|
الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
لأدلة المادية والكونية على وجود الله
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2010-07-07, 14:51 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
لأدلة المادية والكونية على وجود الله
الأدلة المادية والكونية على وجود الله
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله , صلى الله عليه وسلم يقول الحق سبحانه وتعالى " ونفس وما سواها , فألهمها فجورها وتقواها " أما بعد فإن من أعظم الأعمال الصالحة: القيام بإنقاذ المسلمين من تسلط شياطين الجن عليه بالوساوس وغيرها، وهذا الإنقاذ من أعمال الأنبياء والرسل بل هو من أعظم مقاصد بعثتهم قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" وهو يتحدث عن دفع شياطين الجن عن الإنس: (فهذا من أفضل الأعمال وهو من أعمال الأنبياء والصالحين فإنه ما زال الأنبياء والصالحون يدفعون عن بني آدم بما أذن به ورسوله) قال ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (الوسواس أصل كل كفر وفسوق وعصيان فهو أصل الشر كله فمتى وقي الإنسان شره وقي عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال فإن جميع هذه إنما تحصل بطريق الوسواس). وقد تصل بعض هذه الوساوس إلى حد التشكيك فى وجود الله سبحانه وتعالى فأحببت أن نضع الدليل القاطع على وجود الله , كما أورده فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى , رضى الله عنه وأرضاه , ولكن على حلقات متتالية حتى لا نشق على حضراتكم نبدأ بسم الله الفصل الأول لماذا الأدلةالمادية والكونية الأدلة نوعان الله سبحانه وتعالى وضع في كونه آيات تنطق بوجوده، وتنطق بعظمته، وتنطق بأنه هو الخالق، الجماد يشهد أن لا اله الا الله، والنبات يشهد أن لا اله الا الله، والحيوان يشهد أن لا اله الا الله، والانسان يشهد أن ال اله الا الله، وكل هذا يشهد بأدلة ناطقة لا تحتاج حتى الى مجرد البحث والتفكير والتعمّق. ولقد خاطب الله سبحانه وتعالى كل العقول في كل الأزمان، فجعل هذه الأدلة التي تنطق بوجوده من أول الخلق، ثم كلما تقدم الانسان، وارتقت الحضارة، وكشف الله من علمه ما يشاء لمن يشاء، ازدادت القضية رسوخا وازدادت الآيات وضوحا، ذلك أن الله تعالى شاء عدله أن يخاطب كل العقول، فجاءت آيات الله في الكون الناطقة بألوهيته وحده ليفهمها العقل البسيط، والعقل المرتقي في الكون، ولا اعتقد أن أحدا يستطيع أن يجادل في هذه الأدلة ولا أن ينكر وجودها. ولقد أوجد الله سبحانه وتعالى في هذا الكون أدلة مادية، وأدلة عقلية، وأدلة نصل اليها بالحواس، كلها تنطق بوحدانية الله ووجوده. ولقد جعل الله الأداة الآولى للادراك وجوده هي العقل، تاعقل هو الذي يدرك وجود الله تعالى بالدليل العقلي الذي وضعه الخالق في الكون، ولكن مهمة العقل بالنسبة لهذا الوجود محدودة، ذلك أننا بالعقل ندرك أن هناك خالقا مبدعا قادرا، ولكننا بالعقل لا نستطيع أن ندرك ماذا يريد الخالق منا، وكيف نعبده، وكيف نشكره، وماذا أعد لنا من جزتء، يثيب به من أطاعه، ويعاقب به من عصاه؟؟ فهذا كله فوق قدرة العقل. ولذلك كان لا بد أن يرسل الله الرسل ليبلغونا عن الله، لماذا خلق الله هذا الكون؟ ولماذا خلقنا؟ وما هو منهج الحياة الذي رسمه لنا لتتبعه؟ وماذا أعد لنا من ثواب وعقاب؟ فتلك مهمة فوق قدرات عقولنا، وتلك مهمة لو استخدمنا فيها العقل لما وصلنا الى شيء. وجاء الرسل ومعهم المعجزات من الله بصدق رسالاتهم ومعهم المنهج، وقاموا بابلاغ الناس، ولكننا لن نتحدث هنا عن معجزات تالاسل، وعما جاؤوا به، ولن نتكلم عن أي شيء غيبي. سنتحدث عن الماديات وحدها، ونتكلم عن الأدلة المادي، بما فيها تلك الأدلة التي ترينا فتجعلنا نوقن أن الغيب موجود، وأن ما لا نراه يعيش حولنا، كل هذا بالعقل وليس بالايمان. فالله سبحانه وتعالى وضع الدليل الايماني في الكون كما وضع الدليل العقلي، ولكننا سنحتكم للعقل وحده، ليرى الناس جميعا أن الاحتكام للعقل يعطينا آلاف الأدلة. هذه الأدلة هي من آيات الله، وكلها تشهد أن لا اله الا الله. واذا أردنا أن نبدأ بالأدلة المادية فلا بدّ أن نبدأ بالخلق ، ذلك الدليل الذي نراه جميعا أمام أعيننا ليلا ونهارا، ونلمسه لأننا نعيشه، فالبداية هي أن هذا الكون بكل ما فيه قد وجد أولا قبل أن يخلق الانسان، وتلك قضية لا يستطيع أحد أن يجادل فيها، فلا أحد يستطيع أن يقول ان خلق السموات والأرضتم بعد خلق الانسان، بمعنى أن الانسان جاء ولم تكن هناك أرض يعيش عليها، ولا شمس تشرق، ولا ليل ولا نهار، ولا هواء يتنفسه، بل ان الانسان جاء وكل شيء قد أعد له، بل ان هناك أشياء أكبر من قدرة الانسان خلقت وسخرت للانسان تعطيه كل متطلبات الحياة دون مقابل، وأشياء أخرى خلقت وسخرت للانسان تعطيه ما يشاء ولكنها محتاجة الى جهد الانسان وعمله، وذلك حتى تتم عمارة الأرض. اذن فباستخدام العقل وحده لا أحد يستطيع أن يجادل في أن هذا الكون قد حلق وأعد للانسان قبل أن يخلق الانسان نفسه، فاذا جاء الحق سبحانه وتعالى وقال لنا: { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى الى السماء فسوّاهنّ سبع سموات، وهو بكل شيء عليم} البقرة 29. لا يستطيع أحد أن يجادل عقليا في هذه القضية، لأن الكون تم خلقه قبل خلق الانسان، فكيف يكون للانسان عمل قبل أن يوجد ويخلق؟ وتأتي الآية: { واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة} البقرة 30. نقول: ان هذا يؤكد الحقيقة بأن الكون أعد للانسان قبل أن يخلق، وهذه قضية يؤكدها العقل، ولا يستطيع أن يجادل فيها. وبذلك نكون قد وصلنا الى النقطة الأولى، وهي ان الله سبحانه وتعالى بكمال صفاته وقدراته قد خلق هذا الكون وأوجده ونظمه غير مستعين بأحد من خلقه، ولا محتاج أحد من عباده، واننا جميعا أي البشر قد جئنا الى كون معد لنا اعدادا كاملا. ولكن قدرة هذا الكون لا تخضع لنا ولا لقدراتنا، بل هي أكير من هذه القدرات بكثير. فالشمس مثلا أقوى من قدرة البشر جميعا، وكذلك الأرض والبحار والجبال، اذن فلا بد أن تكون هذه الأشياء قد أخضعت لنا بقدرة من خلقها وليس بقدرتنا نحن، ذلك أنها مسخرة لنا لا تستطيع أن تعصي أمرا، فلا الشمس تستطيع أن تشرق وتغيب يوما حسب هواها لتعطي الدفء ووسائل استمرار الحياة لمن تريد، وتمنعه عمن تشاء، ولا الهواء يسنطيع أن يهب يوما ويتوقف يوما، ولا المطر يستطيع أن يمتنع عن الأرض فتنعدم الحياة ويهلك الناس، ولا الأرض تستطيع أن تمتنع عن انبات الزرع، لا شيء من هذا يمكن أن يحدث، ولا تستطيع البشرية كلها أن تدعي أن لها دخلا في مهمة هذا الكون، لأنه لا خلق هذه الأشياء ولا استمرارها في عطائها يخضع لارادة البشر. فاذا جئنا الى الانسان وجدناه هو الاخر لا بدّ أن يشهد بأن له خالقا وموجودا، فلا يوجد من يستطيع أن يدّعي أنه خلق انسانا، ولا من يستطيع أن يدّعي أنه خلق نفسه. فى الحلقة القادمة إن شاء الله دليل الخلق
|
||||
2010-07-07, 14:52 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
.بارك الله فيك |
|||
2010-07-07, 15:05 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله فيك اختي في ميزان حسناتك دمت في حفظ الرحمن |
|||
2010-07-07, 16:08 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
بارك الله فيك على الموضوع المفيد و القيم |
|||
2010-07-07, 16:17 | رقم المشاركة : 5 | ||||
|
اقتباس:
شكرا لك انتظر باقي الموضوع ان شاء الله
|
||||
2010-07-07, 16:19 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
وفيك بركة اختي شكرا لك
|
|||
2010-07-07, 16:23 | رقم المشاركة : 7 | ||||
|
اقتباس:
جزاك الله خيرا علي مشاركة اسال الله ان تكون في موازين حسناتك
|
||||
2010-07-07, 22:42 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
بارك الله فيك ختي ............. موضوع قمة |
|||
2010-07-07, 23:05 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
وفيك بركة شكرا لردك |
|||
2010-07-11, 22:13 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
دليل الخلق |
|||
2010-07-11, 22:13 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
التحدي الالهي في الخلق
اننا نريدهم، ونحن نتحدى علماء الدنيا كلها، أن ياتي عالم فيقول لنا انه أوجد من العدم، أو أنه خلق ذكرا أو أنثى من أي شيء موجود في هذا الكون، وما أكثر الموجودات في كون الله، وهنا تأتي الحقيقة القرآنية تتحدى في قوله تعالى: { يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له، وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب} الحج 73. هذا هو التحدي الالهي الذي سيبقى قائما حتى يوم القيامة، فلن يستطيع علماء الدنيا ولو اجتمعوا أن يخلقوا ذبابة. ولقد وصل الانسان الى القمر، وقد يصل الى المريخ، وقد يتجاوز ذلك ولكنه سيظل عاجزا عن خلق ذباب مهما كشف الله له من العلم، فلن يعطيه القدرة على خلق ذبابة، وهذا من اعجاز الله، لأنه وحده الذي خلق كل شيء، والعلم كاشف لقدرات الله في الأرض، ولكنه ليس موجدا لشيء، ولذلك يقول القرآن الكريم: { ذلكم الله ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء فاعبدوه، وهو على كل شيء وكيل} الأنعام 102. وبهذا نكون قد أثبتنا بالدليل العقلي أن الله خالق كل شيء في الدنيا، فاذا كان الله قد خلق من هم دون الانسان من نبات وجماد وحيوان فكيف بالانسان بما له من ادراكات وعقل وفكر وتمييز، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} الطور 35. (1/8) واذا كان كل شيء في هذا الكون من خلق الله سبحانه وتعالى، فان قوانين اكون أيضا، تلك هي القوانين التي يسير عليها الكون هي من وضع الله سبحانه وتعالى، الا ما شاء الله أن يجعل للانسان فيه اختيار، فالقوانين التي يمضي عليها الكون هي من وضع الله، والأسباب التي تتم بها الأشياء هي من وضع الله، فالشمس والقمر والنجوم والأرض لا تتبع قوانين البشر، بل تتبع القانون اللهي، والذي خلقها وضع لها القانون الأمثل لتؤدي مهمتها في الكون. فالشمس لها حركة كونية، ولها تحرّك آخر في فلك خلقه الله لها، وكذلك القمر وكذلك الأرض، وكذلك الرياح، والنجوم، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: { الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ووضع الميزان} الرحمن 1_7. اذن فالشمس والقمر والنجوم تتحرك بحساب دقيق فلا تتأخر الشمس عن موعد شروقها ثانية ولا تتقدم ثانية منذ ملايين السنين، وكذلك القمر في دورته الشهرية، وكذلك النجوم في حركتها، يقول الله تعالى: { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} يس 40. أي أن كل هذه الأجرام لها فلك أو مسار معين تمضي فيه باذن الله. ولا تستطيع البشرية كلها أن تؤخر شروق الشمس ثانية، أو أن تقدمها ثانية، أو أن توقف دوران الأرض أو تسرع بها أو تبطئ الى غير ذلك. اذن فثبات قوانين الكون دليل على دقة الخالق وابداعه وعظمته وقدرته، وهذا ما لا يستطيع أحد أن ينكره. دليل الثابت والمتحرك يأتي الفلاسفة ليقولوا: ان الثبات وحده لا يعطي القدرة الكاملة للحق سبحانه وتعالى، ذلك أن الاله بقدرته لا بدّ أن يستطيع أن يخرج عن ميكانيكيته، فذلك هو دوام القدرة أو طلاقة القدرة، أما بقاء الثابت على ثباته، فان ذلك يعطي الدليل على دقة القدرة وابداع الخالق، ولكنه لا يعطي الدليل على طلاقة القدرة؟! (1/9) نقول: ان الله قد أعطى في كونه الدليل على طلاقة القدرة، ولكنه لم يعطه في القوانين الكونية، لأنه لو أعطاه في القوانين الكونية فأشرقت الشمس يوما، وغابت أياما، ودارت الأرض ساعات وتوقفت ساعات، وتغيّر مسار النجوم لفسد الكون!! اذن فمن كمل الخلق أن تكون القوانين الكونية بالنسبة للنظام الأساسي للكون ثابتة لا تتغير والا ضاع النظام، وضاع معه الكون كله، فلا يقول أحد: ان ثبات النظام الكوني يحمل معه الدليل على عدم طلاقة القدرة، بل هو يحمل الدليل على طلاقة القدرة التي تبقي هذا النظام ليصلح الكون. والله سبحانه وتعالى لا يريد كونا فاسدا في نظامه، ولكنه يريد كونا يتناسب مع عظمة الخالق وقدرته وابداعه، فيبقي بطلاقة القدرة الثبات في قوانين هذا الكون، ويظهر بطلاقة القدرة أنه قادر أن يغيّر، ويخرق النواميس بما لا يفسد الحياة في الكون، ولكن بما يلفت خلقه الى طلاقة قدرته. ولنتحدث قليلا عن طلاقة قدرة الله تعالى في كونه، أول مظاهر طلاقة القدرة هي المعجزات التي أيّد الله بها رسله وأنبياءه، ولكننا لن نتحدث عنها هنا، فنحن مع العقل وحده، لنؤكد بالدليل العقلي أن كل ما في الكون يؤكد أنه لا اله الا الله، وأنه هو الخالق والموجد، نأتي الى الأشياء التي تنطق بطلاقة القدرة وهي في كل شيء، واذا جاز لنا أن نبدأ بالانسان فاننا نبدأ بميلاد الانسان أولا، والانسان ككل شيء في هذا الكون يوجد من ذكر وأنثى، فاذا اجتمع الذكر والأنثى جاء الولد، هذا هو قانون الأسباب، وقد يلتقي الذكر والأنثى ولا يأتي الولد، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: { لله ملك السموات والأرض، يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوّجهم ذكرانا واناثا ويجعل من يشاء عقيما، انه عليم قدير} الشورى 42. (1/10) اذن الله سبحانه وتعالى جعل في قوانين الأسباب ـنه متى تزوج الذكر والأنثى يأتي الولد، ولكنه أبقى لنفسه طلاقة القدرة فجعل هناك ذكرا وانثى يتزوجان أعواما ويلة لا يرزقان بالولد، فمع قوانين الأسباب كانت هناك طلاقة القدرة، ولم يجعلها الله سبحانه وتعالى عامة، بل جعلها في أمثلة قليلة لتلفتنا الى طلاقة قدرته، حتى لا نحسب اننا نعيش بالأسباب وحدها. طلاقة القدرة في الكون ولم تقف طلاقة قدرة الله في خلق الانسان عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل كل أوجه الخلق، فألصل في الايجاد هو من ذكر وأنثى، ولكن الله سبحانه وتعالى بطلاقة قدرته خلق انسانا بدون ذكر أو أنثى وهو " آدم" عليه السلام، وخلق من ذكر بدون أنثى وهي " حواء"، خلقها من ضلع آدم عليه السلام، وخلق انسانا من انثى بدون ذكر وهو " عيسى" عليه السلام، وهذه كلها حدثت مرة واحدة لاثبات طلاقة قدرته، وهي لا تتكرر، لأنها تلفتنا الى طلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى، وأنه ليس على قدرته قيود ولا حدود، فهو جل جلاله خالق الأسباب، وقدرته تبارك وتعالى فوق الأسباب، على أن هناك أشياء كثيرة عن طلاقة قدرة الله بالنسبة للانسان سنتحدث عنها تفصيلا في فصل قادم. نأتي الى طلاقة قدرة الله تعالى في ظواهر الكون، لو أخذنا المطر مثلا، الله سبحانه وتعالى بأسباب الكون جعل مناطق ممطرة في الكون، ومناطق لا ينزل فيها المطر، والعلماء كشف الله لهم من علمه ما جعلهم يضعون خريطة للأسباب تحدد المناطق الممطرة وغير الممطرة. (1/11) يأتي الله سبحانه وتعالى في لفتة الى طلاقة قدرته، قتجد المناطق الممطرة لا تنزل فيها قطرة ماء وتصاب بالجدب، ويهلك الزرع والحيوان، وقد يموت الانسان عطشا، بالرغم من أن هذه المناطق كان المطر ينزل فيها وربما سار في أنهار ليروي غيرها من البلاد التي لا ينزل فيها المطر. فنجد مثلا منابع النيل التي هي مناطق غزيرة المطر، تأتي فيها سنوات جدب فلا يجد الناس الماء، ونجد بلادا كالولايات المتحدة وبلاد أوروبا يصيبها الجدب في سنوات، ولا يحدث هذا بشكل مستمر، بل في سنوات متباعدة، لو أن المطر ينزل بالأسباب وحدها ما وقع هذا الجدب في المناطق الغزيرة المطر، ولكن الله يريد أن يلفتنا الى طلاقة قدرته والى أن الماء الذي ينزل من السماء ليس خاضعا للأسباب وحدها، ولكن الي يحكمه هو طلاقة قدرة الله، حتى لا نعتقد أننا أخذنا الدنيا وملكناها بالأسباب، ولكي نعرف أن هناك طلاقة لقدرة الله سبحانه وتعالى هي التي تعطي وتمنع، وأنه جل جلاله فوق الأسباب وهو سبحانه المسبب يغيّر ويبدّل كما يشاء. فاذا جئنا الى الزرع، ذلك الذي فيه عمل للانسان، نجد مظاهر طلاقة القدرة، فالانسان يزرع الزرع والله يعطيه كل الأسباب، الماء موجود والكيماويات متوفرة، والأرض جيّدة، ثم بعد ذلك تأتي آفة لا يعرف أحد عنها شيئا، ولا يحسب حسابها فتقضي على هذا الزرع تماما، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: { وأحيط بثمره فأصبح يقلّب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا} الكهف 42. ونحن نعرف أن الآفات تصيب كل مكان في الأرض لا يعلو عليها علم مهما بلغ، وهكذا نعرف أن الأرض لا تعطينا الثمر بالأسباب وحدها، ولكن بقدرة الله سبحانه وتعالى التي هي فوق الأسباب، لكيلا نعبد الأسباب وننسى المسبب وهو الله تعالى. (1/12) فاذا انتقلنا الى الحيوان نجد طلاقة القدرة واضحة، فهناك من الحيوان ما تزيد قوته على الانسان مرات ومرات، ولكن الله سبحانه وتعالى قد أخضعه وذلله للانسان، فتجد الصبي الصغير يقود الجمل أو الحصان ويضربه، والجمل مثلا يستطيع أن يقضي عليه بضربة قدم واحدة ولكنه لا بفعل شيئا ويمضي ذليلا مطيعا ولا يرد على الايذاء رغم قدرته على ذلك، ونجد الكلب مثلا يحرس صاحبه ويدافع عنه لأن الله ذلله له. فاذا جئنا الى الذئب أو الى الثعب من نفس فصيلة الكلب نجده يفترس الانسان ويقتله، ولو أن هذا التذليل للحيوان بقدرة الانسان لاستطاع كما ذلل الجمل والبقرة والكلب أن يذلل الذئب والثعلب وغيرهما من الحيوانات، ولكن الله يريد أن يلفتنا الى أن هذا التذليل بقدرته سبحانه وتعالى، ان الثعبان الصغير وهو حشرة ضئيلة الحجم يقتل الانسان، دون أن يستطيع أن يذلله، ليلفتنا الله سبحانه الى أن كل شيء بقدرته وجعل موازين القوة والضخامة تختل، حتى لا يقال ان هذا الحيوان قوي بحجمه أو بالقوة التي خلقت له، بل جعل أضعف الأشياء يمكن أن يكون قاتلا للبشر. ثم نأتي الى الجماد، الأرض من طبيعتها ثبات قشرتها حتى يستطيع الناس أن يعيشوا عليها، ويبنوا مساكنهم، ويمارسوا حياتهم، ولو أن قشرة الأرض لم تكن ثابتة لاستحالة الحياة عليها، ولاستحالت عمارتها، والله سبحانه وتعالى يريد منا عمارة الأرض، ولذلك جعل قشرتها ثابتة صلبة، ولكن في بعض الأحيان تتحول الى عدم ثبات، فتنفجر البراكين ملقية بالحمم، وتحدث الزلازل التي تدمر كل ما على المكان الذي تقع فيه. (1/13) |
|||
2010-07-11, 22:14 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
ويتقدم العلم ويكشف الله بعضا من علمه لبعض خلقه ما يشاء، ولكن يبقى الانسان عاجزا على أن يتنبأ بالزلازل، فيأتي الزلزال في أكثر بلاد الدنيا تقدما ليفاجئ أهلها دون أن يشعروا بقرب وقوعه، بل انه من طلاقة قدرة الله تعالى أنه أعطى بعض الحيوانات، التي ليس لها عقول تفكر، ولا علم ولا حضارة، أعطاها غريزة الاحساس بقرب وقوع الزلزال، ولذلك فهي تسارع بمغادرة المكان أو يحدث لها هياج، ان كانت محبوسة في لأقفاص أو حظائر مغلقة، وذلك ليلفتنا الله سبحانه وتعالى الى أن العلم يأتي منه سبحانه وتعالى ولا يحصل عليه الانسان بقدرته، فيعطي سبحانه من لا قدرة له على الفكر والكشف العلمي ما لا يعطيه لذلك الذي ميزه بالعقل والعلم. |
|||
2010-07-11, 22:15 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
اذن الروح، وهي موجودة في جسدك، غيب عنك، فأنت لا تعرف ما هي؟ ولا أين هي؟ وأنت لا تعرف كيفية سريانها في الجسم، والا قل لنا اذا أصيب الانسان في حادث وبترت ساقاه، أين ذهبت الروح التي كانت في الساقين تعطيهما الحركة والحياة؟ ولكنك تستدل على وجود الروح مع أنها غيب عنك بآثارها في أنها تعطي الحياة والحركة لجسدك، ولكن هل وجود الروح في المخلوق الحيّ وجود يقيني؟ يقول أكبر علماء الدنيا الماديين: نعم، ولا يستطيع أحد أن ينكر ان الجسد الحي فيه الروح، وأن الجسد الميت قد خرجت الروح منه. |
|||
2010-07-11, 22:16 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
ان هذا يحدث ليلفتنا الحق جل جلاله الى أنه لا أحد يأخذ الملك أو المركز العالي بارادته وتخطيطه، وانما هي أقدار الله يجريها الله على خلقه، فاذا أتى أمر الله نزع منه كل شيء، ولو كان الأمر بذاته لما استطاع أحد أن ينزعه منه، ولا يوجد انسان في هذا الكون يستطيع أن يدعي أنه في منعة من قدر الله، فاذا كانت هذه هي الحقيقة فهي الدليل المادي على أن الانسان تحكمه قدرة خالقه، وأنه لا يستطيع لنفسه نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله.
أفعال الانسان فاذا انتقلنا بعد ذلك الى فعل الانسان وعمله الدنيوي، تجد بعض الناس يقول: انني سأفعل كذا وكذا، نقول له: انك أعجز من أن تفعل الا أن يشاء الله، فالفعل محتاج الى زمان، ومحتاج الى مكان، ومحتاج الى مفعول به، وأنت لا تملك شيئا من هذا كله، فاذا جئنا الى الفاعل فأنت لا تملك حتى اللحظة التي تعيش فيها، ولا تضمن أن يمتد بك العمر ثانية واحدة، حتى ولو كانت كل الشواهد الصحية تدل على ذلك، ألا يوجد من لا يشكو من شيء، ثم يسقط فجأة ميتا، ويقال جاءت جلطة في المخ، أو سكتة قلبية، أو أصيب بهبوط حاد في الدورة الدموية. هذه كلها أسباب، ولكن السبب الحقيي هو أن الأجل قد انتهى، مصداقا لقوله تعالى: {فاذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} الأعراف 34. اذن ساعة أن صدر الأمر من المسبب وهو الله جل جلاله انتهى العمر. ومن العجيب أنك ترى أكبر أطباء القلب يموتون بأمراض القلب، وأكبر أطباء المخ تنتهي حياتهم بمرض في المخ، فاذا ملكت اللحظة التي تعيش فيها، وبقيت حتى ساعة اتمام الفعل، فانك قد تصاب بمرض يقعدك عن الحركة، فلا تستطيع اتمام الفعل، هذا بالنسبة للفاعل. (1/26) فاذا جئنا للزمن فأنت لا تملك الزمن، ولكنه هو الذي يملكك، ولذلك فانه قد يأتي زمن التنفيذ فتفاجأ بحدث يمنعك، كأن يصاب ابنك في حادث مثلا، أو يموت أحد أقربائك، أو تضطر اضطرارا الى سفر عاجل لمهمة ضرورية، أو يقبض عليك في جريمة أو في اتهام. اذن فأنت لا تكلك الزمن ولا تستطيع أن تقول انني في ساعة كذا سأفعل كذا. وبالنسبة للمكان فقد تختار مكانا لتبني فيه عمارة مثلا، فتأتي لتجد أن هذا المكان قد استولت عليه الدولة للمنفعة العامة، أو قد ظهر له ورثة لم تكن تعرفهم فأوقفوا العمل، أو أن تققر أن يقام في وسطه طريق، أو أن الأرض تحتها مياه جوفية تجعلها غير صالحة للبناء. واذا جئنا للمفعول به فقد يرفض الذي تطلب منه القيام بالعمل به، وقد لا تجد عمالا ليقوموا بالتنفيذ، وقد لا يأتي المقاول الذي اتفقت معه وقد لا يحضر الموظف الذي سيعطيك الرخصة لبدء العمل. اذن فأنت لا تملك شيئا من عناصر الفعل كلها، ولذلك طلب منك الله سبحانه وتعالى أن تتأدب وتعطي الشيء لأهله، وتنسبه الى الفاعل الحقيقي، فقال سبحانه وتعالى: { ولا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله، واذكر ربك اذا نسيت وقل عسى يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا} الكهف 23،24. اعجاز القرآن تأتي بعد ذلك الى معجزة اخرى في النفس البشرية، تلك هي معجزة القرآن الكريم والقرآن فيه اعجاز كثير. ولكننا نتحدث هنا عن الاعجاز القرآني في النفس البشرية كل انسان منا له طاقة وقدرة عقلية، فالمتعلم طاقته العقلية أكبر ممن لم ينل حظا من العلم أو من الأمي، وهؤلاء جميعا لا يمكن أن يجتمعوا عقلا ليشهدوا شيئا واحدا، وكل واحد منهم ينسجم مع هذا الشيء نفس الانسجام، فاذا كانت مثلا هناك محاضرة في فرع من العلوم فلا بستطيع أن ينسجم معها الا ذلك الذي يفهم في هذا الفرع، أما اذا دخل اليها عدد من الذين لم يقرأوا عن هذا العلم فان الانسجام يضيع، ذلك يحدث في كل فرع من فروع الدنيا. (1/27) ولكنك اذا جئت الى القرآن الكريم، وهو كلام الله، تجد أن كل النفوس البشرية المؤمنة تنسجم معه، لا تجمعها رابطة الايمان، انك تدخل الى المسجد تجد فيه المتعلم ونصف المتعلم والعالم وقد جلسوا معا جميعا يستمعون الى القرآن الكريم، وتجدهم جميعا منسجمين مع القرآن، تهتز نفوسهم له، وترتاح ملكاتهم اليه، لا فرق بينهم، حتى ذلك الذي لا يعرف معنى ألفاظ القرآن الكريم، تجده جالسا يستمع وهو منسجم ويهتز من داخله، وتقام الصلاة فيقف الجميع في انسجام وراء الامام، تختفي الفوارق الدنيوية بينهم، ولكن تجمعهم رابطة الايمان، فيصلون جميعا بانسجام، لأن ملكاتهم التي خلقها الله فيهم منسجمة ومتفقة مع كلام الله، فلا تلحظ فرقا ولا ترى الا مساواة ايمانية. بل انه من العجيب ان القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد في العالم الذي يمكن أن يحفظه الانسان بدون فهم، فتجد الطفل الصغير عمره سبع سنوات وربما أقل من ذلك ومع هذا يحفظ القرآن بكامله، أيمكن لهذا الطفل الصغير غير المكلف أن يستوعب معاني القرآن الكريم؟ بالطبع لا، ولكن الايمان الفطري في داخله يجعله يحفظ القرآن عن ظهر قلب ويتلوه، لأن هذا الايمان من الخالق وهو الله سبحانه وتعالى، ولذلك تنسجم النفس البشرية وهي في أولى مراحلها مع كلام الخالق، أليس هذا اعجاز نقف عنده ايلفتنا الى الله سبحانه وتعالى، وأنه هو الخالق وهو الموجد، فاذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود الا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" البخاري ومسلم. قلنا صدقت يا رسول الله، وأكبر دليل على ذلك هو انسجام فطرة الانسان مع كلام الله. بل وأكثر من ذلك، يأتي الله سبحانه وتعالى ليرينا أن الانسان هو هو وأنه سيأتي به يوم القيامة دون أن يختلط أحد مع أحد، ويتساءل الذين لا يؤمنون: كيف يمكن أن يأتي الانسان بنفسه يوم القيامة دون ان يختلط أحد مع احد؟ (1/28) نقول: ان الله سبحانه وتعالى رحمة بعقولنا قد أعطانا الدليل في الدينا، ولن ندخل في تكوين الانسان، ولا في أشياء غيبية، ولكننا نأخذ بالدليل المادي وحده، فالبشر وهم بلايين، كلهم مخلوقون على هيئة واحدة، ولكن كل واحد منهم مميز عن الآخر، فالأب يعرف ابنه من بين ملايين البشر، والابن يعرف أباه وأمه بين ملايين النساء والرجال بمجرد النظرة، بمجرد اللمحة تستطيع أن تخرج ابنك أو أباك أو أمك من بين الناس جميعا هذا تمييز للانسان لا يشترك فيه بقية الخلق، فأنت لا تستطيع أن تميز بقرة عن بقرة أو جمل عن جمل، أو أي مخلوق آخر الا الانسان. ولذلك فان رعاة الغنم يرقمونها أو يضعون عليها علامات مميزة حتى يعرفوها، ولكنهم لا يضعون على أولادهم علامات حتى يميزوهم عن غيرهم من ملايين الصغار. الانسان والتميز اننا نجد الانسان مميزا ببصمة الأصابع، لا تتشابه بصمة ابهام انسان مع انسان آخر رغم وجود بلايين البشر، ليس هذا فقط ولكن لكل منا بصمة رائحة لا تتشابه مع انسان آخر ونحن لا ندركها، ولكن كلب الشرطة المدرب هو الذي أعطاه الله ملكة التميز فيشم رائحة الأثر، فيخرج هذا الانسان من بين عشرات بل المئات. وكلما أعيدت التجربة قام كلب الشرطة باخراج نفس الشخص، بل انه مع تقدم العلم وجد أنه لكل انسان بصمة صوت تميزه عن الآخر، وبصمة فك خاصة بأسنانه، كل هذا ليلفتنا الحق سبحانه وتعالى الى أنه ميز كل انسان بميزات لا يشترك فيها أحد مع أحد حتى ياتي به يوم البعث هو هو نفسه. بل ان الله سبحانه وتعالى وضع فينا العدل بالنسبة لأبنائنا رغما عنا فتجد الأب يحب أصغر أبنائه أكثر من الكبار، لماذا؟ لأن الابن الصغير مهما امتد العمر بالأب سيقضي في رعاية أبيه سنوات أقل من الكبار، ولذلك أعطاه حنانا أكبر ليعوضه عن هذه السنوات، حتى يكون خير الأب وعطفه قد وزعا على أبنائه بالعدل، فمنهم من أخذ عطفا أقل وسنوات أكثر، ومنهم من أخذ سنوات أقل وعطفا أكثر. (1/29) الى هنا نكون قد وصلنا الى بيان بعض الفيوضات التي شملتها الآية الكريمة: { وفي أنفسكم أفلا تبصرون}. فالآية أعطتنا بوضوح الدليل المادي من النفس البشرية بانها تعرف الله بالفطرة، وتعرف الخير والشر بالفطرة، مصداقا لقول الله تعالى: { فألهمها فجورها وتقواها} الشمس 8. وأن هذه النفس بالدليل المادي لا تملك لذاتها نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله، وأنها منسجمة مع الايمان بفطرة خلقها، ومنسجمة مع كلام الله بفطرتها الايمانية. على أن الدليل المادي لوجود الله لا يشمل النفس البشرية وحدها، بل يشمل كل شيء في الكون، فكل ما في الكون ينطق بأنه لا اله الا الله، وفي كل شيء دليل، وسنبدأ في الفصل القادم بالدليل الغيبي. الفصل الثالث الدليل الغيبي الغيب نوعان قد يكون عنوان هذا الفصل فيه تناقض ظاهري مع موضوع الكتاب، ذلك أننا لا نتحدث هنا عن الغيب، ولكننا نتحدث عن الأدلة المادية التي يتحكم فيها العقل وحده ويشهد بها، ولذلك قد يقال: ما دمتم تتحدثون عن الدليل العقلي على وجود الله، فلماذا لجأتم الى الغيب؟ نقول: اننا لم نلجأ الى ما هو غيب كالملائكة والجنة والنار وحياة البرزخ الى غير ذلك مما يغيب عن عقولنا ولكننا نأخذ بالدليل المادي ما يؤكد لنا أن الغيب قائم وموجود، وأننا ان لم ندركه بعقولنا وأبصارنا، فليس معنى ذلك أنه غير موجود يؤدي مهمته في الحياة، ذلك أن وجود الشيء مختلف تماما عن ادراك هذا الوجود، فقد يوجد الشيء وأنت لا تدركه، ومع ذلك فهو يؤدي مهمته في الحياة، ثم تأتي نفحة من رحمة الله تجعلنا ندرك بعقولنا أن ما حسبنا أنه ليس موجودا انما هو موجود وقائم ويؤدي مهمته. وقبل أن نبدأ ااحديث لا بد أن نعرف أن هناك نوعان من الغيب: غيبا نسبيا وغيبا مطلقا، الغيب النسبي لا يعتبر غيبا في علم الله وحده، بل يمكن أن يعرفه البشر، والغيب المطلق لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى. (1/30) ما هو الغيب النسبي؟ هو ما لا تعلمه أنت ولكن يعلمه غيرك، هب أن رئيس دولة ما اختار أحد الناس ليتولى منصب الوزارة، ولكن هذا الاختيار لم يبلغ صاحبه، اذن فهو غيب عن صاحبه، ولكنه معلوم لرئيس الدولة وكتبه الى آخره، ولنفرض أن لصا سرق من بيتك شيئا، أنت حين اكتشفت السرقة لا تعرف من الذي سرق؟ ولا أين المسروقات؟ ولكن الذي سرق يعرف نفسه ويعرف أين اخفى المسروقات, الخ.. اذن فهذا غيب نسبي، أي بالنسبة لك ولكنه معلوم بالنسبة لغيرك، هذا الغيب قد يعرفه بعض الناس، ولكن الغيب المطلق لا يعرفه أحد. الله سبحانه وتعالى كشف لنا أنه يعلم الغيب النسبي والغيب المطلق، وأعطانا الدليل على ذلك حتى نعرف ان ما سيقع في هذا الكون موجود عند الله، ومعلوم ومعد، بحيث يخرج الى الدنيا بكلمة كن، ولذلك فاننا لا بد أن نلتفت الى آيتين كريميتين في القرىن الكريم، الآية الأولى قول الله تعالى: {انما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} يس 82. أي أن الله سبحانه وتعالى حين يريد أن يظهر لنا شيئا يمارس مهمته في الحياة فانما يقول له" كن"، فيخرج بكلمة كن من علم الله سبحانه وتعالى الى كون الله فنعرفه، في هذه الآية لا بد أن نلتفت الى قول الله تعالى:{ يقول له}، وما دام الحق سبحانه وتعالى يقول:{ يقول له}، فمعنى ذلك أن هذا الشيء موجود، والا لما قال الله:{ يقول له} لأن الخطاب هنا لشيء موجود فعلا. اذن فكل أحداث الكون وكل أحداث الدنيا والآخرة موجودة في علم الله سبحانه وتعالى، فاذا قال لها:{ كن} خرجت الى علم الناس، ولذلك فان يوم البعث مثلا موجود بكل تفاصيله وأحداثه في علم الله، والجنة موجودة، والنار أيضا موجودة، لذلك اذا قيل في الحديث الشريف:" هذا رمضان قد جاء تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتغل فيه الشياطين" البخاري ومسلم. (1/31) قد يتساءل البعض كيف يحدث هذا والجنة لم تخلق بعد، والنار لم تخلق كذلك، لأن وقتها لم يأت؟!. نقول: لا انهام مخلوقتان في علم الله بكل ما فيهما، فاذا جاء وقتهما أظهرهما الله، وفي هذا يلفتنا الحق سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: { يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو} الأعراف 187. أي أن الساعة بكل أحداثها موجودة عند الحق سبحانه وتعالى، ولكنه لا يظهرها الا عندما يشاء، اذن فكل شيء موجود في علم الله وهو يظهره متى شاء وكيف شاء. الآية الثانية قول الله تعالى: { أتى أمر الله فلا تستعجلوه} النحل1. كيف يقول الحق سبحانه وتعالى:{ أتى} أي حدث باستخدام الزمن الماضي، ثم يقول: لا تستعجلوه باستخدام الزمن المقبل، أليس هذا تناقضا؟ نقول: انه لا يوجد أي تناقض لأن هذا الأمر الذي تتحدث عنه الآية الكريمة أتى في علم الله أي تقرر، وما دام قد تقرر فانه حادث بلا شك لأنه لا توجد قوة ولا قدرة تستطيع أن تمنع ما يريده الله، والله سبحانه وتعالى دائم الوجود لا تأخذه سنة ولا نوم حتى تظن أنه قد يغفل عن شيء دائم القوة والقدرة، وكل من في الكون يستمد قوته قدرته من الله سبحانه وتعالى. وذلك ما دام الله هو القاهر فوق عباده جميعا، فمتى قال:{ أتى} يكون قد حدث فعلا، أما قوله:{ فلا تستعجلوه} أي لا تستعجلوا ظهوره وخروجه الى دنياكم المادية، أو لا تستعجلوا ظهوره لكي يصبح مشهودا لديكم، وهكذا نرى أنه لا يوجد أي تناقض أو تضارب في قوله تعالى:{ أتى أمر الله فلا تستعجلوه}. نأتي بعد ذلك الى الدليل الغيبي على وجود الله، ونبدأ بالحديث بالدليل من الانسان أولا، ومن الأحداث ثانيا، ومن قضايا الكون ثالثا: (1/32) فتلك هي النقاط الثلاث التي سنتحدث عنها في هذا الفصل، وان كانت هناك نقاط كثيرة لا يتسع المجال لها، لأنها ستتناول الدليل الكوني، والدليل الاحصائي، والدليل العلمي وغيره من الأدلة، ونحن هنا نعطي أمثلة يستطيع الناس أن يقيسوا عليها بعد ذلك، لأنه كما قلنا كل شيء في هذا الكون يشهد أنه لا اله الا الله، ويشهد بالدليل المادي. اذا أردنا أن نبدأ بالنفس البشرية، فان الله شبحانه وتعالى أعطانا الدليل على أنه يعلم غيب النفس البشؤية وما تخفيه، واذا أردنا أن نبدأ بالنفس البشرية فاننا نبدأ بأن الله يسيطر على غيب هذه النفس سيطرة كاملة، ولذلك قال الله تعالى في القرآن الكريم: { وأوحينا الى أم موسى أن أرضعيه فان خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني انّا رادّوه اليك وجاعلوه من المرسلين} القصص 7. اذن خواطر النفس البشرية هي في يد الله سبحانه وتعالى، والعقل البشري هو في يد الله سبحانه وتعالى يعطيه من الخواطر ما يشاء، ويمنع عنه ما يشاء ولكن الانسان خلق حرا في الاختيار، نقول: نعم حر فيما أراد الله له أن يكون حرا فيه وهو المنهج، ولكنه ليس حرا حرية مطلقة رغم أن الكثيرين ينكرون هذه الحقيقة، فالانسان حر، نعم فيما قال الله له افعل ولا تفعل، هذا نطاق الحرية الأولى في تطبيق المنهج، وهو حر أن ينطق بالشهادة شهادة الايمان أو شهادة الكفر والعياذ بالله، وهو حر في أن يفعل ما وضعه الله في منهجه وفي تطبيق هذا المنهج، ومنهج الله يشمل كل نشاطات الحياة. |
|||
2010-07-11, 22:17 | رقم المشاركة : 15 | |||
|
فالاسلام ليس مجرّد شهادة لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله، واقام الصلاة وايتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع اليه سبيلا، تلك هي أركان الاسلام الأركان التي بني عليها هذا الدين. |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ملحمة, المادية, الله, والكونية, وجود |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc