عقدة التجسيم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عقدة التجسيم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-07-07, 10:03   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Post عقدة التجسيم



السؤال
لماذا تخالفون جمهور العلماء في التجسيم؟ لماذا تخالفون البخاري؟


لماذا تخالفون الصحابة؟


قال النووي في شرح مسلم (مجلد 3 جزء 5 ص 24): قال القاضي عياض: "لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء ليست على ظاهرها، بل متأولة عند جميعهم". (وقال في شرح مسلم مجلد 5 جزء 9ص117)


قال القاضي عياض قال المارزي: معنى يدنو: أي تدنو رحمته وكرامته لا دنو مسافة وممارسة.


(من معجزات القرآن أنه يسد الطريق على الانحرافات العقدية والفكرية لمن يتأمل فيه، وفيه آية تكفي وحدها لكشف زيف عقيدة الوهابيين في حمل الصفات على ظاهرها الحسي، وهي قوله تعالى: "كل شيء هالك إلا وجهه" فماذا يقول فيها الوهابيون، وأسلافهم المجسمة؟
هل يقولون كما قال أكثر المسلمين إن كلمة (وجهه) هنا مجازية بمعنى ذاته، أو بمعنى رسله وأوصيائهم؟ أم يصرون على أن معنى الوجه هو الوجه الحقيقي المادي، ويلتزمون بأن كل الله تعالى يفنى ويهلك إلا وجهه؟! سبحانه وتعالى عما يصفون.
هنا تقف سفينة الوهابيين وكل المجسمين، وتتعطل محركاتها بالكامل، وتعصف بهم العواصف، ويغرقون إلى الأذقان، ولكنهم مع ذلك يصرون على منطقهم مهما كانت النتيجة !
لقد قالوا

ونعوذ بالله مما قالوا-: إن الله تعالى يفنى إلا وجهه، ولا بد أنهم يحلون المشكلة بقولهم: يفنى فناء يليق بجلاله، ويهلك هلاكاً يليق بجلاله!! أفيدونا جزاكم الله خيراً.
***
يا أشاعرة
لا تفرحوا









 


قديم 2013-07-07, 10:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن بلسان عربي مبين، وأمر عباده بتدبره، وتعقله،



كما قال تعالى: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب" [ص:29].

وقال: "إنا أنزلناه قرآنا عربياً لعلكم تعقلون" [يوسف:2].


ومحال أن يدع الله تعالى أعظم أبواب الدين، وأشرف أنواع العلوم، وهو العلم بأسمائه، وصفاته، وأفعاله، محلاً للاحتمالات، ونهباً للتخرصات، ومحال أن يهمل نبيه صلى الله عليه وسلم تعليم أمته أعظم ما بعثه الله به من التعريف بالله، وبيان ما نزل إليه من ربه. فهل تجد أيها الأخ الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً واحداً يصرف فيه معاني نصوص الصفات عن ظاهرها إلى شيء من المعاني المجازية المدعاة؟
إن المعضلة التي تواجه بعض الناس تكمن في عدم فهمهم لطريقة السلف،

طريقة التي احدثها شيخ الاسلام
شيخ الاسلام ابن تيمية، أو الوهابية، كما جاء في سؤالك! والأمر قطعاً ليس كذلك، وأرجو أن تصغي لما أقول بتجرد وإخلاص:
1- لفظ يعبر عنه.
2- معنى يدل عليه ذلك اللفظ.
3- كيفية هي عليه في الواقع، فأما الأول، فمحل إجماع بين المسلمين، فالقرآن محفوظ، منقول بالتواتر، لا زيادة فيه ولا نقصان، إلا ما تدعيه بعض فرق الشيعة من تحريف القرآن ونقصه، وذلك من موجبات الكفر، ومخالفة المعلوم من الدين بالضرورة.

فقال بعضهم: المعاني التي دلت عليها ألفاظ الصفات، هي المعهودة في الأذهان، المدركة بالحواس، فله سمع كسمعنا، وبصر كبصرنا، ووجه كوجهنا، واستواء كاستوائنا، إلخ. وهؤلاء هم المشبهة، أهل التمثيل. وطريقتهم باطلة بالعقل والنقل، كما لا يخفى.


وقال بعضهم: ليس لهذه الألفاظ معانٍ مدركة، ولا سبيل للعلم بالمعنى مطلقاً، ولا يجوز أن نستحدث معنى مجازياً من تلقاء أنفسنا، بلا أثارة من علم، فنكتفي بقراءة القرآن تعبداً بتلاوة الألفاظ، دون إثبات معنى! وهؤلاء هم أهل التفويض، الذين يظن بعض الناس أن طريقتهم هي طريقة السلف المتقدمين؛ من الصحابة والتابعين.




وقال بعضهم:
لا يمكن أن يتصف الله بالصفات الثبوتية، لأن إثبات الصفات يستلزم التشبيه. فينكرون وجود معنى بالكلية، ويفسرون ما أثبت لنفسه من الصفات بنفي أضدادها فقط؛ فيقولون: المراد بصفة العلم: نفي الجهل، وصفة القدرة: نفي العجز، ولا يثبتون الرب إلا وجوداً مطلقاً بشرط الإطلاق، دون إضافة صفة إليه.



وهؤلاء هم الجهمية، والمعتزلة.وقال بعضهم: لابد من إثبات معانٍ للألفاظ، ولا يمكن أن يُترك الناس يقرؤون ما لا معنى له،ولكن المعنى المتبادر إلى الذهن يوهم التشبيه،


فعلينا أن نعمل عقولنا في استخراج معانٍ مجازية، خلاف المعاني الحقيقية،


لنحمل عليها كلام الله، وإن كنا لا نقطع يقيناً بأن ذلك هو مراد الله،

فنقول: المراد بالوجه: الثواب، والمراد بالمجيء: مجيء أمره، والمراد باليد: النعمة، أو القدرة. وهؤلاء هم أهل التأويل، الذين سلك السائل طريقتهم، ومنهم فرق الصفاتية؛ كالكلابية، والأشاعرة، والماتريدية.أما طريقة السلف، أهل القرون المفضلة،


فإنها إثبات المعنى اللائق بالله الذي دل عليه اللفظ. وبيان ذلك أن المعنى قضية ذهنية مشتركة، فإذا أضيفت تخصصت. فـ (السمع) مثلاً يعني: إدراك الأصوات، وهذا معنى مشترك، تتفاوت فيه المخلوقات، فما بين الخالق والمخلوق من باب أولى، ولهذا قالت عائشة، رضي الله عنها: "الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت خولة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها، فكان يخفى علي كلامها، فأنزل الله عز وجل: "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما" رواه البخاري، والنسائي، وابن ماجه.. فثم معنى مشترك في الأذهان لكل لفظ، فإذا أضيف ذلك اللفظ إلى مخلوق صار المعنى لائقا به، وإذا أضيف إلى الخالق الذي ليس كمثله شيء صار لائقاً به. وهذا هو (المثل الأعلى) الذي أراده الله بقوله: "ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم" [النحل:60]. وقوله: "وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم" [الروم:27].
أما (الكيفية) فإن السلف يفوضون علمها إلى الله، فالله في نفوسهم أعظم وأجل أن تدرك كنهه العقول، أو تحيط به الأوهام، سبحانه وبحمده.
ومن نقلت عنهم من العلماء المتأخرين، كالقاضي عياض، والمارزي، والنووي رحمهم الله، قد تأثروا بطريقة المتكلمين من الأشاعرة، وأمثالهم، ممن جمعوا حقاً وباطلاً في هذا الباب، ولم يميزوا طريقة السلف المتقدمين، وظنوا أنها تفويض المعنى والكيفية، والصحيح أن طريقة السلف من الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، إثبات اللفظ والمعنى، وتفويض الكيفية.



ولا أدل على ذلك من جواب الإمام مالك بن أنس، رحمه الله، لمن سأله عن كيفية الاستواء، فأجاب بأربع جمل:
1- (الاستواء معلوم) أي معلوم معناه في لغة العرب، فإن الذي قال: "الرحمن على العرش استوى" [طه:5]. هو الذي قال عن الفلك والأنعام: "لتستووا على ظهوره" [الزخرف:13]، أي لتعلوا عليها، فكيف يكون معناها معلوماً في آية الزخرف، وتجري على حقيقتها، ولا يكون معلوماً في آية طه، أو يؤول إلى الاستيلاء! سبحان الله.
2- (والكيف مجهول): فلا سبيل لأحد أن يدرك كيفيات الصفات.
3- (والإيمان به واجب): لأن الله أخبر عنه في سبعة مواضع في كتابه بلفظ مطرد.
4- (والسؤال عنه بدعة): لأن الصحابة، رضوان الله عليهم، ما كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الكيفيات، وحاشاهم.
أما طبقة الإمام البخاري، ومن قبله، ومن بعده، من أهل القرون المفضلة، فلا يمكن أن تجد لهم كلاماً في التأويل، لأنهم سلكوا مسلك الإثبات والتحقيق والتنزيه. فطريقة السلف، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل.




وأما ما عولت عليه من استدلال ظننته ملزماً لأهل السنة، في قوله تعالى: "كل شيء هالك إلا وجهه" فقد أبعدت النجعة، وأتيت من قبل سوء فهمك لطريقة السلف، فلا يدور بخلد عاقل، فضلاً عن عالم، المعنى البشع الشنيع الذي فهت به، غفر الله لك، ولم يقل به أحد من السلف، وليس لك أن تقوِّلهم ما لم يقولوه، وإنما معنى الآية عندهم: أن كل شيء يهلك إلا الرب العظيم، الموصوف بأن له وجه كريم، كما قال في الآية الأخرى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" [الرحمن:27]. ألا ترى أنه قال (ذو) ولم يقل (ذي)لتكون وصفاً للوجه لا للذات، مما يدل على تحقيق هذه الصفة، وأن الوجه ليس مرادفاً للذات، بل صفة لها. وأما تأويلك بالرسل والأوصياء، فأبصر من أين تسلل إليك!


وبالجملة، فالواجب علينا أن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه، لا نتجاوز القرآن والحديث، لأنه سبحانه أعلم بنفسه، وأصدق قيلاً، وأحسن حديثاً. ونبيه صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربه، وأصدقهم، وأفصحهم، وأنصحهم. فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يفتات على الوحيين، مهما كانت نيته، فليس أغير من الله على نفسه، ولا من رسوله على ربه.وأدعوك، يا رعاك الله، إلى التبصر، والتمهل، والرؤية، في هذه المسائل الدقيقة الخطيرة، وألا تسلك مسلك التجني والعدوان قبل التبين، والتثبت، عصمنا الله وإياك من الزلل، وأصلح لنا ولك الاعتقاد والعمل. والله الموفق. والهادي إلى سواء السبيل.


المجيب د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي
أستاذ العقيدة بجامعة القصيم










قديم 2013-07-07, 12:21   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جويرية بنت أبي العاص الفاروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جويرية بنت أبي العاص الفاروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اختي الفاضلة ونفع بك










قديم 2013-07-07, 13:34   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *سراء* مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك اختي الفاضلة ونفع بك
وفيك بارك الله اخيتي العزيزة حفظك الله وتقبل منا ومنك









قديم 2013-07-07, 13:34   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي




كلام الأشاعرة ممن يقول بأن القرآن يوهم الجسمية و الاخذ بظاهره كفر


- و العياذ بالله - ؟؟؟


و ابدأ من
كلام البيجوري الأشعري في كتابه : شرح جوهرة التوحيد :

قال : ( ومما يوهم الجسمية قوله تعالى: {وجاء ربك} وحديث الصحيحين: ( ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ، ويقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له) )

و قال: (ومما يوهم الجوارح قوله تعالى: {ويبقى وجه ربك}و{يد الله فوق أيديهم} وحديث: (إن قلوب بني آدم كلها كقلب واحد بين أصبعين من أصابع من الرحمن)



و قال : ( "والحاصل أن كل ظاهر من الكتاب والسنّـة دل على حدوث القرآن ، فهو محمول على اللفظ المقروء لا على الكلام النفسي ، لكن يمتنع أن يُقال: القرآن مخلوق إل

في مقام التعليم )


و قال الصاوي في حاشيته على تفسير الجلالين : ( الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر ) !!!


و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم !!

وصدق الإمام ابن القيم رحمه الله عندما قال :
جعلوا كلام شيوخهم نصا له الـ ... احكام موزونا به النصان
وكلام رب العالمين وعبده ... متشابها متحملا لمعان











قديم 2013-07-07, 13:40   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

قول البيجوري (ومما يوهم التجسيم قوله تعالى" وجاء ربك")
مراده أننا لو أخذنا بظاهر معنى الآية في اللغة لوجدنا أنها تعني المجيء المعروف الذي يتصف به المخلوق فإلحاق
هذا المعنى بمجيء الله سبحانه تجسيم


ولذا قرر أن صفة المجيء لله مما يوهم التجسيم فعليه أولوا صفة المجيء وقالوا هو مجيء أمر الله

وهذا التأويل خطأ وهو مخالف لما عليه السلف من إثبات صفة المجيء لله كما دل عليه ظاهر الآية..

من هنا نشأ الغلط شبه في خياله ثم راح ينفي هذا التشبيه من باب التزيه زعم ، ولو فهم أن الله ليس كمثله شيء = لسلم من أصل الإيراد الفاسد ، ولم تكن ـ بحمد الله ـ ظواهر النصوص الكثيرة في الصفات تجسيما إلا عند هؤلاء النابتة










قديم 2013-07-07, 13:49   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ليعلم كل من أراد الحق باخلاص أن ذات الله تعالى (غيب)

لا سبيل لمعرفة صفاتها إلا بالنقل الصحيح فالعقول مخلوقة تعجز عن معرفة كنهه سبحانه وتعالى.

شيخ الإسلام رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (5/26) :


" قال الإمام أحمد رحمه الله
عنه لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به



رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث " انتهى

قد بينه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -


نفسه في عامة كتبه، وهو أن يسأل هذا السائل : ما تريد بالتجسيم ؟
إن أردت أنه ذو صفات تليق به؛



فهذا المعنى حق ثابت بالكتاب والسنة والإجماع القديم.
وهذا مراد المبتدعة من إطلاق هذا اللفظ،ولهم في تقرير كونه تجسيماً مقدمات دقيقة يختلفون في أكثرها:

فالجهمية تجعل من يثبت جنس الأسماء مجسماً.


والمعتزلة ومن تبعهم من الشيعة الاثني عشرية والزيدية والإباضية يجعلون من يثبت الصفات مجسماً.

والكلابية والأشاعرة ومن تبعهم يجعلون من يثبت الصفات الاختيارية (الفعلية) مجسماً!!

وإن أردت أن له ذاتاً وصفات تماثل الأجسام المخلوقة فهذا المعنى باطل.

فنفي التجسيم بالمعنى الأول باطلٌ، ونفيه بالمعنى الثاني صحيح، وإثباته بالمعنى الأول صحيح، وبالمعنى الثاني باطل

؛فلا يصح حينئذٍ إطلاق هذا اللفظ لا إثباتاً ولا نفياً لهذا الاحتمال، والله الموفق.









*******************

" قال الإمام أحمد رحمه الله عنه لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به


رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز القرآن والحديث " انتهى










قديم 2013-07-07, 14:01   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

(هل أبن تيمية ثبت عليه التجسيم في الصفات؟؟
وما هو الرد على تلك التهمة..؟))


******************************



كل من يسأل عن التجسيم ليس بعامي صرف !!

لأن موضوع التجسيم من أهم موضوعات توحيد الأسماء والصفات ..


المهم .. صحيح كلامك في مناصحة العامة بكلام سهل كي يفهموه ..


وعن هذه المسألة بالذات :


هل ابن تيمية مجسم ؟


أضرب له مثالا واحدا مما اتهم به شيخ الاسلام ..


وهو قصة النزول المفبركة المكذوبة عليه .. وهي موجودة في رحلة ابن بطوطة الشهيرة ..

وكان مما قاله ابن بطوطة :



وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام يتكلم في الفنون. إلا أن في عقله شيئاً .. الخ (1/43)
وهذا أول ما يصف ب
! شيخ الإسلام !!


وقال أيضا في نفس الصفحة :

وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم. فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل درجة من درج المنبر فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء، وأنكر ما تكلم به. فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته، فأنكر فقهاء المالكية والشافعية .. ورفعوا الأمر إلى ملك الأمراء سيف الدين تنكيز، ... فكتب إلى الملك الناصر بذلك، وكتب عقداً شرعياً على ابن تيمية بأمور منكرة، ... وبعث العقد إلى الملك الناصر فأمر بسجن ابن تيمية بالقلعة، فسجن بها حتى مات في السجن. اهـ مختصرا مكتفيا على ما يخص الموضوع .

وهذه الحكاية الساقطة .. نتساءل من نقلها غير ابن بطوطة ؟ لا أحد .
ما هي صحتها ؟ لا دليل .
وهل اذا كان ابن تيمية يصف نزول الله جل جلاله كنزول الناس ( وهو التشبيه والتجسيم بعينه ) لماذا لم يذكر هذا في كتبه على كثرتها ؟
بل الصحيح الكثير في جميع كتبه هو الرد على المجسمة والمشبهة ، وكتبه طافحة بذلك ..
وهذا أهم دليل في كذب ما نقله ابن بطوطة ..
وثمت أدلة كثيرة ذكرها ابن القيم في تبرئة شيخه من هذه الفرية ..

أذكر منها أمرين :
الأولى : أن شيخ الاسلام لم يرتقي منبر المسجد الجامع في يوم الجمعة قط .
الثانية : وهي القاصمة ، أن في وقت دخول ابن بطوطة الى دمشق كان شيخ الاسلام اذ ذاك محبوسا ومات في حبسه .
فمن يا ترى الذي رآه ابن بطوطة ؟

وهل هي فعلا من كلامه هو ؟ أم من كاتبه ابن جزي الكلبيالذي دون ما أملاه ابن بطوطة في رحلته ؟
أم هي من وضع الحسدة المبتدعة الذين يكيدون لأهل السنة ويحاولون أن يشوهوا صورتهم ويلفقوا لهم التهم ويفتروا عليهم الكذب ؟
وهذين الدليلين يسهل علينا اقناع العامة بهما لسهولتهما ووضوحهما ..
وللتأكيد عليها يراجع جميع كتب التاريخ لتثبت في أي عام دخل ابن بطوطة دمشق ؟
وفي أي عام سجن شيخ الإسلام ؟

وبهذا يثبت بطلان تلك الفرية ويجتثها من جذورها ..
والعجيب : أن الشيخ الدكتور البوطي وهو معروف بشدة انكاره لحديث النزول ( ينزل الله في الثلث الأخير من الليل ... ) وهو حديث صحيح رواه مسلم عن ابي هريرة ..
ومع ذلك فقد برأ شيخ الاسلام من شبهة التجسيم المنسوبة إليه ..










قديم 2013-07-07, 14:09   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


دعوى نسبة التشبيه والتجسيم لابن تيمية وبراءته من ترويج المغرضين لها
فضيلة الشيخ : محمد بن علي فركوس - حفظه الله
حمل المقال مسموعا بصوت الشيخ من موقعه
حمل المقال مسموعا بصوت الشيخ من موقع آخر


الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:


فإنّ ابنَ تيميةَ -رحمه الله- كان سابقًا لزمانه، بحرًا في كُلِّ فنٍّ لا تكاد تُكدّره الدِّلاءُ، ارتقى في مدارج العلم والكمال حتى بلغ ذِرْوَةَ المجد العلميِّ والنبوغِ الفكري، فسما عن الجيل الذي يعيش بينه، فهذه المنـزلةُ التي حباه الله بها -وإن كان يُغبَط عليها- إلاّ أنها في الوقت نفسه ابتلاءٌ له وامتحان، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ..»(١- أخرجه الترمذي في «الزهد»، باب ما جاء في الصبر على البلاء: (2398)، وابن ماجه في «الفتن»، باب الصبر على البلاء: (4023)، والدارمي في «سننه»: (2681)، وابن حبان في «صحيحه»: (2900)، والحاكم في «المستدرك»: (120)، وأحمد: (1497)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (3/52)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (143)، وحسنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (377))، وفي مقابل هذه النعمة التي منحها الله له لاقى من خصومه ومخالفيه أنواعًا من الافتراءات وألوانًا من التُّهم دفع ثمنها باهضًا، وكما قيل: «وَلاَبُدَّ دُونَ الشَّهْدِ مِنْ إِبَرِ النَّحْلِ»(٢- من ديوان أبي الطيب المتنبي في مدح أبي الفوارس دليز بن لشكروز، وكان قد أتى الكوفة لقتال الخارجي الذي نجم بها من بني كلاب، وانصرف الخارجي قبل وصول دليز إليها. وانظر «التمثيل والمحاضرة» للثعالبي: الفصل الثالث فيما يكثر التمثيل به في جميع الأشياء. و«نفح الطيب» للمقري: (4/501)).


وميزةُ ابنِ تيميةَ -رحمه الله- في تآليفه الكثيرة العامرة ومناظراته العلمية الدَّقيقة أن يستوثقَ من كلام المخالفين عند تعرُّضه لهم بالنقد والتفنيد والتقويم، فلا يُسنِد لهم أقوالاً يفترضها لهم تَقَوُّلاً ثمّ يجيب عنها ويناقشها بالردِّ والقَبول، كما هو صنيعُ كثيرٍ من خصومه الأقدمين والمُحْدَثين والمعاصرين، وإنما يُسْنِدُ لهم القولَ عن بيِّنةٍ بالمشافهة أو بنقل مستوثق من كتاب يعرفه، يخطِّئ الآراء الفاسدة الناشئة عن ضلال الأفكار وانحراف المعتقدات، ويدمغ الباطلَ بالبرهان والحجّة، والكتاب والسُّنَّة، فوقع كلامُه في نفوس المخالفين له موقعَ التسليم، ولعِظم الدهشة التي أصيبوا بها لم يطيقوا نقضَهُ إلاّ من جهة اختلاق أقوالٍ نسبوها إليه افتراءًَ وتزويرًا ولا حقيقة لها ولا محصِّل.

قال ابنُ تيمية -رحمه الله-:
«وَكَانَ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ زُوِّرَ عَلَيَّ كِتَابٌ إلَى الأَمِيرِ رُكْنِ الدِّينِ الجاشنكير أُسْتَاذِ دَارِ السُّلْطَانِ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ عَقِيدَةٍ مُحَرَّفَةٍ وَلَمْ أَعْلَمْ بِحَقِيقَتِهِ؛ لَكِنْ عَلِمْت أَنَّهُ مَكْذُوبٌ»(٣- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (3/160))، لذلك كان سبيلُ النقد الموجّه له ضعيفًا من جهة التوثُّق من أقواله، أو من جهة الجهل بمقصده ومرماه، أو عدم الإدراك لمغزاه، أو ترتبه كأثرٍ ناتجٍ عن تعصّب لآرائهم أو آراء كبرائهم.


ومن ضروب النقد التي شَنَّهَا عليه خصومُهُ لَمَّا أَلَّفَ ردَّه على الإخنائي، وحرّم فيه بناءً على النصوص الحديثية شدَّ الرحال لزيارة القبور، وهي من أشدّ المعارضات التي لَقِيَهَا ابنُ تيمية -رحمه الله- من خصومه، ولا تزال ساحتها حامية الوطيس بين أهل التوحيد وأهل القبور من الصوفية وأهل الطرق وغيرِهم، كما وُجّهت له انتقادات بسبب تأليفه للفتوى الحموية التي أبرز فيها معتقدَ أهل السُّنَّة وما يجب اعتقاده بالأخصِّ في مسائل الأسماء والصفات، وقد لاقى بسببها من خصومه معارضةً وتشنيعًا، وبالأخصّ الأشاعرة الذين كانوا يمثلون –آنذاك- الأغلبية من الناس، ومن صُوَر النقد -أيضًا- أنه نسب إليه التناقض في قوله ﺑ: «قدم جنس الكلام وحدوث آحاده»، وأنه القائل ﺑ: «حلول الحوادث بالذات» وغيرها من الانتقادات والمعارضات.


ولعلّ أقوى موجةِ نقدٍ نشهدها اليوم ما يُروِّجه بعضُ أساتذة الفلسفة والمنطق اليوناني ﴿وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 202]،
من نسبة تهمة التشبيه والتجسيم لابن تيمية -رحمه الله- في محاولات جريئة ومسطّرة، تتطابق وقولَ ابن العربي المالكي(٤- هو محمّد بن عبد الله بن محمّد المعافري الإشبيلي، الشهير بأبي بكر ابن العربي المالكي، كان من كبار علماء الأندلس، ولي قضاء إشبيلية ثمّ صرف من القضاء، وأقبل على نشر العلم،

وله تصانيف شهيرة منها:
«العواصم من القواصم»، و«أحكام القرآن»، و«قانون التأويل»، و«عارضة الأحوذي»، و«المحصول في الأصول»
توفي بالقرب من فاس سنة (543)، وحمل إليها ودفن بها.
انظر ترجمته في: «الصلة لابن بشكوال»: (2/590)، «المرقبة العليا» للنباهي» (105)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان: (4/296)، «الديباج المذهب» لابن فرحون: (281)، «الوفيات» لابن قنفد: (279)، «شذرات الذهب» لابن العماد: (4/141)، «الفكر السامي» للحجوي: (2/221) ):
«والناس إذا لم يجدوا عيبًا لأحد، وغلبهم حسدهم وعداوتهم له أحدثوا له عيوبًا.. فيقذفوا في قلوب الناس ما لا يرضاه الله تعالى وليحتقروا السلف ويهونوا الدين»(٥- «العواصم من القواصم»: (2/469))،
والكيِّس إذا أنعم النظر يُدرك أنَّ النقد غيرُ موجّهٍ لشيخ الإسلام على الخصوص وإنما يستهدف المنهجَ السلفيَّ المتمسّك بدعوته بُغيةَ إفساد الناس عليه وإبعادهم عنه والانتقاص من علمائه ونسبة المآخذ لرواده.


ومما نسبوا إليه من القول -جريًا على ما ذكره ابن بطوطة(٦- هو الرحالة المؤرّخ محمّد بن عبد الله اللواتي المعروف بابن بطوطة، ولد بطنجة بالمغرب الأقصى سنة 703ﻫ، وطاف ببلدان عدة في قارات مختلفة، واتصل بكثير من الملوك والأمراء والعلماء، ثمّ عاد إلى المغرب الأقصى، وانقطع إلى «أبي عنان» من ملوك بني مرين، وتوفي بمراكش سنة 779ﻫ،
من آثاره: رحلته المسماة ﺑ: «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار». انظر ترجمته في: «إيضاح المكنون» للبغدادي: (1/262)، «الأعلام» للزركلي: (7/114)، «معجم المؤلفين» لكحالة: (3/451) ) في رحلته- أنه حضر يوم الجمعة، وهو يعظ الناس على المنبر الجامع إلى أن قال: «فذكر حديث النزول، فَنَزل على المنبر درجتين فقال: كَنُزولي هذا»(٧- «رحلة ابن بطوطة»: (95، 96))،

كما نسبوا إليه -كذبًا وافتراءً- القولَ: «بأنّ الله يَنْزل إلى السماء الدنيا إلى مرجة خضراء، وفي رجليه نعلان من ذهب»(٨- «الإمام ابن تيمية وموقفه من قضية التأويل» للجنيد: (414)، «حياة ابن تيمية» لبهجة البيطار»: (50))،
وأنه قال -أيضًا-: «إنّ الله يجلس على العرش وقد خلى مكانًا يقعد فيه رسول الله»(٩- المصدران السابقان. في مسألة إقعاد النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على العرش ليس فيها إلاّ حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا، حَكَمَ عليه أهلُ الحديثِ بأنه باطلٌ، وله طَريقٌ موصولةٌ وموقوفةٌ لا يثبت إسنادُها. [انظر: «السلسلة الضعيفة» للألباني: (2/255) برقم: (865)].


وابن تيمية -رحمه الله- في هذه المسألة إنما حكى أنّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ قال بذلك وأنكرها آخرون، حيث قال في «مجموع الفتاوى» (4/374):
«قد حَدَّث العلماءُ المرضيُّون وأولياؤُه المقبولون أنّ محمّدًا رسولُ الله يجلسه ربُّه على العرش معه، وروى ذلك محمّد بن فضيل عن الليث عن مجاهد في تفسير ﴿عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ [الإسراء: 79]، ذكر ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة، قال ابن جرير: وهذا ليس مناقضًا لما استفاضت به الأحاديث من أنّ المقام المحمود هو الشفاعة باتفاق الأئمّة من جميع من ينتحل الإسلام ويدّعيه لا يقول إنّ إجلاسه على العرش منكر».

قلت: وما حكاه عنهم ونقله هو صادق فيه،
قال ابن حجر في «فتح الباري» (2/95): «وقيل إجلاسه على العرش، وقيل على الكرسي، وحكى كِلاَ القولين جماعةٌ»،

ولا يلزم من حكاية مذهب مجاهد وغيره القول به والتزامه. وعلى تقدير التسليم بصِحَّة نِسْبَة هذه المسألة لابن تيمية -رحمه الله- فقد تكلّم فيها جماعةٌ من السَّلَف كمجاهد، ورواه الطبري عن جماعة من السلف ولم ينكر رواية مجاهد في إقعاد النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على العرش، وأيّد كلام مجاهد أبو بكر المروزي وأبو داود السجستاني صاحب السنن، وإبراهيم الحربي ومحمّد بن مصعب العابد شيخ بغداد وخلق كثير.

ولهذا قال ابن تيمية رحمه الله في «درء تعارض العقل والنقل» (3/19):
«حديث قعود الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على العرش رواه بعض الناس من طُرُقٍ كثيرةٍ مرفوعةٍ وهي كلّها موضوعة، وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف، وكان السلف والأئمّة يروونه ولا ينكرونه، ويتلقَّونه بالقَبول، وقد يقال: إنّ مثل هذا لا يقال إلاّ توقيفًا لكن لابدّ من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول وما ثبت من كلام غيره، سواء كان من المقبول أو من المردود» ).


هذا، وممّا يدل -يقينًا- على براءة ابن تيمية -رحمه الله- من هذه الفرية الشنيعة ما يلي:

أولاً: إنّ قدومَ ابنِ بَطُّوطةَ إلى دمشقَ ووصوله إليها إنما كان يومَ الخميس التاسع من شهر رمضان سنة ست وعشرين وسبعمائة هجرية، وابن تيمية قد سجن في قلعة دمشقَ في السادس من شهر شعبان من ذلك العام، وبقي مسجونًا إلى أن توفَّاه الله تعالى، فأنى رآه ابنُ بطوطة وهو يعظ الناس.


ثانيًا: ولأنّ المقرّر عند نفاة الصّفات على اختلاف طبقاتهم في النفي: من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة يدّعون أنّ إثبات الصفات أو بعضها يسمّى تشبيهًا، ذلك لأنّ دعواهم مبنية على أنّ ما في الشاهد إلاّ صفات المخلوقين لذلك يلتزمون النفي مستدلّين بأنه يستلزم من إثبات الصفات تشبيهًا للخالق بالمخلوق، وهذا ما يفسّر رميَهم لمثبتي الصفات من السلف وغيرهم بالتجسيم والتشبيه.

وهذا خطأ، إذ لا يصحّ الاعتماد في النفي والإثبات على لزوم التشبيه وعدمه؛ لأنّ اتفاق المسلمين في بعض الأسماءِ والصّفاتِ ليس هو التشبيهَ والتمثيلَ الذي نفته الأدلّة السمعية والعقلية، فما من شيئين إلاّ وبينهما قدرٌ مشترك وقدرٌ مميَّز، فنفيه عمومًا نفي للقدر المشترك وهو باطل، وإثباته بعمومه إثبات لتساويهمَا في القدر المميَّز وهو باطل، إذ لا يلزم من التشابه في بعض الوجوه التشابهَ من كلّ وجه –كما سيأتي.


ثالثًا: لم يُعلم من حياة ابنِ تيمية العلمية أنه كان له منبر يرتقي عليه ويعظ الناس، وإنما كان له كرسي يجلس عليه ويجتمع الناس حوله.


رابعًا: لم يرد في كتب ابن تيمية -رحمه الله- هذا الكلام لا نصًّا ولا ظاهرًا يدلُّ على هذا التشبيه المذموم شرعًا، وكتابه «شرح حديث النُّزُول»(١٠- مطبوع ومتداول، وصدر عن المكتب الإسلامي الطبعة الخامسة مؤرّخة في سنة: (1397ﻫ-1977م)) متداولٌ بين الناس لم يظهر فيه أيُّ تصريحٍ بما اتهم به، ولا في أيِّ كتابٍ أو موضعٍ آخرَ.


خامسًا: تصريحُ ابن تيمية في مواضع متعدّدة بنفي التمثيل عن الله ومشابهةِ أحدٍ من المخلوقين في شيء من صفاته وخصائصِه، ويظهر ذلك من نصوص كلامه اللاحقة ذمُّه للتشبيه ووصف أصحابه بالمبطلين، حيث يقول -رحمه الله-:
«ليس في الخارج صفة لله يماثل بها صفةَ المخلوقِ، بل كلُّ ما يوصف به الرب تعالى فهو مخالفٌ بالحدّ والحقيقة لما يوصفُ به المخلوق أعظمُ مما يخالف المخلوقُ المخلوقَ، وإذا كان المخلوق مخالفًا بذاته وصفاته لبعض المخلوقاتِ في الحدّ والحقيقةِ، فمخالفة الخالق لكلّ مخلوقٍ في الحقيقة أعظمُ من مخالفة مخلوق فرض لأي مخلوق فرض، ولكنْ علمه ثبت له حقيقةُ العلم، ولقدرته حقيقةُ القدرة، ولكلامه حقيقةُ الكلام، كما ثبت لذاته حقيقةُ الذاتية، ولوجوده حقيقةُ الوجود، وهو أحقّ بأن تَثْبُتَ له صفات الكمال على الحقيقة من كل ما سواه»(١١- «مجموع فتاوى» لابن تيمية: (12/97)).

وقال -أيضًا-: «وصفات الله تعالى لا تماثل صفاتِ العباد، فإنّ الله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا صفاتِه، ولا أفعالِه»(١٢- المصدر السابق: (12/65))،

وقال عن المشبه: «ومَنْ جعل صفاتِ الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبِّه المُبطِل المذموم، وإن أراد بالتشبيه أن لا يُثْبِتَ لله شيئًا من الصِّفات فلا يقال له علم ولا قدرة ولا حياة؛ لأنّ العبد موصوف بهذه الصفات فَلَزِمَهُ أن لا يُقَال له حي عليم قدير؛ لأنَّ العبد يُسَمَّى بهذه الأسماء وكذلك في كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك»(١٣- «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية: (1/174))،

وفي «بيان تلبيس الجهمية» يقول: «إنّ الله سبحانه مُنَزَّهٌ من أن يكون من جنسِ شيء من المخلوقات، لا أجسادَ الآدميين ولا أرواحَهم، ولا غيرَ ذلك من المخلوقات فإنَّه لو كان من جنس شيء من ذلك بحيث تكون حقيقتُه كحقيقتِه، لَلَزِم أن يجوز على كلٍّ منهما ما يجوز على الآخر، ويجب له ما يجبُ له، ويُمتنع عليه ما يُمتنع عليه، وهذا ممتنع لأنّه يستلزم أن يكون القديم الواجب الوجود بنفسه غير قديم واجب الوجود بنفسه، وأن يكون المخلوقُ الذي يُمتنع غناه يُمتنع افتقاره إلى الخالق، وأمثالُ ذلك من الأمور المتناقضة، والله تعالى نَزَّهَ نفسَه أن يكون له كفو أو مثل أو سمي أو ند»(١٤- «مجموع فتاوى» لابن تيمية: (5/271)، «بيان تلبيس الجهمية»: (1/620))، كما ذكر -رحمه الله- أنّ مماثلةَ الخالق لعباده لو صحّت للزِم من ذلك افتقار المخلوقِ لخالقه، وهو ممتنَع ضرورةً -كما سيأتي-.



سادسًا: إنّ لفظ التشبيه والتجسيم لا يجوز لأحد إطلاقهُما في حقّ الله لا نفيًا ولا إثباتًا؛ لأنهما لفظان لم يَرِدَا في الكتاب والسُّنَّة بالنفي ولا بالإثبات، فإذا أورد المنازِع لفظًا مجملاً يحتمل حقًّا وباطلاً، فالواجب التوقّف من غير إثباتِ اللَّفظ أو نفيه -ليس ذلك لخلوِّ النقيضين عن الحقّ، ولا لقصورٍ أو تقصيرٍ في بيان الحقّ، ولكنَّ اللفظ مجملٌ، والعبارةَ موهمة مشتملة على الحقّ والباطل، ففي إثباتها إثباتُ الحقّ والباطل، وفي نفيها نفي للحقّ والباطل، فالواجب الامتناع عن كلا الإطلاقين، ثمّ الاستفسار عن مراد صاحبها بها فإن أراد بها حقًّا قُبِل، وإن أراد بها باطلاً ردّ، ولذلك ورد من قواعد أهل السُّنَّة في الردّ على المخالفين ودحض شبهاتهم قاعدة: «التَوَقُّفُ عِنْدَ الإِيهَامِ، والاِسْتِفْصَالُ عِنْدَ الإجْمَالِ»،

وابنُ تيمية -رحمه الله- يأبى أن يُعَبِّرَ عن هذا المعنى الحقِّ به، وذلك لمخالفته للنصوصِ الشرعيةِ في عدمِ استعمالها في هذا المعنى، لأنّ من لوازمِ نفْيِه عَلَى إطْلاقِهِ نفيَ المعنى الحقّ، حيث إنّ إطلاق اللفظ المشترك من غير تعيين لأحدِ معانيه إطلاق لكلِّ مُسمَّاه، فإذا سُلّط عليه النفي كان ذلك مسلطًا عليهما(١٥- انظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية: (7/59))،

لذلك كانت متابعة الكتاب والسُّنَّة في اللّفظ والمعنى أكملَ وأتمّ من متابعتهما في المعنى دونَ اللّفظ، ومن قبيل لفظ التشبيه والتجسيم إطلاق لفظ الجهة لله تعالى، فإن لفظَ الجهة لم يَرِدْ في الكتاب ولا في السُّنَّة لا إثباتًا ولا نفيًا، وهو لفظٌ مجملٌ محتملٌ، يُغني عنه ما ثبت في الكتاب والسُّنَّة من أنّ الله تعالى في السماء، ووجهُ احتمال الجهة أن تكون جهةَ سفلٍ أو علوٍ تحيط بالله تعالى أو جهة علو لا تحيط به، فإنْ أُريدَ به جهةَ سفل فباطلٌ لمنافاته لعلوِّ الله عزّ وجل الثابتِ بالكتاب والسُّنَّة والإجماع والعقلِ والفِطرةِ، وإن أريد به جهة علوٍّ تحيط بالله تعالى فباطلٌ أيضًا؛ لأنّ الله تعالى أجلُّ وأعظم من أن يحيط به شيءٌ من مخلوقاتِه، وإن أريد به جهة علوٍ لا تحيط به فحقّ يجب إثباته وقبولُه؛ لأنّ الله تعالى هو العليُّ الأعلى ولا يحيط به شيء من مخلوقاته(١٦- انظر: «القواعد المثلى» لابن عثيمين: (31))،

فلذلك كانت مثلُ هذه الألفاظ التي لم تَرِدْ لا في الكتاب ولا في السُّنَّة تحتمل معانيَ صحيحةً وأخرى فاسدة، فإذا عُرِف مراد صاحبها وكان موافقًا للمعنى الصحيح قُبِلَ مرادُه، ومُنِعَ من التكلُّم باللفظ المجمل، وعُلِّم الألفاظَ الشرعيةَ في ذلك، ومن صُوَر نهي السَّلف عن إطلاق النفي والإثبات على الألفاظ المجملة المحتملَة قولُ الإمام أحمد -رحمه الله-:
«إذا سأل الجهميُّ فقال: أخبرونا عن القرآن، هو الله أو غيرُه؟
قيل له: وإنّ الله جلَّ ثناؤه لم يقل في القرآن: إنّ القرآن: أنا، ولم يقل: غَيري، وقال: هو كلامي: فسمَّيناه باسم سمَّاه الله به،
فقلنا: كلام الله، فمن سمَّى القرآن باسم سمَّاه الله به كان من المهتدين، ومن سمَّاه باسم غيره كان من الضالين»(١٧- «الردّ على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد بن حنبل: (73) [ضمن عقائد السلف للدكتور سامي النشار]).



ثمّ إنه من جهة أخرى لفظ التشبيه والتجسيم لم يَرِدْ نفيُهما أو إثباتُهما عن أحدٍ من الصحابة والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين وسائرِ أئمِّة المسلمين، وإن ورد في كلام بعضهم فإنّما يرد مقرونًا بتفسيره وهو معنى تمثيلِ الله بخلقه، ذلك التشبيهُ بمعناه الباطل الذي ينفيه ابنُ تيمية -رحمه الله- وهو مماثلة الله لشيءٍ من مخلوقاتِه فيما هو من خصائصِ الله سبحانه.



سابعًا: إنّ لفظ التشبيه والتجسيمِ عند ابن تيميةَ لفظان مجملان لاحتمالهما للمعنى الحقّ والمعنى الباطل -كما تقدّم-؛ لأنّ التشبيه قد يُطلق ويُقصد به التمثيلُ المذموم المنفيُ شرعًا، وقد يطلق ويُقصد به القدرُ المشترك بين المسميات، وهو لا يستلزم ولا يتضمَّن التمثيلَ المنفي شرعًا بنصوص الكتاب والسنة؛ لأنّ ما لزم الصفةَ لذاتها اتَّصف بها الخالق والمخلوق من حيثُ هما موجودان، فالصِّفة من لوازم وجود كلِّ موجودٍ يُمكن أن يتصف بها، وهي -من هذه الجهة- حقيقةٌ ذِهنيةٌ، بخلاف ما إذا أضيفت إلى موصوفها فإنّ إضافتها إلى موصوفها مانعٌ من الاشتراك فيها، بل هو يدلّ على اختصاص الباري جلّ وعلا بها(١٨- انظر: «درء تعارض العقل والنقل»: (5/327)، و«الصفدية»: (1/99)، و«بيان تلبيس الجهمية»: (1/597)).


فابن تيمية -رحمه الله- يفرق بين الصفة ذاتها من حيث هي صفة، وبين الصفة إذا أضيفت إلى موصوفها، وليس من التمثيلِ المنفيِ شرعًا الاشتراك في مسمّى الصفة من حيث هي صفة قبل الإضافة إلى الخالق أو المخلوق، بل هي بهذا المعنى: لفظٌ كليٌ عامّ، أو اسمُ جنس كما تقرّر عند النحاة، أي: لفظ موضوع للدلالة على الحقيقة الذهنية دون سواها، وهي بهذا المنظور الاعتباري لا وجود لها في خارج الذهن.


وعليه، فإنّ التشبيه المذموم الذي هو بمعنى التمثيل لازم في الصفة عند الإضافة دون الصفة إذا أطلقت؛
لأنّ صفة الوجود والسمع والبصر ونحو ذلك مثلاً على نوعين: وجود وسمع وبصر قديم، ووجود وسمع وبصر محدث،

ويطلق على كلّ مسمى الوجود والسمع والبصر وتلزمه لوازمه فإنّ هذا ليس من التمثيل الذي نفته الأدلة الشرعية،
فإنّ الله تعالى جمع في حقّ نفسه بين النفي والإثبات فقال سبحانه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾[الشورى: 11]،
فنفى عن نفسه التمثيلَ بالأشياء، وأثبت لنفسه سمعًا وبصرًا، ولو كان إثباتها ينافي نفي التمثيل لنفاه عن نفسه،
ولكان جمعه بينهما تناقضًا في النفي والإثبات وحاشا كلامَ الله أن يوصف بهذا، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾ [النساء: 82].



وفي تقرير هذا الأصل يقول ابن تيمية: «وأمّا المعنى الكلّي العامّ المشترك فيه فذاك -كما ذكرنا- لا يوجد كليًّا إلاّ في الذِّهن، وإذا كان المتصفان به بينهما نوعُ موافقة ومشاركة ومشابهة من هذا الوجه، فذاك لا محذور فيه، فإنّ ما يلزم ذلك القدرَ المشتركَ من وجوب وجواز وامتناع فإنّ الله متصف به، فالموجودُ من حيثُ هو موجود أو العليم أو الحي، مهما قيل: إنّه يلزمه من وجوب وامتناع وجواز فالله موصوف به، بخلاف وجود المخلوق وحياتِه وعلمِه، فإنّ الله لا يوصف بما يختصّ به المخلوق من وجوب وجواز واستحالة، كما أنّ المخلوق لا يوصف بما يختص به الربّ من وجوب وجواز واستحالة»(١٩- «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية: (4/151)).


ومن تأسيس التفريق بين الصفة المطلقة والصفة المضافة فإنّ اللفظ الذي استعمله ابن تيمية -رحمه الله- هو ما طابق المعنى الحقّ الذي جاء به الكتاب والسُّنَّة مستعمَلاً فيه؛ لأنّ الخالق والمخلوق مختلفان في الحقيقة فلا يتماثلان، وهذا يستلزم أن يكون لكلّ واحد منهما صفات حقيقية ثبوتية يتحقق بها الاختلاف، والعدمُ المحض لا يحصل به امتياز أحدهما عن الآخر، فيلزم أن تكون صفات كلٍّ منهما مختلفة حتى يحصل بها الامتياز(٢٠- انظر: «تلبيس الجهمية» لابن تيمية: (1/620)، «شرح حديث النزول» لابن تيمية: (7)).

ومن مقالة ابن تيمية -رحمه الله- في الردّ على من ادعى أنّ إثبات الصفات هو التمثيل الذي نفته الأدلة الشرعية ما نصّه:

«• أحدها: كونه مَثَّلَ ما فَهِمَه من النصوص بصفات المخلوقين، وظنّ أنّ مدلولَ النصوصِ التمثيل.

الثاني: إنه جعل ذلك هو مفهومها وعطَّله، بقيت النصوص معطلة عما دلّت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله، فيبقى مع جنايته على النصوص وظنّه الشيء الذي ظنّه بالله ورسوله، حيث ظنّ أنّ الذي يُفهم من كلامهما هو التمثيل الباطل، قد عطل ما أودع الله ورسوله في كلامهما من إثبات الصفات لله، والمعاني الإلهية اللائقة بجلال الله تعالى.

الثالث: إنه ينفي تلك الصفات عن الله عزّ وجلّ بغير علم، فيكون معطِّلاً لما يستحقّه الربُّ.

الرابع: إنه يصف الربَّ بنقيض تلك الصفات من صفات الأموات، والجماداتِ، وصفاتِ المعدومات، فيكون قد عطَّل به صفاتِ الكمالِ التي يستحقّها الربّ»(٢١- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (3/49)).


ومما تقدّم تقريره يظهر جليًّا أنّ دعوى نسبة التشبيه والتجسيم لابن تيمية -رحمه الله- منقوضة من أساسها، ولا أصل لها في الحقيقة والواقع،

إذ قد يرجع الانتقاد له إلى توهّم الناقد وقوعَ ابن تيمية في التناقض باستعماله للمعنى الباطل اللازم للصفة عند الإضافة، والتناقضُ -في الحقيقة- إنما حصل في ذهن الناقد لا في حقيقة الواقع، إذ كيف يُعقل ممن هذا كلامه واستدلالُه أن يكون مشبِّهًا أو مجسِّمًا، وفي نصوص له سابقةٍ قد ذمّ هذا النوع من التشبيه والتجسيم ويصف أهله بالمبطلين، وبيّن تناقض القول به حيث يلزم منه كون المخلوق خالقًا، والفقير بالذات غنيًّا بالذات، وهكذا، وهو جمع بين النقيضين، وهو ممتنَع، كما يلزم أنه لو صحّ للزم أن يجب ويجوز ويمتنع عن الباري جلّ وعلا ما يجب ويجوز ويمتنع عن المخلوق، وهو باطل، وما بني عليه فباطل؛ لأنه يوجب اشتراكَهما فيما يجب ويجوز ويمتنع؛ ولأنه لو صحّ للزم أن يكون القديم بذاته غير قديم بذاته، والواجب بذاته ليس واجبًا بذاته وهكذا، وهو جمع بين النقيضين، وهو ممتنَع(٢٢- انظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية: (1/620)، و«منهاج السنة النبوية» لابن تيمية: (4/151)).


كما أنه قد يرجع انتقادهم له إلى خطإ الباحثين في فهم مذهبه المأخوذ من معارضته لخصومه، وابنُ تيمية -رحمه الله- قد يذكر الرأي المخالفَ ويتسامح فيه عندما يعرض رأيه أو يحقّق رأيَ السّلف فيما يعترض له من المباحث العقدية اكتفاءً بما سبق له فيه من مناقشة وتحقيق تفاديًا للتَّكرار، فيظنّ الباحث أنّه مذهبُه في المسألة فيقع الخطأ في فهم رأيه ثمّ يتناقله عنه غيره من الباحثين.


ويصدق في هذا المقام قول أبي الطيّب المتنبي:



وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلاً صَحِيحًا
وَآفَتُهُ مِنْ الفَهْمِ السَّقِيـمِ

وَلَكِـنْ تَأْخُذُ الأَذْهَانُ مِنْـهُ
عَلَى قَدْرِ القَرَائِحِ وَالفُهُوم
(٢٣- «خزانة الأدب» لابن حجة الحموي: (1/192)، «قرى الضيف» لابن أبي الدنيا: (1/258))



وأخيرًا، فإنّ النقولَ المتكاثرةَ عن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- تفصح -صراحة في غير موضع- بنفي التمثيل ومشابهة أحدٍ من المخلوقين في شيءٍ من خصائصه، كما أبطل التشبيهَ المذمومَ من وجوهٍ عديدةٍ تقدَّمَ ذكرُها، وبيّن -رحمه الله- لوازمَ القول الممنوعةَ على من ادّعى أنّ إثبات الصفات هو التمثيل الذي نفته الأدلة الشرعية، فضلا عن أنه لم يظهر في أي نصٍّ من نصوصه ما يدلّ على التشبيه المذموم شرعًا، الأمر الذي يفيد -يقينًا- براءته من هذه الفرية الشنيعة









قديم 2013-07-07, 14:14   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

يتبع

هذا، والواجب على من يرغب في تفنيد آراء المخالف أو أن يظهر خطأه أن يطَّلع أوَّلاً على مصادره، ويتعرَّف على أدلته فذلك من الأمانة في العرض والتوثيق، وتقصير المشنعين -عندنا- في هذا المجال ظاهر ملحوظ في ثنايا شبههم، يحاكي بعضهم بعضًا أقوال مخالفيهم من غير تحفظ أو تثبّت أو توثيق، ويروّجون به الباطل، وبالأخصّ إن كان في محاولة الطعن في منهج أهل السُّنَّة والتشكيك في صدق أئمَّة الهُدى وعدالتهم. لا سيما وأن المخالف لهم أعلم منهم في كلّ الميادين بله مجال تخصّصه، وهم لا يبلغون رتبته ولا يقدّرون علمه، فمثلهم كمثل «الفروج سمع الديكة تصيح فصاح بصياحها»(٢٤-
كان أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ينازع ابن عباس رضي الله عنهما في المسائل ويماريه، فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: «إنما مثلك يا أبا سلمة مثل الفروج سمع الديكة تصيح فصاح معها»، يعني أنك لم تبلغ العلم مبلغ ابن عباس وأنت تماريه. [«تاريخ دمشق» لابن عساكر: (29/305)، «تنوير الحوالك على موطأ مالك» للسيوطي: 1/52[).


قال ابن تيمية -رحمه الله-:
«والمجادلة المحمودة إنما هي بإبداء المدارك وإظهار الحجج التي هي مستند الأقوال والأعمال، وأما إظهار الاعتماد عمّا ليس هو المعتمد في القول والعمل، فنوع من النفاق في العلم، والجدل والكلام والعمل»(٢٥- «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية: (1/272)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (4/194)).


نعم، إنّ التخلق بأدب الاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الصواب حقّ لازم، لا سبيلَ للدفاع عن الأخطاء أو تبريرها -إن وجدت- إذ ليس أحدٌ من العلماء إلاّ وله نادرة، فينبغي أن تُغمر في جنب فضله وتجتنب، لكن حشْد الهمّة في تصيّد العثرات والهفواتِ والسَّقَطَات من غير العناية بمقاصد الألفاظ وإحسان الظنّ بأصحابها لهوَ مِن طباع أبشع المخلوقات وأنجسها،
قال ابن القيّم -رحمه الله-:
«ومن الناس من طبعُه طبعُ خنزيرٍ، يمرّ بالطيّبات فلا يَلْوي عليها، فإذا قام الإنسانُ من رجيعهِ قَمَّهُ، وهكذا كثير من النّاس يسمعُ منك ويرى من المحاسن أضعافَ المساوئِ فلا يحفَظُها، ولا يَنْقُلُهَا، ولا تُنَاسِبُهُ، فإذا رأى سَقْطَةً، أو كَلِمَةً عَوْرَاءَ، وجد بُغيتَهُ وما يُناسبُها، فجعلها فَاكِهَتَهُ وَنُقْلَهُ»(٢٦- «مدارج السالكين» لابن القيم: (1/435)).


نسأل الله أن يعزّ أولياءه، وأن يذلّ أعداءه، ويهديَنا للحقّ، فهو حسبُنا ونعم الوكيل، وبكلّ خير كفيل، وعليه المعتمد والاتكال في الحال والمآل، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.



الجزائر في: 21 رجب 1428ﻫ
الموافق ﻟ: 4 أغسطس 2007م


١- أخرجه الترمذي في «الزهد»، باب ما جاء في الصبر على البلاء: (2398)، وابن ماجه في «الفتن»، باب الصبر على البلاء: (4023)، والدارمي في «سننه»: (2681)، وابن حبان في «صحيحه»: (2900)، والحاكم في «المستدرك»: (120)، وأحمد: (1497)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (3/52)، والألباني في «السلسلة الصحيحة»: (143)، وحسنه الوادعي في «الصحيح المسند»: (377).

٢- من ديوان أبي الطيب المتنبي في مدح أبي الفوارس دليز بن لشكروز، وكان قد أتى الكوفة لقتال الخارجي الذي نجم بها من بني كلاب، وانصرف الخارجي قبل وصول دليز إليها. وانظر «التمثيل والمحاضرة» للثعالبي: الفصل الثالث فيما يكثر التمثيل به في جميع الأشياء. و«نفح الطيب» للمقري: (4/501).

٣- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (3/160).

٤- هو محمّد بن عبد الله بن محمّد المعافري الإشبيلي، الشهير بأبي بكر ابن العربي المالكي، كان من كبار علماء الأندلس، ولي قضاء إشبيلية ثمّ صرف من القضاء، وأقبل على نشر العلم، وله تصانيف شهيرة منها: «العواصم من القواصم»، و«أحكام القرآن»، و«قانون التأويل»، و«عارضة الأحوذي»، و«المحصول في الأصول» توفي بالقرب من فاس سنة (543)، وحمل إليها ودفن بها.

انظر ترجمته في: «الصلة لابن بشكوال»: (2/590)، «المرقبة العليا» للنباهي» (105)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان: (4/296)، «الديباج المذهب» لابن فرحون: (281)، «الوفيات» لابن قنفد: (279)، «شذرات الذهب» لابن العماد: (4/141)، «الفكر السامي» للحجوي: (2/221).

٥- «العواصم من القواصم»: (2/469).

٦- هو الرحالة المؤرّخ محمّد بن عبد الله اللواتي المعروف بابن بطوطة، ولد بطنجة بالمغرب الأقصى سنة 703ﻫ، وطاف ببلدان عدة في قارات مختلفة، واتصل بكثير من الملوك والأمراء والعلماء، ثمّ عاد إلى المغرب الأقصى، وانقطع إلى «أبي عنان» من ملوك بني مرين، وتوفي بمراكش سنة 779ﻫ، من آثاره: رحلته المسماة ﺑ: «تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار».

انظر ترجمته في: «إيضاح المكنون» للبغدادي: (1/262)، «الأعلام» للزركلي: (7/114)، «معجم المؤلفين» لكحالة: (3/451).

٧- «رحلة ابن بطوطة»: (95، 96).

٨- «الإمام ابن تيمية وموقفه من قضية التأويل» للجنيد: (414)، «حياة ابن تيمية» لبهجة البيطار»: (50).

٩- المصدران السابقان.

في مسألة إقعاد النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على العرش ليس فيها إلاّ حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا، حَكَمَ عليه أهلُ الحديثِ بأنه باطلٌ، وله طَريقٌ موصولةٌ وموقوفةٌ لا يثبت إسنادُها. [انظر: «السلسلة الضعيفة» للألباني: (2/255) برقم: (865)].

وابن تيمية -رحمه الله- في هذه المسألة إنما حكى أنّ مِنَ السَّلَفِ مَنْ قال بذلك وأنكرها آخرون، حيث قال في «مجموع الفتاوى» (4/374): «قد حَدَّث العلماءُ المرضيُّون وأولياؤُه المقبولون أنّ محمّدًا رسولُ الله يجلسه ربُّه على العرش معه، وروى ذلك محمّد بن فضيل عن الليث عن مجاهد في تفسير ﴿عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ [الإسراء: 79]، ذكر ذلك من وجوه أخرى مرفوعة وغير مرفوعة، قال ابن جرير: وهذا ليس مناقضًا لما استفاضت به الأحاديث من أنّ المقام المحمود هو الشفاعة باتفاق الأئمّة من جميع من ينتحل الإسلام ويدّعيه لا يقول إنّ إجلاسه على العرش منكر».

قلت: وما حكاه عنهم ونقله هو صادق فيه، قال ابن حجر في «فتح الباري» (2/95): «وقيل إجلاسه على العرش، وقيل على الكرسي، وحكى كِلاَ القولين جماعةٌ»، ولا يلزم من حكاية مذهب مجاهد وغيره القول به والتزامه.

وعلى تقدير التسليم بصِحَّة نِسْبَة هذه المسألة لابن تيمية -رحمه الله- فقد تكلّم فيها جماعةٌ من السَّلَف كمجاهد، ورواه الطبري عن جماعة من السلف ولم ينكر رواية مجاهد في إقعاد النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على العرش، وأيّد كلام مجاهد أبو بكر المروزي وأبو داود السجستاني صاحب السنن، وإبراهيم الحربي ومحمّد بن مصعب العابد شيخ بغداد وخلق كثير.

ولهذا قال ابن تيمية رحمه الله في «درء تعارض العقل والنقل» (3/19): «حديث قعود الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم على العرش رواه بعض الناس من طُرُقٍ كثيرةٍ مرفوعةٍ وهي كلّها موضوعة، وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف، وكان السلف والأئمّة يروونه ولا ينكرونه، ويتلقَّونه بالقَبول، وقد يقال: إنّ مثل هذا لا يقال إلاّ توقيفًا لكن لابدّ من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول وما ثبت من كلام غيره، سواء كان من المقبول أو من المردود».

١٠- مطبوع ومتداول، وصدر عن المكتب الإسلامي الطبعة الخامسة مؤرّخة في سنة: (1397ﻫ-1977م).

١١- «مجموع فتاوى» لابن تيمية: (12/97).

١٢- المصدر السابق: (12/65).

١٣- «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية: (1/174).

١٤- «مجموع فتاوى» لابن تيمية: (5/271)، «بيان تلبيس الجهمية»: (1/620).

١٥- انظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية: (7/59).

١٦- انظر: «القواعد المثلى» لابن عثيمين: (31).

١٧- «الردّ على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد بن حنبل: (73) [ضمن عقائد السلف للدكتور سامي النشار].

١٨- انظر: «درء تعارض العقل والنقل»: (5/327)، و«الصفدية»: (1/99)، و«بيان تلبيس الجهمية»: (1/597).

١٩- «منهاج السنة النبوية» لابن تيمية: (4/151).

٢٠- انظر: «تلبيس الجهمية» لابن تيمية: (1/620)، «شرح حديث النزول» لابن تيمية: (7).

٢١- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (3/49).

٢٢- انظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية: (1/620)، و«منهاج السنة النبوية» لابن تيمية: (4/151).

٢٣- «خزانة الأدب» لابن حجة الحموي: (1/192)، «قرى الضيف» لابن أبي الدنيا: (1/258).

٢٤- كان أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ينازع ابن عباس رضي الله عنهما في المسائل ويماريه، فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: «إنما مثلك يا أبا سلمة مثل الفروج سمع الديكة تصيح فصاح معها»، يعني أنك لم تبلغ العلم مبلغ ابن عباس وأنت تماريه. [«تاريخ دمشق» لابن عساكر: (29/305)، «تنوير الحوالك على موطأ مالك» للسيوطي: 1/52[.

٢٥- «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية: (1/272)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (4/194).

٢٦- «مدارج السالكين» لابن القيم: (1/435).


من موقع الشيخ محمد بن علي فركوس - حفظه الله -









قديم 2013-07-07, 14:18   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وإليكم الخيانة العلمية التي ارتكبها السخاف ومن سار على شاكلته:




https://www.saaid.net/Doat/Zugail/images/algsm1.jpg


https://www.saaid.net/Doat/Zugail/images/algsm2.jpg










قديم 2013-07-07, 14:21   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

--السؤال---
الإفادة عن فتاوى ابن تيمية حول تجسيم الخالِق جلّ جلاله




موضوع ابن تيميه وفتاواه
المتعلقه بتجسيم الخالق

ابن تيميه يقول بتجسيم رب العالمين اي له رجلين ويدين وهو مثل خلقه (حاش الله)
وكذلك يقول راى رب العالمين في المنام ولا اريد ان اقص المنام لأبن تيميه
قال أبو الفداء (ت732هـ) في تاريخه المختصر في أخبار البشر ج2/392 (حوادث سنة 705هـ) :
(وفيها) استُدْعيَ تقي الدين أحمد بن تيمية من دمشق إلى مصر ، وعُقدَ له مجلس ، وأُمسِكَ وأُودعَ الاعتقال ،
بسـبـب عـقـيــدتــه ، فإنه كــان يقـــول بالتجسيـــــــم على ما هو منســوب إلى ابن حنبــل. انتهى

أبو الفداء معاصر لابن تيمية
ابن تيمية (ت728هـ)
أبو الفداء (ت732هـ)
أقول : لاحظ كلمة أبي الفداء : ... فإنه كان يقول بالتجسيم.
يعني جزم لا احتمال أو نسبة.
ثم لاحظ قوله بعدها : ... على ما هو منسوب إلى ابن حنبل.
فالتجسيم جزم به بخصوص ابن تيمية.
أما نسبة هذا التجسيم لأحمد بن حنبل فأخبر أنه كان منسوباً إليه.
يقصدون أبي الفداء - والله أعلم - أن هذا التجسيم الذي يقول به ابن تيمية ومن لف لفّه ينسبه هؤلاء الذين يقولون به إلى الإمام أحمد بن حنبل.
هذا الموضوع موجود بموقع لاهل السنة
للضرورة القصوى ويعلم الله ربى ان الامر جد خطير جدا



-------



الجواب :
.

هذا كذب على شيخ الإسلام ابن تيمية ، وهو باطل مِن وُجوه :

الوجه الأول : أن كُتُب شيخ الإسلام ابن تيمية شاهِدة على تقريره لِعقيدة السلف ، وما عليه الأئمة الأربعة ؛ مِن إثبات ما أثبته الله لنفسه مِن غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تكييف .
ومِن كُتُب شيخ الإسلام ابن تيمية في تقرير عقيدة السلف : العقيدة الواسطية ، والعقيدة التدمرية ، والفتوى الحموية الكبرى ، والعقيدة الأصفهانية .

ولَمّا سُئل ابن تيمية عن قوله في الاستواء ، ما قوله في آيات الصفات ؟

قال : قولنا فيها ما قاله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ؛ وما قاله أئمة الهدى بعد هؤلاء الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ، وهذا هو الواجب على جميع الخلق في هذا الباب وغيره . اهـ .

وكلّ مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية شاهدة بذلك ، ليس فيها حرف مما نُسب إليه ظلما وزورا .

والعقيدة الواسطية قرر فيها شيخ الإسلام ابن تيمية عقدية السلف فيما يتعلّق بالأسماء والصفات .

ولا يُعرَف ذلك القول عن شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا هو موجود أصلا في كُتُبه ، ولا كُتُب تلاميذه .

وامتُحِن شيخ الإسلام ابن تيمية بسبب هذه العقيدة التي قررها على خلاف ما كان عليه كثير من علماء عصره ، مِن تأويل الصفات !

وهذا ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، فإنه قال في : فَكَانَ مِمَّا اعْتَرَضَ عَلَيَّ بَعْضُهُمْ - لِمَا ذَكَرَ فِي أَوَّلِهَا وَمِنْ الإِيمَانِ بِاَللَّهِ : الإِيمَانُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلا تَعْطِيلٍ وَلا تَكْيِيفٍ وَلا تَمْثِيلٍ فَقَالَ : - مَا الْمُرَادُ بِالتَّحْرِيفِ وَالتَّعْطِيلِ ؟! ... ( مجموع الفتاوى ) .

الوجه الثاني : أن أبا الفداء لم يذكر مُستنده ولا سَنَده إلى تلك الحكاية !
فقد قال في حوادث سنة 705 هـ : (وفيها استدعي تقي الدين أحمد بن تيمية ... )
وهي تُشبه ما يُحكى عن ابن بطوطة ! مِن أنه رأى شيخ الإسلام ابن تيمية ، وحَكى عنه حكاية تُشبه هذه الحكاية !
والحقّ أن ابن بطوطة لم يلتق شيخ الإسلام ابن تيمية ، ولا رآه
وذلك لأن شيخ الإسلام ابن تيمية كان مسجونا بقلعة دمشق وقت دخول ابن بطوطة دمشق !!

قال ابن كثير : قال البرزالي : وفي يوم الاثنين عند العصر سادس عشر شعبان اعتقل الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين بن تيمية بقلعة دمشق .
ثم ذَكَر سبب سجنه ، فقال : وهذه الواقعة سببها فتيا وجدت بخطه في السفر وإعْمال الْمُطِيّ إلى زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقبور الصالحين . اهـ .

وهذا يؤكِّد أن سبب سجنه ليس ما ذَكَره أبو الفداء ، ولا ما ادّعاه ابن بطوطة !

وسبب آخر لِسجنه بمصر ؛ وهو أنه كُذِب عليه ، كما ذَكَر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ، وذَكَرَه ابن كثير في " البداية والنهاية " ، وقد نُوقِش بِما في العقيدة الواسطية ، وغَلَب خصومه ، كما سيأتي ذِكْره .

الوجه الثالث : أن أقرب الناس إلى ابن تيمية هم طلاّبه ، وهم الذين أخذوا العِلْم عنه ، وكانوا أقرب الناس إليه ، وأعرف الناس بِمقالاته وعقيدته .
ومِن تلاميذه : الحافظ ابن كثير والحافظ ابن رجب والإمام ابن القيم والإمام الذهبي .

وأكثر من روى الحوادث والوقائع التي مرّ بها شيخ الإسلام ابن تيمية هو ابن كثير .
وابن كثير شافعي المذهب ، وكان يُجِلّ شيخ الإسلام ابن تيمية ويعرف له مكانته وسَعة عِلمه .

قال ابن كثير عن شيخه ابن تيمية : وأشياخنا الذين أدركناهم : جهبذ الوقت شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية .
وقال :
وفي يوم الأربعاء سابع عشر شعبان دَرَّس الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية الحراني بالمدرسة الحنبلية .

وذَكَر ابن كثير ما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية من ابتلاء وامتحان بسبب عقيدته ، ومَا نَالَه مِن خصومه الذين حسدوه ! وهذا أيضا ذَكَره ابن تيمية ، كما في " مجموع الفتاوى " .
قال ابن كثير :
أول المجالس الثلاثة لشيخ الإسلام ابن تيمية :
وفي يوم الاثنين ثامن رجب حضر القضاة والعلماء وفيهم الشيخ تقي الدين بن تيمية عند نائب السلطنة بالقصر ، وقرئت عقيدة الشيخ تقي الدين الواسطية ، وحصل بحث في أماكن منها ، وأُخِّرت مواضع إلى المجلس الثاني ، فاجتمعوا يوم الجمعة بعد الصلاة ثاني عشر الشهر المذكور وحضر الشيخ صفي الدين الهندي ، وتكلّم مع الشيخ تقي الدين كلاما كثيرا ، ولكن سَاقِيَته لاطَمَتْ بَحْرًا، ثم اصطلحوا على أن يكون الشيخ كمال الدين بن الزملكاني هو الذي يُحَاقِقه من غير مُسامحة ، فتناظرا في ذلك ، وشكر الناس من فضائل الشيخ كمال الدين بن الزملكاني وجَوْدة ذهنه ، وحُسن بحثه حيث قاوم ابن تيمية في البحث ، وتكلّم معه ، ثم انفصل الحال على قبول العقيدة ، وعاد الشيخ إلى مَنْزِله مُعَظَّمًا مُكَرَّمًا ، وبلغني أن العامة حَمَلُوا له الشمع من باب النصر إلى القصاعين على جاري عادتهم في أمثال هذه الأشياء ، وكان الحامل على هذه الاجتماعات كتاب وَرَد مِن السلطان في ذلك ، كان الباعث على إرساله قاضي المالكية ابن مخلوف ، والشيخ نصر المنبجي شيخ الجاشنكير وغيرهما من أعدائه ، وذلك أن الشيخ تقي الدين بن تيمية كان يتكلم في المنجبي ويَنسبه إلى اعتقاد ابن عربي ! وكان للشيخ تقي الدين من الفقهاء جماعة يَحسدونه لتقدّمه عند الدولة ، وانفراده بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطاعة الناس له ، ومحبتهم له ، وكثرة أتْبَاعه ، وقيامه في الحق ، وعِلْمه وعَمَله ، ثم وقع بدمشق خبط كثير وتشويش بسبب غيبة نائب السلطنة ، وطلب القاضي جماعة مِن أصحاب الشيخ وعزَّر بعضهم ، ثم اتفق أن الشيخ جمال الدين المزي الحافظ قرأ فَصْلا بالردّ على الجهمية مِن كتاب أفعال العباد للبخاري تحت قُبة النسر بعد قراءة ميعاد البخاري بسبب الاستسقاء ، فغضب بعض الفقهاء الحاضرين وشَكَاه إلى قاضي الشافعي ابن صصرى ، وكان عدو الشيخ فَسُجِن المزِّي ، فبلغ الشيخ تقي الدين فتألم لذلك ، وذهب إلى السجن فأخرجه منه بنفسه ، وراح إلى القصر فَوَجَد القاضي هنالك ، فتقاولا بسبب الشيخ جمال الدين المزِّي ، فحلف ابن صصرى لا بد أن يُعيده إلى السجن وإلاَّ عَزَل نفسه ! فأمر النائب بإعادته تطييبا لقلب القاضي ، فحبسه عنده في القوصية أياما ثم أطلقه .
ولما قدم نائب السلطنة ذكر له الشيخ تقي الدين ما جرى في حقه وحق أصحابه في غيبته ، فتألم النائب لذلك ونادى في البلد أن لا يتكلم أحد في العقائد ، ومن عاد حَلّ ماله ودمه ورتبت داره وحانوته ، فسكنت الأمور .
وقد رأيت فصلا من كلام الشيخ تقي الدين في كيفية ما وقع في هذه المجالس الثلاثة من المناظرات .

ثم عقد المجلس الثالث في يوم سابع شعبان بالقصر واجتمع جماعة على الرضا بالعقيدة المذكورة ، وفي هذا اليوم عَزل ابن صصرى نفسه عن الحكم بسبب كلام سمعه من بعض الحاضرين في المجلس المذكور ، وهو مِن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني ، ثم جاء كتاب السلطان في السادس والعشرين من شعبان فيه إعادة ابن صصرى إلى القضاء ، وذلك بإشارة المنبجي ، وفي الكتاب : إنا كنا سمعنا بعقد مجلس للشيخ تقي الدين بن تيمية ، وقد بلغنا ما عقد له مِن المجالس ، وأنه على مذهب السلف ، وإنما أردنا بذلك براءة ساحته مما نُسِب إليه ، ثم جاء كتاب آخر في خامس رمضان يوم الاثنين وفيه الكشف عن ما كان وقع للشيخ تقي الدين بن تيمية في أيام جاغان ، والقاضي إمام الدين القزويني ، وأن يُحْمَل هو والقاضي ابن صصرى إلى مصر ، فتوجها على البريد نحو مصر ، وخرج مع الشيخ خَلْق من أصحابه ، وبَكوا وخَافُوا عليه مِن أعدائه ، وأشار عليه نائب السلطنة ابن الأفرم بترك الذهاب إلى مصر ، وقال له : أنا أكاتب السلطان في ذلك وأصلح القضايا ، فامتنع الشيخ من ذلك ، وذَكَر له أن في توجهه لمصر مصلحة كبيرة ، ومصالح كثيرة ، فلما توجه لمصر ازدحم الناس لوداعه ورؤيته حتى انتشروا مِن باب داره إلى قرب الجسورة ، فيما بين دمشق والكسوة ، وهم فيما بين باكٍ وحَزين ومتفرّج ومُتَنَزِّه ، ومزاحم مُتَغَالٍ فيه .

فلما كان يوم السبت دخل الشيخ تقي الدين غـزّة ، فعمل في جامعها مجلسا عظيما ، ثم دخلا معا إلى القاهرة والقلوب معه وبِه متعلقة ، فَدَخلا مصر يوم الاثنين الثاني والعشرين مِن رمضان ، وقيل : إنهما دخلاها يوم الخميس ، فلما كان يوم الجمعة بعد الصلاة عُقِد للشيخ مجلس بالقلعة اجتمع فيه القضاة وأكابر الدولة ، وأراد أن يتكلم على عادته فلم يتمكن من البحث والكلام ، وانتُدِب له الشمس ابن عدنان خَصْمًا احتسابا ، وادّعى عليه عند ابن مخلوف المالكي أنه يقول : إن الله فوق العرش حقيقة ، وأن الله يتكلم بِحَرف وصَوت ، فسأله القاضي جوابه فأخذ الشيخ في حمد الله والثناء عليه ، فقيل له : أجب ما جئنا بك لتخطب ! فقال : ومن الحاكم فيّ ؟ فقيل له: القاضي المالكي .
فقال له الشيخ : كيف تحكم فيّ وأنت خصمي ؟! فغضب غضبا شديدا وانزعج وأقيم مرسما عليه وحُبِس في برج أياما ، ثم نُقِل منه ليلة العيد إلى الحبس المعروف بالْجُبّ ، هو وأخوه شرف الدين عبد الله وزين الدين عبد الرحمن .
وأما ابن صصرى فإنه جدد له توقيع بالقضاء بإشارة المنبجي شيخ الجاشنكير حاكم مصر، وعاد إلى دمشق يوم الجمعة سادس ذي القعدة والقلوب له مَاقِتَة ، والنفوس منه نافرة ، وقُرئ تقليده بالجامع ، وبعده قُرئ كتاب فيه الحطّ على الشيخ تقي الدين ومُخَالفته في العقيدة ، وأن يُنَادَى بذلك في البلاد الشامية ، وأُلْزِم أهل مذهبه بمخالفته ، وكذلك وقع بمصر ، قام عليه جاشنكير وشيخه نصر المنبجي ، وساعدهم جماعة كثيرة من الفقهاء والفقراء، وجرت فتن كثيرة منتشرة، نعوذ بالله من الفتن .

وقال ابن كثير :
ثم دخلت سنة ست وسبعمائة ، استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها ، والشيخ تقي الدين بن تيمية مسجون بالجب من قلعة الجبل .
وقال :
وفي ليلة عيد الفطر أحْضَر الامير سيف الدين سلار نائب مصر القضاة الثلاثة وجماعة من الفقهاء فالقضاة الشافعي والمالكي والحنفي ، والفقهاء الباجي والجزري والنمراوي ، وتكلموا في إخراج الشيخ تقي الدين بن تيمية من الحبس ، فاشترط بعض الحاضرين عليه شروطا بذلك ، منها : أنه يلتزم بالرجوع عن بعض العقيدة ، وأرسلوا إليه ليحضر ليتكلموا معه في ذلك ، فامتنع من الحضور وصمم ، وتكررت الرُّسُل إليه سِتّ مرّات ، فصمم على عدم الحضور، ولم يلتفت إليهم ولم يَعِدْهم شيئا ، فطال عليهم المجلس ، فتفرقوا وانصرفوا غير مأجورين .

وقال أيضا :
ثم دخلت سنة سبع وسبعمائة ، استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها، والشيخ تقي الدين بن تيمية معتقل في قلعة الجبل بمصر ... وفي يوم الجمعة رابع عشر صفر اجتمع القضاة بدر الدين بن جماعة بالشيخ تقي الدين بن تيمية في دار الاوحدي من قلعة الجبل، وطال بينهما الكلام ثم تَفَرَّقا قبل الصلاة ، والشيخ تقي الدين مصمم على عدم الخروج من السجن ، فلما كان يوم الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأول جاء الأمير حسام الدين مهنّا بن عيسى ملك العرب إلى السجن بنفسه وأقسم على الشيخ تقي الدين ليخرجنّ إليه ، فلما خرج أقسم عليه ليأتين معه إلى دار سلار ، فاجتمع به بعض الفقهاء بدار سلار وجرت بينهم بحوث كثيرة .ثم فَرَّقَتْ بينهم الصلاة ، ثم اجتمعوا إلى المغرب وبات الشيخ تقي الدين عند سلار، ثم اجتمعوا يوم الأحد بمرسوم السلطان جميع النهار ، ولم يحضر أحد من القضاة بل اجتمع من الفقهاء خلق كثير، أكثر من كل يوم ، منهم الفقيه نجم الدين بن رفع وعلاء الدين التاجي ، وفخر الدين ابن بنت أبي سعد ، وعز الدين النمراوي ، وشمس الدين بن عدنان ، وجماعة من الفقهاء وطلبوا القضاة فاعتذروا بأعذار ، بعضهم بالمرض ، وبعضهم بغيره ، لمعرفتهم بما ابن تيمية منطوي عليه من العلوم والأدلة ، وأن أحدا من الحاضرين لا يُطيقه ، فَقَبِل عُذرهم نائب السلطنة ولم يكلفهم الحضور بعد أن رسم السلطان بحضورهم أو بفصل المجلس على خير، وبات الشيخ عند نائب السلطنة ، وجاء الأمير حسام الدين مهنا يُريد أن يستصحب الشيخ تقي الدين معه إلى دمشق ، فأشار سلار بإقامة الشيخ بمصر عنده ليرى الناس فضله وعلمه ، وينتفع الناس به ويشتغلوا عليه .

واستمر الشيخ في الحبس يُسْتَفْتَى ويَقْصده الناس ويزورونه ، وتأتيه الفتاوى المشكلة التي لا يستطيعها الفقهاء من الأمراء وأعيان الناس ، فيكتب عليها بما يُحير العقول من الكتاب والسنة .

ثم دخلت سنة ثمان وسبعمائة ، استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها، والشيخ تقي الدين قد أُخْرِج مِن الحبس ، والناس قد عكفوا عليه زيارة وتعلُّمًا واستفتاء وغير ذلك .

وذَكَر ابن كثير في حوادث سنة تسع وسبعائة :
وفي ليلة سلخ صفر توجه الشيخ تقي الدين بن تيمية من القاهرة إلى الإسكندرية صحبة أمير مقدم ، فأدخله دار السلطان وأنزله في برج منها فسيح الأكناف ، فكان الناس يدخلون عليه ويشتغلون في سائر العلوم ، ثم كان بعد ذلك يحضر الجمعات ويَعمل المواعيد على عادته في الجامع ، وكان دخوله إلى الإسكندرية يوم الأحد ، وبعد عشرة أيام وصل خبره إلى دمشق فحصل عليه تألّم وخافوا عليه غائلة الجاشنكير وشيخه المنبجي ، فتضاعف له الدعاء ، وذلك أنهم لم يمكنوا أحدا من أصحابه أن يخرج معه إلى الإسكندرية ، فضاقت له الصدور ، وذلك إنه تمكن منه عدوه نصر المنبجي .

وكان سبب عداوته له أن الشيخ تقي الدين كان ينال من الجاشنكير ومِن شيخه نصر المنبجي ، ويقول : زالت أيامه ! وانتهت رياسته ، وقَرُب انقضاء أجله ، ويتكلّم فيهما وفي ابن عربي وأتباعه ، فأرادوا أن يسيروه إلى الإسكندرية كهيئة المنفِي ، لعل أحدا من أهلها يتجاسر عليه فيقتله غِيلة ، فما زاد ذلك الناس إلاَّ محبة فيه وقُرْبًا منه ، وانتفاعا به ، واشتغالا عليه ، وحُنُوًّا وكرامة له .

واتفق أنه وجد بالإسكندرية إبليس قد باض فيها وفرّخ ! وأضل بها فرق السبعينية والعربية
، فمزق الله بِقُدُومِه عليهم شملهم ، وشَتّت جموعهم شَذَر مَذَر ! وهتك أستارهم وفضحهم ، واستتاب جماعة كثيرة منهم ، وتوّب رئيسا من رؤسائهم ، واستقر عند عامة المؤمنين وخواصهم من أمير وقاضٍ وفقيه ، ومُفْتٍ وشيخ وجماعة المجتهدين ، إلاّ مَن شَذّ مِن الأغمار الجهال ، مع الذلة والصغار - محبة الشيخ وتعظيمه وقبول كلامه والرجوع إلى أمره ونهيه ، فَعَلَت كلمة الله بها على أعداء الله ورسوله ، ولُعنوا سِرًا وجَهرا ، وباطنا وظاهرا، في مجامع الناس بأسمائهم الخاصة بهم ، وصار ذلك عند نصر المنبجي المقيم المقعَد ، ونَزَل به من الخوف والذلّ ما لا يُعَبّر عنه .

والمقصود أن الشيخ تقي الدين[يعني : ابن تيمية] أقام بثغر الإسكندرية ثمانية أشهر ، مُقيما بِبُرْج مُتَّسع مَليح نَظيف ، له شُبَّاكَان ؛ أحدهما إلى جهة البحر ، والآخر إلى جهة المدينة، وكان يدخل عليه من شاء ، ويتردد إليه الأكابر والأعيان والفقهاء ، يقرؤون عليه ويستفيدون منه ، وهو في أطيب عيش وأشرح صدر .

وكان قاضي المالكية ابن مخلوف يقول : ما رأينا مثل ابن تيمية حَرَّضنا عليه فلم نَقْدِر عليه ! وقَدَر علينا فَصَفَح عَـنّا وحَاجَجَ عَـنّا !

وقال في ترجمة الشيخ الزاهد نور الدين أبو الحسن علي بن يعقوب بن جبريل البكري المصري الشافعي ... : وقد كان في جملة مَن يُنْكِر على شيخ الإسلام ابن تيمية ، أراد بعض الدولة قتله فهرب واختفى عنده كما تقدم ، لَمّا كان ابن تيمية مُقِيمًا بِمصر، وما مثاله إلاَّ مثال سَاقِية ضَعيفة كَدرة لاطَمَتْ بَحْرًا عَظيما صافيا ، أوْ رَمْلة أرَادت زَوال جَبل ! وقد أضحك العقلاء عليه .

ولَمّا ذَكَر ابن المطهر الشيعي قال :
وقد انتدب في الرد عليه الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس بن تيمية في مجلدات أتى فيها بما يُبْهِر العقول مِن الأشياء المليحة الحسنة ، وهو كتاب حافل .

ولَمّا ذَكَر شمس الدين ابن الحريري الحنفي قال :
وكان يقول : إن لم يكن ابن تيمية شيخ الإسلام فَمَن ؟ وقال لبعض أصحابه : أتُحِبّ الشيخ تقي الدين ؟ قال : نعم ، قال : والله لقد أحببتَ شيئا مليحا !

وذَكَر جنازة شيخ الإسلام ابن تيمية حتى صارت مثلا !
قال ابن كثير في ترجمة الشيخ محمد بن تمام :
وكان الجمع كثيرا جدا لم يشهد الناس جنازة بعد جنازة الشيخ تقي الدين بن تيمية مثلها ، لكثرة مَن حَضرها مِن الناس رجالا ونساء . اهـ .

فتبيّن أن سبب سجنه بمصر هو ما يتعلّق بالعقيدة ، سواء ما أثبته في " الواسطية " أو ما أثبته أيضا في " الرسالة الحموية " ، وليس فيها شيء مِن التجسيم ، بل فيها إثبات صِفات الله عزَّ وَجَلّ كما أثبتها السلف .

قال الذهبي في " تاريخ الإسلام " : الإنكار على ابن تيمية كلامه في الصفات .
وفي ربيع الأول قام جماعة من الشافعية المتكلمين فأنكروا على ابن تيمية كلامه في الصفات . وأخذوا فُتياه الحموية فَرَدّوا عليه ، وانتصبوا لأذيته ، وسَعَوا إلى القضاة والعلماء ، فطاوعهم جلال الدين قاضي الحنفية في الدخول في القضية ، فطلب الشيخ ، فلم يحضر . فأمر فنودي في بعض دمشق بإبطال العقيدة الحموية ، أو نحو هذا . فانتصر له الأمير جاغان ، واجتمع به الشيخ ، فطلب من سعى في ذلك ، فاختفى البعض ، وتشفع البعض ، وضُرب المنادي ومن معه ...
وجلس الشيخ على عادته يوم الجمعة وتكلم على قوله : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) . ثم حضر مِن الغدّ عند قاضي القضاة إمام الدين ، رحمه الله ، وحضر جماعة يسيرة ، وبحثوا مع الشيخ في الحموية ، وحاقَقُوه على ألفاظ فيها . وطال البحث ، وقُرئ جميعها ، وبَقُوا من أوائل النهار إلى نحو ثلث الليل ، ورَضُوا بما فيها في الظاهر ، ولم يقع إنكار ، بحيث انفصل المجلس ، والقاضي ، رحمه الله ، يقول : كل مَن تكلّم في الشيخ فأنا خَصمه .
وقال أخوه القاضي جلال الدين : كل مَن تكلّم في ابن تيمية بعد هذا نُعَزِّره . اهـ .

وما شيخ الإسلام ابن تيمية إلاّ كما قيل :
حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سَعْيَه * * * فالناس أعداء له وخُصوم .

والله تعالى أعلم .









قديم 2013-07-07, 19:01   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
عبد النور المسيلي
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية عبد النور المسيلي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










قديم 2013-07-07, 19:18   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
real_madrid
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
هذه حجة المفلس حينما لا يجد النصوص و الادلة من القرآن و السنة يتجه لاسلوب القذف و الكذب و يتكلم بكلام يوحي للمستمع انه على صواب و غيره على خطأ
فالمخالف حينما لا يجد الدليل يذهب للافاض الرنانة ك القول بالمشبهة و المجسمة و الحشوية ووووووو
هم ينسبون لاهل السنة والجماعة ما ليس فيهم و ينسبون لعلمائها الاكاذيب و الاباطيل هؤلاء الذين ظلو و ارادو ان يظلو العوام و نصبو انفسهم ترجمانات على كلام الله وان القرآن لم ينزل للعوام وانما نزل لهم فقط ومفاتيحه عندهم
بارك الله فيكي اختي









قديم 2013-07-07, 19:39   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
الحضني28
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة real_madrid مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
هذه حجة المفلس حينما لا يجد النصوص و الادلة من القرآن و السنة يتجه لاسلوب القذف و الكذب و يتكلم بكلام يوحي للمستمع انه على صواب و غيره على خطأ
فالمخالف حينما لا يجد الدليل يذهب للافاض الرنانة ك القول بالمشبهة و المجسمة و الحشوية ووووووو
هم ينسبون لاهل السنة والجماعة ما ليس فيهم و ينسبون لعلمائها الاكاذيب و الاباطيل هؤلاء الذين ظلو و ارادو ان يظلو العوام و نصبو انفسهم ترجمانات على كلام الله وان القرآن لم ينزل للعوام وانما نزل لهم فقط ومفاتيحه عندهم
بارك الله فيكي اختي
وماذا بعد...ماالفائدة من كل هذه النقولات...
أناس اختلفوا وكفر بعضهم بعضا نبقى على طريقتهم...هل هذا هو الاسلام..كلا وألف كلا









 

الكلمات الدلالية (Tags)
التحصيل, عقدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc