معينة لتحقيق أهداف معينة ومتعددة، ولكن ترتكز جميعها حول دفع عجلة النشاط الاقتصادي في الاتجاه الصحيح وبالسرعة الضرورية، لتحقيق معدلات نمو طموحة يمكن أن تؤدي إلى تضيق الفجوة الواسعة بين مستويات المعيشة في الدول الغنية وفي غيرها من الدول النامية ، ومعنى ذلك أن التكتلات الاقتصادية سواء كانت تكتلات شرقية أو غربية هدفها هو التكامل الاقتصادي للإمكانات الموزعة في أنحاء وحدات التكتل، ويتطلب هذا التكامل الاقتصادي تحليل الوضع الاقتصادي لكل عضو من أعضاء التكتل لمعرفة مناطق القوة والضعف بالنسبة لهذا التكتل
ويمكن اعتبار التكتلات الاقتصادية كأحد النماذج التنموية تتخذها مجموعة من الدول التي تدخل في اتفاق فيما بينها، تقضي بتنسيق السياسات الاقتصادية في جوانبها المختلفة وإلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية بغية تحقيق معدلات نمو سريعة في اقتصادياتها وزيادة التعاون فيما بينها، ومواجهة مختلف التحولات والتطورات التي تحدث في الاقتصاد العالمي.
إذا تكلمنا عن التكتلات الاقتصادية الإقليمية فهي اتفاق عدد من الدول المنتمية جغرافيا إلى إقليم اقتصادي معين كأوروبا الغربية، المنطقة العربية، أمريكيا الشمالية... لإقامة ارتباط فيما بينها في شكل من أشكال التكامل الاقتصادي. إلا أنه في الوقت الراهن أصبحت التكتلات الاقتصادية تنتمي دول أعضائها لأكثر من إقليم كمنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك)، وتكتل الأمريكيتين.


المطلب الثاني: شروط الاندماج والتكتل الإقليمي
1- وجود روابط توحيد بين عناصر مختلفة لمجموعة واحدة على الصعيد الجغرافي وصعيد المعلومات والمستوى الوظيفي أو التقني.
2- التنسيق بين البرامج الاقتصادية أو السعي إلى تحقيق التماسك بين هذه البرامج على مستوى المجموعة المعنية.
3- التجانس الجغرافي والتاريخي والديمغرافي وتجانس الهياكل الاجتماعية الاقتصادية للمجال الذي يراد دمجه.
4- التضامن الإقليمي.


المبحث الثاني: نشأة التكتلات الاقتصادية

ترجع فكرة التكتلات الاقتصادية إلى أكثر من مائة عام فقد نشأ أول تكتل من هذا النوع في الولايات الألمانية قبل وحدة ألمانيا، ثم أعقبتها تكتلات أخرى مثل تكتل المستعمرات الإنجليزية مع الدولة الأم التي عرفت باسم سياسة التفضيل الإمبراطوري، وكذلك تكتل فرنسا ومستعمراتها وغير ذلك من التكتلات الأخرى إلا أن خصائص هذه التكتلات القديمة كانت تتسم بسياسة ربط المستعمرات بالدولة الحاكمة ومحاولة استغلال موارد هذه المستعمرات وذلك لتحقيق الرخاء للدولة الأم.
لهذا نقول أن ظاهرة التكتلات الاقتصادية ليست بالظاهرة الجديدة إلا أن ظهورها كتجربة اقتصادية كانت بعد الحرب العالمية الثانية اتخذتها مجموعة من الدول سواء كانت نامية أو متقدمة، رأسمالية واشتراكية، وهذا لمواجهة مختلف التحولات التي شهدها العالم في تلك الفترة فظهرت هذه التكتلات كنتيجة للقيود في العلاقات الدولية وكمحاولة جزئية لتحرير التجارة بين عدد من الدول، فظهرت التكتلات الاقتصادية في صورة مشروعات فردية قدمتها أمريكا للدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط، مثل مشروع "مرشال" الذي يهدف إلى تقديم المساعدات الاقتصادية المصحوبة بشروط سياسية وعسكرية، وقد كانت شعوب قارة أوروبا أول من ساهم في نشأة هذه التكتلات وذلك بحكم ما تعرضت إليه هذه الشعوب من أزمات اقتصادية نتيجة للحرب العالمية الثانية، فذاقت ويلات الهزيمة وأصبحت دول هذه الشعوب منهارة اقتصاديا وعاجزة عن النمو فأدركت بأنه لابد من تكتلها ومن جميع النواحي لإعادة بناء اقتصادياتها ومواجهة السيطرة المفروضة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، ومواكبة مختلف التطورات الكبيرة في العلم والتكنولوجيا. من هنا تكتلت دول أوروبا الغربية في شكل سوق مشتركة سنة 1957، وكانت هذه الأخيرة صورة مثلى للعديد من الاقتصاديين والسياسيين الذين اعتبروها نموذجا يحتذي به بين مجموعات دولية أخرى، ثم انتقلت ظاهرة التكتلات إلى مجموعة أخرى من الدول، فنشأت منطقة التجارة الحرة لأمريكا اللاتينية، والسوق المشتركة لدول أمريكا الوسطى، وعمدت دول أوربا الشرقية على إنشاء منظمة "الكوميكون" أما في المنطقة العربية تم إنشاء السوق العربية المشتركة، كما نشأت أيضا اتفاقات إقليمية في المنطقة الإفريقية والمنطقة الآسيوية.
فمفهوم التكتلات الاقتصادية أساسا نشأ وتطور في ظل البلدان الصناعية وأصبح ينظر إلى هذه التكتلات على أنها ضرورة ملحة خاصة في مرحلة تطور القوى المنتجة التي وصلت إلى مستوى معين من التطور والتقدم وساعد في ذلك العلم والتقنية وتزايد الإنتاج والتعميق الحاصل في عملية تقسيم العمل الدولي.
وتزامنا مع التغيرات التي تعرض لها الاقتصاد العالمي انطلاقا من السبعينات من القرن الماضي، والتي تمثلت في انهيار نظام" بروتن وودز"، والتحول إلى نظام الأسعار المعومة، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف للعملات الرئيسية وارتفاع أسعار الطاقة وزيادة أزمة المديونية الخارجية في بداية الثمانينات الأمر الذي أدى إلى ظهور سياسات حمائية في الدول الصناعية، مما أثر سلبا على حرية التجارة والتدفقات السلعية خاصة بالنسبة لصادرات الدول النامية إلى الأسواق العالمية وبعد هذه الأزمات تنامت ظاهرت التكتلات الاقتصادية في شكل ترتيبات إقليمية، والتي أصبحت من السمات البارزة في تشكيل النظام الاقتصادي العالمي الجديد، واشتد التنافس بين الدول، خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية، وهذا من أجل الاستحواذ والسيطرة على الأسواق الدولية والتوسع في النفاذ إليها.


والملاحظ أن التكتلات الاقتصادية التي أقيمت بعد الحرب العالمية الثانية حتى نهاية القرن العشرين، أغلبها لم يكن لها النجاح فتعثرت أمام المشاكل والخلافات، ولكن لم تقف عند حدها فتميزت بالديمومة والاستمرار في تطورها خاصة بعد اشتداد المنافسة العالمية في العقد الأخير من القرن العشرين، وأصبح من الصعب على الدول أن تدخل المنافسة منفردة، فبدأت تتجمع في كيانات اقتصادية والتي أصبحت مطلبا دوليا كنتاج لما تفرضه العولمة الاقتصادية والاندماج في الاقتصاد العالمي فتسارعت الدول نحو تشكيل تكتلات اقتصادية استعدادا لدخول إلى مرحلة جديدة يحل فيها الصراع بين القوى الاقتصادية الكبرى محل الصراع بين القوى العسكرية على الساحة الدولية ، وأصبحت هذه التكتلات تشكل خريطة للعالم والتي يمكن تجميعها فيما يلي:
- في نصف الكرة الغربي تم التوقيع على إنشاء منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (النافتا) وذلك سنة1992 ، وتمهد لقيام تكتل الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، كما تم إنشاء الكثير من الترتيبات الإقليمية بين العديد من دول أمريكا اللاتينية.
- في أوربا كانت التطورات أسرع فقام الاتحاد الأوربي، الذي يعتبر من أجدر التكتلات الاقتصادية القائمة حاليا، وزاد عدد الدول في عضويته حيث يضم25 دولة، إضافة إلى تكامله النقدي واستخدام العملة الموحدة (الأورو) مع مطلع سنة 1999، ودخوله في اتفاقيات تجارة حرة وفي اتحاد جمركي مع تركيا، واتفاقيات مشاركة مع دول جنوب البحر المتوسط.
- في شرق آسيا حيث وقعت دول جنوب شرق آسيا اتفاق للتجارة الحرة عرف باسم (الإفتا)، كما أنشئ في منطقة آسيا منتدى التعاون الاقتصادي لدول شرق آسيا والمحيط الهادي (الأبيك APEC).
- في المنطقة العربية والتي بدأت بمشروع السوق العربية المشتركة سنة 1964 ، ثم محاولة إقامة تجمعات إقليمية كمجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي. واخيرا تسعى الدول العربية إلى تحقيق منطقة تجارة حرة عربية كبرى بعد 10 سنوات انطلاقا من سنة 1998 وهي السنة التي دخلت فيها حيز التنفيذ، تهدف إلى تحقيق التحرير الكامل للتجارة البينية العربية.
أما في إفريقيا قامت ترتيبات وتكتلات إقليمية لعل أبرزها إقامة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا)، التي تسعى إلى تنسيق الجهود لمواجهة ما يحدث في البيئة الاقتصادية العالمية.

ومن غير المستبعد أن تظهر تكتلات اقتصادية أخرى في مناطق جديدة من العالم وهذا لما تفرضه التحولات والتغيرات الراهنة تحت مسمى العولمة الاقتصادية.
فيمكن القول أن هذه التكتلات أصبحت أمرا واقعيا يجب التكيف والتعامل معه، كما أن التكتلات الاقتصادية تختلف باختلاف ظروف تكوينها وأهداف إقامتها فقيام التكتل الاقتصادي في الدول النامية تختلف ظروفه الموضوعية والذاتية عن ظروف الدول المتقدمة على النمط نفسه.


كما قامت التكتلات الاقتصادية القديمة وتوجهات السياسات الاقتصادية للتكتلات الجديدة على ما يلي:
أسس قيام التكتلات القديمة:
- التصنيع باتجاه الإحلال محل الواردات.
- تخصيص الموارد وفقا لخطط مركزية أو قرارات سياسية.
- قيادة الحكومة والقطاع العام للاقتصاد الوطني أو تنامي دور الدولة في إدارة وتوجيه الاقتصاد.
- تكثيف الاعتماد على السلع الصناعية.
- معاملة تفضيلية للدول الأقل نموا .
- الاعتماد على الحواجز الجمركية وسياسات حمائية.
أما توجهات السياسة الاقتصادية التي تعمل في ظلها التكتلات الاقتصادية الجديدة فهي تتضمن في الغالب ما يلي:
- التوجه في التصنيع نحو الصناعات التصديرية.
- تخصيص الموارد يكون أو يتم وفقا لقوى السوق.
- قيادة القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي.
- إلى جانب الاعتماد على السلع الصناعية في المبادلات فقد دخلت تجارة الخدمات والاستثمار إلى ميدان الاتفاقيات الإقليمية الجديدة.
- الاتجاه إلى تعميق الاندماج عن طريق تنسيق السياسات.
- المعاملة مماثلة لجميع الأطراف على السماح بفترات التكيف.
- ويكفي الدلالة على تأكيد خاصية تزايد التكتلات الاقتصادية والترتيبات الإقليمية الجديدة، أن إحدى الدراسات التي أجراها صندوق النقد الدولي خلال عام 1995، تشير أنه يوجد على مستوى العالم حوالي 45 من أنظمة التكامل الاقتصادي ومن ثم التكامل الاقتصادي في مختلف صورها ومراحلها، تشمل%75 من دول العالم، وحوالي% 80 من سكان العالم والسيطرة على % 85 من التجارة العالمية.

أسس التكتلات الإقتصادية :
- الاستفادة من مزايا التخصص وتقسيم العمل بين الدول الأعضاء
- تؤدي المنافسة الكاملة بين المؤسسات الاقتصادية المختلفة للدول الأعضاء إلى توسع تلك المؤسسات واتجاهها نحو الاندماج سوياً للاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير .
- اتباع سياسة تجارب موحدة للدول الأعضاء تجاه العالم الخارجي .
- تعبئة الموارد الاقتصادية التي تتوفر في الدول الأعضاء ضمن خطة للتنمية المشتركة .
- تنسيق مشروعات التخطيط الاقتصادي بين الدول الأعضاء وتنسيق السياسات الضريبية والمالية والنقدية بالشكل الذي يحقق قيام صناعات متكاملة ومترابطة وفقاً للأسس الاقتصادية الصحيحة.


المبحث الثالث: خصائص التكتلات الاقتصادية وخطوات تحقيق اهذافها
للتكتلات الاقتصادية عدة خصائص وأهداف تسعى إلى تحقيقها ودوافع قيامها يعود الى مجموعة من الأسباب.
المطلب الأول: خصائص التكتلات الاقتصادية
تتصف التكتلات الاقتصادية بعدة خصائص يمكن إجمالها فيما يلي:
-1تتصف التكتلات الاقتصادية بحجومها الضخمة من حيث مواردها وإنتاجها، واتساع أسواقها الاستهلاكية والإنتاجية، وتنوع هياكلها الاقتصادية ومواردها وكثافة حجم سكانها.
-2 حرية تنقل السلع والخدمات والأشخاص ورؤوس الأموال والاستثمار بين الدول المتكتلة.
-3 المنافسة الحرة بين الدول المتكتلة في المنطقة التكاملية ولها سياسة تجارية موحدة تجاه الدول الأخرى خارج نطاق التكتل.
-4 ارتفاع نسبة التجارة البينية من مجمل تجارتها الخارجية وهذا ما يجعلها تخفض من التبعية الاقتصادية، أو تكون لها درجة عالية من الاستقلالية الاقتصادية بالنسبة للدول الخارجة عن المنطقة التكاملية هذا ما يؤدي إلى الارتباط بين الدول المتكتلة من خلال تشابك اقتصادياتها وأسواقها.
-5 قوتها في التفاوض على المستوى الدولي هذا للدفاع عن مصالحها ضد التكتلات الاقتصادية الأخرى ، ومن ثم تكون الدول التي تنتمي إلى التكتل في موقع أفضل من ناحية المساومة أو التفاوض مهما كان شكله.
- 6 توفير مزايا ومكاسب تعجز الدولة منفردة عن تحقيقها.
- 7 الاستفادة من رؤوس الأموال والأيدي العاملة الماهرة والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة في المنطقة التكاملية.
- 8تحقيق نمو اقتصادي مستمر كنتيجة للآثار الديناميكية المتعلقة بحجم السوق وتحسين مناخ الاستثمار وزيادة المنافسة الناتجة عن فتح الأسواق.

المطلب الثاني: خطوات تحقيق أهداف التكتلات الاقتصادية
التكتلات الاقتصادية تستطيع تنمية الفعاليات الاقتصادية للدول الأعضاء تنمية سليمة وهذا وفقا للمبادئ النظرية الاقتصادية وبالتالي تحقيق الرفاهية لشعوبها، إلا أن هذه التكتلات يجب أن تتبع الخطوات التالية حتى تسعى لتحقيق أهدافها:
-1 أن تكون لدول التكتل سياسة تجارية موحدة تجاه العالم الخارجي، مع تطوير هذه السياسة وامتيازها بالمرونة وفقا لتطور الأوضاع والعلاقات الدولية الاقتصادية.
- 2 الالتزام بالمنافسة الحرة داخل المنطقة التكاملية هذا ما يستدعي منح المنتجين على تقسيم الأسواق وتحديد الأسعار.
-3إلغاء القيود على حركة السلع وعناصر الإنتاج بين الدول الأعضاء مع خضوع تحركات الأشخاص للقوانين السائدة في كل من هذه الدول.
-4التعاون مع الدول الأعضاء على تحقيق التوازن في موازين المدفوعات بالنسبة للدول التي تحقق عجز في موازينها خاصة في بداية قيام التكتل الاقتصادي.
-5إنشاء الصندوق الموحد للتعاون الاجتماعي بين دول التكتل يكون هدفه تدريب العمال وتأهيلهم تأهيل تكنولوجي.
-6 إنشاء بنك الاستثمار الموحد خاص بدول التكتل يهدف الى تمويل الصناعات التي يجب إقامتها لاستغلال الإمكانات الصناعية المتاحة في هذه الدول وإعادة بناء الصناعات القائمة مع صراعات التقدم العلمي والتكنولوجي الحديث.


-7إنشاء الأجهزة الإدارية المختلفة بجانب الإدارات الفنية الضرورية التي تستلزمها تنفيذ الأهداف المختلفة التي يحددها التكتل لنفسه في كل مرحلة من مراحل تطوره.
-8يجب أن لا تقتصر وظيفة الإدارات والأجهزة المختلفة على إعداد خطط التنسيق، وإنما يجب أن تمتد كذلك لتشمل تتبع التنفيذ وتقديم النتائج، على أساس ما يجتمع لديها من معلومات وبيانات إحصائية.
قد تكون المشكلة الأساسية التي تواجهها دول التكتل، لا تكمن في حرية التبادل وانتقال عناصر الإنتاج، وإنما تكون المشكلة هي التعاون في إقامة المشاريع الإنتاجية الكبيرة وإدخال التكنولوجيا الحديثة، وتطوير الأراضي الواسعة والاستغلال الأمثل للموارد التي تمتلكها هذه الدول.


المبحث الرابع: أسباب ودوافع قيام التكتلات الاقتصادية الإقليمية

تتعـدد أسباب إقامة التـكتلات وتتنوع ما بين الدوافع الاقتصـادية وغـير الاقتصـادية
على النحو التالي:
أسباب اقتصادية:
يعد العمل على توسيع الأسواق من أهم الدوافع الاقتصادية لإقامة التكتلات، حيث تؤدي زيادة حجم السوق إلى الاستفادة من مزايا التخصص، كما تزيد من فرص الاستثمار، حيث يفضل المستثمرون الاستثمار داخل نطاق التكتل للاستفادة من اتساع السوق وخفض الحواجز الجمركية بين الدول المتكتلة.
ويمكن حصر أهم الدوافع الاقتصادية فيما يلي:
1. التمتع بوفرات الإنتاج الكبير، وهذا عند قيام التكامل الذي يؤدي اتساع السوق إلى إمكان تمتع المشروعات المنشاة في نطاق التكامل بوفرات الإنتاج الكبير التي تنقسم إلى الوفرات الناتجة عن حجم الإنتاج ، والوفرات الخارجية التي تتولد عن عوامل أخرى خارج نطاق المشروع.
2. تحسين معدل التبادل الدولي، وفتح المجال للمنافسة، والقضاء على ظاهرة الاحتكار، وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي المباشر.
3. خلق مناخ ملائم للتنمية الاقتصادية، حيث التكامل يأخذ على عاتقه تهيئة الجو الملائم للتنمية. فهو يضمن قدرا من التنسيق في السياسات الاقتصادية واستقرار الأوضاع الاقتصادية، والتنسيق أيضا بين مشروعات التنمية الإقليمية من رأس مال اجتماعي( كالسدود، المطارات ، الطرق، المعاهد العلمية.....).
4. ضمانة ضد الأحداث المستقبلية : قد تلجا الدول للانضمام إلى تكتل إقليمي وذلك من اجل درء المخاطر والإحداث التي قد تتعرض لها في المستقبل. فيصبح التكتل بمثابة التامين أو الضمان ضد الأحداث غير المتوقعة. لهذا يذهب البعض للقول بان الدول النامية تتحمس للانضمام لتلك التكتلات بغية أن تتجنب أي حرب تجارية مستقبلية يمكن أن تكون تلك الدول الخاسر الأكبر منها ، لذلك نجد اتفاقية "النافتا" لم تخل من هذا الدافع . فلقد أقدمت كندا على إبرام ذلك الاتفاق كضمان لصادراتها ضد رسوم الإغراق والرسوم التعويضية التي كان من الممكن أن تفرضها الولايات المتحدة في حالة عدم وجود الاتفاق ، وفي المقابل يعتبر ضمان للولايات المتحدة ضد السياسات الكندية في مجال الطاقة والتي كانت تتعارض مع المصالح الأمريكية.
أسباب سياسية:
قد يكون الدافع وراء إقامة التكتل سياسي بالدرجة الأولى، وهذا كما حدث عند ما أدرك زعماء أوربا خطورة تزايد الوزن النسبي للولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومن ثم أجمعوا على ضرورة إقامة تكتل اقتصادي أوربي يستطيع مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، وكما فعلته أيضا الولايات المتحدة لضم المكسيك وكندا في منطقة تجارة حرة، وهذا للاستفادة من السوق المكسيكية الواسعة وتسد الطريق أمام أوربا واليابان للدخول إلى السوق المكسيكية، كما كان أيضا الدافع الأول لقيام تكتل "الآسيان" هو الدافع السياسي وهذا لمواجهة التوسع الشيوعي. فمن خلال أيضا تشابك العلاقات الاقتصادية التي تساعد على ارتباط الدول الأعضاء وزيادة الثقة بينهما في المنطقة التكاملية، فان هذه الدول تتجنب الخطر السياسي، وخير مثال على ذلك حل الصراعات التي كانت قائمة بين فرنسا وألمانيا بعد إقامة المجموعة الأوربية للفحم والصلب عام 1951، وكذلك مساهمة "الميركوسور" في تخفيف الصراع بين الأرجنتين والبرازيل واحتواء خطر البرامج العسكرية النووية بين الطرفين.

قد تكون الوحدة السياسية هي الهدف الأسمى الذي تسعى إلى تحقيقه الدول المنظمة إلى تكتل اقتصادي، أي أن هذا الأخير يمثل تمهيدا لإقامة تكامل سياسي. إلا انه في المقابل قد يحدث من وراء التكامل اثر معاكس وبالتالي ترتفع درجة عدم الاستقرار والخلافات بين الدول الأعضاء نتيجة لمشاكل قد يخلقها التكامل الاقتصادي والتي سبق الإشارة إليها.
لهذا تشكل الدول تكتلات لأسباب غير اقتصادية، وذلك لتعزيز الأمن القومي والسلام والمساعدة في تطوير المؤسسات السياسية والاجتماعية.

ولقد بحث علماء السياسة في استخدام الدبلوماسية التجارية خلال سياق إقليمي، وتوصلوا إلى أن العلاقات التجارية قد تساعد على إنشاء علاقات سياسية بين الدول الأعضاء بتطوير وسائل التحكم في الصراع بينهما.
أسبـاب أمنيــــة:
الاستقرار الأمني كهدف قد يدفع بعض الدول لعقد اتفاقيات إقليمية لهذا يكون الدافع وراء ضم دول معينة للتكتل دافعا أمنيا، ورغبة الحكومات في المحافظة على سيادتها بالتعاون مع دول أخرى، هكذا تم مع مجتمع الفحم والصلب الأوربي والمجتمع الأوربي، فالطريق غير المباشر لتقوية الأمن من خلال تكامل اقتصادي يعتبر خطوة أولية وأساسية، وكذلك اتجاه الاتحاد الأوربي لضم دول جنوب البحر المتوسط في اتفاقات ثنائية واتفاقات شراكة رغبة منه في تأمين الجنوب، وتجنب للمشكلات التي يمكن أن يصدرها.

المبحث الخامس :أسباب نجاح أو فشل التكتلات

والآن بعد أن استعرضنا معظم التكتلات الاقتصادية القائمة في العالم والتي يعد بعضها ناجحاً بكل المقاييس والأخرى يعد نجاحها ضئيلاً بل قد فشل البعض الآخر ، يجدر بنا أن نستعرض بعض الأسباب التي أدت إلى النجاح أو تلك التي أدت إلى الفشل .
1. أسباب نجاح الوحدة الأوربية :

• من المعروف بأن التكامل الاقتصادي يقوم على أساس القاعدة الإنتاجية التي تضمن تبادل المنتجات بين دول التكامل على أوسع نطاق وهذا متحققاً في الدول الأعضاء في السوق الأوربية المشتركة التي تعتبر جميعها من الدول الصناعية المتقدمة حيث أن ( التقدم العلمي والتقني هو السبب الرئيسي المؤدي إلى اشتراك وحدات اقتصادية في مجموعات أكبر أتساعاً وصولاً نحو تكامل اقتصادي)
• عملية التكامل الاقتصادي تحتاج إلى جهود كبيرة وعمل متواصل يتسم بالتصميم الجاد من أجل تحقيق الهدف والصالح المشترك لأعضاء التكامل وهذا ما عملت به الدول الأوربية حيث أنهم أحصوا (300) من الإجراءات التي اتخذت حتى وصلت أوربا إلى الوحدة عام 1992 م .
التوصل إلى التكامل والوحدة الاقتصادية يتطلب تغيير مفاهيم السيادة ، حيث يتضمن التنازل عن بعض السيادة لصالح السيادة المشتركة برضاء الدولة وهو تنازل من جانب جميع الدول والأعضاء وذلك مقابل النفع العائد على تلك الدول ومقابل الحقوق والمزايا التي تنشأ من التكامل وهذا ما عملت به الدول الأوربية حيث غلبت الصالح الاقتصادي على المفهوم الضيق للسيادة ( فالتكامل يفيد كافة الأطراف المشاركة فهو حاجة اقتصادية قبل أن يكون رغبة سياسية )

• أوربا الموحدة تقوم على أساس ديمقراطي ، فالرأي العام قد أسهمت اتجاهاته في الوصول إلى الهدف وكذلك تم إنشاء برلمان أوربي موحد وغيره من المؤسسات الديمقراطية ، وهذا ما يوضح صلابة الأساس الذي تقوم عليه الوحدة الأوربية ( فلا حرية اقتصادية بلا حرية سياسية)
2. أسباب فشل التكتلات الاقتصادية في بلدان العالم الثالث :

• تبعية وعمق ارتباط اقتصاد معظم الدول النامية مع الدول المتقدمة .
• طبيعة الصادرات والواردات من وإلى دول العالم الثالث لا يوفر صبغة تعاون بينها حيث أنها تحتاج إلى الآلات وقطع الغيار وكافة الصناعات المتقدمة وهي غير متوفرة في أسواق دول العالم الثالث ، كما أن صادراتها تمثل في معظم الأحيان منتج واحد ( نفط ، فوسفات ، قطن ، بن .. الخ ) وهذه تصدر لدول متقدمة وليس لها سوق كبيرة في دول العالم الثالث .
• البلدان النامية ليست متجانسة ، فبعضها يطبق مبادئ اقتصادية على الطريقة الغربية الرأسمالية والبعض الآخر يطبق مبادئ اشتراكية ، وهذا التمايز بين أنظمتها السياسية والاقتصادية أدى إلى إخفاق التكتل بينها .
• تناقض المصالح بين دول العالم الثالث وهشاشة العلاقة بينها لدرجة قيام اشتباك مسلح بين دولتين في أمريكا اللاتينية هما السلفادور وهندوراس بعد مبارة لكرة القدم مما أدى إلى تهديد عمل السوق المشتركة لأمريكا الوسطى وأدى إلى انهياره
• استئثار البلدان الأكبر حجماً والأكثر تقدماً اقتصادياً في التكتل بالجزء الأكبر من المكاسب مما يقوي نزعة هذا البلد لفرض هيمنته على باقي التكتل
• الفساد الإداري والمالي في الكثير من دول العالم الثالث .
• مشكلة التخلف ومشاكل التنمية التي تعاني منها معظم بلدان العالم الثالث .
• هشاشة الأنظمة الحاكمة وتغيرها بسبب كثرة الانقلابات العسكرية وخصوصاً في أفريقيا.


المبحث السادس: تقييم التكتلات الاقتصادية
المطلب الأول: الإيجابيات والسلبيات
• الآثار الإيجابية:

يمكن أن نعتبر أن الآثار الإيجابية للتكتلات الاقتصادية مرتبط بهذه الأخيرة فقط، ولعل من أهمها:
- من أهم الآثار الإيجابية للتكتلات الاقتصادية العوائد الضخمة من جراء تكامل إمكانات المؤسسات المتكتلة
- إن وجود التكتلات الاقتصادية سوف يؤدي إلى خلق علاقات تكامل أمامية وخلفية بين أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة في الدولة
- إن توسع التكتلات الاقتصادية في أنشطتها على المستوى الأفقي والعمودي مع الانتشار الجغرافي لهذه الأنشطة يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة في المناطق أو المحافظات النائية المختلفة.

• الآثار السلبية:

بطبيعة الحال إن الشعوب النامية هي تمثل هذه الآثار
- صعوبة تحقيق العدالة في توزيع الدخول على مستوى الدولة مما يؤدي إلى خلق الطبقية الاجتماعية
- تفعيل السياسة الاحتكارية خاصة إذا كانت أطراف الاتفاق من دول نامية، وبالتالي القضاء على المشروعات الصغيرة كالقضاء على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل أساس الاقتصاد القومي في أي دولة وبالتالي تروح على هذه الدول فرصة زيادة الدخل العام القومي وامتصاص البطالة
- التكتلات الاقتصادية الضخمة تؤثر على الشؤون الداخلية للبلدان وبالتالي السيطرة عليها اقتصاديا ومنه الوصول إلى مراكز القرار في الدولة بما يخدم المصالح السياسية لدول أخرى ومثال ذلك ما يحدث للعراق

المطلب الثاني: آثار التكتلات الاقتصادية القائمة بين الدول النامية
نحاول في هذا المطلب إبراز أهم الآثار المتوقعة لدخول دول الجنوب في تكتل إقليمي فيما بينها.
يشير وينر (winer) بان هناك العديد من الفوائد الناجمة عن التكتلات الإقليمية بين الدول النامية والذي يتفق مع العديد من الكتاب.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن هناك نسبة إجماع على الفوائد التي يمكن تحقيقها مثل زيادة عدد الصناعات الجديدة وتقليل الاعتماد على تصدير المواد الخام، وزيادة عدد الصناعات التعدينية والصناعات الأخرى المكملة كنتيجة طبيعية لكبر حجم السوق
وفيما يلي نوضح أهم هذه الآثار المتوقعة من وراء قيام تلك التكتلات:

• زيادة القوة التفاوضية وقوة المساومة:
من بين الآثار المتوقعة والهامة للتكتلات الاقتصادية بين دول الجنوب هو زيادة قوتها التفاوضية، باعتبار أنها تعاني من انخفاض قدرتها التفاوضية بالنسبة لكل دولة على حدى، وذلك لافتقارها للإمكانيات المادية والبشرية التي تتطلبها عملية التفاوض، خاصة بالنسبة للدول الصغيرة الحجم، كما أن معظم الدول النامية ليس لها تأثير كبير في الأسواق العالمية وبالتالي قدرتها على المساومة والتفاوض منخفضة جدا.
من ثم يتوقع أن تتمكن هذه الدول من زيادة قدرتها التفاوضية، وتخفيض تكلفة التفاوض من خلال توحيد مواردها عن طريق إقامة تكتلات إقليمية فيما بينها
فضعف مقدرة الدول النامية على المساومة يشكل سببا أساسيا لعجزها عن تحسين ظروف تجارتها الخارجية، ذلك أن الاعتماد على الإقناع وحده لا يكفي لحمل الدول المتقدمة على أن تأخذ بجدية مصالح الدول النامية في الاعتبار

• الاستفادة من وفرات الحجم:
من المتوقع أيضا أن قيام التكتلات الاقتصادية بين الدول النامية يكون لها أثر على زيادة درجة المنافسة والاستفادة من وفرات الحجم، ويرجع ذلك إلى اتساع حجم السوق حيث يصبح بالإمكان قيام نشاطات اقتصادية صناعية على وجه الخصوص بأحجام معتبرة وإنتاجيتها العالية وتكاليفها المنخفضة. فكلما اتسع السوق أيضا للنشاط الاقتصادي اتسع أفق التخصص في الإنتاج، فبدلا من تشتيت قدراتهم ومواردهم الاقتصادية وجهودهم على مختلف النشاطات الإنتاجية يقدرون أن يجنوا ثمار استغلال الهبات والموارد لأن الأسواق المحلية تكون معزولة عن المنافسة بين الدول النامية بعوائق تجارية وتقيدات مشددة، وضيق السوق تشيع في رحابه ظاهرة ابتكار الأقلية وتقييد المنافسة.
إضافة إلى ذلك فإن بعض الأسواق المحلية في الدول النامية لا تسع لأكثر من منتج واحد، لذلك فالتكامل الاقتصادي بين تلك الدول يفتح أبوابها للمنافسة فيما بين المشروعات المماثل فيها. فإقامة السوق الواسعة في الدول النامية لا ينبغي تركها للآلية التلقائية، إنما نتيجة لعمل ممهد دؤوب يمتد على فترة طويلة وهذا ما يجب أن يعترف به أي مراقب واع.

• التنمية الصناعية:
أما الأثر المتوقع لهذه الاتفاقيات على التنمية الصناعية فيتوقف على قدرة التكتل على تحقيق وفرات الحجم وعلى حجم السوق الكلي، فإذا تمتع التكتل بحجم سوق مناسب يسمح بتحقيق وفرات النطاق يتوقع أن يجذب الصناعات إلى الداخل وستقوم الصناعة في كلا البلدين وذلك بسبب التوسع الذي يفرضه الخفض المتزايد للعوائق التجارية بين دول الجنوب، ويكون انتشار الصناعة ليس متساويا بين الدولتين، وعلى أي حال فهو يبدأ في دولة ويمتد إلى الأخـرى
عندما تكون القيود التجارية منخفضة، والدول الجنوبية تجذب صناعات أقل في هذه الحالة مما لو كانت تتبع سياسة التحرير متعدد الأطراف، وذلك لأنها لم تستفد من الوصول إلى سوق الدولة الشمالية أو المنتجات الوسيطية المنتجة في الشمال

عندما تكون القيود التجارية منخفضة، والدول الجنوبية تجذب صناعات أقل في هذه الحالة مما لو كانت تتبع سياسة التحرير متعدد الأطراف، وذلك لأنها لم تستفد من الوصول إلى سوق الدولة الشمالية أو المنتجات الوسيطية المنتجة في الشمال

وقد فشلت معظم اتفاقيات التكامل الإقليمي بين دول الجنوب بسبب النزاع على مواقع الصناعات وعلى مقدار التعويضات التي ستصرف بسبب الأضرار التي ستقع، فمثلا في عام 1957 كانت هناك 404 شركة في كينيا وذلك من أصل 447 شركة مسجلة في تجمع شرق افريقيا، وفي عام 1960 مثل القطاع الصناعي في كينيا نسبة %10 من إجمالي الناتج الإجمالي وكانت حصص الصناعة في الدولتين الشريكتين ( كينيا وتنزانيا ) هي %4 ،وقد انهار التجمع عام 1977 لأنه فشل في إقناع الأعضاء الأكثر فقرا بأنهم يأخذون قدرا مناسبا من المكاسب
لذلك نجد أن الاتفاقيات الإقليمية بين الدول النامية فيما بينها يتوقع أن تكون متواضعة ومحدودة على عكس الاتفاقيات التجارية التي تتم بين دول الشمال والجنوب كما رأيناها سابقا، فإنه من المتوقع أن تقدم فرصة أفضل للتنمية الصناعية وسرعة انتشارها على نطاق واسع واستفادتها من الوصول إلى الأسواق الأجنبية.

• الأثر الاستثماري ونقل التكنولوجيا :
كما رأينا سابقا فإن اتفاقيات التكامل الإقليمي بين دول الشمال المتقدمة ودول الجنوب النامية تؤدي إلى زيادة تدفق الاستثمارات إلى دول الجنوب سواء من دول الشمال الشريكة أومن العالم الخارجي، إلا أنه على النقيض من ذلك في حالة اتفاقيات التكامل الإقليمي بين دول الجنوب فيما بينها حيث يتوقع أن يكون تدفق الاستثمار بنسب ضئيلة ومحدودة لأن زيادة تدفق الاستثمار الأجنبي يرتبط أساسا بالتنمية الصناعية في دول الجنوب، كما أن اتفاقيات التكامل الإقليمي تكسب الثقة في السياسات الحكومية عموما وهذا يساعد على زيادة الاستثمار وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ونحن نشك أن تكامل الجنوب مع الجنوب يمكن أن يحقق ذلك وقد يعوق الاستثمار، إذا لم يصاحبه تحرير التجارة مع بقية أنحاء العالم
فنجد نقل التكنولوجيا يتوقف أساسا على أثر هذه التكتلات على التنمية الصناعية في دول أعضاء التكتل وزيادة جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وفتح المجال للمنافسة، إلا أنه يبقى نقل التكنولوجيا وتقدمها بين دول الجنوب المتكتلة أمرا متواضعا نظرا لافتقارها لوسائل التقدم التكنولوجي وتقص تشجيع البحث والتطوير.

• الأثر على التجارة والمنافسة:
يعتبر التوازن بين خلق التجارة وتحويلها من الأمور الحاسمة في تحديد الفائدة العامة لاتفاقيات التكامل الإقليمي، ونظرا إلى أن معظم الدول النامية تفرض تعريفة جمركية مرتفعة على التجارة فيتوقع أن يكون أثر تحويل التجارة المترتب عن إقامة مثل هذه التكتلات مرتفعا جدا، حيث تؤدي إزالة الحواجز الداخلية مع الاحتفاظ بها إزاء العالم الخارجي إلى تحويل الاستيراد من دول خارج التكتل إلى دول أخرى أعضاء لذلك اتفاقية التكامل الإقليمي بين دولتين ناميتين يحتمل فقط أن تخلق تباعدا تجاريا وليس رواجا تجاريا وهذا يمكن ملاحظته عندما تكون السلع متجانسة.











رد مع اقتباس
قديم 2017-10-14, 02:17   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
paloma.laila
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ظاهرة التكتلات الاقتصادية ليست ظاهرة جديدة، بل أنها تعود إلى بداية القرن العشرين وتحديداً ، بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن الجديد هو تنامي تلك الظاهرة ، كنتيجة لأندفاع دول العالم المتقدمة والنامية نحو إنشاءها أو الدخول فيها التي برزت في العقد الأخير من القرن العشرين ، وأرتبط هذا التنامي بتسارع خطى العولمة، وما رافقها من عمليات اندماج تزامنت مع عمليات تحرير التجارة الدولية ،وتحرير حركة رؤوس الأموال عالمياً سواء عبر تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر أم عبر تدفقات رؤوس الأموال قصيرة الأجل، حتى اصبحت هذه الظاهرة سمة أساسية من سمات النظام الاقتصادي المعولم .
و تعزز التوجه نحو التكتلات الاقتصادية بعد خضوع كل من الدول المتقدمة والنامية لشروط منظمة التجارة العالمية الخاصة بتحرير التجارة، فضلا عن خضوع قسم كبير من الدول النامية لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الخاصة بإعادة جدولة الديون وما ترتب عليها من التزام ببرامج الخصخصة والتكييف الهيكلي .ومهما تباينت الدوافع،فإن بروز التكتلات الاقتصادية بهذا الزخم ، يؤكد على قوة العوامل التي دفعت إلى ظهورها. وفي مقدمتها التحولات الهيكلية في الاقتصاد الدولي، وما ترتب عليها من إعادة توزيع للأدوار والمواقع النسبية للمشاركين فيه. والتي شملت المشاركين الفاعلين في الاقتصاد الدولي، بل تعدت ذلك لتشمل معظم الدول النامية مما جعلها ظاهرة دولية في أبعد حدودها. فضلا عن كونها ظاهرة اقتصادية في منطقها السياسي و ظاهرة استراتيجية في ترابط واتصال حلقاتها.

وفي ظل التكتلات الاقتصادية أصبح الاقتصاد العالمي أكثر ديناميكية ، بعد أن ضم أنماطاً ودرجات مختلفة من التكتلات ، على رأسها الاتحاد الأوربي الذي يشكل نموذجاً متطوراً للتكتل الاقتصادي يليه التكتل الاقتصادي لأمريكا الشمالية ورابطة الآسيان مرورا بالحلف التجاري لأمريكا اللاتينية الذي يمثل درجة متوسطة من التكتل التجاري والمالي وانتهاء بمنطقة التجارة الحرة العربية التي تأتي في أدنى درجات التعاون الاقتصادي.

أن هذه التطورات حملت الكثير من المخاطر والمخاوف للدول التي ما زالت تعمل بشكل منفرد ، بعد أن أصبح من شبه المستحيل على أية دولة تحقيق متطلباتها التنموية بجهد منفرد . في هذا المقال سنركز على مناقشة مفهوم التكتل الاقتصادي، ثم نحدد مقوماته وأهدافه ، ثم نلقي الضوء بإيجاز على أهم تلك التكتلات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية .

أولا :-مفهوم التكتل الاقتصادي :-
يشير مفهوم التكتل الاقتصادي الى مجموعة الترتيبات التي تهدف الى تعزيز حالة التكامل الاقتصادي بين مجموعة من الدول من خلال تحرير التبادل التجاري وتنسيق السياسات المالية والنقدية،وتحقيق نوع من الحماية لمنتجاتها الوطنية تجاه العالم الخارجي، بفرض تعريفة موحدة والتفاوض كعضو واحد على الاتفاقيات التجارية العالمية، من اجل تخفيض تكلفة التنمية عبر تخفيض تكاليف الاستيراد وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة ،وتحسين المناخ الاستثماري بتوسيع دائرة السوق وتوحيد أو تقارب الرسوم والحوافز الخاصة بالاستثمار.وتنسيق السياسات الاقتصادية المختلفة، والمساعدة على مواجهة المشكلات والأزمات الاقتصادية. وهناك درجات من التكتل الاقتصادي، تبدأ بالتدرج من رفع الحواجز الجمركية وغير الجمركية أمام السلع الوطنية للدول الأعضاء، أو ما يعرف بمنطقة التجارة الحرة. ثم الانتقال الى مرحلة الاتحاد الجمركي عندما تتفق الدول الأعضاء على وضع تعريفة موحدة على استيراداتها من الدول خارج التكتل ،والمرحلة اللاحقة هي السوق المشتركة التي يتم فيها تحرير تدفق رؤوس الأموال واليد العاملة فيما بين الدول الأعضاء،تليها الوحدة الاقتصادية التي يتم فيها تنسيق السياسات المالية النقدية وتوحيد كامل السياسات بما في ذلك العملة النقدية والسلطة النقدية ، أخيراً تأتي مرحلة الاندماج الاقتصادي الكامل ، و كل مرحلة من هذه المراحل تتطلب تخطي المرحلة التي كانت قبلها.

ثانيا:-مقومات التكتل الاقتصادي:-
يستند التكتل الاقتصادي على مجموعة من المقومات الاقتصادية والسياسية والثقافية، التي تعززه وتضمن استمراره، ومن الناحية السياسية فأن ضعف مستوى التقارب بين توجهات الأنظمة السياسية كان هو العائق الأهم في وجه معظم تجارب التكتل في الدول النامية وبخاصة في العالم العربي.كما شكل ضعف التقارب الاجتماعي والثقافي سببا في إعاقة تجارب أخرى ، ورغم أن المقومات السياسية والثقافية ضرورية لنجاح التكتل،إلا أنها ليست كافية لوحدها ،حيث تعد المقومات الاقتصادية هي الشرط الكافي،وخير مثال هي تجربة الاتحاد الأوروبي ، فقد وصلت أوروبا إلى درجة كبيرة من التوافق والى مراحل متقدمة من التكتل الاقتصادي رغم الحروب والفوارق والاجتماعية والثقافية الكبيرة بين شعوبها ، بعد أن رجحت كفة بناء المستقبل على كفة أحقاد الماضي، لتبرهن على الدور الفعال للمصالح المشتركة وأهميتها إلى جانب المقومات الاقتصادية في نجاح أي مشروع تكاملي جاد.

و يمكن إيجاز أهم المقومات الاقتصادية بما يأتي :-
1- الموارد الطبيعية والقوى العاملة :- فالتفاوت في التوزيع النسبي لهذين الموردين سيحفز الدول التي تتميز بوجود ندرة نسبية في أحد هذين الموردين أو كليهما للدخول في تكتل مع الدول التي تمتلك وفرة نسبية في أحد هذين الموردين أو كليهما، وعند قيام التكتل فإنه سيسمح بتوسيع الإنتاج من السلع والخدمات ويؤدي إلى تطوير النشاط الاقتصادي عموما،وفقاً لمبدأ التخصص وتقسيم العمل الذي يسمح بوفورات الإنتاج والحجم الكبير على أساس الميزات النسبية التي تتمتع بها كل دولة من الدول المتكاملة.
2- البنية الأساسية:- تظل المكاسب المتحققة من الانضمام الى التكتل محدودة في حالة افتقار دول التكتل إلى بنية أساسية متطورة ،وهذا بدوره سيحد من المزايا المتوقعة من تحقيق التخصص وتقسيم العمل.

ثالثا :-أهداف التكتل الاقتصادي :- تبين مما سبق أن التكتل الاقتصادي هو عملية سياسية وثقافية واقتصادية مستمرة باتجاه إقامة علاقات اندماجية متكافئة وتحقيق عوائد مشتركة من خلال الاستغلال المشترك لإمكانيات وموارد الأطراف المساهمة بغية خلق مزيد من التداخل بين هياكلها الاقتصادية وصولا إلى الوحدة الاقتصادية وتكوين كيان اقتصادي واحد يسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاقتصادية أهمها :-
1. الحصول على مزايا الإنتاج الكبير:- بتوسيع حجم السوق وتوجيه الاستثمارات توجيها اقتصاديا سليما، والعمل على إزالة العوائق التي تحول دون تحقيق هذا الهدف.
2. تقسيم العمل التكنيكي والوظيفي :للاستفادة من المهارات والأيدي العاملة بصورة أفضل وعلى نطاق واسع.
3. تسهيل التنمية الاقتصادية: من خلال خلق فرص جديدة تنهض بالإنتاج والاستثمار والدخل والتشغيل.
4. رفع مستوى الرفاهية:- من خلال تمكين المستهلكين من الحصول على السلع بأقل الأسعار الممكنة.
5.تخفيض أثر الصدمات الخارجية:- من خلال زيادة مستوى التنويع الإنتاجي في الدول الأعضاء في التكتل.

رابعا :- التكتلات الاقتصادية في الدول المتقدمة :-
1.الاتحاد الأوروبي:- بدأ الإتحاد الأوربي كمنطقة تجارة حرة بموجب اتفاقية" روما" عام 1958ثم تدرج مستوى الاندماج وتعمق بشكل مستمر الى أن وصل عدد الدول الأعضاء في إلى الإتحاد الى 25 دولة بعد انضمام دول أوربا الشرقية،فأصبح من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم وأكثرها اكتمالا من حيث البني والهياكل التكاملية، ومن حيث الاستمرار في المسيرة التكاملية.ومن حيث الإمكانيات فإن هذا التكتل يهيمن تجاريا على أكثر من ثلث التجارة العالمية،.ويحصل على أكبر دخل قومي في العالم، كما يعتبر أضخم سوق اقتصادي داخلي حيث بلغ عدد سكانه أكثر من 380 مليون نسمة وبمتوسطات دخل فردي مرتفعة نسبيا. ويلاحظ أن التكتل الاقتصادي الأوروبي يتخذ استراتيجية هجومية تجاه الاقتصاد العالمي ويسعى بكل قوة إلى أن يكون على رأس الشكل الهرمي للنظام الاقتصادي العالمي الجديد في القرن الحادي والعشرين، ويمكن أن نلتمس ذلك بجلاء من خلال تفحص أهداف هذا التكتل التي وإن كانت تركز على تقوية الهياكل والبنى الاقتصادية للاتحاد ،إلا أنها تنص بشكل واضح على سعي الاتحاد إلى دخول القرن الحادي والعشرين بصورة تسمح له بأن يلعب دوراً أكثر فاعلية في كافة المجالات الاقتصادية بل وحتى السياسية. وهذا ما يدعم فرضية الترابط بين ظاهرة تنامي التكتلات الاقتصادية وما يشهده العالم من عولمة اقتصادية على جميع الأصعدة.
2. التكتل الاقتصادي لأمريكا الشمالية(NAFTA) :- أنشئ هذا التكتل في نهاية العام 1993 ،ويضم كلا من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك ، وبالرغم من كونه لا يضم إلا ثلاث دول كبيرة، فإنه مثل أكبر منطقة تجارة حرة في العالم تقريبا بحجم اقتصاد يقارب 7 تريليونات دولار عند النشأة، وعدد منتجين ومستهلكين يناهز 360 مليون نسمة، كما يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي 670 مليار دولار، وحجم التجارة الخارجية 1017 مليار دولار عام 1991، ناهيك عن الإمكانات التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية من مستويات تكنولوجية وصناعات متقدمة وثروات طبيعية وقدرات مالية هائلة. وإذا تفحصنا أهداف هذا الاتحاد نجدها لا تختلف كثيراً عن أهداف الاتحاد الأوروبي، فهي بعد تحقيق اقتصاد قوي للدول الأعضاء تعطي كل أولوياتها لتعزيز القدرة التنافسية مع التكتلات الاقتصادية الأخرى الصاعدة على المستوى العالمي وبالخصوص الاتحاد الأوروبي.
3. التكتل الاقتصادي الآسيوي :- يمكن تمييز محورين في هذا التكتل الاقتصادي :-
الأول/ رابطة جنوب شرق آسيا المعروفة باسم الآسيان(ASEAN):- يتكون هذا التكتل من ست دول هي:تايلاند، سنغافورة، ماليزيا، بروناي، إندونيسيا، الفلبين. وقد أنشئ في العام 1967 وكان هدفه في البدء سياسياً يتلخص بإقامة حلف مضاد للشيوعية، وبعد الأضرار التي لحقت بدول التكتل جراء السياسات الحمائية المتبعة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا تجاه صادرات تلك الدول، أخذت تهتم بالتعاون الاقتصادي وهكذا إنشئت تكتل (الآسيان) الذي أرسى خطوة هامة على طريق تأسيس جبهة منظمة مضادة للتكتلات الاقتصادية الأخرى ثم أخذ دوره يتزايد في التجارة الدولية باستمرار، فبعد أن كانت صادرات المجموعة لا تمثل سوى3%من إجمالي الصادرات العالمية، وحوالي 5. 11% من إجمالي صادرات الدول النامية ، وصلت هذه الصادرات إلى 5%من إجمالي الصادرات العالمية، وحوالي 18%من إجمالي صادرات الدول النامية.
الثاني / جماعة التعاون الاقتصادي لآسيا الباسيفيكية والمعروفة باسم (APEC):- تتكون هذه الجماعة من ثمانية عشر دولة على رأسها اليابان والصين واستراليا والولايات المتحدة وكندا والمكسيك ونيوزيلندة وكوريا الجنوبية، ودول رابطة الآسيان. وقد جاء إنشاء هذا التجمع الاقتصادي العملاق كرد فعل على إعلان قيام أوروبا الموحدة عام 1992.و يسيطر التجمع على حوالي 50% من الناتج القومي الإجمالي العالمي والتجارة العالمية.

خامسا- التكتلات الاقتصادية في الدول النامية:-
تتميز التكتلات الاقتصادية في الدول النامية بضعفها وحاجتها الى المزيد من العمل والتنسيق ومن أهمها :-
1. تجارب التكتل في أمريكا اللاتينية:- أنشئت هذه الربطة في العام 1961، و تضم كل من الأرجنتين، البرازيل، المكسيك، شيلي، بيرو، أورغواي، باراغواي ، كولومبيا، والإكوادور ،فنزويلا، وبوليفيا ، وبذلك فهي تشمل كل قارة أمريكا اللاتينية الى جانب المكسيك.وأقتصر هذه الربطة على تحرير التجارة دون أن يمتد إلى تحقيق الاتحاد الجمركي أو السوق المشتركة، وتميزت بتواضع أهدافها و تباطؤها في الانجاز ، نتيجة التفاوت الكبير بين أعضائها، فالدول الثلاث الكبرى:الأرجنتين،والبرازيل، والمكسيك تمثل مساحتها وسكانها حوالي70 % من الدول الأعضاء في الرابطة ،وهذا التفاوت الكبير في الإمكانيات كان السبب الرئيسي في فشل هذا التجمع .
2. تجارب التكتل الإقليمي في آسيا:- في إطار المناطق التكاملية داخل آسيا ، يمكن التمييز بين منطقة جنوب شرق آسيا التي أقامت رابطة جنوب شرق آسيا "الآسيان"التي سبق الإشارة إليها ، أما في وسط آسيا فقامت منظمة التعاون الإقليمي للتنمية بين ثلاث دول آسيوية هي: إيران، باكستان، تركيا، في العام 1964 بعد استفادتها من مزايا التعاون الذي تحقق لها في إطار حلف بغداد، وتتميز دول هذا الإقليم بأنها متجاورة وبينها قدر من التوافق في النواحي السياسية والحضارية، وقد تجسد ذلك من خلال إبرام العديد من العقود والاتفاقيات بين الدول وإقامة المشاريع الاقتصادية المشتركة.غير أن قيام الثورة الإيرانية، ثم نشوب حرب العراقية -الإيرانية قد جمد أعمال المنظمة حتى العام 1985الذي توصلت فيه الدول الأعضاء الى اتفاقية تقضي بإعادة هيكلة المنظمة وإحيائها تحت اسم (منظمة التعاون لاقتصادي)،وشكلت معاهدة أزمير الأساس القانوني لهذه المنظمة، وأجريت عدة تعديلات على هذه المعاهدة في العام 1990 ، كما أضيفت لها بروتوكولات في 1991،وفي سنة 1992 انضمت سبع دول جديدة إلى الدول الثلاث المؤسسة ليصبح العدد عشر دول، وهذه الدول هي: أفغانستان، وست من دول آسيا الوسطى التي انفصلت عن الاتحاد السوفيتي وهي:أذربيجان، وأوزبكستان، وتركمستان، وطاجاكستان، وكازاخستان، وقيرقيزيا. ولا تختلف أهداف المنظمة الجديدة عن سابقتها وإن كانت منحت اهتماما جديدا للبعد الدولي، فتضمنت أهدافها السعي إلى الاندماج التدريجي في الاقتصاد العالمي، وهي نفسها الفكرة التي اتخذتها مختلف التكتلات الاقتصادية في شتى أنحاء العالم .
3- تجارب التكتل في الوطن العربي :-رغم توفر المقومات الاقتصادية والثقافية المطلوبة لقيام تكتل اقتصادي ناجح في الوطن العربي ،ألا أن غياب شرط التوافق السياسي بين الأنظمة العربية وحالة عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول العربية وقفت حائلا دون نجاح معظم تجارب التكتل في الوطن العربي،باستثناء تجربة دول مجلس التعاون الخليجي التي بدأت بإنشاء منطقة التجارة الحرة في العام 1981 ، ثم انتقلت الى مرحلة الاتحاد الجمركي في العام 2003 ورغم التقدم النسبي في الترتيبات والإجراءات المتخذة،جاء التقرير الاقتصادي الخليجي 2005-2006 ليؤكد على ضعف مؤشرات التكامل التجاري وانخفاض مستوى التجارة البينية الخليجية، وضعف مجالات الاستفادة من ارتفاع عوائد الصادرات النفطية؛ نتيجة ارتفاع الطلب على السلع المستوردة وضعف مستوى التنويع الإنتاجي في دول المجلس ،جعلتها تتجه نحو الأسواق الخارجية ، وأدى ذلك الى تسرب جزء كبير من الأموال الخليجية الى الخارج، وهذا الأمر يفرض على دول المجلس بذل المزيد من الجهود لرفع مستوى التنويع الإنتاجي من السلع والخدمات التي تحظى فيها بميزة نسبية لزيادة مستوى التكامل الاقتصادي الخليجي.

الخاتمة :- بناء على كل ما تقدم، يبدو أن الأهداف المشتركة لجميع التكتلات الاقتصادية هي الحصول على مزايا اقتصادية أكبر مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكتل. فضلا عن سعيها لحماية إنتاجها المحلي من المنافسة الأجنبية في ظل العولمة وفتح الأسواق، وعليه أصبحت مسالة الانضمام الى التكتلات الإقليمية أمراً حتمياً.فلم يعد هناك أي مجال للنجاح في تحقيق أهداف التنمية أو الدفاع عن المصالح الوطنية إذا بقي البلد منفرداً بعد أن أصبح شعار التعامل الاقتصادي الدولي هو" أن البقاء لمن هو أكثر كفاءة وقوة ومنافسة ".
في ظل هذه الظروف فأن الدول العربية مدعوة أكثر من أي وقت مضى الى بناء تكتل اقتصادي يضاهي التكتلات المتطورة، لتستفيد من إمكانياتها الاقتصادية الهائلة.ولكي يكون هناك أمل في أمكانية تحقيق هذا الهدف ، فإن الأمر يستدعي العمل بجدية أكثر من أجل، الارتقاء بنظم الحكم في الدول العربية ، والاهتمام بالتنمية البشرية ورفع مستوى المهارات، وزيادة تنافسية الصادرات وتنويع الهياكل الإنتاجية، وحل مشاكل المديونية،واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين مناخ الاستثمار. img401/4421/simo2wv2.gif

حكمة اليوم :
عظمة الإنسان تقاس بمدى استعداده

أن يرحم أولئك الذين أخطأوا في حقه











رد مع اقتباس
قديم 2017-10-14, 11:44   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
na.dodo
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم .هل المصادر غير موجودة










رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc