الرقية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الرقية الشرعية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرقية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-05-19, 00:20   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Ayoub ALG
عضو جديد
 
الصورة الرمزية Ayoub ALG
 

 

 
إحصائية العضو










B1 الرقية

[CENTER][/CE

السؤال: ما شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون"؟
NTER]








 


رد مع اقتباس
قديم 2013-05-20, 11:45   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال الدين الأفغاني
مؤهل سابق
 
الأوسمة
أفضل موضوع في القسم العام 
إحصائية العضو










افتراضي

حسب ما أعرف وسألت بعض طلبة العلم أن المقصود

انهم لا يرقون بالمحرمات إذا ما علموا أن فيها علاجهم كلذين يلجؤون للسحرة

ليفكوا السحر عنهم في ظنهم أنهم مضطرين !!!

أو المفهوم منه أنهم يتوكلون على الله حق التوكل ولا يلجؤون لا لراق ولا لغيه

وإنما يدعون الله ليل نهار ويصبرون على الابتلاء ولكن هذا يجعلنا

ندخل في نقاش لأخذ بلأسباب أو تركها ومسالة التوكل أو التواكل !!!

يعني الامر لا يخول من كلام والله أعلم ولعل الاخوة هنا يفيدوننا بما لديهم من علم









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-15, 20:33   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبد الرشيد التلمساني
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية عبد الرشيد التلمساني
 

 

 
إحصائية العضو










Hourse باب التوكل على الله

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ayoub alg مشاهدة المشاركة
السؤال: ما شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون"؟
هذا الحديث ذكره العلماء في باب التوكل وهو أعلى قمة التوكل على الباري سبحانه وتعالى .

اٍذا عرف السبب بطل العجب.









رد مع اقتباس
قديم 2014-05-09, 19:35   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
BYRACK
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله و الحمد لله و الصلاه و السلام علي رسول الله و علي اله و صحبه و من تبعهم باحسان الي يوم الدين
و بعد
اخي كبدايه نسال الله تعالي ان يجعلنا و اياكم منهم و الرسول صلي الله عليه واله وسلم في حديثه واضح وصريح
اخي للايمان درجات جعلنا و اياكم من المتقين و من اهل اليقين فاذا بلغ المؤمن هذه الدرجه فلاينظر الي ورائه او خلفه فماذا بعد اليقين برب العالمين الا الاعتماد و التوكل عليه احسن لك من الرجوع الي العبد لنيل فضله
كمثال بسيط جدا لك و للقراء
ما من الصحابه عرفنا عنهم انهم اشتغلوا بهذا الطريق و هذا ما يسمي اليوم بالرقيه الشرعيه و هنا نطرح اسئله
لماذا ? من المفروض ان السنه هو الاقتداء بالرسول عليه الصلاه و السلام و ال البيت الاطهار و الصحابه الابرار ?
اعتقد في كلماتي الاخير نظره جد مغايره عن ما يسمي بالرقيه الشرعيه
هذه افادتي فارجو ان استفيد وفقنا الله و اياكم










رد مع اقتباس
قديم 2014-12-17, 14:05   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
amine eco
عضو برونزي
 
الصورة الرمزية amine eco
 

 

 
الأوسمة
المواضيع المميزة 2014 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على معلومة ..









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-17, 16:24   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أبو همام الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أبو همام الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

أما الحديث فطويل، وموضع الشاهد منه قوله - عليه الصلاة والسلام -: «فنظرت، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب " ثم نهض فدخل منزله. فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه. فقال: " هم الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يكْتَوُون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون» . هذا الحديث في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وهذه صفة من صفاتهم، وتلك الصفة خاصة بهم، لا يلتبس أمرهم بغيرهم؛ لأن هذه الصفة كالشامة يعرفون بها. فَمَنْ هم الذين حققوا التوحيد؟ الجواب في قوله: «هم الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يكْتَوُون، ولا يتطيرون» ، فذكر أربع صفات:
أنهم «لا يَسْتَرْقُون» : ومعنى يَسْتَرْقُون: يعني لا يطلبون الرقية؛ لأن الطالب للرقية يكون في قلبه ميل للراقي، حتى يرفع ما به من جهة السبب. وهذا النفي الوارد في قوله: «لا يسترقون» ؛ لأن الناس في شأن الرقية تتعلق قلوبهم بها جدا أكثر من تعلقهم بالطب ونحوه، فالعرب في الجاهلية - وهكذا هو حال أكثر الناس - لهم تعلق بالرقية، فالقلب يتعلق بالراقي، ويتعلق بالرقية؛ وهذا ينافي كمال التوكل على الله - جل جلاله - وأما ما جاء في بعض الروايات أنهم «الذين لا يرقون» فهذا غلط؛ وهو لفظ شاذ، لأن الراقي محسن إلى غيره، والصواب ما جاء في هذه الرواية من أنهم «الذين لا يسترقون» يعني: الذين لا يطلبون الرقية؛ وذلك لأن طالب الرقية يكون في قلبه ميل إلى هذا الذي رقاه وإلى الرقية، ونوع توكل، أو نوع استرواح لهذا الذي يرقي أو للرقية.
ثم قال: «ولا يكتوون» : والكي مكروه في أصله؛ لأن فيه تعذيبا بالنار، مع أنه مأذون به شرعا، لكن فيه كراهة. والعرب تعتقد أن الكي يحدث المقصود دائما؛ فلهذا تتعلق قلوبهم بالكي. فصار تعلق القلب بهذا الكي من جهة أنه سبب يؤثر دائما، ومعلوم أن الكي يؤثر - بإذن الله جل وعلا -: إذا اجتمعت الأسباب، وانتفت الموانع. فالنفي لأجل أن في الكي بخصوصه ما يتعلق الناس به من أجله.
ثم قال: «ولا يتطيرون» : والطيرة شيء يعرض على القلب من جراء شيء يحدث أمامه؛ فيجعله يقدم على أمر، أو يحجم عنه، وهذه صفة من لم يكن التوكل في قلبه عظيما.
ثم قال بعدها: «وعلى ربهم يتوكلون» : وهي جامعة للصفات السابقة. وهذه الصفات ليس المقصود منها أن الذين حققوا التوحيد لا يباشرون الأسباب، كما فهمه بعضهم، وأن الكمال ألا يباشر سببا البتة، أو ألا يتداوى البتة! وهذا غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رُقي: ولأنه - عليه الصلاة والسلام - تداوى وأمر بالتداوي وأمر أيضا بعض الصحابة بأن يكتوي ونحو ذلك فليس في الحديث أن أولئك لا يباشرون الأسباب مطلقا، أو لا يباشرون أسباب الدواء، وإنما فيه ذكر لهذه الثلاث بخصوصها، لأنه يكثر تعلق القلب والتفاته إلى الراقي، أو إلى الكي، أو الكاوي، أو إلى التطير، ففيها إنقاص من مقام التوكل. أما التداوي: فهو مشروع، وهو: إما واجب، أو مستحب، وقد يكون في بعض الأحوال مباحا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام» فالمقصود من هذا: أن التداوي ليس خارما لتحقيق التوحيد ولكن الذي هو من صفة أهل تحقيق التوحيد أنهم لا يسترقون بخصوص الرقية، ولا يكتوون بخصوص الكي، ولا يتطيرون، وأما ما عدا ذلك مما أذن به، فلا يدخل فيما يختص به أهل تحقيق التوحيد.
والأظهر عندي أن قوله في هذا الحديث «لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون» أنه مخصوص بهذه الثلاثة.
قال: «فقام عكاشة بن محصن فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: " أنت منهم " ثم قام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: " سبقك بها عكاشة» : هذا فيه دليل على
أن أهل تحقيق التوحيد قليل وليسوا بكثير، ولهذا جاء عددهم في هذا الحديث بأنهم سبعون ألفا، وقد جاء في بعض الروايات عند الإمام أحمد وعند غيره بأن الله - جل وعلا - أعطى النبي صلى الله عليه وسلم مع كل ألف من السبعين سبعين ألفا فيكون العدد قرابة خمسة ملايين من هذه الأمة، فإن كان ذلك الحديث صحيحا - وقد صحح إسناده بعض أهل العلم - فإنه لا يكون للعدد في هذا الحديث مفهوم، أو كان ذلك قبل سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن يُزاد في عدد أولئك الذين حققوا التوحيد. فإن قيل: ما معنى أن يُزاد في عددهم؟ فالجواب: أن المعنى أن الله - جل وعلا - يَمُنُّ على أناس من هذه الأمة - غير السبعين ألفا - ممن سيأتون بَعْدُ، فيوفقهم لعمل تحقيق التوحيد؛ فالله - جل وعلا - هو الذي يوفق، وهو الذي يهدي، ثم هو الذي يجازي. فما أعظمه من محسن، بَرٍّ، ك .
التمهيد لشرح كتاب التوحيد للشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ (1/40)









رد مع اقتباس
قديم 2014-12-17, 16:28   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أبو همام الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أبو همام الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

لا تتعجب: طلب الرقية من الغير لا يخرجك من السبعين ألف ؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ،ونستعينه،ونستغفره ، ونعــوذ بالله من شرور أنفـسنا،ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لإله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد :
فقد شرع الله سبحانه وتعالى العلاج والاستشفاء بكلامه ، فأنزل القرآن فيه شفاء ،قال تعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا }(82) الإسراء.
وقال { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} (44) فصلت .
شرع ذلك للأمراض الحسية والمعنوية ، كما سخر لعباده أنواعا من الأدوية المباحة لحفظ الصحة الموجودة ، ورد المفقودة ، وهذه نعمة من جملة النعم الكثيرة والمنافع العظيمة التي شرعها الله ومنّ بها على عباده لإصلاح أحوالهم الدينية والدنيوية .
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر أمته بالتداوي والعلاج بالرقى وغيرها وكان يقول :(نَعم يَا عِبادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللهَ عَز وجلَّ لَم يَضَع دَاءً إِلَّا وَضَعَ لهُ شِفاءً غَير دَاءِ واحِدٍ) قالوا: ومَا هُو يَا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الهَرمُ) ..>>(1).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» أخرجه البخاري ( 5678).
وأن طلب العلاج الذي يكون سببا للبرء من الداء أمر مشروع مأمور به لا ينافي التوكل إذا جُعل مجرد سبب فقط لا يؤثر بنفسه وإنما المؤثر الحقيقي في السبب هو الله ،وأن السبب إنما يؤثر بإذن الله وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه عالج من الحمى ،ورقى نفسه ، ورُقي له ، ورَقى غيره ، وأمر بالرقية ، وأمر أن تطلب الرقية من الغير ورغب فيها ، وأقرها ..وبيان ذلك بالتفصيل في رسالتي توضيح الرؤية كثير من مسائل الرقية الشرعية يسر الله إخراجها.
وحث صلى الله عليه وسلم على العلاج بالكي كآخر ما يلجأ إليه ، وكوى بنفسه فهذا عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ شِفَاءٌ، فَفِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» البخاري(5704) وبوب عليه بَابُ مَنِ اكْتَوَى أَوْ كَوَى غَيْرَهُ، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَوِ .
عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَوَى سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رَمْيَتِهِ» أبو داود (3866 )وَعنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَكَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْكَةِ» ( 2) وقد اكتوى بعض الصحابة رضي الله عنهم منهم ابن عمر ..
فالعلاج بطلب الرقية أو الحجامة والعسل والكي وغيرها من الأسباب المشروعة لا ينافي التوكل بل الأخذ بها على الوجه المشروع هو من التوكل على الله تعالى .
قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد"( 4/13-14)بعد أن أورد حديث أسامة بن شريك هذا، وحديث جابر عند مسلم (2204): <<لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله>> وحديث أبي هريرة المتفق عليه: << ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء>>وغيرها -..
فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها ... ثم قال: وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولابد مع هذا الاعتماد مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً، ولا توكله عجزاً ... وانظر تمام كلامه فإنه غاية في النفاسة.
وقال الشيخ ابن باز – رحمه الله - في حكم التداوي وهل فعل الأسباب ينافي التوكل؟
يقول السائل: إن بعض أهل العلم قال ما محصلته: إنه لا يجب التداوي منمرض ولو ظن نفعه وترْكه أفضل، روي ذلك عن الإمام أحمد رضي الله عنه لأنه أقربللتوكل ولخبر الصديق...إلى آخره. نرجو بسط القول في هذه المسألة، وما هو خبر الصديقوما رأي سماحتكم في ذلك؟
الجواب من معاليه – رحمه الله - الصواب في التداوي أنه مستحب مشروع ذكره النووي رحمه الله وآخرون عن جمهور العلماء، وأنه قول الأكثرين.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه مستوي الطرفين لا يستحب ولا يكره، بل هو حلال.
وذهب آخرون أن تركه أفضل، ويروى عن الصديق أنه في مرضه لما قيل له: ألا ندعو لك الطبيب فقال: (الطبيب أمرضني)، ولكن لا يُعرف صحةُ هذا عن الصديق.
فالمقصود أن الذي عليه جمهور أهل العلم وهو الصواب أن التداوي مستحب بالأدوية الشرعية المباحة التي ليس فيها حرام، كالتداوي بقراءة القرآن والرقية الشرعية والتداوي بالكي؛ فالكي، لا بأس به عند الحاجة.
وقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وقد رقاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فالتداوي لا بأس به والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام))(3)، فالتداوي أمر مشروع ولا بأس به ولا ينافي التوكل.
التوكل يشمل الأمرين؛ الاعتماد على الله والتفويض إليه مع تعاطي الأسباب، ولا ينبغي للإنسان أن يقول: أنا أتوكل على الله ولا آكل ولا أشرب ولا أتزوج ولا أتسبب، ولا أبيع ولا أشتري، ولا أتعاطي زراعة ولا صناعة، هذا غلط فتعاطي الأسباب لا ينافي التوكل بل هو من التوكل، وهكذا التداوي من التوكل، ولهذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى التداوي، وسئل عن الرقى والأدوية قال: ((هي من قدر الله))(4).
وقال عمر رضي الله عنه لما أتى الشام وبلغه أن بالشام وباء الطاعون، انصرف الناس فرجع بهم وقال: (نفر من قدر الله إلى قدر الله). ثم أبلغه عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فإذا سمعتم به في بلد فلا تقدموا عليه))(5) فسر بذلك؛ لأنه السنة.
فالمقصود أن التداوي أمر مشروع على الصحيح وهو قول أكثر أهل العلم، ومن تركه فلا حرج عليه. وإذا ظن نفعه واشتدت الحاجة إليه تأكد؛ لأن تركه يضره، ويتعب نفسه،
ويتعب أهله، ويتعب خدامه، فالتداوي فيه مصالح لنفسه ولأهله؛ ولأن التداوي يعين على أسباب الشفاء، (( البرء))ويعين على طاعة الله، حتى يصلي في المسجد، وحتى يقوم بأمور تنفع الناس وتنفعه، فإذا تعطل بسبب المرض تعطلت أشياء كثيرة، وإن كان يثاب في حال المرض عما كان يعمله في حال الصحة كما في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم))(6) هذا من فضل الله جل وعلا.
ولكن التداوي فيه مصالح كثيرة إذا كان بالوجه الشرعي والأدوية المباحة هذا هو الصواب. ومن قال: إنه مستوي الطرفين أو إن تركه أفضل.فقوله مرجوح، والحق أحق بالاتباع، والأدلة الشرعية مقدمة على كل أحد.
وأما احتجاجهم بحديث السبعين ألفاً الذي يدخلون الجنة بغير حساب؛ فهؤلاء السبعون ألفاً ما تركوا الأسباب، إنما تركوا الاسترقاء وهو طلب الرقية من الناس، فهذه تركها أفضل، وتركوا الكي وتركه أفضل، لكن عند الحاجة لا بأس بالكي، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((الشفاء في ثلاث؛ كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، وما أحب أن أكتوي))(7).
وفي لفظ آخر قال: ((وأنا أنهى أمتي عن الكي))(8) قد كوى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإذا دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس به، وهو سبب مباح عند الحاجة إليه.
والاسترقاء: طلب الرقية، أما إذا رقى من دون سؤال فهو من الأسباب ولا بأس به، ولا كراهة في ذلك.
أما الطيرة في حديث السبعين ألفاًَ الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، فالطيرة محرمة وشرك أصغر، وهو التشاؤم بالمرئيات والمسموعات حتى يرجع عن حاجته، هذا لا يجوز وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وعلى ربهم يتوكلون))(9). هذا يشمل المتداوي وغيره، فإن التوكل لا يمنع من تعاطي الأسباب، ألست تأكل؟ ألست تشرب؟ فالأكل سبب للشبع ولقوام هذا البدن وسلامته، هكذا الشرب لا يجوز للإنسان أن يقول: أنا لا آكل ولا أشرب وأتوكل على الله في حياتي وأبقى صحيحاً سليماً؛ فهذا لا يجوز، ولا يقوله عاقل، هكذا يلبس الثياب الثقيلة في الشتاء للدفء؛ لأنه يضره البرد، وهكذا الأسباب الأخرى من إغلاق الباب خوفاً من السراق، كذلك حمل السلاح عند الحاجة، كل هذه أسباب مأمور بها لا تنافي التوكل، والنبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتوكلين في أُحُد حمل السلاح ولبس اللامة، وفي بدر كذلك، وفي أُحُد ظاهر بين درعين أي لبس الدرعين..
ودخل مكة صلى الله عليه وسلم وعليه المغفر، كل هذه أسباب فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد المتوكلين عليه الصلاة والسلام .

حكم طلب الرقية الشرعية من المعروفين بها :
فإذا عرفت أن الأخذ بالأسباب يعتبر من التوكل وتمامه ولا ينافيه وعرفت أن العلاج بالرقية من ذلك أي من الأخذ بالأسباب الذي لا ينافي التوكل بقي ان تعرف حكم الاسترقاء وهو طلب الرقية من الغير فإليك ذلك محررا بأدلته .
اختلف العلماء في جواز طلب الرقية ، بالنفس ، فمنعها قوم واستدلوابأحاديث منها عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :<< من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل >> (10).
ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم - :<< لاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ >> .البخاري (ح5705)ومسلم (218).
وقوله : ( لاَ يَسْتَرْقُونَ ) أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لأن ذلك سؤال للمخلوق، والسؤال للمخلوق فيه ذِلّة، ولما في ذلك من التعلق بغير الله.فهم يستغنون عن الناس، ويعتمدون على الله سبحانه وتعالى، وهذا من تمام التوكل وهو من كمال التّوحيد. وغيرها من الآثار.
وأجازها آخرون مع الكراهة ، وقالوا منعها من باب كمال التوكل ، وجوازها للأحاديث العامة التي تأمر بالتداوي ، ولأنه هذا دعاء المسلم لأخيه .
قال الشيح عبد العزيز الراجحي في كتابه : ( مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور (1/203):
وَالاسْتِرْقاءُ : طلبُ الرُّقيةِ ، وَهُوَ مِنْ أَنوَاعِ الدُّعَاءِ ، وَمَعَ هَذَا فقدْ ثبتَ عَنْهُ- صلى الله عليه وسلم- أَنهُ قالَ:<< مَا مِنْ رَجُل ٍ يَدْعُوْ لهُ أَخُوْهُ بظهْرِ الغيْبِ دَعْوَة ً، إلا َّ وَكلَ الله ُ بهَا مَلكا ، كلمَا دَعَا لأَخِيْهِ دَعْوَة ً قالَ الملك ُ: وَلك َمِثْلُ ذلِك >>(11).
وَمِنَ المشْرُوْعِ في الدُّعَاءِ : دُعَاءُ غائِبٍ لِغائِب . وَلهِذَا أَمَرَ النَّبيُّ- صلى الله عليه وسلم- المسلمين بأن يصلوا ويسلموا عَليْهِ ، وأن يطلبوا الوَسِيْلة َ له . انتهى كلامه بتصرف يسير.
قلت : طلب الرقية فيه أحاديث كثيرة صحيحة صريحة زيادة على الأحاديث التي تأمر وتحث على التداوي والعلاج .
وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالرقية وأذن فيها ، فقال لليهودية : ارقيها بكتاب الله ، وقال للشفاء ارقيه ، وأقر من استرقى ، أي طلب الرقية ، وأمر بالاسترقاء أي طلب الرقية ، كما في حديث عائشة ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- <<كَانَ يَأْمُرُهَا أَنْ تَسْتَرْقِي مِنَ الْعَيْنِ>>.البخاري ( 5849).
قال في فتح الباري: وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ مِثْلُهُ لَكِنْ شَكَّ فِيهِ فَقَالَ أَوْ قَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَائِشَةَ قَوْلُهُ قَالَتْ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ أَيْ يُطْلَبُ الرُّقْيَةَ مِمَّنْ يَعْرِفُ الرُّقَى بِسَبَبِ الْعَيْنِ كَذَا وَقَعَ بِالشَّكِّ هَلْ قَالَتْ أَمَرَ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ أَوْ أَمَرَنِي وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فَقَالَ أَمَرَنِي جَزْمًا وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ سُفْيَانَ كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَسَتَرْقِيَ .
فقولها : كان يأمرها أن تسترقي ، أي تطلب الرقية ، فهل يصح أن يقال أن يأمرها بما يحرم عليها ويكون سببا لمنعها من دخول الجنة بغير حساب ، وهل يؤمر صلى الله عليه وسلم يما ينافي التوكل ويحرم على صاحبه من الوصف الذي يدخله الجنة بغير حساب ؟؟حشاه من ذلك بل هو الحريص على أن لا يعذب أحد من أمته .
وحديث أم سلمة ،ولفظه في الصحيحين أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةٌ فَقَالَ :<< اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ >>. متفق عليه ( اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (1419) .
وفي التمهيد (1748 ) مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْبَيْتِ صَبِيٌّ يَبْكِي فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ بِهِ الْعَيْنَ . قَالَ عُرْوَةُ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: << أَلَا تَسْتَرْقُونَ لَهُ مِنَ الْعَيْنِ>>.
قال أبو عمر : وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ مُرْسَلٌ كَمَا تَرَى ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَكْثَرُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ.
فقوله صلى الله عليه وسلم : استرقوا لها؛ أو(( ألا تسترقون له )) أي اطلبوا الرقية لها فهل يؤمر بما ينافي التوكل حتى لو كان للغير لأن هذا طلب لشيء ينافي التوكل على قول من يمنع طلب الرقية مطلقا للنفس وللغير فهل يعقل ذلك ؟
وأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ - رَضِي اللَّهُ عَنْهَا- ولفظه قَالَتْ قُلْتُ : أَي رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بَنِي جَعْفَرٍ تُصِيبُهُمُ الْعَيْنُ أَفَأَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ قَالَ :<< نَعَمْ وَلَوْ كَانَ شَيءٌ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ >>.(12) .
وفي حديثها هذا من الفوائد أنه فيه الحث على طلب الرقية لمن يعجز عنها لصغر أو جهلا و استفحال مرض ، فليس كل واحد يستطيع أن يرقي نفسه ، ولكن من يستطيع ويصبر للمرض والبلاء ويرقي نفسه متوكلا على الله ، فلا شك أنه أفضل وأكمل ؟ .
وعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ولفظه عند ابن ماجة (3548)قَالَ : لَمَّا اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الطَّائِفِ جَعَلَ يَعْرِضُ لِي شَيْءٌ فِي صَلاَتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي ، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ رَحَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ :<< ابْنُ أَبِي الْعَاصِ ؟ >> قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : << مَا جَاءَ بِكَ ؟>> قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، عَرَضَ لِي شَيْءٌ فِي صَلَوَاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي .
قَالَ :<< ذَاكَ الشَّيْطَانُ ، أدْنُهْ فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَجَلَسْتُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيَّ ، قَالَ : فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ ، وَتَفَلَ فِي فَمِي وَقَالَ : اخْرُجْ عَدُوَّ اللهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، ثُمَّ قَالَ : الْحَقْ بِعَمَلِكَ >>. قَالَ : فَقَالَ عُثْمَانُ : فَلَعَمْرِي مَا أَحْسِبُهُ خَالَطَنِي بَعْدُ.(13).
فقوله رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي من الطائف يشكو ما يجده إلى رسول الله فرقاه صلى الله عليه وسلم ، فقد رحل يطلب العلاج لما يجد ..
وحديث الشفاء في الرجل الأنصاري الذي جاء يطلب الرقية ، فرفضت أن ترقيه فأمرها النبي برقيته ، فقال لها:<< ارقيه وعلميها حفصة >>.
وحديث طلق بن قيس ، والمرأة التي جاءت بابن لها وترصدت النبي وهو في طريقه إلى الحج . وحديث أبي سعيد الخدري في القوم الذين جاءوا يطلبون الرقية ، رضي الله عن الصحابة جميعا وغير هذا ..
فهذه الأحاديث صريحة في طلب الرقية سواء للنفس أو للغير ، وأنه لا نقص في توكل العبد إذا رقى نفسه أو طلب من غيره أن يرقيه، لفعله وأمره بذلك لأهله صلى الله عليه وسلم، وإقراره من طلبها ، وهو أفضل البشر توكلاً عليه الصلاة والسلام، وهو صلى الله عليه وسلم لا يفعل ولا يأمر أهله ولا أصحابه ممن أقرهم على طلبها إلا بما هو الأفضل في حقه صلى الله عليه وسلم وحق أهل بيته ، وحق أصحابه رضي الله عنهم جميعا ، فهو لا يدخر عنهم خيرا قط والأفضل قط وما يسمو بهم إلى الكمال إلا ورغبهم فيه ونصحهم به .
قال ابن عبد البر في التمهيد (5/273)وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى إِبَاحَةِ الِاسْتِرْقَاءِ وَالْمُعَالَجَةِ وَالتَّدَاوِي وَقَالُوا إِنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ لُزُومُهَا لِرِوَايَتِهِمْ لَهَا عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَزَعُ إِلَى اللَّهِ عِنْدَ الْأَمْرِ يَعْرِضُ لَهُمْ وَعِنْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ بِهِمْ فِي التَّعَوُّذِ بِاللَّهِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَإِلَى الِاسْتِرْقَاءِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَاحْتَجُّوا بِالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِبَاحَةِ التَّدَاوِي
وَالِاسْتِرْقَاءِ مِنْهَا قَوْلُهُ :<< تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً>>. وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ .<< الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي شَرْبَةِ عَسَلٍ أَوْ شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَوْ كَيَّةِ نَارٍ وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ>>...
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِالِاسْتِشْفَاءِ بَأْسًا( أي طلب العلاج) وَإِنَّمَا كَرِهُوا مِنْهُ مَا كَرِهُوا مَخَافَةَ أَنْ يُضْعِفَهُمْ .
وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ ( أي يطلب التداوي والعلاج) الْمَجْذُومُ وَغَيْرُ الْمَجْذُومِ ، وَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا ورقى نَسْتَرْقِي بِهَا أَتَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ فَقَالَ هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ ...انتهى كلامه .
أما حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، والذي فيه << ولا يسترقون ، ولا يكتون >> فمحمول على الرقى المحرمة التي كان يفعلها أهل الجاهلية، كما ذكر غير واحد من أهل العلم.(14).
ويؤيد استحباب الاسترقاء ما رواه أحمد (4/278) عن أسامة بن شريك مرفوعاً: << تداووا عباد الله >>.وقد مر معنا في المقدمة .
وأقل أحوال هذا الأمر الاستحباب، وأحسن التداوي ما كان بكتاب الله ، وذِكره ، والتعاويذ ، والرقى التي رقى بها صلى الله عليه وسلم نفسه وأصحابه ورقاه بها جبريل .
وأيضاً فإن طلب الرقية من المسلم من جنس طلب الدعاء منه كما قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (1/182، 328) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من أفضل أصحابه رضي الله عنهم وهو عمر بن الخطاب في شأن أويس بن عامر: << إن استطعت أن يستغفر لك فافعل >>. وفي رواية: << فمن لقيه فليطلب منه أن يستغفر لكم >>. رواه مسلم (2542).
قال ابن عبد البر التمهيد (5/278) : قَالُوا وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :<< أَنَّهُمْ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ>> أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إِلَى نَوْعٍ مِنَ الْكَيِّ مَكْرُوهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ أَوْ يَكُونَ قَصَدَ إِلَى الرُّقَى بِمَا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ ذِكْرِهِ وَقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ كَرَاهِيَةُ الرُّقْيَةِ بِغَيْرِ كِتَابِ اللَّهِ وَعَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ وَأَبَاحَ لِلْيَهُودِيَّةِ أَنْ تَرْقِيَ عَائِشَةَ بِكِتَابِ اللَّهِ .. وَعَلَى إِبَاحَةِ التَّدَاوِي وَالِاسْتِرْقَاءِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
قال القرطبي في المفهم : كتاب الإيمان ، باب يدخل الجنة من أمة محمد صلى الله عليه وسلم سبعون ألفاً بغير حساب (1/464، 465): (( الرُّقى بأسماء الله تعالى هو غاية التوكل على الله، فإنه التجاء إليه، ويتضمن ذلك رغبته له، وتبركاً بأسمائه، والتعويل عليه في كشف الضر والبلاء، فإن كان هذا قادحاً فيلكن الدعاء والأذكار قادحاً في التوكل، ولا قائل به، وكيف يكون ذلك؟ وقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم واسترقي، وأمر بالاسترقاء ورقاه جبريل وغيره، ورقته عائشة، وفعل ذلك الخلفاء والسلف، فإن كانت الرقى قادحة في التوكل ومانعة من اللحوق بالسبعين ألفاً فالتوكل لم يتم للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا لأحد من الخلفاء، ولا يكون أحد منهم في السبعين ألفاً، مع أنهم أفضل من وافى القيامة بعد الأنبياء، ولا يتخيل هذا عاقل)).
وقال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم في شرح الحديث (49) (ج2 ص501): ((ومن رجَّح التداوي قال: إنه حال النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يداوم عليه، وهو لا يفعل إلا الأفضل، وحمل الحديث - أي حديث السبعين ألفاً - على الرقى المكروهة التي يُخشى منها الشرك، بدليل أنه قرنها بالكي والطيرة، وكلاهما مكروه)).(15).
الخلاصة : وعلى ضوء ما مر من الدراسة لهذه المسالة أن يقال : أن الجمع بين قوله :<< لا يسترقون ، ولا يكتوون >> والأحاديث المصرحة بطلب الرقية ممكن وهو أن قوله لا يسترقون أي لا يطلبون الرقية المخالفة التي فيها محظور شرعي مما يقدح في التوكل أو كماله .
وهذا هو الراجح ما دام الجمع ممكن وأن طلب الرقية الشرعية مشروع لا ينافي التوكل ، إذا كانت الرقية شرعية نافعة بالشروط والضوابط التي ذكرها العلماء في الرقية ، والأولى والأفضل والأكمل لمن يعلم الرقية والتعاويذ ويستطيعها أن لا يطلبها ، ويرقي نفسه بنفسه أو مريضه من غير طلب منه إن استطاع ذلك فإن لم يستطع ؛ فلا كراهة فيما أقره النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به ؛ فالنبي لا يأمر بالمكروه ولا يقر به وإنما ذلك من باب الحذر كل الحذر مما يخدش في التوحيد وينافي التوكل على الله ، وذلك أكمل لتوحيده، ثم إنه أحرص من غيره على شفاء نفسه ومريضه، فكلما اشتد اضطراره إلى ربه كلما قرب فرجه، فليقرأ، وليثق بالله، ولا يستعجل النتائج ، فالشفاء بيد الله تعالى ، لا يملكه الراقي ولا الطبيب .


الهوامش :
-----------------

1- قال الشيخ الألباني صحيح - «تخريج الترغيب» (3/259) «غاية المرام» (292) : [جه: 31 ك الطب ، 1ـ ب ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء , ح 3436].
2- صحيح وضعيف الترمذي (2050)قال الترمذي وَفِي البَابِ عَنْ أُبَيٍّ، وَجَابِرٍ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ قال الألباني صحيح .وهو في صحيح ابن ماجة( 3494).
(3) رواه الترمذي: كتاب: الطب، باب: في الأدوية المكروهة، رقم (3874).
(4) رواه الترمذي: كتاب: الطب، باب: ما جاء في الرقى والأدوية، رقم(2965)، وابن ماجه: كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، رقم (3437).
(5) رواه البخاري: كتاب: الطب، باب: ما يذكر في الطاعون، رقم (5728)، ومسلم: كتاب: السلام، باب: الطاعون والطيرة والكهانة، رقم (2218).
(6) رواه أبو داود: كتاب: الجنائز، باب: إذا كان الرجل يعمل عملا صالحاً فشغله عنه مرض، رقم (3091).
(7) رواه البخاري: كتاب: الطب، باب: الشفاء في ثلاث، رقم (5680).
(8) رواه البخاري: كتاب: الطب، باب: الشفاء في ثلاث، رقم (5681).
(9) رواه البخاري: كتاب: من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، رقم (5705)، ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة، رقم (218). موقع الشيخ ابن باز رحمه الله .
10-وأخرجه أبو داود (3855)، والترمذي (2038) وابن حبان (6061، 6064)، والحاكم (4/198، 199، 399، 400) وسنده صحيح. وله شاهد عند أحمد (3/156) من حديث أنس، وسنده حسن. وله شواهد أخرى كثيرة بمعناه
(11) - رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ (6/452)،(5/195) وَمُسْلِمٌ في صَحِيْحِه (2732)،(2733).
12 - أخرجه مالك (ح1680)من طريق معضل . والنسائي في السنن الكبرى (7/73) والترمذي (ح2059) وقال حديث حسن صحيح وأحمد (6/438) والطبراني في الكبير (17/390) وقال الألباني :صحيح ابن ماجة ( 3510 )وكلك قال في مشكاة المصابيح (ح4560).
13-والحديث في صحيح ابن ماجة برقم(2858) وقال الشيخ الألباني: ( صحيح ). والصحيحة برقم (2918).وأصله في صحيح مسلم .


14 - انظر في هذا : تأويل مختلف الحديث 223-227) شرح معاني الآثار كتاب الكراهية باب الكي (4/320-329) معالم السنن( 4/212) شرح السنة (12/159) شرح مسلم للنووي( 14/169) المفهم (1/463-467) المعلم (1/231) التمهيد( 5/273) الآداب الشرعية (2/348-352) .
15 – لزيادة الفائدة ينظر ما ذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص325) وابن القيم في زاد المعاد( 4/10، 15، 16) حول عموم التداوي، وأنه لا ينافي التوكل، بل إن حقيقة التوحيد لا تتم إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله تعالى مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً.

الشيخ أبو بكر يوسف لعويسي الجزائري حفظه الله









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الرقي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc