هل الشكر على المصيبة يزيد من المصائب ؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل الشكر على المصيبة يزيد من المصائب ؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-21, 15:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 هل الشكر على المصيبة يزيد من المصائب ؟


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل الشكر على المصيبة يزيد من المصائب ؟

السؤال

هل الشكر على المصيبة يزيد المصائب لأن الله يقول : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) ؟

وهل الحمد في نفس معنى الشكر ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

الشكر على المصيبة مستحب ، لأنه فوق الرضا بها .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

"والمصائب التي تحل بالعبد ، وليس له حيلة في دفعها، كموت من يعزُّ عليه ، وسرقة ماله، ومرضه ، ونحو ذلك ، فإن للعبد فيها أربع مقامات:

أحدها :

مقام العجز، وهو مقام الجزع والشكوى والسخط ، وهذا ما لا يفعله إلا أقل الناس عقلاً وديناً ومروءة .

المقام الثاني:

مقام الصبر ، إما لله ، وإما للمروءة الإنسانية .

المقام الثالث :

مقام الرضى وهو أعلى من مقام الصبر، وفي وجوبه نزاع ، والصبر متفق على وجوبه .

المقام الرابع :

مقام الشكر ، وهو أعلى من مقام الرضى ؛ فإنه يشهدُ البليةَ نعمة ، فيشكر المُبْتَلي عليها "

انتهى من "عدة الصابرين" (67) .

قال القاسمي رحمه الله :

" اعْلَمْ أَنَّهُ مَا مِنْ نِعْمَةٍ مِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، إِلَّا وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَلَاءً بِالْإِضَافَةِ ، وَنِعْمَةً كَذَلِكَ، فَرُبَّ عَبْدٍ تَكُونُ لَهُ الْخَيْرَةُ فِي الْفَقْرِ وَالْمَرَضِ وَلَوْ صَحَّ بَدَنُهُ وَكَثُرَ مَالُهُ لَبَطِرَ وَبَغَى

قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) [الشُّورَى: 27]

وَقَالَ - تَعَالَى -: (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) [الْعَلَقِ: 6 وَ 7]

وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ وَالْوَلَدُ وَالْقَرِيبُ وَأَمْثَالُهَا؛ فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَمْ يَخْلُقْ شَيْئًا إِلَّا وَفِيهِ حِكْمَةٌ وَنِعْمَةٌ أَيْضًا.

فَإِذَنْ ؛ فِي خَلْقِ اللَّهِ - تَعَالَى - الْبَلَاءُ : نِعْمَةٌ أَيْضًا ؛ إِمَّا عَلَى الْمُبْتَلَى ، أَوْ عَلَى غَيْرِ الْمُبْتَلَى، فَإِذَنْ كُلُّ حَالَةٍ لَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا بَلَاءٌ مُطْلَقٌ، وَلَا نِعْمَةٌ مُطْلَقَةٌ فَيَجْتَمِعُ فِيهَا عَلَى الْعَبْدِ وَظِيفَتَانِ: الصَّبْرُ وَالشُّكْرُ جَمِيعًا.

فَإِنْ قُلْتَ: فَهُمَا مُتَضَادَّانِ ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعَانِ ، إِذْ لَا صَبْرَ إِلَّا عَلَى غَمٍّ ، وَلَا شُكْرَ إِلَّا عَلَى فَرَحٍ؟

فَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ قَدْ يُغْتَمُّ بِهِ مِنْ وَجْهٍ ، وَيُفْرَحُ بِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَيَكُونُ الصَّبْرُ مِنْ حَيْثُ الِاغْتِمَامُ ، وَالشُّكْرُ مِنْ حَيْثُ الْفَرَحُ .

وَفِي كُلِّ فَقْرٍ وَمَرَضٍ وَخَوْفٍ وَبَلَاءٍ فِي الدُّنْيَا : خَمْسَةُ أُمُورٍ يَنْبَغِي أَنْ يَفْرَحَ الْعَاقِلُ بِهَا ، وَيَشْكُرَ عَلَيْهَا:

أَحَدُهَا:

أَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ وَمَرَضٍ : يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ أَكْبَرَ مِنْهَا، إِذْ مَقْدُورَاتُ اللَّهِ - تَعَالَى - لَا تَتَنَاهَى ، فَلَوْ ضَعَّفَهَا اللَّهُ وَزَادَهَا ، مَاذَا كَانَ يَرُدُّهُ وَيَحْجِزُهُ ؟ فَلْيَشْكُرْ إِذْ لَمْ تَكُنْ أَعْظَمَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا.

الثَّانِي :

أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُصِيبَتُهُ فِي دِينِهِ ، وَفِي الْخَبَرِ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا .

الثَّالِثُ :

أَنَّهُ مَا مِنْ عُقُوبَةٍ إِلَّا وَيُتَصَوَّرُ أَنْ تُؤَخَّرَ إِلَى الْآخِرَةِ ، وَمَصَائِبُ الدُّنْيَا يُتَسَلَّى عَنْهَا بِأَسْبَابٍ أُخَرَ، تَهُونُ الْمُصِيبَةُ فَيَخِفُّ وَقْعُهَا، وَمُصِيبَةُ الْآخِرَةِ تَدُومُ ، فَلَعَلَّهُ لَمْ تُؤَخَّرْ عُقُوبَتُهُ إِلَى الْآخِرَةِ

وَعُجِّلَتْ عُقُوبَتُهُ فِي الدُّنْيَا، فَلِمَ لَا يَشْكُرُ اللَّهَ عَلَى ذَلِكَ ؟

الرَّابِعُ : أَنَّ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ وَالْبَلِيَّةَ : كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَلَيْهِ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، وَكَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِهَا إِلَيْهِ ، وَقَدْ وَصَلَتْ ، وَوَقَعَ الْفَرَاغُ ، وَاسْتَرَاحَ مِنْ بَعْضِهَا ، أَوْ مِنْ جَمِيعِهَا، فَهَذِهِ نِعْمَةٌ.

الْخَامِسُ: أَنَّ ثَوَابَهَا أَكْثَرُ مِنْهَا، فَإِنَّ مَصَائِبَ الدُّنْيَا طُرُقٌ إِلَى الْآخِرَةِ ، وَكُلُّ بَلَاءٍ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ : مِثَالُهُ الدَّوَاءُ الَّذِي يُؤْلِمُ فِي الْحَالِ ، وَيَنْفَعُ فِي الْمَآلِ .

فَمَنْ عَرَفَ هَذَا : تُصُوِّرَ مِنْهُ أَنْ يَشْكُرَ عَلَى الْبَلَايَا، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَذِهِ النِّعَمَ فِي الْبَلَاءِ لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ الشُّكْرُ؛ لِأَنَّ الشُّكْرَ يَتْبَعُ مَعْرِفَةَ النِّعْمَةِ بِالضَّرُورَةِ ،

وَمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِأَنَّ ثَوَابَ الْمُصِيبَةِ أَكْبَرُ مِنَ الْمُصِيبَةِ ، لَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُ الشُّكْرُ عَلَى الْمُصِيبَةِ ..

ثُمَّ مَعَ فَضْلِ النِّعْمَةِ فِي الْبَلَاءِ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعِيذُ فِي دُعَائِهِ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا ، وَعَذَابِ الْآخِرَةِ ، وَكَانَ يَسْتَعِيذُ مِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَغَيْرِهَا ... وَفِي دُعَائِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَعَافِيَتُكَ أَحَبُّ إِلَيّ َ ..."

انتهى، من " تهذيب موعظة المؤمنين" (287-288).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" الناس إزاء المصيبة على درجات:

الأولى: الشاكر.

الثانية: الراضي.

الثالثة: الصابر.

الرابعة: الجازع.

أمَّا الجازع :

فقد فعل محرماً، وتسخط من قضاء رب العالمين الذي بيده ملكوت السموات والأرض ، له الملك يفعل ما يشاء.

وأمّا الصابر:

فقد قام بالواجب، والصابر: هو الذي يتحمل المصيبة، أي يرى أنها مرة وشاقة، وصعبة ، ويكره وقوعها، ولكنه يتحمل، ويحبس نفسه عن الشيء المحرم ، وهذا واجب.

وأمّا الراضي:

فهو الذي لا يهتم بهذه المصيبة ، ويرى أنها من عند الله فيرضى رضاً تاماً، ولا يكون في قلبه تحسر، أو ندم عليها ؛ لأنه رضي رضاً تاماً، وحاله أعلى من حال الصابر.

والشاكر:

و أن يشكر الله على هذه المصيبة.

ولكن كيف يشكر الله على هذه المصيبة وهي مصيبة ؟

والجواب: من وجهين:

الوجه الأول:

أن ينظر إلى من أصيب بما هو أعظم ، فيشكر الله على أنه لم يصب مثله .

الوجه الثاني:

أن يعلم أنه يحصل له بهذه المصيبة تكفير السيئات ، ورفعة الدرجات إذا صبر، فما في الآخرة خير مما في الدنيا، فيشكر الله ، وأيضاً أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل

فيرجو أن يكون بها صالحاً، فيشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة.

والشكر على المصيبة مستحب ؛ لأنه فوق الرضا ؛ لأن الشكر رضا وزيادة " .

انتهى من الشرح الممتع (5/ 395-396) .

ثانيا :

لا يؤدي الشكر على المصيبة إلى زيادتها

لأن قول الله تعالى : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ )إبراهيم/ 7 ؛ إنما هو في شكر النعمة ، وليس في الشكر على المصيبة ، بدلالة قوله بعدها : ( وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) قال السعدي رحمه الله :

" ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ) ؛ أي: أعلمَ ووعد ، ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ ) من نعمي ( وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) ،

ومن ذلك : أن يزيل عنهم النعمة التي أنعم بها عليهم . والشكر: هو اعتراف القلب بنعم الله ، والثناء على الله بها ، وصرفها في مرضاة الله تعالى. وكفر النعمة ضد ذلك "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص: 422) .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:56

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc