الاجرام الخطير - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الاجرام الخطير

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-16, 17:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
yacine414
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الاجرام الخطير

منهجية خطة البحــــث


*- المقدمــــة

الفصل الأول: ماهية الإجرام الخطير

01- المبحث الأول:
*- المطلب 01 : مفهوم الإجرام
*- المطلب 02 : تعريف الإجرام الخطير
*- المطلب 03 : تغير نمط الجريمة

02 - المبحث الثاني: عوامل إنتشار الجرائم الخطير وخصائصها
*- المطلب 01: أبرز أنماط الجرائم الخطيرة
*- المطلب 02: عوامل إنتشار الجرائم الخطيرة
*- المطلب 03: خصائص الجرائم الخطيرة

03- المبحث الثالث: الأسس العلمية و الأمنية لمواجهة الجرائم الخطيرة
*- المطلب 01: الأسس العلمية
*- المطلب 02: ماهية التدريب الأمني
*- المطلب 03: الأسس و المنطلقات اللازمة لتطوير التدريب الأمني


الفصل الثاني: أنواع الإجرام الخطير


01- المبحث الأول: الجريمة المنظمة
*- المطلب الأول: تعريف الجريمة المنظمة{ الأمم المتحدة – الإتحاد الأوربي-منظمة الشرطة الدولية(الأنتربول)}
*- المطلب الثاني: خصائص و أشكال الجريمة المنظمة
*- المطلب الثالث:أثار الجريمة المنظمة في الميادين{ اقتصادي- سياسي-اجتماعي}






02 - المبحث الثاني: تبيــض الأموال
*- المطلب الأول: تعريف تبيض الأموال و أركانها
*- المطلب الثاني:مراحل و صور جريمة تبيض الأموال
*- المطلب الثالث: وسائل إرتكاب الجريمة تبيض الأموال

03- المبحث الثالث: الإرهـــــاب
*- المطلب الأول:مفهوم الإرهاب ( اللغوي، الفقهي، القانون الدولي)
*- المطلب الثاني:أشكال الإرهاب
*- المطلب الثالث:عوامل انتشار الإرهاب

الفصل الثالث: الجهود الإقليمية و الدولية في محاربة الإجرام الخطير

المقدمة

01- المبحث الأول: دور منظمة الأمم المتحدة في مكافحة الإجرام الخطير
*- مطلب الأول:التعاون ما بين الدول في مجال تسليم المجرمين
*- مطلب الثاني: مكافحة المخدرات والأمم المتحدة
*- مطلب الثالث: مكافحة التجارة الغير الشرعية للأسلحة

02- المبحث الثاني: دور المنظمات الإقليمية في مكافحة الإجرام الخطير
*- مطلب الأول:دور المجلسو الإتحاد الأوروبيين
*- مطلب الثاني: منظمة الدول الأمركية
*- مطلب الثالث: جامعة الدول العربية

03- المبحث الثالث: دور المنظمة للشرطة الجنائية ( الأنتربول) في مكافحة الإجرام الخطير
*- مطلب الأول:الأنتربول و مكافحة تبيض الأموال
*- مطلب الثاني: الأنتربول و مكافحة المخدرات
*- مطلب الثالث: الأنتربول ومكافحة الإرهاب

الخاتمــــــــة








نهدي هذا العمل المتواضع إلى كل إطارات وموظفي مدرسة الشرطة طيبي العربي
وعلى رأسهم السيد/ عميد الأول للشرطة وزاني عبد الحميد راجين من المولى عزى وجل أن يتقبل
منه حجه كما نهدي هذا العمل إلى زملائنا في الدفعة الثانية لمفتشي الشرطة و خاصتنا إلى الفصيلة 27 دون أن ننسى أساتذتنا الذين قدموا لنا كل ما احتجناه من دروس نظرية و تطبيقية بكل شفافية تتعلق بطبيعة عملنا و كما لا ننسى ضابط الشرطة قائد مجموعة التدريب و التأطير و جميع العاملين في هيئة التأطير و التدريب












المقدمـــــــــــة
بســــــــــم الله الرحمان الرحيـــــم
إن أول جريمة كانت في الكون و هي قتل قبيل لأخيه هبيل أبناء أدم عليه السلام.
- الجريمة تعتبر الحلقة العملاقة التي تجمع كل أنواع الإجرام مثل القتل ، السرقـــة بنوعيها ، النهب ، التزوير ، الجرائم السياسية و الاقتصادية ، الإرهاب ، تبيض الأموال......إلخ و لذلك رغم الجهود الذي تقوم بها منظمة الأمم المتحدة و الإتحاد الوروبي و الدول العـظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية و الدول العربية في دراسة هذه الجرائم التي تطورت بسرعة حسب تطور العصر و رغم تطور الوسائل التكنولوجية للقمع و مكافحة الجريمة و توفير القوى البشرية بتجهيزات متطورة لنفس الغرض و خلق عدة طرق لمكافحة الإجرام مثل الأنتربـول { الشرطـــة الجنائية الدولية} ....الخ وعقد عدة محاضرات و لقاءات عالمية من أجل التقليل من هذه الجرائم و لكن بدون جدوى .
- فقد تطور الإجرام بسرعة كبيرة شاملا أسلوب و أفكار جديدة وقد تحول من إجرام عادي إلى إجرام خطير مثل الجريمة المنظمة ، حيث أصبح لا يقتصر على أشخاص منحرفين من المجتمع كما نعرفهم و إنما شخصيات معروفة في مجتمعاتنا و إلى علماء في شتى العلوم و قد تطور إلى جرائم سياسية و اقتصادية و حتى إلى إجرام أخطر ألا و هو الإرهاب العالمي الذي أصبح يهدد أمن الدول و استقرارها .
- حيث أصبح الإجرام الخطير يستعمل فيه أسلوب جديد في الخداع و التزوير، السرقـــــة حيث تطور أسلوب الاستعمال من وسائل عادية إلى وسائل جد متطورة مثل استعمال الكمبيوتر، و الأشخاص المنظمين إلى هذا الإجرام أشخص دو مكانة عالية في المجتمع و لا يسهل التعرف عليهم و حتى ينتمون فيها أوناس مثقفين و ذو مستوى علمي واسع حيث إن الإجرام دربته لا تكون من أجل اخد شيء عديم الأهمية وإنما هدفه كبير مثل اختلاس البنوك عن طريق القرصنة بواسطة الأنترنات و السطو على المؤسسات و أيضا تذخل حتى في المنظمات العالمية للتجارة الدولية أي أن هدفها وهو كسب المال بسرعة ة بأقل خسار .
- و بعدما تعرفنا و تكلمنا عن الجريمة و لو بشكل بسيط و ملخص نتطرق إلى الإجرام الخطير وهو موضوع مذكرتنا ، "ماهو الإجرام الخطير وماهي أشكاله وأهدافه وما هي الأساليب و الطرق لمكافحته "؟













ما هية الإجرام الخطيــــــــر

01- المبحث الأول: الإجرام و علاقته بالعولمة
*- المطلب 01 : مفهوم الإجرام
*- المطلب 02 : تعريف الإجرام الخطير
*- المطلب 03 : تغير نمط الجريمة

02 - المبحث الثاني: عوامل إنتشار الجرائم الخطير وخصائصه
*- المطلب 01:أبرز أنماط الجرائم الخطيرة
*- المطلب 02: عوامل إنتشار الجرائم الخطيرة
*- المطلب 03: خصائص الجرائم الخطيرة

03- المبحث الثالث: الأسس العلمية و الأمنية لمواجهة الجرائم الخطيرة
*- المطلب 01: الأسس العلمية
*- المطلب 02: ماهية التدريب الأمني
*- المطلب 03: الأسس و المنطلقات اللازمة لتطوير التدريب الأمني








* ما هية الإجرام الخطـــير*

المبحث الأول: الإجرام وعلاقته بالعولمة

مطلب الأول: مفهوم الإجــــرام
إن مفهوم الإجرام يتحدد من خلال ذلك السلوك الإنساني المنحرف، الذي يترتب عنه ارتكاب الجريمة، وهي تعني مصطلحيا كل انحراف عن المعايير الاجتماعية والثقافية التي تتصف بقدر هائل من التعاقد والالتزام، ويفرق علماء الإجرام بين العديد من أنواع الجريمة أو الإجرام، وفيما يلي أهمها، (كما ورد في مقال هولندي لكاتبه كونيو يحمل عنوان: الجريمة في هولندا):
الإجرام العدائي: وهو يتضمن نماذج مختلفة كالقتل والظلم والتخريب والعنف والتمرد على النظام العام.
الإجرام الجنسي: ويتمثل في القذف والاعتداء على الشرف والاغتصاب وممارسة الجنس على القاصرين من الأطفال
الإجرام المالي: وخير ما يمثله السرقة بمختلف أصنافها، ويضاف إلى ذلك الغش والتهرب الضريبي.
الإجرام الطرقي: وهو كل ما يتعلق بما يرتكب من جرائم من قبل سائقي السيارات، تحت تأثير السكر، وبسبب عدم احترام قوانين المرور، ثم الهروب المتعمد بعد اقتراف حادثة طريقة معينة.
وتضاف إلى هذه السلسلة من الجرائم، جرائم أخرى بدأت تهيمن على المجتمعات الإنسانية الحديثة، كتجارة المخدرات، وامتلاك الأسلحة الممنوعة، والتجاوزات التي تمارس على البيئة، وجرائم الحرب وغير ذلك.

المطلب الثاني: تعريف الإجرام الخطير
يقصد بتعبير * جريمة خطيرة * سلوك يمثل جرما يعاقب عليه بالحرمان من الحرية لمدة قصوى لا تقل عن أربع سنوات أوبعقوبة أشد.
التعريف المتفق عليه من طرف وزراء الداخلية العرب للجرائم الخطيرة : "ظواهر إجرامية أو أفعال غير مشروعة وغير مألوفة تمثل انعكاسا للتغيّرات الاجتماعيّة أو السياسيّة أو الاقتصاديّة أو التكنولوجيّة المعاصرة. وتلحق أضرارا أو تشيع أخطارا بالأفراد والمؤسسات والبيئة المحيطة، وتستوجب تدخل المجتمع بآليات قانونيّة وأمنيّة لمواجهتها والحد منها
ومن خلال هذا التعريف حدّدت الأمانة العامة لوزراء الداخلية العرب 5 خصائص أساسيّة للجرائم المستحدثة وهي:
أوّلا: التعارض مع السلوك الاجتماعي السوي (القانون والأعراف والقيم)
ثانيا: عدم الألفة (سلوكيات جديدة وغير مسبوقة، طرق وأساليب جديدة في ارتكاب هذه الجرائم)
(02)

ثالثا: الارتباط بالمتغيّرات المعاصرة (الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والتكنولوجيّة)
رابعا: الإضرار بالمجتمع
خامسا: ضرورة التدخل بآليات تشريعيّة وأمنيّة.
الجرائم الخطيرة كما وردت في التعريف آنف الذكر حيثما يكون الجرم ذا طابع عبر وطني وتكون ضالعة فيه جماعة إجرامية.ذ
تعريف جماعة إجرامية منظمة: يقصد * جماعة إجرامية منظمة* جماعة محددة البنية، مؤلفة من ثلاثة أشخاص أوأكثر ، موجودة لفترة من الزمن وتقوم معا بفعل مدبر بهدف ارتكاب واحدة أوأكثر من الجرائم الخطيرة أو الجرائم المقررة وفقا لهده الاتفاقية، من أجل الحصول ، بشكل مباشر أوغير مباشر ، على منفعة مالية أومنفعة مادية أخرى.
متى يكون الجرم عبر وطني؟
يكون الجرم ذا طابع عبر وطني إذا:
أ- ارتُكب في أكثر من دولة واحدة.
ب- ارتُكب في دولة واحدة ولكن جرى جانب كبير من الإعداد أو التخطــيط له أو توجيهه أو الإشراف عليه في دولة أخرى.
ج- ارتُكب في دولة واحدة، ولكن ضلعت في ارتكابه جماعة إجراميــة منظمة تمارس أنشطة إجرامية في أكثر من دولة واحدة.
د- ارتُكب في دولة واحدة، ولكن كانت له آثار شديدة في دولة أخرى.

المطلب الثالث: تغيــــــر أنماط الجريمة
من بين الإفرازات الأساسيّة للعولمة والمتعلّقة بالعالم الإجرامي تفاقم ما يعرف بالجرائم التقليديّة عرفت تطوّرا كميّا بحيث تفاقم الظواهر الإجراميّة نتيجة تفاقم العوامل الإجراميّة والمناخ الإجرامي المناسب لها مثل ارتفاع نسب البطالة، وتفاقم أزمة النزوح والهجرة، والحد من الدور الذي كانت تقوم به الأسرة... إضافة لكل ذلك أصبح المجتمعات تعاني من ظهور ما يسمّى بالجرائم المستحدثة والتي أصبحت تنافس الجرائم التقليديّة سوى على مستوى عدد مرتكبيها وعدد ضحاياها وخاصة في مستوى كيفيّة ارتكاب هذا النوع من الجرائم.
".. شهد هذا العصر جرائم متعدّدة منها جرائم الحاسبات الآلية، وشبكة المعلومات الدوليّة، والاعتداء على نظم بطاقات الائتمانيّة والاتجار في الأسلحة الصغيرة... وتطوّر أشكال الإرهاب المعاصر والإجرام المنظم"


(03)

المبحث الثاني: *عوامل انتشار الجرائم الخطيرة و خصائصه*
المطلب الأول: أبرز أنماط الإجرام الخطيرة
هناك العديد من التصنيفات التي تنطبق على هذه الجرائم، ووفقا لمكتب الإعلام الأمني العربي (2005) فإنه يمكن تصنيفها إلى: الجرائم التي تنطلق من دوافع اقتصادية، والجرائم التي تنطلق من دوافع سياسية، والجرائم التي تنطلق من خلل في القيم الأخلاقية، وأخيرا الجرائم التي تعتمد على بروز التقنية الحديثة، وهو ما سيتم عرضها فيما يلــــــــي:
1. الجرائم التي تنطلق من دوافع اقتصادية: وتتمثل في الجرائم المنظمة، والجرائم المرتبطة بالتجارة الإلكترونية، وجرائم غسيل الأموال، وجرائم التهريب، وأخيرا جرائم الاتجار في المخدرات.
2. الجرائم التي تنطلق من دوافع سياسية: ومن أمثلتها؛ جرائم الإرهاب، وتكوين تنظيمات سرية، والاغتيالات السياسية.
3. الجرائم التي تنطلق من خلل في القيم الأخلاقية: ومن أبرزها: جرائم الاتجار بالنساء والأطفال، وجرائم صناعة وتهريب الأفلام الجنسية، والفساد الإداري.
4. الجرائم التي تعتمد على بروز التقنية الحديثة: ومن أبرزها: جرائم الحاسب الآلي، ونظم المعلومات، وجرائم المتاجرة بالأعضاء البشرية ونقلها.

المطلب الثاني: عوامل انتشار الإجرام الخطير
تعد ظاهرة الجريمة إحدى الظواهر التي تتأثر كثيرا بما يحدث من تغيرات في المجتمع، وخصوصا التغيرات التقنية التي تحدث في مجالي الاتصالات والمعلومات، ويشير القرني إلى أن ما حدث من تسارع في تلك التقنيات أدى إلى تطور واحتراف الجريمة، بمعنى أن هذا التطور المتمثل في ظهور أنماط حديثة من الجرائم غير المعروفة سابقا أو التطور في أساليب ارتكاب الجرائم التقليدية قد يؤدي تبعا لذلك إلى وضع نشاطات المجرمين بعيدا عن أيدي رجال العدالة، نظرا لما تمتاز به هذه الجرائم من خصائص وتميزها عن الجرائم التقليدية، سواء من حيث ارتكابها أو من حيث كيفية ضبطها.
ويشير درويش إلى أن الجريمة كظاهرة اجتماعية سابقة في الوجود قبل حدوث هذه التغيرات الاجتماعية والثقافية في أي مجتمع، وهنا يمكن القول: إن تطور الجريمة عملية مواكبة ومصاحبة لتطور الاقتصاد والثقافة، ومن ثم فقد تغير اسم الجريمة تبعا لتطورها ولاستخدام آليات حديثة في تنفيذها، وأصبحت تسمى الجرائم المستجدة.

(04)

وعلى سبيل المثال فبالرغم من بروز الجرائم المنظمة منذ فترة طويلة إلا أن حجمها وآثارها تضاعف كثيرا نتيجة التغيرات السريعة التي تحدث في المجتمع، لا سيما استخدام التقنيات الحديثة وتقنية الاتصالات ، ولم تعد الحدود الزمانية أو المكانية أو القوانين حائلا أمام ارتكاب الجرائم.
-إ ن دراسات علم الجريمة تشير إلى أنه عمليا ينشأ عن كل تطور تقني مستحدث وفي أي لحظة وفي أي مرحلة من مراحل تطورها ظاهرة إجرامية خاصة بها ومنبثقة من هذا التطور التقني، ويلاحظ ذلك بشكل مباشر على تقنية المعلومات بشكل واضح، وذلك نظرا للإمكانات المستحدثة التي تتوفر في الآلة الحديثة، لا سيما السرعة وسهولة التنفيذ المنحرف، والأهم من ذلك إخفاء أدلة ارتكاب الجريمة وصعوبة كشفها.
العوامـــــل:
وهناك العديد من العوامل التي تساعد على تطور الجرائم وتحويلها لجرائم خطيرة، ومن أبرزها:
سهولة انتقال الأفراد من الدول النامية للدول الصناعية، وما يصاحب ذلك من اكتساب ثقافات أخرى أو التصارع معها، وبروز جرائم الإرهاب في المجتمعات النامية ضد مواطنيها، وذلك لاستغلال التطور الإعلامي، وعرض الأجندة
السياسية للمنظمات المتطرفة، وأخيرا عولمة الاقتصاد والاتصالات التي أدت إلى بروز جرائم اقتصادية جديدة ومعقدة.
ولأن التغير الاجتماعي والثقافي الذي يحدث في كل المجتمعات الحديثة والنامية يفرز العديد من النشاطات الروتينية للفرد التي تساعد على ارتكاب الجريمة ضده من خلال العديد من العوامل التي أشار إليها فيلسون وكوهين، ومن أبرزها تمركز الحياة اليومية خارج المنزل، وزيادة عدد الأسر النووية والفردية، وزيادة عدد النساء العاملات، وزيادة عدد الطلاب في المدارس، وزيادة وقت قضاء وقت الفراغ خارج البيت، والزيادة في المقتنيات الثمينة وصغيرة الحجم.
ولأن نجاح الجريمة وفقا لهذا المنظور يتحقق بشكل مباشر عند توفر الفرصة وفقا لنظرية الفرصة، ؛ والقرني ، فإن ذلك يجعل المجرم يحرص على استخدام التقنيات الحديثة في ارتكاب أي جريمة لا يمكن ضبطها، أو استخدام التقنيات الحديثة لارتكاب جرائم تقليدية بأساليب حديثة تتميز بسرعة ارتكاب الجريمة وفي الوقت ذاته يصعب على رجال الأمن ضبطه والسيطرة عليه متلبسا.





(05)

المطلب الثالث: خصائص الجرائم الخطيرة
تتميز الجرائم الخطيرة بعدد من الخصائص التي تميزها عن الجريمة التقليدية، ويعرض (اليوسف، والمكتب العربي للإعلام الأمني، 2005) عددا من تلك الخصائص، ومن أهمها:
1. استخدام التقنية الحديثة والأساليب المبتكرة في كل عملية، حيث يلاحظ بشكل بارز أن تخطيط وإعداد وتنفيذ أي من هذه الجرائم يعتمد على استخدام التقنية الحديثة، إما كأدوات مباشرة للتنفيذ كما هو الحال في جرائم الكمبيوتر، أو باستخدام التقنية الحديثة في التواصل بين أعضاء الجريمة.
2. تدويل الجريمة الخطيرة وإخراجها من الحدود الوطنية والإقليمية، حيث لم تعد الآثار المترتبة على تلك الجرائم تمس حدود الدولة الوطنية التي وقعت بها.
3. تعدد جنسيات الأشخاص والمنظمات المرتبطين بها، حيث يشترك في التخطيط والإعداد والتنفيذ وجني مكاسبها، وكذلك ضحاياها، أفراد من جنسيات متعددة، والأخطر أنها تتم وفق منظمات مؤسسية، ذات إمكانات ومهارة عالية، وقد تفوق إمكانات المؤسسات الأمنية التي ستتابعها.
4. عدم توافق الظرف الزماني والمكاني بين الجاني والضحية، حيث إن عنصري الزمان والمكان كانا من أبرز المتغيرات المساعدة على ارتكاب الجريمة في السابق، وأصبحت الجريمة المستجدة ترتكب متحررة من هذين العنصرين.
5. ارتفاع تكلفتها وآثارها على الأبنية الاجتماعية مقارنة بالجرائم التقليدية، فمثلا اختلاس أكبر قدر من النقود من خزانة بنك بالطريقة التقليدية تقل عن تدمير قواعد البيانات وتحويل النقود لبنك ما إلى حسابات في بنوك أخرى خارج إقليم البنك.
6. عدم ظهور غالبية هذه الجرائم عادة في الإحصاءات الجنائية الرسمية، وذلك لعدة أسباب منها: عدم وجود قوانين تجرم تلك الجرائم، أو قلة عدد هذه الجرائم مقارنة بالجرائم التقليدية، أو عدم وجود نماذج تصنيف تحدد جوانب الاستحداث في استمارات التسجيل الجنائي، أو عدم علم المجني عليهم بما ارتكب بحقهم من جرائم، أو لصعوبة معرفة الجاني من قبل المجني عليه.
7. ارتفاع مستوى المهارة في درجة استخدام أحدث التقنيات لتنفيذ جرائمهم، بحيث يلاحظ أن غالبية المجرمين المتورطين في هذه الجرائم من المتعلمين والمثقفين على خلاف غالبية الجرائم التقليدية.
8. بروز عنصر الحداثة وعدم الألفة، حيث تعد تلك الجرائم وفقا للقرني (1426) جرائم متجددة، ومتطورة، في ذاتها، ويستمر هذا التطور مع بروز تقنيات حديثة أو اكتشاف فرص أساليب ارتكاب جرائم بطرق حديثة، وهو ما يحقق الاحتراف.

(06)

9. هلامية مصطلح الاستحداث في هذه الجرائم؛ حيث إن ما يمكن أن يكون اليوم مستجدا قد لا يصبح بعد سنتين أو ثلاث أمرا مستجدا، لا سيما إذا اكتشفت تقنيات أحدث يمكن من خلالها ارتكاب الجريمة.
10. الحاجة الملحة للتدخل بآليات تشريعية وأمنية مواكبة؛ حيث إن خطورة تلك الجرائم وآثارها تتطلب التأكد من وجود تشريعات قانونية تجرم تلك الأفعال من جهة، ومن جهة أخرى تتطلب ضرورة مواكبة
11. الأداء الأمني للسيطرة على هذه الجرائم، سواء من حيث تأمين التقنيات التي تساعد على كشف تلك الجرائم، وفي الوقت ذاته التدريب المستمر لرجال الأمن للتعامل مع هذه الجرائم.
وهنا يلاحظ أن هذه أبرز الخصائص التي توضح وتبرز مدى تقليدية أو حداثة الجريمة، وأن عملية الاستحداث في الجريمة المعاصرة تشكل عبئا أمنيا إضافيا، وتتطلب من الجهات الأمنية ضرورة السعي حثيثا بأساليب مستحدثة من أجل السيطرة الأمنية، ليس من أجل الضبط فحسب بل من أجل محاولة المنع أو على الأقل التخفيف من فرص وقوع هذه الجرائم المستجدة.

المبحث الثالث: *الأسس العلمية والأمنية لمواجهة الإجرام الخطير*
المطلب الأول: الأسس العلمـــــــــية
تتطلب الجرائم المستجدة الحاجة الماسة والملحة للتدخل بآليات تشريعية وأمنية مواكبة لها من أجل الوقاية منها ومواجهتها وضبط مرتكبيها، لا سيما أنه اتضح أن من أبرز خصائصها استخدام التقنية الحديثة والأساليب المبتكرة في تنفيذها، وتدويل معالجتها وإخراجها من الحدود الوطنية والإقليمية، وارتفاع مستوى مهارة منفذيها.
وأنه برز العديد من التحديات الصعبة التي تواجهها المؤسسات الأمنية للسيطرة على حركة واتجاه الجريمة؛ ومن أبرزها: محلية أساليب المعالجة الأمنية وفقا للأنواع التقليدية للجريمة، والنقص الحاصل في التأهيل والتدريب المتخصص المناسب للتعامل مع الجرائم الخطيرة و المستحدثة، لا سيما أن هذا النقص موجود سلفا للتعامل مع الجرائم التقليدية.
و أن نجاح مواجهة الجرائم الخطيرةوالمستجدة يتطلب الاعتماد بشكل مباشر على مجموعة من الأسس، من أبرزها:
1. الاعتماد على المنهج العلمي، سواء في التخطيط الاستراتيجي الأمني وفي أساليب أداء القطاعات الأمنية المعنية بمكافحة الجريمة.
2. الاستفادة من التقنيات المستخدمة في المجالات الأمنية؛ سواء من الأجهزة المتطورة في الاتصال والانتقال والتفتيش والمراقبة وجمع المعلومات وتحليلها، وفي التوثيق وتحليل الشخصية وجميع التقنيات التي تظهر حديثا ويمكن الاستفادة منها.


(07)
3. تحليل ودراسة الأحداث الأمنية تحليلا علميا دقيقا، وذلك لاستنباط واستقراء ما تحويه هذه الجرائم من دلالات يمكن الاستفادة منها للوقاية من تلك الجرائم وسرعة ضبط مرتكبيها، والاستفادة منها في إطلاع رجال الأمن على كل مستجدات الجريمة، وتدريبهم على كيفية التعامل معها وقاية وضبطا.
4. تشجيع البحث العلمي في مجال البحوث الأمنية، وذلك بإنشاء مراكز دراسات فاعلة ودعمها بكافة متطلبات البحث، ماديا وإجرائيا، وذلك من أجل دراسة المشكلات المستجدة في العمل الأمني من أجل الوصول للأساليب الفاعلة في مواجهة الجرائم المستحدثة.
5. توجيه العمل الأمني لضرورة المبادأة في مواجهة الجرائم المستجدة، وذلك لأن الانتظار لحين وقوع الجرائم سيزيد من صعوبة الأداء الأمني.
6. التركيز على تعميق جسور التعاون مع الجمهور، باعتباره السند الحقيقي لمؤازرة رجل الأمن، وتفعيل آليات التعاون والتحفيز، سواء من خلال مؤسسات المجتمع المدني أو من خلال تطبيق شرطة المجتمع.
7. دعم المؤسسات الأمنية بالكوادر البشرية اللازمة، نظرا لوجود نقص حاد في الكوادر البشرية التي تعمل في مجال الوقاية من الجريمة ومكافحتها.
8. الارتقاء بمستوى تأهيل وتدريب رجل الأمن بما يواكب المتغيرات المستجدة، وذلك من خلال الاختيار المحكم للمرشحين للعمل في المؤسسات الأمنية، والتدريب المستمر على التعامل الأمثل للوقاية من حدوث الجرائم المستجدة وسرعة ضبط فاعلها.
9. تعميق روافد التعاون الدولي في المجالات الأمنية، لا سيما أن من أبرز خصائص هذه الجرائم المستجدة و الخطيرة في نفس الوقت البعد الدولي في تنفيذها وظهور نداءات حديثة وجادة، بما يسمى "عولمة العمل الشرطي".
ومن هنا يمكن القول: إنه مهما حققت الجريمة من تطور فإن مقدرة وكفاءة رجل الأمن كفيلة بمواكبتها والحيلولة دون وقوعها والقبض بيد من حديد على مرتكبيها، لا سيما إذا حرصت المؤسسات الأمنية على التعامل العلمي مع هذه التغيرات وما قد تحدثه من مجالات يمكن استغلالها استغلالا سيئا في الانحراف والإضرار بالآخرين، وهي غايات يطمح رجل الأمن ومن بعده المؤسسة الأمنية ومن بعدهما المواطن في تحقيقها.
المطلب الثاني: ماهية التدريب الأمنــي
هناك العديد من الخبراء الذين ناقشوا موضوع التدريب كوسيلة لنقل المعارف والاتجاهات والمهارات، وفق خطوات علمية محددة، ومن أبرز تلك التعريف أنه "تجهيز الفرد للعمل المثمر والاحتفاظ به على مستوى الخدمة المطلوبة "، ويختزل ويلز التعريف العملي للتدريب، في أنه يتلخص في " نقل معرفة أو مهارة محددة وقابلة للقياس".

(08)


وفيما يتعلق بالتدريب الأمني فيعرفه الكبيسي بأنه " الجهود العلمية التي تقوم بها الإدارات التدريبية التابعة للأجهزة الأمنية والمتعاونة معها لتلبية الاحتياجات الفعلية الناجمة عن مشكلات ميدانية أو نقص في كفاءة الأفراد أو الهادفة إلى تحسين مستويات أدائهم وتطوير قدراتهم، من خلال إكسابهم المعارف وتنمية مهاراتهم وغرس الاتجاهات الإيجابية لسلوكهم من أجل مساهمتهم في تحقيق أهداف الأجهزة التي يعملون فيها بكفاءة وفاعلية وتمكينهم من مواجهة التحديات المجتمعية والدولية التي تحيط بهم ".
وقد أورد اليوسف أن "الجهود المبذولة لإعداد رجل الأمن لمواجهة الجرائم المستجدة لا تقتصر على تزويد الأشخاص بالمعلومات وإعدادهم فكريا وعقليا لمواجهة الحياة فقط وإنما رفع كفاءة رجال الأمن وتحسين قدراتهم ومهاراتهم في القطاع الأمني لمواجهة جميع المستجدات".
إن مصطلح التدريب الأمني ظهر بديلا لمصطلحات عديدة وشائعة كمصطلح التدريب الشرطي والتدريب في المجالات الأمنية وتدريب رجال الأمن والشرطة حتى جاءت توصية مسؤولي التدريب في الأجهزة الأمنية العربية في اجتماعهم الخامس باعتماد مصطلح " التدريب الأمني" سيما أنه برزت العديد من الإدارات المختصة والمعاهد والكليات والأكاديميات المختصة في هذه المجالات على امتداد الوطن العربي، وأصبح هناك مجلات ودوريات علمية مختصة في العلوم الأمنية بصفة عامة والتدريب الأمني بصفة خاصة.
ويضيف عبدالرحمن أن برنامج التدريب الأمني لابد أن يتسم بالترابط والتكامل بين مكوناته، والتفاعل المستمر مع البيئة المحيطة، وبالتالي المرونة والقابلية المستمرة للتغيير والتبديل، وفقا لحركة التغير في المجتمع، وهذا يعني أن تطور معدلات الجريمة الكمي والنوعي من أبرز المؤشرات العامة التي تفرض ضرورة مواكبة برامج التدريب الأمني لهذه المتغيرات.
وعلى هذا الأساس فإن ما يحدث من تقدم علمي وتطور تقني يستوجب ضرورة مواكبة هذه التطورات وتوظيفها في عمليات التدريب ذاتها، سواء ما يتعلق بالنظريات العلمية الحديثة أو فيما يتعلق بالتقنيات الحديثة التي يمكن استخدامها في زيادة فاعلية التدريب وتحقيق أهدافه.
وقد ارتبط التدريب الأمني بظهور العمل الأمني المبني على أسس علمية منذ بداية القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا، ويشير فولد (Fuld) إلى أنه ركز على عمليات حفظ القانون وأسس مكافحة الجريمة والإشراف القوي والسيطرة وحدود السلطة التي تضمن تحقيق الأداء الفعال للشرطة، كأهم العناصر التي تضمن تحقيق العمل الأمني بكفاءة وفاعلية .
أن معدل حجم ونوع الجريمة في تطور وتعقد مستمر وفقا للإحصاءات المحلية والإقليمية والعالمية، ومن أجل السيطرة عليها فإنه يجب تطوير الأساليب والوسائل والآليات المناسبة في الوقاية من الجريمة ومكافحتها، وهنا يبرز التدريب كأحد المحاور الرئيسة لتحقيق مبدأ السيطرة، ومن ذلك فلابد أن تكون برامج التدريب الأمني مستمرة ومبادرة في الوقت ذاته، وليس هذا فحسب بل إن عدم مواكبة التدريب لما يحدث من تغيرات سيؤدي حتما لتخلف الأجهزة الأمنية عن السيطرة على الجريمة عند الحدود المقبولة.


(09)
وتبرز أهمية التدريب الأمني من طبيعة العمل الأمني ذاته، حيث إن العمل في المجالات الأمنية يختلف عن سواها من المجالات والأنشطة الحياتية الأخرى، حيث إن حراسة المنشآت أو الشخصيات الهامة، أو أعمال الاقتحام لأوكار المجرمين والقبض عليهم، أو حتى البحث عن مجرم محترف ارتكب جريمته وطمس جميع المعالم التي تدل على ارتكابه للجريمة، كل ذلك لا يمكن مقارنته بأي أعمال أخرى.
كما أن ممارسة هذه المهام السابقة لا تتطلب المجازفة بالقيام بها دونما معرفة وخبرة واتجاه يضمن تنفيذ هذه المهام بكفاءة وفاعلية، لا سيما أن أفراد المجتمع بما فيهم المجني عليهم ينظرون بترقب حاد لمدى نجاح العمليات الأمنية، ويركزون انتقاداتهم على ما قد يحدث من سلبيات يقع فيها رجل الأمن بل المؤسسات الأمنية ذاتها، لا سيما أن لديهم الصلاحيات اللازمة لتحقيق أهدافهم.
وفي ضوء التحديات التي أفرزها التغير الاجتماعي والثقافي، لا سيما ما برز في مطلع القرن الحادي والعشرين فإن قضية التدريب الأمني تتطلب ألا يعد جهدا ثانويا، فإنه يجب أن يكون نشاطا أساسيا، ومستمرا، وشاملا لعموم العاملين في المؤسسات الأمنية، لا سيما أنه لم يعد مقصورا على التعامل مع المشكلات التقليدية.
ومن هنا تتطلب السيطرة الأمنية على الجرائم الخطيرة ضرورة التركيز على التدريب الأمني، وتغيير الأساليب والأهداف التقليدية التي كانت برامج التدريب الأمني تصمم على أساسها، حيث إن هذه الجرائم لا تتم بالأساليب التقليدية المعروفة ولم تعد الآثار التي تحدثها يسيرة كما كانت في الجرائم التقليدية، وهو ما يتطلب مواجهة جرائم غير تقليدية.

المطلب الثالث: الأسس والمنطلقات اللازمة لتطوير فلسفة التدريب
أحدثت التغيرات الاجتماعية المتسارعة التي تمر بها المجتمعات تغيرا في حجم ونوع الجريمة، وبرز ما يسمى بالجرائم المستجدة الخطيرة، وهذا بدوره فرض ضرورة تغيير فلسفة العمل الأمني وضرورة تطويره لمواكبة هذه التغيرات، أن هناك مجموعة من العوامل التي تتطلب تغيير فلسفة العمل الأمني، وهي قضية في حقيقتها تتطلب ضرورة مواكبة برامج التدريب الأمني للمتغيرات المستجدة، ومن أبرز تلك العوامل:
التطور الكبير الذي تشهده كافة مجالات الحياة، ومنها المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بما فيها المجالات الأمنية ذاتها، والتقدم العلمي في شتى فروع المعرفة، والعلوم الحديثة التي سادت المجتمعات الحديثة، في ظل التطور التقني الذي برز في كافة جوانب الحياة، وتمثل في العديد من المبتكرات العلمية الحديثة التي يستخدمها الإنسان ولم تكن معروفة من قبل، وما صاحبه من ازدياد معدل الجريمة



(10)

وبروز جرائم مستجدة الخطيرة لم تكن معروفة من قبل، وبروز الجرائم المنظمة على المستوى الوطني والدولي.
ويرى درويش أن نجاح الاستراتيجية الأمنية لمواجهة الجرائم الخطيرة المستجدة يعتمد على مجموعة من الأسس، ويأتي من أبرزها الارتقاء بمستوى تأهيل وتدريب رجل الأمن بما يواكب المتغيرات المستجدة، وذلك من خلال الاختيار المحكم للمرشحين للعمل في المؤسسات الأمنية، ولتدريب العاملين على التعامل الأمثل للوقاية من حدوث الجرائم المستجدة الخطيرة وسرعة ضبط فاعلها.
وتنطلق الفلسفة الحديثة من أن التدريب الأمني بات ضرورة حتمية ويرتبط بجميع العاملين، وأن عنصر الخبرات السابقة لن يعد معيارا لفعالية أداء رجل الأمن، لا سيما أن التغيرات الاجتماعية والثقافية أدت إلى تغيير أساليب ارتكاب الجرائم التقليدية، بل وأفرزت جرائم لم تكن معروفة من قبل، والأهم من ذلك أن هناك تقنيات حديثة وأساليب حديثة يمكن استخدامها في تطوير الأداء الأمني وتعزيز فعاليته في الوقاية من وقوع الجرائم المستجدة، وسرعة ضبط فاعليها.
وتتطلب الفلسفة الحديثة لبرامج التدريب الأمني المناسبة لمواجهة الجرائم الخطيرة التركيز على مرحلتي الإعداد والتكوين لرجل الأمن، من أجل إعداده لمواكبة هذه الجرائم، والتركيز على الجانب الوقائي والحيلولة دون وقوعها، والتخفيف من الآثار التي تترتب على هذه الجرائم.
وهناك العديد من الأسس والمنطلقات اللازمة لتطوير فلسفة التدريب ومواكبتها لمستوى التعامل والسيطرة على هذه التغيرات الاجتماعية والثقافية، وما نجم عن ذلك من ضمن إفرازات سلبية ساهمت في بروز الجرائم المستجدة الخطيرة، ويرى درويش والألفي أن من أبرز تلك الأسس:
1. اعتبار قضية التدريب الأمني لرجل الأمن ضرورة أمنية وحتمية، وترتبط بجميع العاملين في القطاع الأمني وبجميع الوظائف.
2. استحداث موضوعات أمنية تتعلق بإدارة الأزمة والحس الأمني والقيادة الأمنية والحاسب الآلي وقواعد المعلومات، والتركيز على تصنيف وإحصاء الجرائم المستحدثة.
3. استحداث برنامج كامل للبانوراما الأمنية يتم فيه عرض آخر ما ارتكب من جرائم من خلا ل أشخاصها الطبيعيين حسب دور كل منهم من واقع أحداث ارتكابها.
4. استحداث منهج اصطناع المواقف الأمنية ( الفرضيات ) والتخطيط لمواجهتها.
5. انتهاج منهج المحاكاة لتضييق الهوة الفاصلة بين التصورات النظرية وبين الممارسة الميدانية.
6. استحداث منهج تعميق جسور التعاون مع الجمهور وخاصة المثقفين منهم باعتبارهم السند الحقيقي في مواجهة تطور الجرائم المستجدة.
7. ترسيخ مفهوم الأمن كمهمة حضارية سيما في الدول النامية.
8. إبراز دور المواطن وأهميته لرجل الأمن، والتركيز على تطوير العلاقة الإيجابية معه.

(11)

9. ضرورة استشراف المستقبل وتطوير الأهداف التدريب لمواكبة التغيرات المستجدة.
10. الاهتمام بالبحث العلمي.
11. الاستفادة من تطوير القيادة الأمنية.
12. الاستفادة من التقنيات الحديثة في مواجهة الجريمة.
13. التوسع في افتتاح معاهد ومراكز التدريب الأمني حسب التخصص والحاجة الفعلية.
ومن المتوقع أن يؤدي تطبيق هذه الأسس إلى سرعة مواكبة برامج التدريب الأمني للتغيرات المستجدة، بل ويمكن الارتقاء بعملية التدريب ذاتها إلى تصميم برامج تدريب أمنية سابقة لبروز جرائم مستجدة، من خلال الاستشراف العلمي لتلك الظواهر المنحرفة وفي ظل ما يحدث من تطورات تقنية وثقافية.
7- الاتجاهات الحديثة في تنفيذ الفلسفة الحديثة لبرامج التدريب الأمني
أدى تطور أساليب ارتكاب الجريمة وبروز جرائم جديدة لم تكن معروفة من قبل إلى بروز العديد من الاتجاهات الحديثة التي برزت لتنفيذ الفلسفة الحديثة لبرامج التدريب الأمني، فهناك العديد من الأساليب، وفقا ومن أبرزها:
1. تطبيق مبدأ الجودة الشاملة في إدارة التدريب الأمني: حيث برزت نظرية الجودة كأحدث النظريات العلمية في مجال الإدارة، وحقق تطبيقها أعلى درجات الكفاءة والفاعلية في قطاع إدارة الأعمال، وفي إدارة الخدمات التي تقدمها مؤسسات الإدارة العامة، وقد حقق تطبيقها في المجالات الأمنية العديد من الإنجازات، فقد أشار تميم (1999) إلى أن شرطة دبي نفذت العديد من الإنجازات في مجال تجويد الخدمات، وأنه ترتب على تلك الإنجازات جودة الأداء الأمني الذي تقدمه الشرطة لجمهور المستفيدين.
أنه لا ينبغي النظر إلى عملية التدريب على أنها تختلف عن المهام الأخرى من حيث الحاجة إلى تطبيق مفاهيم الجودة الشاملة، مؤكدا على أن جودة التدريب تتطلب إعطاءه أهمية بالغة، لا سيما أن التدريب أحد أساليب تطبيق مبادئ الجودة ذاتها.
وتعني الجودة الشاملة أن ثقافة المنظمة تتحدد أساسا وتتدعم بمدى قدرتها على الوفاء بحاجات ورغبات العملاء والوفاء بهذه الحاجات باستمرار، وذلك من خلال نظام متكامل من الأدوات والأساليب والتدريب، وهذا يعني أن تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة في إدارة برامج التدريب الأمني يعد تحسينا مستمرا لكل الأنشطة والعمليات المتعلقة ببرامج التدريب الأمني، بدءا بتحديد الاحتياجات التدريبية وانتهاء بتقييم مخرجات التدريب، وذلك لضمان إنتاج برامج تدريبية ذات جودة عالية، وتساهم بشكل مباشر في كفاءة الأداء الأمني وفعاليته.



(12)



ومن هنا، فإذا كانت وظيفة مؤسسات التدريب عموما ومؤسسات التدريب الأمني على وجه الخصوص تتبنى التدريب على تطبيق مبادئ إدارة الجودة في الخدمات التي تقدمها المؤسسات الأمنية للجمهور، ومن أبرز مبادئ إدارة الجودة التي حددها إدوارد دمينج التدريب والتعليم المستمر لمنسوبي المؤسسة، فإن ذلك يتطلب مبادرة مؤسسات التدريب الأمني ذاتها بتبني الاتجاهات الحديثة في الجودة، لا سيما أنها المؤسسات المتوقع استفادتها من مبادئ الجودة وبالتالي إعادة تعميم هذه الاتجاهات الإدارية الحديثة على المؤسسات الأمنية الميدانية، التي تحتاج الخدمات التطويرية في أدائها.
2. تشجيع التعلّم الذاتي: ويعرف التعلّم الذاتي بأنه "أسلوب للتعلم يركز على جهد ذهني يقوم به المتعلم ذاته وحسب قدرته دون مساعدة وسيط بشري، وإنما باتباع توجيهات محددة وواضحة تمكنه من اكتشاف المعلومات الصحيحة وتدله على كيفية التغلب على أية صعوبات تواجهه" أنها طريقة مناسبة وفعالة في اكتساب اللغات والعلوم الرياضية، وإضافة لذلك فيمكن استخدامه للتعلم الذاتي في برامج الحاسب الآلي كبرنامج العروض (Power Point) وبرنامج الجداول (Excel) ؛ ولذلك فإن توافر برامج للتعلم الذاتي في المجالات الأمنية سيساعد كثيرا على ارتفاع تأهيل وتدريب رجل الأمن من جانب، كما سيساعد رجل الأمن على الانفتاح على التقنية الحديثة.
و أن هذا النوع من أساليب التعلم أثبت فاعليته في إمداد المتدرب أو المتعلم بالمعلومات والمعارف المطلوبة، وتنمية القدرة لديه في تعليم ذاته، عن طريق العمل الذاتي والبحث عن المعلومة من مصادر المعرفة، وهذا ما سيسمح للمتدرب ذاتيا بأن يناقش ويفكر ويحلل ويركّب وأخيرا يطبق المعارف التي تلقاها في مهام عمله، فمثلا التعلّم الذاتي على كيفية استخدام أحد أجهزة التنصت من خلال برنامج حاسوبي أو كتيب يحدد خطوات التشغيل وكيفية الإخفاء وكيفية الصيانة وفق معارف ومهارات تطبيقية في البرنامج فإن ذلك يساعد رجل الأمن على حسن استخدام هذه التقنيات وتحقيق مبدأ الكفاءة والفاعلية المطلوبة.
ومن هنا يمكن القول: إن التعلّم أو التدرّب الذاتي لرجل الأمن يساعد على سرعة تعلّم المتدرب، بل ويساعد على إمكانية العودة للتدرّب مرات عديدة دون عناء أو ذهاب للمؤسسة التدريبية، والأهم أنه يساهم في ارتقاء معارف ومهارات رجل الأمن وبالتالي الارتقاء بالعمل الأمني ككل، ويمكن أن تكون هذه الوسائط منشورات أو مطويات ورقية، أو برامج حاسوبية، أو أشرطة صوتية أو مرئية، وذلك حسب المعارف أو المهارات المطلوب إيصالها للمتدرب ذاتيا، وتلعب إمكانات إدارة التدريب المادية والفنية والمعرفية والمهارية دورا في تصميمها.
3. اعتماد البحث العلمي أساسأً لتطوير خطط وبرامج التدريب الأمني: حيث يعد البحث العلمي أساس التقدم والتطور في أي مجال من مجالات الحياة، كما أنه يساعد الباحث على فهم الظواهر وتفسيرها والغوص في أعماقها، بمعنى أن غياب هذا الأساس وهذه المنهجية سيؤدي إلى الحصول على نتائج قاصرة، وغير دقيقة، إن توسيع أعمال البحث العلمي في مجال مكافحة الجريمة وعرضها على رجال الأمن سيساهم في نقل النتائج والتوصيات التي يتوصل إليها الباحثون لرجال الأمن الميدانيين، وبالتالي ستزيد من الإثراء الفكري وستساهم بالتالي في زيادة الأداء المهاري لهم.
(13)
و أن البحث العلمي يمثل حجر الزاوية في تطوير برامج التدريب، لا سيما إذا عرف أن للبحث العلمي أهدافاً ووظائف عديدة، ومن أبرزها:
وصف الظواهر المبحوثة بدقة، والتنبؤ بما قد يحدث من ظواهر في المستقبل، وتفسير وشرح كيفية حدوث الظواهر المبحوثة، وهي أهداف لو استخدمت في تطوير عملية التدريب بشكل موضوعي لحققت مبدأ الكفاءة والفاعلية لبرامج التدريب الأمنية، ولأصبح هناك تطور ملموس في تحسين عملية التدريب، وفي الأداء الأمني على وجه الخصوص، لا سيما إذا انطلقت الدراسة من المبادئ الحديثة للإدارة، وتحديدا مبدأ الجودة الشاملة، وعلى هذا الأساس يمكن استخدام مناهج البحث العلمي في مرحلة تحديد الاحتياجات التدريبية، وفي تحديد ورسم الأهداف التدريبية المراد التدريب عليها، ويمكن أن يتعدى ذلك لتحديد المحتوى العلمي المطلوب، كما يمكن تقييم فعالية البرنامج التدريبي والتأكد مما حقق من أهداف.
4. إعادة تدريب المدربين: حيث باتت عملية إعادة تأهيل المدربين من أبرز القضايا الملحة، لا سيما في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية وما تفرزه من آثار سلبية على مختلف الظواهر الاجتماعية والأمنية، ولأن هؤلاء المدربين هم الأداة الرئيسة في نقل المعارف والمهارات لزملائهم العاملين في الميدان، فإن ذلك يتطلب أن يكون لدى هؤلاء المدربين أعلى المعارف والمهارات الأمنية اللازمة.
و ضرورة إعادة تأهيل المدربين من أجل مواكبة التحديات الأمنية المستجدة، لا سيما أن الحاجات التدريبية مما أفرزه
التقدم العلمي والتطور التقني في مجال مواكبة هذه التغيرات المستجدة تكمن في التدريب على التقنية الحديثة، واستخدامها في التدريب.
و هناك مجموعة من الطرق التي يمكن من خلالها تدريب المدربين، وتبدأ عادة بدورات إعداد المدربين ( Training of Trainers ) والتي تصمم للمرشحين للعمل في مجال التدريب في المعاهد والمراكز التدريبية، وهناك الحلقات التدريبية التي يمكن للمدربين الممارسين الالتحاق بها، وهناك الندوات والمؤتمرات التي يمكن عقدها حول المستجدات في فلسفة وطرق التدريب.
وبناء على ما سبق تكتمل الاتجاهات الحديثة لتصميم وتنفيذ برامج التدريب الأمني التي يمكن من خلالها ضمان مواكبة الجرائم المستجدة، وتحقيق أعلى درجات فعالية الأداء الأمني المطلوب تحقيقه في المؤسسات الأمنية.





(14)

أنواع الإجرام الخطيــــــــر


01- المبحث الأول: الجريمة المنظمة
*- المطلب الأول: تعريف الجريمة المنظمة{ الأمم المتحدة – الإتحاد الأوربي-منظمة الشرطة الدولية(الأنتربول)}
*- المطلب الثاني: خصائص و أشكال الجريمة المنظمة
*- المطلب الثالث:أثار الجريمة المنظمة في الميادين{ اقتصادي- سياسي-اجتماعي}

 02 - المبحث الثاني: تبيــض الأموال
*- المطلب الأول: تعريف تبيض الأموال و أركانها
*- المطلب الثاني:مراحل و صور جريمة تبيض الأموال
*- المطلب الثالث: وسائل إرتكاب الجريمة تبيض الأموال

 03- المبحث الثالث: الإرهـــــاب
*- المطلب الأول:مفهوم الإرهاب ( اللغوي، الفقهي، القانون الدولي)
*- المطلب الثاني:أشكال الإرهاب
*- المطلب الثالث:عوامل انتشار الإرهاب














المبحث الأول: * الجريمة المنظمــــة *

المطلب الأول: مفهــــوم الجريمة المنظمة:
أ- تعريف الأمم المتحدة:إن أبرز مساهمة للأمم المتحدة فيالتصدي لتحديد الجريمة المنظمة هو ما جاء في إتفاقية باليرمو، الموقعة عام 2000 بشأن مكافحة الجريمة المنظمة العبرة للحدود الوطنية حيث عرفت الجريمة المنظمة" بأنها تعني الجرائم المرتكبة من أعضاء تنظيم إجرامي عندما تشكل على الأقل جزاء من الأنشطة الإجرامية لهدا التنظيم" ة يقصد بالتنظيم الإجرامي .
وفقا لمشروع الإتفاقية المذكورة كل جماعة مشكلة من شخصين على الأقل لإرتكاب إحدا الجرائم الواردة في هذا المشروع ،و هي الإتجار في المخدرات و المؤثرات العقلية ، الإتجار في الأشخاص ، الإعتداء على الملكية الفكرية و تزويرالعملة و أعمال التهديد و سلب الأموال إضافة إلى سرقة السيارات و الإتجار فيها و المتاجرة بالسلع المهربة وإفساد الموظفين العمومين.
ب- تعريف الإتحاد الأروبي: عرف الإتحادالأروبي سنة 1995 الجريمة المنظمة على أنها" مشاركة بين أكثر من شخصين على مدى طويل أو غير محدد يشتبه في إرتتكابهم جرائم خطيرة ، يعلمون من أجل الربح أو السلطة و يكون لكل عضو مهمة محددة في التنظيم الإجرامي و قد حدد الإتحاد الأروبي خصائص الجريمة المنظمة في إحدى عشرة بندا و هي :
01- الإشتراك بين أكثر من شخص
02- أعمال خاصة تسند لكل واحد من الأفراد
03- يكون العمل لمدى طويل و غير محدد
04- يكون العمل بشكل إنضباطي أو مراقب
05- القيام بأعمال إجرامية خطيرة
06- العمل على المستوى الدولي
07- اللجوء إلى إستعمال العنف و التهديد
08- إقامة منشأت تجارية أو ذات صبغة تجارية
09- القيام بتبيض الأموال
10- ممارسة السلطة و التأثير على الهيأت السياسية و الأوساط الإعلامية والإدارة
11- العمل منأجل الكسب والربح و الصول إلى السلطة و لكي توصف الجريمة بأنها منظمة يقدر الإتحاد الأروبي وجود توفر ستة خصائص على أكثر
ج- تعريف منظمة الشرطة الدولية{ الأنتربول}: الجريمة المنظمة هي الأنشطة الصادرة عن تنظيمات أو جماعات ذات التشكيل الخاص و التي تهدف إلى تحقيق الربح بالطرق غير الشرعية و تستخدم ذلك النشاط الصادر عن التهديد و الرشوة لتحقيق الأهداف المعتبرة.




(15)


المطلب الثاني: خصائص و أشكال الجريمة المنظمة

أ- خصائص الجريمة المنظمة: تتميز الجريمة المنظمة بالخصائص التالية:
- الإحترافية – التخطيط – التعقيد – النفود – إستعمال العنف – إستخدام الأخصائين
- الإنغماس في الأعمال الشرعية مثل عملية تبيض الأموال.
ب-أشكال الجريمة المنظمة:
01-صور الجريمة المنظمة:الجريمة المنظمة تتميز في غالب الأحيان بالحيلة و الإحترافية في طريقة تنفيدها ، إسم على مسمى يميزها عنبقية الجرائم ، و طريقة التنظيم المحكم لبلوغ الهدف بأدنى خطورة وأكثر منفعة فنشطاتها يرتكز على أفعال إجرامية تتمثل في:
- الإتجارالغير المشروع في المخدرات
- الإتجار الغير المشروع فيالأسلحة
- سرقة اللوحات الفنية و القطع الأثرية
- الإتجار غير المشروع في المعادن النفيسة
- سرقة السيارات – الهجرة السرية- تزير الوثاءق و إستعمالها – تبيض الأموال – تزييف و ترويج العملة المزورة – إستغلال الأطفال جنسيا ......الخ
02- نمادج من الجريمة المنظمة:هناك عدد قليل من القوى الإجرامية التي تستحق أن تسمى مافيا لكي تصبح هذا القوى كذلك يجب أن يكون لها تاريخ طويل و يشترط للإنخراط فيها أداء القسم بالإنتساب الكلي لها و كل محاولة التخلي عن القسم يؤدي حتما إل الموت.
و المافيا تنظيم هرمي و سري ، تعيش في إنسجام تام مع محيطها الإجتماعي و الإقتصادي و السياسي مثل المافيا الإيطالية و الصينية و اليابانية...الخ.
- وصلت قوى إجرامية أخرى إلى هذا المستوى من التنظيم الهرمي والسري مثل التكتلات الكولومبية و المكسيكية و كذا المجموعات الروسية إلى مستوى عال من القوة الإجرامية جعل منها هياكل خطيرة ، و أبرز أمثلة على ذلك عصابات التالوثيات الصينية ، عصابات الياكوزا اليابانية و العصابات الألبانية ...إلخ.









*المرجع: مجلة الدرك الوطني العدد الثالث عشر/جوان2007 *



(16)

المطلب الثالث: أثار الجريمة المنظمة

01 –في الميدان الإقتصادي: الجريمة تكلف الدول في سائر الأقطار خسار مالية فادحة ، حيث أصبح المهاجرون غير الشرعيون يشكلون أيضا عبئا ثقيلا على الدولة و ذلك من خلال صرف الدولة أموالا معتبرة قصد التكفل بإرجاعهم إلى أوطانهم الأصلية ، كما يعتبر تبيض الأموال دربا من دروب الفساد المالي والإقتصادي.
02- في الميدان الإجتماعي: تتمثل الأنشطة التي تمارسها العصابات الإجرامية خطرا على النسيج الاجتماعي فالمخدرات ينتج عن استهلاكها ضرر كبير لصحة الفرد و حيلته و سلوكه ، مما يؤدي إلى بروز أفات اجتماعية خطيرة تهدد أمن المجتمعات .
أما الهجرة غير الشرعية تزيد من حدة المشاكل التي تطرحها بالتواجد الهائل للمهاجرين غير الشرعيين الذين يعتبرون مصدر خطر بالإضافة إلى كون الظاهرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالتهريب نلهيك عن المشاكل الصحية الناتجة عنها مرض العصر" السيد" فتزايد هذه الظاهرة يمكن أن يؤدي على المدى العيد إلى عدم التوازن الاجتماعي و ظهور أقليات ساكنة يمكن أن تستغل من طرف القوى الأجنبية لإثارة الفتن و تهديد الأمن الداخلي للدول.
03-في الميدان السياسي: تتسلل الجريمة المنظمة في أحيان عديدة إلى أعماق الإدارة و الهياكل السياسية فتزعزع المعاير الأخلاقية و تسبب الإحباط نتيجة لما تحدثه من أثار تجتاح كل جوانب المجتمع، و يعد أسلوب الرشاوى و التبرعات للحملات السياسية من الأساليب الرئيسية التي تسعى إليها المنظمات الإجرامية قصد بسط نفوذها السياسي .
بهذا الشكل تعتبر الجريمة المنظمة إخطبوط حي يحترف كل أشكال الإجرام بغية تحقيقه المأرب مالية ،اقتصادية، اجتماعية، و حتى السياسية، ما أضحى واجبا على المجتمع الدولي التجند له حفاظا في ذلك على سلامة الكل من أخطار هذه الظاهرة العالمية.

المبحث الثاني: * تبيــــض الأمـــوال *
المطلب الأول: لقد نظم المشرع الجزائري جرائم تبيض الأموال القسم السادس مكرر من الفضل الثالث الباب الثاني من الكتاب الثالث من المواد المادة:389 مكرر إلى 389 مكرر07 من القانون العقوبات الجزائري رقم: 04-15 المؤرخ في 10 نوفمبر 2004 كما نص بعض الجرائم في القانون رقم:05/01 في المواد 31 إلى 34.





(17)







تعريف تبيض الأموال: هي كل سلوك ينطوى على اكتساب أموال او حيازتها او التصرف فيها أو إدارتها او حفظها او استبدالها او إيداعها او ضمانها او استثمارها او نقلها او تحويلها او التلاعب فى قيمتها إذا كانت متحصل من جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون العقوبات مع العلم بذلك متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال او تمويه طبيعته او مصدره او مكانه او صاحب الحق فيه او تغير حقيقته او الحيلولة دون اكتشاف ذلك او عرقلة التوصل الى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال .فالتبيض سلوك ينطوى على اكتساب أموال أو حيازتها بقصد إخفاء المال او تمويه طبيعته او مصدره الجريمة .
أركان جريمة تبيض أموال:جريمة غسل الأموال كغيرها من الجرائم لها جانبان جانب مادى تتمثل فيما يصدر عن مرتكبيها من أفعال وما يترتب عليها من آثار اى المظهر الذى تبرز به الى العالم الخارجى وهو ما يطلق عليه الركن المادى .
أما الجانب الثانى فهو جانب نفسى يتمثل فى الإدراك والتمييز ( الاهلية الجنائية ) - والإثم الجنائى الذى يتمثل فيما يدور فى نفس مرتكبها اى ما يتوفر لديه من علم وما يصدر عن إرادته وهو ما يطلق عليه الركن المعنوى اى الإرادة الآثمة التى يقترن بها الفعل .
وتطبيق على ذلك على جريمة غسل الأموال نحو الاتى :
الركن المفترض :وهو الجريمــة الأصلية أو الأولية فجريمة تبيض الأموال تعد جريمة اثر او نتيجة و ثم فهى تفترض وجودا مسبقا لجريمة جنائية حقق مرتكبها فائدة او منفعة مباشرة او غير مباشرة وهذه الجريمة السابقة هى ما نص عليها القانون العقوبات الجزائري المادة ( 389 مكرر)
الركن المادى :هو سلوك اجرامى يصدر من الفاعل لتحقيق نتيجة معينة لذا فان عنصر السلوك او النشاط الاجرامى فى ظل القانون المصرى يتسع مفهومه ليشمل السلوك الايجابى إضافة الى الامتناع او النشاط السلبى . . وهذا السلوك ينطوى على اكتساب الاموال او حيازتها او التصرف فيها أو إدارتها أو حفظها او استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها او التلاعب فى قيمتها .
الركن المعنوى :هو علاقة تربط بين ماديات الجريمة وشخصية الجانى تتمثل فى سيطرة الجانى على الفعل واثاره وجوهر هذه العلاقة العلم والإرادة .
والقصد الجنائى نوعين احدهما عام وهــو علم الجانى بأن المال موضوع الغسل متحصل من إحدى الجرائم المنصوص عليها فى القانون العقوبات الجزائري واتجاه إرادته لذلك .
والأخر خاص وهو تعمد نتيجة معينة أو ضــرر خاص ، فجريمة تبيض الأموال جريمة عمدية يلزم لوقوعها توافر القصد الجنائى لدى الجانى بعنصريه العلم والإرادة اى يجب ان يعلم الجانى ان المال محل الغسل متحصل من إحدى الجرائم التى نص عليها القانون .

(18)

القصد الجنائى الخاص :بالإضافة إلى القصد الجنائى العـام استلزم القانون توافر القصد الجنائى الخاص من القانون الى ان المقصود من غسل الاموال إخفاء المال او تمويه طبيعته او مصدره او مكانه او صاحبه او صاحب الحق فيه او تغير حقيقته دون اكتشاف ذلك او عرقلة التوصل الى شخص من ارتكب الجريمـة المتحصل منها المال وقد توافر العلم بطبيعة المال
المطلب الثاني: مراحل و صور جريمة تبيض الأموال
أ- مراحل تبيض الأموال: يقتضـى القيام بعملية تبيض الأموال عدة خطوات تمهيدية سابقة على القيــام بعملية التبييض أو الغسل ، وسنبيـن هذه الخطوات ثم نتحدث عن عناصر عملية تبيض الأموال والمراحل التى تمر بها واستغلال البنوك خلال تلك المراحل .
الخطوات التمهيدية لعملية تبيض الأموال :الملاحظ ان جريمة غسل الأموال لا تتم فى خطوة واحـدة بل عبر خطوات ومراحل متتابعة ومتلاحقة محددة بدقة عالية حتى لا تترك مجالا للشك فى مشـروعيتها لا ن الخطورة لا تكمن فقط فى مصادرة الأموال موضوع الغسل والقبض على القائمين عليــه ، بل تتجاوزها الى كشف الجرائم المصدر التى أنتجت الأموال موضوع الغسل.
فقبل البدء فى عملية الغسل يلجأ الجانى الى الخطوات التالية :
01-التخطيط : يتم التخطيط مسبقا لعمليات غسل الأموال ويركز هذا التخطيط على رسم تصور لعملية الغسل ووضع البرنامج الزمنى الذى سيستغرقه التنفيذ والتوقيتات المثلى لكل أداء ومسار كل عمل وبالشكل الذى يضمن عدم وقوع اى انحراف عن المرسوم أو اى خطأ وتحديد كل جزئيات الغسل التالية :
*- الإيداع النـقدى : للأموال التى سيتم غسلها لدى البنك او البنوك المحددة وبالشكل الذى لا يثير اى شبهات لدى موظفى البنوك .
*- عمليات الخداع والتمويه : المختلطة بالأكاذيب وبالواقع المزيف .
*- مزج الأموال القـــذرة : بأموال نظيفة بشكل لا يمكن التمييز بينهما
*- الدمج وإدخال الأموال : القذرة الى النظام المصرفى المحلى والعالمى .
02- تحديد الأطراف المشاركة ودور كل منها : فى كل جزئية من جزيئات عملية الغسل ، حيث يتم اختيار المشاركين فى العملية من شركات او مؤسسات او هيئات أو أفراد وتحديد العمل الذى سيقوم به كل منهم وحدود المسموح له بها والقيود التى لا يجوز تجاوزها والضوابط التى لا يجب عليه الخروج عنها.


(19)
03- إدارة وتوجيه عمليات الغسل : والتنسيق بين القائمين على التنفيذ بحيث يلتزم كل مشارك بتنفيذ ماهو مطلوب منه .وهذا التخطيط الجيد المسبق وإدارته يهدف الى تحقيق أمرين :
الأول : إضعـاف قوى المكافحة والمقاومة وجعلها لا تستطيع النفاذ الى القائمين بعملية الغسل والتسليم بأنهم غير مجرمين وبأن نشاطهم مشروع .
الثانى : التأكيد على الحذر التام فى عمليات التنفيذ .
04- المتابعة والملاحقة والتدخل الفورى السريع : حيث تتم متابعة عملية التنفيذ وملاحقته والتدخل الفورى السريع بمجرد الشعور او الشك بأن هناك انحرافا عما هو مخطط ومرسوم لتنفيذ العملية وهذه المتابعة وقائية لإحكام عملية التنفيذ وعدم السماح بأى قصور فيها .
ب- صور غسل الأموال:لجريمة تبيض الأموال أربعة عناصر رئيسية لا تتم الجريمة بدون احدها ومن الأهمية هده العناصر وهى :
01- الأموال القذرة : التى سيتم غسلها وتسمى مدخلات منظومة غسل الأموال ، وهى الأموال الناتجة من إحدى الجرائم المعاقب عليه القانون والتى تمثل الجرائم المصدر التى أنجبت الأموال القذرة التى سيتم غسلها ، ولذا ينبغى على موظف البنك المختص الإلمام بهذه الجرائم ، وذلك حتى يستطيع التمييز بين الأعمال المصرفية المشتبه فيها وبين الأعمال النظيفة .ولئن كان القانون قد توسع الى حد كبير فى مفهوم الجرائم المصدر تمشيا مع التوجه الدولى ، إلا أن هذا يلقى مسئولية كبيرة على عاتق البنوك لمعرفة ماهية هذه الجرائم وهو عبء لا يستطيع الموظف المختص حمله بمفرده ولذا يتعين على البنوك إعداد دليل للجرائم المصدر مع شرح مبسط لماهية كل منهما ، ووضعه تحت نظر الموظفين المختصين بعمليات المكافحة ، ولذلك للرفع من قدراتهم الفنية فى هذا المجال.
02-مصـدر زائـف : ابتدعه غاسل الأموال ويدعى انه مصدر الأموال التى لديه والتى سيتم غسلها وتطهيرها ويحرص نبيض الأموال على أن يبدو هذا المصدر الزائف ظاهريا أى انه هو الذى اكتسب الأموال عن طريقه ، حتى لا يتطرق الشك الى شرعيته .
03- الأنشطة الخادعة : التى سيتم اللجوء إليها لإخفاء الأموال القذرة ومزجها بالتدفقات النقدية المتولدةعن الأنشطة المشروعة .
04- أطراف التنفيذ : التى ستتولى القيام بعملية الغسل ، وستتولى أيضا إحداث شخصية جديدة للمجرم مالك الأموال القذرة لتقديمه الى المجتمع فى شكل شخص نظيف محل ثقة بعيدا عن ماضيه السىء .






(20)

المطلب الثالث: وسائل ارتكاب الجريمة تبيض الأموال
أولا : استغلال البنوك كواجهة :تتطلب عملية تبيض الأموال استخدام البنوك كواجهة ولذا تلجأ عصابات غسل الاموال الى استغلال بنك ليكون الواجهة المباشرة والنهائية للأموال القذرة .
وتهتم تلك العصابات بالبنوك الكائنة فى دول تتضاءل فيها الرقابة على عمليات غسل الاموال .
وقد كان بنك الاعتماد والتجارة الدولى المثال الواضح على ذلك حيث سمح عن قصد لغاسلى الاموال خاصة المتحصلة من جرائم المخدرات باستغلاله .
ثانيا: الحسابات السرية وحسابات مجهولة الهوية :رغـم أن الاتجاه المصرف الآن يحظر فتح حسابات سرية او بأسماء مجهولى الهوية تطبيقا لقاعدة ( اعرف عميلك ) إلا أن تلك الحسابات لا زالت تستخدم فى بعض الدول .التبييض بالقرض المضمون اى قيام غاسل الأموال بإيداع أمواله القذرة فى بنك بإحدى الدول التى لا تهتم بمصدر النقود ثم يقوم بتحريك هذه الاموال الى إحدى الدول التى بها رقابة شديدة على تبيض الاموال ويقوم بإنشاء مشروع له فى تلك الدولة ويقترض من احد البنوك بها بضمان يكون عادة خطاب ضمان غير مشروط من البنك المودع به أمواله القذرة والتى يجعلها غطاء للضمان ولا يسدد المقترض قيمة ما اقترضه فى موعد الاستحقاق فيقوم البنك باسترداد أموال القرض من البنك الضامن عن طريق مصادرة خطاب الضمان والذى غطاؤه الاموال القذرة
*التبييض من خلال أسواق المال: من المعـــروف أن أسواق المال مجال آمن لتبيض الأموال من خلال عمليات تلجأ إليها عصابات تبيض الاموال فى شراء وبيع الأسهم والسندات عن طريق استغلال البورصات خاصة تلك التى تقل فيها الشفافية وتكون رقابة الدولة عليها ضعيفة أو عن طريق تأسيس شركات سمسرة فى شكل شركات مساهمة تكون مملوكة لهذه العصابات.
01- استخدام المؤسسات المالية غير المصرفية فى التبيض :تقوم عصابات تبيض الاموال باستغلال المؤسسات المالية غير المصرفية التى تقوم بقبول ودائع الاموال او استبدال العملات وخاصة محلات الصرافة فى عمليات غسل الاموال سواء الإيداع أو السحب أو التحويل أو شراء أو بيع العملات الأجنبية .
02- استخدام النشاطات التى تعتمد على النقد :كما يتم أحيانا التبيض بممارسة النشاطات التجارية التى تعتمد على النقد مثل تجارة السلع المعمرة – تجارة السيارات – المطاعم- القرى السياحية حتى يسهل خلط الاموال القذرة بايرادات تلك الأنشطة المشروعة وإيداعها البنوك .
*التبيض من خلال التأمين: ومن المجالات الهامة التى تلجأ إليها عصابات غسل الأموال مجال التأمين خاصة فى العمليات التأمينية الكبيرة حيث يتم التأمين على تلك العمليات بمبالغ كبيرة ويتم سداد أقساط التأمين نقدا من اموال قذرة خارج البنوك وعند الحصول على التأمين يتم إيداع قيمته بالبنوك كأموال نظيفة .
المرجع: قانون العقوبات 04/15و القانون 06/23 و القانون 05/01 المتعلق بالوقاية من تبيض الأموال و تمويل الإرهاب ومكافحتها** محاضرة المؤرخة في: 17/12/2007 بمجلس القضاء غليزان الملقاة من طرف السيد/ قرماط زيان مستشار بالمجلس{ علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية * إحترام حقوق الإنسان و مكافحة الجريمة*
(21)
المبحث الثالث: * الإرهـــــــــــاب *
المطلب الأول: مفهــوم الإرهـــــاب
مما لاشك فيه أن هناك مشكلات عديدة تنشأ عند تعريف مفهوم الإرهاب وتحديد أبعاده، حيث تختلف نظرة كل مجتمع من المجتمعات للمفهوم، ومن ثم لمن هو الإرهابى. فالإرهابى فى نظر البعض مناضل أو مكافح أو مجاهد، وهو مجرم فى نظر البعض الآخر، وفى محاولة لتحديد المفهوم نتناول النقاط التالية:
01- الاتجاهات الرئيسية فى تعريف الإرهاب:على الرغم من أهمية تعريف الإرهاب كأساس لتحديد معالم الظاهرة إلا أنه لا يوجد تعريف محدد متفق عليه لتعريف ظاهرة الإرهاب.
والإرهاب ليس مجرد عمليات مثيرة، إنما هو نمط من أنماط استخدام القوة فى الصراع السياسى، وهو استخدام قد تمارسه الجماعات السياسية أو الحكومات من أجل التأثير على القرار السياسى لغيرها، وهناك العديد من المشاكل التى تحيط بالمفهوم وتجعل من الصعب إيجاد تعريف محدد للإرهاب. ومن أهم هذه المشاكل تشعب ظاهرة الإرهاب وتعدد أشكاله وأهدافه وتنوع الدوافع لارتكاب هذه الجريمة، فضلاً عن ممارسات القوى الكبرى وبعض الدول التى تستخدمه أو تشجع عليه واختلاف مصالح الدول ومحاولة كل مجموعة دولية فرض وجهة نظر تتفق مع مصالحها أو خلفياتها التاريخية، إضافة إلى اختلاط صور العنف السياسى بالإرهاب، كما أصبح الفرق غير واضح بين الإرهاب وبين الجرائم السياسية والجريمة المنظمة وديكتاتورية الدولة، بل تجاوزالأمر إلى اختلاط مفهوم الإرهاب مع بعض صور الحرب والأشكال الأخرى للعنف ومنها حركات التمرد والعصيان والانقلابات وغيرها ..
1 - التعريف اللفظى أو اللغوى:هناك اتجاه لدى بعض الباحثين لتعريف مفهوم الإرهاب تعريفاً لغويا بمعنى التركيز من قبل عدد من الباحثين أو الدارسين لظاهرة الإرهاب على المعنى اللغوى للمف هومظهرت كلمة إرهاب TERREUR لأول مرة فى اللغة الفرنسية عام 1355 وجاءت من اللغة اللاتينية TERROR ولها ما يقابلها فى جميع اللغات الأوروبية وهى تعنى فى الأصل خوفا أو قلقاً متناهياً من تهديد غير مألوف وغير متوقع. ويعرفه قاموس اكسفورد بأنه مصطلح سياسى يرجع إلى جماعة اليعقوبيين التى عرفت بأعمالها الإرهابية العنيفة إبان الثورة الفرنسية ما بين 1793و 1794. والإرهابى هو كل من يحاول تعزيز أفكاره وآرائه باستخدام التهديد والإكراه بالعنف. وأصبح مفهوم الإرهاب TERRORISM حالياً مفهوماً شائعاً فى أوساط وسائل الإعلام العالمية لكنه لا يتسم بتحديد صارم لمعناه


(22)



ويثير الفحص اللغوى للإرهاب مجموعة من المشكلات يتعلق أولها بالفرق بين التطرف والإرهاب. فالتطرف يرتبط بمعتقدات وأفكار بعيدة عما هو معتاد ومتعارف عليه سياسياً واجتماعياً ودينياً دون أن ترتبط تلك المعتقدات والأفكار بسلوكيات مادية متطرفة أو عنيفة فى مواجهة المجتمع أو الدولة. أما إذا ارتبط التطرف بالعنف المادى أو التهديد بالعنف كما سيأتي ذكره فإنه يتحول إلى إرهاب، إذ أن التطرف دائما فى دائرة الفكر، أما عندما يتحول الفكر المتطرف إلى أنماط عنيفة من السلوك من اعتداء على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح أو تشكيل تنظيمات مسلحة تستخدم العنف فى مواجهة المجتمع والدولة فهو عندئذ يتحول إلى إرهاب.
2 - مساهمات الفقه والقانون الدولى:إن في القانون الدولى هناك أربع مجموعات من الأحكام الدولية التى تعرف الإرهاب بتعداد صوره وتدينها. ومنها قواعد العرف الدولى التى استقرت على تحديد بعض أعمال العنف الموصوفة بالإرهاب مثل القرصنة البحرية أو الجوية كخطف السفن والطائرات وإبادة الجنس البشرى كإبادة جماعة عرقية معينة كما فى الأحداث التى تعرض لها مسلمو البوسنة على يد متطرفى الصرب اليوغوسلاف. وانتهاك قواعد القانون الدولى الإنسانى فى الصراعات المسلحة والتى تم تدوينها فى اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، وفى البروتوكولين المكملين لها لعام 1977.ويؤكد بعض فقهاء القانون الدولى على أن أعمال الإرهاب هى من قبيل الجرائم ضد الإنسانية على غرار الجرائم السابق ذكرها والتى وردت ضمن المشروع الذى وضعته لجنة القانون الدولى التابعة للأمم المتحدة حول الجرائم ضد الإنسانية وفى غيرها من الاتفاقيات الدولية ومنها وقد بذل فقهاء القانون الدولى والمتخصصون جهوداً ملموسة فى مجال تعريف الإرهاب وتحديد طبيعته وتوضيح جوانبه وذلك من خلال الاتجاه الحصرى لصوره وأشكاله. فأصبح هناك تفاهم عام عالمى حول كثير من صور الأعمال الإرهابية مثل الاغتيال بسبب دوافع سياسية، وتفجير العبوات الناسفة بشكل عشوائى، واحتجاز الرهائن، وتغيير مسار الطائرات باستخدام القوة أو التهديد بها أو تفجيرها، وقصف المناطق المدنية والسكان المدنيين أثناء الحروب وانتهاك القانون الدولى الإنسانى أو توقيع عقوبات جماعية على سكان منطقة معينة أو ممارسة أعمال الإبادة البشرية ضد طائفة أو أقلية معينة أو تهديد أرواح الأبرياء لإثارة الذعر والخوف فى المجتمع للتأثير على القرار السياسى للحكومات أومحاولة إسقاطها.
تعريف الإرهاب: بأنه العنف المنظم بمختلف أشكاله والموجه نحو مجتمع ما أو حتى التهديد بهذا العنف سواء أكان هذا المجتمع دولة أو مجموعة من الدول أو جماعة سياسية أو عقائدية على يد جماعات لها طابع تنظيمى بهدف محدد هو أحداث حالة من الفوضى وتهديد استقرار هذا المجتمع لتحقيق السيطرة عليه أو تقويض سيطرة أخرى مهيمنة عليه لصالح القائم بعمل العنف.

(23)





المطلب الثاني: أشكال الإرهــــاب
أولا:تعدد أشكال الإرهاب:تعددت أشكال العمليات الإرهابية وتأثرت بتطور وسائل تنفيذ هذه العمليات من عمليات الاغتيال والقتل بالسيوف القصيرة على يد افراد الى عمليات التفجير بالطائرات كما فى أحداث نيويورك وواشنطن فى 11 سبتمبر عام 2001.
-01الاغتيالات:عرفت الظاهرة الإرهابية صورة الاغتيالات التى تعددت وسائل تنفيذها وتطورت عبر العصور ابتداء من اغتيال يوليوس قيصر فى قلب ميدان كورى بروما حتى اغتيال هنرى الرابع وسادى كورنو والقيصر الاسكندر الثانى فى روسيا والملك الاسكندر ملك يوغوسلافيا الى أشهر عمليات الاغتيال السياسى فى القرن العشرين ومن أهمها حادثة اغتيال الأمير رودلف ولى عهد النمسا والتى ارتكبها إرهابى صربى وكانت سببا لاشتعال الحرب العالمية الاولى، واغتيال الرئيسى الامريكى جون كيندى فى الستينيات، واغتيال الرئيس المصرى انور السادات فى 6 اكتوبر عام 1981م بأسلحة نارية اتوماتيكية،. كما استخدمت فى عمليات الاغتيالات العبوات الناسفة كما فى حالة اغتيال عصابة شتيرن اليهودية للكونت السويدى فولك برنادوت الوسيط الدولى فى الصراع العربى الاسرائيلى فى 17 سبتمبر عام 1948، وكما فى اغتيال راجيف غاندى على يد المتطرفين التاميل فى عام 1987.
كما طورت بعض الدول، خاصة اسرائيل وسائل تنفيذ عمليات الاغتيالات باستخدام الطائرات والصواريخ الموجهة كما فى عملية اغتيال زعيم حركة الجبهة الشعبية الفلسطينية مصطفى أبو على فى اغسطس عام 2001 وغيرها من الاغتيالات لنشطاء وقيادات الانتفاضة الفلسطينية الثانية. كما استخدمت بعض الدول الأسلحة البيولوجية فى تنفيذ اغتيالاتها السياسية وهى عمليات إرهابية من منظور القانون الدولى ومنها عملية اغتيال المخابرات السوفيتية للزعيم والمعارض الأوكرانى ستيفان بانديرا بحقنه بحقنة بها مواد سامة على أيدى أحد عملائها ، والمحاولة الفاشلة التى حاول الموساد الاسرائيلى ارتكابها ضد المتحدث باسم حركة حماس بالأردن خالد مشعل فى 25 سبتمبر عام 1997. كما استخدمت فى عمليات الاغتيال الإرهابية الوسائل التقليدية ومنها المدية أو السكاكين والخناجر الصغيرة الحجم كما فى المحاولة الفاشلة لاغتيال الكاتب المصرى والأديب العالمى نجيب محفوظ .




(24)

2- المذابح البشرية الجماعية:ويطلق عليها احيانا عمليات الابادة البشرية وهى لا توجه ضد فرد معين انما تمارس ضد مجموعات بشرية كبيرة الحجم من قبل تنظيمات إرهابية وعسكرية متطرفة أو أجهزة تابعة للدولة. واستخدمت فى تنفيذها جميع وسائل القتال التى عرفها العالم، فاستخدمت الثورة الفرنسية فى عهد روبيسبير السيوف والآلات الحادة فى قطع رأس 140 ألف فرنسى. ومارس المهاجرون الأوربيون فى امريكا الشمالية عمليات ابادة بشرية ضد الهنود الحمر بالأسلحة النارية التقليدية، بينما استخدمت المنظمات الصهيونية قبل نشأة دولة اسرائيل الأسلحة النارية والمدفعية الرشاشة والمواد شديدة الانفجار (ومنها مادة تى ان تى) فى ارتكاب المذابح ضد العرب والفلسطينيين كما فى دير ياسين وكفر قاسم وهى نفسها الوسائل التى استخدمها الصرب فى مذابح الابادة البشرية ضد مسلمى البوسنة والهرسك فى منتصف القرن العشرين وهو ما تكرر ايضا فى التسعينيات من القرن العشرين ومنها ايضا مذابح رواندا وبوروندى. اما الاتحاد السوفيتى السابق فى عهد ستالين فاستخدم مواد شديدة الانفجار لإبادة اقليات التتر والشيشان والقرقيز فى القوقاز، واستخدم أيضا اسلوب الترحيل الاجبارى إلى المناطق الباردة فى سيبيريا. كما استخدمت بعض الدول فى تنفيذ عمليات الابادة البشرية الجماعية المواد الكيماوية والبيولوجية على غرار ما اقدمت عليه بعض الدول فى الحرب العالمية الاولى والثانية كاليابان التى القت قنابل بيولوجية على مدينة ناناكينج الصينية، بينما استخدمت الولايات المتحدة القنبلة النووية لأول مرة فى التاريخ ضد مدينتى هيروشيما وناجازاكى فى اغسطس عام 1945 مما أدى الى مصرع 195 الف مدنى. وتعتبر عمليات فرض عقوبات جماعية او حصار سكان اقليم معين اثناء الصراعات المسلحة احد انماط عمليات الابادة البشرية.
اختطاف واحتجاز الرهائن:وهى تعتبر إحدى أهم صور العمليات الإرهابية التى عرفها العالم. ويعرف هؤلاء الخاطفون فى القانون الدولى بإسم القراصنة ، فخاطفو الطائرات يطلق عليهم قراصنة الجو، بينما خاطفو السفن يطلق عليهم قراصنة البحر.
وكان أول حادث اختطاف لطائرة مدنية فى بيرو عام 1930. ومنذ بداية الستينيات اشتدت معاناة المجتمع الدولى من هذه الظاهرة التى اعتبرت أخطر عمليات الإرهاب. وشهدت أوربا عمليات اختطاف عديدة للطائرات بين شرقها وغربها فى هذه الفترة فى اطار الحرب الباردة، حيث قامت بتنفيذ هذه العمليات منظمات مدعومة من مخابرات تلك الدول. وقامت بعض الدول أو احد اجهزتها بارتكاب هذه الجريمة كما فعلت فرنسا فى عام 1956 عندما اقدمت على اختطاف طائرة مدنية ترفع العلم المغربى وعلى متنها خمسة من قادة الثورة الجزائرية كانوا فى طريقهم الى الرباط للاشتراك فى مؤتمر يضم ممثلين عن الحكومة الفرنسية نفسها للبحث عن حل للقضية الجزائرية، واختطاف اسرائيل لطائرة لبنانية فى اغسطس عام 1973 وأخري ليبية فى فبراير عام 1986.
(25)



كما قام مواطنون عاديون من عدة دول لهم دوافع سياسية معينة باختطاف الطائرات للتعبير عن آرائهم وقضاياهم ومن هؤلاء المواطنين المصرى الذى اختطف فى عام 1998 طائرة مصرية الى ليبيا للتعبير عن امتعاضه من سياسة الولايات المتحدة ازاء المنطقة وإزاء ليبيا، واختطاف مجموعة من الشباب السعودى لطائرة سعودية فى عام 2001 والتوجه بها الى العراق للتعبير عن تضامنهم معه. كما شملت عمليات الاختطاف السفن ايضا مثل اختطاف سفينة اكيلى لاورو فى بورسعيد بمصر على أيدى نشطاء فلسطينيين فى عام 1985. وكان هذا العمل وفقا للقانون الدولى عملا إرهابيا بالرغم من انهم لم يتعرضوا بالأذى للمحتجزين، بل كانت لهم مطالب محددة وهى اطلاق سراح بعض النشطاء الفلسطينيين من السجون الايطالية والاسرائيلية وترحيلهم الى تونس. وهذا النوع من العمليات الإرهابية (الاختطاف) يهدف الى حصول الخاطفين على مطالب معينة او الابتزاز للحصول على فدية أو خدمات معينة او اطلاق سراح سجناء، وهو ما تمارسه بعض القبائل اليمنية فيما يعرف بظاهرة الاختطاف ضد السياح الأجانب للضغط على الحكومة لاطلاق سراح بعض السجناء أو تقديم خدمات معينة لبعض المناطق النائية، وهو ما مارسته أيضا حركة توباك امارو فى بيرو عندما احتجزت اكثر من 500 شخص فى منزل السفير اليابانى فى العاصمة ليما فى 17 ديسمبر عام 1996 حتى 22 ابريل عام 1997 وطلبت من الحكومة اطلاق سراح بعض السجناء من عناصر الحركة المقبوض عليهم مقابل الافراج عن الرهائن. كما فعلت الامر نفسه فى الفلبين جماعة ابو سياف التى اختطفت فى يونيو عام 2001 مجموعة من السياح الأجانب ومسؤولين فلبينيين للمساومة عليهم لتحقيق بعض أهدافها ومن أهمها فك حصار الجيش الحكومى على معاقل الحركة. وهذا الاسلوب مارسته أيضا حركات سياسية كما فى حالة الحركة الكولومبية الثورية وحركة 19 سبتمبر وحركة الدرب المضئ فى امريكا اللاتينية .
4- التفجيرات : من العبوات الناسفة الى الطائرات:تطورت هذه الظاهرة كإحدى اهم صور العمليات الإرهابية فى العالم بتطور اساليب تنفيذها من اسلوب زرع القنابل والوسائل الملغومة الى زرع المتفجرات الى استخدام السيارات الملغومة وصولا الى استخدام الطائرات فى إحداث تفجيرات هائلة كما فى أحداث واشنطن ونيويورك فى سبتمبر عام 2000. وكان اول استخدام للقنبلة فى العمليات الإرهابية من جانب الثوار الايرلنديين فى العقد الثامن من القرن التاسع عشر وأصبح استخدام المتفجرات او العبوات الناسفة التى يتم تفجيرها بالريموت كنترول وسيلة مفضلة للإرهابيين حاليا فى تنفيذ عملياتهم، وتستخدم على نطاق واسع لسهولة استخدام المتفجرات والحصول عليها وكفاءة استخدامها من حيث قوة الانفجار وعدد الضحايا المحتملين. ولقد عانت مصر من هذه العمليات كما حدث فى تفجير مقهى وادى النيل بميدان التحرير والمحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق د/ عاطف صدقى وعملية متحف التحرير وغيرها، ولقد مورست هذه الوسيلة ايضا ضد وسائل


(26)

النقل، خاصة الطائرات كما فى تفجير طائرة بان امريكان فى ديسمبر عام 1988 وتفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك فى 26 عام فبراير 1993 وحادث تفجير المبنى الفيدرالى فى اوكلاهوما سيتى فى 19 ابريل عام 1995. والعبوة الناسفة التى انفجرت فى حديقة سننتينال فى اطلانطا بالولايات المتحدة فى يوليو عام 1997 وتفجير سفارتى الولايات المتحدة فى تنزانيا وكينيا فى اغسطس عام 1998 التى راح ضحيتها 257 شخصاً. ومورست هذه الوسيلة ضد منشآت ومبانٍ حكومية وضد اشخاص كما فى انفجارات مدينة الخبر فى السعودية فى يونيو 1996 وضد السفارة المصرية فى باكستان فى 19 نوفمبر عام 1995 وضد وسائل النقل البرية كمترو انفاق باريس فى 25 يونيو 1995، واستخدم هذه الوسيلة افراد وتنظيمات إرهابية متعددة. وتطورت وسائل تنفيذ هذه التفجيرات من استخدام القنابل والعبوات الناسفة والمتفجرات والسيارات الملغومة الى استخدام الطائرات فى تفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك وجناح من مبنى البنتاجون الامريكى فى واشنطون .
5- عمليات التخريبتطورت هذه العمليات ايضا بتطور وسائل تنفيذها والتكنولوجيا المستخدمة فيها من اعمال الحرق وإشعال المواد الحارقة لتخريب المنشآت كما فى حريق القاهرة عام 1951، الى تفجير قطارات او اتوبيسات أو منشات حكومية. وتعدعمليات التخريب اكثر عمليات الإرهاب انتشارا فى العالم وشهدتها أوربا فى مرحلة الحرب الباردة على ايدى تنظيمات الألوية الحمراء فى ايطاليا التى وقع فيها فى الفترة 1981 - 1986 حوالى 1100 عملية تخريب، ومن اشهر تلك العمليات أحداث بيانسافونتا فى مدينة ميلانو فى 12 ديسمبر عام 1969. والعمليات التى قامت بها منظمة بادرماينهوف فى المانيا ولواء الغضب البريطانية والعمل المباشر الفرنسية، وكانت عمليات تخريب واسعة النطاق ضد المرافق العامة للدولة. وكذلك ما تمارسه حتى الآن حركة ايتا ضد المصالح الحكومية الاسبانية، وما يمارسه الجيش الجمهورى الايرلندى فى بريطانيا وعمليات التخريب التى قامت بها الجماعات اليمينية والعنصرية فى أوربا ضد الاقليات الاخرى ومنها ما مارسته التنظيمات النازية والفاشية ضد الاكراد والاتراك والمسلمين.
وقد تحولت منذ الستينيات عمليات التخريب من عمليات هدفها بث الذعر والتخويف الى عمليات تهدف الى التدمير الكامل وإيقاع الخسائر الكبيرة بقصد التأثير على القرار السياسى للحكومات مثل العمليات التى قامت بها منظمة الدرب المضيء فى بيرو فى الفترة من 1980 - 1995، وأدت الى خسائر قدرت بنحو 25 مليار دولار، ومنها ايضا التفجيرات التى شهدتها الولايات المتحدة سواء فى عام 1993 ، وصولا الى تفجيرات مركز التجارة العالمى والبنتاجون فى 11

(27)



سبتمبر عام 2001 . ولقد مارست عمليات التخريب الشاملة ايضا، الى جانب التنظيمات الإرهابية، مخابرات بعض الدول او احد اجهزتها وتصنف على اساس انها اعمال إرهابية (إرهاب دولة) ومنها تدمير الطائرات العسكرية الاسرائيلية للطائرات المدنية اللبنانية فى عام 1968 والعمليات اليومية التى تمارسها قوات الاحتلال الاسرائيلى من تدمير منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم ومزروعاتهم فى انتهاك لاتفاقيات جنيف فى شأن التعامل مع المدنيين الخاضعين للاحتلال، والتى يعد انتهاكها وفقا للقانون الدولى احد صور اعمال الإرهاب الذى تمارسه الدولة القائمة بالاحتلال.
كما تحولت استراتيجية عمليات التخريب الإرهابية فى عقد التسعينيات الى استراتيجيــة الانهاك المستمر للخصم والاضرار العام كسلسلة العمليات المتتالية التى نفذت فى التسعينيات ضد المصالح الامريكية سواء داخل او خارج الولايات المتحدة . وحدث تطور أيضا فى هذا النوع من العمليـات باستخدام مواد كيماوية وبيولوجية مثل عملية نشر غاز السارلين فى أنفاق طوكيو التى بثـــت الذعر والخوف فى العالم من الإرهاب البيولوجى والكيماوى. وقد تزايد الخوف من هذا النوع من الإرهاب بعد استخدام الجمرة الخبيثة فى الولايات المتحدة عقب أحداث 11 سبتمبر، خاصــة ان المواد البيولوجية والكيماوية سهلة الاستخدام من قبل العناصر الإرهابية كما انه لا يصعــــب الحصول عليها، وتتميز بقدرتها العالية على التدمير والانتشار.
وغالبا ما تؤدى عمليات التخريب الى خسائر فادحة قدرتها فى عام 1998 الوكالة الأمنية اليابانية بحوالى 100 مليار دولار للسنوات الثمانى الأولى من عقد التسعينيات.
المطلب الثالث : عوامـــــــل انتشــار الإرهاب
يمثل الإرهاب شكلا خاصا من أشكال العنف. فعند محاولة فهم ظاهرة الإرهاب لا يمكن أبداً تفسير انتشارها بإسنادها إلى عامل واحد أو بإرجاعها إلى سبب وحيد. لكن هناك مجموعة من العوامل والأسباب والتى تختلف أوزانها النسبية من مجتمع لآخر.
1- الاستخدام السياسى للإرهاب فى إدارة الصراعات الدولية:تصاعد الإرهاب فى العالم منذ الستينيات، وجرى تفسيره من جانب الخبراء والأكاديميين على أنه جزء من معارك الصراع بين الغرب والشرق بأساليب أخرى، سميت الحرب بالوكالة فى بعض الأحيان . فالتنظيمات الإرهابية الماركسية والفوضوية وأنصار مذهب العدمية والتى تشترك فى رفض السلطة القائمة، كانت فى غالبيتها ذات طابع يسارى وحظى بعضها بتأييد خفى من موسكو ومن الدول الشيوعية أو الاشتراكية التى كان يهمها فى هذه الفترة انتشار الإرهاب فى دول الغرب. كما قامت الدول الغربية أيضا بمساعدة وتجنيد العديد من التنظيمات الإرهابية التى وجهت أعمالها ضد الدول الاشتراكية . وكان ذلك جزءاً من الصراع الدولى فى الحرب الباردة كما يرى إدوارد هيرمن وجيرمى أوسليجان فى كتابهما بعنوان الإرهاب أيديولوجية وصناعة ثقافية . ويفسر ذلك أن نسبة يعتد بها من العمليات الإرهابية أثناء مرحلة الحرب الباردة كانت وراءها مخابرات دول كبرى وصغرى حيث ظهر الإرهاب الذى يحارب الأيديولوجية السائدة

(28)
فى مجتمع ما كالشيوعية أو الرأسمالية أو لنشر مبادئ معينة كالفوضوية والاشتراكية.
كما اتخذت بعض الدول من تلك الظاهرة وسيلة ضمن أدوات سياستها الخارجية تجاه بعض الدول التى تعانى من ظاهرة الإرهاب سواء من خلال إيواء العناصر الإرهابية فى أراضيها وتقديم الحماية لهم، أو عبر المساعدات المالية أو السلاح والتدريب لمخططى ومنفذى العمليات الإرهابية.
وتستخدم هذه الدول الجماعات الإرهابية كورقة ضغط سياسية ضد الدول التى تعانى من ظاهرة الإرهاب أو تستخدم هذه الجماعات فى القيام بعمليات إرهابية عسكرية محدودة ضد بعض الدول.
2- انتشار السلاح وسهولة الحصول على التقنيات الحديثة: من أهم نتائج انتهاء الحرب الباردة انتشار تجارة السلاح على نطاق واسع، ومن ثم استفادت التنظيمات الإرهابية من وفرة السلاح فى السوق بما فى ذلك بعض الأسلحة عالية التقنية والتدمير. كما تقدم التقنية الحديثة تركيبات جديدة للمتفجرات والتجهيزات الإلكترونية. وتتوافر بسهولة أيضا تقنيات الاتصال ابتداء من محطات البث التليفزيونى ذات الدائرة المحددة ومحطات البث الإذاعى والكاسيت والفيديو والفاكس والتليفونات المحمولة ووسائل التنصت وأجهزة الاستشعار عن بعد وأيضا الكمبيوتر والإنترنت والتقنيات الحديثة التى تساعد الإرهابيين على ارتكاب أكثر العمليات جرأة وخطورة، إذ يتسم العصر بتقنية عالية فى نوعيات السلاح المستخدم والمتوافر لدى الأفراد من حيث إنتاجه لكمية نيران عالية فى وقت قياسى مع إمكانية أحداث أضرار كبيرة يصعب السيطرة عليها مثل الأسلحة الأتوماتيكية والمتفجرات مع ما تتيحه الأخيرة من إمكانية أحداث دمار عن بعد وفى وقت لاحق لوجود الإرهابى بالمكان المستهدف، الأمر الذى يسهل من مهمته ويمكنه من عدم الالتقاء بضحيته وهو ما يشجع الإرهابى على الهروب. كما لجأت التنظيمات الإرهابية لفنون على مستوى عال من التنظيم والتدريب، وهو الأمر الذى يصعب على أجهزة المكافحة ملاحقتها لضبطها، ولعل ما يزيد من صعوبة ذلك أن أعداداً كثيرة من الكوادر الإرهابية تلك قد تلقت تدريباتها بالكامل فى وقت سابق على أيدى رجال مخابرات دول أخرى أو تنظيمات إرهابية ذات خبرة طويلة فى هذا المجال.
ويعتمد المنفذون للعمليات الإرهابية على أسلوب علمى فى التنفيذ والإلمام بخبرات العمل بأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التشويش على المراقبة ، وغالبا ما تكون لديهم مهارات عالية فى مجالات مختلفة من العلم. فيستخدم الإرهابيون الآن شبكة الإنترنت فى الاتصال وجمع الأموال وتحضير العمليات الإرهابية والتخطيط لها وتنفيذها عبر استخدام مواقع يصعب الاشتباه فيها كما فعل منفذو عمليات 11 سبتمبر عام 2001 فى واشنطن ونيويورك .

(29)




لعمليات القرصنة المعلوماتية والدخول إلى شبكات المعلومات العسكرية والأمنية للدول لاستغلالها فى التخطيط للعمل الإرهابى وتنفيذه أو الدخول على شبكات البورصة والأسواق المالية لتدميرها، ومن ثم ضرب اقتصاد دولة ما. وكان من نتيجة تطور وسائل التخطيط للعمل الإرهابى وتنفيذه ظهور مصطلح الإرهاب التكنولوجى ، عندما تم زرع عبوة بلاستيكية ناسفة داخل جهاز راديو توشيبا ووضعت فى إحدى الحقائب التى تم فحصها بدون أن يتم اكتشاف العبوة الناسفة على متن طائرة البان أمريكان 103 التى انفجرت فوق لوكيربى فى اسكتلندا وراح ضحيتها 259 شخصاً. كما ساهم التطور التكنولوجى فى تسهيل المهمة على الإرهابيين الذين أخذوا يستخدمون وسائل جديدة أكثر خطورة ويصعب اكتشافها ومنها الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التى أصبح بإمكان الإرهابيين الحصول عليها، وتوضح حالة جماعة الحقيقة السامية اليابانية ذلك إذ امتلكت هذه الجماعة مواد كيماوية تكفى لصنع ستة أطنان من غازات الأعصاب وعناصر التسمم الغذائى وهى نفسها الغازات التى استخدمتها فى عملياتها فى مترو أنفاق طوكيو عام 1995.
03-التعاون بين التنظيمات الإرهابية والإجرامية:يشهد مسرح العمل الإرهابى تعاوناً بين فرق المنظمات الإرهابية فى العديد من الدول بلغ حد قيام البعض منها بعمليات لحساب البعض الآخر، ناهيك عن التعاون المشترك فى التخطيط وتنفيذ العمليات. كما اتسمت ظاهرة الإرهاب بالتعاون المكثف بين بعض المنظمات الإرهابية وبعض منظمات الأنشطة الإجرامية فى العديد من المجالات منها الاستخبارات والتخطيط لعمليات إرهابية وتنفيذها والتدريب والحصول على الوثائق المزيفة وبيع وشراء السلاح وتهريبه وتبادل المعلومات والخبرات وغسيل الأموال وتبادلها.
04- بؤر التوتر بعد الحرب الباردة:يعد وجود بؤر للتوتر فى مختلف مناطق العالم دافعاً من الدوافع الأساسية لنشاط الظاهرة الإرهابية على المستوى الدولى، حيث يساهم هذا إلى حد كبير فى قيام العديد من الأنشطة الإرهابية التى تمارسها بعض الجماعات سعياً للتخلص من تلك المشاكل أو رغبة فى وضع نهاية للمعاناة المرتبطة بها . ومثال على ذلك منطقة الشرق الأوسط التى تضم نحو 23% من حجم عمليات الإرهاب عالمياًومع نهاية الحرب الباردة أيضا ازداد نفور العديد من الشعوب والمجتمعات من الهيمنة الأمريكية، وبرزت عدة جماعاتإرهابية هدفها ممارسة العنف وأعمال التخريب ضد المصالح الأمريكية خارج وداخل الولايات المتحدة انتقاماً منها لسياستها العدائية المتغطرسة ضد بعض الشعوب. ومن هذه التنظيمات شبكة القاعدة بقيادة أسامة بن لادن التى أعلنت الجهاد ضد الشيطان الأكبر الولايات المتحدة ، كما كان من أبرز ظواهر نهاية الحرب الباردة التى فاقمت من حدة ظاهرة الإرهاب تلك الحيوية المرعبة لتدفق الأزمات الداخلية فى بعض الدول والتى تحولت إلى شبه حروب أهلية أحياناً .

(30)



05-الصراع على السلطة:فى إطار استخدام الإرهاب كأداة لإدارة التفاعلات السياسية داخل بيئة النظام السياسى، وفى دولة ما، فإن من أهم دوافع هذا العمل والذى يدفع القائمين به لممارسته مهما اختلفت اتجاهاتهم هو إسقاط الحكومات أو العمل على تغيير طبيعة النظام السياسى والانقضاض على السلطة بسلاح الإرهاب أو تغيير القوانين والسياسات التى تتبعها إحدى الحكومات أو النيل من فئة أو طبقة اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية لها مكانتها فى الدولة أو إحداث تغييرات جذرية فى بنية السلطة.
فالعنف الإرهابى فى حالة الصراع الداخلى ليس مقصوداً فى حد ذاته لأنه وسيلة وليس غاية. فأعمال القتل أو الاغتيالات مثلا تهدف إلى زعزعة الاستقرار السياسى وخلخلة هيبة الدولة وإيجاد مناخ من الخوف الذى يدفع إلى الاهتزاز النفسى أكثر من مجرد التخلص من بعض الأشخاص الذين قد لا تكون لهم أية علاقة بالإرهاب. فالأثر النفسى والسياسى الذى تحدثه الواقعة الإرهابية هو الهدف من الواقعة وليس ضحاياها. فالسائح مثلا ليس هدفاً فى حد ذاته ولكن الهدف هو تخريب السياحة، وهناك أهداف أخرى للعمليات الإرهابية منها الابتزاز السياسى بمعنى الضغط على بعض الحكومات لتغيير سياستها ومثال ذلك العمليات الإرهابية التى يقوم بها الجيش الجمهورى الايرلندى كى تغير الحكومة البريطانية موقفها وسياساتها من مسألة ايرلندا الشمالية، والعمليات الإرهابية إلى تقوم بها منظمة إيتا الانفصالية فى إقليم الباسك للضغط على الحكومة الأسبانية كى تغير من موقفها وسياستها تجاه إقليم الباسك، وكذلك العمليات الإرهابية التى يقوم بها حزب العمال الكردستانى ضد الحكومة التركية كى تغير موقفها إزاء قضية الأكراد ومسألة استقلال الأناضول. كما يدخل فى هذا الإطار الضغط على الحكومة لإطلاق سراح المعتقلين من أفراد المنظمات الإرهابية أو إصدار قرار بالعفو عن هؤلاء الإرهابيين كما فى واقعة احتجاز حركة توباك أمارو الإرهابية فى بيرو لأعضاء فى الحكومة وسياسيين ودبلوماسيين أجانب فى مقر السفير اليابانى، وهناك هدف الدعاية بالأعمال والذى مارسته جماعة (الحقيقة السامية) فى اليابان فى إطار صراعها مع الحكومة اليابانية لتحقيق أسطورة نهاية العالم، فقد هدفت العمليات التى قامت بها هذه المنظمة إلى التعريف بها وبأهدافها وأيديولوجيتها وأفكارها حول نهاية العالم لاجتذاب المزيد من الأنصار إلى صفوفها.
كما تعانى بعض الدول الإسلامية من بعض الحركات الأصولية المتطرفة التى تتخذ من الإرهاب أسلوباً لها لتحقيق أهدافها كما فى مصر والجزائر وغيرها، حيث تدعو للجهاد من أجل إقامة دولة إسلامية محل النظم القائمة. وتحاول هذه التنظيمات تقويض أركان النظم السياسية، خاصة من خلال ضرب مقدراتها الاقتصادية كالسياحة وضرب الرعايا الأجانب بهدف زعزعة ثقة الدول الأجنبية فى مدى الاستقرار والأمن الذى تتمتع به هذه النظم، بما لذلك من آثار سلبية من الناحية السياسية ومن الناحية الاقتصادية إذ تؤدى الى هروب رؤوس الأموال إلى الخارج وإيجاد بيئة غير مواتية للاستثمار الأجنبى.وهناك أيضا حركات إرهابية تعد وارثة للأيديولوجية اليسارية المتطرفة. ورغم أن هذه الحركات تبدو ضعيفة وواهنة فى العديد من الدول الغربية إلا أنها مازالت تظهر فى كل من أمريكا اللاتينية وفى اليونان وتركيا. وهناك أيضا تهديد اليمين المتطرف فى أوروبا الغربية مثل جماعات النازيين الجدد وفى الولايات المتحدة وكندا. وكذلك فى روسيا وأوروبا الشرقية مثل الحزب الديمقراطى بزعامة جيرنوفسكى. وهذه الجماعات تهدف إلى تغيير بعض السياسات وليس تغيير نظم الحكم. وهكذا استمر استخدام الإرهاب فى الصراع السياسى سواء على المستوى الدولى أو الداخلى داخل الدولة ذاتها.
(31)
06-أزمات التنمية:يتألف قطاع كبير من الإرهابيين من شباب يعانون من أوضاع اجتماعية اقتصادية سيئة فى معظم الأحوال، إذ أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة تخلق بيئة مولدة للإرهاب. فالبطالة والتضخم وتدنى مستويات المعيشة وعدم التناسب بين الأجور والأسعار وتفاقم مشكلات الإسكان والصحة والمواصلات قد تدفع قطاعا من الشباب إلى الدخول فى عصابات الجريمة والإرهاب.غير أن الأوضاع الاقتصادية لا تؤدى وحدها إلى الاتجاه نحو التطرف أو العمل الإرهابى. فاقتران تلك الأوضاع بظروف اجتماعية أخرى عامة فى المجتمع كأزمة سياسية داخلية هو الذى يدفع إلى ذلك الاتجاه. فاتساع الفجوة بين الفئات الاجتماعية وظهور أنماط معيشة استهلاكية استفزازية لدى بعض فئات المجتمع وعدم قدرة بعض المهاجرين من الريف الذين يسكنون عادة الأحياء العشوائية على التكيف مع الواقع الجديد، كلها عوامل وسبل تحول المشاكل الاقتصادية إلى قوة دافعة نحو التطرف والإرهاب.
وتوضح ذلك الحالة المصرية، حيث زاد توالد الإرهاب فى الصعيد المهمل تنموياً، وتواجدت التنظيمات الإرهابية فى المناطق العشوائية. وما يساهم فى زيادة دور العامل الاقتصادى فى دعم الإرهاب هو ارتباط مكونات هذا العامل بحياة الأفراد ارتباطاً شديداً غالباً ما يفسرونه نجاحا وفشلاً بإرجاعه إلى سياسات النظام السياسى الحاكم. ومن هنا تزداد النقمة على الحكومة فى حالة الفشل الاقتصادى وعدم تلبية متطلبات قطاع كبير من المواطنين مع انتشار البطالة وزيادة حدة التضخم ، الأمر الذى قد يتيح لبعض المنظمات الإرهابية تجنيد المزيد من الأعضاء، إذ تجد ضالتها فى الغاضبين والمحتجين والكارهين لسياسات الحكومة
الخــــاتـــمـة
إذا كان الأمن القومى لأية أمة يرتبط بحماية القيم الجوهرية من التهديدات الداخلية والخارجية وتحقيق التنمية التى لا يمكن أن يقدر لها النجاح إلا فى ظل الاستقرار، فإن الإرهاب يهدد هذا الأمن باعتباره عنفا منظما يوجه ضد السلطة فى الدولة لإجبارها على إلغاء أو تعديل قيم المجتمع بما يتفق ورغبة القائمين بالإرهاب، كما يهدد عملية التنمية فى أساسها. وهذا الدور للإرهاب هو ما يعطيه هذه الأهمية فى الصراع السياسى فى الوقت الراهن.
ويبدو أن ظاهرة الإرهاب سوف تميز السنوات القادمة من القرن الحادى والعشرين، إذا استمرت الظروف غير العادلة بالنسبة لكثير من الشعوب وتواصل التمييز والكيل بمكيالين فى المسائل الدولية، وإذا ازدادت المشكلات الداخلية وحالات عدم الاستقرار السياسى، والتحديات العرقية التى أدت إلى إضعاف العديد من الدول، فى الوقت الذى أصبحت فيه الحدود الدولية أكثر هشاشة، الأمر الذى جعل من السهل على الإرهاب ومؤيديه الانتقال من دولة إلى أخرى دون التعرف عليهم.
وهذا يفرض على المجتمع الدولى الاسراع فى وضع أسس عملية استراتيجية للمكافحة على المدى المنظور، خاصة وأن الجهود الحالية غير مرضية ولا يمكن التعويل عليها للقضاء على الظاهرة أو الحد منها إذ أن الإرهاب أصبح ظاهرة معقدة تحتاج إلى تفعيل الإرادة الدولية لمواجهتها بحزم، وإلا أصبح مستقبل البشرية كلها فى خطر.

(32)

الجهود الإقليمية و الدولية في محاربة الإجرام الخطير

المقدمة

01- المبحث الأول: دور منظمة الأمم المتحدة في مكافحة الإجرام الخطير
*- مطلب الأول:التعاون ما بين الدول في مجال تسليم المجرمين
*- مطلب الثاني: مكافحة المخدرات والأمم المتحدة
*- مطلب الثالث: مكافحة التجارة الغير الشرعية للأسلحة

02- المبحث الثاني: دور المنظمات الإقليمية في مكافحة الإجرام الخطير
*- مطلب الأول:دور المجلسو الإتحاد الأوروبيين
*- مطلب الثاني: منظمة الدول الأمركية
*- مطلب الثالث: جامعة الدول العربية

03- المبحث الثالث: دور المنظمة للشرطة الجنائية ( الأنتربول) في مكافحة الإجرام الخطير
*- مطلب الأول:الأنتربول و مكافحة تبيض الأموال
*- مطلب الثاني: الأنتربول و مكافحة المخدرات
*- مطلب الثالث: الأنتربول ومكافحة الإرهاب




الجهود الدولية و الإقليمية في محاربة الإجرام الخطير
مقدمـــــة:
سنحاول أن نقتصر في هذه الدراسة على الجهود الإقليمية و الدولية في مكافحة أشكال الإجرام الخطير و المنظم و نتعرض إلى دور الشرطة الدولية في مكافحة هذه الظاهرة العالمية التي تمس بأمن واستقرار المجتمع و الإنسانية . و بما أن ظاهـرة الإجرام ظاهرة خطيرة فإن إجراءات المكافحة يجب أن تكون فعـالة بهدف تحقـيق أمن المجتمـع من آثارها الضارة و أمن الإنسانية لكي تتمكن من عمارة الأرض .
المبحث الأول: * دور منظمة الأمم المتحدة في مكافحة الإجرام الخطير *
اهتمت الأمم المتحدة منذ سنة 1975 في مؤتمرها الخامس بموضوع الإجرام المنظم و الخطير وضعته من ضمن أولويات نشاطها وعقد المؤتمرات لمكافحة هذه الظاهرة المستفحلة .
- ففي عام 1995 في المؤتمـر المنعقد بالقاهرة المتعلق بمنع الجريمة ، ظهـرت هنـاك أشكال وأنواع مختلفة من الجـرائم أذهـلت العـالم ، فليست الجرائـم التقليدية وحـدها سيدة الساحة … ليس القتل … ليس المخدرات … أو السرقة . لكن هناك من ا لمستحدث يتمثل خاصة في جرائم خطف الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مشروعة ، هناك جرائم ضد النساء الهاربات من نيران الحروب المشتعلة ، هناك جرائم الفساد و الرشوة ، و قد اشتهرت قصص الإجرام المنظم في دوائر السياسة و سقطت حكومات في إيطاليا واليابان بسبب الفساد .
- وقد تم إنشاء اللجنة لمنع الجريمة و العدالة الجنائية في عام 1991 داخل هيكل الأمـم المتحدة و لقد قامت الأمم المتحدة بدور فعال في مجال مكافحة الإجرام المنظم تمثل في المجالات التالية:
المطلب الأول: التعاون ما بين الدول في مجال تسليم المجرمين
تيقنت الأمم المتحدة على أن الطريق الوحيد لغلق المجال أمام المجرمين هو عن طريقة التعاون الدولي و تقديم المساعدة للبلدان المحتاجة إليها ، و أكدت على أن ذلك لن يتم إلا عن طريق تقديم المساعدة التقنية و الاتصالات الإلكترونية و بدون هذا التعاون فإن القضاء على الإجرام بات مستحيلا .
وقد أكدت اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي ضرورة الاهتمام بإجراءات التعاون على صعيدي الشرطة و القضاء ، و التعاون المتبادل في مجال تسليم المجرمين و مصادرة العائدات غير المشروعة و حماية الشهود و تبادل المعلومات و التدريب و غيرها من أشكال المساعدة كما صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة و معاملة المجرمين المنعقد في فينا من 10 إلى 17 أبريل 2000 إلى دعوة الدول الأعضاء على بناء القدرات ، بما في ذلك الحصول على التدريب والمساعدة التقنية وصوغ التشريعات و اللوائح التنظيمية و تنمية الخبرات الفنية و إبرام المعاهدات من أجل التعاون التقني وهذا كله من أجل منع الإجرام.

(33)

المطلب الثاني: مكافحة المخدرات و الأمم المتحدة
أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية تتعلق بمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات سنة 1988 حيث انضمـت إليـها معظـم الدول ، كما يعزز برنـامج الأمـم المتحدة السيطرة على الاتجار الغير الشرعي بالمخدرات .
غير أنه رغم ذلك فإن تجارة المخدرات في روسيا مثلا أصبحت رائجة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، بحيث ساعدت المصاعب الاقتصادية والاجتماعية على نمو تجارة المخدرات و تعاطيها ، واستنتجت وزارة الداخلية في تقريرها لسنة 2001 ، و أن بعض جماعات الإجرام الروسية دخلت في اتحاد مع تجار المخدرات الكبار في العالم و باتت جزاءا من شبكاتهم .ورغم الجهود الدولية فإن مشكلة تهريب المخدرات و توزيعها تخطت كل الحواجز وواصلت عمليات الإفساد و التخريب للأجيال الشابة ، هذا يعني أن قوى الشر و الفساد لا تزال تمتلك من التأثير الشيء الكثير ، على هذا فإن عمليات مكافحة المخدرات و مكافحة عصابات الإجرام هي مسؤولية عالمية ينبغي أن تشترك فيها جميع دول العالم و منظماته الدولية و هذا بالفعل ما يحصل ، وتوجد العديد من المنظمات و النشاطات و المبادرات التابعة للأمم المتحدة التي تهتم بمكافحة المخدرات و ما يرتبط بها من قضايا أمنها .
المطلب الثالث: مكافحة الاتجار الغير الشرعي للأسلحة والأمم المتحدة
أصبحــت تجـارة الأسلحـة رائجـة بسبب النزاعات في العـالم ، سواء بين دولة و أخرى أو داخل الدولة نفسها نتيجـة للدكتاتـوريات الحاكمـة و السياسـات العنصـرية والقومية و الطائفيـة ، بدءًا مـن أفغـانستــان إلى مقـدونيا و البوسنـة و الصـرب إلى روانــدا … و الدول الإفريقيـة الأخـرى ، إلى العـراق والسودان و غيرها … إلى الدول التي تعاني من ظاهرة الإرهاب .
وأصبحـت العصابات المنظمة في بيع السلاح تجنى الأرباح الخيالية من بيع الأسلحة المصدرة و المستوردة و بالتالي يكون لديها أموال خيالية و على هذا أكـد مؤتمر الأمم المتحدة العـاشر لمنـع الجـريمة و معامـلة المجــرمـين المنعقـد في فيينا بتـاريخ 10 إلى 17 أفريل 2000 ، و مـن أجـل وجـود عـدالة تتصـف بالإنصــاف و المسؤوليــة و أمــن الإنســان ، فإن الدول المجتمــعة توصلت على أنـه يجب : " كبـح صنـع الأسلـحة النـارية و أجـزائها و مكـوناتها و الذخـيرة والاتجـار بها بصـورة غير مشـروعة ، و نقـرر أن يكـون عـام 2005 هـو العام المستهدف لتحقيق انخفاض ملحوظ في وقوع تلك الجرائم على نطاق العالم " .


(34)

المبحث الثاني: دور المنظمات الإقليمية في مكافحة الإجرام الخطير
المطلب الأول: دور المجلس والإتحاد الأوربيين
أ-المجلس الأوروبي LE Conseil D’Europe : أنشئ المجلس الأوروبي عام 1949 وهو يعد من أقدم التنظيمات السياسية الأوروبية إذ يغطي كافة المجالات السياسية ما عدا الدفاع ، و مقره في مدينة ستراسبورغ Strasbourg بفرنسا ، و بلغ عدد أعضائه سنة 1997 أربعون دولة و يمارس المجلس الأوروبي نشاطه في مكافحة الجريمة من خلال " اللجنة الأوروبي الخاصة بمشاكل الجريمة Commité Européenne et Les problèmes de crime " وللمجلس الأوروبي نشاطات كثيرة تتمثل في :
- في سنة 1995 وضع المجلس الأوروبي اتفاقية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات عن طريق البحر و ذلك استنادا للمادة 17 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لعام 1988 .
- في سنة 1996 وضع المجلس الأوروبي مشروع يهدف إلى مكافحة الفساد و الجريمة في ست عشرة دولة من وسط و شرق أوربا.
- وفي سنة 1997 تم إنشاء لجنة مختصة من خبراء في القانون الجنائي هدفها توضيح الإجرام و اقتراح وسائل التعاون الدولي ، و قد توصل المجلس إلى تبني توصيات لحماية الشهود من قضايا الإجرام ، و قد اجتمعت دول المجلس الأوروبي في مؤتمرها الثاني الذي تناول موضوع الأمن و مكافحة الاتجار بالمخدرات ووضع قواعد عامة لحماية الأطفال .
ب- الاتحاد الأوروبي : Union Européenne : بدأ التعاون الأمني بين الدول الأوروبية يظهر بعد توقيع هذه الدول على معاهدة الوحدة الأوروبية المعروفة بمعاهدة ما سترخ عام 1992 و قد سهلت هذه الاتفاقية تنقل رأس المال و الأشخاص والسلع و الخدمات بين حدود هذه الدول ، مما دفع المنظمات الإجرامية إلى توسيع نطاق أنشطتها ليشمل مختلف الدول الأعضاء في المعاهدة وقد عمد الاتحاد الأوروبي إلى مكافحـة المخدرات ، بحيث أنشأ في سنة 1993 بما يسمى " وحدة المخدرات الأوروبية داخل الهيكل التنظيمي للاتحاد الأوروبي ومقرها مدينة -لا هاي – بهولندا بحيث تمثلت مهامه في البداية في تبادل المعلومات في مجال المخدرات وغسـل الأمـوال و تبادل المعلومات في مجال الأنشطـة الإجرامية المنظمة التي تمتد آثارها إلى دولتين فأكثر . و الأنشطة الإجرامية الداخلة في نطاق هذه الوحدة هي الاتجار غير المشروع بالمخدرات ، شبكات الهجرة غير الشرعية ، تهريب السيارات المسروقة . ثم أضيف إليها سنة 1996 جرائم الاتجار بالأشخاص .


(35)
و في عام 1999 أسست اللجنة الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي وحدة خاصة مسؤولية عن جرائم الاحتيال الواقعة ضد المصالح المالية للاتحاد الأوروبي La Lutte Contre La Fraude ووحدة مكافحة الغش تعمل على تطوير الاستراتيجية الرامية إلى مكافحة الجريمة إلى جانب حماية عملات الاتحاد الأوروبي من التزييف . وقد أدرك الاتحاد الأوروبي أهمية التعاون الدولي في مكافحة الإجرام الخطير و لهذا لجأ إلى إبرام عدة اتفاقيات منها :
- اتفاقية حول تسهيل إجراءات المجرمين بين الدول الأعضاء وقد تبنى هذه الاتفاقية المجلس الأوروبي سنة 1995 .
- معاهدة الاتحاد الأوروبي حول المساعدة المتبادلة من المسائل الجنائية عام 1997.
و في مجال مكافحة الفساد ، تناول وزراء الاتحاد الأوروبي مشكلة الفساد بين موظفي الجماعة الأوروبية ، كما اعتمد رؤساء الاتحاد الأوروبي في اجتماع القمة المنعقد في جوان 1997 خطة عمل لمكافحة الجريمة المنظمة ، و تناولت الخطة بيان بواعث الجريمة المنظمة و دور الفساد في انتشارها و تعاون هذه الدول بهدف مكافحة الإجرام المنظم .
المطلب الثاني: منظمـة الـدول الأمريكيـــــة Organisation Des Pays Américains
أنشئت منظمة الدول الأمريكية ، سنة 1980 بالولايات المتحدة الأمريكية و مقرها واشنطن Washington ، و هي منظمة مكرسة لعملية السلام و التنمية في البلدان الأمريكية
و في سنة 1986 تولت منظمة الدول الأمريكية بتأسيس لجنة لمراقبة استعمال المخدرات وأطلقت عليها ( لجنة البلدان الأمريكية لمكافـــــــحة تعاطي العقاقير المخدرة – سيكاد – CICAD ) Commission Des Pays Américains Pour Le Contrôle De Drogue ، وهذه اللجنة تعمل من أجل دفع الدول الأعضاء على خفض الطلب على المخدرات غير المشروعة و منع استعمالها و مكافحة الإنتاج أو الاتجار غير المشروع بها ، و تعزيز التعاون بين دول المنظمة من خلال تبادل المعلومات و تدريب الأشخاص .و في سنة 1991 أنشأت ( سيكاد ) مجموعة من الخبراء قدمت مشروع قانون لمكافحة غسل الأموال وافقت عليه الدول الأعضاء في مارس 1992 ، و طلبت ( سيكاد ) من الدول الأعضاء تبني التوصيات التي أصدرتها في مجال مكافحة غسل الأموال .
و فJي سنة 1994 صـدر عن منظمـة الـدول الأمـريكيـة ( OAS ) و ( CICAD ) بيان ( Santiago ) والذي أكد التزام الدول الأعضاء بدعم لجنة البلدان الأمريكية لمكافحة تعاطي العقاقير المخدرة ، و مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات .
و في قمة ميامي ( Sommet De Miami ) المنعقد في الولايات المتحدة الأمريكية خلال أكتوبر 1994 تبنت منظمة الدول الأمريكية خطة عمل لمكافحة جرائم المخدرات و الجرائم المتصلة بها.


(36)
و في بيونس إيرس ( Buenos Aires ) بالأرجنتين اتفـق وزراء الدول الأعضـاء على تقديم خطـة عمل (Plan De Travail ) إلى حكوماتهم تتعلق بمكافحة غسل الأموال .
و في سنة 1996 انضمت منظمة الدول الأمريكية إلى اتفاقية مكافحة الفساد و الرشوة الصادرة عن الأمم المتحدة .
وأدركت هذه الدول الأعضاء في المنظمة أنه يجب محاربة الفساد والرشوة و ذلك عن طريق ما يلــــــــــي :
- تطوير كل دولة من الدول الأعضاء إلى الآليات اللازمة لمنع الفساد و كشفه .
- تطوير التعاون بين الدول الأعضاء في المنظمة لضمان محاربة الفساد وكشفه ومعاقبة مرتكبيه.
المطلب الثالث: جامعــــــة الدول العربيــــة
تمارس جامعة الدول العربية مهامها في تحقيق الأمن الداخلي للدول الأعضاء فيها من خلال مجلس وزراء الداخلية العرب الذي أنشئ عام 1982 داخل هيكلها التنظيمي ، و قد حقق المجلس منذ إنشائه خطوات كبيرة في مجال التعاون الأمني العربي المشترك و دعم جهود مكافحة الإجرام المنظم .
1 - الاستراتيجية العربية لمكافحة المخدرات : وقد نسقت الدول العربية جهودها فيما يتعلق بوضع تشريعات وقوانين من أجل التصدي لظاهرة المخدرات ، و طالبت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بتنمية التعاون بين الدول الأعضاء في مكافحة المخدرات حيث تم إعداد أول قانون عربي موحد نموذجي للمخدرات تم اعتماده من جانب وزراء الداخلية العرب عام 1986 .
وشهد عام 1990 تكاتف مختلف بلدان العالم في حربه ضد المخدرات كما لم تتكاتف أبدا من قبل في حروبها ضد هذه الآفة الخطيرة التي تدمر حياة الكثيرين و تفكك الروابط الأسرية و تكلف بلدانا كثيرة ملايين لا تحصى من الدولارات .
كما ناشد المؤتمر الإسلامي العالمي الثاني لمكافحة المخدرات و المسكرات الذي انعقد في إسلام اباد في شهر يوليو 1989 الدول الإسلامية توقيع عقوبة الإعدام على منتجي المخدرات و مروجيها و مستورديها و المتاجرين فيها .
كما طالبت الدول الإسلامية خلال المؤتمر بإتاحة الفرصة للتائبين منهم للعلاج و كفالة أسرهم خلال مدة العلاج والعمل على إعادة تأهيلهم و تأمين سبل العيش الكريم لهم .
كما تعتبر المؤسسة العربية ( أكاديمية الأمير نايف للدراسات الأمنية بالرياض ) هذا الصرح العلمي أسهم و يسهم بشكل علمي منتظم في دراسة ظاهرة المخدرات ، و انتشارها وما يتعلق بها من قوانين و إجراءات و عمليات ، و كذلك يقدم التدريب اللازم للعاملين في أجهزة الأمن العربية لترشيد سبل المكافحة و المعالجة .


(37)

2 – الإرهاب والدول العربية :كما تعمل الدول العربية مجتمعة لمكافحة الإجرام المنظم و على رأس الإرهاب و قد اجتمع وزراء الداخلية العرب في تونس و الجزائر و عدة دول عربية من أجل مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة ، وقد نصت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998 على أن " الإرهاب هو كل فعل من أفعال العنف أو التهديد أيا كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع تنفيذ المشروع إجرامي فردي أو جماعي .
ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر ، أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة ، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها ، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر ".
غير أن دور الجامعة العربية لازال ينتظر منها تأدية الكثير نظرًا لما يمر به العالم العربي ، وهذا يتطلب تجديد هياكل الجامعة العربية لتتماشى مع تطورات العصر و ما يمر به العالم من تطورات في جميع الميادين .
المبحث الثالث:* دور منظمة الشرطة الجنائية (الأنتربول) في مكافحة الإجرام الخطير*
المطلب الأول: الأنتربول و مكافحة تبيض الأموال
أنشئت منظمة الشرطة الجنائية الدولية ( الأنتربول ) عام 1923 ، و مقرها مدينة ليون (LYON ) بفرنسا ، ولهذه المنظمة مكاتب و فروع في كل دولة من الدول الأعضاء و تتألف من 177 دولة عضو .
وساهمت الأنتربول في مكافحة الإجرام المنظم و تزويد الدول الأعضاء فيها بمعلومات مهمة عن المجرمين المطلوبين للعدالة ، و قد تركز اهتمام منظمة الشرطة الدولية بالجريمة المنظمة ذات الصلة بغسل الأموال ، و في اجتماع الأنتربول لسنة 1995 تم اتفاق الدول الأعضاء على اتخاذ قرار يتعلق بمكافحة الجرائم المالية عبر الدول و تعزيزها في تعزيز التعاون الدولي .
وقد أوصت الأنتربول الدول الأعضـاء بتبني مسائـل تضـمنها تشريعاتها الداخلية تتمثل خاصة في :
01. اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع استخدام التكنولوجيا في غسيل الأموال .
02. ضرورة تأكد الأجهزة المعنية بالرقابة و الإشراف على البنوك و المؤسسات المالية ، من وجود برامج كافية لدى هذه الجهات لمكافحة غسيل الأموال .
03. تعاون الانتربول في الدول العربية والإسلامية مع الانتربول الدولي في مجال تسليم المجرمين ومصادرة الأموال غير المشروعة .
(38)

04. تعقب الأموال و منح سلطة التحري القانوني الكافية لمسؤولي تنفيذ القانون لتعقب ومتابعة و تجميد رؤوس الأموال المحصلة من النشاط الإجرامي الخطير .
المطلب الثاني: دور الأنتربول في مكافحة المخدرات
- يجب على كل بلد أن يتخـذ خطـوات للمصـادقة على اتفاقية الأمم المتحدة للمخدرات الصادرة سنة 1988 .
- تأسيس لجنة لمراقبة استعمال المخدرات و التجارة الغير الشرعية فيها.
- دفع الدول الأعضاء علىمحاربة الطلب على المخدرات غير المشروعة و منع استعمالها و مكافحة الإنتاج أو الاتجار غير المشروع بها .
- تعزيز التعاون بين دول المنظمة و الشرطة الجنائية الدولية من خلال تبادل المعلومات و تدريب الأشخاص على كيفية محاربة المهربين وتجار المخدرات.
- مكافحة تعاطي العقاقير المخدرة ، و مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات .
- خطة عمل لمكافحة جرائم المخدرات و الجرائم المتصلة بها ما بين الأنتربول و شرطة الدول.
المطلب الثالث: الأنتربول في مكافحة الإرهاب
1. محاربة كل التنظيمات الإرهابية أو التحريض عليها أو تيسيرها أو المشاركة فيها أو تمويلها أو التشجيع عليها .
2. التعاون بصورة تامة ما بين الأنتربول والسلطات الأمنية في مكافحة الإرهاب، وفقا للالتزامات و الإتفاقيات الدولي، بهدف العثور على أي شخص يدعم أو يسهل أو يشارك أو يشرع في المشاركة في تمويل أعمال إرهابية أو في التخطيط لها أو تدبيرها أو ارتكابها.
3. القبض على مرتكبي الأعمال الإرهابية ومحاكمتهم أو تسليمهم، وفقا للأحكام ذات الصلة من القانون الوطني والدولي، ولا سيما قانون حقوق الإنسان وقانون اللاجئين والقانون الإنساني الدولي.
4. تكثيف التعاون، حسبما يقتضيه الحال، ما بين الشرطة الجنائية الدولية و شرطة الدول في تبادل المعلومات الدقيقة المتعلقة بمنع الإرهاب ومكافحته في الوقت المناسب.
5. تعزيز التنسيق والتعاون فيما بين الدول في مكافحة الجرائم التي قد تكون ذات صلة بالإرهاب مثل التجارة الغير الشرعية للأسلحة الثقيلة الخفيفة.
6. تشجيع المنظمات الإقليمية على إنشاء آليات أو مراكز لمكافحة الإرهاب أو تعزيز الموجود منها، وهذا بالتعاون مع الأنتربول في مكافحة الإرهاب الدولي.
د. فريجة حسين أستاذ محاضر بكلية الحقوق- جامعة محمد بوضياف – مسيلة- الجزائر/ الجلسة العامة 99/ 08 أيلول/سبتمبر 2006
(39)


الخــــاتـــمـة:

- لقد عرف الإجرام الخطير استفحالا كبير على المستوى العالمي ، حيث أصبح يشكل خطرا يهدد الأفراد و الممتلكات و حتى الأنظمة القائمة في عدة بلدان لهذا كان لزما على القوى الفاعلة في المجتمع من خلال السلطة و الحاكمة في البلاد و كذا المنظمات الغير حكومية و المجتمعات بمختلف توجهاتها الدينية و الثقافية و الاجتماعية للوقوف ضد هذه الظاهرة الفتاكة بالمجتمعات و ذلك بالقيام بالدور الوقائي وكدا الردعي الذي تضطلع بيه أجهزة الأمن و الجهات القضائية وذلك بالتأقلم مع المستجدات و المتغيرات وأن تطور قدرات أفرادها ووسائلها بما يتناسب مع قدرات محترفي في الجرائم الخطيرة هذا على المستوى الأمني أما فيما يخص القضاء فلا يتأتي إلا بسن قوانين و تشريعات تجرم الأفعال الإجرامية الخطيرة ،كذا جعل هذه الأخيرة مرنة تتطور مع تطور الجريمة و خاصة منها الخطيرة.
- قد عملت منظمة الأمم المتحدة كل ما في وسعها بالتنسيق من المنظمات الدولية الخاصة و الشرطة الجنائية {الأنتربول} و المنظمات الغير الحكومية والمستقلة و الشرطة الأروبية و جمع دول العالم من أجل القضاء على الإجرام بشكل أنواعه و هذا بسن قوانين و التواقيع على المعاهدات و اتفاقيات دولية بغية الحد من هذه الظاهرة و ملاحقة أعضائها الذين يقترفون الجرائم الخطيرة و خاصة زعماء المافيا عبر العالم و إلقاء القبض عليهم من أجل تقدمهم أمام العدالة العالمية.















(40)
المراجع العلميـــــــة
*-الكبيسي، عامر خضير أولويات التدريب الأمني العربي" رؤية منهجية"، الرياض، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
*-االمالكي، عبدالحفيظ بن عبدالله " تقرير عن ندوة المجتمع والأمن (الظاهرة الإجرامية المعاصرة: الاتجاهات والسمات) " مجلة البحوث الأمنية، مجلد:14، عدد:32، ص ص 223-248.
*-مجلس وزراء الداخلية العرب (2005) وثائق البند الخامس، للمؤتمر العربي الرابع لمديري إدارات التدريب ومعاهد وكليات الشرطة والأمن، تونس، الأمانة العامة.
*-المطرفي، سالم مرزوق نموذج مقترح لإنشاء مركز تدريب عن بعد بالمديرية العامة للدفاع المدني بالمملكة العربية السعودية، رسالة ماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.
*-المكتب العربي للإعلام الأمني ( 2005) أسس تعامل أجهزة الإعلام الأمني مع الجرائم المستجدة المؤتمر العربي السادس لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني، تونس، مجلس وزراء الداخلية العرب.
*-د. فريجة حسين أستاذ محاضر بكلية الحقوق- جامعة محمد بوضياف – مسيلة- الجزائر.
*-الجلسة العامة 99/ 08 أيلول/سبتمبر 2006.
*-قانون العقوبات 04/15و القانون 06/23 و القانون 05/01 المتعلق بالوقاية من تبيض الأموال و تمويل الإرهاب ومكافحتها** محاضرة المؤرخة في: 17/12/2007 بمجلس القضاء غليزان الملقاة من طرف السيد/ قرماط زيان مستشار بالمجلس{ علاقة النيابة العامة بالشرطة القضائية * إحترام حقوق الإنسان و مكافحة الجريمة*.
*-مجلة الدرك الوطني العدد الثالث عشر/جوان2007
*-قانون العقوبات الجرائري بالنسبة للمواد العقابية.


















الفهــــــــــــــــــرس


-/ المقدمــــــــــــــــة........................... .................................................. .ص (01)
الفصــــــــــل الأول

ـــــــــــــ/ ما هية الإجرام الخطيـر/ــــــــــــــــــ

المبحث الأول .................../الإجرام و علاقته بالعولمة/........................................ص(02)
المطلب الأول:مفهوم الإجرام { العدائي- الجنسي- المالي- الطرقي}
المطلب الثاني:تعريف الإجرام الخطير و جماعة إجرامية منظمة
المطلب الثالث:تغير أنماط الجريمة........................................... ........................................ ص(03)
المبحث الثاني................../عوامل انتشار الإجرام الخطير و خصائصه/........................ ص(04)
المطلب الأول: أبرز أنماط الإجرام الخطير
المطلب الثاني: عوامل انتشار الإجرام الخطير
المطلب الثالث: خصائص الجرائم الخطيرة........................................... ............................... ص(06)
المبحث الثالث....................../ الأسس العلمية و الأمنية لمواجهة الإجرام الخطير/............ ص(07)
المطلب الأول:الأسس العلمية
المطلب الثاني: ماهية التدريب الأمني............................................ .................................... ص(08)
المطلب الثالث: الأسس و المنطلقات اللازمة لتطوير فلسفة التدريب........................................... ...... ص(10)
الفصــــــــــل الثاني

ــــــــــــ/ أنواع الإجرام الخطيـــــر/ـــــــــــ
المبحث الأول:.........................../ الجريمة المنظمـــــة/.............................. ص(15)
المطلب الأول:مفهوم الجريمة المنظمة{ التعريف}
المطلب الثاني : خصائص و أشكال الجريمة المنظمة........................................... ..................... ص(16)
المطلب الثالث:أثار الجريمة المنظمــــة....................................... .................................. ص(17)
المبحث الثاني............................../تبيض الأمـــــوال/................................ص(18)
المطلب الأول:تعريف جريمة تبيض الأمـــــوال و أركانها
المطلب الثاني:مراحل و صور جريمة تبيض الأموال........................................... ...................... ص(19)
المطلب الثالث:وسائل ارتكاب جريمة تبيض الأمــــوال....................................... ....................ص(21)
المبحث الثاني:................................./الإرهــــــــاب/............................ص(20)
المطلب الأول: مفهوم الإرهــــــاب
- تعريف الإرهـــــــاب.................................... .................................................. ...ص(23)
المطلب الثاني:أشــــــكال الإرهــــاب....................................... ............................. ص(24)
المطلب الثالث:عوامل انتشار الإرهــــاب....................................... ..................................ص(28)









الفصــــــــــل الثالث

ـــــــــ/ الجهود الدولية و الإقليمية في محاربة الإجرام الخطير/ــــــــ
مقدمـــــة
المبحث الأول: ................/دور منظمة الأمم المتحدة في مكافحة الإجرام الخطير /..............ص(33)
المطلب الأول: التعاون ما بين الدول في تسليم المجرمين.......................................... ...................ص(34)
المطلب الثاني:مكافحة المخدرات والأمم المتحدة
المطلب الثالث:مكافحة الاتجار الغير الشرعي للأسلحة و الأمم المتحدة
المبحث الثاني: ................../دور المنظمات الإقليمية في مكافحة الإجرام الخطير /.............ص(35)
المطلب الأول:دور المجلس و الإتحاد الأوروبيين
المطلب الثاني:منظمة الدول الأمريكية......................................... .......................................ص(36) المطلب الثالث:جامعة العربية........................................... ..............................................ص(37 )
المبحث الثالث......................../دور الأنتربول في مكافحة الإجرام الخطير /..................ص(38)
المطلب الأول:الأنتربول في مكافحة تبيض الأموال
المطلب الثاني:الأنتربول في مكافحة مخدرات............................................ .............................ص(39)
المطلب الثالث:الأنتربول في مكافحة الإرهـاب الخاتمـــــــــــــــــــة........................ .................................................. ...ص(40)









 


قديم 2011-04-21, 11:43   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
zoubour
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية zoubour
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخ ياسين على هذا العمل الجبار الذي أنت في صدد القيام به.










قديم 2011-04-21, 21:27   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الاجرام, الخطير


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 11:59

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc