تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإقتصادية و علوم التسيير > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-12-13, 18:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










M001 تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر

جامعة محمد خيضر بسكرة
كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير ومخبر العلوم الاقتصادية والتسيير


استمــارة الـمشاركـة

في الملتقى الدولي حول:
سياسات التمويل وأثرها على الاقتصاديات والمؤسسات-دراسة حالة الجزائر والدول النامية-
يومي:21و22نوفمبر2006.



عنوان المداخلة: التعجيل بالتغيير:تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر هو المفتاح للتنمية الاقتصادية

المحور الرابع:التمويل الدولي ومشاكله( تطوير مصادر التمويل الدولي بدائل وحلول)
الكلمات المفتاحية:التنمية الاقتصادية- الاستثمار الأجنبي المباشر-مناخ الاستثمار



















التعجيل بالتغيير : تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر هو المفتاح للتنمية الاقتصادية .
المقدمة :
تعاني الدول النامية من مشكلات عديدة كالبطالة، انخفاض متوسط الدخل الفردي، الفقر، ضعف البنى التحتية ونقص الاستثمارات الإنتاجية التي تخلق قيمة مضافة وتوظف الكفاءات القادرة على التغيير.
ونظرا للاختلال الهيكلي الذي تعاني منه هذه الدول والذي ينعكس في ضعف مواردها التمويلية الداخلية وبسبب قلة وصعوبة الحصول على المنح والمساعدات فقد لجأت إلى الاستدانة وهو ما قادها إلى الوقوع في أزمة المديونية وجعل مسيرة التنمية في هذه الدول تواجه تحديات صعبة ومشاكل تحول دون تحقيق أهدافها.
وانطلاقا من هذا تأتي الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتبرز كأحد الدعائم الرئيسية لعملية التنمية إلا أن مسألة استقطاب هذه الاستثمارات تحتاج إلى بذل جهود كبيرة لتحسين مناخ الاستثمار وهذا ما سنتطرق إليه بشيء من التفصيل مع دراسة لحالة الجزائر.

