مذكرة خاصة بعملية اتخاذ القرار - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مذكرة خاصة بعملية اتخاذ القرار

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-11-19, 13:49   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
xseptx7
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B10 مذكرة خاصة بعملية اتخاذ القرار

مقدمة الفصل
تعتبر عملية اتخاذ القرار عملية رشيدة ، تنطلق من إستراتيجية تطوير القرار نحو تطبيق وتقييم النتائج، وهي من العمليات الأساسية الضرورية في حياة الأفراد والجماعة سواء أكان على مستوى التنظيمات الصغيرة كالأسرة أو التنظيمات الكبيرة كالجهاز الإداري أو السياسي.
إن عملية صنع القرار تظهر في جميع المنظمات بغض النظر عن نوعها وطبيعتها، عسكرية، صناعية، تعليمية، خدماتية، وليس هناك طريقة مثلى لاتخاذ القرار، فالطريقة المثلى هي التي تناسب الظروف وتحقق الهدف.
إن عملية اتخاذ القرار من أهم مكونات العملية الإدارية عامة ولُبّها الرئيسي، فالخطأ أو القصور في القرار المتخذ يترتب عليه انهيار كل مرتبات الحدث، وينظر إلى عملية اتخاذ القرارات على أنها نشاط مستمر يوظّف النظام السلوكي من خلال كل المعلومات المتاحة عن الظروف والأوضاع المحيطة التي تصنف ما يكتنف تلك الظروف والأوضاع من فرص أو معوقات، ثم استناداً إلى معايير المفاضلة والاختيار التي يحددها النظام السلوكي لنفسه، وقد اتفق معظم الكتّاب والمهتمين بالإدارة على أن صنع القرار عملية إدارية يشترك فيها أكبر عدد ممكن من أفراد الجهة أو الجهات ذات العلاقة، وذلك لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات اللازمة وذات العلاقة بالمشكلة القائمة، وبالتالي تدارسها وتحليلها لوضع حلول مستوحاة من أحداث الماضي معبرة عن الاتجاهات السائدة، وملائمة للأوضاع والظروف الحالية.
تعتبر العملية الإدارية لصناعة واتخاذ القرار جزء لا يتجزأ، فالمدير لا يستطيع ممارسة أعماله دون اللجوء إلى اتخاذ سلسلة من القرارات. ، غير أن التحولات المتسارعة والمعقدة في البيئة التي تعمل فيها المؤسسة جعلت من عملية اتخاذ القرار أكثر صعوبة في الوقت الحالي.يرجع سبب ذلك إلى:
- عدد البدائل الذي أصبح أكبر بكثير من أي وقت مضى، وذلك بسبب تحسن التقنية و نظم الاتصالات.
- تكلفة حدوث الأخطاء يمكن أن تكون تكلفتها مرتفعة جدا بسبب قيمة و تعقيد العمليات التلقائية ورد فعل السلسلة الذي يمكن أن يحدثه الخطأ في العديد من أجزاء المنظمة وبنفس القول يمكن أن تكون الفوائد كبيرة إذا اتخذت قرارات صحيحة.
عليه، يجب على المدير أن يكون أكثر فهما لكيفية استخدام الأدوات والأساليب الجديدة التي تمكنهم من اتخاذ القرارات داخل المؤسسة على النحو الأفضل.
على هذا الأساس حاولنا في هذا الفصل تقديم إطار نظري حول مفهوم عملية اتخاذ القرارات باعتبارها أهم عنصر في الإدارة داخل المؤسسة و كذا تبيان لأهميتها و الطرق و الأساليب المعتمدة في اتخاذ القرارات وكذلك العوامل التي تزيد من فعالية اتخاذ هذه الأخيرة.
المبحث الأول: الإطار النظري لعملية اتخاذ القرار
أولا: الإطار النظري لعملية اتخاذ القرار
إن الكثير من المفاهيم الإدارية الحديثة و المرتبطة بموضوع القرارات الإدارية كانت نتيجة لتطور تاريخي في الإدارات القديمة)الفكر القديم(لعديد من الحضارات كالحضارة المصرية، الصينية، اليونانية و الرومانية و غيرها.
يعتبر اتخاذ القرار جانبا هاما في العملية الإدارية، عليه لابد من دراسته في إطار النظريات المختلفة للتنظيم التي سادت مطلع هذا القرن، لنقف على الجهود التي قدمها أنصار هذه النظريات و التي ساهمت في تطوير و ترشيد عملية اتخاذ القرارات من خلال الدراسات التجريبية التي تمت للوصول إلى أفضل الأساليب التي تكفل تحقيق أهداف التنظيم .
1- اتخاذ القرار في المدرسة الكلاسيكية:
ظهرت النظرية الكلاسيكية في التنظيم و الإدارة خلال الفترة التي تمتد من أواخر القرن التاسع عشر إلى أوائل القرن العشرين، و التي تضم العديد من النظريات تيارها الفكري متشابه على حد كبير، و بالتالي فالنظرية الكلاسيكية ليست نظرية واحدة، بل هي مجموعة من النظريات التي ظهرت خلال نفس الفترة الزمنية، في جو سياسي و اجتماعي و اقتصادي مميز، تأثر روادها بالجو السائـد آنذاك و الذي تـزامن مع الـثورة الـصناعـية و أشهرهم: «فرديريك تايلور»، «هنري فايول»، «فرانك جلبرت»...
و في ظل الظروف التي نشأت فيها النظرية الكلاسيكية ميَزنا ثلاث نظريات نوجزها حسب ترتيبها كما يلي:
أ‌- نظرية الإدارة العلمية: تـعتـبر هذه الـمدرسة أول المدارس في علم إدارة الأعمال و تسمى بمدرسة الإدارة العلمية لاعتمادها على قواعد علمية ثـابتة في مـعالـجة و حـل الـمشاكل الإدارية، و إحلال العلم محل القواعد العشوائية و أساليب التجربة و الخطأ التي كانت تعتمد عليها الإدارة لاتخاذ قراراتها.
ويعرف (F.Taylor) بأنه أب الإدارة العلمية، حيث استطاع تسجيل العديد من النقاط السلبية أثناء ممارسته لمهامه العديدة في المصانع نذكر منها :
- غياب المعنى الحقيقي و الدقيق لمفهوم المسؤولية لدى كل من المديرين و العمال.
- غياب مؤشرات دقيقة و واضحة لقياس أداء العمل.
- غياب حوافز تشجيعية للعمال.
- تفشي ظاهرة الإهمال و عدم الاهتمام من قبل العمال أثناء أدائهم للأعمال المطلوبة منهم.
- غياب الأسس العلمية والدراسات المنظمة التي تبنى على أساسها القرارات الناجعة.
- عدم التناسب في الكثير من الأحيان بين الوظيفة و الفرد و ما له من انعكاسات على مستوى الأداء والإنتاجية.
هذه الأمور السلبية دفعت ف. تايلور F. Taylor إلى اقتراح مجموعة من الحلول للمشكلة الإنتاجية و للقضاء على التبذير. ومن الإسهامات الأخرى لتايلور في مجال اتخاذ القرارات دعوته إلى تطبيق الأساليب العلمية في الإدارة بدلا من الأساليب التقليدية القائمة على التقدير الشخصي، و الانسجام بدلا من التفرقة، و التعاون بدلا من سيادة الروح الفردية.. و هذه كلها مفاهيم تساهم في ترشيد عملية اتخاذ القرارات الإدارية.
ب‌- نظرية التقسيم الإداري: ينصب اهتمام أنصار هذه المدرسة على التكوين الداخلي للتنظيم و على كيفية توزيع النشاطات بين أقسامه بالشكل الذي يحقق التكامل بينها، و ذلك بتحقيق أهداف التنظيم من خلال تحديدها و تحديد الأعمال و الأنشطة اللازمة، و كل ذلك ابتغاء الوصول إلى الكفاءة الإدارية.
من أبرز أنصار هذه النظرية «هنري فايول.H.Fayol « (1841-1925) الذي كانت لأفكاره تأثيرا مميزا في الفكر الإداري، و تقوم أفكاره على تصنيف وظائف التنظيم الإداري إلى ست مجموعات (وظائف فنية ، تجارية، مالية، صيانة، محاسبة، إدارية).
و من الإسهامات الرائدة لهنري فايول في مجال اتخاذ القرارات اقتراحه لعدد من التوجيهات لترشيد سلوك المدير لضمان حسن أدائه لدوره القيادي، و تقريره لعدد من المبادئ رآها ضرورية على المدير أن يلتزم بها في أدائه لمهامه، و التي أسهمت في تطوير و ترشيد عملية اتخاذ القرارات منها:
• التأكيد على أن المصلحة العامة تسمو على المصالح الشخصية، و مراعاة المديرين لذلك في اتخاذ قراراتهم.
• التأكيد على مجموعة من السمات الفذة التي رأى لزوم توافرها في المدير القائد لاتخاذ القرارات الصائبة و هي صفات جسمية و ذهنية، وسعة إطلاع المدير و ثقافته العامة و خبرته ...


ت‌- النظرية البيروقراطية: تنتـسب هـذه المـدرسة لـ ماركس ويبرM. Wiber الذي يرى أن البيروقراطية هي ذلك " النموذج المثالي للتنظيم الذي يقوم على أساسه التقسيم الإداري والعمل المكتبي ".
و قد ظهرت هذه المدرسة في نفس الفترة التاريخية التي ظهرت فيها المدرسة العلمية و مدرسة العملية الإدارية، و يؤخذ على المدرسة البيروقراطية ما يسمى بالجمود التنظيمي و الذي يرجع أساسا لارتفاع عدد المستويات التنظيمية وهذا ما يجعل القرار يتسم بالبطء و الصعوبة في التنفيذ.
متخذ القرار في ظل البيروقراطية بحاجة إلى البيانات و المعلومات اللازمة باعتباره مركز للسلطة، فالعمال المرؤوسين يعملون على عدم إيصالها إليه، لأن النظام البيروقراطي يتجاهل التنظيم غير الرسمي، هذا التجاهل يجعل من يملكون البيانات و المعلومات يقومون بالمساومة بها مقابل الحصول على منافع خاصة .
من خلال العرض السابق يتضح أن معظم الدراسات التي تمت في إطار نظريات المدرسة الكلاسيكية ، و الافتراضات التي طرحتها في مجال اتخاذ القرارات، قد ركزت على الجوانب المادية وهو ما يتضح من خلال إتباع نظرية الإدارة العلمية للمنهج العلمي من أجل فهم العملية الإدارية.
وفي الأخير نستنج أن المدرسة الكلاسيكية تعطي أهمية كبيرة لمتخذ القرار و تري أنه يجب:
 أن يتوفر بالشخص الذي يتخذ القرار الرشد و الوعي بحيث يختار البديل الأفضل الذي يحقق المنفعة القصوى من البدائل الأخرى بعد تحديد الأهداف و الحلول البديلة الممكنة التنفيذ .
على متخذ القرار أن يرتب النتائج المتكونة من كل بديل ثم يضع سلّم للأفضليات ليختار البديل الذي يحقق له أكبر الأرباح و أقل الخسائر.
و قد تعرضت الافتراضات التي قدمتها النظريات الكلاسيكية في مجال اتخاذ القرارات لبعض الانتقادات أهمها: مبالغتها في التركيز على الأنشطة التي يمارسها المدير دون أن تعطي اهتماما كافيا لمفهوم القرارات الإدارية و أساليب اتخاذها , باعتبارها من المهام الأساسية للمدير , كما أغفلت أهمية العوامل السيكولوجية و البيئية و تأثيرها على عملية اتخاذ القرارات
2- اتخاذ القرار في مدرسة العلاقات الإنسانية:
ظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية1930م-1970م" كرد فعل للنظريات الكلاسيكية الثلاث, وهي البيروقراطية والإدارة العلمية والتقسيم الإداري, والتي افترضت أن الحوافز المادية هي ما يهم العاملين وبالتالي إهمالها العوامل الاجتماعية والإنسانية, وهذا النوع من الفكر الإداري التقليدي ساد خلال مرحلة من مراحل تطور علاقات العمل, كان يسيطر عليها الفكر التنظيمي العلمي الذي يهتم بترشيد الأساليب والطرق والهيكل التنظيمي أكثر مما يهتم بالعنصر البشري..
على نقيض المدرسة الكلاسيكية افترضت مدرسة العلاقات الإنسانية، بأن الإنسان مخلوق اجتماعي، يسعى إلى إنشاء علاقات أفضل مع الآخرين، وأن أفضل صفة إنسانية جماعية هي التعاون وليس التنافس، وبالتالي اختلفت سياسات هذه النظرية عن سابقتها في التعامل مع العنصر البشري للسيطرة على سلوكه.
أما فيما يخص عملية اتخاذ القرارات فلم تعطي هذه المدرسة أي شرح لعملية اتخاذ القرار، فقط ركزت هذه النظرية على القيادة الديمقراطية ومشاركة العاملين في اتخاذ القرارات بدلا من المركزية في اتخاذ القرار، ووضع أنظمة الشكاوى والاقتراحات والرحلات والحفلات الاجتماعية, ومن العيوب التي قد تتخذ على هذه النظرية أنها أفرطت في الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية، الأمر الذي قد يصل في النهاية إلى تدليل العاملين وإفسادهم. حيث أشار RYMOND. E. MILES إلى «أن هدف مدرسة العلاقات الإنسانية في الإدارة هو أن يعمل الفرد كإنسان و ليس كآلة و احترام مشاعره و مشاركته في اتخاذ القرار، حيث يؤدي ذلك إلى رفع معنوياته كما يؤدي إلى زيادة الرغبة في التعاون مع الآخرين في إنجاز أهداف المنظمة«
3- اتخاذ القرار في المدرسة السلوكية:
ظهرت المدارس السلوكية في ثلاثينات هذا القرن و سادت حتى الخمسينات، و قد ساعدت المفاهيم التي قدمتها هذه المدارس في التعرف على العوامل و المتغيرات المختلفة التي تتفاعل و تؤثر على اتخاذ القرارات.
و أول من ساهم في تطوير المفاهيم الإدارية المتعلقة باتخاذ القرارات في هذه المدرسة هي ماري فيوليت*-M. Follet(1765-1928) و ذلك من خلال تحليلها لما أسمته بقانون الموقف و توصلها إلى نتائج مؤداها أن قرارات المدير تستمد من ظروف الموقف الذي يواجهه و ليس من شخصه و أنه إذا ما تم ذلك فإن المرؤوس يسعى من خلال معرفته لظروف و متغيرات الموقف لتنفيذ ما يحقق المطلوب، بالرغم من أنه نفسه لا يتخذ القرار .
كما وضعت الأسس التي تقوم عليها سلطة القائد في اتخاذ القرارات، و لفتت الانتباه إلى أهمية تحديد الأهداف عند اتخاذ القرارات، و قد توصلت من خلال دراستها إلى أنه قد تتعارض أهداف المدير متخذ القرار و أهداف المجموعة العاملة وأهداف أفرادها.
ومن رواد المدرسة السلوكية أيضا تشستر برنارد-C. Bernard الذي ألف كتابه ((وظائف المنفذ)) عام 1938 الذي كان بداية تحول في الفكر الإداري نحو الاهتمام بموضوع اتخاذ القرارات حيث شدد على أهمية هذه العملية و اعتبرها ركنا أساسيا في التنظيم الإداري، كما أكد على أهمية تحديد العامل الإستراتيجي في عملية اتخاذ القرار، وأنه على المدير متخذ القرار أن يفرق و هو بصدد تحديد المشكلة محل القرار بين العوامل الإستراتيجية و العوامل غير الإستراتيجية التي لا تؤثر كثيرا في اتخاذه و أن ذلك يساهم في تضييق مجال البحث و التفكير للوصول إلى الهدف.
بالنسبة لهربرت سيمون-H. SIMON و الذي يعتبر أيضا من أهم رواد هذه المدرسة و أولهم في مجال اتخاذ القرارات، فقد كان اهتمامه بمجال اتخاذ القرارات واضحا من خلال كتابه ((السلوك الإداري)) و الذي كان عنوانه الفرعي هو ((دراسة لعمليات اتخاذ القرارات في التنظيم الإداري)) سنة1945، و قد حلل القرار الإداري إلى عنصرين أساسين هما عنصر التكلفة المتعلق بعملية جمع البيانات و المعلومات و تصنيفها و اقتراح البدائل و تقييمها، و العنصر الثاني يختص بنتائج القرار و هو يتسم بالتعقيد نظرا لارتباطه بالأهداف التي يتوخاها القرار كتحقيق الأرباح.
لاحظ سيمون قصور مفهوم الرشد و المعيار الاقتصادي في اتخاذ القرارات و بين أن متخذ القرار لا يستطيع الوصول إلى الحلول المثلى للمشاكل موضوعات الدراسة، ذلك أن الحل الأمثل في فترة زمنية معينة لا يبقى في فترة زمنية أخرى، كما أن بدائل العمل المتاحة أمام متخذ القرار قد لا تكون كثيرة و أن اختيار إحداها يتوقف على إمكانيته و قدراته في دراستها جميعا، وتحديد نتائجها و توفير الوقت اللازم لذلك.وهو بذلك يواجه الكثير من العوامل التي لا يستطيع السيطرة عليها أو لا يملك المعرفة بها أو القدرة على التنبؤ بها.
و أخيرا فالأفكار و المفاهيم و التصورات التي قدمها رواد هذه المدرسة السلوكية في مجال اتخاذ القرارات، لها أثر كبير في توجيه علماء الإدارة إلى أهمية المتغيرات و العوامل السيكولوجية و البيئية بما تتضمنه من ظروف اقتصادية أو سياسية، و مدى تأثيرها على القرارات الإدارية و أساليب اتخاذها.

ثانيا: التعريف بعملية اتخاذ القرار
عملية اتخاذ القرار هي العملية التي تبني على دراسة وتفكير موضوعين للوصول إلى قرار معين أي الاختيار بين البدائل، وهذه العملية لها دور كبير في تجسيد أهداف المؤسسة خاصة الإستراتيجية منها.

1- مفهوم صنع القرار و اتخاذه: يعتبر موضوع صنع القرار واتخاذه من الموضوعات ذات الأهمية الكبرى التي شغلت بال العلماء الاجتماعيين وبخاصة المضطلعين منهم بعلم الاجتماع أو الإدارة أو النفس أو السياسة، و قد يرى الكثير منا أن اتخاذ القرار و صنعه هو مفهوم واحد و لكن يوجد فرق بين هذين المفهومين و سوف نوضح ذلك فيما يلي:
أ‌- صنع القرار: يقصد به جميع الخطوات التي يتطلبها ظهور القرار على حيز الوجود، و تتضمن خطوات التعرف على المشكلة و تحديدها، و تحليل المشكلة و تقييمها، و جمع البيانات واقتراح الحلول المناسبة، و تقييم كل حل على حدة، ثم اختيار أفضل الحلول.و قد تعددت تعاريف صنع القرار فيرى- تانبوم Tannenbaum أن: "صنع القرار هو عملية ديناميكية تتضمن في مراحلها المختلفة تفاعلات متعددة تبدأ من مرحلة التصميم و تنتهي بمرحلة اتخاذ القرار".
و فيما يلي سنعرض مجموعة من تعاريف صنع القرار :
- مارتين دافيز Martin Davis : صنع القرار على أنه عملية اختيار بديل من بديلين أو أكثر كما أن القدرة على صنع القرارات هي لب المكون المهني في الخدمة الاجتماعية.
- بارسونز Barsons: هو عملية اختيار البديل الملائم لتحقيق الأهداف من بين الوسائل الممكنة.
- مارس و سيمون Mars & Simon:ان صناعة القرار سواء كان فرديا أو عن طريق المنظمة يهتم في المقام الأول باكتشاف و اختيار البدائل المرضية.
- جينسبرج و كيز Ginsberg & Keys: العمليات التي نحصل من خلالها على النتائج من القرار.
ويمكن تحديد بعض السمات التي تتسم بها عملية صنع القرار وهي تتجلى من خلال إتباع عدة خطوات متتابعة كأسلوب متسلسل منطقيا، للوصول إلى حل ملائم، وأي موقف أو مشكلة لها حلول بديلة، يجب التعرف عليها وتحديدها وتحليلها ومقارنتها طبقا لأسس وقواعد ومقاييس محددة سابقا، وفي عملية صنع القرار تعتمد طريقة اكتشاف البدائل وتحديد محلات الاختيار واختيار الحل الأمثل للأهداف التي يمكن تحقيقها، وتقوم عملية صنع القرار على الجهود الجماعية المشتركة، ولهذا فهي تتصف بالعموم والشمول باعتبار أن نوع القرارات وأساليب اتخاذها تكاد تكون عامة بالنسبة لجميع المنظمات الإدارية.
ب‌- مفهوم اتخاذ القرار: قبل التعريف بعملية اتخاذ القرار يجب أولا فهم ماهية مصطلح القرار.
القرار: « بصفة عامة يمكن القول أن القرار هو عملية عقلانية تتبلور في الاختيار بين بدائل متعددة ذات مواصفات تتناسب مع الإمكانيات المتاحة و الأهداف المطلوبة.»
شكل رقم(1-1):مفهوم القرار
















المصدر: محمد الصيرفي، القرار الإداري و نظم دعمه، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2007، ص11.
أو يمكن تعريفه بأنه الاختيار المدرك بين البدائل المتاحة في موقف معين أو هو عملية المفاضلة بين حلول بديلة لمواجهة مشكلة معينة و اختيار الحل الأمثل من بينها. وأيضا القرار هو اختيار أفضل البدائل المتاحة بعد دراسة النتائج المتوقعة من كل بديل وأثرها في تحقيق الأهداف المطلوبة.
عملية اتخاذ القرار: يعد اتخاذ القرار من أهم مراحل صنع القرار و ليس مرادفا لصنع القرار، فمرحلة اتخاذ القرار هي خلاصة ما يتوصل إلية صانعوا القرار من معلومات و أفكار حول المشكلة القائمة، و هناك عدة تعاريف لاتخاذ القرار منها :
تعريفNigro : الاختيار المدرك(الواعي) بين البدائل المتاحة في موقف معين .
تعريف Lipham & Hoeh: اختيار بديل من بديلين أو أكثر، لأنه إذا لم يوجد في الموقف إلا بديل واحد، فلن يكون هناك قرار يتخذ، و ذلك لعدم وجود مجال للاختيار.
أي أن عملية اتخاذ القرار هي اختيار بديل من عدة بدائل متوفرة لتحقيق هدف، وحل مشكل و انتهاز فرصة.
كما يمـكن تعـريـف اتخاذ القـرار في الإدارة العـامة على أنـه " الاختيار المدرك بين عدد من البـدائل المحتملة لتحقيق هدف أو أهداف محددة مصحوبة بتحديد إجراءات التنفيذ ".
عموما، اتخاذ القرار هو: عملية اختيار بديل واحد من بين بديلين محتملين أو أكثر لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف خلال فترة زمنية معينة في ضوء معطيات كل من البيئة الداخلية والخارجية والموارد المتاحة للمنظمة. من واقع هذا المفهوم يمكن إدراك أن عملية اتخاذ القرارات تنطوي على عدد من العناصر هي:
- الاختيار.
- توافر البدائل.
- الغايات أو الأهداف أو محركات دوافع السلوك.
- الوقت.
- الموارد المادية و البشرية المتوافرة للمنظمة.
- البيئة الداخلية للمنظمة.
- البيئة الخارجية بما تحتويه من متغيرات سياسية و اقتصادية و اجتماعية.
فاتخاذ القرار يعتبر أحد مراحل صنع القرار و أهمها، فهو نتاج عملية صنع القرار ذاتها.
2- المسؤول بين صناعة القرار و اتخاذه: عملية صنع القرار واتخاذه ليست بالمهمة السهلة، لأنها جوهر الإدارة و ترتبط ارتباطا وثيقا بالإدارة.
من الأهمية أن نفرق بين من يتخذ القرار و من يسهم في اتخاذ القرار، فمتخذ القرار يجب أن يملك السلطة الإدارية التي تعطيه الحق في اتخاذ القرارات في حدود معينة، بيد أن ذلك لا يعني أن ينفرد متخذ القرار في جميع الأحوال باتخاذ القرار، بل إن هناك الكثيرين في فالمنظمة من الممكن أن يساعدوه في اتخاذ القرار المناسب . و صانعوا القرار هم الأفراد أو المجموعات الذين يقومون بعملية الاختيار الفعلي من بين البدائل، فصانعي القرارات المثاليين هم الذين يحاولون استعمال جميع مواهبهم و قدراتهم، ويتأثرون بشكل رئيسي بمبرر و حكم صحيحين. فعملية صنع القرار هي عملية جماعية متكاملة.
الشكل (1-2): خصائص صناع القرار













المصدر: من إعداد الطالبة بالاعتماد على كتاب المنهج الكمي لادارة الاعمال لمؤيد عبد الحسين الفضل.
تعتبر عملية اتخاذ القرارات من أهم الدعائم التي تعتمد عليها المؤسسة ، حيث تعتبر هذه الأخيرة شبكة متحركة لاتخاذ القرارات، و من الصعب اختيار البديل المناسب بين مجموعة من البدائل المتاحة، لهذا يلجأ البعض إلى المشاركة و الإستفساء قبل اتخاذ القرار لما لهما من مساهمة فعالة في هذه العملية، والتي تؤثر بشكل مباشر في حقل العمل.
ينتج من المشاركة في اتخاذ القرار مواقف مفضلة للموظف اتجاه الإدارة مثل علاقات جيدة تقام بين الموظفين ورؤسائهم واتصالات أفضل و مساهمة أكبر للوصول إلى إرضاء و قناعة الموظف.
إن المسؤولين عن اتخاذ القرارات الإستراتيجية يعلمون أن هذه القرارات لا يمكن أن تحقق رضا الجميع ففي غياب المعلومات الكافية، تصبح هذه العملية أكثر صعوبة. وكثيراً ما يتعامل صناع القرار مع ظروف الشك وعدم اليقين، لكنهم ملزمون بالاجتهاد والتحرك واتخاذ القرارات في حدود وقت معين، ولو ترتب على ذلك ارتكاب بعض الأخطاء، فعدم اتخاذ القرار هو من أسوأ الأخطاء، ومن الصعب التوصل إلى قرار يوافق عليه الجميع، أو قرار ليس له سلبيات ولكن عندما يكون هناك قلق بأن السلبيات المتوقعة من القرارات هي الأكثر فإن من الحكمة إعادة النظر في هذه القرارات لتوضيح الفرق بين صناعة القرار، واتخاذ القرار، فصناعة القرار هي المراحل التي يتم فيها التشخيص، وتحديد المشكلة، وتحديد البدائل وتقييمها، أما اتخاذ القرار فهو يمثل المرحلة الأخيرة أي بعد أن تكون كافة المعلومات ذات العلاقة أمام المسئول الذي يتعين عليه اتخاذ القرار.
ثالثا: أهمية اتخاذ القرار في المؤسسة و تصنيفاته.
1- أهمية اتخاذ القرار: يمثل اتخاذ القرار قلب العملية الإدارية، فعندما تمارس الإدارة وظيفة التخطيط فإنها تتخذ قرارات معينة في كل مرحلة من مراحل وضع الخطة و عند تحديد الأهداف و رسم السياسات و البرامج و عندما تضع الإدارة التنظيم الملائم لأنشطتها فإنها تتخذ قرارات بشأن الهيكل التنظيمي، نوعه و حجمه و أسس تقسيم و نطاق الإشراف.
وعندما يتخذ المدير وظيفته القيادية فإنه يتخذ مجموعة من القرارات سواء عند توجيه مرؤوسيه وتنسيق مجهوداتهم أو استشارة دوافعهم وتحفيزهم على الأداء الجيد أو حل مشكلاتهم، وعندما تؤدي الإدارة وظيفة الرقابة فإنها أيضًا تتخذ قرارات بشأن تحديد المعايير الملائمة لقياس نتائج الأعمال، والتعديلات لتي سوف تجريها على الخطة، والعمل على تصحيح الأخطاء إن وجدت، وهكذا تجري عملة اتخاذ القرارات في دورة مستمرة مع استمرار العملية الإدارية نفسها. إذا فعملية اتخاذ القرار هي عملية متداخلة في جميع وظائف الإدارة و نشاطاتها.
بالإضافة للدور الجوهري لاتخاذ القرار في قلب العملية الإدارية، فكذلك بالنسبة للمؤسسة فهو السبيل الوحيد لأداء وظائفها و ممارسة نشاطها كون أن تنفيذ وظائف الإنتاج و التسويق، الموارد البشرية... يتوقف على اتخاذ القرار، و تتضح أهمية القرار بالنسبة للمؤسسة من خلال دوره في تجسيد الأهداف و تنفيذ السياسات و الإستراتيجيات العامة بصورة علمية و موضوعية، و تجميع و معالجة مختلف المعلومات المتعلقة بالمؤسسة ونشاطها باستخدام وسائل علمية و تكنولوجية متعددة. ومن هـنا أصبحت عـمـلية اتـخاذ القرار محور العملية الإدارية و أصبح مقدار النجاح الذي تحققه أي مؤسسة يتوقف إلى حدّ بعيد على القدرة و كفاءة قيادتها في اتخاذ القرارات السليمة ، ومما زاد من أهمية اتخاذ القرارات ودورها في تحقيق أهداف المؤسسة ما تشهده هذه الأخيرة من تعدد و تعقد أهدافها ، فأصبحت عملية اتخاذ القرارات تشمل كافة الجوانب الإدارية من تخطيط ، تنسيق ، تنظيم و اتصالات ، حيث ترتبط بها ارتباطا وثيقا ومن هذا المنطلق تتحدد أهمية اتخاذ القرارات
2- تصنيفات القرار: اختلفت الدراسات و تباينت وجهات النظر من أجل تحديد معايير موضوعية يمكن الاحتكام إليها أثناء تصنيف القرارات و تعداد أنواعها. ولأنها في حقيقة الأمر تخضع لاعتبارات شخصية فإن هذه المعايير نسبية و شكلية و متداخلة فيما بينها. وعليه تصنيف القرارات كما يلي:
أ‌- تصنيف القرارات على أساس الهدف: ويمكن تصنيفها كما يلي :
قرارات فعالة: هي التي تتم على أعلى مستوى من الفهم الفكري، بمعنى أنها تتصدى لمفاهيم فكرية عالية مجردة، مفاهيم إستراتيجية، وشاملة ذات تأثير قوي ينفد و يحقق نتيجة فعالة.
قرارات غير فعالة: و هي التي تتم على مستوى من الفكر المجرد، مفاهيم جزئية لا تسعى لتحقيق هدف مؤثر فعال.


ب‌- تصنيف القرارات وفقا لأهميتها: و تصنف وفق هذا المعيار حسب I. Asnoffإلى:
قرارات إستراتيجية: هي قرارات غير تقليدية، ترتبط بمشكلات إستراتيجية ذات أبعاد متعددة، و على جانب كبير من العمق و التعقيد، و هذا النوع من القرارات يتطلب البحث المتعمق و الدراسة المتأنية و المستفيضة و المتخصصة، التي تتناول جميع الفروض المستقبلية و الاحتمالات الممكنة. يتم هذا النوع من القرارات ضمن مستوى التسيير الإستراتيجي، و يستهدف تحقيق أهداف و خيارات إستراتيجية على المدى الطويل. وأهم ما يميز هذا النوع من القرارات أنها:
• تتصف بدرجة عالية من المركزية، حيث يتم اتخاذها في قمة الهرم التنظيمي بواسطة الإدارة العليا.
• تتميز بالثبات النسبي، و تغطي فترة طويلة الأجل.
• تستهدف استغلال الفرص، و تجنب التهديدات.
• تتطلب موارد معتبرة، وحجما كبيرا من المعلومات.
• تؤخذ في ظل ظروف المخاطرة الشديدة و عدم التأكد.
قرارات تكتيكية: هي تلك القرارات التي يتكفل بها مستوى التسيير التكتيكي، و على الغم من أنها أقل تجديدا مقارنة بالقرارات الإستراتيجية، إلا أنها أكثر ارتباطا بكيفية تنفيد هذه الأخيرة. لذلك فالقرارات التكتيكية هي قرارات غير مكررة في العادة، ويمتد تأثيرها على نشاط المؤسسة لفترة زمنية متوسطة. ومن خصائص هذه القرارات ما يلي:
• لامركزية نسبية و تفويض السلطة، وتأخذ على مستوى الإدارة الوسطى(الوظائف، الوحدات).
• تتميز بالتغير، وتغطي فترة زمنية متوسطة.
• تتعلق بتعزيز نقاط القوة و معالجة مكامن الضعف.
• تسود هذه القرارات ظروف تتسم بالمخاطرة أو التأكد النسبي.
قرارات تشغيلية: و هي قرارات تتم في مستوى التسيير العملي أو الجاري، و تتعلق بحل المشاكل التشغيلية البسيطة و المعروفة ذات العلاقة بالأعمال و النشاطات اليومية، عادة ما تكون مهيكلة ضمن إطار معين أو سياسة محددة مسبقا، و لكونها قرارات روتينية متكررة فأنها غالبا ما تكون قابلة للبرمجة.من خصائصها أنها:
• تعتبر من اختصاص الإدارة التنفيذية أو المباشرة في مستوى الإدارة الدنيا.
• هي قرارات قصيرة المدى، كونها تتعلق بأسلوب العمل الروتيني، تتكرر باستمرار.
• لا تحتاج لمزيد من الجهود أو البحث أو الإبداع من قبل متخذيها.
• يتم اتخاذها في ظل الخبرات السابقة، و بطريقة فورية.
و يمكن توضيح القرارات الإستراتيجية، التكتيكية، و التشغيلية وأهم خصائصها في الشكل التالي:
شكل رقم (1-3): القرارات و المستوى التنظيمي.







المصدر: عابدي محمد السعيد، نظرية القرار(الجانب النظري)، https://www.univ-soukahras.dz/eprints/2015-13-7671d.pdf، ص8.

ت‌- تصنيف القرارات وفقا للوظائف الأساسية للمؤسسة: و تتعلق بكافة القرارات المتصلة بوظائف المؤسسة مثل قرارات الإنتاج و التسويق، الأفراد، التمويل، وقرارات متعلقة بالوظائف الإدارية ذاتها.
ث‌- تصنيف القرارات حسب أسلوب اتخاذها: تبعا لهذا المعيار يمكن تصنيفها إلى:
قرارات جماعية(ديمقراطية): هي نوع من القرارات التشاركية التي تعكس الأسلوب الديمقراطي أثناء اتخاذ القرارات، خاصة القرارات التي تهتم بمعالجة المشكلات و التي يتطلب حلها تعدد التخصصات، وتنوع في الخبرات، وتحتاج في دراستها إلى النقاش و تبادل الآراء، و النظر للموضوع أو المشكلة من زوايا مختلفة. ويستند هذا الأسلوب على فرضية مفادها أن تفكير مجموعة أكثر أهمية من تفكير الأفراد الذين تتشكل منهم كل على حدة.
قرارات انفرادية(أوتوقراطية): تعبر القرارات الانفرادية عن تلك القرارات التي ينفرد منها متخذ القرار دون أن يشارك المعنيين بموضوع أو مشكلة القرار، و عادة ما ترتبط بالمشكلات التي تتطلب حلول سريعة، و تعكس مثل هذه القرارات المركزية الأسلوب التسلطي في اتخاذ القرارات حتى يستند هذا الأسلوب على الحق القانوني أثناء توزيع الصلاحيات و تحديد المسؤوليات تبعا للسلم الهرمي.
ج‌- تصنيف القرارات حسب المشاركة في اتخاذها: و يمكن تبويب هذا الصنف حسب المشاركين في صنعها إلى ما يلي :
القرارات التنظيمية: وهي القرارات التي يتخذها المدير باعتباره عضوا في التنظيم، أي عندما يعمل بصفته الرسمية أثناء القيام بوظائفه باعتباره مسؤولا عن التنظيم، كالقرار الصادر بشأن تعيين أو نقل موظف ما.
القرارات الشخصية: وهي تلك القرارات التي يصدرها المدير بصفته الشخصية وليس باعتباره عضوا مسؤولا عن التنظيم، أي تلك القرارات المتصلة بتصرفاته الشخصية، كالقرار الصادر بتخصيص مدة شهر من إجازته السنوية وقضائها بالخارج.
ح‌- تصنيف القرارات حسب المناخ السائد: اعتمد تصنيف القرارات هنا تبعا لطبيعة المعلومات المتاحة حول بيئة القرار، و تم تقسيمها كما يلي:
بيئة التأكد Certainty: وتعني هذه الحالة أن جميع البيانات و المعلومات التي يحتاج إليها متخذ القرار متاحة و يمكن الحصول عليها، فالمديرين لديهم كافة البيانات عن ظروف التشغيل و الإنتاج و الموارد و التكاليف و العقود و الإنفاقات، و بالتالي فإن متخذ القرار لديه حالة من الاعتقاد التام بأن حالة ما أو موقف معين سوف يحدث على وجه التأكيد، و هنا كون مهمة متخذ القرار اختيار البديل الذي ينتج عنه أكبر منفعة.
بيئة المخاطرة Risk: و تشير هذه الحالة إلى أن ما سيجري في المستقبل ليس تحت سيطرة التأكد، فالمعلومات و البيانات غير كافية، ولذا فمتخذ القرار يحتاج إلى بيانات عن الماضي إلى جانب حاجته إلى التقدير و التوقع و بالتالي الاعتماد على الاحتمالات المتوقعة لحدوث كل حالة بناءا على آراء الخبراء و المختصين.
بيئة عدم التأكد uncertainty: وتمثل هذه الحالة المواقف التي لا يستطيع متخذ القرار أن يحدد احتمالات حدوث كل حالة فيها مستقبلا. و من تم تمثل الخصائص الشخصية لمتخذ القرار أهم المعايير التي يعتمد عليها لاتخاذ القرار كدرجة تفاؤله، تشاؤمه، أو درجة ندمه على عدم تبني قرار ما من عدمه.
تشير معظم الدراسات إلى أنه عادة ما تتخذ أغلب القرارات الإستراتيجية تحت ظروف المخاطرة اللاتأكد، حيث تكون المعلومات المتاحة غير كاملة دائما وخاطئة غالبا. و في هذه الحالة فإن أية إشارة خافتة أو وجيزة قد تساعد متخذ القرارات الإستراتيجية على التعامل مع عوامل اللاتأكد، و مصادر الغموض.
خ‌- تصنيف القرارات وفقا إمكانية برمجتها: و قد صنفها سايمون (SIMON)1960، إلى نوعين:
قرارات مبرمجة و بسيطة: و هي قرارات روتينية و متكررة الحدوث، مثل الطريقة اللازمة للتعامل مع تخزين المواد في المستودعات، فالتعامل مع هذا النوع من القرارات يتم من خلال إتباع التعليمات و الأنظمة.
قرارات غير مبرمجة: و هي قرارات غير روتينية، بمعنى لم يسبق التعامل معها من قبل، أو لا يوجد تعليمات حول الطريقة المناسبة للتعامل معها، و تعتبر هذه القرارات صعبة.





المبحث الثاني: مراحل وأساليب اتخاذ القرار.
أولا: مراحل اتخاذ القرارات.
تتضمن عملية اتخاذ القرار على عدد من المراحل التي يمر بها المديرين حتى يمكنهم الوصول إلى الحل الأفضل، لذا ينبغي تحديد المشكلة و تحليلها تمهيدا للتعرف على بدائل حلها، ثم اختيار أفضل تلك الحلول، و اتخاذ القرار بشأن تطبيقه، ثم متابعته للتعرف على مدى صلاحيته و كفاءته. و عليه فمراحل اتخاذ القرار هي كالتالي:
شكل رقم(1-4): مراحل عملية اتخاذ القرار

المصدر: من إعداد الطالبة بالاعتماد على معطيات كتاب نظرية اتخاذ القرارات لحسن ياسين طعمة.
1- تشخيص المشكلة: تعد هذه المرحلة من أهم مراحل عملية اتخاذ القرار، فالمشكلة في مجال اتخاذ القرار تعبر عن الانحراف أو عدم التوازن بين ما هو كائن و بين ما يجب أن يكون. و أما التشخيص فيتمثل في التحديد الدقيق للمشكلة و معرفة أبعادها و أغراضها من خلال التحري عن السبب أو الأسباب الرئيسية لظهورها، وتعتبر هذه المرحلة مهمة جدا لأنه كلما كان تحديد و تعريف المشكلة دقيقا، كلما توفر المزيد من الجهد و الوقت و المال.
تعتمد هذه الطريقة على الخبرة أكثر منه على التحليل، والذي يمكن من خلاله وحده تحديد المشكلة في المنظمة، وللوصول إلى تعريف للمشكلة ينبغي البدء بالتعرف على العامل الحاسم من خلال العوامل الحاسمة التي ينبغي تغييرها في الموقف وإيجاد العامل الحاسم من خلال التحليل المباشر للمشكلة و هذا ليس أمرا سهلا، ويمكن استخدام مدخلين في هذا الخصوص، وهما تطبيقات لمبدأ تم إعداده بواسطة أساتذة الطبيعة التقليديين في القرن الثامن عشر، وذلك بعزل العامل الحاسم، والمبدأ هو الحركة الفعلية Virtual motion، وأحد المدخلين يفترض بأن لاشيء على الإطلاق سيتغير أو سيتحرك، ويسأل ماذا سيحدث حينئذ؟. و المدخل الآخر يسقط الماضي و يسأل ماذا كان يمكن عمله أو لم يتم عمله في الوقت الذي بزغت فيه المشكلة، والذي أثر فعلا على الوقت الحالي. وتتمثل الوظيفة الثانية في التعريف بالمشكلة في تحديد ظروف حل ومواجهة المشكلة، وينبغي بذلك التفكير في أهداف ذلك الحل و الذي ينبغي أن تعكس تلك الأهداف أهداف المنظمة نفسها.
2- تحليل المشكلة: بعد التعرف على المشكلة و تحديدها تأتي مرحلة تحليلها حيث تقتضي هذه المرحلة تصنيف تلك المشكلة و تحديد البيانات و المعلومات المطلوبة لحلها و مصادرها. فتصنيف المشكلة عني تحديد طبيعتها وحجمها و مدى تعقدها ونوعية الحل الأمثل المطلوب لمواجهتها، فالمشكلات التسويقية التي تواجه الإدارة قد تظهر من خلال نقص المبيعات وانخفاض الأرباح، لكن عند تحليلها ومحاولة الوصول إلى أسباب حدوثها قد تظهر مشاكل فرعية أي ثانوية مؤثرة على المشكلة الرئيسية التي تكون محل الدراسة و التحليل، و السبب الرئيسي لنقص المبيعات التي قد تصل إليه الإدارة قد يكون خطأ في تقدير السوق، أي رغبات المستهلكين واحتياجاتهم، و العر المناسب الذي يمكنهن من اقتناء منتجات المؤسسة و كذا المنافسين داخل القطاع. إن هذه المرحلة تقتضي تصنيف المشكلة وتبويبها وتحديد طبيعتها و مدى تعقيدها من خلال العناصر التالية:
• تصنيف وتبويب المشكلة حسب خصائصها، فهناك مشاكل روتينية (مثل غياب لعاملين، تعطل آلة الإنتاج، توزيع الأنشطة...)، ومشاكل غير روتينية (انخفاض الإنتاجية، تراجع رقم الأعمال، دخول منافسين جدد، تغير أذواق المستهلكين...).
• تجزئة المشكلة إلى مكوناتها الأساسية مهما كانت درجة تعقدها.
• تحديد البيانات و المعلومات اللازمة و مصادر الحصول عليها.
• استخدام وسائل جمع المعلومات ومعالجتها(نظم المعلومات، قواعد البيانات، التقارير...).
3- وضع البدائل: البدائل هي الحلول أو الوسائل و الأساليب المتاحة أمام الرجل الإداري لحل مشكلة قائمة. و يمكن للمديرين الوصول إلى حل وبدائل للإجابة على المشكلة بطرق عديدة، و من ثم فعند تنمية بدائل الحل قد تجد عدة تساؤلات وإجابات عليها تبنى أحيانا على حدس و بصيرة نافذة مبنية على الخبرة، و قد يكون الحل على المدى القصير أو على المدى الطويل، وقد يكون واضحا للجميع، وقد يكون غامضا لا تظهر أبعاده وتأثيراته إلا بعد اختياره و تطبيقه، كطرح منتج جديد في السوق و الانتظار للتعرف على تأثيره على الحصص السوقية.
إن التحديد الدقيق للمشكلة و تشخيصها بمنتهى الدقة يسهم إلى حد كبير في تنمية بدائل حلها، وينبغي على متخذ القرار أن يهتم بتلك المرحلة اهتماما بالغا فلا يفوته إدراج أحد البدائل تمهيدا لتقييمها واختيار إحداها. ويتأثر عدد البدائل التي يمكن إدراجها على بعض العوامل نذكر منها:
• طبيعة المشكلة التي يتم دراستها.
• إمكانية التطبيق في الواقع العملي.
• الوقت المتاح أمام متخذ القرار.
• التكلفة اللازمة للبحث عن البدائل.
• مدى الرغبة والجدية في حل المشكلة.
• الإمكانات البشرية والمادية المتاحة أمام متخذ القرار.
• البيئة والمناخ المحيط أمام متخذ القرار.
كما ينبغي لكل بديل من هذه البدائل أن يستوفي الشروط التالية:
• أن يكون لكل بديل القدرة على حل المشكلة أو التقليل من آثارها.
• أن يكون كل بديل في حدود الموارد والإمكانات المتاحة.
• أن يكون كل بديل قابل للتقييم.
4- تقييم البدائل: تعني هذه المرحلة المفاضلة بين البدائل ومعرفة مزايا وعيوب كل منها و مدى مساهمة كل بديل في حل المشكلة المطروحة. وتعد هذه المرحلة من أصعب المراحل لدى متخذ القرار كون أن دراسة البدائل و تقييمها يبنى على أساس النتائج المتوقعة من كل بديل. وللتغلب على الصعوبات التي تواجه هذه المرحلة هناك مجموعة من الوسائل التي تساعد متخذ القرار في ذلك وهي كالتالي:
• أن تتم عملية المفاضلة بين البدائل المتاحة واختيار البديل الأمثل وفقا لمعايير واعتبارات موضوعية وهذا يتطلب من متخذ القرار عدم الاندفاع وألا يترك القيم و الاعتبارات الشخصية تتحكم في سلوكه عند اختيار البديل.
• الاستعانة والاسترشاد بآراء الخبراء المستشارين و المتخصصين من داخل المنظمة ومن خارجا.
• ترتيب و تبويب البدائل المقترحة للحل و المدفوعة للمدير متخذ القرار.
• إخضاع كل واحد من البدائل المطروحة للاختيار و التأكد من مزاياه و عيوبه.
• استعانة متخذ القرار ببعض الأساليب والأدوات الرياضية الحديثة لاختيار البديل الأفضل ومن أهمها بحوث العمليات و نظرية المباريات.
وهناك من يرى أنه يمكن تقييم كل بديل حسب المعايير التالية:
شكل رقم(1-5): معايير تقييم البدائل.






المصدر: مدحت أبو النصر،مرجع سابق، ص75.
5- اختيار البديل (القرار): وتتم هذه العملية في ضوء الاعتبارات الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية، ودرجة المعرفة والدقة التي يتصف بها متخذ القرار، ويتم الاختيار على أساس دقة المعلومات التي يستند عليها القرار بالإضافة إلى درجة المخاطرة و الإمكانات و الموارد المتاحة.
هذه المرحلة يترجم المديرون جهودهم السابقة إلى اختيار أفضل البدائل، أي اختيار البديل الذي يعطي أكبر قدر من الفوائد و المزايا المحتملة، ويقلص السلبيات والعيوب إلى أقل ما يمكن. و يلجأ معظم المديرين إلى استخدام المعايير المالية والكمية عند اتخاذهم للقرارات وذلك بغية الوصول إلى قرارات فعالة، وينبغي أن يتسم القرار الخاص باختيار أحد البدائل بالسمات الآتية:
• تحقيق الأهداف الجوهرية للمنظمة.
• الملائمة و الإمكانات المتاحة.
• تقليل الآثار السلبية عند التطبيق.
• الاهتمام بدراسة عنصر المخاطرة في مراحل التنفيذ المختلفة مستقبلا.
• توفير الوقت والجهد بالمقارنة مع الخيارات الأخرى.
6- متابعة و تنفيذ القرار: وهي آخر مرحلة من مراحل عملية اتخاذ القرار مع المتابعة من أجل التأكد من صحة القرار و سلامته، حيث يقوم متخذ القرار بإعطاء أوامر التنفيذ ما توصل إليه رفقة الفريق الإداري، وعملية التنفيذ تكون جماعية حيث تسند إلى كل قسم من أقسام المؤسسة مهمة تنفيذ جزء من أجزاء القرار وتحسيسهم بمسؤولية العمل الجماعي. و أن النتائج المحققة هي في صالح الجميع، بعدها تتم متابعة نتائج هذا القرار في الميدان. فبمجرد اختيار أفضل البدائل ووضعها موضع التنفيذ تبدأ عملية التفاعل بين البديل والواقع بمتغيراته، لذا وجب متابعة هذه العملية، وتقييم النتائج بصفة متواصلة لتفادي الإخفاق في حل المشكلة.
ثانيا: أساليب اتخاذ القرارات.
تعددت أساليب اتخاذ القرار مع الوقت، و يمكن تقسيم أساليب اتخاذ القرارات إلى مجموعتين، الأولى تشمل الأساليب التقليدية و الثانية الأساليب الحديثة أو كما يطلق عليها البعض الأساليب الكمية و سنتناول فيما يلي بعض هذه الأساليب.
1- الأساليب التقليدية:
هي الأساليب التي لا تـتبع خطوات المنهج العلمي في عملـية اتخـاذ القرارات وغـالـبا ما تعـتـمد على الخـبرة السابقـة و التقـديرات الشخصية.
أ‌- الحكم الشخصي: كما تدل عليه تسميته فإن هذا الأسلوب قد يعتمد على الفطرة أو على الخبرة. و سواء قد اعتمد على هذا أو ذاك، فقد ساد في الحكم الماضي، ولا يزال يحظى ببعض القبول في ظروف معينة. ويعود الارتياب من هذا الأسلوب إلى عدم اعتماده على إجراءات واضحة ودقيقة في جمع المعلومات وتصنيفها، وهذا ما جعله يشكل أضرارا جسيمة خصوصا في القرارات الهامة والجديدة والمعقدة.
ب- إجـراء الـتجارب: من خلال هذه الطريقة يتم تحديد و تحليل المشكلة بطريقة تقديرية. ويحدد البدل المختار بالطريقة نفسها، إلا أن ما يميزها عن الحكم الشخصي أنها تتبع إجراءات للتنفيذ إلى غاية تحقق النتائج. فإذا كانت النتائج ايجابية استمرت المنظمة في ذلك وأصبح قرارها نموذجا يحتدى به. أما إذا لم يحقق هذا القرار النتائج المرغوبة تم استبعاده واختيار بديل آخر. ويؤخذ على هذه الطريقة أنها تعتمد العشوائية، فقد تختار قرارا جيدا و قد لا تفعل. كما أن القرارات الناجحة عندما تتخذ كنماذج لا يراعى في تطبيقها تغير الظروف و الأحوال.
إن هـذا الأسـلوب يمنـح الـفـرصة للـمـدراء للتعلم من الأخطاء السابقة و محاولة تجنبها مستقبلا , و لكن يجب الإشارة إلى أن هـذا الأسـلوب عالي التـكاليف كما أنـه يستغرق وقـت طويل , فإجراء التجارب تحتاج إلى معـدات و آلات ويـد عـاملة .و لعـله من الضروري أن نـشير إلى أنـه يمـكن الجـمع بين الخبـرة و الـتجربة و مثال ذلك أنه إذا أرادت شركة ما إنتاج سلعة جديدة , فقد تحتاج إلى خبرة الشركات الأخرى المنتجة لسلعة مماثلة ثم تـجـري تجـارب على ضوء هذه الخبرات لتتمكن من اختيار البديل الأفضل.
ت - البديهة: يعـني هـذا الأسلوب اعـتـماد المدير على سرعـة البديهـة في إدراك العـناصر الرئيسـيـة الهـامة للمواقف والمشكلات التي تـعرض لها، و الـتـقـدير السلـيـم لأبـعادها، وفي فـحص و تحـلـيل و تقـييم البيانات و المعلومات المتاحة و الفهم العميق و الشّامل لكل التفاصيل الخاصة بها.
ولكن يؤخذ على هذا الأسلوب أنه نابع من شخصية المدير واتجاهاته النفسية و الاجتماعية و هذه سمات غير ثابتة، لكن يمكن أن يكـون هـذا الأسلوب مجديا في اتخاذ القرارات غير الإستراتيجية أو قرارات موقفية لا تحتمل التأجيل ,هنا تظهر كفاءة المدير ومدى قدرته على تحمل المسؤولية .
ث- التقليد أو إتباع القادة: وتعني أن تسير المنظمة في قراراتها الروتينية على خطى منظمة أخرى قائدة في مجال نشاطها، أو على الأقل تمارس نفس النشاط. ما يؤخد على هذه الطريقة أنها لا تعتمد على أي نوع من أنواع الدراسة و التحليل للمشكلة، بل تنفد قرارات المنظمة المتبعة دون أي مراعاة لظروفها ومشاكلها الخاصة.
إن هذه الأساليب تلائم القرارات الروتينية المتكررة سواء داخل المؤسسة أو خارجها، و قد أتثبت التطورات التي شهدتها الإدارة في مطلع القرن العشرين عدم صلاحيتها في مواكبة هذا التطور وتطلب ذلك اللجوء إلى أساليب علمية تساعد المديرين على مواجهة المشاكل الإدارية و تحليل و تقييم البدائل المتوفرة، ومن ثم اختيار البديل الملائم. و فيما يلي عرض لأهم هذه الأساليب العلمية.
2- الأساليب العلمية:
أ‌- بـحــوث العـمـليات :تعني بحوث العمليات عند ميلر وستار أنها تطبيق الوسائل و الفنون العلمية لحل المشكلات التي تواجه المديرين بشكل يضمن تحقيق أفضل النتائج.
كما عرفها واجنر" بأنـها مـدخـل عـلمي لحل المـشكلات الإداريـة فـي المواقـف الـمـعـقـدة , وأن محورها الأساسي هو اتخاذ القرارات .
لقد أصبح منهج بحوث العمليات متكاملا يساهم في جميع إجراءات اتخاذ القرار و يقدم نتائج مساعدة على اتخاذه. وتكون نتائجه محدودة وواضحة لدرجة أنه يقدم البديل الأفضل. ومن الأساليب التي تعتمدها بحوث العمليات مايلي:
• البرمجة الخطية: تعتبر البرمجة الخطية أهم الأدوات الكمية لحل المشاكل و اتخاذ القرارات، وأكثر أساليب بحوث العمليات بساطة. يستخدم هذا النموذج في ظروف التأكد التام، و عندما تكون الظروف غير مؤكدة تستخدم البرمجة الاجتماعية.
• خطوط الانتظار: خط الانتظار هو تراكم الآلات أو الأفراد أمام مركز خدمة أو وحدة إنتاجية معينة لإمدادهم بالخدمة أو النشاط المطلوب. فقد أصبح هدف تحسن الخدمة أفضل من تخفيض وقت الانتظار، في ظل الاتجاهات التنافسية الحديثة إلى الاهتمام بجودة الخدمات، لهذا يجب على مدير المبيعات أو الإنتاج أن يقايض بين تكاليف الخدمة الجيدة و تكلفة انتظار العميل. ويتم ذلك بناءا على تقدير احتمالات الوصول إلى العملاء أو المواد أو الآلات، و تقدير الوقت الذي يستخدمه كل عميل ليتلقى الخدمة الخاصة به، أو الآلة لتتلقى الصيانة أو المادة الأولية لتتلقى التغيير الذي تقدمه لها الوحدة الإنتاجية. ووفقا لهذه التقديرات يمكن لمتخذ القرار أن يقرر، إما زيادة عدد مراكز تقديم هذه الخدمة أو تنظيم الوصول.
• أسلوب المحاكاة: تعبر المحاكاة تمثيلا لمشكلة واقعية في نموذج رياضي،حيث يحمل هذا النموذج من التفاصيل ما يقربه بدقة من الواقع العملي، و من خلال هذه النماذج يمكن لمتخذ القرار أن يتوصل إلى حلول للمشاكل الواقعية.
تمكن بحـوث العـمـليات المـديـرين من اتخاذ القـرارات على أفضل وجه و ذلك من خلال إعطائها وصفا دقيقا للمشاكل و تحديدها للبيانات اللازمة للتعرف على أفـضل الحلول كما أنها تحدد التكلفة و العائد من كل بديل.
لكن مـن أهـم مـا يـؤخذ عـلى هذه الطريقة تبسيطها للمشكلة محل القرار من خلال صياغتها في نمـوذج رياضـي، كما أنـها تركـز على العـوامـل التي يمكـن قياسـها كمـيا فـقـط، بالإضافـة إلـى ضرورة إلمـام المـديرين بالنـماذج الرياضية , ولكن كل هذا لا يلغي دور هذا الأسلوب في ترشيد القرارات .
ب- نظرية الاحتمالات: غالبا ما يقوم متخذ القرار باتخاذ القرارات في ظل عدم التأكد حيث تكون البيانات والمعلومات اللازمة لحـل مـشاكلـهم غير متوفرة بشكل كبير لذا فهم ملزمون باتخاذ القرارات في ظل هذه الظروف، لذا ظهـرت بعض المحاولات الـتي تستهـدف تـطبيـق نظريـة الاحتمالات في مجـال اتخـاذ القرارات لـتسـاعد مـتخذي الـقـرارات في تحـديد درجـة احتـمال حدوث أحداث مـعينة تؤثر في تنفيذ القرار أو في تحقيق النتائج المطلوبة ومن أهم المعايير التي يمكن استخدامها لقياس الاحتمالات هي:
• الاحتمال الـشخصي : وهي ما يعتقده متخذ القرار بالاستناد على خبرته و ممارسته السابقة.
• الاحتمال المـوضوعي: و يتحـدد عـن طريق إجراء تجارب و من خلال النـتـائج المـتـوصل إليـهـا يتم تحـديد نسبـة وقوع الحدث.
• الاحتمال التكراري: وهنا يتم حساب الاحتمال على أساس معدل تكرار الحدث في الأجل الطويل . لـكـن هـذه الـطريقـة كغـيرهـا تلاقـي صعـوبات فـي التـنـفـيذ و ذلك نـتـيجة لعـدم توفر البيانات و المعلومات الدقيقة التي تساعد متخذ القرار على تقدير.
يستعمل نموذج الاحتمالات بالاعتماد على الخطوات التالية:
- تشخيص البدائل للمشكلة.
- تحديد النتائج المقدرة لكل بديل.
- تقدير احتمال الحدوث لكل نتيجة.
- حساب القيمة المتوقعة لكل بديل.
- اختيار أفضل قرار و هو البديل الذي يحمل أكبر قيمة متوقعة.
3- شجرة القرار(تحليل القرار): هـي شـكل بياني يساعد في تسهيل عملية المفاضلة بين البدائل ، تقوم على افتراض أن هناك سلسلة من التأثيرات تؤثر في عملية اتخاذ القرار، وهي عبارة عن خريطة ترسم أفضل الطرق لانسياب القرارات الجزئية بشكل مستقل عن بعضها ثم تجمع من جديد لتقديم حل شامل. بمعنى أن اتخاذ أي قـرار فـي نـظام فـرعي ينـتج تأثيرا يـكون له ردود فعـل تنتشـر في سلسلة متعاقبـة في النظام و بـيـئته، ويـركز هذا الأسلوب على مـتابعـة القرار منذ لحظة البدء و حتى اتخاذه بشكل نهائي ويركز على العوامل التي يمكن قياسها كميا فقط، بالإضافة إلى ضرورة إلمام المديرين بالنماذج الرياضية. وتطبيق هذا الأسلوب يتطلب الاستعانة بالحاسوب لتحـلـيل البـيـانات و المعـلومات لاختيار البديل الذي يحقق النتائج المطلوبة.

وفي الأخير يجدر بنا الإشارة إلى أن ترشيد القرارات لا تأتي من خلال استخدام الأساليب التقليدية لوحدها لاعتمادها على اعتبارات شخصية، كما لا تأتي من استخدام الأساليب العلمية لتركيزها على الجوانب الكمية و إهماله الجوانب السلوكية، لذلك لابد من التكامل بين الأسلوبين معا لمواجهة المشاكل التي تزداد تعقدا مع التطور الذي تعرفه الإدارة.
ثالثا: نماذج صناعة القرار.
النموذج هو عبارة عن تمثيل للنظام الحقيقي بصورة تجريدية مبسطة، بحيث يلجأ إليه متخذ القرار عندما يواجه صعوبة في تمثيل العناصر الداخلية و الخارجية للنظام بدقة. لذلك فالقرارات في بعض الأحيان تتم من خلال دراسة نماذج غير حقيقية، لأنه من غير المعقول أن يتم ذلك بأسلوب التجربة الفعلية و الخطأ.
و عليه فهناك عدة نماذج يمكن لمتخذ القرار أن يعتمد عليها أثناء عملية اتخاذ القرارات، و يمكن إدراج بعضها كالآتي:
1- نموذج الرشد التام في اتخاذ القرار: يسمى بنموذج الرجل الاقتصادي و هو من أقدم النماذج التقليدية قدما في اتخاذ القرارات، ويركز على أفكار المدرسة التقليدية في الاقتصاد حيث اعتقدت الدراسات الكلاسيكية أنه في ظروف معينة ، يكون السلوك البشري منطقيا، ويمكن توقعه مستقبلا، وأن الفرد في عالم المال والأعمال، سواء كان منتجا أو مستهلكا أو موزعا، يتصرف بمنطق أو عقلانية مطلقة، وإذا ما توفرت لديه المعلومات الموضوعية، فسوف تكون كل قراراته رشيدة يحكمها قانون تعظيم المنفعة بأقل الجهود وبأدنى الموارد، قرارات قائمة على نزعة ذاتية تدفعها المصلحة الشخصية، وتحددها فكرة تعظيم المنفعة، وتحقيق أقصى إشباع ممكن. وتبعا لذلك اعتبر الاقتصاد علم الملائمة و المفاضلة بين الوسائل و الغايات، علم مبني على حل مشكلة الاختيار بين المنافع الممكنة و الاستعمالات المختلفة.
كما قلنا سابقا فهذا النموذج يعتمد على أفكار المدرسة التقليدية في الاقتصاد والتي من أهمها:
• بيئة عمل متخذي القرار هي بيئة التأكد التام.
• متخذي القرار يتصفون بالرشد التام بحيث أنهم يستطيعون مراقبة بيئة القرار بشكل واضح فيحددون مشكلة وأهداف القرار بدقة.
• قدرة متخذي القرار على معرفة جميع الخيارات المحتملة و النتائج المترتبة عليها.
تعود فكرة الرشادة في اتخاذ القرار للفلسفة البراغماتية واهتمامها بالفرد وسلوكه القائم على فكرة أن الطبيعة البشرية متأصلة جذورها في الأنانية وحب المصلحة الشخصية، الأمر هنا يتعلق بالمظهر النفعي لهذه الفلسفة، لأن الفرد حسبها يسعى لتحقيق أهدافه الخاصة بأقل الجهود، و لأجل ذلك يقوم بحساب منطقي وعقلاني عند المفاضلة بين النتيجة التي يمكنه الحصول عليها و الجهد الذي يبدله في سبيلها، وهو ما يسمى بالرجل الرشيد أو العقلاني.
2- نموذج الرشد النسبي: هذا النموذج مبني من قبل كل من H. Simon ومؤيديه أمثال March et Cyert هؤلاء السلوكيون اللذين يرون أن اتخاذ القرار يبنى على الفرضيات التالية:
- الحكم الشخصي.
- المحاولة والخطأ.
- التقليد (إتباع القادة).
هذه الفرضيات تحد من قدرة الإنسان على جمع المعلومات ومعالجتها، أي أن متخذي القرار لا يملكون ولا يعرفون المعلومات و البدائل الواجب توفرها، وإنما يعملون ويتخذون ما يرونه مناسبا من قرارات على أساس غير عقلاني مبني على قاعدة إدراكهم للمواقف، فهم لا يملكون معلومات كاملة ويتخذون القرارات المرضية.
قد اقترح هذين الأخيرين مفهوم القرارات الاكتفائية كبديل عن القرارات المثلى التي يفترضها الرشد التام. ويعكس مصطلح الاكتفاء رغبة متخذ القرار في اختيار البديل الكافي المرضي بدلا من المثالي، بحيث يمثل أفضل ما يمكن الوصول إليه في ظل القيود البيئية والبشرية المحيطة بمتخذ القرار. فقد يميل للطرق المعروفة والأفكار الراسخة، ويتمسك بأول بديل مقبول في نظره بدلا من البحث عن أفضل البدائل و الحلول، وعليه يعد القرار كافيا أو مرضيا عندما يستخدم متخذ القرار مجموعة من المعايير لقياس حد الاكتفاء لمختلف البدائل المتاحة، وعندما يحقق أحد البدائل المتاحة تلك المعايير أو يتجاوزها.
لقد فرق Simon بين نوعين من الرشد:
رشد موضوعي: يقصد بالرشد الموضوعي قيام متخذ القرار بالبحث عن الحل أو البديل الذي يسمح بتعظيم المنفعة، ويحقق أقصى النتائج، استنادا على معلومات كاملة ومعرفة يقينية حول الآثار الناتجة عن كل الحلول و البدائل، وبذلك تعكس درجة الرشد الموضوعي مستوى السلوك الصحيح و التصرف المنطقي والواعي لمتخذ القرار.
رشد شخصي: وهو يعني الابتعاد عن العقلانية المفرطة تحث تأثير جملة من القيود وهو ما يسمى بحدود الرشد، التي تحد متخذ القرار من الوصول إلى العقلانية المطلقة، ويتوقف عند أول حل مرضي ومقبول.
3- نموذج صندوق القمامة: أطلق هذا الاسم على نموذج لصناعة القرارات في المنظمة، ابتكره أول مرة الباحث الأمريكي James March ، ويعتبر من النماذج الوصفية، حيث يولد فيه المشاركون التنظيميون مجرى أو تيار ثابت من المشكلات و الحلول عندما يواجهون قرارا أو فرصة اختيار، ترمى هذه التيارات رمزيا في صندوق القمامة التنظيمي، تتفاعل هذه التيارات الأربعة بعشوائية، و نسبة قليلة فقط من الحلول المولدة توحد في القرار النهائي. يستلزم هذا النموذج أيضا أن يمسك المشاركون بالمشكلات كفرص لتنفيذ حلولهم المفضلة التي تعتمد على خبرتهم وأسلوبهم الشخصي. هناك طرقة أخرى لرؤية هذا النموذج، يتم من خلالها النظر للمنظمات كمجموعة من الحلول المنافسة، كل واحد يفضله مجموعة من المشاركين، بانتظار ظهور المشكلات. أما القرار فهو ما يحدث عندما تجمع مجموعة من المشكلات، الحلول أو الاختيارات، أو تتضارب أو تتصادم خلال فترة حاسمة ما، بمعنى أن القرار النهائي ليس أ:ثر من حصيلة ثانوية للكيمياء القديمة التي حصلت في صندوق القمامة التنظيمي.
المبحث الثالث:الصعوبات التي تواجه عمليات اتخاذ القرار.
أولا: العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار.
على الرغم من تعدد القرارات التي يتخذها المدير في اليوم الواحد، فإن العوامل المؤثرة في عملية اتخاذ القرارات تزيد من صعوبة وكلفة العملية، إذا ما تداخلت هذه العوامل بقوة، فإنها تقود أحيانا إلى قرارات خاطئة (قرارات غير رشيدة)، لهذا فإن اتخاذ أي قرار ومهما كان بسيطا و ذا آثار محدودة فإنه يستلزم من الإدارة التفكير في عدد من العوامل مختلفة التأثير على القرار، بعضها من داخل التنظيم (عوامل داخلية)، وبعضها من خارج التنظيم (عوامل خارجية)، وبعضها الآخر سلوكي أو إنساني، بالإضافة إلى عوامل كمية ترتبط بالتكلفة و العوائد المتوقعة.
و من بين هذه العوامل :
1- تأثير الفرد متخذ القرار: تتأثر بعض القرارات بالظروف الشخصية لمتخذي القرارات، كالخبرة والإحساس، وبعضهم يعتمد على توافر المعلومات الملائمة لاتخاذ القرار الأنسب، ولهذا فإن متخذي القرارات يختلفون مما يعكس نوعية القرارات المتخذة. ويعتبر المدير متخذ القرار من العوامل الإنسانية الهامة المؤثرة في رشد وفعالية القرار، فشخصية المدير وعواطفه وقيمه وتاريخه في العمل ونوع الأعمال التي سبق أن مارسها، ومركزه الاجتماعي والمالي خارج المنظمة، واتجاهاته وخلفيته النفسية والاجتماعية، بل وحالته النفسية عند اتخاذ القرار، كلها عوامل تؤثر في فاعلية القرار الذي يتخذه، فقد تعطى المعلومات وتوضع البدائل أمام مدير فيختار بديلا معينا،وإذا أعطيت لآخر اختار بديلا غيره، وكل منهما يكون مقتنعا بسلامة اختياره، فالمدير متخذ القرار إنسان قبل كل شيء، وهو عضو في مجتمع معين يتأثر بما فيه من عادات وتقاليد وأعراف، وكلها تنعكس على سلوكه.
2- تأثير البيئة الداخلية للمؤسسة: ومن عوامل البيئة الداخلية التي تؤثر على اتخاذ القرار تلك التي تتعلق بالهيكل التنظيمي و طرق الاتصال و الـتـنظيم الرسـمي و غـير الرسـمي و طبـيـعة العـلاقات الإنسـانـية السائـدة وإمـكانـات الأفراد وقدراتهم و مدى تدريبهم و توفر مستلزمات التنفيذ المادية و الفنية و المعنوية. حيث تتأثر القرارات بدرجة اللامركزية في التنظيم، لما يترتب عن هذه الأخيرة من مزايا تنعكس آثارها الإيجابية على عملية صنع القرار، ومنها تحقيق السرعة في صنع القرار وزيادة في تقبله، وإدراك أكبر لظروف المشكلة محل القرار، كما يتأثر القرار بالمستوى الإداري، فتعدد المستويات الإدارية يصعب وصول المعلومة من قاعدة التنظيم إلى قمته، مما ينعكس سلبا على عملية صنع القرار. كما تحتاج عملية صنع القرار شبكة اتصالات فعالة لجميع المعلومات و الحقائق التي تستند عليها مراحل هذه العملية، وكذا توصيل القرا إلى من يعنيهم الأمر في الوقت المناسب.
3- تأثير البيئة الخارجية للمنظمة: إن المؤسسة عبارة عن نظام مفتوح يؤثر ويتأثر بظروف البيئة الخارجية الأمر الذي ينعكس في عملية اتخاذ القرار إما إيجابا أو سلبا. فكما توجد فرص توجد تهديدات، وتعتبر العوائق الناتجة عن هذه التهديدات أكثر تأثيرا على فعالية القرارات المتخذة نظرا لعدم قدرة المنظمة على التحكم بها، وتتمثل هذه الظروف في عدم ملائمة الاتجاهات السياسية للبلد، أو في الظروف الاقتصادية المتعلقة بالمنافسة والاحتكار، والضغوط المفروضة على المنظمة من العملاء أو الموردين، وفي الظروف التكنولوجية المتغيرة والمتطورة. ويكون للمنظمة في هذه الحالة القدرة على التنبؤ أو محاولة تجنب هذه الظروف، بالاعتماد على الوسائل الملائمة لزيادة فعالية القرار.
4- تأثير ظروف اتخاذ القرار: و يقصد بهذه الظروف الحالة الطبيعية للمشكلة من حيث العوامل و الظروف المحيطة بالمشـكلة و المـؤثرة عليها، و مدى شمولية البيانات و دقة المعلومات المتوفرة، هذا ما يؤدي إلى اتخاذ القرار إما في ظروف عـدم التأكد أو ظروف التأكد أو تحت درجة من المخاطرة.
ثانيا: معوقات و مشاكل اتخاذ القرار.
رغم وجود عوامل إيجابية تساعد متخذي القرارات على التوصل إلى القرارات السليمة، إلا أنه بالمقابل هناك مشاكل و عقبات تعيقهم في ذلك، هذه المشاكل قد تكون إدارية، بيئية، أو مشاكل نابعة من وضع القيادات الإدارية. و يمكن أن نجما المشاكل والمعوقات التي تواجه متخذ القرار في المؤسسة كما يلي:
1- الإخفاق في تحديد الأهداف: إن إخفاق متخذ القرار في تحديد أهدافه أو تجاهله في تحديد هذه الأهداف، قد يؤدي ذلك إلى افتقار العملية بمجملها إلى التركيز، مما يجعل عملية الوصول إلى نتيجة مرضية و مقبولة أمرا صعبا، لأن متخذ القرارات نفسه لا يعرف الهدف النهائي الذي يروم له.
2- اعتماد منظور ضيق: عندما يكون متخذ القرار مقيدا ضمن منظور ضيق، فإن ذلك من شأنه تفويت القرارات الفعالة و الملائمة و الإخفاق في التفكير بطريقة إبداعية منطقية، الأمر الذي ينعكس بالضرورة على ملائمة القرار و عقلانيته.
3- الإخفاق في تقييم الخيارات بشكل مناسب: عندما لا يتمكن متخذ القرار من الإدراك الواقعي للمشكلة و تحديدها بشكل دقيق، قد تتوجه جهوده نحو اتخاذ قرارات ترتكز على المشكلات الفرعية دون أن يؤدي ذلك إلى الرئيسية.
4- شخصية متخذ القرار: عندما يكون متخذ القرار واقعا عند اتخاذه قراره تحت تأثير بعض العوامـل، كـالقيود الداخلية التي تشمل التنظيم الهرمي الذي تقرره السلطة و ما ينجم عنه من بيروقراطية و جمود و ضرورة التقيد بالإجراءات الداخلية أو القيود الخارجية، و بالتالي ينجم عنها خضوع متخذ القرار لسلطة أعلى تحدد الغايات الكبرى الواجب تحقيقها، الأمر الذي ينعكس سلبيا على أفكاره و تطلعاته ما يؤثر على المؤسسة و نجاحها. كما أن العادات أو التقاليد أو الأعراف السائدة، تؤذي في بعض الأحيان إلى آثار سلبية تنعكس على أفكار متخذ القرار، وبالتالي يؤثر ذلك على نجاح اتخاذ القرارات بشكل صحيح.
كما أن المشاكل و المعوقات البيئية تحول دون التزام متخذي القرارات بالموضوعية ، فظاهرة عدم استقرار الأنظمة السياسية مثلا أفقدت التنظيمات الإدارية استقرارها و خلقت مشاكل اجتماعية و نفسية لصانعي القرارات و لمنفذيه أيضا نتيجة لعدم الشعور بالطمأنينة، ولا ننسى الوساطة و مالها من تأثير كبير في تغيير القرارات المتخذة و من بين المشاكل أيضا عدم مرونة الأنظمة و اللوائح التي أصبحت تشكل عقبة حقيقية تحد من سلطة متخذ القرار وتعيق استخدامه لهذه السلطة لمواجهة المواقف الخاصة و الطارئة ، و علاج مثل هذه الصعوبات يستوجب مراعاة المرونة و الدقة عند صياغة أو تعديل اللوائح و التركيز على جعلها انعكاسا للواقع البيئي الذي وضعت لخدمته.
5- نقص المعلومات والخوف من اتخاذ القرارات: يعد عدم توافر المعلومات من أهم الصعوبات التي تواجه متخذ القرار، حيث يعتمد نجاح القرار فعاليته على كم من المعلومات الصحيحة المتوافرة حول المشكلة، فكلما كانت المعلومات الصحيحة متوافرة، كلما تمكن متخذ القرار من الإحاطة بجوانب المشكلة المدروسة. وكلما ازدادت جودة المعلومات المتاحة و كفايتها، و مقدار الدقـة في شـرحها للحقائق المتعلقة بالظاهرة موضوع الدراسة و التحليل، و جميع الخصائص الأخرى التي ترتبط بها، كلما زادت القـدرة على اتخاذ القرارات الناجحة، وقد يتخوف متخذ القرار من النتائج بدعوى ضيق الوقت لأنه لم يتمكن من الإحاطة بالبيانات المطلوبة، ولم يتمكن من دراستها وتقييم البدائل ليختار من بينها البديل الأمثل. ومن هنا تبدو الحاجة ملحة إلى معالجة هادفة للمعلومات تؤدي إلى تداولها بطرق توصلها إلى متخذي القرارات لتمكينهم من اتخاذ قرارات أكثر موضوعية مما هي عليه الآن ، و قد تكون من الوسائل الملائمة لعلاج المشاكل و العقبات الخاصة بالمعلومات وضع خطط تضمن التطوير الإداري ، و إقامة نظم الإدارة بالمعلومات و توفير الوسائل التي يمكن بواسطتها تزويد المستويات الإدارية المختلفة بالمعلومات الصحيحة من خلال تنظيم عملية جمعها و تخزينها و الاستفادة منها و تسهيل انسيابها إلى مراكز اتخاذ القرارات بما تخدم اتخاذ القرارات الصائبة. لذلك يجدر بمتخذ القرار أن يكن سريعة البديهة، قادرا على التقييم الموضوعي، وفي الوقت المتاح ليتمكن من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
6- صعوبة تفهم متخذ القرار للمشكلة: لعل إدراك متخذ القرار لحقائق المشكلة يمثل نصف حلها، وعليه ينبغي الإلمام بكل أبعاد المشكلة و معرفة الهدف الذي يصبوا إلى تحقيقه، فهذا يساعد في توجيه الجهود نحو الهدف الصحيح، فضلا عن أن متانة الاستنتاجات تتوقف على صحة التحليل وسلامته، وقدرة متخذ القرار على الاستنباط.
ثالثا: عوامل زيادة فاعلية اتخاذ القرار.
إن عملية اتخاذ القرار هي عملية محفوفة بالمخاطر، وهو ما يزيد من قلق وتوتر متخذ القرار حيال اختياره للبديل الأمثل. فمتخذ القرار لا يعرف بشكل مؤكد إذا ما كان القرار الذي اتخذه سيعود بالنتائج المطلوبة، ولكنه يعرف أن القرار الذي اتخذه هو الأفضل بالقياس مع البدائل الموجودة وعلى الظروف التي تحيط بالمشكلة محل القرار. وقد حاول بعض الاختصاصيون تقديم بعض الاقتراحات لتحسين فعالية القرارات منها:
• تدريب الأفراد على كيفية اتخاذ القرارات في المواقع التي يجهلون فيها كيفية الوصول إلى القرارات السليمة، أو التي لا يملكون فيها الخبرة الكافية لاتخاذ القرارات.
• منح الصلاحيات والسلطات للموظفين في المستويات الدنيا والوسطى من الهيكل التنظيمي.
• تغيير نظرة الإدارة العليا بأنها الوحيدة القادرة على اتخاذ القرارات الصحيحة.
كما توجد عدة عوامل تساهم في فعالية القرارات منها:
• الاعتماد على أسلوب حل المشكلات أثناء ممارسة اتخاذ القرارات وذلك بإتباع خطوات اتخاذ القرارات والتي أضرنا إليها سابقا.
• الاعتماد على التقدير لتحديد العناصر الغير المتوقعة في عملية اتخاذ القرارات، وهذا ما يتم تحقيقه بالاعتماد على الأساليب الكمية و المنمذجة.
• إن الاعتماد على الأساليب الكمية و على التكنولوجيا، يغطي العوامل الملموسة من عملية اتخاذ القرارات، و يبقى جانب إنساني غير ملموس على متخذ القرار أن يعتمد على حدسه وخبرته في تحديده، وهذا ما يعكس الجانب الإنساني في تحديده.
• الاعتماد على الإبداع و التفكير الخلاق لإيجاد الحلول البديلة في القرارات غير الروتينية.
• اعتماد الأسلوب الجماعي أو التشاركي إلا عند الضرورة لتعميم الفائدة و الاستفادة من جميع الفئات المتخصصة.
• الاعتماد على مؤشرات المراجعة وتقييم الأداء، و إجراء التعديلات اللازمة عند اللزوم.
كما يجب على متخذ القرار عند اختياره للبديل المناسب واتخاذه للقرار أن يراعي مجموعة من العوامل التالية:
• مراجعة القرار المحتمل من ناحية الأخطاء التي يقع فيها.و كيفية تعديل القرار لتخفيف الأثر المحتمل لكل خطأ وما هي النفقات التقديرية اللازمة لتخفيض هذه الأخطاء المحتملة وما هي الفترة الزمنية التي ينبغي أن تنقضي قبل الحكم على مدى صحة القرار المحتمل.
• أن تتمتع القرارات بشيء من الثبات والاستقرار لأن المغالاة فى إعادة النظر في القرارات قد تكون مصدراً للإزعاج وإحباط الهمم.
• إعادة النظر في القرار عندا ظهور حقائق جديدة من دون عرقلة الإجراءات النظامية لأداء المؤسسة.
• تجربة القرار على نطاق ضيق ومحدود، وذلك لتحديد مدى صلاحيته للتطبيق مما سينكشف عن نقاط الضعف وعليه يمكن تعديل أو تغيير القرار.
• تقسيم القرار على أساس تتابع العمل إلى مراحل، و مراجعة كل من الخطوات السابقة واللاحقة بعد كل مرحلة، مع إدخال التحسينات في المرحلة التالية إذا استدعى الأمر .
• تنطوي عملية اتخاذ القرارات على عناصر ملموسة وغير ملموسة وعلى عناصر عاطفية ورشيدة، مما يتطلب بالضرورة مرونة ذهنيه تمكن من أخذ هذه العناصر جميعها في الحسبان واستخدام التحليل المنطقي في كل حالة.
• يجب أن يؤدى كل قرار إلى نتيجة تسهم في تحقيق الهدف وأن يكون عملياً وقابلاً للتطبيق.
• لا يمكن إرضاء كل شخص، لذا فبعد الوصول إلى قرار فإن التحدي الرئيسي الذي يواجه المدير هو العمل على شرح القرار وكسب تعاون الجماعة بكاملها.
• توجد عادة عدة بدائل مرضية للاختيار، والقرارات تعتمد على تقدير أي العوامل أكثر أهمية وعلى الوزن الذي يعطى لكل عامل وعلى مدى ما يتخذ بشأنها للوصول إلى القرار المعين.
• تستلزم عملية اتخاذ القرارات الفعالة وقتاً كافياً، فعادة ما يطلب من المدير أن يتخذ قرارات سريعة جداً في الحال، بينما تتخذ قرارات الطوارئ بسرعة إلا إنها عادة ما تعكس التجربة والحكم الشخصي لمتخذ القرار.











خاتمة الفصل
عملية اتخاذ القرار هي عملية تتابعيه ترابطية، تعتمد في جوهرها على الاختيار والتفضيل في اختيار البديل المناسب من بين مجموعة من البدائل، و نظرا لأهمية هذه العملية داخل المؤسسة، فإنها تحظى باهتمام كبير من طرف المسيرين بسبب الدور الإستراتيجي الذي تقوم به و هو توجيه المؤسسة و ترشيدها للوصول إلى الأهداف المسطرة وذلك بتوفر مجموعة من العوامل، و من أهمها هو العنصر البشري الذي يلعب الدور الحاسم في هذه العملية ، فالقرار ليس مجرد موقف يتخذ في لحظة زمنية معينة و إنما يتم وفقآ لمراحل و دراسات يقوم بها المسؤول عن اتخاذ القرارات داخل المؤسسة بداية من تجميع البيانات اللازمة من خلال مراقبة محيط هذه الأخيرة لغرض تشخيص الفرص والتهديدات، هذه العملية التي تعرف باليقظة الإستراتيجية والتي هي نظام معلومات متطور هدفه توطيد و وتدعيم القرارات التي تتخذها المؤسسة، لها دور كبير في فعالية ورشد القرارات. وبما أن القرار هو الاختيار ين بديلين أو أكثر فإن اليقظة هي المرحلة التي تسبق اتخاذ القرار، فنجاح القرارات و فعاليتها يعتمد بدرجة كبيرة على مدى براعة متخذ القرار و ذكائه في استغلال الفرص التي يتيحها محيط المؤسسة و تجنبه لتهديدات هذه الأخيرة، فالمدير الناجح يعرف من خلال قراراته الناجحة.









 


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc