مَن منّا يُشبه النّخلة؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مَن منّا يُشبه النّخلة؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-04-10, 10:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عَبِيرُ الإسلام
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عَبِيرُ الإسلام
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي مَن منّا يُشبه النّخلة؟





بسم الله الرّحمن الرّحيم


مَن منّا يُشبه النّخلة؟


مماثلة المؤمن للنّخلة


للشيخ عبدالرزاق البدر وفّقه الله .


إنَّ الشّجرة الكريمة المباركة – أعني النّخلة – التي هي أفضل الشجر وأطيبه وأحسنه قد جعلها الله في كتابه الكريم مثلاً لعبده المؤمن ، يقول الله تعالى : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:??–??] .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟ )) فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ . ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : (( هِيَ النَّخْلَةُ )) [1] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ , مَا أَخَذْتَ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ نَفَعَكَ )) [2].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِنَاعٍ عَلَيْهِ رُطَبٌ فَقَالَ : مَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةً { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } قَالَ : ((هِيَ النَّخْلَةُ )) ، { وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ } قَالَ : (( هِيَ الْحَنْظَلُ )) قَالَ : فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَةِ فَقَالَ : صَدَقَ وَأَحْسَنَ[3].

والنخلة إنّما حازت هذه الفضيلة العظيمة بأن جُعلت مثلاً لعبد الله المؤمن لأنّها أفضل الشجر وأحسنه وأكثره عائدة ، ويكفيها فضيلة أنّها خُصت من بين سائر الشجر بأن جُعلت مثلاً للمؤمن ؛ ممّا يدل على كريم فضلها ورفيع قدرها وتنوع فضائلها ، كثبات أصلها وارتفاع فرعها وإيتائها أكُلَها كل حين ووصفها بالبركة وأنّها لا يؤخذ منها شيء إلاّ نفع ، ونحو ذلك مما يدل على فضل النّخلة وتميّزها وتشابهها مع المؤمن المطيع لله الذي قامت في قلبه كلمة الإيمان وانغرست في صدره وأخذت تثمر الثمار اليانعة والخير المتنوع .

ومن يتأمل في النّخلة والمؤمن المطيع لله يجد بينهما أوجهاً من الشبَه كثيرة ، منها :

&&&- أن النخلة لابد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر ، وكذلك الإيمان لابد له من أصل وفروع وثمر ؛ فأصله الإيمان بأصول الإيمان الستة المعروفة ، وفروعه الأعمال الصالحة والطاعات المتنوعة والقربات العديدة ، وثمراته كل خير يحصِّله المؤمن وكل سعادة يجنيها في الدنيا والآخرة .

&&&- والنخلة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنمِّيها ، فهي لا تحيا ولا تنمو إلا إذا سقيت بالماء ، فإذا حُبس عنها الماء ذبلت ، وإذا قُطع عنها تماماً ماتت ؛ وهكذا الشأن في المؤمن لا يحيا الحياة الحقيقية ولا تستقيم له حياته إلا بسقي من نوع خاص ؛ وهو سقي قلبه بالوحي : كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } [الأنعام:122] .

وبهذا يُعلم أن شجرة الإيمان في القلب ، إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح وإلاّ أوشكت أن تيبس . عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ الْخَلِقُ ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ )) [4] .

&&&- ومن أوجه الشّبه بين المؤمن والنخلة : أن النخلة شديدة الثبوت كما قال الله تعالى { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } ، وهكذا الشأن في الإيمان إذا رسخ في القلب ؛ فإنّه يصير في أشد ما يكون من الثّبات لا يزعزعه شيء بل يكون ثابتاً كثبوت الجبال الرواسي ، سُئل الأوزاعي رحمه الله عن الإيمان أيزيد ؟ قال : " نعم حتى يكون مثل الجبال " قيل : أينقص ؟ قال : " نعم حتى لا يبقى منه شيء " .

&&&- والنخلة لا تنبت في كل أرض ، بل لا تنبت إلا في أراضٍ معيَّنة طيبة التربة ، فهي في بعض الأماكن لا تنبت مطلقاً ، وفي بعضها تنبت ولكن لا تثمر ، وفي بعضها تثمر ولكن يكون الثمر ضعيفاً ، فليست كل أرض تناسب النخلة . وهكذا الشأن في الإيمان ؛ فهو لا يثبت في كل قلب ، وإنّما يثبت في قلب من كتب الله له الهداية وشرح صدره للإيمان ، والقلوب أوعية متفاوتة وبعضها أوعى من بعض .

&&&- وقد وصفت النخلة في الآية بأنّها شجرة طيبة ، وهذا أعم من طيب المنظر والصورة والشكل ومن طيب الريح وطيب الثمر وطيب المنفعة ؛ والمؤمن كذلك أجلُّ صفاته الطيب في شؤونه كلها وأحواله جميعها ، في ظاهره وباطنه وفي سره وعلنه ، ولهذا عندما يدخل المؤمنون الجنّة تتلقاهم خزنتها قائلة لهم : {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } [الزمر:??] ، وقال تعالى : {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [النحل:32] .

&&&- والنخلة وصفت بأنّها ما أخذت منها من شيء نفعك كما في حديث ابن عمر المتقدم ، فكل شيء في النخلة ينفع ، وهكذا الشأن بالنسبة للمؤمن مع إخوانه وجلسائه ؛ لا يُرى فيه إلا الأخلاق الكريمة والآداب الرفيعة والمعاملة الحسنة والنصح لجلسائه وبذل الخير لهم ، ولا يصلُ إليهم منه ما يضر ، بل لا يصل إليهم منه إلا ما ينفع .

&&&- ثم إن قلب النخلة وهو الجمار من أطيب القلوب وأحلاها ؛ إذ هو حلو الطعم جميل المذاق ، وكذلك قلب المؤمن من أطيب القلوب وأحسنها ، لا يحمل إلا الخير ، ولا يبطن سوى الاستقامة والصلاح والسلامة .

&&&- وثمر النخلة من أنفع ثمار العالم وله حلاوة لا تدانيها حلاوة ، وكذلك الإيمان له حلاوة ولذة لا يذوقها إلا صحيح الإيمان . عن أنس رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ )) [5].

&&&- ثم إن النّخل بينه تفاوت عظيم في شكله ونوعه وثمره ، فليست النخيل في مستوى واحد في الحسن والجودة بل بينه من التفاوت والتمايز الشيء الكثير ؛ وهكذا الشأن بين المؤمنين ، فالمؤمنون متفاوتون في الإيمان ، وليسو في الإيمان على درجة واحدة ، بل بينهم من التفاوت والتفاضل الشيء الكثير ، كما قال الله تعالى : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ } [فاطر:32] .

&&&- والنخلة كلّما طال عمرها ازداد خيرها وجاد ثمرها ، وكذلك المؤمن إذا طال عمره ازداد خيره وحسن عمله . عن عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه : أن أعرابياً قال : يا رسول الله مَن خير الناس ؟ قال : (( مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ ))[6]

فهذه بعض أوجه الشَّبَهِ بين المؤمن وبين النخلة ؛ يحيا بتأملها قلب المؤمن ، ويزيد إيمانه ، ويقوى يقينه ، ويعظم شكره وحمده لربه .

قال الله تعالى {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } .


بما تقدَّم يعلم أن الإيمان شجرة مباركة عظيمة النفع غزيرة الفائدة كثيرة الثمر لها مكان خاص تغرس فيه ولها سقي خاص ولها أصل وفرع وثمار :

أما مكانها : فهو قلب المؤمن ، فيه توضع بذورها وأصولها ، ومنه تتفرع أغصانها وفروعها .

وأما سقيها : فهو الوحي المبين ؛ كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فبه تسقى هذه الشجرة ، ولا حياة لها ولا نماء إلا به .

وأما أصلها : فهو أصول الإيمان الستّة ، وأعلاها الإيمان بالله تعالى فهو أصل أصول هذه الشجرة المباركة .

وأما فروعها : فهي الأعمال الصّالحة والطاعات المتنوّعة والقربات العديدة التي يقوم بها المؤمن .

وأما ثمراتها : فكلّ خير وسعادة ينالها المؤمن في الدنيا والآخرة فهو ثمرة من ثمار الإيمان ونتيجة من نتائجه .

وإنا لنسأل الله الكريم أن يُعظِم نماء هذه الشجرة الكريمة المباركة في قلوبنا ، وأن يجعلنا من عباده المؤمنين المتقين ، وأن يصلح لنا شأننا كله ، فإنه خير مسئول وأفضل مأمول .


________________


[1] رواه البخاري (61) ومسلم (2811) .


[2] رواه الطبراني (13514) ، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (5848).


[3] الترمذي (3119) مرفوعاً وموقوفاً . وقال الألباني رحمه الله : " ضعيف مرفوعاً ، وصحيح موقوفاً " .


[4] رواه الحاكم (1/4) وحسنه الألباني رحمه الله في (الصحيحة) (1585) .


[5] رواه البخاري (16) ومسلم (43) .


[6] رواه الترمذي (2329) وصححه الألباني رحمه الله في (صحيح سنن الترمذي) (1898) .



https://al-badr.net/muqolat/2544












 


رد مع اقتباس
قديم 2015-04-10, 11:31   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبوطه الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أبوطه الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا ...










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-10, 11:55   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الحزين المبتسم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2015-04-10, 16:21   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أحسن الله اليك نقل طيب جعله ربي في موازين حسناتكم










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
منّا, النّخلة؟, يُشبه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:29

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc