القول الفصل في حكم بناء القبب على القبر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

القول الفصل في حكم بناء القبب على القبر

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-03-06, 12:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي القول الفصل في حكم بناء القبب على القبر

مقدمــة

معنى القبة في اللغة: القُبَّةُ من البناء: قيل هي البناء من الأَدَم خاصًَّةً، مشتقٌّ من ذلك، والجمع قُبَبٌ وقِبابٌ. وقَبَّبها: عَمِلَها. وتَقبَّبها: دَخَلها، وبيتٌ مُقَبَّبٌ: جُعِلَ فوقه قُبَّةٌ؛ والهوادجُ تُقَبَّبُ. وقَبَبْتُ قُبَّة، وقَبَّبْتها تَقبيبًا إذا بَنَيْتَها. وقُبَّةُ الإِسلام: البَصْرة، وهي خِزانة العرب([1]).


والمقصود في بحثنا هذا هو ما بُنِيَ على قبل الميت من الأبنية.
وعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألا أدع قبرًا مشرفًا إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته»([2]).


قال الإمام الشوكاني في شرحه لهذا الحديث: «... ومن رفْعِ القبور الداخل تحت الحديث دخُولاً أوليًا القبب والمشاهد المعمورة على القبور، وهو مِن اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله، كما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»([3]).


واستشار رجل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن يبني فسطاطًا على ميت له، فقال له: «لا تفعل، إنما يظله عمله»([4]).


وعن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة، وذكرتا حسنها، وتصاوير فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة»([5]).


وروى حرب الكرماني عن زيد بن ثابت أن ابنًا له مات, فاشترى غلام له جَصًا وآجُرًا ليبني على القبر، فقال له زيد: حفرتَ وكفرت، أتريد أن تبني على قبر ابني مسجدًا ؟ ونهاه عن ذلك ([6]).


وعن أنس رضي الله عنه قال: «كنت أصلي وهناك قبر، فقال عمر بن الخطاب: القبر القبر! فظننته يقول: القمر، وإذا هو يقول: القبر، أو كما قال»([7]).


وقد قال ابن القيم رحمه الله: «وأبلغ من ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بهدم مسجد الضرار، ففي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فسادًا منه كالمساجد المبنية على القبور، فإن حكم الإسلام فيها أن تهدم كلها حتى تسوى بالأرض، وهي أولى بالهدم من مسجد الضرار، وكذلك القباب التي على القبور يجب هدمها كلها؛ لأنها أسست على معصية الرسول؛ لأنه قد نهى عن البناء على القبور؛ فبناءٌ أُسِسَ على معصيته ومخالفته بناءٌ محرم وهو أولى بالهدم من بناء العاصب قطعًا»([8]).


وقد أفتى جماعة من الشافعي بعدم ما بالقرافة([9]) من الأبنية، منهم ابن الجُميزي (ت649هـ) والظهير التزمنتي (ت682هـ) وغيرهما، وقال القاضي ابن كج (ت405هـ): «ولا يجوز أن تجصص القبور، ولا أن يبنى عليها قباب ولا غير قباب، والوصية بها باطلة».


وقال الفقيه الشافعي الأذراعي (ت781هـ): «وأما بطلان الوصية ببناء القباب وغيرها من الأبنية، وإنفاق الأموال الكثيرة، فلا ريب في تحريمه».


وقال ابن رشد (ت520هـ): «كره مالك البناء على القبر، وجعْل البلاطة المكتوبة، وهو من بدع أهل الطول، أحدثوه إرادة الفخر والمباهاة والسمعة»([10]).


وقد قال الإمام الشافعي: «رأيت الأئمة بمكة، يأمرون بهدم ما يبنى على القبور»([11])، ويؤيد الهدم: قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» وحديث جابر رضي الله عنهما الذي بمسلم «نهى صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور». اهـ.


وقال شيخ الإسلام محمد التميمي رحمه الله مُعلِقًا على قول الشافعي السابق: «ولأنها أسست على معصية الرسول؛ لنهيه عن البناء عليها، وأمره بتسويتها؛ فبناء أسس على معصيته، ومخالفته صلى الله عليه وسلم بناء غير محترم، وأولى بالهدم من بناء الغاصب قطعا، وأولى من هدم مسجد الضرار، المأمور بهدمه شرعًا؛ إذ المفسدة أعزم حماية للتوحيد... اهـ»([12]).


وقد قال ابن حجر رحمه الله: «صلى الله عليه وسلمتجب المبادرة لهدم المساجد والقباب التي على القبور؛ إذ هي اضر من مسجد الضرار؛ لأنها أسست على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هذه الفتوى في عهد الملك الظاهر, إذ عظم على هدم كل ما في القرافة من البناء كيف كان، فاتفق علماء عصره أنه يجب على ولي الأمر أن يهدم ذلك كله ويجب عليه أن يطلق أصحابها رمي ترابها في الكيمان» ([13])([14]).


قال الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني: «فإن هذه القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد، وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه، غالبًا، بل كل من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة، إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن فيه، من فاضل أو عالم أو صوفي أو فقير أو شيخ أو كبير، ويزوره الناس الذين يعرفونه زيارة الأموات، من دون توسل به ولا هتف باسمه، بل يدعون له ويستغفرون، حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم، فيأتي من بعدهم فيجد قبرًا قد شيد عليه البناء، وسُرجت عليه الشموع، وفُرش بالفراش الفاخر، وأُرخيت عليه الستور، وأُلقيت عليه الورود والزهور، فيعتقد أن ذلك لنفع أو لدفع ضر، ويأتيه السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وفعل، وأنزل بفلان الضرر، وبفلان النفع، حتى يغرسوا في جِبلته كل باطل، فلذلك ثبت في الأحاديث النبوية المنع من ذلك. اهـ»([15]).


سائلاً المولى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.



* * * *


([1]) انظر لسان العرب.

([2]) رواه مسلم (3/61) وأبو نعيم في (المستخرج) (15/33/2) وأبو داود (3218) والنسائي (1/285) والترمذي (1/195) والبيهقي (4/3) والطيالسي (155) وأحمد (1/124، 96) من طريق حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي الهياج الأسدي قال: «قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع» الحديث، وصححه الألباني في الإرواء (3/209).

([3]) أخرجه البخاري (3/156، 198، 8/114) وأبو عوانة (2/399) وأحمد (6/80، 121، 255).

([4]) رواه ابن أبي شيبة وابن عساكر (7/96/2) عن أبي سعيد الخدري (103).

([5]) أخرجه البخاري (1/422، 416) ومسلم (2/66-76) والنسائي (1/115) وكذا أبو عوانة (2/400-401) والبيهقي (4/80) والسياق لهما، وأحمد (6/51) وابن أبي شيبة (4/140)،وصححه الألباني في الصحيحة (2/555).

([6]) لم أجده.

([7]) رواه أبو الحسن الدينوري في جزء فيه مجالس من أمالي أبي الحسن القزويني (ق3/1) بإسناد صحيح وعلقه البخاري (1/437 فتح) ووصله عبد الرزاق أيضًا في «مصنفه» (1/404/1581) وزاد: «إنما أقول القبر: لا تصل إليه».

([8]) إغاثة اللهفان (1/210).

([9]) القرافة مقبرة «بمصر» ينظر تاج العروس (1/667)، وهو اسم قبيلة يمنية جاورت المقابر, فغلب اسمها على كل مقبرة، انظر المعجم الوسيط (3/374).

([10]) انظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية (6/91).

([11]) انظر الأم للشافعي (1/316).

([12]) الدرر السنية (2/202).

([13]) انظر كتاب الزواجر لابن حجر.

([14]) مكان لقضاء الحاجة.

([15]) انظر كتاب «تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد» للإمام الصنعاني.








 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الفصل, القبة, القبر, القول, بناء


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:22

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc