أطفال يدفعون ضريبة زواج الأقارب

[zaza22]

البحث عن السعادة، تكوين أسرة، الاستقرار هي أهداف يسعى لها كل فرد، لذا يلجأ إلى الزواج الذي يعد رابطة روحية تجمع بينه وبين شريك حياته على أساس المودة والرحمة، بدليل قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم: 21


فالزواج هوقرار مصيري ينوي من خلاله الفرد العيش مع الشخص الذي اختاره طوال حياته، لذا يحتاج إلى تمعن وتفكير وتدقيق في اختيار الشريك، لكن نجد أن أغلب الناس عند اختيارهم لشريك حياتهم يختارونه على أساس الجمال، النسب، الدين، المال وربما الأخلاق، فيما تناسوا أمرا مهما والذي قد يسبب لهم ولأولادهم التعاسة والمعاناة طوال حياتهم بسبب زواج الأقارب الذي قد ينجم عنه أطفال غير أصحاء يعانون من عاهات مستديمة، تشوهات خلقية وإعاقات كالشلل التخلف الذهني، العمى وغيرها من الأمراض التي تلازم الأبرياء والتي يستحيل على الطب شفاؤها في أغلب الأحيان.

أطفال حرموا من سعادتهم بسبب زواج الأقارب
صدم بعض الأزواج بإنجاب أطفال معاقين جسديا أوذهنيا أو مصابين بأمراض خطيرة عند ولادتهم، وكان السبب وراء ذلك كما أكد الأطباء هوزواج الأقارب.
"محمد.د" تزوج من ابنة عمه "جميلة.د" ولم يكونا يعلمان أن زواجهما قد يكون خطرا على صحة أولادهما، فقد أنجبا سبعة أطفال ثلاثة منهم معاقين ذهنيا وحركيا فيما نجا الأربعة الآخر ون.
بينما السيدة "فاطمة.ت" تزوجت من ابن خالتها، رزقا بولدين الأول طفل سليم يتمتع بصحة جيدة وهذا ما شجعها على الإنجاب مرة أخرى لكن الطفل الثاني ولد معاقا ذهنيا وحركيا.
أما السيدة "صليحة.ق" تزوجت من ابن عمتها، رزقهما الله بأربعة أطفال كلهم غير أصحاء، وفي سؤالنا لها عن سبب عدم إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج قالت أنها لم تكن تعي خطورة الأمر ولم تعر القصة اهتماما، كما أضافت أن أختها التي تكبرها سنا تزوجت من ابن خالها وأنجبت خمسة أطفال كلهم يتمتعون بصحة جيدة.

الفحص الطبي ضروري لتفادي مرض الأطفال
لزواج الأقارب نسبة كبيرة في إنجاب أطفال مصابين بأمراض وراثية أو مشوهين خلقيا نتيجة تلاقي الجينات المعطوبة لدى الزوج مع نفس الجينات المعطوبة لدى الزوجة، إذ أن في الغالب يكون الزوجان سليمين يحملان المرض الوراثي لكن لا يعانيان من أعراض ظاهرة، في حين تظهر الأعراض على الأبناء رغم عدم وجودها لدى الآباء، وتصاحب تلك الأمراض الوراثية الأبناء طوال العمر وأغلبها ليس لها علاج حتى اليوم، ومن بين الأمراض التي يمكن أن يتوارثها الأبناء نتيجة زواج الأقارب نجد أمراض الدم الوراثية، مرض فقر الدم وأنيميا البحر المتوسط ومرض الجلاكتوسيميا، بالإضافة إلى مرض الفشل الكلوي والكبد والجهاز الهضمي وأمراض القلب، أمراض هيموغلوبين الدم أو" خضاب الدم" إضافة إلى العيوب الخلقية والأمراض أحادية الجينات ومرض انحلال الجلد الفقاعي المزمن الذي يسبب فقاعات شديدة على سطح الجلد، وغيرها من الأمراض التي تسبب معانات للمريض والأسرة ككل لذا طالب الخبراء بضرورة القيام بالفحص الطبي قبل الزواج كأحد وسائل الوقاية من تلك الأمراض التي تزيد في حالة زواج الأقارب، كما تنصح كل من "منظمة الصحة العالمية"، و"مجلس وزراء الصحة العرب"، و"مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون" بإنشاء مراكز في كل البلاد العربية لمكافحة هذه الأمراض الوراثية وتطوير الخدمات العلاجية والتثقيفية الإرشادية والتوعوية، وتأمين القدر الكافي من الاختبارات للفئات المعرضة لخطر الأمراض الوراثية، وذلك بتوفير الفحوصات الدقيقة والحديثة، والتشخيص المبكر لها ونشر الوعي الصحي للوقاية من هذه الأمراض، وكذا تقديم النصح قبل الزواج وقبل وأثناء الحمل وبعد الولادة وبعد تشخيص الحالة، ودعم الأسر المتأثرة وتخفيف الأثر الجسماني والاجتماعي والاقتصادي وتوفير جميع الأنشطة المتعلقة بمكافحة الأمراض الوراثية، بما في ذلك الخدمات السريرية والمخبرية والمسح الوراثي والإرشاد الوراثي وفحص المقبلين على الزواج والحوامل والحديثي الولادة.

رأي الدين في الموضوع
ولمعرفة رأي الشريعة الإسلامية في زواج الأقارب، سألنا إمام مسجد الصفا بالجزائر العاصمة حول الموضوع فقال أن الشريعة الإسلامية لم تحرم زواج الأقارب، إذ لم يرد نص قرآني أوحديث نبوي يحرم الزواج من ابنة العم أوابنة الخال وذلك بدليل قوله تعالى:{ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة }.
وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آَتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ } الأحزاب:50
كما أضاف بأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج من ابنة عمته "زينب بنت جحش"، لكن من جهة أخرى قال أنه يجب على الناس توخي الحذر خاصة مع تطور الطب الذي يمكن الزوجين من تفادي الضرر عن طريق إجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة، فلا بد من الاخذ بالأسباب التي من شأنها رفع الضرر والمرض عن المجتمع بإذن الله تعالى.
وفي الأخير يجب تضافر الجهود لتحسيس الشباب المقبلين على الزواج وتوعيتهم بضرورة إجراء الفحوصات الطبية التي لا تكلفهم شيئا وإنما تساهم في الحفاظ على سعادة وانسجام وترابط الأسرة.