كل من مر بالتدريس الا و يحلم بهذا المنصب رغم ان الوصول اليه في الجزائر ليس سهلا و ليس صعبا كذلك ..لا يتطلب كفاءة عالية بقدر ما يتطلب وجاهة و معرفة جيدة بخبايا قطاع التربية و اليات صيرورته
و الكل يعلم ان هذا المنصب هو منصب العصمة القانونية بامتياز
اذ المشرع الجزائري جعل من المفتش سوبرمان الذي يحلق في الاجواء و بامكانه ان يخلص أي معلم وقع له مشكل تربوي فهو الملاك الذي يحرس المقاطعات و بالمقابل فهو ايضا الجلاد الذي يقمع المتقاعسين
تشريع غريب جدا اذ كيف لشخص ان يتقمص عدة مناصب صعبة في ان واحد
فهو التربوي و النفساني و المختص الاجتماعي و الاحصائي و البيداغوجي و .......
و هو الذي ارشاداته و صفة دواء لمريض لا يمكن مناقشتها و لا يمكن رفضها
و بهذا فان مدرسا كفؤا له من التجربة ما تكفيه لآداء مهمته التربوية هو في نظر المشرع الجزائري قاصر امام المفتش حتى و لو لم يمر هذا الاخير بالاقسام او مر لفترة قصيرة جدا
اما اليات الزجر فكثيرة جدا في يد المفتش
بداية من الدفتر اليومي : اذ ان هذا الدفتر المقدس يمكن ان يجلب اللعنة على أي مدرس نسي ان يكتب اياته قبل ان ينام كما ان القانون يمنع منعا باتا ان يمس هذا الدفتر المقدس اثناء العمل
القوانين في صالح المفتش ان وقعت الواقعة و نسي المدرس قداسة ذلك او كان مريضا و لا دخل للكفاءة و التجربة او الشهادة في الامر ...و يمكن للمفتش ان يتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على كل من اعلن تمرده و تصفيته نهائيا ان وقع في فخ الدفتر اليومي
و اذا نجا المدرس من الكبيرة الاولى هناك الكبيرة الثانية
المذكرات : و هي وثائق الدرس التي تحضر يوميا قبل الدخول الى القسم و يمنع كذلك منعا باتا انجازها داخله
المشرع الجزائري جعل منها كبيرة اخرى يمكن ان تؤدي بالمدرس الى الجحيم اذا وقع و نسيها او نسي بعضها
و هنا الموقف لا يتمناه أي مدرس اذ لا دخل للكفاءة و لا التجربة و لا التلميذ و لا شيئا اخر في الجريمة اذا اراد المفتش ان يطبق القوانين و يجهز على الجاني
و ان اراد ان يدين احدا يستطيع ان يتحين الفرصة كذلك فالمشرع الجزائري هيأ له كل الظروف المناسبة
و اذا نجا المدرس من الكبيرتين السابقتين فهناك الكثير و الكثير من الصغائر التي ان تراكمت اضرت بصاحبها
عمل المدرس : بداية من التصحيح الى التوازيع الى لباس المأزر و اقفال ازراره الى دفتر المناداة الى صوته ان كان جوهريا او غير مسموع الى الالوان الى ضعف احد التلاميذ الى الاستدراك الى طريقة الالقاء و غيرها
و هنا يكفي المفتش ان اراد ان ينغص على المدرس حياته ان يناقشه في كل صغيرة من تلك الصغائر و يعطيه توجيهات مخالفة و يطالبه بتطبيقها ..و هنا ايضا القانون في صالحه
و المشرع يحميه اذ هو الحارس الامين على التلاميذ و هو المعصوم الذي لا تناقش توجيهاته
و للمفتش الحق ان يقيم المدرس على خلفيات ذلك و يستطيع ان يوبخه او ينذره ان يظل معه في القسم طوال السنة ان يفاجأه متى اراد ان يتلاعب في نقطه بالزيادة و النقصان الخ .........
انا لا اتكلم عن المفتشين كأشخاص فهناك الكثير من المفتشين الذين ضربوا بتلك القوانين عرض الحائط و تحملوا مسؤولية التفتيش امام الله وحده
و لا عن المدرسين كاشخاص فهناك الكثير منهم كذلك و رغم القوانين الا انهم يستطيعون مراوغة المفتش بعدة طرق اخرى و لا يستطيع ان يدينهم في شيئ
انا اتكلم عن قوانين تنظيمية بين منصب المفتش و منصب المدرس في وزارة التربية
قوانين لم تاخذ بعين الاعتبار التلميذ في هذه المعادلة ..
قوانين جعلت من المفتش رسولا ..و جعلت من المدرس صبيا
و الادهى و الامر ان الوضع سارِ منذ اكثر من ثلاثين سنة في قطاع به من الشهادات و من النقابات و من الاداريين و الموجهين ما يكفي لنقد و اصلاح كل الميادين الاخرى و ليس التعليم فقط .