أولاً: التنمية الاقتصادية: مفهومها، نظرياتها، تمويلها:
تسعى وتطمح كل الدول إلى التقدم والتطور نحو الأفضل رغم اختلاف وتباين ذلك السعي والظروف المحيطة به، وإن كانت هناك دول قليلة قد بلغت مستويات تطورية متقدمة اقتصاديا واجتماعيا وتكنولوجيا، فإن هناك دولا كثيرة لم تكمل حتى ضرورات الحياة الكريمة للإنسان وبالتالي عليها بذل جهود مضاعفة لذلك، وهو ما يعني حاجتها الملحة لتحقيق التنمية .
1. الحاجة إلى التنمية الاقتصادية :
إن التنمية الاقتصادية كوسيلة للخروج من التخلف وكهدف تسعى الدول النامية لتحقيقه تتداخل مع عدة مفاهيم: كالنمو، التطور والتطوير، التغير والتغيير والتحديث والإصلاح، لذا نرى ضرورة التمييز فيما بينها وأساس التمييز بين هذه المفاهيم هو :
- مدى الإرادية أو التلقائية في حدوث الفعل.
- مدى العقلانية أو العشوائية في حدوثه.
- مدى إيجابية أو سلبية النتائج المترتبة .
وعليه فإن مفاهيم التغيّر، النمو، التطور هي مفاهيم تلقائية ولكنها مختلفة في نتائجها، فالنمو قد يكون إيجابي وقد يكون سلبي إذا تم على أسس خاطئة ولا بد أن يكون بالزيادة الكمية في موضوع الحالة التي يقع عليها الفعل، أما التطور فنتائجه إيجابية بالضرورة، في حين أن التغير هو تعبير عن حالة تحول تلقائية بكافة أشكالها ونتائجها.
وإذا انتقلنا إلى التميز بين المفردات الأخرى نجد أن التغيير يعبر عن أية عملية تحول إرادية ومهما كانت عشوائية أو عقلانية ومهما كانت نتائجها إيجابية أو سلبية.
أما المفاهيم الأخرى فتعبر عن عملية تحول إرادية واعية ذات نتائج إيجابية دائما، إلا أن الإصلاح يعبر عن ظاهرة جزئية تهدف إلى إعادة الموضوع إلى سيرته الأولى، أما التحديث فيكون بالنسبة للظواهر التي تكون موجودة أصلا إلا أن تقادمها أصبح يستوجب إعادة النظر فيها لجعلها أكثر معاصرة.
أما التنمية والتطوير فقد درج العمل على ترادفهما إذ يعبران عن عملية كلية وشاملة تهدف إلى تحقيق إنشاءات وعمليات جديدة (1).
ولقد وردت تعاريف عديدة للتنمية ونذكر منها :
- التنمية هي ظاهرة أصيلة وإن بدأ الاهتمام بها بعد الحرب العالمية الثانية كما أنها ظاهرة كلية تتم بصورة واعية وسريعة لتضمن الدول النامية لنفسها مكانة رائدة (2).
- التنمية هي عملية متعددة الأبعاد التي تتضمن إجراء تغييرات جذرية في الهياكل الاجتماعية والسلوكية والثقافية والنظم السياسية والإدارية جنبا إلى جنب مع زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق العدالة في توزيع الدخل القومي واستئصال جذور الفقر المطلق في مجتمع ما، أي أنها عملية خفض أو القضاء على الفقر، سوء توزيع الدخل، البطالة، بعد أن كانت تعني النمو الاقتصادي(3) .
- التنمية هي مجموعة الإجراءات والتدابير الواعية لتطوير الهيكل الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق زيادة الإنتاج السلعي والدخل الحقيقي للفرد واستمرار ذلك لفترة زمنية طويلة لفائدة غالبية أفراد المجتمع بحيث تلعب الدولة طرف أساسي في هذه العملية (4).
وما تجدر الإشارة إليه أن التنمية ليست تركيبة من الإجراءات والسياسات الموحدة والمعروفة والتي تقضي على التخلف في البلدان النامية، بل على كل بلد اتخاذ النموذج التنموي الذي يتناسب مع ظروفه وإمكانياته وتحقيق الأهداف التنموية المطلوبة القصيرة والبعيدة المدى والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. من هنا تبرز أهمية التخطيط للتنمية باعتباره أسلوب علني للتحكم في الحركة العامة المستقبلية.
2. الأسس النظرية في الفكر التنموي:
سنتعرض فيها إلى أهم الاتجاهات التي سارعت فيها نظريات التنمية(5):
1.2. التحليل الكلاسيكي:
اهتمّ آدم سميث بمشكلة التنمية الاقتصادية حيث كان هدفه هو التعرف على كيفية حدوث النمو الاقتصادي وماهية العوامل التي تعوقه، فوجد أن تقسيم العمل هو الأساس لرفع الإنتاجية ويرى أن تقسيم العمل لا يمكن أن يأخذ مكانه على نطاق واسع إلاّ حينما يستطيع العمال استخدام المعدات والآلات المتخصصة، فيؤكد آدم سميت حاجة الاقتصاد القومي إلى التراكم الرأسمالي، إلاّ أنه اعتقد بوجود قيود توقف العملية التراكمية للتنمية والمتمثلة في ندرة الموارد الطبيعية.
أما ريكاردو فقد اعتبر كذلك أن عملية التنمية هي متجددة ذاتيا، ويقرّ بالوصول إلى حالة من الركود ولكنه وجد أن التجارة الخارجية يمكن أن تؤجل حدوثه.
في حين أن إضافة النيوكلاسيك تمثلت في الاهتمام بدراسة العلاقات المتشابكة بين الوحدات الصغيرة، كما أن التقدم التكنولوجي يقضي على الضغوط الركودية التي تفرضها ندرة الموارد الطبيعة واعتبروا أن المنافسة الحرّة هي الأكثر كفاءة لدعم عملية التنمية.
أما ماركس فرأى أن نظرية التنمية التقليدية في تفسيرها للمشاكل التي تواجه عملية التنمية مثل انخفاض معدل التقدم التكنولوجي أو الافتقار إلى الموارد الطبيعية ما هي إلا أسباب ظاهرية لهذه المشاكل ورأى ضرورة دراسة طبيعة النظام الاقتصادي الذي يتم فيه الإنتاج (النظام الرأسمالي) والذي تستحيل فيه عملية التنمية ورأى في النظام الاشتراكي البديل الأمثل بحيث يستفيد كل أفراد المجتمع من عملية التنمية المترتبة على ذلك.
2.2. التعديلات على التحليل الكلاسيكي:
حاول شومبيتر أن يسدّ الفجوة القائمة بين آراء ماركس والنيوكلاسيك المتعلقة بالتنمية الاقتصادية، حيث يرى أن التنمية الاقتصادية تحدث غالبا في صورة قفزات وتدفقات غير منتظمة وبالتالي تنطوي القرارات الكبرى الخاصة بالأعمال على درجة كبيرة من المخاطرة وعدم التأكد، لذلك رأى أن هذا الأمر يتطلب شخصا مهما وهو المنظم وبذلك اعتبر شومبيتر أن التنظيم مفتاح عملية التنمية. ذلك أن دور المنظم هو خلق شيء جديد في السوق وبذلك يفوق دوره أهمية دور الشخص الذي يمدّه بالأرصدة لعملية التنمية.
أما بالنسبة لتحليل كينز والكينزيين فقد انصب على مواجهة البطالة والتي ستبقى مشكلة في الأجل الطويل حسبهم ما لم تلعب الحكومة دورا أكبر في الاقتصاد القومي.
3.2. الاتجاهات الحديثة في نظرية التنمية:
لقد أخذت المساهمات الحديثة في نظرية التنمية اتجاهين، حيث ركزّ الاتجاه الأول على أسباب فشل الدول النامية في تحقيق عمليات تنمية سريعة ومتجددة ذاتيا، أما الاتجاه الثاني فقد ركزّ على العوامل المؤدية إلى تنمية اقتصادية متجددة.
أ. أسباب فشل الدول النامية في تحقيق تنمية سريعة:
لقد قدمت عدّة تفسيرات لذلك مثل الشرك السكاني (تزايد السكان في الدول النامية يتمخض عنه انخفاض معدل نمو نصيب الفرد من الدخل)، تخصص الدول النامية في مجالات إنتاجية ذات آثار ثانوية على بقية القطاعات كاستخراج المعادن، أو الاعتماد على تصدير المواد الزراعية، بالإضافة إلى العوامل الخارجية غير المواتية والمتمثلة في تدهور شروط التجارة لغير صالح هذه الدول، هذا فضلا عن عدم قدرتها على الادخار وضعف الحافز على الاستثمار وعدم كفاية الهياكل الأساسية للإنتاج.


ب. العوامل المؤدية إلى تنمية اقتصادية متجددة:
وتشمل عدّة عوامل مثل العوامل الاقتصادية والتي تنطوي على مدى اعتناق مبدأ الحرية الاقتصادية من طرف الدولة، مدى وفرة الهياكل الاجتماعية، مستوى التعليم (الاستثمار في الموارد البشرية)، مشكلة الإنفجار السكاني.
وقد نالت نظرية المراحل لروستو صيتا واسعا ضمن الإضافات الحديثة لنظرية التنمية، إذ توجد وفقا له خمس مراحل للنمو هي: المجتمع التقليدي، مرحلة التمهيد للانطلاق، مرحلة الانطلاق، مرحلة الاندفاع نحو النضوج، عصر الاستهلاك الوفير، أي أنه يرى أن بنية الاقتصاد تكون متخلفة ثم تستحدث تغيرات هامة عليها في مرحلة التمهيد للانطلاق أين لازالت أساليب الإنتاج تقليدية ثم تأتي مرحلة الانطلاق والتي تدوم لمدّة عقدين أو ثلاث ليصل المجتمع إلى مرحلة النضوج والتي تقوم حسبه أربعين عاما بحيث تتوفر لدى الاقتصاد القومي القدرة التكنولوجية والتنظيمية لإنتاج أي شيء برغبة ثم تأتي مرحلة الاستهلاك الوفير بحيث تصبح السيارات... هي أهداف الاستهلاك.
لقد رأى معظم الاقتصاديين أن تحليل روستو يفتقر إلى التحليل العلمي الدقيق كما أنه خرج بضرورة قيام الدولة بمجهودات إنمائية صناعية كبيرة فقط بعد تحضير وتجديد الزراعة وزيادة رأس المال الاجتماعي بمعدات كبيرة، غير أنّ تجارب التنمية في الدول النامية منذ بداية الخمسينات تشير إلى أهمية بل وضرورة توسع قطاعي الزراعة والصناعة في نفس الوقت.
ولقد جاءت نظرية الدفعة القوية (النمو المتوازن) في مواجهة الأسلوب الانتقائي (النمو غير المتوازن) ومن أبرز روادها روزنشتين –رودان الذي أكد على الأسلوب الشامل أي أسلوب الدفعة القوية بين مختلف الأنشطة الاستثمارية.
إلاّ أن منتقدو الدفعة القوية يرون أن القيام بها يتطلب قدرات كبيرة غير متوفرة في الدول النامية، وبذلك يكون من الأنسب اتباع أسلوب الانتقائية مع توفر حدّ أدنى من التوازن في مختلف المجالات وإعطاء دور أكبر لحكومات الدول النامية والتي يتعين عليها القيام بإنشاء الهياكل الأساسية للإنتاج وفرض بعض الإجراءات التنظيمية من ناحية أخرى.
وبالتالي نرى أن جميع النظريات قد أكدت على أهمية التراكم الرأسمالي في عملية التنمية باعتباره المحدد الرئيسي لمعدل وحجم النمو الاقتصادي.
3- تمويل التنمية الاقتصادية :
يرى بعض الاقتصاديين أن أهم عقبة تعوق عملية التنمية الاقتصادية في الدول النامية هي افتقارها إلى الموارد الحقيقية اللازمة لتكوين رؤوس الأموال بسبب القوى الدائرية المفرغة والتي تشمل الطلب على رأس المال (الاستثمار) والذي يتحدد أساسا بالحافز على الاستثمار وسعة السوق وعرض رأس المال والذي تحكمه الرغبة والمقدرة على الادخار وطالما أن الدخول منخفضة نظرا لانخفاض القدرة على الإنتاج فإن القدرة على الادخار منخفضة كذلك .
لذا فإن التنمية الاقتصادية تستدعي أولا كسر هذه الدائرة، بمعنى إيجاد كافة السبل لتكوين رؤوس الأموال اللازمة لهذه التنمية والتي توجه إلى :
- تحسين وزيادة رأس المال الاجتماعي .
- تحسين نوعية عنصر العمل بالتعليم والتدريب والخبرة .
- إعادة تخصيص الموارد وذلك بالتحول من استخدامات تتسم بانخفاض الإنتاجية إلى استخدامات تتسم بارتفاعها بما في ذلك استخدام موارد جديدة لم تكن مستغلة من قبل .
- اقتصاديات الحجم وما يترتب عليها من وفرات .
- تحسين طرق الإنتاج باستخدام التكنولوجيات الحديثة .
وعموما فإن الدول النامية تحصل على حاجتها من الأموال من مصدرين رئيسيين هما : الموارد المحلية والموارد الأجنبية .
1.3. الموارد المحلية:
وتتمثل في مدخرات القطاع العائلي ومدخرات قطاع الأعمال الخاص والادخار الحكومي .
أ. مدخرات القطاع العائلي :
والتي تتمثل في الفرق بين الدخل المتاح وبين الإنفاق على أوجه الاستهلاك المختلفة. وتعتبر مدخرات القطاع العائلي من أهم مصادر الادخار في الدول النامية ولكنها تتأثر بمجموعة من العوامل منها ما هو اقتصادي مثل حجم الدخل والذي يتميز بانخفاضه في هذه الدول ، فضلا عن ارتفاع الميل المتوسط للاستهلاك مما لا يسمح بتكوين فائض للادخار رغم حدوث زيادة في الدخول الحقيقية للأفراد في معظم الدول النامية في السنوات الأخيرة (6)، فضلا عن أن أسعار الفائدة، التضخم، مدى انتشار البنوك والمؤسسات الادخارية والرغبة في حيازة أموال لمقابلة حاجات المستقبل أو لبلوغ مستويات معيشية معينة لها أثر كبير على عملية الادخار. كما أن حاجات الأسرة الكبيرة في الظروف الواحدة تفوق حاجات الأسرة الصغيرة وعلى ذلك ففي ظل كبر عدد أفراد الأسرة وتدني مستويات الدخول في الدول النامية يقل الادخار إن لم ينعدم.
لذا يرى معظم الاقتصاديين أنه بإمكان الدول النامية النهوض بمدخراتها لو اتبعت سياسة رشيدة لمكافحة التضخم وأقامت أوعية ادخارية لصغار المدخرين .
ب. مدخرات قطاع الأعمال الخاص :
هي ما تقوم به المنشآت والشركات الخاصة بادخاره، وتعتبر مدخرات هذا القطاع أهم مصادر الادخار في الدول المتقدمة اقتصاديا ويتوقف حجمه على الأرباح المحققة. ولكن في الدول النامية نجد أن الأرباح المعاد استثمارها غير كافية غالبا مما يؤدي إلى اعتماد أكبر على الموارد المحلية الأخرى خاصة الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية نظرا لضعف السوق المالية أو عدم وجودها .


ج. مدخرات قطاع الأعمال العام:
لعب هذا القطاع دورا هاما في معظم الدول النامية لتبنيها النظام الاشتراكي ولعدم قدرة الأفراد وقطاع الأعمال الخاص على توفير الأموال اللازمة لتنفيذ الاستثمارات الطموحة لهذه الدول خاصة مشروعات البنية التحتية. إلا أنّ فشل القطاع العام في تحقيق الأهداف المنوطة به أدى إلى تراجعه خاصة في ظل برامج الإصلاح الاقتصادي.
د. الادخار الحكومي :
تعمل الحكومات على تنمية مواردها وضغط نفقاتها بغية تحقيق فائض توجهه إلى خدمة أهداف التنمية، ولكن في حالة وجود عجز فيتم تمويله من مدخرات القطاعات الأخرى أو عن طريق طبع نقود جديدة للتوسع في الإنتاج. إلا أن هذا الإجراء الأخير يؤدي في هذه الدول إلى ارتفاع الأسعار، عدم مقدرة أصحاب الدخول المحدودة على الادخار فضلا عن أحجام رؤوس الأموال الأجنبية وهروب الوطنية منها للخارج مما يزيد من عجز ميزان المدفوعات.
2.3. التمويل الأجنبي :
نظرا لعدم كفاية المصادر المحلية في الوفاء بحاجات الاستثمار في الدول النامية أي وجود فجوة ادخار واسعة، فإنها تلجأ إلى الحصول على التمويل المطلوب من المصادر الخارجية والتي تأخذ الأشكال الرئيسية التالية :
• المنح والمعونات الأجنبية .
• القروض من الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية.
• الاستثمار الأجنبي من الأفراد والشركات والهيئات الأجنبية.
أ. المنح والمعونات الأجنبية الرسمية:
تعتبر هذه الأخيرة من أهم مصادر التمويل للدول النامية ذات الدخل المنخفض، وقد ساعدت في توفير قدر من حاجاتها من الغذاء والخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والمواصلات والكهرباء وغيرها، إلا أنها لم تحسن من الأداء الاقتصادي لهذه الدول نظرا لصغر حجم المعونات فضلا عن انتشار شكل المعونة المقيّدة أين تلتزم الدول المتلقية لها بتوجيهها لمشروع معين وشراء السلع والمستلزمات من الدول المانحة لما له من أهمية في توازن ميزان المدفوعات للدولة المانحة والذي غالبا ما يؤدي إلى وقوع الدول المتلقية في الاحتكار (غلاء الأسعار).
وقد شكلت المعونات المقيدة 66% من المعونات الثنائية نهاية القرن الماضي وكانت الدول المتلقية لها تخسر من 15 إلى 20% من قيمة المعونة نتيجة لهذه القيود، بالإضافة إلى تسييس المعونات(7).
وعليه لا تلعب المعونات والمساعدات دورا هاما في إحداث التنمية، وفي الوقت الحاضر قل الاهتمام بها والاعتماد عليها في معظم الدول النامية عدا الدول شديدة الفقر.
ب. القروض من الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية:
لقد لعبت دورا مهما في اقتصاديات الدول النامية لانتشار موجة العداء للاستثمارات الأجنبية وذلك بسبب خروج هذه الدول حديثا من الاستعمار، إلا أنها قادتها للوقوع في أزمة المديونية وبالتالي اتباع برامج التثبيت الاقتصادي والتكيف الهيكلي التي ينص عليها البنك وصندوق النقد الدوليين.
ج. الاستثمار الأجنبي :
نظرا لقصور الموارد الأجنبية السابقة الذكر على تحقيق تنمية بداخل الدول النامية فإنه لم يبق أمامها سوى هذا المورد الذي أضحى يحتل مكانة هامة في اقتصادياتها خاصة في ظل العولمة.
وعموما ينقسم الاستثمار الأجنبي إلى نوعين :
• الاستثمار الأجنبي غير المباشر: أي الاستثمار المحفظي والذي يتم من خلال الاستثمار في أسهم وسندات الشركات خارج الحدود الوطنية، فالمستثمر هنا لا يتحكم في الإدارة، وبالتالي تتراءى لنا محدودية هذا النوع في المساهمة في تنمية الدول النامية نظرا لافتقارها لسوق مالي متطور، ولقد بلغ صافي تدفقات الاستثمار في الحوافظ في الدول النامية 9 بلايين دولار سنة 2002.
• الاستثمار الأجنبي المباشر : وهو الذي ينطوي على التملك الجزئي أو المطلق لمشروع الاستثمار من الطرف الأجنبي وبعبارة أخرى فهو موجودات الشركة الأم في الدول المضيفة ولقد بلغ صافي الاستثمار الأجنبي المباشر 143 بليون دولار عام 2002(8). وهذا ما يدل على الاعتماد المتزايد على هذا النوع من الاستثمار لأن المستثمرين الأجانب يلتزمون عادة بالاستثمار على المدى الطويل، ومع أنه يكون عادة أقل تقلبا من الديون والاستثمار الأجنبي غير المباشر، فإنه لا يمكن اعتبار استقراره أمرا مسلما به نظرا لأن الاستثمار المحلي والأجنبي على السواء يعتمد على وجود مناخ استثمار إيجابي .

ثانيا: الاستثمار الأجنبي المباشر كاستراتيجية لدعم التنمية الاقتصادية:
لقد أدت الزيادة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ابتداءً من النصف الثاني من القرن الماضي إلى دعم نمو اقتصاديات الدول النامية، ويبرز هذا الاتجاه في الزيادة بانتهاج اقتصاد السوق في معظم هذه الدول، وتحرير نظم التجارة والاستثمار.
ويعبر الاستثمار الأجنبي المباشر حسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" عن ذلك النوع من الاستثمار الذي ينطوي على علاقة طويلة المدى، تعكس مصالح دائمة ومقدرة على التحكم الإداري بين الشركة في القطر الأم والشركة أو الوحدة الإنتاجية في قطر آخر، على أن تتعدى نسبة مشاركة الشركة الأم 50%.
كما يعرفه صندوق النقد الدولي على أنه حصول كيان مقيم في اقتصاد ما على مصلحة دائمة في مؤسسة مقيمة في اقتصاد آخر، وتنطوي هذه المصلحة على وجود علاقة طويلة الأجل بين المستثمر المباشر والمؤسسة، على أن تتعدى نسبة مشاركة هذا المستثمر الأجنبي 25%.
وتتميز الاستثمارات الأجنبية المباشرة على أنها تضمن في أغلب الأحيان تبعية الفرع أو الشريك في مجال الأبحاث والتصاميم التي تتولاها الشركة، وخضوع عملية تنظيم الإنتاج والتوريد والتسويق، والمبيعات إلى مصالح الشركة الأم.
1. أنواع الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومحدداتها:
1.1.أنواعـها: تشير التحاليل الاقتصادية إلى وجود أنواع كثيرة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة نذكر منها:
أ. النوع حسب شكل التبعية للشركة الأم: يمكن تقسيمه إلى ثلاث أشكال رئيسية(9):
• النوع الأول: يتميز هذا النمط من الاستثمار بتبعية اقتصادية كاملة للشركة الأم وخضوعها لحاجاتها، نظرا لأن كافة القرارات تتخذ من قبل هذه الشركة وتتجلى في ملكية المستثمر الأجنبي لرأس مال الشركة في البلد المضيف.
• النوع الثاني: هذا النوع يتمثل في إقامة الطاقات الإنتاجية في بلد معين لإنتاج مواد مخصصة للبيع في سوق مغلقة في إطار البلد المضيف، وقد تكون للشركة فروع في بلدان مختلفة في العالم وتتصف العلاقات المتبادلة بين الشركة الرأسمالية والفروع التابعة لها بغياب التجارة الدولية، كما أن قرارات المقر الرئيسي تتحدد أساسا على ضوء ظروف السوق في البلد الذي يقيم فيه الفرع.
• النوع الثالث: هذا النوع من الاستثمارات يخدم السوق العالمية من خلال توريد المنتجات التي تنتجها الفروع وتقام هذه الفروع في مختلف البلدان حسب مبدأ أدنى تكلفة إنتاجية ممكنة، وتتوحد الفروع ضمن مخطط هيكلي واحد يضم الشركة الأم.
ب. النوع حسب طبيعة الملكية: ويمكن تقسيمها إلى نوعين:
• الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصافية: هذا النوع من أكثر أنواع الاستثمارات تفضيلا للشركات متعددة الجنسيات، ويتمثل في قيام المستثمر الأجنبي بإنشاء فروع في الدول المضيفة على أن يقوم بالإشراف الكامل على سلسلة الحلقة الإنتاجية ويكون الفرع ملكا له بالكامل.
• الاستثمارات الأجنبية المشتركة: والمشاركة هنا لا تقتصر على رأس المال بل تمتد وأيضا إلى الخبرة والإدارة وبراءة الاختراع والعلاقات التجارية،...ويكون أحد الأطراف فيها شركة دولية تمارس حقا كافيا في إدارة المشروع أو العملية الإنتاجية دون السيطرة الكاملة عليه.




ج. النوع حسب الدوافع والمحفزات: وينقسم إلى(10):
• البحث عن المصادر: يهدف هذا النوع إلى استغلال السيرة النسبية للدول ولاسيما تلك الغنية بالمواد الأولية كالنفط والغاز والمنتجات الزراعية، فضلا عن الاستفادة من انخفاض تكلفة العمالة أو وجود عمالة ماهرة مدربة.
• البحث عن الأسواق: يهدف هذا النوع عادة إلى تلبية المتطلبات الاستهلاكية في أسواق الدول المتلقية للاستثمارات (المحلية المجاورة أو الإقليمية) ولاسيما تلك التي كان يتم التصدير إليها في فترات سابقة.
• البحث عن الكفاءة: يحدث هذا النوع فيما بين الدول المتقدمة والأسواق الإقليمية المتكاملة كالسوق الأوروبية أو شمال القارة الأمريكية.
• البحث عن أصول استراتيجية: يتعلق هذا النوع بقيام الشركات بعمليات تملك أو شراكة لخدمة أهدافها الاستراتيجية.
2.1. محددات الاستثمار الأجنبي المباشر:
لقد بدلت الدول النامية مجهودات كبيرة في سبيل استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر حيث قدمت تنازلات وامتيازات عديدة منها حوافز مالية كمنح تسهيلات إنتمائية، تخفيض معدلات الفائدة وتقديم مساعدات، وحوافز جبائية كالإعفاء من الضريبة أو تخفيض الوعاء الضريبي(11)، ورغم هذا بقيت الدول المتقدمة هي المستقطب الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تفوق 70%، أما النسبة الباقية فهي من نصيب الدول النامية(12)، وهذا ما يدعونا للبحث عن المحددات التي يختار على أساسها المستثمر الأجنبي البلد المضيف.
وعموما هناك ثلاث عوامل رئيسية يعتمدها المستثمرين الأجانب للمفاضلة بين الدول المضيفة وهي(13):
سياسات الدول المضيفة: وتتضمن:
• الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
• معايير معاملة الشركات الأجنبية والاتفاقيات الدولية .
• سياسات العمل وهيكل السوق.
• السياسات الضريبية والسياسات التجارية(التعاريف الجمركية،ودرجة الحماية الوطنية).
• الإجراءات المسبقة التي قامت هذه الدول بتطبيقها لتشجيع الاستثمارات.
المواصفات الاقتصادية للدول المضيفة :
• حجم السوق ومعدل الدخل الفردي .
• قدرة الوصول إلى الأسواق .
• توفر المواد الخام والعمالة الرخيصة والكفؤة .
• كفاءة البنية التحتية.
2. دور الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية الاقتصادية:
تمثل الاستثمارات عملية بناء للأصول المادية الثابتة وزيادة التكوين الرأسمالي، وبهذا يؤدي الإنفاق الاستثماري إلى زيادة القدرات الإنتاجية للبلاد، ورفع معدل النمو وتحسين الوضع الاقتصادي بصورة عامة، وتساهم عمليات الاستثمار الموجهة بصورة صحيحة إلى إقامة التناسبات الصحيحة فيما بين القطاعات الاقتصادية، وزيادة التشابك والترابط بين هذه القطاعات الاقتصادية، بما يحقق وحدة الاقتصاد الوطني وتكامل فروع الإنتاج ودفع عملية التنمية إلى الأمام بصورة متواصلة.
ولهذا طالما نظر اقتصاد التنمية باستمرار إلى تأثير الاستثمار الأجنبي المباشر على الدول النامية بطريقة إيجابية، وهو منظور ناشئ من التجربة الناجحة للاقتصاديات الرأسمالية والأسواق الحرّة، فالمستثمرين الأجانب يجلبون مواد جديدة نادرة، رأس المال، التكنولوجيا، الإدارة، ومهارة التسويق للبلد المضيف، ووجود المستثمرين يزيد من المنافسة وتحسين الكفاءة ومن فرص العمل ويحسن توزيع الدخل(14)، وضمن هذا الإطار من الصعب أن لا نصل إلى استنتاجات إيجابية عن مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية.
إلا أن هذه الاستنتاجات في واقع الأمر تنطبق على الدول المتقدمة أكثر من الدول المتخلفة مما جعل عملية تقييم تأثير الاستثمارات الأجنبية المباشرة على التنمية عملية معقدة، حيث يجب على الدول النامية أن تلتزم الحذر إزاء انتهاج موقف غير مدروس من المكاسب الخاصة بهذا الاستثمار، فوجود حصة كبيرة منه في إجمالي تدفقات رأس المال علاقة على ضعف وليس قوة البلد المضيف(15)، فالتحويلات المرتبطة بهذه الاستثمارات تؤثر سلبا على ميزان مدفوعات الدول النامية كما أنها تتحكم بمقدار الدول وخيارات شعوبها وتوجيهها نحو ما يلائم مشروعات للاستثمار مما يوفر لها فرصة اختيار الاستثمارات الأكبر ربحا والأسرع وقتا.

ثالثا: الاستثمار الأجنبي المباشر والتنمية الاقتصادية في الجزائر :
1. مسيرة التنمية في الجزائر :
لقد تبنت الجزائر بعد الاستقلال نموذجا تنمويا طموحا بغية بناء قاعدة صناعية ثقيلة معتمدة على الصناعات المصنعة، وقد اختارت المؤسسة العمومية كأداة لتنفيذ هذا النموذج، ولإتمام هذه السياسة قامت الجزائر باستثمارات ضخمة في كل من صناعة الحديد والصلب والصناعات الطاقوية والمحروقات والبيتروكيمياويات لما لها تأثير على باقي القطاعات لكن المشكل الكبير الذي واجهته في سبيل تحقيق هذا البرنامج التنموي الضخم هو عدم توفر رؤوس الأموال الداخلية بما يكفي لتغطية احتياجات هذه المشاريع، حيث كان المصدر الرئيسي المتوفر لتراكم رأس المال لديها هو قطاع المحروقات الذي يشكل 95% من الإيرادات المحصلة من الصادرات الإجمالية مما جعلها عرضة للصدمات الخارجية كما أثر على عملية التنمية وعلى اختيار شكل التمويل.
وهذا ما اضطرها إلى اللجوء إلى الاستدانة لتغطية تكاليف الاستثمارات والقيام بعمليات تأميم واسعة كانت تهدف في الأساس إلى تعبئة رؤوس الأموال المحلية .
ومع انخفاض أسعار البترول ابتداءً من سنة 1986 وعجز معظم المؤسسات الاقتصادية المنجزة عن تحقيق فائض اقتصادي وارتفاع حدة أزمة المديونية بالإضافة إلى زيادة متطلبات تموين السوق الوطنية لتلبية الحاجات الاستهلاكية لجأت الجزائر إلى القروض قصيرة الأجل، وبدأت ديونها بالتراكم السريع.
وخلال الفترة الممتدة من 1986 إلى 1989 تذبذبت مداخيل التصدير داخل نسبة تتراوح بين 8.5 – 10.5 مليار دولار بعد أن تجاوزت 15 مليار دولار في 1981 وازداد اللجوء إلى القروض الخارجية حتى قاربت 7 مليار دولار في نهاية الثمانينات وقد تزامنت المرحلة الجديدة لتراكم الديون مع تسارع وتيرة تسديد أصل الديون(16).
ورغم هذا واصلت الجزائر تسديد مستحقاتها رافضة خيار إعادة الجدولة باعتباره يمس السيادة الوطنية، وبعد الانهيار الكبير الذي عرفه سوق المحروقات عام 1993 وارتفاع نسبة خدمة الدين ووصول الاحتياطات إلى قرابة الصفر قبلت الجزائر سياسة إعادة الجدولة مما دفعها إلى تبني سياسة تنموية جديدة بالانتقال إلى اقتصاد السوق وفتح المجال أمام الاستثمارات الخاصة للمساهمة في عملية النمو الاقتصادي وإعطاء أهمية للاستثمارات الأجنبية وذلك بصدور عدة قوانين(17):
1-1 قانـــون 93:
جاء هذا القانون ليعطي الحرية الكاملة للاستثمار الخاص سواء كان محليا أم أجنبيا، فهو حرّ في الدخول إلى أي مشروع استثماري تحت أي شكل أراد عدا بعض النشاطات الاستراتيجية الخاصة بالدولة، دون الحاجة إلى إجراءات كثيرة ومعقدة، إذ لا يتطلب الأمر نظريا سوى تصريح بالاستثمار لدى الوكالة الوطنية لترقية ودعم ومتابعة الاستثمارات APSI، كما نصّ هذا القانون على مبدأ عدم التمييز بين المستثمرين سواء كانوا عموميين أو خواص محليين أم أجانب،فالقانون ضمن في نصوصه معالجة متساوية للمستثمرين من حيث الحقوق والواجبات، كما أجاز للمستثمرين الأجانب اللجوء إلى سلطات قضائية غير جزائرية في إطار تسوية النزاعات المحتملة كما منح القانون جملة من التحفيزات والتسهيلات للمستثمرين.
لقد تناولت التشريعات والقوانين المدعمة لسياسة الانفتاح الاقتصادي والمهيئة للمناخ الاستثماري خلال فترة التسعينات من الناحية القانونية لكن نظرا للأوضاع الأمنية غير المشجعة لم تستقطب الجزائر خلال تلك الفترة استثمارات أجنبية مباشرة كثيرة سوى في قطاع المحروقات وقد بلغت عقود الشراكة التي أبرمتها في القطاعات الأخرى خلال الفتـرة الممتـــدة 1993-2000، 397 مشروع فقط، بمبلغ 1.6 مليون دولار (الوكالة الوطنية لترقية الاستثمارات ودعمها ومتابعتها).


2.1. قانون تطوير مناخ الاستثمار وآلياته 2001:
إن الجديد في هذا القانون هو تطوير مفهوم الاستثمار ليشمل عمليات الخوصصة بالإضافة إنشاء شباك موحد على شكل وكالة وطنية لتطوير الاستثمار ANDI تضم كل الهيئات ذات العلاقة بالاستثمار وإصدار التراخيص وتقوم بتقديم الخدمات الإدارية والمعلومات المتعلقة بالاستثمار للمهتمين سواء كانوا مقيمين أو غير مقيمين، وتبلغهم بقرار قبول أو رفض منح المزايا والحوافز في مدة أقصاها 30 يوما ابتداءً من تاريخ إيداع الطلب. كما تمّ إنشاء المجلس الوطني للاستثمار والذي يشرف عليه رئيس الحكومة، وهو مكلف باقتراح الاستراتيجيات المناسبة لتطوير الاستثمار وتحديد أولوياته، اقتراح تدابير تحفيزية للاستثمار والفصل في الاتفاقيات المبرمة والمستثمرين والوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار والفصل في المزايا التي تمنح للمستثمرين وشروط الحصول عليها.
أ. الإعفاءات والضمانات التي يقدمها قانون تشجيع وتطوير الاستثمار في الجزائر:
من أجل استقطاب الاستثمارات الخارجية وتنمية الاستثمار المحلي قدمت الجزائر بعضا من الحوافز والامتيازات وذلك بهدف الوصول إلى تنمية متوازنة وتحفيز الاستثمار في قطاعات معينة بتقديم تسهيلات وضمانات متعددة.
ب. الإعفاءات الجبائيـة:
يمكن أن تستفيد الاستثمارات الوطنية والأجنبية المنجزة في إطار النشاطات الاقتصادية المنتجة لسلع والخدمات بالإضافة إلى الاستثمارات المختلفة وعمليات الخصخصة بالمزايا التالية بعنوان إنجازها.
- تطبيق نسبة منخفضة في مجال الحقوق الجمركية فيما يخص التجهيزات المستوردة والتي تدخل في إنجاز المشروع مباشرة .
- الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة فيما يخص السلع والخدمات التي تدخل مباشرة في إنجاز المشروع.
- الإعفاء من دفع رسم الملكية بعوض فيما يخص كل المقتنيات العقارية التي تمت في إطار في إطار الاستثمار المعني .
أما فيما يخص الاستثمارات التي تنجز في المناطق التي تتطلب تنميتها مساهمة خاصة من الدولة وكذا الاستثمارات ذات الأهمية الخاصة بالنسبة للاقتصاد الوطني فتمنح المزايا التالية بعنوان إنجاز الاستثمار :
- الإعفاء من دفع حقوق نقل الملكية بعوض فيما يخص كل المقتنيات العقارية التي تتم في إطار الاستثمار.
- تطبيق حق ثابت في مجال التسجيل بنسبة منخفضة قدرها 2% فيما يخص العقود التأسيسية والزيادات في رأس المال.
- تكفل الدولة جزئيا أو كليا بالمصاريف، بعد تقييمها من الوكالة فيما يخص الأشغال المتعلقة بالمنشآت الأساسية الضرورية لإنجاز المشروع.
- الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة فيما يخص السلع والخدمات التي تدخل مباشرة في إنجاز الاستثمار.
- تطبيق نسبة مخفضة من الحقوق الجمركية للسلع المستوردة التي تدخل مباشرة في إنجاز المشروع
وتمنح المزايا التالية بعد معاينة انطلاق الأشغال:
- الإعفاء لمدة 10 سنوات للنشاط الفعلي من الضريبة على أرباح الشركات ومن الضريبة على الدخل الإجمالي على الأرباح الموزعة، ومن الدفع الجزفي ومن الرسم على النشاط المهني .
- الإعفاء لمدة 10 سنوات ابتداءُ من تاريخ الاقتناء من الرسم العقاري على الملكيات العقارية التي تدخل في إطار الاستثمار.
- منح مزايا إضافية من شأنها أن تحسن الاستثمار مثل تأجيل آجال الاستهلاك.
الضمانات الممنوحة للمستثمرين :
- يعامل المستثمرين الأجانب نفس معاملة المستثمرين الجزائريين في مجال الحقوق والواجبات ذات الصلة بالاستثمار، مع مراعاة أحكام الاتفاقيات التي أبرمتها الدولة الجزائرية مع دولهم الأصلية .
- لا تطبق المراجحات والإلغاءات التي تحدث في المستقبل على الاستثمارات المنجزة في إطار هذا الأمر إلا إذا طلب المستثمر ذلك صراحة .
- لا يمكن أن تتعرض الاستثمارات المنجزة إلى عملية التأميم، إلا في الحالات المنصوص عليها في التشريع المعمول به ، ويترتب على المصادرة تعويض عادل ومنصف .
- يخضع كل خلاف بين المستثمر الأجنبي والدولة الجزائرية للجهات القضائية المختصة، إلا في حالة وجود اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف أبرمتها الدولة الجزائرية تتعلق بالمصالحة والتحكيم، أو في حالة وجود اتفاق خاص ينص على بند تسوية أو بند يسمح للطرفين بالتوصل إلى اتفاق بناء على تحكيم خاص .
2. تقييم مناخ الاستثمار في الجزائر : وذلك بدراسة عدّة مؤشرات(18) :
1.2. حجم السـوق:
تعتبر الجزائر سوق ضخم بالنسبة للشركات الأجنبية التي تهدف إلى تغطية السوق المحلي، حيث بلغ عدد السكان 32.5 مليون نسمة في جانفي 2005، وهذا ما يجعل الاستهلاك كبير للمواد المصنعة ومواد التجهيز، فعلى سبيل المثال بلغت الواردات سنة 2005 ما يقارب 20.3 مليار دولار لكن في المقابل نجد أن نسبة النمو الديمغرافي بدأت بالانخفاض حيث وصلت إلى 1.63% سنة 2005 بعدما كانت من أعلى النسب عالميا بـ 3.4% وهذا بسبب تراجع معدل سن الزواج وانخفاض كبير في نسبة الإنجاب .
2.2. البنيـة التحتية :
أ. بنيـة النقـل :
فبالنسبة لشبكة الطرقات والتي تعتبر من المؤشرات المهمة جدا نجد في الجزائر أن الطرقات السريعة جد ضعيفة ببعض المئات من الكيلومترات فقط في حين بلغت شبكة الطرقات المعبدة مستوى جد مرتفع، أما بالنسبة للسكة الحديدية فيبلغ طولها 4200 كلم، علما بأن جزء ضئيل منها مزود بالكهرباء، وفيما يخص النقل الجوي فيوجد 35 مطار، 13 منها ترقى للمقاييس الدولية، أما شبكة النقل الجوي الداخلية فهي جد متطورة. وتحتوى الجزائر على 40 ميناء، 11 فقط منها للصيد والتجارة والمحروقات وميناءين اثنين مختصين في المحروقات .
ب. بنية الاتصالات السلكية واللاسلكية:
بلغ الهاتف الثابت 2.2 مليون خط منها 30% لحساب الإدارات والتجارة والمصالح والمؤسسات، أما فيما يخص الهاتف المحمول فقد تطور سريعا مع مشاركة 04 متعاملين وأكثر من 13.7 مليون مشترك لعام 2005.
ج. التزويد بخدمات الكهرباء والغاز:
بفضل إنتاج يتجاوز 7000 ميجاوات، أصبحت التغطية الكهربائية الفضائية تعادل نسبة 96% وهي نسبة شبيهة بتلك المسجلة في بلدان منظمة التعاون والتنمية الأوربية،كما يستفيد 1.7 مليون منزل من التمويل المباشر بالغاز الطبيعي.
3.2. مؤشرات أخـرى:
لقد بلغت نسبة النمو لسنة 2005 حسب القطاعات: المحروقات 3.5%، الفلاحة 4% الصناعة 2.8% البناء والتشغيل 7.4% الخدمات 7.3%، أما البطالة فقد بلغت 15.3% ونجد أكثر هذه المؤشرات تشجيعا هي انخفاض حجم المديونية الجزائرية حيث بلغت 9.5 مليون دولار خلال 2006، وذلك نتيجة اتباع سياسة التسديد المسبق للديون وذلك بفضل ارتفاع أسعار النفط حيث تجاوز البرميل 70 دولار خلال عام 2006.
ورغم الجهود التي بذلتها الجزائر في سبيل ترقية وتطوير المناخ الاستثماري نجد أنها تحتل المركز 76 عالميا في ترتيب القدرات التنافسية العالمية 2006-2007 الذي يعده المنتدى الاقتصادي العالمي حسب مؤشر التنافسية الشامل الذي أصدر بجنيف السويسرية في 26/09/2006 وحصلت الجزائر على 3.9 نقطة من سلم يتكون من 07 نقاط من بين الدول ذات التنافسية في العالم، وهي الأخيرة في المغرب العربي بعد تونس التي احتلت المرتبة 30 عالميا، وشمل الترتيب اقتصاديات 125 دولة وضعت الجزائر في ترتيب القدرة التنافسية لسنة 2005 في المركز 82 .
ويرجع هذا المستوى المتدني في القدرة التنافسية إلى التصنيف السيئ الذي حصلت عليه الجزائر في مجال الإدارة الاقتصادية العامة وكفاءة الهيئات العامة بالإضافة ضعف دوائر القطاع الخاص، كما أنها لا تولي العناية الكافية بالبحث والتطوير بالإضافة إلى عدم استقرار البنية الاقتصادية العامة وعجز المالية العامة بالإضافة إلى ضعف الملكية الفكرية التي تعتبر من أهم المؤشرات.
ويرى كبار الاقتصاديين في المنتدى أن زيادة القدرات التنافسية يتطلب مواصلة تحسين فعاليات قطاع البنوك وتعزيز بناء المنشآت الأساسية وتطوير شبكات النقل والاتصالات، وتحسين مجالات الخدمات الاجتماعية والإبداع وحماية الملكية الفكرية.
ورغم هذه الانتقادات فقد استقطبت الجزائر حوالي 4.2 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي سنة 2006 مقابل 3.8 في سنة 2005.
وقد احتلت المرتبة الأولى في البلدان العربية في مجال استقطاب الاستثمار الأجنبي ولكن النسبة الأكبر من هذا الاستثمار المستقطب في مجال المحروقات وهو ما يختلف عن باقي الدول العربية مثل تونس التي تستقطب استثمارات متنوعة خارج مجال النفط.
الخلاصة:
لقد بدأت الجزائر مسيرة تنموية حديثة بانتقالها إلى اقتصاد السوق وانفتاحها على العالم الخارجي وذلك بتطبيق برامج التثبيت والتكيف الهيكلي والتي تقتضي تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقد صاحب هذا التوجه الانفتاحي صدور قانون 1993 الذي يمنح مجموعة من التسهيلات اللازمة لتدعيم واجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وقد تلته عدة مراسيم وتشريعات مكملة طوال فترة التسعينات إلا أن هذا لم يؤد إلى استقطاب استثمارات كبيرة وذلك نظرا لعدم الاستقرار السياسي الذي مرت به البلاد، وواصلت الجزائر جهودها في سبيل الوصول إلى قانون تشريعي ناجح يحقق امتيازات في الجانب الاستثماري وبذلك صدر قانون 2001 المتعلق بتطوير الاستثمار مناخه وآلية عمله والذي يمنح المزيد من الامتيازات للمستثمرين .
إلا أنه في واقع الأمر لا يجب التركيز على اجتذاب الاستثمارات من حيث الكم بل من حيث النوع، إذ يجب أن تكون هذه الاستثمارات موجهة نحو ترقية القطاعات التي تملك فيها الدولة فرصا لتطويرها .

















الهوامش :
1. عبد المعطي محمد عساف، إدارة التنمية، دراسة تحليلية مقارنة، الكويت، 1988، ص ص 13، 15.
2. نفس المرجع، ص23.
3. رمزي علي إبراهيم سلامة، اقتصاديات التنمية، جامعة الإسكندرية، 1991، ص109.
4. محمد أحمد الدوري، التخلف الاقتصادي، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، 1987، ص55
5. محمد عبد العزيز عجيمة، محمد علي الليثي، التنمية الاقتصادية، مفهومها، نظرياتها، سياساتها، الدار الجامعية، 2003، ص ص 61-176.
6. محمد عبد العزيز عجيمة، إيمان عطية ناصف، التنمية الاقتصادية، دراسات نظرية وتطبيقية، دار المعرفة الجامعية، ص163.
7. نفس المرجع، ص202.
8. تقرير البنك الدولي ،الاستثمار الأجنبي وتحويلات العمال يتجاوزان الديون كمصدر لتمويل البلدان النامية، 2003.
9. الاستثمارات الأجنبية في الجزائر وأثرها على التنمية الاقتصادية 04/02/2006www.majalisna.com.
10. حسان خضر "الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تعاريف وقضايا"، مجلة جسر التنمية، العدد6 2004، ص6.
11. محمد زيان "الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان التي تمر بمرحلة انتقال نظرة تحليلية للمكاسب والمخاطر"،مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، العدد00، 2004، ص ص119-120.
12. حسن عبد الله وآخرون، "تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية"، مركز الدراسات والسياسات الاستراتيجية، القاهرة، 2004، ص29.
13. حسان خضر، مرجع سبق ذكره.
14. ثيودور موران "الشركات المتعددة الجنسيات"، الاقتصاد السياسي للاستثمار الخارجي المباشر، ترجمة جورج خوري، دار الفارس للنشر والتوزيع، عمان، 1994، ص9.
15. براكش لونجاني، وعساف رزين "ما مدى فائدة الاستثمار الأجنبي المباشر للدول النامية"، مجلة التمويل والتنمية، يونيه 2001، ص8.
16. المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، الدورة العامة 15 " المديونية الخارجية لبلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط، عائق التنمية الأورومتوسطية، 2001، ص ص41-42.
17. الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار.
18. مقالة الجزائر:"مؤشرات اجتماعية واقتصادية" من الموقع :www.babeldjazair.com
19. عبد الوهاب بوكروح :" نقطة التحول "جريدة الشروق اليومي03/09/2006.









 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المباشر, الأجنبي, الاستثمار, تعزيز

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc