المجلة القانونية - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية

منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية كل مايتعلق بالعلوم القانونية ، و كذا طرح المشكلات والقضايا التي تحتاج إلى استشارة قانونية...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المجلة القانونية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-04-08, 00:46   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*جوداء*
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية *جوداء*
 

 

 
الأوسمة
وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

ثبوت النسب بالطرق العلمية الحديثة
لقد اتضح تأثر المشرع الجزائري إثر التعديل الذي طرأ على قانون الأسرة بموجب الأمر 05-02
المؤرخ في 07/02/2005 بالثورة الهائلة التي كان سببها التطور البيولوجي مسايرا في ذلك التطور التكنولوجي الذي نتج عنه استحداث تقنيات في المعرفة العلمية في السنوات الأخيرة ،حيث فتح المجال واسعا لقضايا لم تشهدها البشرية من قبل ذات صلة مباشرة بحياتنا اليومية والشخصية ،ويتعلق الأمر بالطرق العلمية لإثبات النسب التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة 40 (ويجوز للقاضي اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات النسب).
إلا أن ذلك لا يفهم على إطلاقه بأن النص لا يطرح أي إشكال يذكر ،لأن إطلاق العنان للقاضي في
إثبات النسب بهذه الطرق دون حصرها أو توضيح لمجال تطبيقها وحجيتها ،فتح الباب على مصراعيه لاختلاف فقهي حول هذه الطبيعة وتحديدا مسألة سلطة القاضي في تقدير هذه الطرق العلمية ،فعلى سبيل المثال استند الباحثون أنه لا مانع شرعي في اعتماد البصمة الوراثية في إثبات النسب نظرا لقيمتها القانونية الحتمية.
وهو ما جعل من الضرورة بما كان التساؤل عن هذه الإشكالية التي سيتم الإجابة عنها في مطلبين :
المطلب الأول : تكريس الطرق العلمية لإثبات النسب.
المطلب الثاني :حجية الطرق العلمية وسلطة القاضي في تقديرها.

المطلب الأول : تكريس الطرق العلمية لإثبات النسب :
لقد كان المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي سباقا للاعتداد بالطرق العلمية
كوسيلة لإثبات النسب في دورته السادسة عشر المنعقدة بمكة المكرمة (1).
إلا أن هذا الطرح لم يجد صداه لدى المشرع الجزائري في القانون رقم 84-11 المؤرخ في 09 يونيو 1984 المتضمن قانون الأسرة الذي لم ينص على الطرق العلمية كوسيلة من وسائل إثبات النسب مكتفيا في ذلك بالطرق المقررة شرعا والمنظمة في المادة 40 الفقرة الأولى من قانون الأسرة ، بالإضافة إلى الجدل القائم حول قيمة الأخذ بهذه الطرق وعدم حصر المشرع لها ،مع العلم بأنها تختلف بين التي يمكن نفي النسب بها فقط دون أن تكون وسيلة للإثبات وهو ما سيتم معالجته في الفروع التالية:
الفرع الأول : إشكالية إدماج الطرق العلمية لإثبات النسب.
الفرع الثاني : أنواع الطرق العلمية لإثبات النسب .
الفرع الثالث : عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة لإثبات النسب.

(1) المشار إليه في "البصمة الوراثية ومدى حجيتها في الإثبات " ،مذكرة تخرج نيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ،الدفعة 13 لسنة 2005،ص 82
الفرع الأول : إشكالية إدماج الطرق العلمية لإثبات النسب :
لقد كانت مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية في البداية محل جدل فقهي ،وقف فيه بعض جمهور
الفقه موقف المرتاب والرافض للطرق العلمية كوسيلة لإثبات النسب فنظروا على أن اللعان مثلا يعتبر الوسيلة الوحيدة لنفي النسب اعتمادا على قوله تعالى :"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله..."(1) ، فالآية ذكرت إذ أن الزوج لا يملك لا يملك إلا شهادة نفسه فيلجأ للعان و أي اعتماد على طرق علمية دون ذلك فهو تزيد على كتاب الله وأن الرسول (ص) قال : "الولد للفراش وللعاهر الحجر" ،فأهدر بذلك الشبه البين وهو الذي يعتمد على البصمات الوراثية ،كما أن الأستاذ الفقيه الجزائري محمد شريف قاهر عضو المجلس الإسلامي الأعلى ،ذكر أن العلم حقيقة نسبية بينما القران الكريم كلام إلاهي لخلق الكون لأنه حقيقة مطلقة صالحة لكل زمان و مكان وهو الذي فصل في مسألة إثبات أو نفي النسب معللا رأيه أن النص القراني صريح وواضح وبالتالي يقتضي العمل
بالقاعدة الفقهية "لا إجتهاد مع وجود النص"..(2) .
وإنطلاقا من كل ذلك تبنى المجلس الإسلامي الأعلى موقفا صريحا في مسألة النسب بالطرق العلمية
رغم عدم إصداره لأي فتوى توضيحية لذلك مستظهرا وضوح القواعد الفقهية التي لمة تسمح بإستعمال أي طريقة غير شرعية قد تثبت أو تنفي النسب (3).
واعتمادا على كل ذلك قرر هذا الاتجاه عدم جواز الطرق العلمية في مسألة إثبات النسب لما في
ذلك من خروج عن القواعد الفقهية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية بأغراضها الأساسية في حفظ الكليات الخمس من عقل ونفس ،ونسل ودين ومال. كما أنه لا لم تسمح بإستعمال هذه الطرق حماية لحياة الإنسان وحفاظا لتعريض النسل وإنتمائه لأي خطر كان فيه قد يكثر عديمي النسب واللقطاء.
ولقد كان المشرع الجزائري متأثرا فيما سبق ذكره أثناء سنه لقانون الأسرة في 1984 ، إذ لم يعتمد سوى بالطرق الشرعية لإثبات النسب الواردة في المادة 40 فقرة 01 من نفس القانون رافضا إستعمال الطرق العلمية كوسيلة لذلك ،وهو ما كان قد كرسه القضاء الجزائري فعلا مكتفيا بجمود النص القانوني الذي لا يقبل أي تأويل أو إجتهاد.

ومن ذلك قرار المحكمة العليا الصادر في 15 جوان 1999 الذي جاء فيه " حيث أن إثبات النسب
قد حددته المادة 40 وما بعدها من قانون الأسرة الذي جعلت له قواعد إثبات مسطرة وضوابط محددة تفي بكل الحالات التي يمكن أن تحدث ولم يكن من بين هذه القواعد تحليل الدم كطريقة علمية التي ذهب إليها قضاة الموضوع ،مما دل ذلك على أنهم قد تجاوزوا سلطتهم الحكمية إلى التشريعية ،الأمر الذي يتعين معه نقص القرار المطعون فيه وإحالته لنفس المجلس"(1).
وقد أضاف قضاة المحكمة العليا في قرارهم الصادر في 14/02/94 : "من المقرر قانونا أيضا أنه
يثبت النسب بالزواج الصحيح وبالإقرار والبينة وبنكاح الشبهة وبكا نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32-33-34 من قانون الأسرة".
يتضح من كل ما سبق أن قضاة المحكمة العليا بصفتهم قضاة قانون طبقوا النص الحرفي للمادة 40
لقانون الأسرة التي تحدد طرق إثبات النسب قبل تعديلها وكانت تعتبر لجوء القاضي لأي خبرة علمية تستهدف إثبات أو نفي النسب بأي طريقة من الطرق العلمية تجاوزا للسلطة لأنها كانت تعتبر ذلك تشريعا في حد ذاته.
لم يكن الرأي المذكور أعلاه والرافض للطرق العلمية لإثبات النسب جامعا بين فقهاء القانون ،
ذلك أن اتجاها اخرا رأى في إستعمال هذه الطرق وسيلة علمية حتمية بنتائج ملموسة .فرأو أن الاية التي استدل بها الفريق الأول، إنما تتعلق بالعذاب الذي يوقع على المرأة أو درأه عنها.(2)
و إعتبارا لكل ذلك ومحاولة من المشرع الجزائري الإستجابة للتطورات العلمية الحديثة فإنه قد أدرج الطرق العلمية ضمن وسائل إثبات النسب أثناء تعديل قانون الأسرة بموجب الأمر 05-02 في الفقرة الثانية من المادة 40 السالفة الذكر.
غير أن هذه المادة إكتفت بالإشارة إلى هذه الطرق العلمية دون تحديد المقصود منها أو حصر لصورها علما ان البحوث العلمية والتوصيات المقدمة في هذا المجال أثبتت وجود نوعين من الطرق العلمية يتصف الأول منها بكونه قطعي الإثبات و الثاني لا يرقى إلى ذلك على أساس أنه ضني الثبوت يعطينا مجرد إحتمالات بل و أحيانا نتائج يتحدد مجالها في نفي النسب فقط .

(1) المحكمة العليا غ أ ش ، ملف رقم 22267 ،قرار بتاريخ 15-06-199 مجلة الإجتهاد القضائي لغرفة الأحوال الشخصية عدد خاص ص 2002 ص 88.
(2) من بين هؤلاء الفقهاء المعاصرين ،الدكتور يوسف القرضاوي ومحمد المختار السلامي ،وعبد الله محمد عبد الله و إبن القيم الجوزية.
الفرع الثاني : أنواع الطرق العلمية لإثبات النسب :
من بين الإشكاليات التي أثارتها المادة 40 فقرة 02 من الأمر 05-02 أنها فتحت المجال للقاضي في إستنباط إستعمال الطرق العلمية في مسألة إثبات النسب نتيجة عدم تحديد وحصر المشرع لهل ،لذلك تطلب الأمر الإستعانة إلى ما توصلت إليه البحوث الطبية و الدراسات العلمية من خلال التقسيم الذي تبنته هذه الأخيرة من طرق علمية قطعية الدلالة و أخرى لا ترقى بالشك إلى اليقين كونها ظنية .
لهذا ستكون دراستنا علمية بحتة .
أولا : الطرق العلمية القطعية :
والذي يتصلhla ونظام الوراثية توصل العلماء إلى إعتبار كل من البصمة
بالمناعة طرقا علمية لإثبات النسب بصفة قطعية لأن دقة ثبوتها تصل حسب الخبراء و الأطباء إلى نسبة الخطأ فيها :
01/ 2.000.000 مرة (1).
: Adn أولا- نظام البصمة الوراثية
لقد رأى العديد من العلماء و الباحثين قياس البصمة الوراثية على ما يسمى بالقيافة التي كانت تعتبر
قرينة قوية أخذ بها جمهور الفقهاء في غير قضايا الحدود ، والتي تعني في مصدرها اللغوي مصطلح قافة بمعنى تتبع أثره ليعرفه فالقائف هو الذي يتبع الاثار ويعرفها ، و يعرف شبه الرجل بأبيه و أخيه ، بمعنى الذي يعرف النسب بفراسته و نظره إلى أعضاء المولود رغما أن الحنفية ذهبوا إلى إعتبار أن القيافة لا يلحق بها النسب لأنها ضرب من الظن على عكس جمهور العلماء اللذين استدلوا بحجيتها بحديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت : " دخل علي رسول الله( ص) ذات يوم مسرورا تبرق أسارير وجهه ، فقال : ألم تري أن مجززا المدلجي نظر إلى زيد بن الحارث و أسامة إبن زيد و عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما و بدت أقدامهما فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ."

فرأوا في سرور الرسول (ص) دلالة على إقراره بالقيافة .
إلا أن البعض الاخر رأوا في عدم قياسها على القيافة نظرا لإختلاف موضوعهما و الأسس التي تبنى عليها فالقيافة تعتمد على الشبه الظاهر بينما تعتمد البصمة الوراثية على بنية الخلية الجسمية أي على الحس و الواقع ، لذلك فالقيافة باب و البصمة الوراثية باب اخر (1).
و سواء كانت البصمة الوراثية أخذت مرجعيتها من القيافة أو من غير ذلك ، فإنها تعد وسيلة قاطعة لا تكاد تخطئ في التحقق من إثبات أو نفي نسب الولد لأبيه هذا لظهورها بسبب التطور البيولوجي
العنصر المكون للخصائص الوراثية للإنسان ، عندما adnالذي شهده عالمنا المعاصر و يعتبر ال
لكل من الأب و الأم بكونه متحدا و يتشكل من لفائف adn تلتقي البويضة مع الحيوان المنوي ،إذا
مزدوجة الجانب على هيئة رقائق تسمى ( رقائق الحمض النووي الحلزونية يبلغ سمك جدارها من 50 مليون ملم وقطر هذا الحلزون 1/50 مليون متر مكعب).
وتساهم البصمة الوراثية في إثبات أو نفي النسب بإعتبارها تقنية ذات قوة تدليلية قطعية في ذلك فهي موجودة على صيغة واحدة في جميع مكوناتن الجسم سواء الدم ، المني ، الشعر أو في أي عضو من أعضاء الجسم وهو عبارة عن بروتين يحمل مورثات أو جينات تحمل مواصفات تختلف من شخص لاخر ، وتبقى ثابتة مدى الحياة إلى أن تتحلل الجثة بعد الموت مما يسمح للطب الشرعي من معرفة نسب ا له ،ومكوناتadn للأب لإثبات الأبوة وadnالأم لإجراء المطابقة بين adn الطفل (2) ،بتحليل الطفل والأم و الأب إذا تمت المطابقة ثبت نسب الطفل للأب أو للأم أو كلاهما معا إذا لم تتم المطابقة فهذا يدل على نفي نسب الطفل إليهما .
و اللجوء للبصمة الوراثية يتم عن طريق الخبرة العلمية التي يتم فيها تحديد ضرورة فحص الحمض
النووي للبصمة الوراثية على أساس أن دقة ثبوت النسب أو نفيه بهاته الطريقة العلمية تصل حسب الخبراء والأطباء إلى نسبة وتقول التقارير أن تطور العلوم بشأن الحمض النووي كفيلة بالوصول به في ضرف زمن قريب إلى نسبة 100 ٪ لهذا يرى الأستاذ بن داود عبد القادر ضرورة تقنين جواز اللجوء للطرق العلمية القاطعة التي قد يقع تحديدها عن طريق التنظيم تمييزا لها عن الطرق

(1) "البصمة الوراثية و مدى حجيتها في الإثبات" مذكرة التخرج لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ، دفعة 13 /2002-2005 ص 83.
(2) د/ حسين علي شحزور ، كتاب " الطب الشرعي ، مبادئ و حقائق " ص 262
و الدكتور إبراهيم صادق الجندي ،تقنية البصمة الوراثية و إمكانية التحايل عليها ص 48
العلمية الظنية ما دام أنه لا مانع شرعي في ذلك .
كما أن الباحثين استندوا في إعتماد البصمة الوراثية طبقا لمل جاءت به المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية الصادرة بتاريخ 21 رجب 1422 ه الموافق ل 08 أكتوبر 2001 توصل إلى أن الإسلام يقر الأخذ بالبصمة الوراثية في حال تنازع أكثر من شخص في أبوة مجهول النسب ،فقد ذكر الأمين العام للمنظمة في جريدة البيان بتاريخ 09/10/2001 الدكتور أحمد الجندي أن 26 باحثا شاركوا في إعداد بحث البصمة الوراثية و ذلك من الناحية الطبية والشرعية و توصلوا من خلاله إلى حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب ، وضرورة الإحتكام إليها في حالة تنازع إثنين في مجهول النسب أو عدول الأب عن إستلحاق مجهول النسب أو إنكار أبنائه و توريث مجهول النسب و إذا أقر بعض الإخوة بأخوته و نفاها ناخرون و في حالة إدعاء إمرأة بأمومتها بشخص ما دون دون دليل على ولادتها له ، كما أنه ذكر أن كل إنسان ينفرد بنمط خاص في التركيب الوراثي ضمن كل خلية من خلايا جسده ، ولا يشاركه فيها أي شخص اخر و هو ما يعرف كما سبق الذكر ب (1).
ثانيا : نظام (مرتبط بالمناعة ) :
يعتبر نظام إلى جانب البصمة الوراثية إحدى الطرق العلمية القطيعة في إثبات أو نفي النسب ، فهي من الناحية العلمية تمتاز بخصائص تجعله نظام أكثر فعالية في مجال النسب نفيا و إثباتا ، فنظام مهم جدا بإعتباره نظاما ( ) أي رغم أنه جد متغيرو متعدد المظهر البيولوجي (س شخص إلى اخر) إلا أنه جد ثابت و متوازن في انتقاله من الآباء و الأبناء( ( ) مما يعطيه خاصية ثالثة تتمثل في قدرته العليا في تصنيف و تعريف التشخيص البيولوجي للأشخاص.
فهو الأهم في أنظمة التمييز البيولوجي المعروفة حاليا.
المركب يتشكل في الحقيقة من خمس أنظمة متشابكة فيما بينها

(1) –أ- بن داود عبد القادر ،المرجع السابق ، ص 109 ،110
مما يسمح بتمييز بيولوجي جيني منفرد
يجب معرفة أن كل إنسان يحصل على مركبين مختلفين عن بعضهما واحدة من الأب و الأخرى من الأم تسمح بالتمييز بين الأفراد بصورة أكبر مما تمنحه كل الأنظمة الأخرى مجتمعة .
إن قطعية إثبات النسب بواسطة نظام قد يقف عائقا أمام حالة الزواج العائلي أو المتكرر فإن الطفل هنا يحصل من والديه على مركبين متشابهين يصعب الإستنتاجات و التحاليل المجترية ، مما يستدعي اللجوء إلى الإثبات عن طريق نظام البصمة الوراثية
ثانيا : الطرق العلمية الظنية :
تعتبر من الناحية العلمية بعض الطرق وسيلة من وسائل إثبات النسب رغم أن قيمتها العلمية تختلف عن تلك القطعية التي تم الإشارة إليها سابقا ، لذلك فإنها تعرف العديد من الأنظمة التي تتمثل في :
أولا : نظام ال / فحص الدم :
يعتبر نظام فحص الدم إحدى الطرق العلمية الشائع إستعمالها في مجال نفي النسب ، ذلك أن فصيلة دم كل من الطفل و الأم و الأب تحدد عن طريق تحاليل فحص الدم ، فكل طفل له خاصية جينية إما مع الأم و إما مع الأب ، و بما أن الأم معروفة دائما بواقعة الولادة فإذا كانت له خاصية لم تكن موجودة لدى الأم ، فهي بالضرورة موجودة عند الأب ، فإذا ثبت غياب هذه الخاصية عند الأب المفترض فإن أبوته لهذا الطفل غير ممكنة ، و يتم على أساسها نفي النسب و يتضح من الجدول التالي هذه الفصائل و ما يقابلها من مواد مولدة و أجسام مضادة و تراكيب جينية :
الفصيلة المادة المولدة الأجسام المضادة التراكيب الجينية
نقي
هجين
نقي
هجين
و لتوضيح أكثر نذكر الأمثلة الآتية :
- الأم و الابن ففي هذه الحالة إذا كان الرجل فيستحيل أن يكون هو اب الطفل ، لأنه بالضرورة قد حصل على الخاصية من أبيه الحقيقي
- الأب و الأم إذا الأب أو و الأم أو
فحتما الأطفال إما أو أو ،يستحيل أن يكون للأولاد في هذه الحالة أخا أو .
ثانيا : نظام ال :
يعتبر هذا النظام ذو خاصية تتمثل في أنه يحتوي على عدة خصائص وراثية نادرة جدا ، يستخدم بنفس الطريقة كنظام ال... ، فعلى سبيل المثال :
الأم الأب المفترض
الإبن
ففي هذه الحالة يستحيل ثبوت النسب لأن الإبن حصل على من أمه وبالتالي من أبيه لكن الأب المفترض و ليس ، إذا فالنسب منفي بطريقة علمية.
و تجدر الإشارة إلى وجود حالة خاصة تتمثل في حالة وجود( )
- الأب المفترض
- الأم
- الإبن
ففي هذه الحالة لا يمكن نفي نسب الإبن للأب المفترض لأن الإبن حصل على من أمه و قد يكون قد حصل على من الرجل ولكن نظرا لأن خاصية نظام نادرة جدا فإنه يمكن القول أن هناك إحتمال كبير أن يكون الرجل هو أب فعلي للطفل .
ثالثا : نظام مجموعة البروتينات :
هو نظام متعدد و متغيلر نظرا لتعدد و تغير هيئات مظهر البروتينات المجودة في المصل و أنزيمات الكريات الحمراء ، و هو نظام حديث جدا يمكن من إستعمال هذه العلامات و يعطي نتائج أكثر دقة من فصائل الدم العادية ، لأنه مع البروتينات لدينا قدرة عالية للتمييز البيولوجي بين الأشخاص ، ويستعمل في التحاليل و الدراسات نفس المبادئ كالأنظمة الدموية ، يبقى التمييز مقتصرا فقط على بعض الخاصيات الكيميائية و البيولوجية .
كما تجدر الإشارة إلى أن ما تم ذكره في مجال الطرق العلمية ذات الحجية الظنية كان على سبيل المثال لا الحصر و التي يقتاد إليها في مجال النفي و تعطينا مجرد إحتمالات في الإثبات حيث يوجد إلى جانبها أكثر من 30 نظام علمي يستعمل في هذا المجال نتج عن التطورات البيولوجية الحديثة منها :
- نظام المفرزات اللعابية
- نظام ...
- نظام...
نظام ...


الفرع الثالث : عوائق تطبيق الطرق العلمية الحديثة لإثبات النسب :

رغم التكريس القانوني ل‘مكانية إثبات النسب بالطرق العلمية الحديثة فإن إعمال القضاء لتلك الظروف لا يحول دون وجود عقبات و عوائق قد تؤدي إلى عدم تكريسها عمليا و هي إما أن تكون عوائق قانونية أو مادية .

أولا : العوائق القانونية :
فمن هذه العوائق حرمة الحياة الخاصة ، و إحترام السلامة الجسدية و عدم إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه .
1 /- حرمة الحياة الخاصة :
تنص المادة 34 من دستور 1996 على أنه" تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمة الإنسان و يحظر أي عنف بدني أو مساس بالكرامة "
فهذه المادة تشكا إحدى أهم العقبات الأساسية أمام تطبيق الطرق العلمية الحديثة في النسب ، و خصوصا فحص الحمض النووي الذي يشكل تدخلا في الحياة الخاصة للفرد ، لأنها تفتح المجال للبحث عن الخصائص الوراثية من خلال الإستعداد الوراثي للشخص ، مما قد يمد الغير بمعلومات خاصة بالزوج و الزوجة و تكون ذات طابع شخصي خاص .

2 /- إنتهاك السلامة الجسدية :
تنص المادة 35 من دستور 1996 عل أنه " يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريات و على كل ما يمس سلامة الإنسان" و قد تنطوى الطرق العلمية على مساس هذه السلامة الجسدية ، ذلك أنها تعتمد على العتاد المأخود من جسم الإنسان و الذي قد يؤخذ منه بطريق الإكراه ، و هو ما يعد مساسا بسلامته الجسدية .

3 /- عدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه :
لقد كرست مختلف الأنظمة الإجرائية مبدئا عاما لا يجوز بموجبه اللجوء لإجبار الشخص على تقديم دليل ضد نفسه ، و هو ما سوف يتم إنتهاكه إذا تم الأخذ بالطرق العلمية ، إذ انها تقوم على إجبار الشخص المعني على أخذ العتاد الخلوي من أجل فحص الحمض النووي مثلا ، و هو ما يعد إجبارا للشخص على تقديم دليل ضد نفسه و هو ما قد يجعله دليلا باطلا ، طبقا لقانون الإجراءات .

ثانيا : العوائق المادية :
1/- وجود مخبر علمي واحد و وحيد :
لقد خصص قسم البيولوجيا الشرعية من خلال تدشين مخبر ال بمناسبة عيد الشرطة بتاريخ 22/07/2004 بالرغم من أنه يعد خطوة هامة في تكريس و تشجيع العمل بالبصمة الوراثية لمسايرة التطور البيولوجي في هذا المجال ، حيث يشرف عليه تقنيين و باحثين مختصين في علم البيولوجيا و الوراثة ، تتجلى أهميته في البحث عن الأدلة بواسطة التحاليل المخبرية سواء كانت في المجال الجنائي أو في إثبات و نفي النسب بإعتبار الطرق العلمية وسيلة مستحدثة في المادة 40 للفقرة الثانية من قانون الأسرة المعدل و المتمم ، إلا ان إستحداث مخبر علمي واحد على المستوى الوطني مقارنة بإستحداث الطرق العلمية من طرف المشرع وقف عائقا ماديا حال أمام صعوبة إستصاغة الأمر من خلال الأوجه التالية :
أ- يتطلب اللجوء إلى الطرق العلمية توافر مخابر ذو جودة عالية و تقنية محظة نظرا لصعوبة إستعمال الوسائل المستخدمة في هذا المجال .
ب- يتطلب اللجوء إلى الطرق العلمية الإلمام الشامل و المعرفة الدقيقة بعلم الجينات و كل الأنظمة المستعملة في هذا المجال ، الذي يرتكز على الفرضيات و الحالات النادرة و إستعمال بعض المفاعلات صعبة و معقدة يجب مراقبتها بصورة دقيقة فمثلا أثبت الخبراء بأنه يتطلب إستعمال على الأقل 20 نظام في هذا المجال للوصول إلى النتيجة الحتمية في الإثبات أو النفي .
ج- يتطلب إعتماد نظام ال دون سواه إمكانيات ضخمة سواء بالإعتماد على مخبر عالي الجودة و على خبراء تقنيين أخصائيين رفيعي المستوى من بينهم أخصائيين في الإحصائيات و الإحتمالات ، نظرا لأنه يشكل إحدى الأنظمة المعقدة و الشائكة.

2/- مسألة مصاريف الخبرة :
إذا كان اللجوء إلى الطرق العلمية يرتكز في أساس على ضرورة توافر البات و هياكل مادية ضخمة للوصول إلى نتائج فعالة ، فإن ذلك يتطلب بالمقابل مصاريف باهظة تفتقر لآلية قانونية يتم بموجبها تحميل الخزينة العامة أعبائها ، و بالتالي يتحملها أطراف الدعوى ، فهل يمكن تصور ذلك بالنظر إلى الأوضاع المعيشية و الإقتصادية للمواطن الجزائري ، مما يستدعي القول بأن مجال لجوء المواطن إلى هذه الخبرة يبقى ضيقا جدا .





المطلب الثاني : القيمة القانونية للطرق العلمية :

لم يشر المشرع إلى القيمة القانونية للطرق العلمية لإثبات النسب ، مما يثير التساؤل عن مدى حجيتها و سلطة القاضي المكلف بشؤون الأسرة في تقديرها ، فيما إذا كان الأمر يبقى خاضعا للقواعد المنوطة بالخبرة العلمية ، أم أن الأمر يتطلب إخضاع هذه الطرق إلى قواعد خاصة نظرا للطبيعة العلمية و الحتمية لهذه الطرق ، و هو ما سيتم الإجابة عنه فيما يلي :
الفرع الأول : حجية الطرق العلمية في إثبات النسب

الفرع الثاني : سلطة القاضي في تقدير الطرق العلمية

الفرع الاول : حجية الطرق العلمية في إثبات النسب :

نظرا لعدم تحديد المشرع الجزائري لحجية الطرق العلمية في إثبات النسب فإن التساؤل حول هذه الحجية قد يثار بالنسبة لقيمتها القانونية فيما إذا كانت قطعية الدلالة و بأنها قابلة للخطأ أي ذات حجية نسبية و من تمة يجدر بنا التساؤل عن مدى تأثير تقرير الخبرة العلمية في هذا المجال على الحكم وجودا أو عدما و هو ما سيتم مناقشته فيما يلي :

أولا : الحجية المطلقة للطرق العلمية لإثبات النسب :
لقد تبنى معظم رجال القانون إنطلاقا من القيمة التي تعتري مجال الطرق العلمية فكرة أن لهذه الأخيرة حجية مطلقة ذلك أن الخبراء اللذين يقومون بإجراء هذه الخبرة مختصون في هذا المجال و بالتالي فإن لآرائهم تأثير على قرارت القضاة في تبني إتجاههم ، فعلى سبيل المثال يعتبر العلماء أن البصمة الوراثية ذات دلالة تقنية قطعية تتجلى بإنفراد كل شخص بنمط وراثي معين ،لا يوجد عند أي كائن اخر في العالم ، إذ لا يمكن أن يتشابه ال لشخصين إلا مرة واحدة كل 86 بليون حالة أي أن نسبه التشابه يتساوى من 1 إلى 86 بليون شخص فمن تمة يمكن القول أن نسبة التشابه منعدمة تماما .(1)



(1) د/ نبيل سليم ( البصمة الوراثية و تحديد الهوية ، مجلة حماية الوطن عدد256 ، 2004 ، الكويت)



لذلك كانت من الناحية العلمية وسيلة لا تكاد تخطأ في التحقيق لإلحاق أو نفي نسب الأولاد للاباء لأن الحمض النووي و أيضا ال يعد دليل إثبات و نفي قاطع بنسبة 100 بشرط أن يتم تحليله بطريقة علمية سليمة ما دام أن إحتمال التشابه بين البشر غير وارد .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن الطرق العلمية المتمثلة حسبما توصل إليه العلماء في نظامي البصمة الوراثية و نظام هي الوحيدة التي تكتسي الحجية القطعية ، و ما ياكد هذه الحجية المطلقة إمكانية أخذها منأي مخلفات ادمية سائلة( دم،مني) أو أنسجة (لحم ، عظم،جلد،شعر) كما أنها تقاوم عوامل التحلل والتعفن و العوامل المناخية المختلفة من حرارة و برودة و جفاف ، ليس ذلك فقط بل أنه يمكن الحصول عليها حتى من الاثار القديمة و الحديثة كما حصل في القضاء الفرنسي في قضية الفنان" إيف مونتان" حيث ادعت امرأة أن لها إبنة منه تدعى" أنياس " و ما أضفى على الأمرنوعا من المصداقية أن تلك السيدة كانت تشبه الفنان في ملامح وجهه و قد أمر القاضي الفاصل في هذه القضية بواسطة الخبرة بحفر قبر الفنان و أخذ عينة من جسمه فحص عينة من حمضه النووي و مقارنتها بالحمض النووي للبنت التي تدعي أنه اباها و بعد مدة سارت القضية و ظهرت النتائج و أثبتت الخبرة أنه لا يربط الفنان و السيدة أي علاقة أبوة أو بنوة ،و لعل أن أكبر مثال على فعالية فحص الحمض النووي كوسيلة من وسائل إثبات النسب ما ذكرته إحدى الصحف السعودية بخصوص إنسان (النايدات) الذي وجدت جثته محفوظة في الثلج منذ حوالي 9000 سنة و علم ذلك عن طريق تحليل البصمة الوراثية فكيف لا يكون لها بذلك حجية مطلقة في إثبات أو نفي النسب .(1)

لذلك لا يمكن في كل الاحوال الشك مطلقا في مستوى نجاعة الإعتماد على هذه الطرق العلمية سواءا القطعية منها و التي تعطينا نتائج حتمية في مجال إثبات النسب أو الظنية التي تعطينا نتائج حتمية في مجال النفي و احتمالات في مجال الإثبات و الذي يمكن القاضي دائما من الإستعانة إليها لحل الكثير من المسائل العالقة في إلحاق الأبناء بآبائهم أولا .(2)






جريدة الوطن السعودية ، السبب 01/05/2004 عدد 1380 السنة 4 . (1)
(2) البصمة الوراثية و مدى حجيتها في الإثبات ، المرجع السابق ، ص 112





ثانيا :الحجية النسبية للطرق العلمية :

إذا كان معظم علماء الطب و القانون قد توصلوا إلى إعتبار بعض الطرق العلمية كالبصمة الوراثية و نظام ال ذات حجية قطعية الدلالة نظرا للخصائص التي تم التطرق إليها في هذا الباب ، فإن فري اخر تبنى فكرة الحجية النسبية لهذه الطرق العلمية إعتمادا على ما هو جار العمل به في القواعد العامة بالنسبة للخبرة القضائية و لو كانت علمية مبنية على أسس تقنية محضة .
فالطرق العلمية الظنية كنظام ال (تحليل فصائل الدم ) أو نظام المفرزات اللعابية تعتبر وسيلة إثبات نسبية لا يرقى الشك فيها إلى درجة اليقين ، كون أن النتائج التي تصل إليها تبقى محتملة الوقوع لا ترقى أن تكون دليل إثبات حتمي ما دام أن نسبة التشابه فيها بين البشر يبقى واردا بدرجة كبيرة ، و من تم فإن الخبرة العلمية التي تتضمن هاته الطرق تبقي خاضعة للقواعد العامة للخبرة القضائية العادية .
ليس ذلك فقط بل أن البعض رأى في الطرق العلمية القطعية التي تم تفصيل بيانها سابقا حجية نسبية كذلك ، فتقنية ال لا يمكنها بأي حال من الأحوال منحنا الدليل القاطع على إتهام شخص معين أو إلحاق نسب ولد ما أو نفيه ، لذلك فإن القاضي و إن إعتمد عليها عند دراسته لملف معين فهي لا ترقى لدليل قطعي غير قابل لإثبات العكس ، كما إعتبر علماء الطب أن التحاليل الجينية لا تشكل كذلك بأي حال من الأحوال سلاحا مطلقا لاول وهلة لأن هذه التقنية رغم حساسيتها تقتضي من القضاء إحاطتها بشروط صارمة للأخذ بها ، و هو ما يجرنا إلى التساؤل عن مدى تقارب المعنيان معا ، فكيف يمكن إعتبارها طرقا علمية قطعية الدلالة من جهة ، وبقاء إحتمال الشك واردا من الجهة الثانية ؟؟

وهو ما يجرنا إلى الحديث عن السلطة التقديرية للقاضي في تقدير الخبرة في مجال الطرق العلمية لإثبات أو نفي النسب.







الفرع الثاني : سلطات القاضي في تقدير الطرق العلمية لإثبات النسب :

تعتبر الخبرة القضائية طبقا للقواعد العامة بالنسبة للقاضي من المسائل التي تخضع لسلطته التقديرية بإعتبارها سلطة مطلقة له فيها أن يصادق على تقرير الخبراء كليا أو جزئيا ، كما له الحكم من دونها ، فهل تخضع ميألة تقدير الخبرة العلمية في مسألة النسب إثباتا و نفيا للقواعد العامة من جهة ؟
و ما مدى سلطة القاضي في تقدير قيمتها القانونية فيما يخص مسألة نفي النسب عن طريق اللعان كما هو جار العمل به .

أولا : لجوء القاضي إلى الخبرة العلمية و سلطاته اتجاهها :

لا يمكن بأي حال من الأحوال لقاضي شؤون الأسرة الفصل في مسألة إثبات النسب بالطرق العلمية إلا باللجوء إلى إستشارة اراء الخبراء و العلماء المتخصصين في مجال البيولوجيا للتوصل إلى نتائج علمية دقيقة بإعتبارها من المسائل التقنية التي لا يمكن للقاضي الفصل فبها إلا بالإستعانة إليهم و الإسترشاد بارائهم (1).
و من تم فإن القاضي في هذه الحالة يلجأ طبقا للقواعد العامة للفصل في مثل هذه المسائل التقنية
إلى الخبرة القضائية التي سيستصدر من خلالها حكما تحضيريا قبل الفصل في الموضوع بتعيين خبير مختص يوكل له مهام اللجوء إلى الطرق العلمية لإثبات نسب الولد لابيه أو نفيه بتحديد المهام المنوطة إليه بدقة متناهية ، والقول بان الحكم تحضيري مفاده عدم إتضاح نية القاضي في الفصل في مسالة النسب ثبوتا ام نفيا بطبيعة الحال طبقا لما يعرف في ذلك عن الأحكام التحضيرية و التمهيدية كذلك .

إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد ، بل تطرح مسألة تقدير القاضي لهذه الخبرة العلمية ومدى حجيتها بإعتبارها خبرة علمية اعتمدت على رأي خبراء مختصين في مجال البيولوجيا من جهة ، واستنادا إلى القيمة العلمية بالطرق الحديثة القطعية منها خاصة كالبصمة الوراثية ، و نظام ال وهو ما رأى فيه البعض خروجا عن القواعد العامة في الخبرة القضائية التي تخضع إلى سلطة القاضي التقديرية
في الإعتماد عليها رغم أن هذالا الطرح قد لا يكون بنفس هذا الوضوح في التطبيق ، ذلك أن هاته الطرق

(1) أ/ محمود توفيق إسكندر ، الخبرة القضائية ، دار هومة ، طبعة 2002 ، ص 37 و ما يليها .


قد لا يتيح للقاضي فهمها و بالتالي يمتنع حتى عن مناقشتها بإعتبارها مسألة تقنية و علمية بحثة و دقيقة ، و من تمة فإن جهل القاضي بهذه الطرق و مصطلحاتها قد يقف عائقا أمام مناقشته لها فيلجأ إلى قبولها و الإستناد عليها ثبوتا للنسب أو نفيا له .

ثانيا : تقدير القاضي لنفي النسب بين اللعان و الطرق العلمية :

يعتبر اللعان احدى الطرق المشروعة الذي يفيد نفي النسب به طبقا لأحكام المادة41 من قانون الأسرة ، باعتباره الوسيلة الوحيدة التي جاء بها فقهاء الشريعة الإسلامية في مسالة النسب ، لهذا طرحت هذه المسألة ، إشكالا كبيرا من حيث سلطات القاضي في تقديرها إلى جانب الطرق العلمية الواسعة في مجال نفي النسب فإذا كان اللعان الطريقة الشرعية التي جاءت بها النصوص الشرعية لنفي النسب فهل يصح نفيه بالطرق العلمية سواءا منها القطعية و الظنية التي تعد وسائل نفي ناجعة من خلال النتائج
المتوخاة منها فيكتفي بها ام لا بد من اللعان أيضا و هل يجوز تقديم الطرق العلمية كوسيلة للنفي على اللعان ؟
الحقيقة أن هذا الأمر كان محل خلاف فقهي كبير ،فذهب البعض إلى عدم جواز تقديم البصمة الوراثية مثلا على اللعان في نفي النسب ، وعلى هذا الأساس جاء قرار المجمع الإسلامي بالرابطة " لا يجوز شرعا الإعتماد على البصمة الوراثية في إثبات النسب و لا يجوز تقديمها على اللعان "
كما ذهب البعض الاخر إلى ترجيح الطرق العلمية في هذاالنفي ما دامت نتيجتها قطعية على عكس دعوى اللعان التي ترتكز على أسس و شروط تعجيزية أحيانا كالمدة التي يتطلبها اللعان (8 أيام) أو عدم حصول الزوج على شهود في ذلك .
إلا أن التساؤل الذي يبقى مطروحا في هذا المجال يتعلق بمدى تطابق الاثار المترتبة على نفي النسب عن طريق اللعان من تفريق للزوجين و غيرها على نفيه عن طريق الطرق العلمية خاصة أمام عدم تدخل المشرع الجزائري في تحديد هذه المسألة .
و تجدر في الأخير الإشارة إلى أنه وإضافة إلى القواعد الموضوعية لإثبات النسب ، توجد قواعد و أحكام إجرائية تتمثل أساسا في وسائل ممارسة دعوى الإثبات هاته التي تخضع للقواعد العامة شأنها شأن باقي الدعاوي المدنية الأخرى ، فإما أن تكون دعوى أصلية تهدف إلى إثبات النسب دون أي نزاع صريح حول موضوع محدد ، وإما دعوى تبعية تهدف لإثبات النسب كحق من الحقوق الشرية إلى جانب إثبات الزواج مثلا.


الخــــــــــاتمة


لقد حاولنا من خلال عرضنا المتواضع كشف العديد من المشاكل التي تثيرها مسألة إثبات النسب عموما ، و دور الطرق العلمية في ذلك نظرا لما يكتسي هذا المجال من أهمية بالغة فقها و تشريعا و كذلك قضاءا ، مبرزين من خلال ذلك نطاق تطبيق هاته الطرق و دورها البيولوجي و العلمي في الإثبات و النفي من خلال درجات قيمتها و حجيتها .

إلا ان ذلك لا يخلو من التعقيدات و الإشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع ، والتي تتطلب حصرها من الجانب القانوني من خلال وضع إيطار قانوني للطرق العلمية أولا سواء القطعية منها التي ترقى إلى درجة اليقين كما تم تفصيله بالنسبة إلى البصمة الوراثية أو نظام من جهة أولى أو الضنية كذلك التي لا ترقى فيها درجة الشك إلى اليقين ، و إلا فلا جدوى من وضع هذه الطرق كوسيلة لإثبات النسب بمقابل الطرق الشرعية أو لنفيه بمقابل اللعان كوسيلة شرعية كذلك .

كما أن الضرورة تستدعي تحديد قيمتها القانونية و حجيتها من خلال بسط سلطات القاضي المكلف بشؤون الأسرة في مجال تطبيق الطرق العلمية لخلق نوع من المرونة القانونية كذلك و إلا فما الجدوى من وضع المشرع لهذه الطرق دون حصر لمجالها و حجيتها بما يفيد القضاة في سهولة اللجوء إليها كلما إستعصى عليهم الإثبات بالطرق الشرعية ،كذا و في شأن مسألة التلقيح الإصطناعي التي أسالت الكثير من الحبر من خلال التساؤل عن إتبات أو نسب الولد عن طريق هذه العملية و أساسها كطريقة علمية جديدة للإنجاب وجودا و عدما تماشيا مع وجود أو غياب إحدى شروطها الواردة في المادة 45 مكرر من قانون الأسرة .

كل هذه المسائل وغيرها قد تقف عائقا أمام القاضي المكلف بشؤون الأسرة لإيجاد حل قانوني بالنسبة للطرق العلمية المضافة بموجب الأمر 05 -02 السالف الذكر ،مما يستوجب تدخل المشرع الجزائري من أجل وضع إيطار قانونيا لا يدع مجالا للتأويل و التفسير أمام موضوع كان ولا يزال يشكل إهتمام القضاة و الخبراء في نفس الوقت.








 


رد مع اقتباس
قديم 2011-04-08, 00:53   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*جوداء*
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية *جوداء*
 

 

 
الأوسمة
وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي كيف تكون محاميا مقنعا


كيف تكون محاميا مقنعا

أعتبر الإقناع وعلى مر العصور نوع من أنواع السحر الذي يمارسه المقنعون الماهرون من سياسيين وإعلاميين وقانونيين خلال مسيرتهم العملية بغية الوصول إلى أهدافهم المنشودة والمرتب لها مسبقاً، حيث أن المقنعون المتميزين يستخدمون رسائل غامضة تحض الآخرين على الاعتقاد بفكرة معينة يتم إقحامها في الوسيلة المتبعة للإقناع وتعاد مرات متكررة وإن هذه الرسائل التي تخاطب العقل الباطن تؤثر على المتلقي وتشكل قوة غامضة لا تقاوم يحقق المقنع من خلالها مراده وغاياته.
في هذه المقالة سوف نوضح للسادة المحاميين والقانونيين أنه لا يوجد شيء يكتنفه الغموض في الإقناع وبأنه بمقدورنا جميعاً أن نصبح محامين مقنعين مهرة إذا كنا على قدر من الأحترافية في العمل.
تعريف الإقناع:
الإقناع هو عملية يتم وفقها تغيير وتعزيز المواقف أو المعتقدات أو السلوك للطرف المراد أقناعة.
ويتم هذا التغيير من خلال رسائل ينقلها المقنع إلى الطرق الأخر وتنقسم استجابتنا لتلك الرسائل إلى قسمين:
- استجابة بعد تفكير: عندما يكون المتلقي مفكراً ينصت بكل عناية لما يقوله المقنع ثم يقوم بقياس ميزات ومساوئ الرسالة من حيث منطقيتها وتوافقها وإذا لم يقتنع بهذه الرسالة يقوم بطرح الأسئلة و طلب مزيداً من المعلومات.
- استجابة دون تفكير: الاستجابة لرسائل دون وعي فتكون العقول مغلقة بصورة آلية ولا يكون هناك وقت أو حافز أو قدرة على الإنصات ويعتمد المتلقي على غرائزه لتمنحه مفتاح الإجابة دون الاعتماد على الحقائق والمنطق والأدلة.
خطوة المحامي الأولى للإقناع:
إن الإقناع يبدأ بالمصداقية و الصدق يتكون من عاملي الثقة و المعرفة فيمكن أن يكون المحامي أو المتحدث بارع في الخطابات ويمتلك قدرات عقلية فائقة وبراعة ذهنية عالية وضليعاً في اللغة العربية وفي كافة صور المناقشة والحوار ولكن إن لم يكن صادقاً في القول فلا يمكن أن يقنع الآخرون.
- عندما يفقد المحامي الأمانة في الحديث فإنه بذلك يخلق انطباع لدى المستمع بالشك في صدق حديثه فعندما نستمع إلى أي محامي فأننا نبدأ بسؤال أنفسنا هل نثق في هذا الشخص؟ وهل نصدق كلامه؟ وهل هو صادق في حديثه؟.
- من الوسائل التي تجعل المحامي ينال ثقة الآخرين عندما يحاول إقناعهم هو أن يكون حديثه بعيداً عن أهوائه الشخصية فعندما ندرك أن المحامي لا يرغب في أن يحقق أهداف شخصية بحته من خلال إقناع الآخرين بما يريده فسينال بذلك ثقتهم ويكون صادقاً في حديثه.
وأنه من أكثر الطرق تأثيرا على ذهن المستمع أن يعبر المحامي في حديثة عن الصورة السلبية أولاً ثم الصورة الإيجابية للواقعة المراد إقناع الأخر بها ويجب أن يطبق قانون الصدق بمهارة كبيرة فينبغي أن يعلن المحامي عن الجوانب السلبية في شخصيته وهذا من شأنه أن يؤثر على ذهن المتلقي ويجعله يقر بصدق الحديث ثم ينتقل عقب ذلك إلى الجوانب الإيجابية وهنا يحدث الإقناع - كما أن الاعتراف بالخطأ هو أكبر دليل على الصدق.
- يجب على المحامي لإظهار ثقافته ومعرفته أن يستخدم بعض الألفاظ والتعبيرات الأكثر تداولا في مجال تخصصه ليسهل بذالك الاتصال بالأخريين ومن تلك العبارات:
* العدل – الحق – اليقين – الدليل – الضمير – العرف – التشريع – القواعد الأساسية – القانون الأساسي – الفقه – النظام العام – القواعد الاجتماعية – سلطة القانون – الاختصاص ...... الخ. ومن هذه العبارات أيضاً وعلى سبيل المثال .......
* لكل حق دعوى واحدة تحميه.
* الأصل براءة الذمة.
* البينة على من ادعى واليمين على من أنكر.
* من يدعي خلاف الأصل فهو يستحدث جديدا لا تدعمه قرينة بقاء الأصل على أصله.
* للكتابة قوة مطلقة في الإثبات.
* لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي.
* أن الغش مبطل للمعاملات والتصرفات ولا يبنى عليه حكم.
* يجب أن تبنى الإدانة على الجزم واليقين لا على الشك والتخمين.
* العدم لا ينشئ حقا ولا يزيل حقا.
* الدفاع حق مقدس للمتهم صانه الدستور فلا يجوز إهماله أو التفريط به.
* الزواج حق من حقوق الله سبحانه وتعالى.
يوجد ثلاث مستويات للمصداقية يجب التقييد بها للوصول إلى الإقناع يجب على المحامي أن يطبقها لكي ينجح في أقناع الآخرين بما يريد وهذه المستويات هي:
المستوى الأول: يجب أن يكون المحامي موضعا لثقة المستمع وهذا يتضمن أن يكون صادقاً في الحديث وأن يعرض قضاياه ببراعة فائقة وأن يتحدث بأسلوب متميز.
المستوى الثاني: يجب أن تكون أفكار المحامي المطروحة صادقة فإذا كانت مثيرة للجدل أو الخلاف فينبغي أن تؤيد بعرض بعض الأدلة الصحيحة التي تستند إلى كثير من القواعد القانونية والاجتهادات.
المستوى الثالث: يجب على المحامي أن يتوخى صدق الجهة التي يمثلها من خلال كون الموكل صاحب حق وأن كان محتملاً.
وسائل تدعيم الثقة للوصول إلى الإقناع
1- يجب على المحامي أن يكون جديراً بالثقة.
2- يجب على المحامي الإعلان عن إنجازاته وما ينوي تحقيقه في القضايا المتناولة بين يديه.
3- يجب على المحامي أن يكون منطقياً في طرحة لأقواله فالمتلقي دائماً يثق بالشخص الذي يتخذ قراراته استناداً إلى عقله بدلا من مشاعره وعواطفه.
4- يجب على المحامي أن لا يبالغ في القول أو يعجز في الوفاء بما وعد به.
5- يجب على المحامي أن ينجح ويسعى للوصول إلى غايته بشكل أفضل وذلك بأن يحقق للموكل مكاسب أكثر من التي سبق أن وعد بها.
6- يجب على المحامي أن يستشهد دوماً بآراء المختصين في القانون والفقهاء وأراء محكمة النقض وذلك لتأييد أقواله ولكي ينال الثقة من الأخريين.
7- يجب على المحامي أن يتوخى الصدق في القول والعمل ويجب عليه أن يبين لموكله مواطن الضعف والنقاط السلبية في قضيته وأن يقدم الاقتراحات لحل تلك المشاكل وأن يعترف بنقاط الضعف والعجز عنده.
تأثير المظهر الخارجي على مصداقية المحامي
عندما نقابل شخصا للمرة الأولى فأننا نقيم هذا الشخص وأسلوب تعاملنا معه من خلال السلوكيات التالية:
1- ننظر إلى وجه الشخص نظرة تفحص وتمعن.
2- ننظر إلى هيئة الشخص.
3- نمعن النظر في الملابس التي يرتديها.
4- نصغي إلى نبرات صوته.
5- مصافحة الأشخاص.
6- الاستماع إلى كلام الشخص.
أنه من الصعب أن تتاح للشخص فرصة الانطباع الأول مرة ثانية، فلقاء الأول والانطباع الأولى يرسخ في ذهن الأخريين ويبنى على أساسة سلوكيات وطريق التعامل التي تتفق وهذا الانطباع ومما لا شك فيه بأن الانطباعات الأولى دائماً ما تخدعنا سواء سلباً أم إيجاباً.
- إن مظهر المحامي الحسن بلباس يليق بطبيعة المهنة وكرامتها ونظراته التي تعكس شخصيته ونبرات صوته الواضحة البليغة والقوية ومصافحته دوماً للأشخاص بشكل ينم عن الود والتواضع وقوة الشخصية واستماع المحامي وإصغائه الجيد للأخريين وتفهمه لقولهم وطلباتهم هو بلا شك الوسيلة والخطوة الأولى الناجعة لكي يكون المحامي من المقنعين المميزين.
- يجب أن يظهر المحامي دوماً بمظهر صحي معافى وأن لا يتعامل مع الأخريين في الفترة التي تكون فيها حالته الصحية غير جيده لأنه وعندما يلجئ الآخرون إلى المحامي لاسترجاع حقوقهم ولكي يقوم بالدفاع عنهم فأنهم يرسمون له في أذهانهم صورة الشخص قوي البنية قوي الإرادة فصيح اللسان الذي يستطيع أن ينتزع لهم حقوقهم من غاصبيها وبالتالي لا يجوز أن تهتز هذا الصورة في أذهانهم بأن يظهر المحامي حالات ضعفه الصحية ويجب أن يتحاشى الاختلاط بالموكلين خلال تلك الفترات – أدام الله الصحة والعافية على الجميع-.
كيفية استخدام المحامي لغة الجسد للتأثير على الآخرين
- يجب على المحامي أن يواجه الآخرين بقوة وثبات مع الابتسامة في وجه الأخريين لكونها من أكثر التعبيرات تأثيراً على الطرف المقابل.
- يجب على المحامي أن يكون صريحاً في حديثة متفتحاً في سلوكه يتسم بدفء المشاعر وأن يتلقى مقترحات الآخرين بود وعطف للاستحواذ على ثقتهم وحبهم.
- يجب على المحامي أن يكون موجزاً في كلامه.
- يجب على المحامي أن ينظر إلى الأخريين بإمعان وإن يعتدل في جلسته على الكرسي وإن يضع يديه على ركبتيه فهذا السلوك يظهر اهتمامه بالطرف الأخر وعلى إنصاته له ويجب أمعان النظر بالطرف الأخر لإظهار الاهتمام والعطف ويجب على المحامي أن يمعن النظر في الهيئة القضائية وأن يمازحهم أن أمكن لان ذلك مدعاة للطمأنينة واستمالة العطف وتحقيق الإقناع.
- يجب على المحامي وفي بعض الأحيان أن يقوم بالربت على كتفي الطرف الأخر وأن يصافح الأخريين لأن المصافحة من أكثر وسال التواد بين الأشخاص ويجب أن تكون المشاعر معتدلة أثناء المصافحة وأن لا تزيد مدتها عن خمس ثواني فقط ثم تحرر اليد.
- يجب على المحامي أن يهدئ من انفعالاته وأن يعتدل في وقفته أمام الناس ولا يبدو متبرما أو قلقاً أو أن يتحرك حركات عشوائية تدل على التوتر والقلق.
دائما ما يصدر الأخريين أحكامهم على الطرف الأخر من خلال الملابس التي يرتديها فهي التي تظهر مبادئ الشخص التي يؤمن بها ومما لا شك فيه أن قدرة المحامي على إقناع الآخرين بما يريده ترجع أساساً إلى قدرته على التأثير والسيطرة على الآخر والتي تعتمد على ما يرتديه المحامي من ملابس والتي توحي بهيبته ونفوذه وجدارته وكفاءته في عمله مثل الملابس الرسمية ويجب أن تكون ذات ألون توحي بالقوة والسيطرة كالأزرق والأسود والرمادي الغامق.
قوة تأثير وسيطرة الأداء الصوتي
إن الصوت هو أداة التعبير عن الشخصية فإذا اتسم صوت المحامي بالقوة فأنه يعبر عن الثقة بالنفس.
أما إذا كان الصوت ضعيفاً فسيعده الآخرين متخاذلاً فالصوت هو الذي يعبر عن الانفعالات الشخصية ويجب على المحامي أن يتحدث بطلاقه وأن يتجنب بطئ الحديث والأداء الأمثل هو الإبطاء بالقدر الذي يمكن للآخرين متابعة الحديث ولكن بسرعة كافية تمكنهم من فهم الحديث.
- يجب على المحامي أن يخفض نبرات صوته لأن الصوت الخفيض يفرض التأثير والسيطرة على الآخرين.
- يجب على المحامي أن يغير في مستوى صوته بالارتفاع والانخفاض بطبقات الصوت أثناء الحديث فتغيير مستوى الصوت يدفع المتلقي لتأييد الكلام أو رفضه – إن انخفاض مستوى الصوت يدل على الثقة بالذات والسيطرة وصدق اليقين أما ارتفاع مستوى الصوت فيوحي بالريبة والقلق وعدم الثقة بالذات.
- يجب أن يكون صوت المحامي واضحاً ومسموعاً بدرجة كافية فالصوت الضعيف يعبر دائماً عن مشاعر الخوف ويوحي بالذل والخضوع.
- يجب على المحامي أن يلفظ الكلمات والعبارات بوضوح ودقة تامة لأن ذلك يدل على البراعة الفائقة والثقة بالذات ويدفع المتلقي لأن يتابع الحديث وأن يصغي باهتمام.
يجب على المحامي أن يتبع نظام الوقفات القصيرة بين الكلمات لجذب انتباه المستمع وإيصال فكره معينه له.
- يجب على المحامي أن يتحرى الكذب والخداع في أقوال الطرف الأخر وأن يتمتع ببراعة كشف أمثال هؤلاء الأشخاص من خلال نبرات صوتهم وفي سبيل الوصول إلى معرفة كذب الطرف المقابل يجب على المحامي أن يمعن النظر في الشخص المقابل لإدراك صدق الحديث أو أنه يحاول الخداع لأن ملامح الوجوه ونبرات الصوت والإيماءات دائماً ما تظهر خداع الطرف المقابل وفي سبيل ذلك يجب على المحامي تعلم المهارات الأساسية لتمييز كذب الحديث من صدقه وهذه المهارات:
1- تعبيرات الوجه: إن ملامح وجه الطرف المقابل تظهر مشاعره وأحاسيسه وعواطفه التي يكنها بداخله بالرغم من أن الشخص الذي لديه قدرة على الخداع يمكن أن يخفي تلك التعابير إلا أنه يمكن اكتشافها من خلال نظرات أعين الكاذبين لأن الشخص الكاذب يتفادى النظر للآخرين أثناء الحديث وغالباً ما يرفض أن يقف أو يجلس أمام الشخص الأخر وجهاً لوجه ويحاول دوماً أن يجلس وراء طاولة أو حاجز ليتجنب النظر إليه كما أن الكاذبون قليلاًُ ما يبتسمون وإذا فعلو فبتكلف.
2- الإيماءات الجسدية: يحاول الكاذبون أن يبقوا أيديهم ساكنة أو يخفوها والتقليل من حركاتهم وغالبا ما يشغلوا بلمس أنفسهم فدائما يلمسون أنفهم وذقونهم وأفواههم.
3- تعبيرات الصوت: يتسم حديث الكاذب بارتفاع نبرات صوته في نهاية عباراته بالإضافة إلى توقفه قليلاً أثناء حديثه وتلعثمه والنطق بعبارات غير مفهومة نظراً لاضطرابه وقلقه.
4- تعبيرات الكلمات: يتسم حديث الكاذبين بالعمومية والبعد عن الذاتية فهم يتجنبون استخدام الضمائر الشخصية أنا ونحن الأمر الذي يبعث الريبة والشك في مصداقية حديثهم.
عملية كشف الكذب
هناك ثلاث خطوات لكشف الكاذبين:
أولاً: البحث عن التناقضات والأخطاء التي تقع في الحديث تسبب هفوات الذاكرة وزلات اللسان يجب تدوين هذه التناقضات.
ثانياً: أجراء مقارنة بين محادثتين مختلفتين يجب فحص التناقضات في الكلام التي يقوله الشخص وخلال لقاءين منفصلين.
ثالثاً: البحث عن التناقضات في الرسائل الكلامية وغير الكلامية من خلال ملاحظة الصوت أثناء الكلام وعيني الشخص ويديه والإنصات لارتفاع نبرات الصوت وحركات اليدين والايمياءات مثل لمس الأنف فإذا كان هناك فجوة بين ما يتلفظ به الشخص وبين تلك التعبيرات الحركية فيكون الشخص كاذباً.
أهمية الكلمة في الإقناع
- يجب على المحامي أن يتحدث بطريقة الإثبات في اللغة وأن يستخدم كلمات تتصل بما يتوقع حدوثه ويجب التحدث بطريقة التأكيد من خلال وصف الذات والمعتقدات والإنجازات الشخصية على نحو إيجابي صادق.
- يجب على المحامي تحمل المسؤولية فبدلاً من إلقاء اللائمة على الآخرين يجب أن يمسك زمام الأمور ويتحمل المسؤولية باستخدام كلامات تدل على ذلك.
- يجب على المحامي أن يبتغي المكسب المشترك من خلال استخدام عبارات التعاون وتكاتف الجهود واستخدام قاعدة المكسب للجميع.
- يجب على المحامي أن يتحدث على نحو قاطع من خلال التمتع بالصراحة والوضوح بالقول وعدم الإسراف في استخدام الكلمات والتحدث بلغة متكاملة وتجنب العبارات التي تدخل في النفوس الريبة في مدى الإخلاص والأمانة وعدم اللجوء إلى استخدام العبارات القوية مثل (نهائياً مؤكدا وجداً) ثم التصرف على عكس ما قيل وعدم استخدام عبارات التردد واللعثمة مثل (آه و إه و ها و حسناً) والتي توحي بعدم التأكد وفقدان الثقة بالذات.
- يجب على المحامي أن لا يلجئ إلى الأسئلة المبتذلة التي تأتي في نهاية الجمل وعدم اللجوء إلى الكلمات المطاطة غير اللازمة عندما يكون غير واثق من أمر أو يخشى التورط فيه.
- يجب على المحامي أخيراً تجنب فرط التأدب وهو أحد سمات المتحدث غير الكفء الذي يستخدم عبارات مثل (من فضلك و أشكرك) بصورة متكررة جداً لأن فرط التأدب ينطوي على الجبن وعدم الثقة.
- على المحامي القيام بتفخيم الكلمات الإيجابية والبعد عن الكلمات السلبية والتمسك بالثوابت وعدم خلط الأمور ببعضها.
- على المحامي استخدام التضاد في عباراته مثال ذلك:
(علينا أن لا نحترم القانون من منطلق الخوف بل علينا أن لا نخاف احترام القانون)
وعند استخدام عبارات التضاد يجب الحفاظ على اتزان العبارات من خلال اختيار كلمات قصيرة وسهلة قدر الإمكان وجعل خاتمة العبارتين ايجابية.
- على المحامي الناجح اختيار عبارات مكررة في مواقف معينة على أن لا تزيد الكلمة المكررة عن ثلاث مرات ومثال ذلك:
(أن حق الموكل ثابت بحكم القانون وأن القانون هو القاعدة الفاصلة بين الموكل والخصم والقانون في النهاية سيد الجميع).
ومن المتفق عليه أن التكرار يزيد الإقناع ولكي يكون التكرار ذو فاعليه ينبغي أن يقتصر على الكلمات والعبارات الهامة.
- على المحامي الناجح استخدام الاستعارة في أسلوب كلامه المجازي لأنها توجز الوصف وتوصل الفكرة بشكل سلس ومحبب.
- على المحامي استخدام الدعابة في الإقناع حيث أن الدعابة يمكن أن تكون وسيله فعالة في الإقناع لكونها تجذب الانتباه وتوجد علاقة حميمة بين الطرفين وتجعل الرسالة المراد إيصالها من الكلام قابلة للتذكر وتخفف التوتر وتعزز العلاقة مع الأفراد وتعمل على تحفيزهم.
إن نجاح أي قضية للمحامي يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة المحامي على اختلاق موضوع قوي للقضية واستخدام حقائق محددة واستخدام أدلة جديدة إن أمكن.
الأسئلة المتكررة ودورها في الإقناع
- على المحامي أن يتبع أسلوب الأسئلة المتكررة لأن الأسئلة تدفع كل أنواع المعاملات ومنها المرافعات إلى الأمام على عكس الجمل الخبرية التي تضع في طرق النقاش عقبات تتطلب التخلص منها كما يمكن من خلالها التحكم بموضوع النقاش فزمام المبادرة يكون دوماً في يد السائل نتيجة لشعور الطرف الأخر بأنه يتحتم عليه الإجابة.
- على المحامي أن يكثر من استخدام الأسئلة التوجيهية وخاصة عند استجواب الشهود للتأثير عليهم ودفعهم للشهادة وفق توجهات المحامي في القضية.
- يجب على المحامي اعتماد استراتيجية التركيز والتي تنطوي على قيامه بالتركيز على النقاط القوية لديه في الدعوى والتركيز على نقاط الضعف لدى خصمه والتقليل من نقاط الضعف في الدعوى وأن يضعف نقاط قوة خصمه بهذا الأسلوب يحقق الإقناع الفاعل والمجدي.
وفق هذا المعيار يجب استخدام التكرار للتركيز على النقاط الإيجابية أو السيئة لدى الخصم كما أنه على المحامي أن يعمد إلى إرباك الخصم للتضييق من حدوده والتقليل من قوته ويتم إرباك الطرف الأخر عن طريق تعقيد قضية بسيطة باستخدام المصطلحات بدلاً من اللغة العادية.
يجب استخدام المديح في مواقف معينة لأن الإطراء يضعف الطرف الأخر والمجاملات تزيد الألفة والمحبة.
الخاتمة:
إن الله عز وجل حبا الإنسان بمجموعة من النعم الجسدية من السمع والحركة والكلام وخلق فينا مجموعة من العواطف والأحاسيس والطباع وجعل بينهما ترابط عجيب من خلاله تعكس حركاتنا وتصرفاتنا ونظراتنا طبيعتنا الداخلية وميولنا وعواطفنا ورغباتنا، وعلى المحامي المقنع أن يستفيد من تلك النعم وأن يحاول المقارنة بين الكلمات التي يتفوه بها الشخص وتصرفاته الحركية ونظراته لسبر أغوار الطرف الأخر وفهم مقاصده بهدف تكييف تلك المقاصد بالشكل الذي يوصل إلى إقناع هذا الشخص بالطريقة التي تتفق مع رغباته وميوله كما أنه على المحامي المقنع أن يترجم وبخفة كافة الظواهر المحيطة بالشخص وخاصة مظهره الخارجي بالشكل الذي يمكنه من معرفة الشخصية المقابلة والتحكم في سلوكها وإيصالها إلى الهدف الذي يسعى إليه









رد مع اقتباس
قديم 2011-04-12, 18:44   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
لسبط رابح
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هي خطة العمل ؟










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-17, 23:55   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
أمينة87
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية أمينة87
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 أهمية الثقافة القانونية

أهمية الثقافة القانونية

أهمية الأشياء تنبع من الحاجة إليها أولاً، ومن الدور الذي تؤديه في حياة الناس. وصدور دورية رصينة تهتم بنشر الثقافة القانونية والحقوقية، هو شيء من هذا القبيل، إذ تفتقد إليها حياتنا الثقافية، وإذا كان هناك دوريات تهتم بهذا الجانب وتكون محصورة بذوي الاختصاص، أي العاملين في الشأن القانوني، فإن ذلك لا يقدم ما تقدمه مجلة يغلب عليها الاهتمام بالجوانب القانونية، وتكتب بلغة تذلل التعابير والمصطلحات التي تسود في عالم القانون والقانونيين، وتتوجه بخطابها إلى عامة الناس.

في كل المجالات نجد دوريات تهتم بنشر المعرفة للعامة أو المتخصصين، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الأدب أو الفنون أو الحياة الاجتماعية... الخ. وبسبب من تداخل الموضوعات في عصرنا فإنه من المستحسن أن يلم الناس بالجوانب التي تجعلهم يحسنون فهم ما يتداخل مع اختصاصاتهم وتوجهاتهم من مفردات ومفاهيم قانونية.
لقد تعمق التخصص في جوانب الحياة عامة، وازداد الاهتمام بأن يكون العاملون في قطاع ما، على علم ودراية بكل ما يتطلبه هذا الاختصاص، وبما يتداخل معه من قضايا أخرى، أي هناك حاجة لوجود المثقف الشامل والذي كان يعرّف بأنه من يلم من كل علم بطرف، أياً يكن مجال التخصص.
ومجال القانون، لا يصح أن يخلو منه تخصص ما، ولا عمل ما، ولا اتجاه حياتي ما، وذلك لأهمية هذا الجانب للناس ولحياتهم، ولأعمالهم التي تنظمها قوانين محلية ودولية، لا يصح أن يبقى جمهور الناس غائبين عنها، مع أن القيام بالمهمات القانونية في الأعمال العامة تكون موكولة إلى مختصين.
كل جوانب الحياة لها قوانينها الناظمة، وعلاقة الناس بهذه القوانين والنظم، علاقة سلبية تتمثل بالرضوخ والتسليم لتنفيذها دون دراية بجوانبها وأهميتها وتداخلاتها، أو الخروج عليها دون دراية بالأضرار المحتملة، ما يفقد المواطن المنفذ للقوانين أو الخارج عليها وعيه بها، وبالتالي يتكون لديه شعور بأنها أعباء ثقيلة عليه وذلك لعدم قدرته على ربطها بجوانب حياته الأخرى، ولا بالأسس التي بنيت عليها أو استوجبت وضعها، ما يفسر عداء العامة للقوانين بدرجة ما، فالإنسان عدو ما جهل.
ومع أنني لست متخصصاً بالقانون، أشعر بالحاجة إلى تكوين الثقافة القانونية عند الجميع، كما أرى ضرورة تكوين رأي عام حول الاهتمام بالقوانين وضرورة الالتزام بها في مواجهة انتهاكها والخروج عليها، انطلاقاً مما يسود واقعنا من الاستهتار بالقانون والنظام، ابتداء بنظام عبور الشارع، وقانون النظافة، وصولاً إلى أعقد القوانين.
لقد بقيت الأعراف والتقاليد ذات سطوة على الناس مع وجود قوانين ناظمة بديلة ولاغية لها، ولدى التدقيق في الأسباب التي تجعل الناس يقبلون على التمسك بالتقاليد والعادات، وينبذون القوانين ويحاولون التفلت منها، مع أن الأعراف هي الشكل الأقدم للقوانين التي تواضع عليها الناس، نجد أن الموضوع على علاقة بالصلات التي تنعقد بين الأعراف والعادات وبين الناس الذين يرون فيها مخارج لمآزقهم، فهي منهم وإليهم، لقد تآلفوا معها وقد نشأت في كنفهم، وهم الذين أوجدوها ورعوها واحترموها وعملوا بها، ولذلك يجدون الصلة بها معقودة بشكل متين، دون أن تلجأ إلى كسر المتوارث، بل إن الكثير من هذه الأعراف والتقاليد من المتوارث الذي يعيد تأكيد حضوره.
أما العلاقة بالقوانين فهي ليست على هذه الشاكلة، والصلات بين القانون والناس، علاقة قهرية كما يرونها، لأنها مفروضة عليهم عبر سلطة ما، ومرافقة بسلطة قهرية، بعيدة عن عالم الناس البسطاء الذين يفرون من القهر الذي لم يعرفوا غيره، بل لا يزالون يرون في القوانين ذلك العدو الذي يتربص بهم ويقهر إرادتهم ويجبرهم على ما أحبوه وما لم يحبوه، والجهة الساعية لتطبيقه ليست الجيران والأقارب كما في العادات والأعراف.
لقد أشار "ول ديورانت" في "قصة الحضارة" إلى أن الناس يرون فيمن يخرج على القانون بطلاً، بينما يرون فيمن يخرج على العادات مجرماً. السبب هو ما ذكرنا من أن الناس هم من أوجد العادات وأنتجها في خضم حياتهم الاجتماعية اليومية، فبقي تأثيرها كبيراً، في حين أن القوانين فرضتها السلطات المتناسلة ذات الاختصاص.
حتى في حياتنا العامة، خاصة في التجمعات الأقل وعياً، أو التي تمتد فيها علاقات القربى بشكل فاعل، وحتى وقت قصير – ربما إلى الآن – كان الناس ينظرون إلى المتنفذين من أقاربهم أو معارفهم بكثير من البطولية، لأن هؤلاء يخرجون عن القوانين بجرأة، بل بوقاحة، ولا نزال نسمع عبارات الاستحسان لما يفعله فلان وأنه لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه، أو فلان ينجي من حبل المشنقة، وهذه من مؤشرات السطوة والمركز المرموق والجاه... الخ. بالتالي فإن استحسان السلوك غير المنضبط على إيقاع القانون، وغير الدال على مسؤولية حقيقية متحضرة، من قبل مسؤول أو موظف، هو نتاج ضعف الثقافة القانونية، التي توضح للناس أسباب وضع القانون وأهمية الالتزام به، وأن البطولة الحقيقية تكون بتطبيقه لا بالخروج عنه، وإن الساعي لتجاوزه هو المجرم.. الخ. وإن فعله يتضمن تبخيساً وتجاوزاً لدور المؤسسات، مما يعني أننا لم نسع إلى تكوين توجهات يمكن استثمارها في التنمية الإنسانية التي لا وجود لها خارج الديمقراطية التي تؤكد أهمية العمل المؤسسي الذي ترعاه القوانين، ليس في مواجهة الأفراد ونشاطاتهم وإبداعاتهم، بل تنظيماً لها، ومنعاً من استغلال الموقع وثغرات القانون أو المناخ السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي، ودون استثناءات.
لقد ذكر المفكر"ذكي نجيب محمود" أسباباً عدة لتخلف المجتمع العربي، وكان أحد أهم هذه الأسباب هو بطلان نفاذ القوانين بالكرامات الشخصية. إذ كثيراً ما يبطل أحد المتنفذين عمل القانون، أو ينجو بفعلة خارجة على القانون تعد جريمة، أو يعمل على عدم تطبيق القانون على بعض من يهتم بهم، فيصبح تطبيق القانون استنسابياً.
من هنا نذكر بأن ثقافة الناس القانونية والاهتمام بتربيتهم على مثل هذه الثقافة، قد تساعد كثيراً في ألا يفلت المجرمون أو الخارجون على القوانين من قبضة العدالة، ويصبح ازدراؤهم لمن يتجاوز القوانين والنظم مهما علت مراتبهم الوظيفية ومسؤولياتهم، بمقدار تجاوزاتهم للقوانين، والعكس صحيح، حيث يصبح حبهم لأعمالهم ولأدوار المسؤولين والتزامهم بمقدار ما يبدو حرص هؤلاء المسؤولين على تطبيق القوانين والانصياع لها ورعايتها وعدم الانتظام في صف من ينتهكها، ويصبح هذا سياسة في إدارة المؤسسات التي يديرونها أو يكونون فيها أو مسؤولين عنها. وهذا يحقق انفراجاً اجتماعياً، ويجعل الناس يقبلون على أعمالهم بكثير من الاندفاع.
إن هذه الثقافة القانونية، ليست بديلاً عن عمل القضاء ولكنها تساهم في حمل الناس على احترام القوانين والأنظمة وتجنب مخالفتها.
يجب ألا تعلو قوة على قوة القانون. بالتالي فإن تكوين المواطن الذي يجد قناعته ورضاه وغاية وجوده في أن ينظم القانون جميع مفردات الحياة العامة، هو هدف ثمين جداً. عندها سيكون هذا المواطن عوناً للجهات الراعية للقوانين، ولن يسكت على انتهاكها عندما يعلم به.

الثقافة القانونية، ليست بديلاً عن عمل القضاء ولكنها تساهم في حمل الناس على احترام القوانين والأنظمة وتجنب مخالفتها

لا نزال نسمع عبارات الاستحسان لما يفعله فلان وأنه لا يجرؤ أحد على الاعتراض عليه، وهذه من مؤشرات السطوة والمركز المرموق والجاه

أشار "ول ديورانت" في "قصة الحضارة" إلى أن الناس يرون فيمن يخرج على القانون بطلاً، بينما يرون فيمن يخرج على العادات مجرماً

الصلات بين القانون والناس، علاقة قهرية كما يرونها، لأنها مفروضة عليهم عبر سلطة ما، ومرافقة بسلطة قهرية

حسن إبراهيم أحمد









رد مع اقتباس
قديم 2011-05-30, 15:10   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-30, 20:14   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
شابوس
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية شابوس
 

 

 
إحصائية العضو










Mh51 تحــول السيــــادة

قانون دولي : البنية المتغيرة للقانون الدولي.. تحول السيادة
السيادة التقليدية:
تطور مذهب السيادة في بعدين متميزين: اهتم الأول بالمظاهر "الداخلية" للسيادة أما الثاني فبمظاهرها "الخارجية". يتضمن البعد الأول مطلب أن الشخص أو الهيئة السياسية تأسست كعاهل يمارس عن حق "ولاية عليا" على مجتمع بعينه. أما الحكومة – سواء أكانت ملكية أم ارستقراطية أم ديمقراطية – فعليها أن تنعم بـ "سلطة مطلقة ونهائية" ضمن الإقليم المفترض. أما البعد الثاني فيتضمن التأكيد على عدم وجود سلطة مطلقة ونهائية داخل وخارج الدولة ذات السيادة. يتوجب النظر إلى الدول بوصفها مستقلة في كل قضايا السياسة الداخلية ولها أن تكون من حيث المبدأ حرة في تحديد مصيرها ضمن هذا الإطار. أما السيادة الخارجية فهي ميزة تحوزها المجتمعات السياسية في علاقاتها المتبادلة، ويصاحبها طموح المشاركة بتعيين وجهتها وسياستها دون تدخل غير مشروع من القوى الأخرى.


أصبح نظام الدول ذات السيادة مطوقاً بجملة قواعد تطورت منذ القرن السابع عشر، لصيانة مفهوم نظام الدول بوصفه مجتمعاً دولياً من دول ذات سيادة. كما ترافق ظهور "مجتمع" الدول، أولاً في أوروبا ولاحقاً في عموم الكوكب، مع مفهوم جديد لقانون دولي يكون مرجعاً مثل "النظام الوستفالي" (بعد معاهدات السلام في وستفاليا العام 1648)، وهو ما يشار إليه ببساطة على أنه النظام التقليدي للسيادة.
يغطي ذلك النظام عصر القانون الدولي وتنظيمه من العام 1648 وحتى مطلع القرن العشرين (رغم أن عناصره، وهو أمر قابل للنقاش، لا تزال مطبقة حتى اليوم). لم تكن كل سماته مقترنة بتسوية وستفاليا، بل تشكلت بالأحرى خلال مسار معياري لقانون دولي لم يصل إلى منطوقة الكامل إلا في نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، حين أصبحت السيادة الإقليمية والمساواة الرسمية بين الدول وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للبلدان الأخرى قاعدة للالتزام القانوني دولياً، وصارت تشكل المبادئ الجوهرية للمجتمع الدولي.
يلقي النظام التقليدي للسيادة الضوء على نظام عالمي تكون الدول فيه حرة ومتساوية اسمياً، وتتمتع بسلطة عليا على رعاياها ورعايا الإقليم المفترض، كما تصيغ قرارات سياسية منفصلة ومستقلة وفق مصالحها الخاصة، ولا تعلوها سلطة دنيوية أخرى، كذلك تقوم بمبادرات دبلوماسية، ضمن مقاييس تعاون محدودة، وتنظر إلى العمليات عبر الحدود كـ "شأن خاص"، وتقبل مبدأ الفعالية أي المبدأ الذي يشرعن الاستيلاء في عالم الدول.
التأكيد على تطور النظام التقليدي للسيادة، لا ينكر بطبيعة الحال أن حقيقته غالباً ما كانت مشحونة ومليئة بالفوضى والتسويات. لكن الاعتراف بتعقد الواقع التاريخي ينبغي ألا يقود إلى تجاهل التبدل المنظومي والهيكلي الذي حل منذ نهاية القرن التاسع عشر في المبادئ التي يتضمنها النظام السياسي، وحقائقها الدموية.
كافحت الدول لاحتواء السكان والأراضي والموارد، وإدارتها – يتمثل هذا المسار بتشكل دول أوروبية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، واقتسام القوى الأوروبية للمستعمرات في القرن التاسع عشر.
يتوجب التأكيد على الدلالات الهامة لتطور النظام التقليدي للسيادة.
أولاً: منح تبلور القانون الدولي بوصفه قانوناً بين الدول، رؤساء الدول والحكومات قدرة الانضمام إلى معاهدات مع ممثلي دول أخرى بمعزل عن الوضعية الدستورية لأولئك الأشخاص، أي بمعزل عن كون رؤساء الدول مخولين وفق إجراءات قانونية محلية محددة بإلزام الدولة بحقوق وواجبات معاهدة معينة.
ثانياً: لم يكن قانون ما بين الدول معنياً بالهيئة السياسية الوطنية. لكنه قبل مقاربة واقعية للدولة والحكومة/ مقاربة تلي حقائق السلطة السياسية وتضع بضعة تساؤلات عن كيفية نشوء تلك السلطة. تم اعتبار الأنظمة المطلقة والملكيات الدستورية والدول الاستبدادية والدول الديمقراطية الحرة على قدم المساواة بوصفها أنظمة حكم شرعية.
ثالثاً: إقامة نقاط اتصال بين المبادئ المنظمة للشؤون القومية والدولية. تباعدت القواعد السياسية والأخلاقية التي تحكم هذين المجالين في المبدأ والتطبيق. ترسخت ببطء الدول /الأمم الديمقراطية في الغرب، لكن عالم السياسة الذي أجاز الديمقراطية في الدولة/ الأمة رسخ علاقات لاديمقراطية بين الدول، ومثلما رسخ شرعيةً ديمقراطيةً خاضعةً للمحاسبة داخل حدود الدولة أجاز ملاحقة متطلبات الدولة (والمصالح السياسية العليا) خارج تلك الحدود، وفي مقابل حقوق مواطنة وديمقراطية لمن هم من "الداخل"، تنكر متكرر لها حين يتعلق الأمر بمن يعيشون خارج تلك الحدود، كان الفصل بين المثالية السياسية والواقعية السياسية أمراً بدهياً.
رابعاً: تركيز القانون الدولي على الجماعات والفاعلين غير الحكوميين الساعين للتنافس على حدود إقليمية ذات عواقب متناقضة. أمام تفكك القوى الاستعمارية والمصالح المهيمنة للمواطن والأقاليم التقليدية، لم يكن أمام تلك الجماعات بدائل سوى اللجوء إلى الإكراه أو القوة المسلحة بغرض تأكيد مطالبها بتحرير أوطانها. لكن، كان عليها أيضاً تأسيس "سيطرة فعالة" على المنطقة التي تسعى لإعلانها وطناً في حال توجهها لنيل الاعتراف الدولي.
تراجع الإمبراطوريات الأوروبية وهزائمها من نهاية القرن التاسع عشر، وانتشار الأفكار الديمقراطية في كافة أنحاء العالم في القرن العشرين، وتأسيس أشكال جديدة لمنظمات وأنشطة متعددة الأطراف ومتعدية القومية خلال الأعوام المئة الأخيرة عدل المشهد السياسي والقانوني. وطرح السؤالين التاليين: هل تأسس إطار جديد للقانون الدولي؟ هل تغير التوازن بين متطلبات نظام الدول ومتطلبات الأوضاع السياسية والمعيارية البديلة؟

السيادة الدولية الليبرالية
أزاحت هيمنة النظام التقليدي للسيادة ضمن حدود الدول – الأمم موجات متعاقبة من إشاعة الديمقراطية. وفي حين سعت تلك الموجات لإعادة تشكيل الحكومة الوطنية، كان لها تأثيرات إضافية على نظام العلاقة ما بين الدول. وعلى الرغم من أن نموذجاً جديداً للتنظيم الدولي لم يتبلور بالكامل قبل الحرب العالمية الثانية، إلا أن تتبع آثار أصول نظام السيادة الدولية الليبرالية أمر ممكن. يمكن رصد بداياته في محاولات توسيع مسارات تعيين حدود سلطة عامة في المجال الدولي والمحاولات اللاحقة لتحويل معنى السلطة السياسية الشرعية من السيطرة الفعالة إلى صيانة المعايير الأساسية أو القيم التي لا يستطيع وفقها موظف سياسي سواء أكان ممثلاً لحكومة أو دولة القيام بإلغائها. كما واجهت السلطة الفعالة مبادئ حق تقرير المصير والديمقراطية وحقوق الإنسان بوصفها قاعدة ملازمة للسيادة.
من المفيد إبراز بعض التحولات القانونية التي حدثت في ميادين الحرب، جرائم الحرب وحقوق الإنسان والمشاركة الديمقراطية إضافة إلى البيئة، والتي أحدثت هذا التبدل. تمت هذه التحولات أساساً بموافقة الدول، لكن التفويض وتغير السيادة اكتسب، كما بدا، وضعاً وزخماً مستقلاً.

قواعد الحرب والتسلح
استند تكوين قواعد الحرب إلى افتراضٍ مفاده أنه نظراً لعدم إلغاء حالة الحرب بالكامل، فيتوجب قنونة بعض عواقبها المروعة التي تطال العسكريين والمدنيين على حد سواء. الهدف من هذه القواعد إخضاع ممارسات الحرب للحد الأدنى من معايير التحضر التي ستلتزم بها جميع أطراف أي نزاع مسلح. وعلى الرغم من أن قواعد الحرب غالباً ما تنتهك، لكنها ساعدت في الماضي على لجم بعض أسوأ أشكال العنف العشوائي. تعود الاتفاقات الرئيسية متعددة الأطراف التي حكمت الحروب إلى إعلان باريس 1856، الذي سعى إلى الحد من حروب البحر بحظر مراكب القراصنة وتعيين الشروط التي يكون فيها الحصار فعالاً وخاضعاً لاعتبارات قانونية. تتضمن المعالم الأساسية اتفاقية جنيف 1864 (المعدلة في العام 1906)، واتفاقيتي لاهاي 1899 و1907، واتفاقيتي جنيف 1929 و1949 اللتين ساعدتا على قنونة المعاملة الإنسانية لجرحى المعركة، والممارسات المقبولة في المعارك البرية، وحقوق وواجبات أطراف النزاع والدول المحايدة، ومجموعة من القواعد تحكم معاملة الأسرى وحماية المدنيين. علاوة على تلك الاتفاقات وغيرها من المعاهدات الإقليمية. فقد حددت ممارسات المتحاربين، من حيث المبدأ، وفق عناصر القانون الدولي المتعارف عليه، والإقرار العام بقانون إنساني يحرم الوحشية غير المبررة أو الأفعال الأخرى التي تزدري المبادئ الأخلاقية.
شكلت قواعد الحرب إطاراً متطوراً من إجراءات تسعى لتقييد ممارسات أطراف النزاعات الدولية المسلحة. اعتمدت القواعد على مفهوم ثنائي، ضرورة التخفيف قدر المستطاع من التأثيرات الجانبية للحرب، وتقييد حرية اللجوء إلى وسائل الحرب وطرائقها. هذه التوجهات والاتفاقات ميزت بمرور الزمن، ومن حيث المبدأ، تغيراً هاماً في الوجهة القانونية للدولة الحديثة، لأنها تحدت مبدأ الاستقلالية العسكرية ومسألة السيادة الوطنية في واحدة من مكوناتها الأكثر حساسية - العلاقة بين الجيش والدولة وقدرة كل منهما على تحقيق أهدافها بصرف النظر عن النتائج.
أكملت الاتفاقات المتعلقة بممارسات الحرب سلسلة من المعاهدات تتصل باستخدام مختلف صنوف الأسلحة، من القواعد التي تحكم استخدام الذخائر المتشظية (لاهاي 1907) واستخدام الغواصات ضد السفن التجارية (بروتوكول باريس 1936) وصولاً إلى المعاهدات الأخيرة المتعلقة بالأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية والتقليدية – نتيجة لذلك أصبح الحد من التسلح أحد معالم السياسة الدولية. فوكالات الحد من التسلح ونزع السلاح القائمة في كل دول العالم الرئيسية، تدير في الوقت الحاضر عملية تنظيمية ودبلوماسية متواصلة. أقامت الاتفاقات الأخيرة فضلاً عن ذلك آليات للتحقق تنتهك عنوة السيادة الوطنية والاستقلالية العسكرية. فاتفاقية الأسلحة الكيميائية 1993، على سبيل المثال، تنشئ منطقة تفتيش دولية للإشراف على تطبيقها (وهو ما أقلق مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن التنازل عن السيادة). وفقاً لذلك، يبدو مفهوماً إدعاء أن القوانين الدولية حول الحرب ومراقبة التسلح تشكل وتساعد على إنشاء بنية تحتية عالمية لإدارة التسلح والنزاعات.
جرائم الحرب ودور الأفراد
يمكن توضيح مسار التقييد المتدرج لسلطة الدولة بحالة أخرى من التفكير القانوني الدولي الذي قلب أسبقية الدولة في القانون الدولي وعزز الدور الفردي فيما يتصل بالمسؤولية تجاه العنف المنظم ضد الآخر. في المقام الأول بإدراك الوضع القانوني للاعتراض الواعي، أقرت دول عديدة بوجود حالات محددة يتجاوز فيها التزام المرء الأخلاقي التزامه تجاه دولته. فرفض الخدمة العسكرية أثار مطلب محكمة أخلاقية عليا لتحديد الحقوق والواجبات.
هذه المطالب ممثلة أيضاً في الوضع القانوني المتغير لأولئك الراغبين في الالتحاق بالحرب. فاعتراف القانون الدولي بمخالفات جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية يظهر بوضوح أن الرضوخ لأوامر القادة لن يعتبر سبباً كافياً لتبرئة الفرد المشارك بتلك المخالفات.

كانت نقطة التحول في هذا الشأن، القرارات التي اتخذتها محكمة نورمبرج الدولية (ومحكمة طوكيو المشابهة). طرحت المحكمة، لأول مرة في التاريخ، أنه في حال تعارض القواعد الدولية التي تحمي القيم الإنسانية الأساسية مع قوانين الدولة، فعلى كل شخص أن يخالف قوانين الدولة (باستثناء الحالة التي يكون فيها "الخيار الأخلاقي" أمراً غير ممكن، حالة توجيه سلاح إلى رأس شخص على سبيل المثال).
صادق القانون الدولي الحديث عموماً على الموقف الذي اتخذته المحكمة وأكد على رفض الدفاع عن ذريعة إطاعة الأوامر العليا في قضايا المسؤولية عن الجرائم المرتكبة ضد السلام والإنسانية.
كان التوسيع الأبرز لتطبيق مبادئ نورمبرغ تأسيس محاكم جرائم الحرب في يوغسلافيا 1993 ورواندا 1994. وجهت المحكمة اليوغسلافية تهماً ضد أشخاص من المجموعات العرقية الثلاث في البوسنة وحققت في جرائم كوسوفو، مع أنها صادفت صعوبات جمة في اعتقال المتهم الرئيسي. وعلى الرغم من أنه لم يكن بوسع محكمة رواندا ولا محكمة يوغسلافيا احتجاز ومحاكمة إلا قسم ضئيل من المتورطين في ارتكاب جرائم وحشية، إلا أنهما سارتا خطوات ملموسة في إطار تطبيق القانون الذي يلاحق جرائم الحرب، ما يختزل المسافة بين بشائر هذا القانون وضعف تطبيقه. ستساعد المحكمة الجنائية الدولية على إلغاء هذه المسافة في المدى البعيد. لكن عوائق عديدة تواجه تحققها ونجاحها، ضمن ذلك المعارضة المستمرة للولايات المتحدة (التي تخشى أن تستهدف جنودها إجراءات قضائية ذات دوافع سياسية). مع ذلك فتشكيل المحكمة رسمياً يمثل خطوة إضافية في الابتعاد عن النظام التقليدي للسيادة والتقدم صوب ترسيخ إطار السيادة الدولية الليبرالية.
ما يتربص بالاتفاقات القانونية الدولية في الوقت الحاضر يفترض أن احتواء العدوان المسلح وإساءة استخدام القوة يمكن إحرازهما عبر السيطرة على الحروب وتحريم انتهاكات حقوق الإنسان. لأنه من الجلي أن العديد من أشكال العنف المرتكب بحق الأشخاص، وشتى أشكال إساءة استخدام القوة لا تحدث فقط خلال الأعمال الحربية المعلنة. واقع الحال، أن التمييز بين الحرب والسلام، وبين العدوان والقمع آخذٌ بالتآكل بتغير أنماط العنف. فأنواع العنف التي شهدتها البوسنة وكوسوفو تبرز دور القوات شبه العسكرية والجريمة المنظمة واستخدام وحدات من الجيش الوطني لا تعود خاضعة مباشرة لإمرة الدولة. كما يشير تعدد أشكال العنف إلى وجود مسافة ضئيلة بين الجرائم الصريحة المرتكبة خلال الأعمال الحربية والهجمات الرئيسية على رفاه وسلامة المواطنين في الحالات التي لا تعلن فيها الحرب بين الدول. وفي حين لا تنطبق قواعد الحرب مباشرة على العديد من أشكال الحرب الحديثة، لكنها تشكل انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان الدولية.
وفق ذلك، يمكن النظر إلى قواعد الحرب وشرعة حقوق الإنسان بوصفهما شكلان متكاملان من القواعد الدولية التي تهدف إلى تقييد مجال وشكل استخدام القوة القسرية. ومع كل التقييدات التي تعيق تعزيز هذه التغيرات، فهي تغيرات بالغة الأهمية حين تؤخذ مجتمعة، إلى جانب رفض مذهب القوة كسيطرة فعالة، واستبداله بالقواعد الدولية التي ترسخ القيم الإنسانية الأساسية كمعايير لشرعية الحكومات.










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-30, 20:19   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
شابوس
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية شابوس
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2 صنـــاعة القــرار الإداري

قضايا الإدارة : المشاركة في صناعة القرار الإداري
يعدّ اتخاذ القرار من أهم أسس العمل الإداري ومبادئه، ذلك أن اتخاذ القرار هو الترجمة الفعلية للعمل الإداري. وبمعنىً آخر فإن جميع العمليات الإدارية إنما تتمخض في النهاية عن اتخاذ قرار معين، سواء تعلّق الأمر بالتخطيط، أو التنظيم، أو الاتصال، أو التنسيق، أو القيادة، أو التوجيه، أو الرقابة، أو الإشراف، أو العلاقات العامة… فسير العمل في إحداها ينتهي غالباً -إن لم يكن دائماً- باتخاذ قرار معين. وإن كل جزء من كل عملية من هذه العمليات يسفر عن اتخاذ قرار ما، حتى يمكننا أن نقرر أن كل عملية من هذه العمليات ما هي إلا سلسة متصلة الحلقات من القرارات.


وعملية صنع القرار ليست عملية سهلة أو بسيطة كما تبدو، أو كما يعتقد البعض، وإنما هي في الحقيقة عملية مركّبة ومعقدة، وتتفرع في الواقع إلى عدة عمليات جزئية، وتتحلل إلى كثير من المراحل المتتالية والمتعاقبة، لتنتهي بصدور القرار، ثم تنفيذ هذا القرار ومتابعة هذا التنفيذ. ولكي يحقق القرار الإداري الأهداف المرادة منه، فإن هناك مقوّمات لنجاحه منها وجوب مشاركة العاملين والقائمين على التنفيذ في عملية صناعة القرار.
ولهذه المشاركة فوائد كثيرة، منها تحقيق ديمقراطية صناعة القرار، ورفع إحساس العاملين بالمسؤولية، وتسهيل فهمهم للقرار الصادر من جميع جوانبه، مما يخفف العبء على صانع القرار في الشرح، والتفسير، والإشراف، والرقابة... وكذلك فإن مشاركة العاملين في هذه العملية تزيد من تحمسهم للعمل، وترفع من روحهم المعنوية، مما يزيد من دقتهم في تنفيذ القرار، لقبولهم له، ورضائهم به، دون أن يكون مفروضاً عليهم بالقسر والإلزام. كما أن المشاركة تساعد على تنمية ملكات العاملين وقدراتهم.
وبالمقابل فإن عدم المشاركة في صناعة القرار قد ترتب نتائج سلبية ليس أقلها إغفال الافتراضات الواقعية المرتبطة بظروف العمل الفعلية، مما قد ينتج عنه صدور قرارات بعيدة عن الواقع، فيصعب تنفيذها. وقد يؤدي ذلك إلى تجميد قدرات العاملين ومقاومتهم للقرار الصادر.
غير أن هذا الاشتراك يتوقف على عوامل كثيرة يتعلق بعضها بقدرات صانع القرار وأفكاره، ويتعلق بعضها الآخر بقدرات بعض العاملين أنفسهم، أو طبيعة المشكلة، أو التنظيم ذاته، وقواعده، والأسس التي يستند إليها...
ماذا نعني بالمشاركة؟ ما هي مسوّغاتها؟ وما هي الحدود التي تقف عندها؟ وكيف يمكن تحقيقها؟ سنحاول من خلال الآتي الإجابة عن هذه التساؤلات ولو بإيجاز شديد.

أولاً- مفهوم المشاركة
أدت التطورات الحديثة إلى تنوع المنظمات وتعقد أعمالها، وقد انعكس ذلك على مهمة القادة الإداريين التي أصبحت بدورها أكثر تعقيداً، لازدياد رقم الأعمال، وتوسع نطاق الإشراف، وتنوع الأعمال والتخصصات، مما أثبت عجز الرئيس الإداري عن إدارة المنظمة بمفرده دون الاستعانة بالآخرين مهما كان فذاً وماهراً، فالتنظيمات أصبحت تتضمن مهمات عديدة، وموزعة على عناصر مختلفة كالمحامين، والمهندسين، والمستشارين، والموظفين، والمهنيين، والعمال... والرئيس الإداري الناجح هو الذي يستطيع الاتصال بهؤلاء جميعاً، ويكسب ثقتهم، ويقوي العلاقات معهم. وأفضل طريقة في ذلك هي المشاركة، إذ بفضلها يحصل القائد على ثقة مرؤوسيه، ويكسب تأييدهم، ويحصل على المعلومات اللازمة لحل المشكلات من مصادرها الأصلية مباشرة. وإذا ما أدرك الرئيس الإداري ذلك فإنه يصبح من الضروري الاستعانة بالآخرين، ووضع الثقة بهم، ليس من أجل تنفيذ القرار وحسب، بل من أجل المساعدة في اتخاذ القرارات، ورسم السياسات، وتحقيق الأهداف.
ولهذا كله فإن المشاركة أصبحت ضرورة من ضرورات الإدارة الناجحة. قال تعالى: "..وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله..".
لقد انصبت الدراسات وتركزت الجهود على دراسة المشاركة في الإدارة، وعلى دراسة قرارات المجموعة، والعوامل المحددة لها. فأي قرار ما هو في حقيقته إلا الناتج النهائي لحصيلة مجهود متكامل من الآراء، والأفكار، والاتصالات، والدراسة التي تمت في مستويات مختلفة بالمنظمة الإدارية، من قبل أفراد عديدين. ومن ثم ينظر إلى القرارات على أنها ناتج عمل جماعيلا نتيجة لرأي شخصي.

تتلخص فكرة المشاركة في قيام مجموعة من الأفراد بالمنظمة بدور فعال في التأثير والمساهمة في عملية صنع القرارات. ويوضح David Emery مفهوم المشاركة بقوله: "إن المدير يمكنه خلق الجو النفسي والموقف الملائم الذي يحفز العاملين على بذل أقصى جهودهم لتحقيق أعلى مستوى في الإنتاج. كما يمكنه التوفيق بين مصالح ورغبات العاملين من جهة، ومصالح التنظيم من جهة أخرى، من خلال توسيع الدور الذي يقوم به المرؤوس. وإن إمكانية تحقيق ذلك لا تتأتى إلا عن طريق المشاركة التي تتمثل في أخذ الرئيس الإداري بالآراء، والتوصيات، والاقتراحات (الفردية والجماعية) التي يبديها المرؤوسون، والتي تيسر له اتخاذ القرارات الصائبة، وتضمن له في الوقت ذاته حسن تنفيذها".

ثانياً- مسوّغات المشاركة
الرئيس الإداري هو صاحب الحق الشرعي في صناعة القرار، إلا أن مشاركته الآخرين في ذلك تجد مبرراتها في الآتي:
1- تعدّ المشاركة الجماعية في صناعة القرارات الإدارية وسيلة ناجحة، وأسلوباً بارعاً لتقبل هذه القرارات، وزيادة فاعليتها، إذ إن الإنسان بتكوينه النفسي بحاجة إلى الأمن والمحبة، والعطف، والإحساس بالنجاح، والتقدير، والشعور بالحرية، فضلاً عن حاجته إلى الضبط والتوجيه.
2- يعنى علماء الإدارة جل العناية بالنواحي السيكولوجية في إعداد القرار، ويركزون على ضرورة المشاركة في صناعته ممن يعنيهم أمر القرار، وخاصة القائمين على تنفيذه.
3- أثبتت الدراسات والتجارب أن هناك ارتباطاً ايجابياً بين المشاركة وزيادة الإنتاجية وفعاليتها.
4- إن حل أي مشكلة من المشكلات الإدارية يحتاج إلى معلومات كافية، وهذه المعلومات لا تتوفر عادة لدى شخص واحد.
5- توجد العديد من المشكلات التي تهم جهات مختلفة، إضافة إلى أن بعض المشكلات يجب أن تدرس من عدة جهات إدارية، وسياسية، وفنية، واجتماعية، واقتصادية... وبالتالي يتطلب ذلك مشاركة الجهات التي تهمها هذه المشكلة، من أجل دراستها من كل الوجهات، حتى يأتي الحل مناسباً وفعالاً.
6- إذا كانت المشكلات ذات طبيعةٍ إستراتيجية فإن المشاركة تغدو ضرورية، لأنه قد يعجز فرد واحد عن الإحاطة بمثل هذه المشكلات، أو إيجاد الحلول لها.
7- وتجد المشاركة مبرراتها أيضاً في أنها تنمي قدرات العاملين المتعلقة بالتجديد والابتكار، وإكسابهم المهارات الإدارية الناجحة الناجمة عن ممارسة اتخاذ القرارات.

ثالثاً- حدود المشاركة ودرجاتها
أ- حدود المشاركة
في أي نوع من أنواع القرارات تجب المشاركة ؟ وعلى أي المستويات؟
للإجابة عن ذلك لا بد من استعراض الاتجاهين اللذين ظهرا بين كتاب الإدارة العامة في هذا المجال:
1ـ الاتجاه التقليدي
يقسم هذا الاتجاه القرارات إلى نوعين: استراتيجية وروتينية، ويقصر اتخاذ القرارات من النوع الأول على المستويات العليا في الإدارة، ولا يوجب مشاركة العاملين من المستويات الدنيا في مثل هذه القرارات. أما القرارات العادية أو الروتينية ـ والتي تتخذ في المستويات الإدارية الدنيا ـ فلا ضير من المشاركة فيها.
2ـ الاتجاه الحديث
يقوم هذا الاتجاه على مبدأ المشاركة الجماعية في اتخاذ القرارات من مختلف المستويات التنظيمية في الإدارة، وبغض النظر عن نوعية القرارات المتخذة، فلا بد من إشراك كل من يمسهم موضوع القرار، وكذلك من ينفذ عليهم. إضافة إلى أنه إذا كانت هناك أجهزة أخرى يتصل بها القرار فلا بد من مشاركتها في صناعته.
ب- درجات المشاركة
صنّف علماء الإدارة درجات ونماذج مختلفة تتدرج فيها المشاركة تبعاً للسلوك الذي يسلكه الرئيس الإداري في إطار هذا النمط. وهذه النماذج هي:
1- انفراد الرئيس الإداري بصناعة القرار: تبعاً لهذا النموذج تكون المشاركة في أدنى مستوياتها، إذ ينفرد القائد الإداري بصناعة القرار، ويتخذ كل الخطوات اللازمة لذلك، من تحديد للمشكلة، وتشخيصها، وتحديده للبدائل، واتخاذ البديل الملائم.
2- الرئيس الإداري يقدم آراءه ويدعو إلى الأسئلة: وطبقاً لهذا النموذج تكاد تكون المشاركة محصورة في طرح التساؤلات، لأن الرئيس الإداري يكون قد توصل إلى قرار، لكنه يسعى إلى أن تقبل أراؤه من جانب المرؤوسين، لذلك يشرح وجهة نظره، ويعطي نفسه فرصة كافية للاستفسار وسماع الآراء، بحيث يستطيع العمال فهم ما يريد تحقيقه بشكل أفضل.
3- الرئيس الإداري يقدم قراراً أولياً قابلاً للتعديل: هنا يقوم الرئيس الإداري بكل خطوات صناعة القرار، ومن ثم يتخذ قراراً أولياً قابلاً للتعديل، وذلك بعد سماع الآراء والمقترحات من قبل المرؤوسين في هذا الصدد.
4ـ الرئيس الإداري يعرض المشكلة، ويحصل على الاقتراحات، ثم يتخذ قراره: في هذا النموذج لا يأتي الرئيس بحل جاهز ليعرضه على مرؤوسيه، بل يطرح المشكلة القائمة على المرؤوسين لأخذ آرائهم، دون أن يجازف هو بمفرده في اتخاذ القرار.
5- الرئيس الإداري يضع الحلول ويطلب من المجموعة اتخاذ القرار: في هذا النموذج يقوم الرئيس الإداري بتحديد المشكلة، والحلول التي ينبغي أن يتخذ القرار في إطارها، ثم يوكل إلى المجموعة ـ وبوصفه عضواً فيها وضمن الحدود المرسومة ـ مهمة اتخاذ القرار.
6- الرئيس الإداري يسمح للمجموعة أو المرؤوسين باتخاذ القرار الذي يوافقون عليه: ويمثل هذا النموذج أقصى درجات المشاركة والديمقراطية في اتخاذ القرار.

رابعاً- صور المشاركة
بات معروفاً أنه ليس بمقدور شخص بمفرده تسيير وقيادة منظمة بكاملها دون الاستعانة بالآخرين، سواء كان هؤلاء مساعدين، أو مستشارين، أو خبراء، أو موظفين، أو عمال... ومن صور المشاركة نذكر:
أ- مجلس الإدارة
تلجأ كثير من الإدارات إلى هذا الأسلوب في اتخاذ بعض القرارات، وخاصة القرارات الاستراتيجية التي يصعب عادة اتخاذها بواسطة فرد واحد. ومن أمثلة هذه المجالس: مجالس الأقسام، ومجالس الكليات، ومجالس الجامعات، ومجالس إدارة شركات القطاع العام...
وضماناً لفعالية هذه المجالس ينبغي أن يحاط أعضاء المجلس جميعاً بالموضوع إحاطة كاملة قبل انعقاد الجلسات، للتعرف على جوانب المشكلة محل القرار، والمناقشة أثناء الجلسات عن طريق توجيه الأسئلة التي تتميز بالفطنة وحسن التمييز. ومما ينبغي توفره أيضاً في هذه المجالس لكي تتخذ قرارات فعالة قيادة تتسم بالديمقراطية، والمهارة القيادية في فن إدارة الجلسات.
كما يجب وضع إجراءات دقيقة لحسن سير الجلسات، وعدم إضاعة الوقت في مناقشة أمور جانبية، أو لا تتمتع بالأهمية الكبيرة.
وتختلف دورات انعقاد هذه المجالس باختلاف الإدارات التابعة لها، وغالباً ما تكون أسبوعية أو شهرية.
أما عن نظام التصويت فغالباً ما يكو ن بالأغلبية المطلقة، مع ترجيح صوت الرئيس في حال تساوى الأصوات.
ومن أهم المشكلات التي يمكن أن تعيق عمل هذه المجالس الخلافات التي يمكن أن تحصل بين الأعضاء المعينين والأعضاء المنتخبين.
ب- المؤتمرات
عادة ما يلجأ الرؤساء الإداريون إلى عقد المؤتمرات لحل مشكلة معينة، وذلك عندما يحتاج حل هذه المشكلة إلى قبول أكبر عدد من الأفراد، أو للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات والآراء، إذ إن المؤتمرات تتيح فرصة كبيرة لتبادل الآراء والمعلومات، وتكوين وجهات نظر متعددة لحل المشكلة المطروحة من خلال عقد جلسات، أو تشكيل فرق عمل يسهم كل منها في مناقشة جانب معين من المشكلة المطروحة.
ويتوقف نجاح مثل هذه المؤتمرات على مهارة القادة القائمين على عقدها، وتنظيمها، وقدرتهم العالية في فن الاتصال بالحاضرين، وكسب ثقتهم، وجعلهم يشاركون مشاركة فعّالة في حل المشكلة.
تمتاز هذه الطريقة بأنها تتيح فرصة لأكبر عدد ممكن من المرؤوسين للمشاركة في صناعة القرار، وشعورهم أن مقترحاتهم وآراءهم مهمة ولها قيمة.
وعلى الرغم من المزايا المتقدمة، إلا أن هناك بعض المآخذ على هذه الطريقة من أهمها:
• التكاليف المالية الباهظة الناجمة عن وجوب تخصيص مكان لعقد اللقاءات.
• ضرورة توفير الأجهزة والمواد اللازمة.
• أجور الاستعانة بالخبرات الأجنبية في بعض الأحيان.
ج- اللجان
وهي الصورة الأكثر شيوعاً للمشاركة بالنسبة لاتخاذ القرارات. واللجنة هي "مجموعة من الأفراد، يعينون، أو ينتخبون، لبحث ودراسة الموضوعات، أو المشكلات التي تقدم إليهم، وذلك في إطار ما يعقدونه من اجتماعات تتم بصورة منتظمة".
تنقسم اللجان عادة إلى نوعين: لجان دائمة، ولجان مؤقتة. أما اللجان الدائمة فإنها تشكل لمناقشة موضوعات دورية لدراستها، وتقديم الاقتراحات المناسبة بشأنها، أو اتخاذ القرار المناسب بالنسبة لها. بينما تشكّل اللجان المؤقتة لدراسة مشكلة أو موضوع معين، بحيث تنتهي مهمتها بانتهاء المهمة المكلفة بها. ولعلّ السبب في انتشار عمل اللجان هو كبر حجم الأعمال وتعقدها،
مما يعني تفضيل الرؤساء الإداريين تحميل اللجان مسؤولية صناعة القرارات الإدارية.
وما تجب الإشارة إليه أن هناك بعض العيوب في استخدام اللجان بحسبانها وسيلة جماعية في صناعة القرارات الإدارية منها:
• المخاطرة: فالأفراد يميلون إلى الاختيارات الخطرة نسبياً عندما يكونون أعضاء في لجان، بينما يميلون إلى الاختيارات المعقولة، والأقل خطراً، عندما يكون العمل فردياً.
• رغبة بعض أعضاء اللجان في الجدال.
• ضياع الوقت في اجتماعات متعددة وطويلة.
• كما أن اللجان وسيلة للتهرب من المسؤولية.
ومن صور المشاركة الأخرى: المقابلات الشخصية والفردية، الاقتراحات والشكاوى، الاتصالات الهاتفية، والاستفسارات الكتابية.
خامسا- مزايا المشاركة وعيوبها
بذل كتّاب الإدارة العامة جهوداً كبيرة في إبراز محاسن ومساوئ المشاركة في الإدارة بشكل عام، وفي عملية صنع القرارات الإدارية بوجه خاص، وذلك من أجل معرفة الدور الحقيقي الذي تلعبه في هذا المجال، ومن الممكن تلخيص هذه الجهود في الآتي:
أ- مزايا المشاركة
1- إن إشراك عدد من المرؤوسين أو الفنيين والمتخصصين في صناعة القرارات يمكن أن يوفر أكبر كمية من المعلومات والبيانات لم يكن في الإمكان الحصول عليها لولا إشراك هؤلاء في صناعة القرار. وإن مشاركة عدد كبير ممن يهمهم القرار في عملية صنعه يؤدي إلى التزام أكبر من قبلهم في عملية تنفيذه.
2- واتخاذ القرار بشكل جماعي عادة ما يؤدي إلى إشباع المستوى الأعلى من حاجات الأفراد. كما تساعد المشاركة على رفع الروح المعنوية للعاملين في تدعيم مفهوم العلاقات الإنسانية.
3- كما تسهم المشاركة في تنمية مهارات المرؤوسين الإدارية، وتربية كوادر قيادية جديدة من القادة الإداريين في الصفين الثاني والثالث. كما أن المشاركة في صنع القرار تساعد على تنمية ملكة القدرة على الخلق والابتكار لدى العاملين، مما يؤدي إلى تحسين جودة القرارات الصادرة.
4- هذا وتتيح المشاركة أيضا فرصة التفاهم المتبادل بين أعضاء التنظيم، وتخفيف حدة الصراع أو النـزاع والمنافسة الضارة. وتوفر المشاركة استعداداً أكبر لتقبل التغيير، فعندما يطبق التغيير بطريقة تحكمية من أعلى يجعل المرؤوسين يميلون إلى الشعور بعدم الاطمئنان، وإلى اتخاذ خطوات مضادة تستهدف تعطيل التجديدات.
5- وتعد المشاركة في صناعة القرارات الإدارية وسيلة إدارية فعّالة في توسيع مجال قبول السلطة، وتقليل مقدار المقاومة لممارسة السلطة الرسمية، وزيادة الاستجابات الإيجابية من جانب المرؤوسين للأوامر الإدارية.
ب- عيوب المشاركة
حاول البعض توجيه انتقادات إلى المشاركة في صناعة القرارات الإدارية، منها:
1. تشكل المشاركة مظهراً لتنازل الرئيس الإداري عن بعض مهامه القيادية التي يفرضها عليه منصبه.
2. عدم وجود مسؤولية محددة لكل عضو من الأعضاء المشاركين بالنسبة لنتائج القرارات التي يصنعونها، وهذا ما يؤدي إلى شيوع المسؤولية.
3. غالبا ما تتسبب المشاركة في ضياع وقت كبير في حين تتطلب بعض القرارات السرعة والعجلة.
4. يخشى من المشاركة بوساطة اللجان وجود مخاطر السيطرة من قبل فرد واحد على الجلسة ومحاولة فرض رأيه، أو شعور بعض الأعضاء المشاركين بالضغط لقبول القرار المتخذ.
يمكننا القول بناءًَ على ما تقدم أن ما سيق من انتقادات للمشاركة لا يصمد كثيراً أمام التحليل الموضوعي. فالمشاركة ليست تنازلاً من الرئيس عن اختصاصاته، فهي لا تسلب من الرئيس الإداري هذه الاختصاصات، ولا حتى جزءاً منها، بل على العكس تماماً تمكّن المشاركة متخذ القرار من ممارسة اختصاصاته بطريقة فنيّة صحيحة لا يشوبها الخطأ، بينما يؤدي انعدام المشاركة إلى اعتماد الرئيس الإداري على مقدراته الشخصية فحسب، مما يعني إمكانية الوقوع في الخطأ. كما أن المشاركة لا تكون في جميع الصلاحيات الممنوحة للرئيس الإداري، وإنما تتعلق بدرجة أساسية بالأمور الإستراتيجية والمهمة.
من جهة أخرى لا يمكن القول إن المشاركة تؤدي إلى شيوع المسؤولية، لأن الرئيس الإداري يظل صاحب الكلمة الفصل في اتخاذ القرار، وهو المسؤول عن ذلك. كما لا يمكننا التسليم بأن المشاركة تتعارض مع القرارات التي تحتاج إلى سرعة في اتخاذ القرار، فليس من الضروري أن تكون المشاركة قائمة في مثل هذه القرارات، ويمكن للرئيس الإداري التصدي لها بمفرده. وعلى أي حال فإن مثل هذه القرارات تشكل استثناءً من القاعدة التي توجب أخذ القرارات الإدارية بروية وحكمة، وبعد دراسة وتمحيص.
وإذا كان صحيحاً أن بعض اللجان قد ينتهي بها الحال إلى سيطرة رئيس اللجنة والضغط على الأعضاء لإصدار القرار بالطريقة التي يريد، فإن عمل اللجان يظل مفيداً في حالات عديدة منها ما يتعلق بالأمور التنظيمية للمنظمة الإدارية، وفي نطاق المساءلة المسلكية، وحل المشكلات التي تتعلق بالمصالح الحيوية للجمهور. ويمكن التغلب على السلبيات التي تتعلق بعمل اللجان بحسن اختيار رئيس اللجنة وأعضائها، وأن لا يكون عدد الأعضاء كبيراً، وإعادة النظر في تشكيل اللجنة من وقت لآخر. وفي جميع الأحوال فإن اللجان هي صورة من صور المشاركة، وتوجيه بعض النقد إلى عمل اللجان لا ينفي بحال من الأحوال أهمية المشاركة في صورها الأخرى، والتي تترتب عليها مزايا عديدة أهم وأكبر بكثير مما وجه إليها من انتقادات.










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-16, 11:33   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
امين عرعار
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

ربمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-18, 17:50   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
*جوداء*
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية *جوداء*
 

 

 
الأوسمة
وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي الدستور الجديد للمملكة المغربية

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا الهادى محمد . وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وسلم ..

فإن أصدق الحــديث كــتاب الله تعالى و خير الهدي هديُ سيـدنا محمد صلى الله عليه و سلم ..

و شر الأمور محدثــاتها و كل محـدثة بدعة و كل بدعـة ظـلالة و كل ظـلالة فــي النار ..

فاللــهم أجــرنا و قــنا عذابــها برحمتــك يا أرحــم الراحميــن ..

أما بعد ..



ظهير شريف رقم 1.96.157 الصادر في 23 من جمادى الأولى 1417

( 7 أكتوبر 1996 ) بتنفيذ نص الدستور المراجع[1]



الحمد لله وحده ؛

الطابع الشريف – بداخله :

( الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن الله وليه )



يعلم من ظهيرنا الشريف هذا أسماه الله وأعز أمره أننا :



بعد الإطلاع على الدستور ولاسيما الفصلين 29 و 99 منه ؛



وعلى الظهير الشريف رقم 1.96.141 الصادر في 8 ربيع الآخر 1417 ( 24 أغسطس 1996) بإجراء استفتاء في شأن مشروع مراجعه الدستور.



وعلى القانون التنظيمي رقم 29.93 المتعلق بالمجلس الدستوري والصادر بتنفيذه الظهير الشريف

رقم 1.94.124 بتاريخ 14 من رمضان 1414 ( 25 فبراير 1994 ) ولاسيما المادتين 36 و 37 منه ؛



ونظرا لنتائج الاستفتاء في شأن مشروع مراجعة الدستور الذي أجري يوم الجمعة 28 من ربيع الآخر 1417 ( 13 سبتمبر 1996 ) والمعلن عنها من لدن المجلس الدستوري بالقرار رقم 96-117 بتاريخ 17 من جمادى الأولى 1417 ( فاتح أكتوبر 1996 ) .



أصدرنا أمرنا الشريف بما يلي :



ينفذ وينشر بالجريدة الرسمية عقب ظهيرنا الشريف هذا نص الدستور المراجع الذي تم إقراره عن طريق الاستفتاء المجرى يوم الجمعة 28 من ربيع الآخر 1417 ( 13 سبتمبر1996 ).



وحرر بالرباط في 23 من جمادى الأولى 1417 ( 7 أكتوبر 1996 )

















مراجعــــة الدستــــور

تصــــــديــــــــــر



المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، لغتها الرسمية هي اللغة العربية، وهي جزء من المغرب العربي الكبير.



وبصفتها دولة إفريقية، فإنها تجعل من بين أهدافها تحقيق الوحدة الإفريقية.



وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا.



كما تؤكد عزمها على مواصلة العمل للمحافظة على السلام والأمن في العالم.



البــاب الأول

أحكام عامــة

المبادئ الأساسية



الفصل الأول

نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية.



الفصــل الثاني

السيادة للأمة تمارسها مباشرة بالاستفتاء وبصفة غير مباشرة بواسطة المؤسسات الدستورية.



الفصــل الثالث

الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجماعات المحلية والغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين وتمثليهم.



نظام الحزب الوحيد نظام غير مشروع.



الفصل الرابع

القانون هو أسمى تعبير عن الأداء عن إرادة الأمة، ويجب على الجميع الامتثال له، وليس للقانون أثر رجعي.



الفصــل الخامس

جميع المغاربة سواء أمام القانون.

الفصل السادس

الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.



الفصــل السابع

علم المملكة هو اللواء الأحمر الذي يتوسطه نجم أخضر خماسي الفروع.



شعار المملكة : الله ، الوطن ، الملك.



الفصــل الثامن

الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسة، لكل مواطن ذكرا كان أو أنثى الحق في أن يكون ناخبا إذا كان بالغا سن الرشد ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية.



الفصــل التاسع

يضمن الدستور لجميع المواطنين :

- حرية التجول وحرية الاستقرار بجميع أرجاء المملكة ؛

- حرية الرأي وحرية التعبير بجميع أشكاله وحرية الاجتماع ؛

- حرية تأسيس الجمعيات وحرية الانخراط في أية منظمة نقابية وسياسية حسب اختيارهم.



ولا يمكن أن يوضع حد لممارسة هذه الحريات إلا بمقتضى القانون.



الفصــل العاشر

لا يلقى القبض على أحد ولا يعتقل ولا يعاقب إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون.



المنزل لا تنتهك حرمته ولا تفتيش ولا تحقيق إلا طبق الشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون.



الفصــل الحادي عشر

لا تنتهك سرية المرسلات.



الفصــل الثاني عشر

يمكن جميع الموطنين أن يتقلدوا الوظائف والمناصب العمومية وهم سواء فيما يرجع للشروط المطلوبة لنيلها.



الفصل الثالث عشر

التربية والشغل حق للمواطنين على السواء.



الفصــل الرابع عشر

حق الإضراب مضمون.



وسيبين قانون تنظيمي الشروط والإجراءات التي يمكن معها ممارسة هذا الحق.



الفصل الخامس عشر

حق الملكية وحرية المبادرة الخاصة مضمونان.



للقانون أن يحد من مداهما وممارستهما إذا دعت إلى ذلك ضرورة النمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.



ولا يمكن نزع الملكية إلا في الأحوال وحسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون.



الفصــل السادس عشر

على المواطنين جميعهم أن يساهموا في الدفاع عن الوطن.



الفصــل السابع عشر

على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية التي للقانون وحده الصلاحية لإحداثها وتوزيعها حسب الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور.



الفصــل الثامن عشر

على الجميع أن يتحملوا متضامنين التكاليف الناتجة عن الكوارث التي تصيب البلاد.



البــــاب الثــــــانـــــي

الملكيـــــــــة



الفصل التاسع عشر

الملك أمير المؤمنين والممثل الأسمى للأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات.



وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة.

الفصــل العشرون

إن عرش المغرب وحقوقه الدستورية تنتقل بالوارثة إلى الولد الذكر الأكبر سنا من ذرية جلالة الملك الحسن الثاني، ثم إلى ابنه الأكبر سنا وهكذا ما تعاقبوا، ما عدا إذا عين الملك قيد حياته خلفا له ولدا آخر من أبنائه غير الولد الأكبر سنا،



فإن لم يكن ولد ذكر من ذرية الملك فالملك ينتقل إلى أقرب أقربائه من جهة الذكور ثم إلى ابنه طبق الترتيب والشروط السابقة الذكر.



الفصــل الحادي والعشرون

يعتبر الملك غير البالغ سن الرشد قبل نهاية السنة السادسة عشر من عمره، وإلى أن يبلغ سن الرشد يمارس مجلس الوصاية اختصاصات العرش وحقوقه الدستورية باستثناء ما يتعلق منها بمراجعة الدستور، ويعمل مجلس الوصاية كهيئة استشارية بجانب الملك حتى يدرك تمام السنة العشرون من عمره.



يرأس مجلس الوصاية الرئيس الأول للمجلس الأعلى ويتركب، بالإضافة إلى رئيسه، من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس العلمي الإقليمي لمدينتي الرباط وسلا وعشر شخصيات يعينهم الملك بمحض اختياره.



قواعد سير مجلس الوصاية تحدد بقانون تنظيمي.



الفصــل الثاني والعشرون

للملك قائمة مدينة.



الفصل الثالث والعشرون

شخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته.



الفصل الرابع والعشرون

يعين الملك الوزير الأول.



ويعين باقي أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول.



وله أن يعفيهم من مهامهم.



ويعفى الحكومة بمبادرة منه أو بناء على استقالتها.





الفصل الخامس والعشرون

يرأس الملك المجلس الوزاري.



الفصــل السادس والعشرون

يصدر الملك الأمر بتنفيذ القانون خلال الثلاثين يوما التالية لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه.



الفصــل السابع والعشرون

للملك حق حل مجلس البرلمان أو أحدهما بظهير شريف طبق الشروط المبينة في الفصلين 71 و 73 من الباب الخامس.



الفصل الثامن والعشرون

للملك أن يخاطب الأمة والبرلمان ويتلي خطابه أمام كلا المجلسين، ولا يمكن أن يكون مضمونه موضوع أي نقاش.



الفصــل التاسع والعشرون

يمارس الملك بمقتضى ظهائر السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور.



الظهائر الشريفة توقع بالعطف من لدن الوزير الأول ما عدا الظهائر المنصوص عليها في الفصول 21

( الفقرة الثانية) و 24 ( الفقرات الأولى والثالثة والرابعة ) و 35 و 69 و 71 و 79 و 84 و 91 و 105.



الفصــل الثلاثــون

الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية.



وله حق التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق.



الفصل الحادي والثلاثون

يعتمد الملك السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، ولديه يعتمد السفراء وممثلو المنظمات الدولية.



يوقع الملك المعاهدات ويصادق عليها غير أنه لا يصادق على المعاهدات التي ترتب عليها تكاليف تلزم مالية الدولية إلا بعد الموافقة عليها بقانون.



تقع المصادقة على المعاهدات التي يمكن أن تكون غير متفقة مع نصوص الدستور بإتباع المسطرة المنصوص عليها فيما يرجع لتعديله.



الفصــل الثاني والثلاثون

يرأس الملك المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للتعليم والمجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط.



الفصــل الثالث الثلاثون

يعين الملك القضاة طبق الشروط المنصوص عليها في الفصل 84.



الفصــل الرابع و الثلاثون

يمارس الملك حق العفو.



الفصل الخامس والثلاثون

إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة أو وقع من الأحداث ما من شأنه أن يمس بسير المؤسسات الدستورية، يمكن للملك أن يعلن حالة الاستثناء بظهير شريف بعد استشارة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب إلى الأمة، ويخول بذلك، على الرغم من جميع النصوص المخالفة، صلاحية اتخاذ الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن حوزة الوطن ويقتضيها رجوع المؤسسات الدستورية إلى سيرها العادي أو يتطلبها تسيير شؤون الدولة.



لا يترتب على حالة الاستثناء حل البرلمان.



ترفع حالة الاستثناء باتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها.



البــاب الثــــالث

البـــرلمـــــــان

تنظيم البرلمان



الفصل السادس والثلاثون

يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين، ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه.



الفصـــل السابع والثلاثون

ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراح العام المباشر لمدة خمس سنوات وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس.



ويبين قانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس النواب ونظام انتخابهم وشروط القابلية للانتخاب وأحوال التنافي ونظام المنازعات الانتخابية.



وينتخب رئيس مجلس النواب أولا في مستهل الفترة النيابية ثم في دورة أبريل للسنة الثالثة من هذه الفترة، وذلك لما تبقى منها.



وينتخب أعضاء مكتب المجلس لمدة سنة على أساس التمثيل النسبي لكل فريق.



الفصــل الثامن والثلاثون

يتكون ثلاثة أخماس مجلس المستشارين من أعضاء تنتخبهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة تتألف من ممثلي الجماعات المحلية، ويتكون خمساه الباقيان من أعضاء تنتخبهم أيضا في كل جهة هيئات ناخبة تتألف من المنتخبين في الغرف المهنية وأعضاء تنتخبهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة تتألف من ممثلي المأجورين.



ينتخب أعضاء مجلس المستشارين لمدة تسع سنوات، ويتجدد ثلث المجلس كل ثلاث سنوات، وتعين بالقرعة المقاعد التي تكون محل التجديدين الأول والثاني، ويحدد بقانون تنظيمي عدد أعضاء مجلس المستشارين ونظام انتخابهم وعدد الأعضاء الذين تنتخبهم كل هيئة ناخبة وتوزيع المقاعد على مختلف جهات المملكة وشروط القابلية للانتخاب وحالات التنافي وطريقة إجراء القرعة المشار إليها أعلاه وتنظيم المنازعات الانتخابية.



ينتخب رئيس مجلس المستشارين وأعضاء مكتبه في مستهل دورة أكتوبر عند كل تجديد لثلث المجلس، ويكون انتخاب أعضاء المكتب على أساس التمثيل النسبي لكل فريق.



عند تنصيب مجلس المستشارين لأول مرة أو بعد حل المجلس الذي سبقه ينتخب رئيسه وأعضاء مكتبه في أول دورة تلي انتخاب المجلس ثم يجدد انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب في مستهل دورة أكتوبر عند تجديد ثلث المجلس.



الفصـل التاسع والثلاثون

لا يمكن متابعة أي عضو من أعضاء البرلمان ولا البحث عند ولا إلقاء القبض عليه ولا اعتقاله ولا محاكمته بمناسبة إبدائه لرأي أو قيامه بتصويت خلال مزاولته لمهامه ما عدا إذا كان الرأي المعبر عنه يجادل في النظام الملكي أو الدين الإسلامي أو يتضمن ما يخل بالاحترام الواجب للملك.



ولا يمكن في أثناء دورات البرلمان متابعة أي عضو من أعضائه ولا إلقاء القبض عليه من أجل جناية أو جنحة غير ما سبقت الإشارة إليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل إلا بإذن من المجلس الذي ينتمي إليه ما لم يكن العضو في حالة تلبس بالجريمة.



ولا يمكن خارج مدة دورات البرلمان إلقاء القبض على أي عضو من أعضائه إلا بإذن من مكتب المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب.



يوقف اعتقال عضو من أعضاء البرلمان أو متابعته إذا صدر طلب بذلك من المجلس الذي هو عضو فيه ما عدا في حالة التلبس بالجريمة أو متابعة مأذون فيها أو صدور حكم نهائي بالعقاب.



الفصــل الأربعون

يعقد البرلمان جلساته في أثناء دورتين في السنة، ويرأس الملك افتتاح الدورة الأولى التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر وتفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل.



إذا استمرت جلسات البرلمان ثلاثة أشهر على الأقل في كل دورة جاز ختم الدورة بمقتضى مرسوم.



الفصل الحادي والأربعون

يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية إما بطلب من الأغلبية المطلقة لأعضاء أحد المجلسين وإما بمرسوم.



تعقد دورة البرلمان الاستثنائية على أساس جدول أعمال محدد، وعندما تتم المناقشة في المسائل التي يتضمنها جدول الأعمال تختم الدورة بمرسوم.



الفصل الثاني و الأربعون

للوزراء أن يحضروا جلسات كلا المجلسين واجتماعات لجانهما، ويمكنهم أن يستعينوا بمندوبين يعينونهم لهذا الغرض.



علاوة على اللجان الدائمة المشار إليها في الفقرة السابقة يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك أو بطلب من أغلبية أعضاء أي من المجلسين لجان نيابية لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معنية وإطلاع المجلس الذي شكلها على النتائج التي تنتهي إليها أعمالها، ولا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت المتابعات جارية، وتنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها.



لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها.



يحدد قانون تنظيمي طريقة تسيير لجان تقصي الحقائق.



الفصل الثالث والأربعون

جلسات مجلسي البرلمان عمومية، وينشر محضر المناقشات برمته بالجريدة الرسمية.



ولكل من المجلسين أن يعقد اجتماعات سرية بطلب من الوزير الأول أو بطلب من ثلث أعضائه.



الفصل الرابع و الثلاثون

يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقرر بالتصويت، ولكن لا يجوز العمل به إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقته لأحكام هذا الدستور.



سلط البرلمان



الفصل الخامس والأربعون

يصدر القانون عن البرلمان بالتصويت.



وللقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محدود ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها، غير أنه يجب عرضها على البرلمان بقصد المصادقة عند انتهاء الأجل الذي حدده قانون الإذن بإصدارها، ويبطل قانون الإذن إذا ما وقع حل مجلسي البرلمان أو أحدهما.



الفصل السادس والأربعون

يختص القانون بالإضافة إلى المواد المسندة إليه صراحة بفصول أخرى من الدستور بالتشريع في الميادين الآتية :

- الحقوق الفردية والجماعية المنصوص عليها في الباب الأول من هذا الدستور ؛

- تحديد الجرائم والعقوبات الجارية عليها والمسطرة الجنائية والمسطرة المدنية وإحداث أصناف جديدة من المحاكم ؛

- النظام الأساسي للقضاة ؛

- النظام الأساسي للوظيفة العمومية ؛

- الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين المدنيين والعسكريين ؛

- النظام الانتخابي لمجالس الجماعات المحلية ؛

- نظام الالتزامات المدنية والتجارية ؛

- إحداث المؤسسات العمومية ؛

- تأميم المنشآت ونقلها من القطاع العام إلى القطاع الخاص.



للبرلمان صلا حية التصويت على قوانين تضع إطارا للأهداف الأساسية لنشاط الدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.



الفصــل السابع والأربعون

إن المواد الأخرى التي لا يشملها اختصاص القانون يختص بها المجال التنظيمي.



الفصــل الثامن والأربعون

النصوص التشريعية من حيث الشكل يمكن تغييرها بمرسوم بعد موافقة المجلس الدستوري إذا كان مضمونها يدخل في مجال من المجالات التي تمارس فيها السلطة التنظيمية اختصاصها.



الفصل التاسع والأربعون

يمكن الإعلان عن حالة الحصار لمدة ثلاثين يوما بمقتضى ظهير شريف، ولا يمكن تمديد أجل الثلاثين يوما إلا بالقانون.



الفصــل الخمســون

يصدر قانون المالية عن البرلمان بالتصويت طبق شروط ينص عليها قانون تنظيمي.



يصوت البرلمان مرة واحد على نفقات التجهيز التي يتطلبها إنجاز مخطط التنمية، وذلك عندما يوافق على المخطط، ويستمر مفعول الموافقة تلقائيا على النفقات طوال مدة المخطط، وللحكومة وحدها الصلاحية لتقديم مشاريع قوانين ترمي إلى تغيير البرنامج الموافق عليه كما ذكر.



إذا لم يتم نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو صدور الأمر بتنفيذه بسبب إحالته إلى المجلس الدستوري تطبيقا للفصل 81، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية والقيام بالمهام المنوطة بها على أساس ما هو مقترح بالميزانية المعروضة بقصد الموافقة.



ويسترسل العمل في هذه الحالة باستخلاص المداخيل طبقا للمقتضيات التشريعية والتنظيمية الجارية عليها باستثناء المداخيل المقترح إلغاؤها في مشروع قانون المالية، أما المداخيل التي ينص المشروع المذكور على تخفيض مقدارها فتستخلص على أساس المقدار الجديد المقترح.



الفصل الحادي والخمسون

إن المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان ترفض إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة للقانون المالي إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود.



ممارسة السلطة التشريعية



الفصل الثاني والخمسون

للوزير الأول ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين.



توضع مشاريع القوانين بمكتب أحد مجلسي البرلمان.



الفصل الثالث والخمسون

للحكومة أن تدفع بعدم القبول كل اقتراح أو تعديل لا يدخل في اختصاص السلطة التشريعية.

وكل خلاف في هذا الشأن يفصل فيه المجلس الدستوري في ظرف ثمانية أيام بطلب من أحد مجلسي البرلمان أو من الحكومة.



الفصــل الرابع والخمسون

تحال المشاريع والاقتراحات لأجل النظر فيها على لجان يستمر عملها خلال الفترات الفاصلة بين الدورات.



الفصــل الخامس والخمسون

يمكن الحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين مراسيم قوانين يجب عرضها بقصد المصادقة في أثناء الدورة العادية التالية للبرلمان.



يودع مشروع المرسوم بقانون بمكتب أحد المجلسين، وتناقشه اللجان المعنية في كليهما بالتتابع بغية التوصل إلى قرار مشترك في شأنه، وإذا لم يتأت الاتفاق على ذلك داخل أجل ستة أيام من إيداع المشروع يباشر بطلب من الحكومة تشكيل لجنة ثنائية مختلطة من أعضاء المجلسين تتولى في ظرف ثلاثة أيام من عرض الأمر عليها اقتراح قرار مشترك على اللجان المختصة.



ويعتبر الاتفاق المنصوص عليه في الفقرة الأولى من هذا الفصل مرفوضا إذا لم تتمكن اللجنة الثنائية المختلطة من اقتراح قرار مشترك داخل الأجل المضروب لها أو إذا لم توافق اللجان البرلمانية المعنية على القرار المقترح عليها داخل أجل أربعة أيام.



الفصـل السادس والخمسون

يضع مكتب كل من مجلسي البرلمان جدول أعماله، ويتضمن هذا الجدول بالأسبقية ووفق الترتيب الذي تحدده الحكومة مناقشة مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومة واقتراحات القوانين التي تقبلها.



تخصص بالأسبقية جلسة في كل أسبوع لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة.



يجب أن تدلي الحكومة بجوابها خلال العشرين يوما التالية لإحالة السؤال إليها.



الفصـل السابع والخمسون

لأعضاء مجلسي البرلمان وللحكومة حق التعديل، وللحكومة بعد افتتاح المناقشة أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر.



ويبت المجلس المعروض عليه النص بتصويت واحد في النص المتناقش فيه كله أو بعضه إذا ما طلبت الحكومة ذلك مع الاقتصار على التعديلات المقترحة أو المقبولة من طرف الحكومة.



الفصل الثامن والخمسون

يتداول مجلسا البرلمان بالتتابع في كل مشروع أو اقتراح قانون بغية التوصل إلى اتفاقهما على نص واحد، ويتداول المجلس المعروض عليه الأمر أولا في نص مشروع القانون المقدم من الحكومة أو نص اقتراح القانون المسجل في جدول أعماله، ويتداول المجلس المحال إليه نص سبق أن صوت عليه المجلس الآخر في النص المحال إليه.



إذا لم يتأت إقرار مشروع أو اقتراح قانون بعد مناقشته مرتين في كلا المجلسين، أو مرة واحدة في كل منهما إذا أعلنت الحكومة الاستعجال، يجوز للحكومة أن تعمل على اجتماع لجنة ثنائية مختلطة من أعضاء المجلسين يناط بها اقتراح نص بشأن الأحكام التي ما زالت محل خلاف، ويمكن الحكومة أن تعرض النص الذي تقترحه اللجنة الثنائية المختلطة على المجلسين لإقراره، ولا يجوز في هذه الحالة قبول أي تعديل إلا بموافقة الحكومة.



إذا لم تتمكن اللجنة الثنائية المختلطة من اقتراح نص مشترك أو إذا لم يقر المجلسان النص الذي اقترحته يجوز للحكومة أن تعرض على مجلس النواب مشروع أو اقتراح القانون بعد أن تدخل عليهما عند الاقتضاء ما تتبناه من التعديلات المقترحة خلال المناقشة البرلمانية، وفي هذه الحالة لا يمكن مجلس النواب أن يقر نهائيا النص المعروض عليه إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم.



يعتبر أن مجلس النواب قد وافق على النص المعروض عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه في حالة إقراره عملا بأحكام الفقرة الثانية من الفصل 75.



يتم إقرار القوانين التنظيمية والتعديلات المدخلة عليها وفق الشروط المشار إليها أعلاه، بيد أن المجلس الذي يعرض عليه أولا مشروع أو اقتراح قانون تنظيمي لا يمكنه أن يتداول فيه أو يصوت عليه إلا بعد مرور عشرة أيام على تاريخ إيداعه لديه.



يجب أن يتم إقرار القوانين التنظيمية المتعلقة بمجلس المستشارين باتفاق بين مجلسي البرلمان على نص موحد.



لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إلا بعد أن يصرح المجلس الدستوري بمطابقتها للدستور



الباب الرابع

الحكـــومــــة



الفصل التاسع والخمسون

تتألف الحكومة من الوزير الأول والوزراء.



الفصــل الستون

الحكومة مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان.



يتقدم الوزير الأول أمام كل من مجلسي البرلمان بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه، ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية.



يكون البرنامج المشار إليه أعلاه موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين ويتلو مناقشته في مجلس النواب تصويت يجب أن يقع وفق الشروط المنصوص عليها في الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 75 ويترتب عليه الأثر المشار إليه في الفقرة الأخيرة منه.



الفصل الحادي وستــــون

تعمل الحكومة على تنفيذ القوانين تحت مسؤولية الوزير الأول، والإدارة موضوعة رهن تصرفها.



الفصل الثاني والستون

للوزير الأول حق التقدم بمشاريع القوانين ولا يمكنه أن يودع أي مشروع قانون بمكتب أي من مجلسي البرلمان قبل المداولة في شأنه بالمجلس الوزاري.



الفصل الثالث والستون

يمارس الوزير الأول السلطة التنظيمية.



تحمل المقررات التنظيمية الصادرة عن الوزير الأول التوقيع بالعطف من لدن الوزراء المكلفين بتنفيذها.



الفصل الرابع والستون

للوزير الأول الحق في تفويض بعض سلطه للوزراء.



الفصل الخامس والستون

يتحمل الوزير الأول مسؤولية تنسيق النشاطات الوزارية.



الفصــل السادس والستون

تحال على المجلس الوزاري المسائل الآتية قبل البت فيها :

- القضايا التي تهم السياسة العامة للدولة ؛

- الإعلان عن حالة الحصار ؛

- إشهار الحرب ؛

- طلب الثقة من مجلس النواب قصد مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها ؛

- مشاريع القوانين قبل إيداعها بمكتب أي من مجلسي البرلمان ؛

- المراسيم التنظيمية ؛

- المراسيم المشار إليها في الفصول 40 و 41 و 45 و 55 من هذا الدستور ؛

- مشروع المخطط ؛

- مشروع مراجعة الدستور.



الباب الخامس

علاقات السلط بعضها ببعض

العلاقة بين الملك والبرلمان



الفصل السابع والستون

للملك أن يطلب من كلا مجلسي البرلمان أن يقرأ قراءة جديدة كل مشروع أو اقتراح قانون.



الفصل الثامن والستون

تطلب القراءة الجديدة بخطاب، ولا يمكن أن ترفض هذه القراءة الجديدة.



الفصل التاسع والستون

للملك أن يستفتي شعبه بمقتضى ظهير شريف في شأن كل مشروع أو اقتراح قانون بعد أن يكون المشروع أو الاقتراح قد قرئ قراءة جديدة، اللهم إلا إذا كان نص المشروع أو الاقتراح قد أقر أو رفض في كل من المجلسين بعد قراءته قراءة جديدة بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم.



الفصـــل السبعـــون

نتائج الاستفتاء تلزم الجميع.



الفصــل الحادي والسبعون

للملك بعد استشارة رئيسي مجلسي البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب للأمة أن يحل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير شريف.



الفصــل الثاني والسبعون

يقع انتخاب البرلمان الجديد أو المجلس الجديد في ظرف ثلاثة أشهر على الأكثر بعد تاريخ الحل.



وفي أثناء ذلك يمارس الملك، بالإضافة إلى السلط المخولة له بمقتضى هذا الدستور، السلط التي يختص بها البرلمان في مجال التشريع.



الفصــل الثالث والسبعون

إذا وقع حل مجلس فلا يمكن حل المجلس الذي يليه إلا بعد مضي سنة على انتخاب المجلس الجديد.

الفصل الرابع والسبعون

يقع إشهار الحرب بعد إحاطة مجلس النواب ومجلس المستشارين علما بذلك.



علاقات البرلمان بالحكومـــة



الفصل الخامس والسبعون

بإمكان الوزير الأول أن يربط لدى مجلس النواب مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يفضي به الوزير الأول في موضوع السياسة العامة أو بشأن نص بطلب الموافقة عليه.



ولا يمكن سحب الثقة من الحكومة أو رفض النص إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب.



لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على اليوم الذي طرحت فيه مسألة الثقة.



يؤدى سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.



الفصــل السادس والسبعون

يمكن مجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها وذلك بالموافقة على ملتمس الرقابة، ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل ربع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس.



لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من لدن مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.



تؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.



إذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه طيلة سنة.



الفصل السابع والسبعون

لمجلس المستشارين أن يصوت على ملتمس توجيه تنبيه للحكومة أو على ملتمس رقابة ضدها.



لا يكون ملتمس توجيه التنبيه للحكومة مقبولا إلا إذا وقعه على الأقل ثلث أعضاء مجلس المستشارين، ولا تتم الموافقة عليه إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم هذا المجلس، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.



يبعث رئيس مجلس المستشارين على الفور بنص التنبيه إلى الوزير الأول، وتتاح لهذا الأخير مهلة ستة أيام ليعرض أمام مجلس المستشارين موقف الحكومة من الأسباب التي أدت إلى توجيه التنبيه إليها.



يتلو إلقاء التصريح الحكومي نقاش لا يعقبه تصويت.



لا يكون ملتمس الرقابة مقبولا أمام مجلس المستشارين إلا إذا وقعه على الأقل ثلث أعضائه، ولا تتم الموافقة عليه إلا بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم، ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس.



تؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية.



إذا وافق مجلس المستشارين على ملتمس رقابة فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه طيلة سنة.



الباب السادس

المجلس الدستوري



الفصل الثامن والسبعون

يحدث مجلس دستوري.



الفصــل التاسع والسبعون

يتألف المجلس الدستوري من ستة أعضاء يعينهم الملك لمدة تسع سنوات، وستة أعضاء يعين ثلاثة منهم رئيس مجلس النواب وثلاثة رئيس مجلس المستشارين لنفس المدة بعد استشارة الفرق، ويتم كل ثلاث سنوات تجديد ثلث كل فئة من أعضاء المجلس الدستوري.



يختار الملك رئيس المجلس الدستوري من بين الأعضاء الذين يعينهم.



مهمة رئيس وأعضاء المجلس الدستوري غير قابلة للتجديد.



الفصل الثمانون

يحدد قانون تنظيفي قواعد تنظيم وسير المجلس الدستوري والإجراءات المتبعة أمامه خصوصا ما يتعلق بالآجال المقررة لعرض مختلف النزاعات عليه.



ويحدد أيضا الوظائف التي لا يجوز الجمع بينها وبين عضوية المجلس الدستوري، وطريقة إجراء التجديدين الأولين لثلث أعضائه، وإجراءات تعيين من يحل محل أعضائه الذين استحال عليهم القيام بمهامهم أو استقالوا أو توفوا أثناء مدة عضويتهم.

الفصــل الحادي والثمانون

يمارس المجلس الدستوري الاختصاصات المسندة إليه بفصول الدستور أو بأحكام القوانين التنظيمية، ويفصل - بالإضافة إلى ذلك - في صحة انتخاب أعضاء البرلمان وعمليات الاستفتاء.



تحال القوانين التنظيمية قبل إصدار الأمر بتنفيذها، والنظام الداخلي لكل من مجلسي البرلمان قبل الشروع في تطبيقه إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور.



وللملك أو الوزير الأول أو رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين أو ربع أعضاء مجلس النواب أو أعضاء مجلس المستشارين أن يحيلوا القوانين قبل إصدار الأمر بتنفيذها إلى المجلس الدستوري ليبت في مطابقتها للدستور.



يبت المجلس الدستوري في الحالات المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين خلال شهر، وتخفض هذه المدة إلى ثمانية أيام بطلب من الحكومة إذا كان الأمر يدعو إلى التعجيل.



يترتب على إحالة القوانين إلى المجلس الدستوري في الحالات المشار إليها أعلاه وقف سريان الأجل المحدد لإصدار الأمر بتنفيذها.



لا يجوز إصدار أو تطبيق أي نص يخالف الدستور.



لا تقبل قرارات المجلس الدستوري أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية.



الباب السابع

القضـــــــــاء



الفصل الثاني والثمانون

القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية.



الفصل الثالث والثمانون

تصدر الأحكام وتنفذ باسم الملك.



الفصل الرابع والثمانون

يعين الملك القضاة بظهير شريف باقتراح من المجلس الأعلى للقضاء.



الفصل الخامس والثمانون

لا يعزل قضاة الأحكام ولا ينقلون إلا بمقتضى القانون.





الفصل السادس والثمانون

يرأس الملك المجلس الأعلى للقضاء ويتألف هذا المجلس بالإضافة إلى رئيسه من :

- وزير العدل نائبا للرئيس ؛

- الرئيس الأول للمجلس الأعلى ؛

- الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى ؛

- رئيس الغرفة الأولى في المجلس الأعلى ؛

- ممثلين اثنين لقضاة محاكم الاستئناف ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم ؛

- أربعة ممثلين لقضاة محاكم أول درجة ينتخبهم هؤلاء القضاة من بينهم.



الفصــل السابع والثمانون

يسهر المجلس الأعلى للقضاء على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يرجع لترقيتهم وتأديتهم.



البــاب الثامــن

المحكمة العليا



الفصــل الثامن والثمانون

أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء ممارستهم لمهامهم.



الفصل التاسع والثمانون

يمكن أن يوجه مجلسا البرلمان التهمة إليهم وأن يحالوا على المحكمة العليا.



الفصــل التسعـــــون

يجب أن يكون اقتراح توجيه الاتهام موقعا على الأقل من ربع أعضاء المجلس الذي يقدم إليه أولا، ويناقشه المجلسان بالتتابع، ولا تتم الموافقة عليه إلا بقرار يتفقان عليه عن طريق التصويت السري بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل مجلس باستثناء الأعضاء الذين يعهد إليهم بالمشاركة في المتابعة أو التحقيق أو الحكم.



الفصل الحادي والتسعون

تتألف المحكمة العليا من أعضاء ينتخب نصفهم من بين أعضاء مجلس النواب ونصفهم الآخر من بين أعضاء مجلس المستشارين ويعين رئيسها بظهير شريف.



الفصــل الثاني والتسعون

يحدد قانون تنظيمي عدد أعضاء المحكمة العليا وكيفية انتخابهم وكذا المسطرة التي يتعين إتباعها.



الباب التاســع

المجلس الاقتصادي والاجتماعي



الفصل الثالث والتسعون

يحدث مجلس اقتصادي واجتماعي.



الفصــل الرابع والتسعون

للحكومة ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جميع القضايا التي لها طابع اقتصادي واجتماعي.



ويدلي المجلس برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتكوين.



الفصــل الخامس والتسعون

يحدد قانون تنظيمي تركيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي وتنظيمه وصلاحياته وطريقة تسييره.



البــاب العاشر

المجلس الأعلى للحسابات



الفصل السادس والتسعون

يتولى المجلس الأعلى للحسابات ممارسة الرقابة العليا على تنفيذ القوانين المالية.



ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصروفات الأجهزة الخاضعة لرقابته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية قيامها بتدبير شؤونها، ويعاقب عند الاقتضاء على كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة.



الفصــل السابع والتسعون

يبذل المجلس الأعلى للحسابات مساعدته للبرلمان وللحكومة في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون.



ويرفع إلى الملك بيانا عن جميع الأعمال التي يقوم بها.



الفصل الثامن والتسعون

تتولى مجالس جهوية للحسابات مراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيئاتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها.



الفصل التاسع والتسعون

اختصاصات المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات وقواعد تنظيميها وطريقة سيرها وتحدد بالقانون.



الباب الحادي عشر

الجماعات المحلية



الفصــل المائـة

الجماعات المحلية بالمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية، ولا يمكن إحداث أي جماعة محلية أخرى إلا بقانون.



الفصل الحادي بعد المائة

تنتخب الجماعات المحلية مجالس تتكلف بتدبير شؤونها تدبيرا ديمقراطيا طبق شروط يحددها القانون.



يتولى العمال تنفيذ قرارات مجالس العمالات والأقاليم والجهات طبق شروط يحددها القانون.



الفصل الثاني بعد المائة

يمثل العمال الدولة في العمالات والأقاليم والجهات، ويسهرون على تنفيذ القوانين، وهم مسؤولون عن تطبيق قرارات الحكومة كما أنهم مسؤولون، لهذه الغاية، عن تدبير المصالح المحلية التابعة للإدارات المركزية.



الباب الثاني عشر

مراجعه الدستور



الفصل الثالث بعد المائة

للملك ولمجلس النواب ولمجلس المستشارين حق اتخاذ المبادرة قصد مراجعة الدستور.



للملك أن يستفتي شعبه مباشرة في شأن المشروع الذي يستهدف به مراجعة الدستور.



الفصــل الرابع بعد المائة

إن اقتراح مراجعة الدستور الذي يتقدم به عضو أو أكثر من أعضاء مجلس النواب أو مجلس المستشارين لا تصح الموافقة عليه إلا بتصويت ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس المعروض عليه الاقتراح، ويحال الاقتراح بعد ذلك إلى المجلس الآخر ولا تصح موافقته عليه إلا بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم.



الفصــل الخامس بعد المائة

تعرض مشاريع واقتراحات مراجعة الدستور بمقتضى ظهير على الشعب قصد الاستفتاء.

تصير المراجعة نهائية بعد إقرارها بالاستفتاء.



الفصــل السادس بعد المائة

النظام الملكي للدولة وكذلك النصوص المتعلقة بالدين الإسلامي لا يمكن أن تتناولها المراجعة.



الباب الثالث عشر

أحكــام خاصة



الفصل السابع بعد المائة

إلى حين انتخاب مجلسي البرلمان المنصوص عليهما في هذا الدستور يحتفظ مجلس النواب القائم حاليا بصلاحياته ليقوم، على وجه الخصوص، بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين، وذلك دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 27 من هذا الدستور.



الفصل الثامن بعد المائة

إلى أن يتم تنصيب المجلس الدستوري، حسب تركيبته المنصوص عليها في هذا الدستور، يمارس المجلس الدستوري القائم حاليا الاختصاصات المسندة إليه بأحكام الدستور والقوانين التنظيمية.









--------------------------------------------------------------------------------

[1] - لجريدة الرسمية عدد 4420 بتاريخ 10/10/1996 الصفحة









رد مع اقتباس
قديم 2011-06-19, 00:03   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*جوداء*
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية *جوداء*
 

 

 
الأوسمة
وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي كيف يحمي القانون الدولي الانساني الصحفيين في حالة النزاع المسلح

'' كيف يحمي القانون الدولي الإنساني الصحفيين في حالات النزاع المسلح؟''


يزداد تعرض العاملين في مجال الإعلام لخطر الإصابة أو الموت أو الاحتجاز أو الاختطاف وهم ينقلون الأخبار في حالات النزاع المسلح. وفي هذا يحدثنا السيد "روبين غايس", خبير قانوني في اللجنة الدولية, عن حق الحماية الذي يخوله القانون الدولي الإنساني لتلك الفئة من الأشخاص بصفتهم مدنيين غير مشاركين في القتال.
ما هي المخاطر الرئيسية التي يواجهها الصحفيون الذين يعملون في حالات النزاع المسلح؟
بداية, دعني أذكّر أن اللجنة الدولية ما فتئت تشعر ببالغ القلق إزاء تواتر أعمال العنف ضد الصحفيين وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام. فقد اتضح أكثر فأكثر في النزاعات الأخيرة تزايد تعرض العاملين لخطر استهدافهم مباشرة مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
ويواجه الصحفيون وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام الذين يغطون مناطق الحرب مخاطر عدة. فبحكم طبيعة عملهم نفسها يجدون أنفسهم لا محالة عرضة للأخطار الملازمة للعمليات العسكرية. وبدلا من الهروب من المعركة يبحثون عنها. إلا أن أكبر خطر يهددهم هو العنف الذي يستهدفهم عمداً.
ويقال عادة إن الحقيقة هي أول ضحايا الحرب في الوقت الذ ي تحظى فيه التقارير الإعلامية الدقيقة وغير المتحيزة التي ترد من مناطق النزاع باهتمام كبير من جانب الجمهور. فلما كانت الصور والأخبار في عصر المعلومات تؤثر بشكل حاسم في نتاج النزاعات المسلحة, انتشرت بشكل رهيب عرقلة الصحفيين عن أداء مهامهم الإعلامية في أوقات النزاع المسلح. كما اتسع نطاق تداخل العراقيل بين رفض تنقل العاملين في مجال الإعلام وفرض الرقابة عليهم ومضايقتهم واحتجازهم تعسفياً وتوجيه الهجمات المباشرة ضدهم.
ما نوع الحماية التي يوفرها القانون الدولي الإنساني للعاملين في مجال الإعلام؟
يمكن أن يتولد لدينا الانطباع منذ الوهلة الأولى بأن القانون الدولي الإنساني لا يكفل حماية كاملة للصحفيين لأن اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين لا تتضمن إلا إشارتين صريحتين بخصوص العاملين في مجال الإعلام (المادة 4(ألف-4) من اتفاقية جنيف الثالثة والمادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول). لكن عند قراءة هاتين المادتين بالموازاة مع قواعد إنسانية أخرى, يتضح أن الحماية الممنوحة بموجب القانون الساري شاملة تماماً. والأهم من ذلك أن المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول تنص على أن الصحفيين يتمتعون بجميع الحقوق وأشكال الحماية الممنوحة للمدنيين في النزاعات المسلحة الدولية. وينطبق الشيء نفسه على حالات النزاع غير المسلح بمقتضى القانون الدولي العرفي ( القاعدة 34 في دراسة اللجنة الدولية للقانون الدولي الإنساني العرفي ).
بالتالي, ومن أجل إدراك نطاق الحماية التي يخولها القانون الدولي الإنساني للصحفيين إدراكا تاماً ينبغي استبدال لفظ " صحفي " بلفظ " مدني " اعتباراً من الصيغة المستخدمة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين.
هل ترقى الهجمات الموجهة ضد الصحفيين في النزاعات المسلحة إلى جرائم حرب؟
يتمتع الصحفيون بحكم وضعهم كمدنيين بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجمات المباشرة شريطة ألا يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية. وتشكل أية مخالفة لهذه القاعدة انتهاكاً خطيرا لاتفاق يات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول. فضلاً عن أن التعمد في توجيه هجوم مباشر ضد شخص مدني يرقى أيضا إلى جريمة حرب بمقتضى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
هل يترتب على وضع "المراسل الحربي" أية حماية خاصة؟
يواجه الصحفيون وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام خطر الاحتجاز التعسفي لأسباب يُدّعى أنها أمنية. وهنا يكمن الفرق بين " المراسل الحربي " (المادة 4(ألف-4) من اتفاقية جنيف الثالثة) و " الصحفي " (المادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول). كلا الفئتين معترف بها كفئة مدنية مع فارق وحيد هو أن مراسل الحرب يحق له التمتع بوضع أسير الحرب. كما أنه يتلقى ترخيصاً رسميا بمرافقة القوات المسلحة. وبناء على هذه العلاقة الوثيقة, يحق لمراسل الحرب عند إلقاء القبض عليه التمتع بالوضع القانوني نفسه الممنوح لأفراد القوات المسلحة. وعلى ذلك الأساس يتمتع مراسلو الحرب بالحماية المنصوص عليها في اتفاقية جنيف الثالثة والمكمّلة في البروتوكول الإضافي الأول والقانون الدولي العرفي.
هل يمكن أن توضح لنا الفرق بين مراسلي الحرب والصحفيين المرافقين للقوات العسكرية ؟
مصطلح " صحفي مرافق " تعبير حديث. وقد استعمل للمرة الأولى على ما يبدو خلال غزو العراق عام 2003, وأخذ استخدامه في الانتشار منذ ذلك الحين. ولا يرد ذكره في أي حكم من أحكام القانون الدولي الإنساني كما أنه لا يقوم, حسب علمي, على تعريف دقيق. لكن بالإمكان القول إن مفهوم مراسل الحرب بشكل عام مرادف لما يعرف باسم " صحفي مرافق " وإن لم ينطبق ذلك بالضرورة على جميع الحالات. ولكي يصبح الصحفي مراسل حرب بالمفهوم المحدد في القانون الدولي الإنساني, يكون شرط اعتماده لدى القوات العسكرية إلزامياً. وبالتالي يصبح " الصحفي المرافق " مراسلاً حربيا بحكم القانون عندما يكون معتمداً رسمياً لدى القوات المسلحة.
وماذا عن الصحفيين والأخصائيين في الإعلام من غير "مراسلي الحرب"؟
لا يعني ما تقدم أن باقي الإ علاميين لا يجدون حماية على الإطلاق في حال وقعوا في قبضة أحد الأطراف المتحاربة. فعلى النقيض من ذلك, الحماية القانونية التي يتمتعون بها واسعة النطاق إلى حد بعيد, وإن كان غالباً ما يغفل عن هذا الجانب. فأولا, إذا لم يكن الصحفيون من رعايا البلد الذي يقع القبض عليهم فيه, فإنهم يفيدون من جميع أشكال الحماية المناسبة الممنوحة لهم بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. وفي كافة الأحوال يتمتع الصحفيون وغيرهم من الإعلاميين دوماً بالضمانات الأساسية التي تكلفها لهم المادة 75 من البروتوكول الإضافي الأول كحد أدنى والتي تحظر بشكل خاص ممارسة العنف إزاء حياة وصحة الأشخاص الذين في قبضة أحد أطراف النزاع, والتعذيب بشتى أشكاله وانتهاك الكرامة الشخصية وأخذ الرهائن. وبالإضافة إلى ذلك, تكفل المادة ضمانات لتوفير محاكمة عادلة للشخص المدان بارتكاب جريمة. ويتمتع الإعلامي المحتجز بالضمانات الأساسية نفسها سواء وقع الاحتجاز عليه لأسباب تتعلق بنزاع مسلح دولي أو غير دولي. ويكون الصحفيون, بصفتهم مدنيين, مشمولين بالحماية في أوقات النزاع المسلح غير الدولي عملاً بالمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع والبروتوكول الإضافي الثاني والقانون الدولي العرفي.
ما هي التدابير الملموسة التي تتخذها اللجنة الدولية لمساعدة الصحفيين في المهمات الصعبة؟
يساور اللجنة الدولية قلق عميق بشأن الإعلاميين الذين يتعرضون لهجمات مباشرة أو يختفون أو يلقى القبض عليهم في أوقات الحرب أو حالات العنف الأخرى. ولقد فتحنا منذ عام 1985 خطاً هاتفيا مجانيا (85 32 217 79 41+) متاحاً بصورة دائمة للصحفيين الذين يواجهون مصاعب خلال النزاعات المسلحة. وهذه خدمة إنسانية بحتة. ولا يوضع الخط المجاني تحت تصرف الصحفيين فحسب بل يمكن أيضا لأرباب العمل والموظفين لديهم وأهاليهم استخدامه (أو الاتصال بموظفي اللجنة الدولية في أحد مكاتبها عبر العالم أو مراسلتنا على العنوان التالي: press.gva -a- icrc.org للإبلاغ عن اختفاء صحفي أو إصابته أو احتجازه, والتماس المساعدة. وتتراوح الخدمات التي تتيحها اللجنة الدولية بين السعي للتأكد من صحة خبر توقيف الصحفي, والحصول على إمكانية مقابلته, وإمداد العائلات وأرباب العمل بمعلومات عن مكان وجوده, والحفاظ على الروابط العائلية والبحث الفعلي عن المفقودين من الصحفيين والاضطلاع بعمليات الإجلاء الطبي للمصابين منهم.
كما تتيح اللجنة الدولية التدريب في مجال القانون الدولي الإنساني وتدعم الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر التي تنظم دورات لتدريب الصحفيين على الإسعافات الأولية (تدريب الصحفيين على الإسعافات الأولية في جمعية الهلال الأحمر الباكستاني).
هل توفر القوانين السارية حماية كافية للصحفيين؟ وماذا ينبغي فعله لحمايتهم بشكل أفضل؟
تخول القوانين السارية حماية كافية للصحفيين. فهي تشكل قاعدة متينة وواقعية لحماية الإعلاميين من التعرض للأذى وهم بصدد أداء مهامهم في مسرح القتال. ولا يبرز القصور الخطير الذي يشوب الحماية في نقص القواعد ذات الصلة بل في الإخفاق في تنفيذ القواعد السارية والتحقيق بصورة منتظمة في الانتهاكات وملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم.
وتسعى اللجنة الدولية إلى ضمان امتثال أوفى للقواعد السارية. ولا يتأتى ذلك إلا بتوفير التدريب والتعليم المناسبين للأشخاص المعنيين بتنفيذ تلك القواعد على أرض الواقع. ويستلزم الأمر أيضا محاسبة الذين يخالفون القواعد ومعاقبتهم في حال ثبتت إدانتهم. وكل شخص يرتكب جريمة حرب يتحمل المسؤولية الجنائية على ذلك كما أن من واجب كل طرف مشارك في نزاع مسلح أن يحترم القانون الدولي الإنساني ويضمن احترامه.
ما هي الأنشطة التي تنجزها اللجنة الدولية تحقيقاً لهذا الهدف؟
نسعى دائماً إلى التعريف على نطاق واسع بالقواعد التي تكفل الحماية للصحفيين والمدنيين بصورة عامة وتعزيز احترامها. وعلاوة على الدورات التدريبية التي ننظمها في مجال القانون الدولي الإنساني, نشارك في طيف كبير من الأحداث والمشاورات بين الخبراء. فعلى سبيل المثال, شاركت اللجنة الدولية خلال الدورة المنتظمة الرابعة عشرة لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في حلقة نقاش بشأن حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة :.
وبطبيعة الحال, تعاونا مع المنظمات الأخرى النشطة في هذا الميدان وتبادلنا وجهات النظر. والتقينا مؤخرا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير مثلا لمناقشة مسألة حماية الإعلاميين في النزاعات المسلحة.
هل تعتقد أن الجهود المبذولة إلى حد الآن كافية لضمان حماية أخصائيي الإعلام الذين يعملون في مناطق النزاع المسلح بشكل أفضل؟
سأسوق لك مثالاً عن التدابير الملموسة التي نتخذها في هذا الصدد. في الاجتماع الأخير للمؤتمر الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر الذي عقد في جنيف شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2007, دعونا المشاركين (الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر, والاتحاد الدولي, واللجنة الدولية والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف) إلى توقيع تعهدات إنسانية فردية أو مشتركة بشكل طوعي تلزمهم باتخاذ كل التدابير اللازمة لضمان تخويل أخصائيي الإعلام العاملين في حالات النزاع المسلح حق الاحترام والحماية المكفول للمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني, وتعزيز أحكام هذا القانون ومبادئه المنطبقة على الصحفيين.
لكن, كما هو الحال في أغلب الأحيان, يتوجب بذل المزيد من الجهود على مستوى الالتزام والتنفيذ. فإلى يومنا هذا, لم توقع تلك التعهدات إلا ست حكومات وتسع جمعيات وطنية للصليب الأحمر أو الهلال الأحمر.


* منقول للأمانة العلمية *









رد مع اقتباس
قديم 2011-07-04, 10:36   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
katiya
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية katiya
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتراح ممتاز يستحق التطبيق










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-08, 12:02   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
قاصِرَةُ الطّرْف
مشرف قسم التجويد
 
الصورة الرمزية قاصِرَةُ الطّرْف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

Je vous remercie beaucoup et je bénéficier de ce magazine










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-11, 11:13   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
mestafa1
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

رضا يتمنى لكم النجاح










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-11, 16:19   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
ناصري 12
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ناصري 12
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكورة على المبادرة الحسنة المهم تكون الفعالية والانسجام ليس مجرد نقل المواضيع بل ان تكون مواضيع جديدة لم تنل نصيبها من البحث والكتابة










رد مع اقتباس
قديم 2011-08-15, 16:32   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
السفير72
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية السفير72
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مشكوريييييين










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الليلة, القانونية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:16

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc