الجناح الغربي.. عندما تتحول بلادنا الى شركات خاصة!

[المعزلدين الله]

الجناح الغربي.. عندما تتحول بلادنا الى شركات خاصة!
نزار منصور

3/5/2010

في حلقة اليوم من المسلسل الجناح الغربي (وست ونغز) الذي يصور كيف يتم ادارة الولايات المتحدة وكيف يدار البيت الابيض، كيف يتعامل الرئيس الامريكي مع نواب الشعب والحكومة والوزراء. يسلم الرئيس بارتليت الحكم للرئيس الجديد سانتوس وبشكل سلس بسيط اقرب لما يحصل في الواقع نرى كيف يتسلم الرئيس الجديد السلطة وكيف تتغير حتى الصور المعلقة على جدران البيت الابيض دون اي خجل او وجل.
ما يهم في هذا المسلسل انني وانا اتابعه خطر لي ان ابي الذي شهد تولي الملك الراحل الحسين بن طلال لعرش الاردن ولم يتجاوز عمر ابي حينها السابعة توفي وكان الملك ما زال يحكم، و ابي الذي مات عن عمر تجاوز الخمسة واربعين سنة لم يشهد طوالها الا ملكا واحدا.
والان افكر فأجدني وانا ابن الثالثة والثلاثين شهدت حكم سبعة رؤساء امريكيين من ريتشارد نكسون وحتى الرئيس الحالي اوباما في حين انني لم اشهد حتى الان الا الملك الراحل وابنه الملك الحالي.
بقليل من التفكر تجد ان الشعوب العربية في مجملها لم تجرب طوال سني عمرها اكثر من حاكم واحد او حاكمين وفي كل الحالات كان السبب موت الحاكم الاول، الا في بعض الحالات التي كانت تتم فيها الانقلابات العسكرية فيذهب حاكم ظن انه خالد وجلس مكانه حاكم متأكد من انه خالد.
في بعض الدول التي ما زالت تصارع مخاضات الاستقلال والتي لم يتثبت فيها الاستعمار المحلي بعد مثل موريتانيا والصومال كانت صراعات المليشيات على السلطة هي المسبب الرئيس لتغير الحكام.
بعيدا عن سدة الحكم لننظر الى الحكومات في بلادنا فهي في مجملها باقية ما بقي الحاكم لا تتغير الا بموت وزير او بسقوط سهمه لدى الحاكم فيتم تغييره، وفي معظم الحكومات العربية تجد انها اما تتشكل من اسرة الحاكم نفسه فتجد الحاكم ورئيس وزارته وخزانته وخارجيته يحملون نفس اسم العائلة بما يذكرك بالشركات الخاصة والعائلية وفي الحالات القليلة التي يختار فيها الحاكم حكومات من غير اهله باعتقادي ان السبب الرئيس في ذلك عدم كفاية اسرة الحاكم لتشكيل الحكومة او وجود عوائل وقبائل قوية تهدد حكم الحاكم فيكسب ودهم بوزارة او حتى حكومة.
في المحصلة النهائية فبلادنا ليست الا شركات خاصة يملكها الحكام يديرونها كيف ارادوا، ولكن العجيب اننا حتى منطق الاعمال والشركات لا ينطبق علينا فمثلا نحن نعرف اذا ثبت فشل الادارة في شركة ما فمن باب اولى تغييرها وتعيين مدير جديد يحقق الربح وحتى شركات الملكية الخاصة تجدها تعين اصحاب الخبرة والكفاية بما يضمن الربح للمالك.
في بلادنا لا يمر يوم دون ان نخسر ونخسر وليس لنا ان نعترض على حكمة الحاكم فربما هو مثل 'الخالق' - جل ان يكون احد مثله- له حكمة في كل شيء ولكننا لضيق افقنا وقلة درايتنا لا نفهم فنحن مثلا لا نفهم ما الحكمة من بيع النظام المصري الغاز لاسرائيل بثمن بخس في حين الشعب المصري عاد لعصر الحطب ونحن لا نعرف ولا نفهم الحكمة من اعلان العقيد الليبي الجهاد ضد سويسرا بعد ان اعتقلت ابنه بسبب جناية اتهم بارتكابها ولم يعلن الجهاد حين قتلت اسرائيل 1400 فلسطيني في غزة وقتلت امريكا ملايين العراقيين في العراق. وربما يضيق فهمنا عن السبب الذي يدعو الاردن لسحب جوازات الفلسطينيين والزامهم بالحصول على اقامة ليعيشوا فيها في حين ان ابواب الوطن العربي بأسره مفتوحة لاسرائيل والغرب.
كثير من الامور التي لا نفهمها ولكن نذكر قول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
وانا اتابع المسلسل سالف الذكر سألت نفسي متى سأتمكن من بيع اسهمي في هذا البلد، يا اخي لا اريد ان استثمر في هذا البلد، اريد ان استثمر في مصانع نتف الدجاج، نعم ننتف الدجاج ونبيع الريش لمصانع الوسائد.
وانا غــــارق فـــي ذكائي وافكاري المجنونـــة عن الاستثمـــار تذكرت اننا نعيش في بلاد ملكية خاصة ليس لي فيها اي سهم وقريبا ربما لا يكون لنا فيها حتى القبر الذي يوارينا بعد الموت. في مشهد من مشاهد المسلسل يهدي الرئيس السابق نسخة من الدستورالامريكي لاحد حراسه الذي تسجل في الجامعة لدراسة الحقوق ودرت بخاطري اتفكر اذا كنت يوما وخلال ثلاثين عاما صدفت في طريقي دستور اي بلد عربي او درست في اي مدرسة بند واحدا من بنود الدستور غير الولاء للحاكم وطاعتة الواجبة.
في الختام اترككم لتجيبوا عن هذا السؤال :هل حقا يتفوق الغرب علينا بذكائه هل المواطن الامريكي مثلا يحمل من الثقافة والابداع ما يجعله مؤهل كل اربع سنوات لاختيار رئيس للبلد والمواطن العربي بليد واحمق قد يعيش قرنا كامل لا يؤهله لاختيار من يحكمه، اذا كان الجواب نعم فانت احمق واذا كان الجواب لا فانت احمق ولكنك لا تعرف انك احمق والا ما الذي يمنعك من ان تختار حاكمك؟

' كاتب من الاردن

[بدر1971]