سبب قول البعض في المثل المشهور : الموضوع فيه إنّ!! ⛔
الحمدُ لله ، ﻭﺍﻟﺼﻼﺓُ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡُ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝِ ﺍﻟﻠﻪِ ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟِﻪِ ﻭﺻَﺤﺒِﻪِ ﺃجمعين ، ومَن تَبِعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين .
- أﻣَّﺎ بَعْد -
” فمِنْ ذكاء العرب ونباهتهم! يُقال : (الموضوع فيه إنّ!!) ، فما قصة هذه الـ (إنّ ؟) ، قيل كان في مدينةِ حلَب أميرٌ ذكيٌّ فطِنٌ شجاعٌ اسمه (علي بن مُنقِذ ) ، وكان تابعًا للملك (محمود بن مرداس) ، وحدثَ خلافٌ بين الملكِ والأميرِ ، وفطِن الأمير إلى أنّ الملكَ سيقتله ، فهرَبَ مِن حلَبَ إلى بلدة دمشق ، فطلب الملكُ مِنْ كاتبِه أن يكتبَ رسالةً إلى الأمير عليِّ بنِ مُنقذ ، يطمئنُهُ فيها ويستدعيه للرجوعِ إلى حلَب ، وكان الملوك يجعلون وظيفةَ الكاتبِ لرجلٍ ذكي ، حتى يُحسِنَ صياغةَ الرسائلِ التي تُرسَلُ للملوك ، بل وكان أحيانًا يصيرُ الكاتبُ ملِكًا إذا مات الملك ، فشعَرَ الكاتبُ بأنّ الملِكَ ينوي الغدر بالأمير ، فكتب له رسالةً عاديةً جدًا ، ولكنه كتبَ في نهايتها : (إنَّ شاء اللهُ تعالى) ، بتشديد النون! ، فلما قرأ الأمير الرسالة ، وقف متعجبًا عند ذلك الخطأ في نهايتها ، فهو يعرف حذاقة الكاتب ومهارته ، لكنّه أدرك فورًا أنّ الكاتبَ يُحذِّرُه من شئ ما ؟ حينما شدّدَ تلك النون! ، ولمْ يلبث أنْ فطِنَ إلى قولِه تعالى :﴿إنّ الملأَ يأتمرون بك ليقتلوكَ﴾ ؛ ثم بعث الأمير رده برسالة عاديّةٍ يشكرُ للملكَ أفضالَه ويطمئنُه على ثقتِهِ الشديدةِ به ، وختمها بعبارة : (إنّا الخادمُ المُقِرُّ بالإنعام) ، بتشديد النون! ، فلما قرأها الكاتبُ فطِن إلى أنّ الأمير يبلغه أنه قد تنبّه إلى تحذيره المبطن ، وأنه يرُدّ عليه بقولِه تعالى :﴿إنّا لن ندخلَها أبدًا ما داموا فيهاَ﴾ ، واطمئن إلى أنّ الأمير ابنَ مُنقِذٍ لن يعودَ إلى حلَبَ في ظلِّ وجودِ ذلك الملكِ الغادر “ اﻫـ . بتصرف من كتاب : (المثَل السائر في أدبِ الكاتبِ والشاعر) للعلّامة : ضياء الدين ابن الأثير .
☜ ومنذ تلك الحادثةِ ، صارَ الجيلُ بعدَ الجيلِ يقولونَ للموضوعِ إذا كان فيه شكٌّ أو غموض : (الموضوع فيه إنّ) ..
-- منقول --