المفهوم الحضاري للحوار .. بلقاسم سعد الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المفهوم الحضاري للحوار .. بلقاسم سعد الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-08-05, 16:43   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










Icon24 المفهوم الحضاري للحوار .. بلقاسم سعد الله

تعليق بسيط :


جاء في كتاب خارج السرب مقالات وتأملات للأستاذ الدكتور بلقاسم سعد الله ص 59 وما بعدها هذه المداخلة القيّمة التي حاول من خلالها الأستاذ رسم الأطر العامة وتوضيح الشروط الخاصة لقيام حوار عادل بين الحضارات ورغم أن الأستاذ لم يبين لنا بدقة مفهوم الحوار المقصود وغاياته إلاّ أن القارئ يستنتج ذلك بسهولة من خلال مقاله ولعلّ أهمّ سبب وبالتالي هدف لهذا الحوار هو اجتناب صدام عسكري وسياسي قد يهدد مستقبل البشرية كما أن الأستاذ لم يحدد بوضوح ماهية تلك التنازلات المتبادلة التي جعلها شرطا أساسيا من شروط الحوار وهذا ما يجعلني أقف موقفا متحفظا من بعض ما جاء في مقاله وإن كنت أوافقه في اتجاهه العام خصوصا في اعتباره الفعل الثقافي فعلا إيجابيا يمكن من تقريب وجهات النظر والقفز على الصعوبات المرحلية كما أحب توجيه عناية القرّاء إلى تركيز الانتباه على شرح الأستاذ لقضية التطور الفكري لمن يعيش في ثقافة مخالفة حيث يبدأ الأمر بالتعايش والقبول بالآخر ليصل في النهاية إلى الاستلاب والتموقع في مراكز مهاجمة الذات لمكافحة الشعور بالعزلة والاغتراب آسف للإسترسال رغم أن هناك العديد من القضايا التراثية التي لم أشر إليها مكتفيا بثقتي في مستوى روّاد المنتدى وقرّاءه وأترككم مع المقال :




المفهوم الحضاري للحوار


عبارة حوار أصبحت من العبارات الأكثر شيوعا بين مثقفي مرحلتنا الحضارية هذه ، كما شاعت بين رجال الدين والسياسة والفلسفة . فكلما استعصت قضية أو اشتد خلاف بين فئة وأخرى أو بين أصحاب مذهب وآخر تداعوا للحوار كعلامة من علامات التحضر والتسامح والاستماع للرأي الآخر .


ولم يعد اللجوء عند هؤلاء إلى الوسائل الأخرى كالقوة والرفض والتعصب والعنف إلاّ سمة من سمات البداوة والإرهاب الفكري والاستبداد السياسي . فقد حلت كلمة حوار عند الغربيين بالخصوص محل كلمة (تقدم) في القرن التاسع عشر ومحل كلمة (ديموقراطية) في القرن العشرين . فإلى أي مدى صدق الغرب في تصدير قيمه في الماضي حتى يصدق في تصديرها في الحاضر ؟ فأين مثلا (المهمة الحضارية) التي طالما تشدق بها الفرنسيون و(عبء الرجل الأبيض) الذي طالما ردده الأمريكيون . وهل الشعوب الشرقية ، وبالأخص الإسلامية ، ترفض الحوار حتى تفرض عليها الوصاية الفكرية إلى أن تتقدم وتقبل بالديموقراطية والحوار ؟ أليس في ثقافات شعوب الشرق ما يجعلها تحاور الآخر بطريقة حضارية وتتسامح معه إلى حد التفريط في مصالحها أحيانا ؟ وهل مفهوم القوة عندها هو الفيصل في قبول الحوار من عدمه ؟


تلك هي بعض النقاط البارزة في هذه المداخلة القصيرة حول موضوع هذه الندوة التي اختير لها (الفلسفة وحوار الثقافات) . ومن الواضح أن الفلسفة ، وهي الحكمة وأم العلوم ، تعني درجة متقدمة من الثقافة ، فليس كل مثقف قادرا على الحوار الفلسفي مع الآخر . فكأني بالذين وضعوا أمامنا هذه المصطلحات اليوم ينظرون إلى خطاب نخبوي يجد فيه دعاة حوار الأديان والحضارات والعولمة الجديدة ضالتهم ومنهج التفاهم بينهم ليتعايشوا ولو بالتنازل عن بعض حقوقهم مؤقتا على الأقل . وتحضرني بهذا الصدد أمثلة من قبول الآخر والتنازل له تفاديا للتصادم معه دينيا أو حضاريا أن المثقف العربي أو المسلم كان إذا حل بأمريكا (وكذلك في عواصم الدول التي كانت تستعمره) في الخمسينات والستينات من القرن العشرين ثم واجه من أهلها اختلافا في معايير الأخلاق والتدين والعلاقات العامة فارتبكت تصرفاته ، كانوا يخففون عنه بقولهم : لا تثريب عليك إنما هو راجع لاختلاف الثقافات .. فلا تبتئس .. أي أنهم لا ينكرون عليه سلوكه معهم لأنه راجع في نظرهم إلى إختلاف ثقافته عن ثقافتهم ، ولكن لسان حالهم يقول له إن لدينا نحن أيضا ثقافتنا الخاصة التي نرجو ألا تصدمك ، فإن تسامحنا معك يجعلنا نتوقع منك التعايش والتحاور أيضا ، وعليك ألاّ تتعصب لثقافتك لأن هناك ثقافات أخرى عليك القبول بها :


Yes, it is culture !


نعم ، إنها الثقافة ..


وفي هذه المعاملة حقيقة ناصعة ، وهي أنه لا مناص من حوار الآخر والتعايش معه .ولكن هناك قضية خفية لا تظهر آثارها بسرعة للمثقف الزائر وهي أن عليه أن يتنازل بالتدرج عن ثقافته لصالح الثقافة المضيفة وأن يتسامح مع قيمها وشروطها ، وكلما عليشها وأطال معاشرتها كلما لاحظ أن ثقافته تهرب منه ليصبح مغتربا في الثقافة المضيفة إلى أن يفقد الإحساس بالإغتراب ويقبل بما كان يتحفظ منه أو يرفضه ، ولا يعود يرى غضاضة في التنازل عن قيمه ليكون مقبولا عند مضيفيه ، وقد يبدأ بنقد ثقافته لأنه يراها عائقا في الإندماج في الآخر والتسامح معه حضاريا وثقافيا مما يسبب له حرج وعزلة . وينتهي الأمر عنده عادة بازدواجية قاسية وبزواج بين ثقافتين يتجاوز الحوار بينهما مرحلة الإعجاب إلى مرحلة الحب والهيام . وهكذا يكون الحوار في هذه الحالة حوارا غير متكافيء بل هو ربما حوار خادع . وتشهد كتابات المثقفين العرب والمسلمين الذين سجّلوا تجاربهم في المهاجر مع الثقافات الأخرى ، سواء كانوا من أهل الشام في العالم الجديد أو كانوا من أهل المغرب العربي في العالم القديم (فرنسا تحديدا) على ما نقول .


لذلك نرى أن من شروط الحوار التكافؤ بين الطرفين أو الاطراف المعنية ، أي أن يكون الحوار بين الأنداد ، ولا نعني الندية في الطول والقصر أو التمذهب ولكن الندية في القدرة الفكرية والنضج الثقافي ، فلا يكون طرف مشبعا بثقافته الأصلية وهموم حضارته المتجذرة والطرف الآخر أجوف الوفاض إلاّ من شقشقة بعض الأفكار المنقولة أو المستوردة أو المنهوكة بالمعاناة من مركبات النقص أمام أفكار صاحبه . فهذا النوع من الحوار سينتهي لا محالة لصالح طرف على حساب طرف دون تعليلات . ولعل من شروط الحوار أيضا معرفة كل طرف لصاحبه معرفة فكرية وليس معرفة الصحبة : تكوينه ، وعقيدته ، ومواقفه ، وتأثيره في الجهة القادم منها أو المتحدث باسمها . فهذه المعرفة تمثل عاملا مهما في التجاوب وتقريب الأفكار والأطراف من بعضها . كما أن جدول كل حوار أو (أجندته) –كما يقولون- لا بد أن يكون معروفا مسبقا بالاستحضار الفكري والاستعداد الذهني قبل الدخول في ميدان المبارزة والمجادلة . وأخيرا نشير إلى أن تحديد الهدف من الحوار أمر ضروري ، فالعبث والسفسطة والنقاش الضحل لا جدوى من ورائها ، وهي مضيعة للوقت وهدر للطاقة وزيادة في التباعد وربما التباغض بين الأطراف .


ها نحن تحدثنا حتى الآن عن الحوار كمفهوم عام في هذه المرحلة من حياتنا وعصرنا . ولا شك أن هناك خصوصية للحوار أيضا . فهناك الحوار الذي يطرح للتقارب بين مذاهب الدين الواحد كالشيعة والسنة بين المسلمين ، والكاثوليك والبروتستنت والأرثوذكس بين المسيحيين ، أو كالحوار الذي يطرح بين الأديان السماوية نفسها كالإسلام والنصرانية أو اليهودية والنصرانية . وقد استعملت اليهودية العنف السياسي والإعلامي لترويض النصرانية من أجل الحصول منها ، بعد ضغوط عديدة ، على الإعتذار الرسمي والبراءة من الخطايا التي ظلت تطاردها (اليهودية) عدة قرون . أما المسلمون فلم يحصلوا على شيء من ذلك بالنسبة لما جرى لهم أثناء الحروب الصليبية أو أثناء محاكم التفتيش التي انتصبت لتصب جام غضبها على مسلمي الأندلس (الموريسكيين) . وهكذا ، لم يظفر المسلمون بطائل إما لتخاذلهم وإما لكبريائهم الزائف ، بل أصبحوا في العقود الأخيرة من دعاة الحوار الجالسين على موائده كأنهم هم المذنبون والآخرين هم الأطهار . فالغرب اليوم ، وعلى رأسه أمريكا ، يضرب المسلمين يمينا وشمالا ، ويهاجم دينهم تلويحا وتصريحا ، ويصفه بالإرهاب والتطرف ، بينما لا نكاد نسمع من جانب المسلمين إلاّ دعوات خافتة للحوار مع هذه الأطراف المتجبرة . حتى اليهود في فلسطين يرفضون الحوار مع الفلسطينيين ، والعرب عموما ، لأنهم يملكون وسائل البطش والتدمير بينما لا تصدر همسات الحوار إلاّ من الطرف الأضعف . وهكذا طغى صوت السياسة وقوة التدمير العسكرية على الهمس بالحوار بين الأديان والقوميات والحضارات في مرحلتنا الحاضرة . فنحن في الواقع نعيش عهد إملاءات لا عهد حوارات ، وعهد فلسفة القوة لا عهد قوة الفلسفة .


والثقافة مثل الكائنات الحية قد تمون في صحة جيدة وفي ازدهار عظيم ، ولكنها تتعرض للمرض والهزال والفناء ، وفيها ما في الكائنات الحية من قابلية للمرض أو من القدرة على تحدي المرض . فهناك الثقافة التي تحمل عناصر التفوق والثقافة التي تحمل عناصر الهزيمة والفناء . ويمكننا القول إن الثقافات القديمة التي ما تزال تؤثر اليوم هي ثقافات تفوقت بأفكار أهلها كاليونانية والعربية ، وهي ثقافات تغلبت على هازميها كما تغلبت الثقافة الإغريقية على الرومانية والعربية على الفرس . وإذا عدنا إلى الحوار بين الثقافات فإننا نجد أن الثقافة المتفوقة هي القادرة على التحاور لأن الثقافة المريضة لا تستطيع أن تتحاور ، كما أنه لا حوار بين ثقافة متفوقة وأخرى مريضة ، وقد انهزمت الثقافة العربية الإسلامية أمام الاستعمار الغربي في العصور الحديثة ، ولكن الاستعمار لم يستغن عن الثقافة العربية والإسلامية فتأثر بها في دراسته لتراث إفريقيا وآسيا ، واتصل من خلالها بالثقافة الإغريقية ، وحاورها عن طريق الإستشراق . ولعل إلصاق تهمة الإرهاب بهذه الثقافة هو مظهر من مظاهر العجز عن الحوار معها ، كما أن ما يسمى بثقافة العولمة هو مرحلة من مراحل العجز عن الحوار مع الثقافات الأخرى ، فيكون اللجوء إلى استعمال القوة وأسلوب الترغيب والترهيب هو البديل .


لكن يبدو لنا أن الثقافة العربية الإسلامية قادرة على الاستجابة ومواجهة هذا التحدي ، ومن ثمة التغلب عليه . إننا نشهد اليوم محاولات تفتيت الجهود وتمزيق الروابط بين عناصر الثقافة العربية الإسلامية لكي يفرض على أهلها القبول بالحوار دون ندية ودون تكافؤ كما هو حادث في ندوة الشراكة بين دول الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط وكما هو حاصل بين الفصائل الفلسطينية والصهاينة وبين العراقيين والأمريكيين . وهذا النوع من الحوار ليس في الواقع بين الثقافات ولكنه نوع من المواجهة وفرض الحلول . فإلى أين سيؤدي بنا هذا الترويض الفكري والسياسي والاقتصادي ؟ لعله سيؤدي بنا إلى الانحناء المؤقت للعاصفة ، لأن لهذه العاصفة الجديدة مطالبها كتجفيف الينابيع ووقف التخصيب الذي تباشره عملية التربية والتعليم وتثبيت القيم الدينية والتقاليد الاجتماعية وأحوال الأسرة والتهرب من استنساخ النماذج الغربية . وكل ذلك يعني رفض الحوار غير المتكافئ والشروط التي لا تقبل بها الفلسفة ولا الثقافة ، فما بالك بحوار الثقافات ، لأن هناك في الوقت الحاضر قطبا ثقافيا واحدا متمثلا في الهيمنة الاقتصادية والسياسية . وعلينا أن ننتظر في يقظة واستعداد بعض العقود الأخرى كي يصبح حوار الثقافات ممكنا .


.................................................. ..............


مداخلة كتبت لتلقى في ملتقى الفلسفة وحوار الحضارات بجامعة قسنطينة 2002 . - (*)









 


قديم 2010-08-05, 17:19   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك
موضوعك يفتح الطريق للنقاش أمام الطلبة الجامعيين









 

الكلمات الدلالية (Tags)
للحوار, المفهوم, الله, الحضاري, بلقاسم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:47

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc