هل صدق مؤرخوا اليمن أم كذبوا في إنتماء البربر لحمير؟؟؟ - الصفحة 7 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأنساب ، القبائل و البطون > منتدى القبائل العربية و البربرية

منتدى القبائل العربية و البربرية دردشة حول أنساب، فروع، و مشجرات قبائل المغرب الأقصى، تونس، ليبيا، مصر، موريتانيا و كذا باقي الدول العربية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل صدق مؤرخوا اليمن أم كذبوا في إنتماء البربر لحمير؟؟؟

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-20, 15:37   رقم المشاركة : 91
معلومات العضو
basic2000
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية basic2000
 

 

 
إحصائية العضو










New1 هابلوغروب E1b1b (المعروف باسم E3B) (M35)

هابلوغروب E1b1b (المعروف سابقا باسم E3B) أمر شائع في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، بما في ذلك شمال افريقيا واسبانيا وايطاليا واليونان ودول البلقان مثل ألبانيا وصربيا. أسلاف هابلوغروب E1b1b ربما عاشوا في القرن الأفريقي (الصومال الحالية) خلال العصر الجليدي الأخير، وانتقلوا الى جنوب أوروبا عبر منطقة الشرق الأوسط خلال ما يسمى "هجرة العصر الحجري الحديث" حوالي 9000 سنة مضت. تواتر E1b1b في شمال أوروبا منخفض جدا و في الجزر البريطانية ، على الرغم من أنها لا تظهر في بعض الأحيان في الناس ذوي الأصل البعيد عن البحر الأبيض المتوسط . وقد وجدت بعض الدراسات بينت أن هناك مجموعات من E1b1b في أجزاء من انجلترا وويلز وخصوصا في الشمال. على النقيض من ذلك، E1b1b موجود في حوالي 25٪ من Silicians واليونانيين، و 50٪ -80٪ من شمال أفريقيا. ومن الشائع وخاصة في شعب البربر، الذين يعيشون في المغرب والجزائر وتونس وليبيا. كما انها الاكثر شيوعا 2 Y-DNA هابلوغروب في الرجال من أصل اشكنازي اليهودية. وجود هابلوغروب E1b1b في عدد من السكان البريطانيين، وإن كان نادرا نسبيا، هو دليل على وجود هجرة مجموعات من الناس من جنوب أوروبا ، وربما من الجنود والمستوطنين الذين وصلوا خلال فترة الاحتلال الروماني لبريطانيا في القرن الثالث بعد الميلاد .



نقل ثم ترجم من https://www.moonzstuff.com/dna/haplo.html


و لهذا من الظلم الكبير والطمس الأكبر للحقيقة و الدلائل العلمية أن نقول أن جين البربر هو M81 بينما هذا الأخير هو أحد أكبر الجينات المميزة فقط لأنه هناك قبائل حافظت على الجين الأصلي للبربر ألا وهو M35









 


قديم 2012-04-20, 23:30   رقم المشاركة : 92
معلومات العضو
المحارب الأمازيغي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أستاذي الكريم بازيك 2000, وشكرا على هذه المعلومة القيمة.
لكن الخارطة التي وضعها كاتب المقال الذي نقلته فيها بعض الأخطاء, فهو من جهة يقول أن نسبة انتشار الهابلوجروب الذكري E1B1B تترواح بين 50 و80 بالمائة في شمال إفريقيا, ومن ثم تظهر الخريطة أن النسبة تبدو ضئيلة, فالواضح أن الخريطة لا تعكس أبدا ما توصل إليه ذلك الباحث.
لذلك آثرت وضع خريطة أخرى تبين أن نسبة انتشار هذا الهابلوجروب في شمال إفريقيا تتراوح فعلا بين ال50 و80 بالمائة.
هذه الخريطة تبين نسبة انتشار الهابلوجروب الذكري E-M35,أي E1B1B في شمال إفريقيا:

وهذه تبين نسبة انتشار الهابلوجروب الذكري E-M81, أي E1B1B1B:

وشخصيا أفضل استخدام الأرقام, لأن الخرائط في بعض الأحيان قد لا تكون واضحة:
فبعض الدراسات تقول أن نسبة انتشار هذا الهابلوجروب تتجاوز ال75 بالمائة في شمال إفريقيا:

E1b1b1b, defined by M81, is another prevalent subclade of E1b1b1, and is largely restricted to northwest Africa where frequencies are about 75%. The distribution of this subclade is associated with Berber-speaking populations throughout Africa.

https://www.genetree.com/e
الترجمة: E1B1B1B. المعرف ب M81. هو subclade منتشر آخر لE1B1B1, ينحصر بالأساس في شمال غرب إفريقيا حيث نسبته حوالي 75 بالمائة, ويرتبط توزع هذا الsubclade بالسكان الناطقين بالأمازيغية في في جميع أنحاء إفريقيا.(انتهت الترجمة).
طبعا, المقصود بشمال غرب إفريقيا (northwest africa) في هذا المقال هي كل دول المغرب الكبير, فهذا المصطلح تارة يستعمله الأوروبيين للحديث عن الجزائر وتونس والمغرب, وتارة للحديث عن الجزائر وتونس والمغرب وغرب ليبيا, وتارة للحديث عن الجزائر وتونس والمغرب وموريطانيا, وفي بعض الأحيان للحديث عن كامل المغرب الكبير. لكن الأكيد أنه يشمل الجزائر وتونس والمغرب. ومن أراد فليتأكد عبر google image.
حياك الله.









قديم 2012-04-28, 01:41   رقم المشاركة : 93
معلومات العضو
ابو حيدر اليماني
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي السلام عليكم

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف خلقه محمد الصادق الامين

اما بعد تحية لاخوتنا الجزائرين من قلب يمني محب

كنت في اطار بحثي عن امتداد القبائل العربية في المغرب العربي بمساعدة العم جوجل فادهشني عنوان المقال (( هل صدق مؤرخوا اليمن ام كذبوا في انتماء البربر الى حمير )) بالفعل كانت صدمة عنيفة ان اجد عنوانا يحمل بين طياته الكثير والكثير من السوء والاكثر ادهاشا لي هي الردود ,,,,,,,,,,,,لم اكن على علم بالتقسيمات البشرية في دول المغرب الاسلامي لكن ما وجدته دفعني الى البحث بعمق عن اسباب " الانتقاد الاذع للعرب وخصوصا اليمنيين منهم "


على كل بعد اكتشافي ان المغاربي منهم الامزيغي ومنهم العربي احببت ان ادافع ولو مفردا عن حضارتي ونسبي كما يدافع البعض عن حضارته وثقافته ولو كان ذاك بتجريح الغير واتهامه بالباطل

سواء اكنتم حميريين عرب اقحاح ام كنتم من نسل اخر فان ذاك لا يعنيني بشيء طالما ان جمعتنا عقيدة التوحيد

فان كنتم منا اهل اليمن فمثلكم كمثل الغصن الطيب في شجرة طيبه فاما ان يوصل واما ان يبتر فاما وصله فالاحسان واما بتره فالجفاء وان لم تكونوا منا فما ذاك بناقصنا من شيء .

اما افتراء البعض ووصفه لعلمائنا بالكذب والتدليس بغية الدنيا او حاجة في نفس يعقوب فذاك افتراء وظلم ,,,,,,فليس اهل اليمن من ينقصهم مجد او سؤدد او فخر او عزة حتى يضيفوا ما يجهلون لما يعلمون ونحن اشد العرب تحر عن الانساب والاوصول وما تاريخنا بخاف على احد ,,,,,,,,قال تعالى مخاطبا قريش ((اهم خير ام قوم تبع ,,,,,)) صدق الله العظيم



فان كانت العرب كلها تفخر بيمانيتها وقحطانيتها فما حاجتنا ان ندلس عليكم ونضمكم الينا

والعجيب في امر البعض في منتديات اخرى ان يستشهد بحال اليمن الان نكايتا وتفريقا وبغضا وكرها بطريقة مقززة ان دلت فانما تدل على نفس ابتلاه الله بالبغض والكره ,,,,,,,,,,,,,

وما ذاك بضارنا في شيء فيكفينا فخرا احاديث الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وسلم فينا ومدحه لنا وفخره بنا حتى قال عليه صلوات ربي وسلامه عن يوم القيامة (( إني ‏ ‏لبعقر حوضي ‏ ‏أذود ‏ ‏الناس لأهل ‏ ‏اليمن ‏ ))


فمنا الفاتحون ومنا الانصار ومن المجاهدون ومنا ابا هرير وحذيفة بن اليمان وابو موسى الاشعري ومنا المقداد بن عمرو ومنا الاوس والخزرج افبعد هذا الخير والشرف العظيم ننسب قوما نجهلهم الينا وهم لنا كارهون والله ما هذا بفعل عاقل فطن .



فان كان اجدادنا قد فتحوا بلاد المغرب الاسلامي والاندلس ووجدتم في انفسكم كرها لهم فما هذا بامر الله للمسلمين ان تحابوا وتعاونوا وتناصروا واتركوا طريق الشيطان الذي ينزغ بينكم العداوة والبغضاء .


ولست ارى فيما يطرح البعض من اثاراة للنعرات والنزعات بحجة النقاش الشفاف غير عسل دس فيه السم بغية التفريق وبغية الشتات فاتقوا الله وتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ,,,,,,,,,,


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





ا










قديم 2012-04-28, 08:05   رقم المشاركة : 94
معلومات العضو
massil707
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

علمان من يثق بهما مطلقا لا عقل له , الجرح و التعديل و الانساب . دعوا عنكم خرافات التوراة و أساطير العرب و احتكموا للعلم الحديث










قديم 2012-04-28, 09:43   رقم المشاركة : 95
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حيدر اليماني مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف خلقه محمد الصادق الامين

اما بعد تحية لاخوتنا الجزائرين من قلب يمني محب

كنت في اطار بحثي عن امتداد القبائل العربية في المغرب العربي بمساعدة العم جوجل فادهشني عنوان المقال (( هل صدق مؤرخوا اليمن ام كذبوا في انتماء البربر الى حمير )) بالفعل كانت صدمة عنيفة ان اجد عنوانا يحمل بين طياته الكثير والكثير من السوء والاكثر ادهاشا لي هي الردود ,,,,,,,,,,,,لم اكن على علم بالتقسيمات البشرية في دول المغرب الاسلامي لكن ما وجدته دفعني الى البحث بعمق عن اسباب " الانتقاد الاذع للعرب وخصوصا اليمنيين منهم "


على كل بعد اكتشافي ان المغاربي منهم الامزيغي ومنهم العربي احببت ان ادافع ولو مفردا عن حضارتي ونسبي كما يدافع البعض عن حضارته وثقافته ولو كان ذاك بتجريح الغير واتهامه بالباطل

سواء اكنتم حميريين عرب اقحاح ام كنتم من نسل اخر فان ذاك لا يعنيني بشيء طالما ان جمعتنا عقيدة التوحيد

فان كنتم منا اهل اليمن فمثلكم كمثل الغصن الطيب في شجرة طيبه فاما ان يوصل واما ان يبتر فاما وصله فالاحسان واما بتره فالجفاء وان لم تكونوا منا فما ذاك بناقصنا من شيء .

اما افتراء البعض ووصفه لعلمائنا بالكذب والتدليس بغية الدنيا او حاجة في نفس يعقوب فذاك افتراء وظلم ,,,,,,فليس اهل اليمن من ينقصهم مجد او سؤدد او فخر او عزة حتى يضيفوا ما يجهلون لما يعلمون ونحن اشد العرب تحر عن الانساب والاوصول وما تاريخنا بخاف على احد ,,,,,,,,قال تعالى مخاطبا قريش ((اهم خير ام قوم تبع ,,,,,)) صدق الله العظيم



فان كانت العرب كلها تفخر بيمانيتها وقحطانيتها فما حاجتنا ان ندلس عليكم ونضمكم الينا

والعجيب في امر البعض في منتديات اخرى ان يستشهد بحال اليمن الان نكايتا وتفريقا وبغضا وكرها بطريقة مقززة ان دلت فانما تدل على نفس ابتلاه الله بالبغض والكره ,,,,,,,,,,,,,

وما ذاك بضارنا في شيء فيكفينا فخرا احاديث الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وسلم فينا ومدحه لنا وفخره بنا حتى قال عليه صلوات ربي وسلامه عن يوم القيامة (( إني ‏ ‏لبعقر حوضي ‏ ‏أذود ‏ ‏الناس لأهل ‏ ‏اليمن ‏ ))


فمنا الفاتحون ومنا الانصار ومن المجاهدون ومنا ابا هرير وحذيفة بن اليمان وابو موسى الاشعري ومنا المقداد بن عمرو ومنا الاوس والخزرج افبعد هذا الخير والشرف العظيم ننسب قوما نجهلهم الينا وهم لنا كارهون والله ما هذا بفعل عاقل فطن .



فان كان اجدادنا قد فتحوا بلاد المغرب الاسلامي والاندلس ووجدتم في انفسكم كرها لهم فما هذا بامر الله للمسلمين ان تحابوا وتعاونوا وتناصروا واتركوا طريق الشيطان الذي ينزغ بينكم العداوة والبغضاء .


ولست ارى فيما يطرح البعض من اثاراة للنعرات والنزعات بحجة النقاش الشفاف غير عسل دس فيه السم بغية التفريق وبغية الشتات فاتقوا الله وتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ,,,,,,,,,,


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





ا
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
اهلا و سهلا بك حللتم اهلا و نزلتم سهلا اخي المحب ابوحيدر اليماني بمنتدانا
بارك الله فيكم يا اخونا في الاسلام و العربية ابو حيدر اليماني على كلامكم الطيب الكريم المقرب بين المسلمين المؤمنين المدافع عن مؤرخي اليمن الذين هم بشر يخطؤون في امور و يصيبون في اخرى فهم علماء و مؤرخون اجلاء مجتهدون و تحترم ابحاثهم التاريخية و العلم عند الله وحده لا شريك له
و فخر ما بعده فخر و كرم ما بعده كرم ان ينسب الامازيغ الى اصولهم الاولى في بلد اليمن السعيد فالرجوع الى الاصل فضيلة و اليمن اعظم اصل و اعظم فضيلة اذ كل صحابة النبي صلى الله عليه و سلم من اهل هذا البلد الطيب العظيم الكريم و الحكمة كما قال النبي صلى الله عليه و سلم يمانية

فضائل أهل اليمن أحاديث صحيحة للرسول صلى الله عليه و سلم :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
( أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرقّ أفئدةً ، الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية والفقه يمان ، رأس الكفر قِبَل المشرق ) رواه مسلم

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أشار رسول الله بيده نحو اليمن فقال :
( الإيمان ها هنا ألا إن القسوة وغلظ القلب في الفدّادين عند أصول أذناب البقر حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومُضر ) متفق عليه

عن جُبير بن مطعم عن أبيه قال : بينما كنا نسير مع رسول الله بطريق مكة إذ قال ( يطلع عليكم الآن أهل اليمن كأنهم السحاب هم خيار من في الأرض )
رواه احمد بإسناد صحيح

عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي قال
( اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ) قالوا وفي نجدنا يا رسول الله ، قال ( اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا ) قالوا ونجدنا ، فأظنه قال في الثالثة ( هناك الزلازل والفتن و بها يطلع قرنا الشيطان ) رواه البخاري

عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي قال
( إني لبعُقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم ) رواه مسلم
ومعنى الحديث أن رسول الله سيزيح الناس بعصاه لأهل اليمن يوم القيامة عند الحوض

عن عياض الأشعري رضي الله عنه قال : لما تزل قوله تعالى ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) قال
( هم قومك يا أبا موسى ) وأشر بيده إليه . رواه الحاكم على شرط مسلم

وجا في مسند احمد قوله صلى الله عليه وسلم ( نفس الرحمن من ارض اليمن )

عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : جاء بنو تميم إلى رسول الله فقال ( أبشروا ) فقالوا قد بشرتنا فأعطنا
فتغير وجهه ، فجاء أهل اليمن فقال ( يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم ) فقالوا جئنا نسألك عن هذا الأمر . رواه البخاري
عن سعيد قال : صدرت مع ابن عمر يوم الصدر ، فمرت بنا رفقة يمانية رجالهم الأدم وخطم إبلهم الجرز ،
فقال عبد الله بن عمر ( من أراد أن ينظر إلى أشبه رفقة وردت الحج العام برسول الله وأصحابه ، فلينظر إلى هذه الرفقة )
رواه احمد وإسناده صحيح .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول ( الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر ، والسكينة في أهل الغنم ، والإيمان يمان والحكمة يمانية ) قال أبو عبد الله : سُمّيت اليمن لأنها يمين الكعبة رواه البخاري

بوّب الإمام البخاري في صحيحة ( باب نسبة اليمن إلى إسماعيل )
وبوّب الإمام مسلم في صحيحة ( باب تفاضل أهل الإيمان ورجحان أهل اليمن فيه )
جاء أهل اليمن إلى رسول الله فقالوا : يا رسول الله نحن من قد عرفت ، جئنا من حيث عرفت ، فمن ولينا ، قال
( الله ورسوله ) قالوا ( حسبنا ورضينا ) صححه الواعي

عن أبي ثور الفهمي قال : كنا عند رسول الله يوماً فأُتي بثياب من المسافر –من اليمن- ، فقال أبو سفيان (لعن الله هذا الثوب ولعن من يعمله ) فقال رسول الله ( لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم ) رواه احمد والطبراني بإسناد حسن

عن عتبة بن عبد الله أنه قال : إن رجلاً قال يا رسول الله العن أهل اليمن فإنهم شديد بأسهم ، كثير عددهم ، حصينة حصونهم ، فقال ( لا ،، لعن الله فارس والروم ) ثم قال (إذا مروا بكم –يعني أهل اليمن- يسوقون نسائهم يحملون أبنائهم على عواتقهم فهم مني وأنا منهم ) رواه الطبراني واحمد بإسناد حسن









آخر تعديل احمد الطيباوي 2012-04-28 في 12:41.
قديم 2012-04-28, 17:29   رقم المشاركة : 96
معلومات العضو
ابو حيدر اليماني
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

حياك الله اخي احمد الطيباوي وجزاك الله الف الف الف خير وادام الله المحبة والاخوة بين جميع المسلمين ونزع من قلوبهم العداوة والبغضاء

واسال الله ان يمكنني من شرف الزيارة الى بلد المليون شهيد



تحية طيبة لكم اخي وادام الله عليكم نعمته واثابكم من فضله وايدكم الى الخير وسددكم الى الحق


يا بروج السماء اياسهيل اليماني

بلغوا كل مسلم عني التحية والسلام

وعطروا بالمحبة كل قاصي وداني

وخصي بسلامي اهل مغربنا الكرام










قديم 2012-04-29, 23:53   رقم المشاركة : 97
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حيدر اليماني مشاهدة المشاركة
حياك الله اخي احمد الطيباوي وجزاك الله الف الف الف خير وادام الله المحبة والاخوة بين جميع المسلمين ونزع من قلوبهم العداوة والبغضاء

واسال الله ان يمكنني من شرف الزيارة الى بلد المليون شهيد



تحية طيبة لكم اخي وادام الله عليكم نعمته واثابكم من فضله وايدكم الى الخير وسددكم الى الحق


يا بروج السماء اياسهيل اليماني

بلغوا كل مسلم عني التحية والسلام

وعطروا بالمحبة كل قاصي وداني

وخصي بسلامي اهل مغربنا الكرام
بارك الله فيك ايها الاخ المسلم المؤمن الطيب و بارك الله في اهل اليمن السعيد اهل الجود و الكرم و الخلق المجيد









قديم 2012-04-30, 20:12   رقم المشاركة : 98
معلومات العضو
المحارب الأمازيغي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حيدر اليماني مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف خلقه محمد الصادق الامين

اما بعد تحية لاخوتنا الجزائرين من قلب يمني محب

كنت في اطار بحثي عن امتداد القبائل العربية في المغرب العربي بمساعدة العم جوجل فادهشني عنوان المقال (( هل صدق مؤرخوا اليمن ام كذبوا في انتماء البربر الى حمير )) بالفعل كانت صدمة عنيفة ان اجد عنوانا يحمل بين طياته الكثير والكثير من السوء والاكثر ادهاشا لي هي الردود ,,,,,,,,,,,,لم اكن على علم بالتقسيمات البشرية في دول المغرب الاسلامي لكن ما وجدته دفعني الى البحث بعمق عن اسباب " الانتقاد الاذع للعرب وخصوصا اليمنيين منهم "


على كل بعد اكتشافي ان المغاربي منهم الامزيغي ومنهم العربي احببت ان ادافع ولو مفردا عن حضارتي ونسبي كما يدافع البعض عن حضارته وثقافته ولو كان ذاك بتجريح الغير واتهامه بالباطل

سواء اكنتم حميريين عرب اقحاح ام كنتم من نسل اخر فان ذاك لا يعنيني بشيء طالما ان جمعتنا عقيدة التوحيد

فان كنتم منا اهل اليمن فمثلكم كمثل الغصن الطيب في شجرة طيبه فاما ان يوصل واما ان يبتر فاما وصله فالاحسان واما بتره فالجفاء وان لم تكونوا منا فما ذاك بناقصنا من شيء .

اما افتراء البعض ووصفه لعلمائنا بالكذب والتدليس بغية الدنيا او حاجة في نفس يعقوب فذاك افتراء وظلم ,,,,,,فليس اهل اليمن من ينقصهم مجد او سؤدد او فخر او عزة حتى يضيفوا ما يجهلون لما يعلمون ونحن اشد العرب تحر عن الانساب والاوصول وما تاريخنا بخاف على احد ,,,,,,,,قال تعالى مخاطبا قريش ((اهم خير ام قوم تبع ,,,,,)) صدق الله العظيم



فان كانت العرب كلها تفخر بيمانيتها وقحطانيتها فما حاجتنا ان ندلس عليكم ونضمكم الينا

والعجيب في امر البعض في منتديات اخرى ان يستشهد بحال اليمن الان نكايتا وتفريقا وبغضا وكرها بطريقة مقززة ان دلت فانما تدل على نفس ابتلاه الله بالبغض والكره ,,,,,,,,,,,,,

وما ذاك بضارنا في شيء فيكفينا فخرا احاديث الرسول الاكرم محمد صلى الله عليه وسلم فينا ومدحه لنا وفخره بنا حتى قال عليه صلوات ربي وسلامه عن يوم القيامة (( إني ‏ ‏لبعقر حوضي ‏ ‏أذود ‏ ‏الناس لأهل ‏ ‏اليمن ‏ ))


فمنا الفاتحون ومنا الانصار ومن المجاهدون ومنا ابا هرير وحذيفة بن اليمان وابو موسى الاشعري ومنا المقداد بن عمرو ومنا الاوس والخزرج افبعد هذا الخير والشرف العظيم ننسب قوما نجهلهم الينا وهم لنا كارهون والله ما هذا بفعل عاقل فطن .



فان كان اجدادنا قد فتحوا بلاد المغرب الاسلامي والاندلس ووجدتم في انفسكم كرها لهم فما هذا بامر الله للمسلمين ان تحابوا وتعاونوا وتناصروا واتركوا طريق الشيطان الذي ينزغ بينكم العداوة والبغضاء .


ولست ارى فيما يطرح البعض من اثاراة للنعرات والنزعات بحجة النقاش الشفاف غير عسل دس فيه السم بغية التفريق وبغية الشتات فاتقوا الله وتذكروا قوله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ,,,,,,,,,,


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





ا
أستاذنا الكريم أبو حيدر اليماني.
أنا في هذا الموضوع لم أشتم أهل اليمن مطلقا...
إنما معلوم أن اليمنيين أقاموا حضارات عظيمة أعظم من الحضارات التي أقامها الأمازيغ سواء قبل الإسلام أم بعده.
ومعلوم أنه قد وردت عشرات, بل مئات الأحاديث النبوية الثابتة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق أهل اليمن (وما ذكره الأستاذ أحمد الطيباوي هو قطرة في بحر فضائل اليمنيين), في حين ليس هناك أي حديث نبوي صحيح في فضائل الأمازيغ.
لكن هل يعني هذا أن كل أهل اليمن أخيار وطيبيين؟ وهل يعني هذا أن علينا أن ندعي زورا وبهتانا أننا من اليمن؟
يا أستاذي الكريم, ثلث سكان دولة اليمن شيعة زيدية, ومنهم الحوثيون عملاء إيران, وسكان عسير (وهذا الإقليم وإن كان يتبع اليوم السعودية, فهو جزء لا يتجزأ من اليمن التاريخي) فيهم نسبة كبيرة من الشيعة الإسماعيلية الباطنية.
فكيف تستغرب أن يكون بعض مؤرخي اليمن كذابين ويتعمدون الكذب؟
ومن ثم, فإن الادعاء زورا وبهتانا أن بعض الأمازيغ من اليمن لن يرفع من شأنهم, بل سيحط من شأنهم, فانتحال الأنساب وتزويرها ليس فضيلة مطلقا, وإن كنا قد نلتمس للمؤرخين والنسابين القدامى الأعذار في تصديقهم لأكاذيب بعض مؤرخي اليمن, فإنه اليوم, مع التطور العلمي والتكنولوجي الهائل فليس هناك أي عذر لمن ينتسب لقوم ليس منهم!!
قد يكون المؤرخون والنسابون القدامى معذورين في تصديقهم لأسطورة إفريقش بن صيفي التي هي أكذوبة من نسج خيال بعض الدجالين, لكن أن يستميت بعض المؤرخين المعاصرين في الدفاع عن تلك الخرافة, فهذه مصيبة!!
ليس اليمنيين فقط الذين نسجوا أساطير حول شخصيات خرافية وهمية وصدقوها, إنما هذا الأمر يشمل كل أمم العالم. لكن مع التطور العلمي الحديث فقد ثبت زيف تلك الأساطير, لكن المصيبة أن البعض مازالوا يصرون على الترويج لخرافات تجاوزها الزمن!!
ما أثبتته البحوث العلمية الحديثة, هو أن السكان الاصليين لشمال إفريقيا هم الأمازيغ, وأول من استوطن المنطقة بعدهم هم الفينيقيين, ولم يثبت مطلقا أن جيشا يمنيا غزا شمال إفريقيا, إنما هذه خرافة, ودولة حمير قامت حوالي سنة 150 قبل الميلاد وانهارت سنة 525 للميلاد.
بالتالي شخصية إفريقش بن صيفي هي شخصية أسطورية وهمية, وبالتالي كذب مؤرخو اليمن لما قالوا أن الأمازيغ أو بعضهم (صنهاجة وكتامة) من أصول يمنية.
وأما الأسطورة الأخرى التي تقول أن صنهاجة جاءت إلى شمال إفريقيا بعد الفتوحات الإسلامية, فهي مضحكة, لأن صنهاجة موجودة في شمال إفريقيا قبل الفتوحات الإسلامية... والأسطورتان كما ترى متناقضتان وتدحضان بعضهما بعضا.
سبق لي أن رددت على هذه الأكاذيب بالتفصيل في الرد عدد 85:
https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...4&postcount=85









قديم 2012-04-30, 22:28   رقم المشاركة : 99
معلومات العضو
رَكان
مشرف عـامّ
 
الأوسمة
المشرف المميز **وسام تقدير** وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام التميز وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

[quote=المحارب الأمازيغي;9792238](يا أستاذي الكريم, ثلث سكان دولة اليمن شيعة زيدية, ومنهم الحوثيون عملاء إيران, وسكان عسير (وهذا الإقليم وإن كان يتبع اليوم السعودية, فهو جزء لا يتجزأ من اليمن التاريخي) فيهم نسبة كبيرة من الشيعة الإسماعيلية الباطنية.
, /quote]

وماذا أبقيت ؟؟؟؟
مالذي تأخذه على الزيدية أخي الفاضل ؟؟؟
أهي تهمة بجناية ؟؟؟؟










قديم 2012-05-01, 14:59   رقم المشاركة : 100
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المحارب الأمازيغي مشاهدة المشاركة
أستاذنا الكريم أبو حيدر اليماني.
أنا في هذا الموضوع لم أشتم أهل اليمن مطلقا...
إنما معلوم أن اليمنيين أقاموا حضارات عظيمة أعظم من الحضارات التي أقامها الأمازيغ سواء قبل الإسلام أم بعده.
ومعلوم أنه قد وردت عشرات, بل مئات الأحاديث النبوية الثابتة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق أهل اليمن (وما ذكره الأستاذ أحمد الطيباوي هو قطرة في بحر فضائل اليمنيين), في حين ليس هناك أي حديث نبوي صحيح في فضائل الأمازيغ.
لكن هل يعني هذا أن كل أهل اليمن أخيار وطيبيين؟ وهل يعني هذا أن علينا أن ندعي زورا وبهتانا أننا من اليمن؟
يا أستاذي الكريم, ثلث سكان دولة اليمن شيعة زيدية, ومنهم الحوثيون عملاء إيران, وسكان عسير (وهذا الإقليم وإن كان يتبع اليوم السعودية, فهو جزء لا يتجزأ من اليمن التاريخي) فيهم نسبة كبيرة من الشيعة الإسماعيلية الباطنية.
فكيف تستغرب أن يكون بعض مؤرخي اليمن كذابين ويتعمدون الكذب؟
ومن ثم, فإن الادعاء زورا وبهتانا أن بعض الأمازيغ من اليمن لن يرفع من شأنهم, بل سيحط من شأنهم, فانتحال الأنساب وتزويرها ليس فضيلة مطلقا, وإن كنا قد نلتمس للمؤرخين والنسابين القدامى الأعذار في تصديقهم لأكاذيب بعض مؤرخي اليمن, فإنه اليوم, مع التطور العلمي والتكنولوجي الهائل فليس هناك أي عذر لمن ينتسب لقوم ليس منهم!!
قد يكون المؤرخون والنسابون القدامى معذورين في تصديهم لأسطورة إفريقش بن صيفي التي هي أكذوبة من نسج خيال بعض الدجالين, لكن أن يستميت بعض المؤرخين المعاصرين في الدفاع عن تلك الخرافة, فهذه مصيبة!!
ليس اليمنيين فقط الذين نسجوا أساطير حول شخصيات خرافية وهمية وصدقوها, إنما هذا الأمر يشمل كل أمم العالم. لكن مع التطور العلمي الحديث فقد ثبت زيف تلك الأساطير, لكن المصيبة أن البعض مازالوا يصرون على الترويج لخرافات تجاوزها الزمن!!
ما أثبتته البحوث العلمية الحديثة, هو أن السكان الاصليين لشمال إفريقيا هم الأمازيغ, وأول من استوطن المنطقة بعدهم هم الفينيقيين, ولم يثبت مطلقا أن جيشا يمنيا غزا شمال إفريقيا, إنما هذه خرافة, ودولة حمير قامت حوالي سنة 150 قبل الميلاد وانهارت سنة 525 للميلاد.
بالتالي شخصية إفريقش بن صيفي هي شخصية أسطورية وهمية, وبالتالي كذب مؤرخو اليمن لما قالوا أن الأمازيغ أو بعضهم (صنهاجة وكتامة) من أصول يمنية.
وأما الأسطورة الأخرى التي تقول أن صنهاجة جاءت إلى شمال إفريقيا بعد الفتوحات الإسلامية, فهي مضحكة, لأن صنهاجة موجودة في شمال إفريقيا قبل الفتوحات الإسلامية... والأسطورتان كما ترى متناقضتان وتدحضان بعضهما بعضا.
سبق لي أن رددت على هذه الأكاذيب بالتفصيل في الرد عدد 85:
https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...4&postcount=85
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اما عن حديثك ان الامازيغ لم يروى حديث شرف في فضائلهم فقد اخطأت يا اخي الكريم هنا فالشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني اورد في كتاب من كتبه هذه الاحاديث الشريفة الكريمة
1- وعن فضائل البربر من العجم ما بلغنى ان عائشة رضى الله عنها ، دخل عليها ذات مرة رجل من البربر وهى جالسة ومعها نفر من المهاجرين والانصار ، فقامت عائشة لوسادتها فطرحتها للبربرى دونهم ، فانسل القوم واجلين بذلك ، فلما قضى البربرى حاجته وخرج أرسلت إليهم عائشة ، حتى أجتمعو إليها ، فقالت لهم : ما الذي أوجب خروجكم على تلك الحال ؟ قالوا : لإيثارك علينا وعلى نفسك رجلا كنا نزدريه ، وننتقص قومه ، فقالت إنما فعلت ذلك لما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت اتعرفون فلانا البربري ؟ قالوا نعم ، قالت كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات مرة جالسين ، إذ دخل علينا ذلك البربرى مصفر الوجه غائر العينين ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ما دهاك ؟ أمرض ؟ فارقتنى بالأمس ظاهرالدم فجئتنني الساعة كأنما انتشرت من قبر.؟! ، فقال ، يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بت في هم شديد ، فقال ما همك ؟ قال : تردد بصرك في بالامس خفت ان يكون نزل في قرآن. فقال : [لا يحزنك ذلك ، فانما ترديدى البصرفيك لأن جبريل عليه السلام جاءنى ، فقال أوصيك بتقوى الله وبالبربر قلت: وأى البربر ؟ قال قوم هذا ، وأشار إليك فنظرت عليك ، فقلت لجبريل ما شأنهم ؟ قال : قوم يحيون دين الله بعد أن كاد يموت ويجددونه بعد أن يبلى ثم قال جبريل : يا محمد دين الله خلق من خلق الله نشأ بالحجاز وأهله بالمدينة ، خلقه ضعيفا ثم ينميه وينشئه، حتى يعلو ويعظم ، ويثمر كما تثمر الشجرة ثم يقع وإنما يقع رأسه بالمغرب ، والشئ إذا وقع لم يرفع من وسطه ، ولا من أسفله ، إنما يرفع من عند رأسه.]

2- وبلغنا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قدم عليه وفد من البربر ، من لواته أرسلهم إليه عمرو بن العاص وهم محلقو الرؤوس واللحى، فقال لهم عمر من أنتم قالوا من البربر من لواته ؟ فقال عمر لجلسائه : هل فيكم من يعرف هذه القبيلة في شئ من قبائل العرب والعجم ، قالوا : لا ، قال : العباس بن مرادس السلمي عندي منهم علم يا أمير المؤمنين، هؤلاء من ولد بنى قيس ، وكان لقيس عدة من الأولاد ، أحدهم يسمى بربر بن قيس ، وفى خلقه بعض الرعونة فقال : أخرق ذات مرة فخرج إلى البراري فكثر بها نسله وولده ، فكانت العرب تقول تبربروا أى كثروا فنظر إليه عمرو بن الخطاب رضى الله عنه فاستحضر ترجمانا يترجم كلامهم ، فقال لهم مالكم محلقوا الرؤوس واللحى؟ فقالوا شعر نبت في الكفر ، فأحببنا ان نبدله بشعر ينبت في الاسلام ، فقال هل لكم مدائن تسكنونها فقالوا : لا ، قال : فهل لكم حصون تتحصنون فيها ؟ قالوا : لا فقال : هل لكم اسواق تتبايعون فيها ؟ قالوا : لا ، قال : فبكى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فقال له جلساؤه وما يبكيك يا أمي المؤمنين ؟ قال عمر أبكاني قلة هذه العصابة من المسلمين ، واجتماع أمم الكفر عليها ، فان الله تعالى سيفتح للاسلام بابا من المغرب بقوم يعز بهم الاسلام ويذل بهم الكفر ، أهل خشية وبصائر يموتون على ما أبصروا ، وليست لهم مدائن يسكنون فيها ولا حصون يتحصنون فيها ، ولا أسواق يتبايعون فيها ، فلذلك بكيت الساعة . حين ذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذكر من الفضل عليهم فردهم إلى عمرو بن العاص وأمره ان يجعلهم في مقدمات العسكر ، وأحسن إليهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأكرمهم ، وأمر عمرو بن العاص أن يحسن إليهم ، فكانوا مع عمرو بن العاص حتى قتل عثمان ، فلما كان هذا الخبر في عصابة من أهل المغرب عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجونا أن يكونوا أئمتنا ومن اقتفى آثارهم وأن يكونوا أهل تلك الفضيلة .

3- وبلغنا عن بعض الخلفاء أن النبي قال : يا أهل مكة ويا أهل المدينة أوصيكم بالله وبالبربر خيرا ، فانهم سياتونكم بدين الله من المغرب بعد أن تضيعوه ، هم الذين ذكرهم الله في كتابه بقوله :" يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه ، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين . يجاهدون في سبيل الله...و الله واسع عليم ". لا ينظرون في حسب امرئ غير طاعة الله."
قال البكرى : فمن حين وقعت الفتنة انما نقاتل نحن العرب على الدينار والدرهم وأما البربر فانهم يقاتلون على دين الله ليقيموه قال : وهو يرفع الحديث إلى ابن مسعود رضى الله عنه أن آخر حجة حججنا قام خطيبا فقال : يا أهل مكة ويا أهل المدينة أوصيكم بتقوى الله وبالبربر فأنهم سيأتونكم بدين الله من المغرب ، وهم الذين يستبدل الله بكم اذ يقول :" وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم " والذى نفس ابن مسعود بيده لو ادركتهم كنت لهم أطوع من إمائهم ، وأقرب إليهم من دثارهم ، وبلغنا عن عائشة رضى الله عنها انها أبصرت صبيا له ذؤابتان ذا جمال وهيئة فقالت من أي قبيل هذا الصبى الشقي؟ قالوا من البربر ، قالت عائشة: " البربر يقرون الضيف ويضربون بالسيف ويلجمون الملوك لجام الخيل." .

اخي الكريم ما دخل التشيع في الابحاث التاريخية المطالع المنصف و الموضوعي يشهد لكثير من الباحثين المتشيعين بالنزاهة و المصداقية و التحقيق في الابحاث التاريخية لا ادل على ذلك من المؤرخ العراقي العظيم الدكتور جواد علي و هو ابن خلدون الثاني .
كلام المؤرخين و كلام الاخباريين ليس نفس الكلام فالمؤرخ ليس كالاخباري فالذي تكلم عنهم ابن حزم الاندلسي
من اهل التاريخ اليمنيين امثال ابن الحائك الهمداني و هشام بن محمد بن السائب الكلبي و عبيد بن شربة و وهب بن منبه لم يكونوا مؤرخين و انما كانوا رواة اخباريين نقلة لحكايات شعبية تاريخية فيها الغث و السمين امتزجت عبر التاريخ بالاساطير و الخرافات الشعبية و فيها شيئ من الحقيقة و الصدق

فهم لم يكذبوا و انما نقلوا روايات فيها كذب و اساطير و مبالغات من افواه الشيوخ و الحفاظ من اهل اليمن في ذلك العهد فالذنب ليس ذنبهم و انما الذنب العامة و الشعب في عهودهم الذين كانوا يحبون حكايات التسلية و التشويق و المبالغة في سرد الحوادث و الزيادة فيها .
كما ان جانب التسلية والتشويق كان مطلوبا للخلفاء والخواص وبنفس القدر للعوام فى عصر لم توجد فيه وسائط التسلية التى نعرفها الان من مسرح و إذاعة و سينما ودراما وألعاب .
وجوانب التسلية كانت أكثر فى تاريخ العرب في الجاهلية قبل الاسلام حيث انطلق العرب فى اللهو والمجون بلاحساب ؛ لا فارق ولا حرج بين صغير أو كبير.

وهكذا ففي بداية الحركة التاريخية لما قبل الاسلام فإن القائمين بها الذين كان اكثرهم من اهل اليمن كانوا أقرب للإخباريين القصّاصين منهم إلى المؤرخين .. فالمؤرخ هو الذي يتحرى الصدق في الرواية ويتثبت من الوقائع التي يذكرها ويجعل لها اسنادا يزعم فيه انه سمع الرواية من فلان عن فلان عن علان .. أما الإخباري فهو الذي يحكي ويقص دون نقد أو تمييز للصحيح أو المكذوب ودون اسناد . ولهذا فإن عنصر الخرافة واضح جلي فيما يورده الأخباريون من التاريخ الجاهلي ..
وقد زاد من الخرافة أنهم نقلوا الروايات الجاهلية بعد فترة كان فيها العرب المسلمون معرضين عن التاريخ الجاهلي حين انشغلوا بالإسلام والفتوح والفتن فظلت الروايات التاريخية الجاهلية حبيسة الصدور ومجهولة قد انقطعت الصلة بينها وبين الزمن الذي قيلت فيه ، فلما عاد الاهتمام إلى تلك الروايات في العصر الأموي بعد قرن من الانقطاع كان الاضطراب والخلط قد لحق بها وزادها بعدا عن الواقع ..ولا ضير فى ذلك لأن الهدف الكبر كان التسلية والتشويق ، ومعظم الحقائق التاريخية تخلو من التشويق ، كما ان معظم القصص والحكاوى تقوم على الابهار والتضخيم والتشويق .
وأهم الأخباريين المتخصصين في التاريخ الجاهلي القديم : عبيد بن شربه الجرهمي ووهب بن منبه وهشام الكلبي وأبو عبيدة معمر بن المثني وابن الحائك الهمداني .









قديم 2012-05-01, 15:22   رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1

فصول مختارة من موسوعة تاريخ العرب قبل الاسلام عن تاريخ الممالك اليمنية القديمة للمؤرخ العراقي العظيم الدكتور جواد علي رحمه الله


الفصل التاسع عشر : الدولة المعينية


تعدّ الدولة المعينية من أقدم الدول العربية التي بلغنا خبرها، وقد عاشت وازدهرت بين "1350 - 630 ق. م." تقريباً على رأي بعض العلماء. وقد بلغتنا أخبارها من الكتابات المدونة بالمسند و الكتب الكلاسيكية. أما المؤلفات العربية الإسلامية فلا علم لها بهذه الدولة. ولكنها عرفت اسم "معين" على إنه محفد من محافد اليمن وحصن ومدينة، وذكرت إنه هو و "براقش" من أبنية التبابعة.
وأقدم من ذكر المعينيين من الكتاب "الكلاسيكيين" "ديودورس الصقلي" و "سترابون" "سترابو"، وقد سمّاهم Minae=Meinaioi وقال: إن مدينتهم العظمى هي Carna=Karna، وذكر نقلاً عن كاتب أقدم منه هو "يراتوستينس" Eratosthenes، إن بلادهم شمال بلاد سبأ وشمال أرض "قتبان". و أما حضرموت، فتقع شرق بلاد معين. أما "ثيوفراستوس" Theophrastos فقد ذكر السبئيين والقتبانيين والحضارمة، وذكر أرضاً اخرى دعاها Mamali، ويرى، "أوليري" إنه قصد "معين" Menaioi=Minaea، وأن تحريفاً وقع في نسخ الكلمة، فصارت على الشكل المذكور، أي Mamali. وقد ذكرهم "بلينيوس" Pliny أيضاً، فأشار إلى إن بلادهم تقع على حدود أرض "حضرموت" Atramitae. وآخر من ذكرهم الجغرافي الشهير "بطلميوس".
ولم بتي حدث أحد من الغربيين بعد الجغرافي المذكور عن "معين"، حتى دخل السياح االأوروبيون بلاد العرب بعد نومٍ طويل، فبعث عندئذ اسم "معين"، وكان في مقدمة من نشر خبر هذا الشعب "يوسف هاليفي" Joseph Halevy و "أدورد كلاسر" Eduard Glaser و "أويتنك" Euthing و "جوسن" Jaussen و "ساوينه" Sasignac، وغيرهم ممن سترد أسماؤهم، حصلوا على نقوش معينية نشرت ترجمات بعضها، ونشر بعض آخر بغير ترجمة، ولا يزال بعض آخر ينتظر النشر.
وقد ظهرت هذه الدولة في الجوف، والجوف منطقة سهلة بين نجران وحضرموت، أرضها خصبة منطقة. وقد زارها السائح "نيبور" Niebuhar ووصفها. وذكر الهمداني جملة مواضع فيها، ولم يعرف شيئاً عن أصحابها.
ومن هذه: معين، ونشق: وبراقش، وكمنا وغيرها. وقد كانت عاصمة تلك الدولة "القرن" "قرن" "قرنو"، وهي: "قرنة" "قرنا" Carna=Karna عند بعض الكتبة الكلاسيكيين.
وقد حصل "هاليفي" على عدد كبير من الكتابات المعينية اكتشفها في أثناء سياحته في الجوف، دعيت ورقمت باسمه، حصل على الكتابات المرقمة برقم Halevy 187 حتى رقم Halevy 266 مجموعها ثمانون كتابة من خرائب "معين" وحصل على الكتابات المرقمة من رقم "424" حتى رقم "578" من "يثل"، ويبلغ مجموعها "155" كتابة، كما حصل على صور عدد آخر من الكتابات من "كمنا" ومن "السوداء". ويبلغ مجموع الكتابات المعينية التي استنسخها زهاء "750" كتابة، أغلبها قصيرة، وبعضها يتضمن بضع كلمات، ما خلا "50 - 60" كتابة تتألف من بضعة أسطر.
وزار الجوف بعد ذلك السيد محمل توفيق وقد ندبته "جامعة فؤاد الأول" الجامعة المصرية لدراسة هجرة الجراد الرحّال والكشف عن مناطق تولده، ودخله مرتين، المرة الأولى سنهّ "1944 م" والمرة الأخيرة سنة "1945 م"، وقد انتهز الفرصة فدرس سطح تلك المنطقة وخرائبها وآثارها، وأخذ صوراً "فوتوغرافية" لزخارف وكتابات، نشرها في البحث الذي نشره له "المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة"، وذلك سنة "195 م" بعنوان: "آثار معين في جوف اليمن".
ورحل "الدكتور أحمد فخري" الأمين بالمتحف المصري، إلى اليمن، وزار سبأ والجوف في مايس سنة "1947 م.
وليس في كل بلاد العرب على حد قول "هاليقي"، مكان ينافس الجوف في كثرة ما فيه من آثار وخرائب عادية. ولذلك، فان الباحثين عن القديم يرون فيه أملاً عظيماً وكنزاً ثميناً، وقد يكشف لهم عن صفحات مطوية من تأريخ تلك البلاد وربما ي كشف عن تأريخ بلاد أخرى كانت لها صلات وعلاقات باليمن. وفيه مدن مهمة، كان لها شأن وصيه في تأريخ العالم القديم، كالمدن التي مر ذكرها، وكمدينة "مأرب" عاصمة سبأ، التي بلغ صيتها اليونان والرومان.
والجوف أرض خصبة ذات مياه، تسقيه مياه "الخارد"، الذي يبلغ عرضه مترين وعمقه متراً، كما تتساقط عليه الأمطار، فتروي أرضه، وتكوّن سيولاً تسيل في أوديته، ويبلغ ارتفاعه "1100" فوق سطح البحر، وتحيط به الجبال من ثلاث جهات، ونطراً لوجود مزايا كثيرة فيه تساعد على تكوّن الحضارة فبه، لذلك صار مخزناً للحضارة القديمة في اليمن، وموقعاً يغري علماء الآثار يقصدونه للبحث في تربته عما كان فيها من أسرار وآثار. وسيكون من الأماكن المهمة في اليمن في الزراعة وفي التعدين بعد تطور اليمن ودخول الأساليب العلمية الحديثة إلى تلك الأرجاء.
وقد أمدتنا الكتابات التي عثر عليها في الجوف وفي "ديدان"، التي كانت مستوطنة معينية في طريق البلقاء من ناحية الحجاز، والكتابات المعينية التي عثر عليها في مصر في "الجيزة"، والكتابات المعينية الأخرى التي عثر عليها في جزيرة "ديلوس" Delos من جزر اليونان، والتي يعود عهدها إلى القرن الثاني قبل الميلاد، بأكثر معارفنا التي يعود عهدها هنا، ومنها استخرجنا في الأغلب أسماء ملوك معين. ولولاها لكانت معارفنا عن المعينيين قليلة جداً. ويرى جماعة من العلماء إن "ماعون" "معون" Maon أو "معونم" "معينيم" Me'inim=Me'unim الواردة في التوراة إنما يقصد بها "المعينيون"، وهم سكان "النقب" إلى طور سيناء، أو هم سكان "معان" الواقعة إلى الجنوب الشرقي من "البتراء" Petra، أو هم أهل "العلا" "الديدان". وقد ذكروا في موضع من التوراة في جملة سكان "النقب" Negev، وذكروا في موضع آخر مع قبائل من العرب.
وليس بين الباحثين في تأريخ المعينين اتفاق على تأريخ مبدأ هذه الدولة ولا منتهاه، ف "كلاسر" مثلاً يرى إن الأبجدية التي استعملها المعينيون في كتاباتهم ترجع إلى الألف الثانية أو الألف الثالثة قبل الميلاد، وهذا يعني إن تأريخ هذا الشعب يرجع إلى ما قبل هذا العهد، فالمعينيون على هذا هم أقدم عهداً من العبرانيين. ويعارض هذا الرأي "هاليقي" و "ميلر" D.H. Muller و "موردتمن" Mordtmann و "ماير" E. Meyer و "شبرنكر" Sprenger و "ليدزبارسكي" Lidzbarski وغيرهم. ويرون إن نظرية "كلاسر" هذه مبالِغة، وأن مبدأ هذه الدولة لا يتجاوز الألف الأولى قبل المسيح بكثير. ويرى "هومل" Hommel إن من الممكن إن يكون بدأ تأريخ دولة "معين" ما بين "1500 - 1200 ق. م." ونهاية حكومتها في عام "705 ق. م.". وجعل "فلبي" مبدأ حكم أول ملك من ملوكها في عام 1120 ق. م. وحكم آخر ملك نعرفه من ملوكها في عام 630 ق. م.
ويعارض "ونت" Winnett رأي "كلاسر" و "نكلر" و "هومل" في تقدير مبدأ تأريخ دولة معين، ويرى إن في ذلك التأريخ مبالغة، وأن "شبا" أي "سبأ" وكذلك "ددان" "ديدان"، أقدم الدول العربية مستدلاً على ذلك بما ورد في التوراة من قدم "شبا". ويرى إن مبدأ دولة "معين" لا يمكن إن يتجاوز عام "500ق. م."، و أما نهايتها، فقد كانت بين عام "24 ق. م." وعام "50ب. م.".
وبعض معارضو نظرية "كلاسر" عن قدم الدولة المعينية إن هذه النظرية لا تستقيم مع ما هو معروف بين العلماء عن تأريخ ظهور "الألفباء" عند البشر، فإن إرجاع تأريخ معين إلى الألف الثانية أو الألف الثالثة قبل الميلاد معناه إرجاع "المسند" إلى أقدم من ذلك، وهذا يتعارض مع النظريات الشائعة عن قدم الخط عند البشر، فان الخط "الفينيقي" لا يتجاوز عهده ألف سنة قبل الميلاد وليس "المسند" كما يظهر من أشكاله وصوره الهندسية أقدم عهداً منه.واستند "هوارت" إلى هذه الحجة أيضاً في معارضه رأي من يرجع تأريخ معين إلى سنة 1500 قبل الميلاد. وبرى "أوليري" هذا الرأي أيضاً، ويرى أيضاً إن كتابات المسند كافة معينية أو سبئية، لا تتجاوز البتة السنة 700 قبل الميلاد، وذلك لأن هذا القلم قد أخذ من القلم "الفينيقي"، وهذا لا يمكن إن يطاوله، وأن يرجع في تأريخه إلى أكثر من القرن الثامن قبل الميلاد.
وقد ثبت "ملاكر" في كتابه في تأريخ التشريع والتوريخ عند العرب الجنوبيين مبدأ قيام دولة معين بسنة "725" قبل الميلاد، وسقوطها بالقرن الثالث قيل الميلاد.
وتناول "البرايت" موضوع ترتيب حكام معين بالبحث، وذلك في النشرة التي تصدرها المدارس الأمريكية للبحوث الشرقية. وهو يختلف أيضاً مع المتقدمين في موضوع تواريخ أولئك الحكام،ويحاول جهد الإمكان الاستفادة من الدراسات الأثارية للكتابات وللآثار التي. يعثر كليها في تقدير حكم المكربين والملوك. وقد ذهب في أحد أبحاثه عن "معين" إلى تقسيم ملوك دولة معين إلى ثلاث مجموعات جعل الملك "اليفع يثع" وهو ابن الملك "صدق ايل" ملك حضرموت على راس هذه المجموعات، وجعل حكمه في حوالي السنة " 400 ق. م." وجعل نهاية هذه الدولة فيما بين السنة "50" والسنة "25 ق. م.".
وهو يرى إن التاريخ الذي وضعه لمبدأ قيام حكومة معين ولنهايتها وسقوطها، هو تأريخ في رأيه مضبوط، لا يتطرق إليه الشك، غير إنه يرى إن ما ذكره عن رجال المجوعات الثلاث يحتمل إعادة النظر فيه، ولا سيما المجموعة الأولى حث يمكن إجراء بعض التغير فيها.
وذكر "البرايت" في.وضع آخر إنه يرى إن قيام مملكة معين كان قبل السنة "350 ق. م."، وقد استمر حكمها إلى ما بعد السنة "50ق. م." أو السنة "100 ق. م.".
وذهب آخرون إلى إن نهاية مملكة معين كانت في حوالي السنة المئة بعد الميلاد. وهكذا في الباحثين في العربيات الجنوبية مختلفين في بداية الدولة وفي نهايتها، ويلاحظ إن القدماء منهم كانوا يرفعون مبدأ الدولة ونهايتها عن الميلاد، أي يبعدون المبدأ والنهاية عنه، أما المتأخرون فهم على العكس، لا يذهبون مذهبهم في البعد عن الميلاد، ويخاولون جهدهم جعل نهاية المملكة في حوالي الميلاد. وما زال الجدل بين علماء العربيات الجنوبية في تقدير عمر الدولة المعينية مستمراً. فهناك صعوبات تعترض نظرية من يقول إن الدولة المعينية سقطت قبل الميلاد بمئات من السنين في أيدي حكام سبأ، والقائلون بها "كلاسر" وأتباعه. وقد رأى "كلاسر" أيضاً إن المعينيين قد تضاءل أمرهم وضعفوا كل الضعف وغلبت عليهم البداوة في نهاية القرن الأول قيل الميلاد، على حين إن الموارد الكلاسيكية ومنها مؤلفات "سترابو" و "بلينيوس" و "ديودورس الصقلي" تعارض هذا الرأي بإشارتها إلى المعينيين وإلى تجارتهم، بل تجد إن "بطلميوس" الذي هو من رجال القرن الثاني للميلاد يقول فيهم " إنهم شعب عظيم". ثم إن الكتابات المعينية التي عثر عليها في الجيزة يمصر، تؤيد هذا الرأي أيضاً، إذ نشير إلى اشتغالهم في التجارة، تجارة استيراد البخور للمعابد المصرية، في القرن الثالث أو الثاني بعد الميلاد. ومن هنا قال "أوليري" وغيره إن المعينيين بقوا نشطن عاملين إلى ما بعد الميلاد، وربما كان ذهاب حكمهم في أيام "البطالمة" أو في أيام الرومان، ومهما يكن من أمر فليس في الإمكان البت في تعيين ذلك العهد.
والذين يقولون بتقدم دولة معين على سبأ، ويرون إن حكام "سبأ" من دور "المكربين"، أي دور الملوك الكهنة هم الذين قضوا على حكم دولة معين فانتزعوا الحكم من ملوك معين، وأخضعوا المعين بين إلى حكم سبأ. غير إننا لا نعرف في ف تم ذلك، ومن هو الملك المعيني الذي تغلب عليه السبئيون.
ولا يمكن تقريب وجهة الخلاف هذه إلا بالاستعانة بالحفريات العلمية العميقة المنظمة، وبما سيستخرج من جوف الأرض من آثار وكتابات، ودراستها دراسات علمية متنوعة. دراستها من ناحية تطور الخط Paleography وأسلوبه، ومقارنته بالخطوط الأخرى التي عثر عليها في جزيرة العرب وفي خارجها، لمعرفة عمرها، ودراستها من ناحية تحليلها قليلاً مختبرياً لمعرفة زمانها ووقت نشوئها، حيث يمكن التوصل بهذا التحليل إلى نتائج يكون مجال الشك والجدل غير كبير Radiocarbon، ودراستها من ناحية علم الآثار، إلى غير ذلل من طرق توصل إلى نتائج إيجابية أو قريبة من حدود الإيجاب.
ملوك معين
وقد حصل قراءة الكتابات المعينية على أسماء ملوك حكموا دولة معين، أحصوها وجمعوها، وحاولوا الاستفادة منها بتنسيقها و تبويبها لتكوين قائمة منظمة مرتبة بمن حكم عش تلك الدولة حكماً زمنياً متسلسلاً بقدر الإمكان. غير إنهم لقوا صعوبات كبيرة حالت بينهم وبين الاتفاق على وضع قائمة موحدة متفقة. فذهبوا في ذلك جملة مذاهب، ووضعوا تواريخ متباينة مختلفة، وكيف يمكن الاتفاق وقد ذكرت إنهم مختلفون اختلافاً كبيراً من حيث تعيين مبدأ ظهور تلك الدولة، وأنهم مختلفون أيضاً في تأريخ سقوطها وفي الدولة التي أسقطتها. يضاف إلى ذلك إن الكتابات المعينية عفا الله عنها، لم ترد مؤرخة على وفق تقويم من التقاويم، ولم تتحدث عن حكم أي ملك من أولئك الملوك ولم تذكر ترتيبهم في الحكم، وهي أكثرها في أمور شخصية لا علاقة لها بسياسة ولا بدولة و ملوك. فليمس من الممكن إذن اتفاق الباحثين على وضع قوائم صحيحة لملوك معين، ولا لمدد حكمهم ما دام الوضع على هذا الحال والمنوال، والرأي عندي هو أن ذلك لن يتم، ما تُجْرَ حفريات علمية عميقة في مواضع المعينيين في اليمن وخارج اليمن، تمكننا من الحصول على كتابات جديدة لها صلة ب سياسة الحكومة وبأخبار الملوك وبعلاقاتهم مع الدول الأجنبية. فإذا تم ذلك أمكن وضع مثل هذه القوائم مستعينين بهذه الكتابات وبالكتابات الأجنبية التي قد تشير إلى ملوك معين وبأمثال هذه الدراسات نطمئن إلى هذه القوائم، ونستطيع اعتبارها ذات قيمة في تثبيت الحوادث وتواريخ حكومة معين.
والملوك الذين وردت أسماؤهم في الكتابات المعينية، ليسوا هم كل ملوك معين، بل هم جمهرة منهم. ولا استبعد احتمال حصول المنقبين في المستقبل على عدد آخر من أسماء ملوك جدد لا نعرف من أمرهم اليوم شيئاً، قد يزيد عددهم على هذا العدد المعروف. وقد يبلغ أضعافه. فتصبح القوائم الموضوعة التي رتبها علماء.اليوم غير ذات خطر بالنسبة للقوائم الجديدة، وسيتغير في ما كل شيء من أسماء ملوك، ومن أرقام مدد حكم وتواريخ.
ومع ذلك فأنا لا أريد إن اكون جدلياً سوفسطائياً، سلبيا غير بناّء،وسأجاري الحال فأعرض على القارئ نتائج جهود أولئك العلماء في وضع قوائمهم بأسماء ملوك معين، فأقول: جعل "هومل" من أسماء ملوك معينة التي عرفها ثلاث طبقات، كل طبقة تتألف من أربعة ملوك، وطبقة أخرى تتألف من ملكين. ورتب "كليمان هوار"، هؤلاء الملوك سبع طبقات، الطبقة الأولى، تتألف من أربعة ملوك، والطبقة الثانية من خمسة، والطبقة الثالثة من أربعة، والرابعة من اثنين، والخامسة من ثلاثة، وأما الطبقتان السادسة والسابعة فتتألف كل واحدة منها من ملكين. ويبلغ مجموع ملوك هذه الطبقات السبع اثنين وعشرين ملكاً. وينقصن هذا العدد أربعة ملوك عن قائمة "مولر" الذي حقق هوية ستة وعشرين ملكاً. وقد رتب "أوتوويبر" و "موردتمن" أولئك الملوك في طبقات أيضاً أما "فلبي"، فقد ذكر اثنين وعشرين ملكاً، نظمهم خمس سلالات، وجعل على رأس السلالة الأولى "اليفع وقه"، وفي آخر السلالة الخامسة الملك "تبع كرب" الذي حكم على رأيه من سنة 650 إلى سنة 630 ق. م.
وعند "هومل" إن السلالة التي في أولها الملك "اليفع وقه"، هي اقدم اسر ملوك معين. وأما "مورد تمن"، فيقدم الأسرة التي جعل على رأسها الملك "يثع ايل صديق". وشد فعل ذلك "كليمان هوار" أيضاً أما "ونست"، فيرى إن الأسرة التي فيها "أب يدع يثع" هي أقسم عهداً من الأسرتين. والخلاصة إن هذه الأسر أو السلالات لا تعني إنها كل الأسر التي حكمت "معيناً" أو إن الأسرة الأولى منها هي أول أسرة حكمت ذلك الشعب فقد يكون هنالك عدد آخر من الأسر والملوك حكموا قبلها سنن كثيرة ربما بلغت قروناً.
ويرى "البرايت" إن ملوك حضرموت كانوا هم الذين أسسوا مملكة معين، أسسوها في حوالي السنة "400 ق. م." أو بعد ذلك بقيل. ويرى إن أول ملك من ملوكها كان الملك "اليفع يثع"، وكان ابناً للملك "صدق ايل" ملك حضرموت. ويرى من عدم وصول كتابات سبئية ما بين السنة "350" والسنة "100" قبل الميلاد، أي إن السبئين كانوا في خلال هذه المدة أتباعاً لحكومة معين.
فأول ملك من ملوك "معين" إذن على رأي "البرايت"، هو الملك "اليفع يثع" 0أما "هومل"، فجعل "اليفع وقه" أقدم ملك معيني وصل خبره إلينا، وقد جاراه في رأيه هذا "فلبي" وآخرون. وهناك كما قلت قبل قليل من قدم ملكاً آخر على هذين الملكين.
وقد ورد اسم الملك "اليفع وقه" في كتابة عثر عليها في موضع "السوداء"، وهو مكان مدينة "نشن" "نشان" القديمة في الكتابات المعينة، ورد فيها: إن الملك "اليفع وقه" ملك معين، وشعب معن، قدما بأيديهم إلى معبد الإلهَ "عم" ب "راب" "رأب" من "ذي نيط" نذوراً وهه ايا وقرابين، تقرباً إليه. وقد تسلم ال "رشو"، أي "كاهن" المعبد والقيم عليه تلك الهدايا، وتقبلها باسم المعبد. ولم تذكر الداعية التي دعت الملك وشعبه إلى تقديم تلك النذور والقرابين إلى الإلَه "عم" رب "رأب"، ولعلها كانت مذكورة في المواضع التي أصيبت بتلف في الكتابة.
و ورد اسم هذا الملك في كتابة أخرى عثر عليها في "براقش"، وهي مدينة "يثل" من مدن معين، دونت عند بناء بناية في عهده، فذكر هو وابنه "وقه آل صدق" "وقه ايل صديق" فيها، تيمناً باسمها و تثبيتاً لتأريخ البناء.
وعثر على اسم الملك "وقه آل صدق" "وقه ايل صديق" ابن الملك "اليفع وقه" في كتابة وجدت في "قرنو" "قرن" "القرن".
أما الذي حكم بعد "وقه ايل صدق" "وقه ايل صديق"، فهو ابنه الملك "اب كرب يشع" "أبكرب يشع". وهو في نظر "البرايت" مثل والده و "اليفع وقه" من رجال المجموعة الثانية من مجموعات ملوك معين. وقد حكم - على حسب رأيه - في حوالي السنة "150" قبل الميلاد.
وجاء اسم الملك "ايكرب يثع" "اب كرب يثع" في كتابة عثر عليها في "العلا"، أي في "الديدان" وتعود لذلك إلى المعينيين الشماليين، وصاحبها رجل من "آل غريت" "غرية"، كتبها عند شرائه مُلكاً من شخص اسمه "اوس بن حيو" "اوس بن حي". وتيمناً بذلك قدم نذوراً إلى الإلهَ "نكرح" وآلهة معين، وجعل الملك في رعايتها وحمايتها لتقيه أعين الحسّاد كل من محاول الاعتداء عليه. ودعا آلهة معين إن تنزل نقمتها على كل من يحاول رفع. تلك الكتابة، أو يتلفها، أو يلحق بها أذى، وقد تيمن باسم تلك الآلهة، وذكر بهذه المناسبة اسم الملك "ايكرب يثع"،وذكر بعده اسم "وقه آل صدق" "وقه ايل صديق". وقد وجد فراغ بين الاسمين،بسبب تلف أصاب الكتابة رأى ناشر الكتابة إنه واو العطف، فصيّر الجملة على هذا النحو: "ابكرب يثع ملك معن ووقه آل صدق"، "أبكرب يثع ملك معين ووقه ايل صديق"، وعندي إن هذا الفراغ يمثل حرفين، هما "بن"، أي "ابن" فتكون الجملة: "ابكرب يثع معن بن وقه آل صدق"، "أيكرب يثع ملك معن ابن وقه ايل" وبذلك ينسجم المعنى، إذ إن "وقه آل صدق"، هو والد "أيكرب يثع" فاذا ذكر اسم الأب بعد لفظة "ابن"، انسجم المعنى. أما إذا وضعنا حرف العطف "الواو"، بين الاسمين، نكون قد قدمنا اسم الابن على اسم الأب، وفي ذلك نوع من سوء الأدب، أو دلالة على إن الابن هو الملك الحقيقي، وان والده لم يكن شيئاً يومئذ، أو كان ملكاً بالاسم فقط. على إنه حتى في هذه الأحوال والاحتمالات، لا يوضع اسم الأب بعد اسم الابن.
وقد أرخت الكتابة بأيام تولي "اوس" من "آل شعب" منصب "كبير" تلك المنطقة التي كان يقيم فيها صاحب تلك الكتابة.
وعثر على كتابة في مدينة "يثل" "براقش"، وجاء فيها اسم ملك يدعى "عم يثع نبط" "عميثع نبط" "عمى يثع نبط". وهو ابن الملك "ابكرب يثع" المذكور.
وقد ورد اسم الملك: "عم يثع نبط بن ابكرب" "عميثع نبط بن أبكرب" في كتابة دونت لمناسبة حبس أرض لآلهة معين، لتكون وقفاً على معبد الإلَه "عثتر شرقن"، أي "عثتر الشارق" بمدينة "يثل".
أما "البرايت"، فقد وضع اسم "عم يثع نبط" في المجموعة الأولى من مجموعاته الثلاث التي كونها لملوك معين. وقد جعل حكمه في حوالي السنة "300 ق. م.". وذكر إنه رجل اسمه "اب كرب" "أيكرب". وقد أشار إلى إن "اب كرب" هذا هو غير "اب كرب يثع" الذي هو ابن الملك "وقه ايل صدق"، الذي كان "حكمه - على رأيه - في أواخر القرن الثاني لما قبل الميلاد.
ويرى "فلبي" وجود فترة قدّرها بنحو عشرين سنة، لا يدري من حكم فيها بعد "عم يثع نبط"، وقد كانت في حوالي السنة "1040 ق. م."، وقد انتهت في حوالي السنة "1020 ق. م." بتولي الملك "صدق ايل" عرش معين. وهو ملك من ملوك حضرموت. فيكون بذلك قد جمع في شخصه بين عرش حضرموت وعرش معين، ثم انتقل العرش إلى "اليفع يثع"، وهو ابنه، وقد حكم - على رأي "فلبي" - في حوالي السنة "1000 ق. م.". وكان له شقيق اسمه "شهر علن" "شهر علان"، انفرد بحكم حضرموت. وبذلك انفصل عرش حضرموت عن عرش معين.
وبين تقدير "فلبي" هذا لحكم "صدق ايل" ولحكم ابنه "اليفع يثع" وتقدير "البرايت" الذي جعل حكم "صدق ايل" في حوالي السنة "400 ق. م." فرق كبير. كذلك نجد بين ترتيب "فلي" وترتيب "البرايت" للملوك فرقاً كبيراً. ف "اليفع يثع" وهو ابن "صدق ايل" هو أول ملك ملك عرش معين على رأي "البرايت"، على حين أخره "فلبي" على نحو ما رأيت، إلا انهما يتفقان في إن "صدق ايل" والد "اليفع يثع" كان ملكاً على حضرموت. ثم يعودان فيختلفان أيضاً، ذلك إن "فلبي" جعله ملكاً على حضرموت ومعين، أما "البرايت" فلم يدخلل اسمه في قائمته لملوك حضرموت.
وحكم بعد "اليفع يثع" ابنه "حفن ذرح" وكان حكمه في حوالي السنة "980 ق. م." على تقدير "فلبي". وكان له شقيق اسمه "معدكرب" "معد يكرب"، ولي عرش حضرموت. ولم يذكر "البرايت" اسم هذا الملك في قائمته لملوك معين.
وقد ذكر "فلبي" إنه كان لي "حفن ذرح" شقيق، اسمه "معد كرب" "معد يكرب"، ولي عرش حضرموت.
أما الذي ولي عرش "معين" بعد "حفن ذرح"، فهو "اليفع ريم" "اليفع ريام". وقد حكم في حوالي السنة "965 ق. م." على تقدير "فلبي" وهو ابن "اليفع يثع". وقد حكم حضرموت أيضاً، وذلك لأن ولد "معد يكرب" لم يحكموا عرش حضرموت.
ثم انتقل حكم معين إلى "هوف عث" "هوفعشت" "هو عشت" من بعد "اليفع ربام"، وهو ابنه. وقد ولى الحكم سنة "950 ق. م." - على رأي "فلبي" - ودون ذلك بمئات من السنين على رأي "البرايت".
وانتقل العرش إلى "أب يدع يشع" "أبيدع يشع" بعد "عوف عثت" وقد كان حكمه في حوالي السنة "935" قبل الميلاد أما "البرايت" فيرى إن زمان حكمه كان في حوالي السنة "343" قبل الميلاد. وهو ابن "اليفع ريمام".
وجاء في الكتابة المرقمة برقم: Glaser 1150 و Halevy 192 وهي كتابة تتألف من جملة أسطر ومصدرها مدينة معين، اسم الملك "اب يدع يثع" ورد لمناسبة قيام جماعة من أشراف مدينة "قرنو" "قرن" "القرن" بإصلاح خنادق هذه المدينة وترميم أسوارها وإنشاء محلة جديدة فيها. وصاحب هذه الكتابة والآمر بتدوينها، هو "علمن بن عم كرب" من أسرة "ذي حذار" "ذي حذأر"، أي "آل حذار" ورئيس "كبأن" "جبأن" وصديق ومكتسب عطف ومودة "موددت" ملك معين "اب يدع يثع"، و والد عدد من الأولاد ساعدوه في هذا العمل، هم "ياوس آل" "ياوس ايل" "يأوس ايل"، و "يذكر آل" "يذكر ايل"، و "سعد آل" "سعد ايل" و"هب آل" "وهب ايل"، و "يسمع ايل" "يسمع آل". وقد قاموا بهذا العمل تقرباً إلى آلهة معين: "عثتر ذ قبضم" "عثتر ذو قبض". و "ودّ" و "نكرح" و إلى ملك معين. وقد جرى العمل في ربع "ربعن" المدينة، المسمى "رمشو" "رمش"، وقد امتد إلى موضع "شلوث". وبعد الانتهاء من هذا العمل ذبحت القرابين على عادتهم للآلهة "عثتر" "رب" "قبض" "عثتر ذ قبضم" و "ود". وذكرت الكتابة تفاصيل الأعمال التي تمت ومواضعها ومقدارها وغير ذلك مما يذكر عادة في وثائق البناء.
وهناك كتابة أخرى عثر عليها في "قرنو"، وهي الكتابة التي أشير إليها بعلامة Halevy 193، ورد فيها اسم الملك "اب يدع يبع"، وهي من الكتابات المهمة التي تشير إلى الصلات السياسية التي كانت في هذا العهد بين مملكة معين ومملكة حضرموت. وقد جاء فيها إن "معد يكرب" ملك حضرموت وقف حصن "خرف" للإله "عثتر ذ قبضم"، وقد بنى ذلك الحصن "شهر علن بن صدق آل" ملك "حضرموت" ونذره للإله "عثتر ذ قبضم" و "عثتر شرقن" و "ود" و "نكرح"، وقدمه إلى ابن أخيه "اب يدع يثع" ملك )معين(، و شعب معين.
وورد اسم الملك "معد يكرب بن اليفع يثع" في الكتابة الموسومة ب: Halevy، وهي من الكتابات التي عثر عليها في خرائب مدينة "يثل"، و تتحدث عن إنشاء بناء في مدينة "وكل"، كما ورد اسم الملك "اب يدع يثع" واسم "معد يكرب بن اليفع" في كتابة أخرى عثر عليها في "يثل" أيضاً. وورد اسم "اب يدع يثع" في ثلاث كتابات أخرى. وورد في اثنين منها اسم ابنه "وقه آل ريم" "وقه ايل ريام" معه.
وتشير هذه الكتابات إلى إن "معد يكرب بن اليفع يثع"، أي ابن أخي "أب يثع بن اليفع ريام" كان معاصراً ل "اب يدع" وان الصلات بين ابني الشقيقين كانت وثيقة وحسنة. وهي كتابات تفيد المؤرخ بالطبع كثيراً في محاولاته لوضع قائمة بأسماء ملوك حضرموت وملوك معين، إذ إنها جعلتنا نتفق في إن حكمي الملكين كانا في زمن واحد تقريباً، ومكّنتنا.ذلك من تثبيت أسماء بقية أسرتيها على هذا الأساس بحيث لا يبقى هنا موضع للجدل في موضع ترتيب أسماء رجال هذه الأسرة الحاكمة في حضرموت وفي معين.
ومن الكتابات المعينية المهمة، كتابة رقمت برقم Glaser 1115=Halevy 535، Halevy 578، ترجع أيامها إلى أيام الملك "اب يدع يثع". وهي تتحدث عن حرب وقعت بين "ذيمنت" و "ذ شامت"، أي بين الجنوب والشمال، ولا يعرف مقصود الكتابة من الجنوب ومن الشمال على وجه أكيد. وقد ذهب "ونكلر" إلى إن المراد ب "الجنوب" حكومة معين، وان المقصود من الشمال حكومة عربية، هي حكومة "أريبى" التي كان يمتد سلطانها على زعمه، إذ ذاك إلى ارض دمشق. وقد دونت هذه الكتابة لمناسبة نجاة قافلة كبيرة ضخمة من غزو تعرضت له بين موضع "معن" أي "معين" على قراءة، أو موضع "ماون" "ماوان" على قراءة أخرى: وبين موضع "ركمت" "ركمات". و إذا صح إن الموضع الأول المذكور هنا هو "معن"، فبكون الهجوم على القافلة المذكورة قد و.قع ف!ما بين "مص ين" العاصمة وموضع "رممت". و إذا كان الموضع "مون" أو "ماوان"، يكون الهجوم قد وقع عليها في المنطقة التي بين "مون" "ماوان" و "ركمت".
ولا نعلم من أمر "مون" "ماوان" شيئاً على وجه التأكيد، وقد ذكر "ياقوت الحموي" اسم موضع دعاه "ماوان"، قال عنه: "واد فيه ماء بين النقرة والزبدة، فغلب عليه الماء، فسمي بذالك الماء ماوان.
وقد أمر بتدوين هذه الكتابة "عم صدق" "عميصدق" "عم يصدق"، "عم صديق" ابن "حم عثت"، "ذو يفعن" و "سعد بن ولك" "ذو ضفكن"، و كانا "كبر" كبيرين على "مصر" وعلى "معن مصون" "معين مصران". وقد أمر بتدوينها، شكراً لآلهة معين: "عثتر ذو قبض" و "ود" و "نكرح"، لأنها نجت القافلة وأنقذتها من الوقوع في أيدي الغزاة، كما قاما بتزيين معبد "تنعم"، وذلك في عهد ملك "معين" "أب يدع يثع". وقد ورد في الكتابة ذكر حرب وقعت بين "مذى" و "مصر" في وسط "مصر". وقد!شكر الآلهة على إن سلمت أموال المعينيين في هذه المنطقة أيضاً، وحفظت أرواح رجال القافلة وشملتها برحمتها وحمايتها إلى إن أبلغتها حدود مدينتهم "قرنو"، شكراً وتسبيحاً بحمد "عثتر شرقن" "عثتر الشارق" و "عثتر ذو قبض" و "ود" و "نكرح" و "عثتر ذي يهرق" "وذات نشق" كل آلهة معين، و "يثل"، وملك معين "أب يدع يثع" و بابني "معد يكرب بن اليفع"، وشعبي معينو يثل.
ولم يرد في الكتابة ذكر الجهة التي كانت تقصدها هذه القافلة، أكانت متجهة من معين نحو الشمال، أي من اليمن نحو بلاد الشام، أم كان اتجاهها على العكس من "معين مصران" نحو الجنوب قاصدة اليمن، ولكن القرائن تدل إنها كانت راجعة عائدة أي متجهة نحو اليمن، نحو العاصمة "قرنو"، وقد تعرضت لأخطار كثيرة بسبب الحرب المذكورة وبسبب الغزو الذي تعرضت له، وهي في طريها إلى وطنها.
وقد كانت مثل هذه القوافل هدفاً ممتازاً للقبائل والعشائر وقطاع للطرق، لما تحمله من أموال. وهي وان أمنت على نفسها باتفاقات تعقدها الحكومات ويعقدها أصحاب الأموال مع سادات القبائل الذين تمر الطرق من مناطق نفوذهم، إلا إن مثل هذه الاتفاقات لم تكن كافية لحماية الأموال المغرية التي تحملها الجمال من طمع الطامعين فيها. وقد يقع الاعتداء من قبائل أخرى معادية لسادات القبائل الذين يحمون تلك الطرق. ولهذا كانت أموال التجار معرضة دائماً للأخطار، وعلى التجار أيضاً زيادة أسعار أموالهم، بسبب الضرائب المستمرة التي يدفعونها لسادات الطرق، وبسبب الزيادات التي يفرضونها في إتاواتهم هذه، وإلا تعرضت القوافل للسلب والنهب. ولهذا لا غرابة إن نذر التجار لآلهتهم وحمدوها وسبحوا بأسمائها عند عودتهم سالمين من تجارتهم، أو عادت قوافلهم سالمة، فيوم العودة هو في الواقع يوم فرح وعيد.
واختلف الباحثون في تعيين الحرب التي نشبت في وسط مصر بين "مذى" و "مصر" اختلفوا في تعيين زمن وقوعها كما اختلفوا في تثبيت هوية المتحاربين. فذهب بعضهم إلى إن المراد من "مذى" "الماذيين"، ويراد بهم "الماديون" "الميديون"، وهم طبقة من طبقات الايرانيين، ورأوا إن المعينيين كانوا قد أطلقوا "مذى" علهم محاكاة لبني إرم، وكانوا على اتصال وثيق بهم. ولهذا دعوا ب "مذى" في هذه الكتابة. ومن بني إرم تعلم المسلمون نسبة "الماذيين" "الميذيين"، فقالوا إنهم من نسل "ماذي بن يافت بن نوح". وقد ذكر الطبري اسم "كيرش الماذوي".ف "مذى" و "ماذي" اذن بمعنى "مادي" و "ميديا" Media. و "ماذي" هو "مادي" الابن الثالث ليافت في التوراة ومن نسله تسلسل الماديون.
وذهب "فلي" إلى إن "مذي" هم "المدينيون"، أهل مدين "المديانيين" الذين عرفوا بتحرشهم بالعبرانيين. وهم سكان ارض "مديان" "مدين"، وهي أرض واسعة تمتد من خليج العقبة إلى موآب وطور سيناء. ويرى إن الحرب المذكورة قد وقعت بينهم وبين أهل "معن مصرن" أي "معين المصرية". وراى "هومل" إن "مذي" هم جماعة من بدو طور سيناء.
ونجد "فلبي" نفسه، يخالف نفسه في مناسبات أخرى، فقد ذهب مرة إلى إن "مذي" هم جماعة عرفوا به "مذوي" Madhoy أو Maroe أو Maziou، وبين هؤلاء وبين "مصر" وقعت تلك الحرب.
و اختلفوا في زمن وقوع تلك الحرب، فذهب "ونت" إلى إن الحرب المذكورة في هذا النص، حرب "مذي" و "مصر" هي الحرب التي وقعت بين "الميديين" والمصريين في سنة "343 ق. م.". وقد استولى فيها "أرتحشتا أوخوس" "أرطخشت أوخوس" Artaxerxes Ochus على مصر. وإلى هذا الرأي ذهب "البرايت" Albright كذلك أما "ملاكر" K. Mlaker إن هذه الحرب، هي الحرب التي وقعت في حوالي سنة "525ق. م." فادت إلى فتح "قمبيز" "كمبيس" Cambyses لمصر. ومن اختلافهم في قدير زمن وقوع هذه الحرب، اختلفوا في زمن حكم "اب يدع يثع" ملك معين، وفي حكم سائر ملوك معين، من مبدأ أول ملك إلى س آخر ملك من ملوك هذه الدولة.
وقد ذهبت "بيرين" J. Pirenne إلى إن الحرب المذكورة وقعت في الفترة الواقعة فيما بين "210" إلى "205 ق. م."،وأن المراد من "مذي" "السلوقيون" ومن "مصر" البطالمة، وأنها قد تشير إلى الاستيلاء على "غزة" في سنة "217 ق. م." تقريبا، وإلى المعركة التي تلتها ووقعت عند موضع Rapheia.
ويرى البعض إن لفظة "مذي" إنما كانت تعني الحكومة التي تحكم العراق، ولو لم تكن من "الماذويين" "الجديين"، وأن "مصر" تعني الحكومة التي تحكم مصر من غير تقيد بجنسية الحاكمين لها. ويستشهد على هذا بورود لفظة "مذي" "همذي" في نص "صفوي" من سنة "614" للميلاد، وقد قصد بهم "الفرس". ويرى إن اطلاق لفظة "همذي" أي "الميذيين" على الفرس لا يثير اعتراضاً كبيراً مثل الاعتراض الذي يثار حول تفسير "مذي" ب "سلوقيين"، إذ إن الساسانيين هم فرس، والماذيين فرس كذلك، وان كانوا من جيلين مختلفين، أما "السلوقيون"، فقد كانوا يوناناً، وليست لهم علافة يالفرس، ثم من يدرينا إن أهل ذلك العهد من العرب كانوا يطلقون على كل من يحكم العراق، "ميذيين" "مافويين"، وفي جملتهم هؤلاء السلوقيون.
هذا وقد ورد في النص اسم أرض دعيت "ااشور" "ااشر"، ووردت معها لفظة "مصر". وقد ذهب بعض الباحثين فبه إلى إن الكبيرين المذكورين كانا يمثلان ملك معين في "مصر"، أو في "صور" على بعض القراءات وعند ملك "ااشر" "ااشور" و "عبر نهران". وذهبوا إلى إن "ااشر" "ااشور" هي "آشور"، أو البا دية. أما "هومل" و "كلاسر" فذهبا إلى إن المراد من "ااشور" أرض تقع على حدود مصر، سكنها شعب دعي في التوراة ب "اشوريم" Asshurim، وهم "ولطوشيم" Lutushim و "لويميم" Leummim قبائل عربية جعلتها التوراة من نسل "ددان" Dedan "ديدان" من إبراهيم من زوجه "قطورة". وقد ورد في "التركوم" Taegum إن معنى "اشوريم" سكان الخيام. وقد وردت اللفظة "ااشور" "اشور" Ashur في كتابتين معينيتين.
وعلى راي "هومل" و "كلاسر" يكون الكبيران المذكوران في الكتابة، وهما أصحابها، قد حكما ومثلا ملك معين في معين المصرية" وفي أرض "ااشور" أي في منطقة تمتد من مصر إلى "بئر السبع" Beersheba و"حبرون" Hebron. وهي طور سيناء عند "هومل"، والأرض الواقعة بين السويس إلى "غزة" وجنوب فلسطين عند "كلاسر".
وأما الميغرون على القافلة والذين أرادوا الاستيلاء عليها، فهم قوم من "سبأ" و "خولان على رأي الباحثين. وقد ورد اسم الخولانيين في نصوص عربية جنوبية مما يدل على إنهم كانوا من القبائل المعاصرة للسبئيين.
ويتبين من هذا النص إن حربين قد نشبتا قبل تدوينه، حرب نشبت بين "ذيمنت" و "ذ شامت"، أي بين سادة الجنوب وسادة الشمال، وحرب أخوى هي الحرب التي نشيت ببن "مذي" و "مصر". وقد أصاب المعينيين من هاتين الحربين خسائر كبيرة. أما متى نشبت الحربان وكم كانت المدة بينهما، وبين الهجوم على القافلة المعينية المذكورة، فليس من الممكن تقديم أجوبة عنها مقنعة ومقبولة، لقلة ما لدينا من كتابات ووثائق، وقد رأينا اختلاف أهل العلم في تقدير تأريخ هذا النص، بسبب أخذهم بالحدس والتخمين، لذلك أرى إن من الصواب ترك هذه الإجابة إلى المستقبل.
وقد رأينا إن هذا النص دوّن في أيام الملك "اب يدع يثع"، وقد أشير فيه إلى ابني "معديكرب بن اليفع" إلا إنه لم يذكر اسميهما ولا نعتهما فجعلنا بذللك بجهل من أمرهما. وهذا لم يتمكن الباحثون من وضعهما في قائمة ملوك حضرموت. إلا إن "فلبي" ذكر انهما لم يتربعا على عرش تلك المملكة لأنها ضمت إلى معين وبقيت مدة قدرها بحوالي ثلاثة قرون مندمجة فيها إلى حوالي السنة "650" قبل الميلاد حين انفصلت عن معين، وتولى الحكم عليها - على رأيه - الملك "السمع ذبيان بن ملككرب".
وذكر اسم الملك "ابيدع يثع"، واسم ابنه "وقه آل ريم" "وقه أيل ريام" في النص الذي وسم ب Rep. Epig., 3535، وهو نص دوّنه "سعد ابن هوفعثت" من "آل ضفجن" "آل ضفجان" "آل ضفكان" عند بنائه "مذبا" "مذابا"، وصاحب هذه الكتابة هو من العشيرة التي ينتمي إليها صاحب الكتابة Glaser 1155 المذكورة. وقد كان "كبيراً" كذلك. تولى إدارة مقاطعة "معن مصرن" "معين مصران"، أي "مصين المصرية"، وقد دعيت، بذلك لأن سكانها من المعين الساكنين في الشمال في العلا وما جاورها على الحدود المتاخمة لشرق "مصر". وقد تيمن بهذه المناسبة على عادة العرب الجنوبيين بذكر آلهة معين ثم ملك معين وابنه، مما يدل على إن ابنه كان يشاركه يومئذ في تدبر الأمور، كما شكر "مجلس معين" و "مشود معن" "مزود معين".
وجاء بعد "اب يدع يثع" "أبيدع يثع" على عرش معين الملك "وقه آل ريم" "وقه ايل ريام" ابن الملك "أبيع يثع" "أب يدع يثع". وابن "هوف عث" "هو فعث" على رأي "فلبي". أما "البرايت"، فقد جعله في موضع ابن "هو فعث"، غير إنه عاد في مواضع أخرى، فجعله ابنا من أبناء "أب يدع يثع".
وانتقل الحكم إلى "حفن صدق" "حفن صديق" بعد "أب يدع يثع"، وهو ابن "هوفعث" على رأي "فلبي"، وابن "وقه آل ريم" "وقه ايل ريام" على رأي "البرايت". وكان "البرايت" قد جعله في بحث آخر نشره من قبل شقيقياً ل "وقه ايل ريام"، أي إنه جعله أحد أبناء "أب يدع يثع".
ثم صار الحكم إلى "اليفع يفش" بعد "حفن محدق"، وهو ابنه على رأي "فلبي" أما ! البرايت" فقد ذكر في بعض من بحوثه إنه ابنه، غير إنه وضع أمام قوله هذا علامة استفهام إشارة إلى إنه غير واثق برأيه كل الوثوق، ووضع في بحث له أخر في ملوك المعينيين جملة اشترك مع "حفن صدق في الحكم"، من غير إن يشير إلى علاقته به.
ووضع "فلبي" فراغاً بعد اسم "اليفع ي فش"، لا يدري من حكم فيه، قدره على عادته بعشرين عاماً، ويقابل ذلك حوالي السنة "870 ق. م."، وجعل نهايته في سنة "850 ق. م."، ثم وضع بعده أسرة جديدة، زعم إنها -حكمت معيناً على رأسها "يثع أيل صديق" "يثع آل صدق" ولا نعرف الآن من أمره شيئاً إلا ما ورد في كتابة من الكتابات من أنه بنى حصن "يشبم" "يشبوم"، وأنه والد "وقه آل يثع" "وقه أيل يثع" ملك معين. و "وقه آل يثع" هو والد "اليفع يعشر" الذي ضعفت في أيامه حكومة معين كما يظهر ذلك من كتابة كتبها أهل "ذمرن" "ذمران" لمناسبة وقفهم وقفاً على معبدٍ، إذ ورد: "في أيام سيدهم، وقه آل يثع وابنه اليفع يشر، ملك معين، وباسم سيدة شهر يكل يهركب ملك قتبان". ويظهر منها إنها كتبت في أيام "وقه آل يثع"، وكان ابنه "اليفع" يحمل لقب "ملك"، كذلك وأن حكومة قتبان كانت أقوى من حكومة "معين"، ولهذا اعترف ملك معينبسيادة ملك قتبان عليه.
وقد ورد اسم "اليفع يشر" في كتابات أخرى، منها الكتابة الموسومة Glaser 1144=Halevy قد دونت بأمر جماعة م ن أهل "نيط" لمناسبة قيامهم بترميمات و إصلاحات في الأبراج وحفر قنوات ومسايل للمياه تقرباً إلى آلهة معين. ومنها كتابة دونت في "نشن" "نشان"، وكتابة دونت في "قرنو"، ويظهر من هذه الكتابة الأخيرة ما يؤيد رأي القائلين إن حكومة قتبان كانت اقوى من حكومة معمين إذ ذاك، و إنها فرضت نفسها لذلك عليها إلا إن هذا لا يعني إنها فقدت استقلالها وصارت خاضعة لحكومة قتبان فإننا نرى إنها بقيت مدة طويلة بعد هذا العهد محافظة على كيانها، وعلى رأسها ملوك منهم الملك "حفن ريم" "حفن ريام" وهو ابن "اليفع يشر" وشقيقه "وقه آل نبط" و "كه ايل نبط".
وورد اسم "اليفع بشر" في كتابتين عثر عليهما في "الديدان" "ددن" "ددان" "العلا"، أمر بتدوين إحداهما "وهب آل بن حيو ذعم رتنع" "عمى رتنع" من أعيان المعينيين في الشمال ومن "الكبراء". وأما الكتابة الأخرى فتعود ل "يفعن" "يفعان" من رؤساء "ددان" كذلك. وقد كان هذان الرجلان من أسرتين كبيرتين عرفتا في أيام معين المتأخرة وفي عهد اللحيانيين، وورد اسم الأسرتين في عدد آخر من الكتابات.
وورد في النص الموسوم ب Rep. Epigr., 3707 اسم الملك "وقه آل نبط" وورد فيه اسم المدينة "قرنو" العاصمة. وهذا النص دون في أيام "هنا فامن" "هانىء فأمان" الذي كان كبيراً على هذه المنطقة التي دُوّن فيه النصر، وهي منطقة "الخريبة" في أرض مدين أي في الأرضين التي سكنها المعينيون الشماليون. والملك المذكور هو ابن الملك "اليفع بشر" وشقيق الملك "حفن ريام".
أما "البرايت"، فقد وضع هذه الأسرة التي يرأسها "يثع ايل صدق"، في نهاية الأسر الحاكمة لحكومة معين. وتتألف عنده من "يثع ايل صدق"، ومن "وقه ايل يثع" ابنه، ومن "اليفع بشر"، ومن "حفن ريام"، ومن "وقه ايل نبط"، وقد كان حكم "وقه ايل صدق" - على رأيه - في حوالي السنة "150 ق. م.". وكان تابعاً للملك "شهر يبل يهرجب" "شهر يكل يهركب" ملك قتبان.
وترك "فلبي" بعد اسم "حفن ريام" و "وقه ايل نبط" فراغاً لا يدرى من حكم فيه، قدره بعشرين عاماً، ويبدأ - على رأيه - من سنة "770" وينتهي بسنة "750 ق. م."، ثم وضع بانتهائه ابتداء أسرة أخرى جديدة، جعلها الأسرة الرابعة من الأمر التي حكمت حكومة معين. وقد ابتدأها بي "ابيدع ريام"، ثم بابنه "حل كرب صدق" "خال كرب صديق". وقد ورد اسمه في كتابة وجدت في "قرنو" لمناسبة "تدشين" معبد "لعشتر ذ قبض" "عثتر ذو قبض"، وكان له ولدان، هما: "حفن يثع" و "أوس" وقد تولى "حفن يثع" عرش "معين" بسد وفاة أبيه"، ومن الجائز - على رأي "فلبي" - إن يكون شقيقه "أوس" قد اشترك معه في الحكم.
وورد عهد الملك "خلكرب صدق" "خالكرب صديق" "خالكرب صادق" في الكتابة المرقمة ب Glaser 1153=Halevy 243، وذلك لمناسبة تقديم جماعة ذكرت أسماؤهم في الكتابة نذراً إلى الآلهة "عثتر ذ فبض" في معبده بي "رصف" "رصاف" "رصفم" لقبيلة "هورن" "هوران". فذكروا إن ذلك كان تيمناً بآلهة "معين" و "يثل" في عهد هذا الملك. وأما الرجال الذين قدموا ذلك النذر، فهم: "مشلك بن حوه" من "خد من" "خدمان" "آل خدمان" من قبيلة "زلتن" "زلتان"، و "أوس بن بسل" "باسل من "آل وكيل" "ذو كل" و "متعن بن حمم" "متعان بن حمام" من "آل وكيل"، "ذو كل" و "باسل بن لحيان". من "آل وكيل" و "ثني بن أيانس". من قبيلة "معهرم" "معهر"، و "مذكر بن عمانس" من "حرض" وآخران. وقد ذكر بعل اسم الملك اسم "الكبير" "كبر" 6 الذي كان يحكمهم، وهو "مشك" من "آ ل خد من" "آل خدمان".
ويرى "فون وزمن" إن الملك "خل كرب صدق"، "خال كرب صديق"، هو الذي بنى معبد "رصف"، "رصفم"، المعبد الشهير عند المعينيين. ويقع هذا المعبد خارج سور "قرنو" العاصمة، على مسافة حوالي "750" متراً من المدينة. وقد عثر في أنقاضه على عدد من الكتابات.
وتيمن من بذكر الملك "خالكرب صديق" ملك معين في نص آخر، دوّنه "مشك بن حوه" من "آل خدمان" من قبيلة "زلتان" أي الشخص الذي مرّ ذكره في الكتابة السابقة بالاشتراك مع أناس آخرين، هم: "حيوم بن هوف" و "وينان" 2 و "مأوس" ابن عمه من "آل كزيان"، "جزيان" و "هبان" "وهب" وأخوه "اكر" ابنا "صبح" من "آل جزيان"، و "اوسان"، وجماعة آخرون سقطت أسماؤهم من الكتابة. وقد ذكر بعد اسم الملك اسم "الكبير" الذي في عهده كتبت الكتابة وهو "مشك ذ خدمان" أي "مشك" من "آل خدمان" أو "كبير خدمان" "ذو خدمان" وهو الكبير المذكور في الكتابة السابقة.
وقد ورد اسم هذا الملك في الكتابة الموسومة ب Halevy 241+242. وقد أمر صاحبها بتدوينها لمناسبة تبحيره بئره المسماة "ثمر" "ثمار" على مقربة من معين وتوسيعها وطيها "أي بنائها"، وتسويره مزارعه وقد قوّى وحصن البرج المشرف عليها. وتيمناً بهذه المناسبة، ذكر اسم "عثتر ذ قبض" و "ود" و "نكرح" و "عثتر ذ يهرق" آلهة سعين، والملك "خالكوب صديق" وشعب معين.
أما "البرايت"،فكان قد ذكر في نهاية بحث له نشره في سنة "1950 م" عن ملوك معين إن هناك ما لا يقل عن خمسة ملوك نعرفهم إنهم من ملوك معين غير إننا لا نستطيع إن نعرف مواضعهم التي يجب إن يوضعوا فيها بين ملوك معين. و هؤلاء الملوك هم: "أبيدع ريام"، ثم ابنه "خلكرب صدق" "خليكرب صديق" "خال كرب صديق"، ثم ابنه "حفنم يثع" "حفن يثع"، ثم "يثع ايل ريام" وابنه "تبع كرب".
ثم عاد "البرايت" فغير رأيه في بحثٍ نشره في سنة 1953 م في هذا الموضوع أيضاً: موضوع ترتيب ملوك معين. فقد وضع اسم "يثع ايل ريام" بعد اسم "عم يثع نبط" وهو ابن "اب كزب" "أبكرب". وقد حكم - على رأيه - بعد "اليفع يفش" وذلك في حوالي السنة "300 ق. م."، ثم وضع بعده اسم "تبعكرب" "تبع كرب"، وهو ابن "يثع ايل ريام" ثم ذكر اسم "خليكرب صدق" "خاليكرب صديق" "خال كرب صديق" من بعده، وهو ابن "أبيدع ريام"، وقد كان حكمه في حوالي السنة "250 ق. م."، ثم جعل اسم "حفن يثع" من بعده وهو ابنه. وبذلك قدّم هذه الأسماء في هذا البحث بأن جعلها في المجموعة الأولى من المجموعات الثلاث التي حكمت مملكة معين.
وقد ختم "فلبي" قائمته لأسماء ملوك معين بان وضع فراغاً مقداره عشرون عاماً، لا يدرى من حكم فيه، أنهاه بسنة "670 ق. م."، ثم تحدث عن أسرة خامسة زعم إن أعضاءها هم: "يثع ايل ريام"، وقد حكم في حوالي السنة "670 ق. م."، ثم "تبع كرب " وهو ابنه وقد كان حكمه من سنة "650 ق. م." حتى سنة "630 ق. م.". وكان له شقيق اسمه "حيو" "حي" ربما كان قد شاركه في الحكم. وبذلك أنهى "فلبي" قائمته لملوك "معين".
وقد وضع "البرايت" قائمة رتب فيها ملوك معين، نجعل أولهم "اليفع يثع"، وقد حكم على رأيه حوالي سنة "400 ق. م."، وابن "صدق ايل" ملك حضرموت. وعندي إن البدء بهذا الملك على إنه أقدم ملوك معين، يدل على إن مملكة معين كانت في أقدم عهودها خاضعة لمملكة حضرموت، وهو يحتاج إلى دليل، ولم يرد في نص إن حكومة معين كانت خاضعة في بادئ الأمر لحكومة حضرموت، ثم استقلت عنهما، بل يذهب أكثر علماء العربيات الجنوبية إلى تقدم معين على حضرموت في القدم. ويلاحظ أيضاً إنه جعل الملك "يدع ايل" على رأس قائمة ملوك حضرموت وقد كان هذا الملك على رأيه أيضاً معاصراً للملك "كرب آل وتر" "كرب ايل وتر"، وقد حكم على رأيه حوالي سنة "450 ق. م.".
والواقع إننا لا نستطيع التحدث عن صلة "صدق ايل" ملك حضرموت بمعين بصورة جازمة، وان كان الغالب على الظن إنه كان ملكاً على شعب معين وشعب حضرموت. ولكننا لا نستطيع إن نؤكد إنه كان حضرمياً، كما إننا لا نستطيع إن نقول جازمين إنه من معين. وقد سبق إن تحدثت عنه، والظاهر إنه كان ملكاً أيضاً على معين، وقد سبقه بالطبع جملة ملوك حكموا دولة معين كانوا من المعينيين. أما ابنه "اليفع يثع"، الذي جعله "البرايت" أول ملوك معين، فقد ورث عرش معين من أبيه على نحو ما رأى "فلبي"، على حين ورث شقيقه "شهر علن" "شهر علان" عرش حضرموت. وهذا يدل على إن رابطة دموية كانت تربط بين حكام الشعبين، يؤيد ذلك إن "معد يكرب ابن اليفع يثع" هو الذي تولى عرش حضرموت بعد "شهر علن" أي بعد وفاة "عمه"، وأبوه كما رأيت ملك معيناً.
وجعل "البرايت" "حفن ذرح" بعد "اليفح يثع"، وهو ابنه ولعله الابن الأكبر، وهو شقيق "معد يكرب" ملك حضرموت، أي إن ولدي "اليفع يثع" كانا قد اقتسما تاج معين وتاج حضرموت.
وتولى عرش معين بعد "حفن ذرح" "اليفع ريام"، وقد تولى أيضاً عرش حضرموت على رأي "البرايت"، ثم تولى بعده "هوف عث"، ثم "اب يدع"، وهو شقيقه وابن "اليفع ريام"، وإلى ايامه يعود النص المعروف ب Halevy 535 +578،الذي يتحدث عن حرب نشبت بين "مدي" "ماذي" و "مصر". ويرى "البرايت" استناداً إلى هذا النصر إن حكمه يجب إن يكون في حوالي عام "343 ق. م." أما "فلبي" فقد جعل حكمه في حوالي عام "935 ق. م."، وجعله العاشر بحسب تسلسل الملوك. وتتشابه قائمة "البرايت" وقائمة "فلبي" في تسلسل المجموعة التي تولت حكم معين هي والتي تبدأ ب "اب يدع يثع" وتنتهي ب "اليفع يفش"، ثم تختلف قائمته عن قائمة "فلبي"، إذ يذكر "فلبي" أسرة جديدة، يرى إنها حكمت بعد تلك الأسرة بمدة قدرها بزهاء عشرين عاماً، على عادته في تقدير متوسط مدة حكم كل ملك من الملوك وتبدأ على رأيه ب "يثع ايل صديق" ثم بابنه "وقه ايل يثع". ثمب "اليفع يشر" ثم ب "حفن ريام" ابن "اليفع يشر"، ثم "وكه ايل بنت" "وجه ايل نبط". أما "البرايت" فيذكر، قبل هذه السلالة التي تبدأ ب "اليفع وقه"، ثم ب "وقه ايل صديق" ثم ب "اب كرب يثع"، ثم تنتهي ب "عم يثع نبط" "نبط". وقد حكم "اليفع وقه" على رأي "البرايت" في حوالي سنة "250 ق. م.". على حين قدم "فلبي" هذه السلالة وجعلها في رأس قائمة ملوك معين. وقد حكم "اليفع وقه" على رأيه حوالي سنة "1120 ق. م.".
وذكر "البرايت" بعد الأسرة المتقدمة أسرة أخرى جعل على رأسها "يثع آل صدق"، ثم "وقه آل يثع"، وهو ابن "يثع آل صدق"، وقد ذكر أنهما كانا تابعين للملك "شهر يجل يهرجب"، ملك قتبان الذي حكم على تقديره في حوالي سنة "150 ق. م."، وجعل بعد "وقه آل يثع" ابنه الملك "اليفع يشر" وقد ورد اسمه في كتابة عثر عليها في "ددان" "ديدان"، ثم جعل من بعده ابنه "حفن عم ريام"، ثم شقيقه "وشه آل نبط". وقد ورد اسمه في كتابة "ديدان".
و ذكر "البرايت" إنه لا يستطيع تعيين زمن حكم الملوك "اب يدع ريام" وابنه "خلكرب صدق"، وابنه "جفن عم يثع"، و "يثع آل ريام"، ويرى "فون وزمن" احتمال كون "اليفع يشر الثاني" هو آخر ملك من ملوك معين. وقد لقب "البرايت" هذا الملك "بالثاني"، أيضاً ليميزه عن ملك آخر عرف بهذا الاسم وضعه في الجمهرة الثانية من الجمهرات الثلاث التي صنعها لملوك معين، لهذا دعاه ب "الأول". وقد جاء في الكتابة الموسومة ب REP. Epig. 3021 اسمه واسم "شهر يجل يهرجب" ملك قتبان، كما سبق إن ذكرت. وهذا مما يدل على إنه كان معاصراً لملك شبان المذكور. وقد حكم فيما بين السنة "75 ق. م." والسنة "50ق. م." 0 أما "فون وزمن"، فيرى إن حكمه كان في حوالي السنة "45 ق. م.".
وقد عاد "البرايت" كما قلت سابقاً فأعاد النظر في قائمته المذكورة التي وضعها لملوك معين، فقدم وأخر ووضع تواريخ جديدة، أثرت إلى بعضها فيما سبق وسأنقل قائمته نقلاً كاملاً في نهاية هذا الفصل.
وقد جل "البرايت" زمان حكم المجموعة الأولى من حكام معين بين السنة "400 ق. م." والسنة "200 ق. م.". أما زمان حكم المجموعة الثانية فقد جعله بين السنة "200 ق. م." والسنة "100 ق. م." إلى ال "57ق. م.". وأما زمان حم المجموعة الثالثة فمن أوائل القرن الأول قبل الميلاد إلى النصف الأخر منه، فما بين السنة "50ق. م." والسنة "25 ق. م.".
غير إنه بيّن إنه لا يريد إن يؤكد إن قائمته هذه قائمة ثابتة لا تقبل تعديلاً ولا إصلاحاً. فقد يجوز إن تعدل في المستقبل في ضوء الاكتشافات الجديدة، كما عدلت قائمته السابقة تعديلاً كبيراً. وقد رتب قائمته الثانية في ضوء دراسة تطور الخط و شكل الكتابة عند العرب الجنوبيين بحسب العصور. ولكن هذا لا يكفي وحده بالطبع في إبداء إحكام قاطعة صحيحة بالنسبة إلى السنين.
أما قائمة "كليمان هوار"، فتتألف من سبع مجموعات. رجال المجموعة الأولى الملك "يثع ايل صديق" والملوك "وقه ايل يثع" و "اليفع يشر" و "حفن عم ريمم" "حفن ريام". ورجال المجموعة الثانية الملوك: "اليفع يثع" و "اب يدع يثع" و "وقه ايل ريام"، و "حفنم صديق" "حفن صديق" "حفن صدق"، و "اليفع يفش". ورجال الجمهرة الثالثة هم الملوك: "اليفع وقه" و "وفه ايل صدبق" و "اب كرب يثع"، و"عم يدع نبط" "عمى يدع نبط"، ورجال الجمهرة الرابعة الملوك: "اليفع ريام" و "هوف عثت". وأما الجمهرة الخامسة، فتتألف من "أب يدع" ولم يذكر لقبه، ومن "خال كرب صديق" ومن "حفن يثع". وأما المجموعة السادسة، فتتكون من "يثع ايل ريام"، و "تبع كرب". وأما المجموعة السابعة، فعمادها "اب يدع"، ولم يذكر لقبه و "حفنم".
ويلاحظ إن ملوك معين، وكذلك ملوك سائر الحكومات العربية الجنوبية، كانوا يحملون ألقاباً مثل "يثع" بمعنى المنقذ أو المخلص، و "صدق" "صدوق" أي "الصادق" و "العادل" و "الصدوق"، و "ريم" "ريا م" بمعنى "العالي" و "نبط" بمعنى "المضيء"، و "وقه" بمعنى "المجيب" و "المطيع"، و ربما بمعنى "الآمر" و "يفش"، بمعنى "الفخور" و "المتكبر" أو "المتعالي"، و "يشر" بمعنى "المستقيم" و "فرح"، بمعنى "الوضاح"، أو "لمنير" أو "المشرق"، و "وتر"، بمعنى "المتعالي"، و "بين" بمعنى "الظاهر" والبين. إلى غير ذلك من ألقاب ترد في الكتابات المعينية و السبئية والقتبانية والحضرمية والكتابات الأخرى.
ومما يلاحظ أيضاً إن ملوك الروم والرومان والفرس، كانوا أيضاً يتلقبون بمثل هذه الألقاب. وقد تلقب الخلفاء والملوك بمثل هذه الألقاب في العصور ألعباسية. أما الخلفاء الراشدون والأمويون، فلم يميلوا إلى استعمالها، ولعل استعمال العباسيين لها كان تشبهاً بفعل الملوك المذكورين، وبتأثير الموالي الذين نقلوا إلى المسلمين كثيراً من رسوم الملك عند الفرس واليونان.
وقد ورد في الكتابة الموسومة ب Halevy 208، وهي من "معين" اسم ملك من ملوك معين، هو "اليفع يثع"، وذكر بعده اسم "ابيدع" "أبي دع" ولم يلقب أي واحد منهما بلقب "ملك"، وإنما ذكرا بعد ذكر أسماء آلهة معين. و جاء بعد ذلك في جملة تالية "وملوك معين". ويظهر بوضوح من هذا النص إن "اليفع يثع" و "أبيدع" كانا ملكين من ملوك مدين. وأن في عهدهما دونت هذه الكتابة، تيمناً باسمهما، وتخليداً لتأريخها، وقد لاحظت إن الباحثين في حكومة معين لم يشيروا إلى اسميهما في ضمن القوائم التي وضعوها لحكام تلك الحكومة.










قديم 2012-05-01, 15:23   رقم المشاركة : 102
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع / الدوزلة المعينية

حكومات عدن
انقرضت حكومة "معين" و حلت محلها حكومة "سبأ" غير إن هذا لا يعني انقراض شعب معين بانقراض حكومته، وذهابه من عالم الوجود، إذ ورد اسم المعينين في عدد من الكتابات المعينية التي يرجع عهدها إلى ما بعد عهد سقوط حكومتهم، كما ورد اسمهم في المؤلفات الكلاسيكية التي تعود إلى القرن الأول للميلاد. وقد سبق إن ذكرت رأي المتخصصين في العربيات الجنوبية في هذا الموضوع. أما متى خفي اسمهم من عالم الوجود خفاء تاماً، فذلك سؤال لا تمكن الإجابة عنه الآن، إذ يتطلب ذلك التأكد من إننا قد وقفنا على جميع الكتابات العربية الجنوبية والمؤلفات الكلاسيكية، و لا أخال إن في استطاعة أحد إثبات هذا الادعاء.
أعود فأقول: تباينت آراء العلماء في تعيين الزمن الذي ظهرت فيه مملكة "معين" الوجود، كما تباينت في نهايتها. كذلك ذهب "البرايت" إلى إن النهاية كانت في حوالي سنة "100 ق. م.". ثم عدل عن ذلك فجعلها في النصف الأول م ن القرن الأخير قبل الميلاد، بين سنة "50" وسنة "25" قبل الميلاد. وجعلت "بيرين" نهايتها في حوالي سنة "100 ب. م.". والذي أرجحة إن نهايتها كانت بعد الميلاد، لوررد اسمها مملكة إلى ما بعد الميلاد.
و قد جعل "البرايت" في أحد رأييه في سقوط حكومة معين سنة "115" قبل الميلاد، وهي مبدأ التقويم السبئي، هي سنة زوال حكم معين، فلأهمية هذه الحادثة اتخذت مبدأ لتقويم يؤرخ به. وذهب آخرون إلى إن نجم معين أخذ في الأفول صة بين سنة "125" وسنة "75 ق. م.".
وفي خلالة الفترة التي انصرمت بين أواخر أيام حكومة معين و اندماجها ا نهائياً في مملكة "سبأ"، ظهرت حكومات صغيرة يمكن إن نشبهها بحكومات المدن، انتهزت فرصة ضعف ملوك معين، فاستقلت في شؤونها، ثم اندمجت بعد ذلك في سبأ. ومن هذه الحكومات "هرم" "الهرم" و "نش" "نشان" و "كمنت" "كمنه" "كمنهو"، "كمنا" وغيرها. و يمكن اعتبار مملكة "لحيان" التي كان مركزها في "الديدان" "ددن"، أي "العلا" من الحكومات التي استقلت في أيام ضعف المعينين، وقد كانت في الأصل جزءاً من أرضي هذه المملكة يحكمها كبير.
وقد عرفنا من الكتابة الموسومة ب Halevy 154 ملكاً من ملوك "هرم" سمي "يذمر ملك". وقد غزا مدينة "نشن" "نشان". ودمرها تنفيذاً لطلب الملك "كرب أيل وتر" ملك سبأ، الذي كان معاصراً له، وقد وهب له "كرب ايل وتر" في مقابل هذه الخدمة جزءاً من ارض "نشن" عرف بخصبه وبوجود الماء فيه. وقد ورد اسمه في عدد آخر من الكتابات.
وكان له،لد اسمه "بعثتر" جلس على عرش "هرم"، وشقيق اسمه "وروال ذرحن" "وروايل ذرحان".
وقد ورد في النص الموسوم ب Glaser 1058 اسم ملك آخر من ملوك "هرم" هو "معد كرب ريدن" "معد يكرب ريدان"، وأبوه هو "هوتر عثت".
وقد تبين من فحص الكتابات المدونة في مملكة "هرم" أن لها خصائص صرفية و نحوية تستحق العناية والدرس، ويظهر أن هذه الخصائص إنما نشأت من موقع هذه المدينة ومركزها السياسي والأحداث السياسية التي طرأت عليها، ومن الاختلاط الذي كان بين سكانها، فاثر كل ذلك في لهجة السكان. ويرى "هارتمن" أن لهجة كتابات "هرم" من اللهجات التي يمكن ضمها إلى الجمهرة التي تستعمل حرف "ه" في المزيد مقابل حرف "س" في الجمهرة التي تستعمل هذا الحرف في الفعل المزيد.
?مملكة كمنه
ومن ملوك مملكة "كمنه" "كمنهو"، الملك "نبط علي"، وقد ورد اسمه في بعض الكتابات. وورد في كتابة يظن إنها من كتابات "كمنهو" مكسورة سقطت منها كلمات في الأول وفي الآخر، جاء فيها: و بمساعدة عثتر حجر "هجر" و "نبط علي". والمقصود ب "عثتر حجر" "هجر" الإلَه عثتر سيد موضع يقال له "حجر" "هجر"، وربما كان في هذا المكان معبد لعبادة هذا الإله. وجاء قبل ذلك: "نبعل دللن" "نبعل الدلل"، وهذه الجملة ترد لأول مرة في الكتابات، ويظهر إن معناها "بعل الدلل" أو "الدليل"، ويظهر إن "الدلل" أو "الدليل" من الصفات التي أطلقها شعب "كمنه" "كمنهو" على عثتره.
وكان ل "نبط علي" ولد أصبح ملك "كمنه" "كمنهو" بعد والده، هو: "السمع نبط". وقد وصلت إلينا كتابة، جاء فيها: "السمع نبط بن نبط علي ملك كمنهو وشعبهو كمنهو لالمقه ومريبو ولسبا"، أي "السمع نبط بن نبط على ملك كمنه وشعبه شعب كمنه، لألمقه ومأرب ولسبأ". وهذه العبارة تظهر بجلاء إن مملكة "كمنو" "كمنهو" كانت مستقلة في هذا الزمن استقلالاّ صورياً، و إنها كانت في الحقيقة تابعة كومة "سبأ" ولمأرب العاصمة يدل على ذلك قربها إلى "المقه"، وهو إِله السبئيين ولمأرب العاصمة، أي لملوكها ولشعب سبأ. وكان من عادة الشعوب القديمة إنها إذا ذكرت آلهة غيرها فمجدتها وتقربت أليها، عنت بذلك اعترافها بسيادة الشعب الذي يتعبد لتلك الآلهة عليها.
حكومة معين
حكومة معين حكومة ملكية يرأسها حاكم يلقب بلقب "ملك"، غير إن هذه الحكومة وكذلك الحكومات الملكية الأخرى في العربية الجنوبية، جوزت إن يشترك شخص أو شخصان أو ثلاثة مع الملك في حمل لقب "ملك"، إذا كان حامل ذلك اللقب من أقرباء الملك الأدنين، كأن يكون ابنه أو شقيقه. فقد وصلت إلينا جملة كتابات، لقب فيها أبناء الملك أو أشقاؤه بلقب ملك، وذكروا مع الملك في النصوص. ولكننا لم نعثر على كتابات لقب فيها أحد بهذا اللقب، وهو بعيد عن الملك، أي ليس من أقربائه المرتبطين به برابطة الدم. كما إننا لا نجد هذه المشاركة في اللقب في كل الكتابات، وهذا مما حملنا على الظن بأن هذه المشاركة في اللقب، كانت في ظروف خاصة وفي حالات استثنائية، وهذا خصصت بأبناء الملك أو بأشقائه، وهذا أيضاً لم ترد في كل الكتابات، بل وردت في عدد منها هو قلة بالنسبة إلى ما لدينا الآن من نصوص.
ولم تبح لنا أية كتابة من الكتابات العربية الجنوبية بسر هذه المشاركة أكانت مجرد مجاملة وحمل لقب، أم كانت مشاركة حقيقية، أي إن الذين اشتركوا معه أيضاً في تولي أعمال الحكم كلية، أو بتولي عمل معين مهن الأعمال، بأن يوكل الملك من يخوله حمل اللقب القيام بوظيفة معينة ? ولم تبح لنا تلك الكتابات بأسرار الدوافع التي حملت أولئك الملوك على السماح لأولئك الأشخاص بمشاركتهم في حمل اللقب، أكانت قهرية كأن يكون الملك ضعيفاً مغلوباً على امره، ولهذا يضطر مكرهاً إلى إشراك غيره معه من أقربائه الأدنين لإسناده ولتقوية مركزه،أم كانت برضى من الملك ورغبة منه، فلا إكراه في الموضوع ولا إجبار ?.
ويظهر من الكتابات المعينية أيضاً إن الحكم في معين، لم يكن حكماً ملكياً تعسفياً، السلطة الفعلية مركزة في أيدي الملوك، بل كان الحكم فيها معتدلاً استشارياً يستشير الملوك أقربائهم ورجال الدين وسادات القبائل ورؤساء المدن، ثم يبرمون أمرهم، و يصدرون أحكامهم على شكل أوامر ومراسيم تفتتح بأسماء آلهة معين، ثم يذكر اسم الملك، وتعلن كتابة ليطلع عليها الناس.
وقد كانت المدن حكومات، لكل مدينة حكومتها الخاصة بها، وهذا كان في استطاعتنا أن نقول إن حكومة معين هي حكومات مدن، كل مدينة فيها حكومة صغيرة لها آلهة خاصة تتسمى ب اسمها، وهيئات دينية، و مجتمع يقال له: "عم"، بمعنى أمة وقوم وجماعة. و لكل مدينة مجلس استشاري يردير شؤونها في السلم وفي الحرب، و هو الذي يفصل فيما يقع بين الناس من خصومات وينظر في شؤون الجماعة "عم".
وكان رؤساء القبائل يبنون دوراً، يتخذونها مجالس، يجتمعون فيها لتمضية الوقت وللبت في الأمور و للفصل بين أتباعهم في خلافاتهم، ويسجلون أيام تأسيسها وبنائها، كما يسجلون الترميمات والتحسينات التي يدخلونها على البناية. وتعرف هذه الدور عندهم بلفظة "مزود". ولكل كل مدينة "مزود"، وقد يكون لها جملة "مزاود"، وذلك بأن يكون لشعابها وأقسامها مزاود خاصة بها، للنظر فيما يحدث في ذلك الشعب من خلاف. ويمكن تشبيه المزود بدار الندوة عند أهل مكة، وهي دار ة قُصَيّ بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمراً إلا فيها، يتشاورون فيها في أمور السلم والحرب.
وتتألف مملكة معين من مقاطعات، على رأس كل مقاطعة ممثل عن الملك، يعرف عندهم ب "كبر"، أي "الكبير". يظهر إنه كان لا يتدخل إلا في السياسة التي تخص المسائل العليا المتعلقة بحقوق الملك وبشعب معين. ويرد اسم الكبير بعد اسم الملك في النصوص على عادة أهل معين وغيرهم من ذكر آلهتهم أولاً ثم الملوك ثم الكبراء في كتاباتهم التي يدونونها ليطلع عليها الناس.
ودخل الحكومة من الضرائب ومن واردات الأرضين الحكومية التي تستغلها أو تؤجرها للناس بجُعل يتفق عليه. أما الضرائب فتؤخذ من التجار والزراع وسائر طبقات الشعب الأخرى، يجمعها المشايخ، مشايخ القبائل والحكام والكبراء بوصفهم الهيئات الحكومية العليا، وبعد إخراج حصصهم يقدمون ما عليهم للملك. وأما الواردات من المصادر الأخرى، مثل تأجير أملاك الدولة، فتكون باتفاق خاص مع المستغل، وبعقد يتفق عليه.
ومن الضرائب التي وردت أسماؤها في الكتابات: كتابات العقود ووفاء الضرائب والديون، ضريبة دعيت ب "فرعم"،أي "فرع" وضريبة عرفت ب "عشرم" أي "عشر"، وتؤخذ من عشر الحاصل، فهي "العشر" في الإسلام.
وكان للمعابد جبايات خاصة بها، وأرضون واسعة تستغلها، كما كان لها موارد ضخمة من النذور التي تقدم أليها باسم آلهة معين، عند شفاء شخص من مرض ألمّ به، وعند رجوعه سالماً من سفر، وضد عودته صحيحاً من غزو أو حرب، وعند حصول شخص على غلة وافرة من مزارعه أو مكسب كبير من تجاراته، وأمثال ذلك. ولهذا كانت للمعابد ثروات ضخمة و أملاك واسعة ومخازن كبيرة تخزن فيها أموالها. و يعبر عن النذور والهبات التي تقدم إلى المعابد بلفظتي "كبودت" و "اكرب"، "أقرب" أي ما يتقرب به إلى الآلهة. وتدوّن عادة في كتابات تعلن للناس، يذكر فيها اسم المتبرع الواهب واسم الإله أو الآلهة التي نذر لها، واسم المعبد، كما تعلن المناسبة، وتستعمل بعض الجمل والعبارات الخاصة التي تتحدث عن تلك المناسبات مثل: "يوم وهب" و "بذماد بن يدهس"، أي "بذات يده" وأمثال ذلك من جمل ومصطلحات. وقد وصلت إلينا خصوص كثيرة من نصوص النذور، وهي تفيدنا بالطبع كثيراً في تكوين رأينا في النذور والمعابد واللغة التي تستعمل في مثل هذه المناسبات عند المعينيين وعند غيرهم من العرب الجنوبيين.
ويقوم "الناذر" أو الشخص الذي استحقت عليه الضرائب أو القبيلة بتقديم ما استحق عليه إلى المعبد، وكانت تعد "ديوناً" للآلهة على الأشخاص. فإذا نذر الشخص للآلهة بمناسبة مرض أو مطالبة بإحلال بركة في المزرعة أو في التجارة أو إنقاذ من حرب وصادف أن مرت الأمور على وفق رغبات أولئك الرجال، استحق النذر على الناذر، فرداً كان أو جماعة، ولذلك يعبر عنه ب "دين"، فيقال "دين عثتر" أو "دين".
وقد يفوض الملك أو المعبد إلى رئيس أو سيد قبيلة أو غني استغلال مقاطعة أو منجم أو أي مشروع آخر في مقابل شروط تدون في الكتابات، فتحدد الحدود، وتعين المعالم، وينشط المستغل للاستفادة منها وأداء ما اتفق عليه من أداء للجهة التي تعاقد معها، ويقوم بجباية حقوق الأرض إن كان قد أجرها لصغار المزارعين وبدفع أجور الأجراء وبتمشية الأعمال، ويكون هو وحده المسؤول أمام الحكومة أو المعبد عن كل ما بتعلق بالعمل، وعليه وحده أن يحسب حساب خسائره وأرباحه.
ويتعهد الكبراء وسادات القبائل والحكام عادة بجمع الضرائب من أتباعهم ودفع حصة الحكومة، كما يتعهدون بإنشاء الأبنية العامة كإنشاء المباني الحكومية وإحكام أسوار المدن وبناء الحصون والأبراج والمعابد وما شاكل ذلك، مقابل ما هو مفروض عليهم من ضرائب وواجبات أو تفويض التصرف في الأرضين العامة. فإذا تمت الموافقة، عقُد عقد بين الطرفين، يذكر فيه إن آلهة معين قد رضيت عن ذلك الاتفاق، وان المتعهد سيقوم بما اتفق عليه. و إذا تم العمل وقد يضيف إليه المتعهد من جيبه الخاص،ورضي عنهَ الملك الذي عهد إليه بالعمل أو الكهنة أرباب المعبد أو مجلس المدينة، كتب بذلك محضر، ثم يدون خبره على الحجر، ويوضع في موضع ظاهر ليراه الناس، يسجل فيه اسم الرجل الذي قام بالعمل، واسم الآلهة التي بإسمها عقد العقد وتم، واسم الملك الذي تم في اياهمه المشروع، واسم "الكبير" الحاكم إن كان العقد قد تم في حكمه وفي منطقة عمله.
وتعهد المعابد أيضاً للرؤساء والمشايخ القيام بالأعمال التي تريد القيام بها، مثل إنشاء المعابد و صيانتها وترميها والعناية بأملاكها وباستغلالها بزرعها و استثمارها نيابة عنها. وقد كان على المعابد كما يظهر من الكتابات أداء بعض الخدمات العامة للشعب، مثل إنشاء مباني عامة أو تحصين المدن ومساعدة الحكومة في التخفيف عن كاهلها، لأنها كانت مثلها تجبي الضرائب من الناس وتتلقى أموالاً طائلة من الشعب وتتاجر في الأسواق الداخلية والخارجية، و كانت تقوم بتلك الأعمال في مقابل إعفائها من الضرائب. وقد كانت وارداتها السنوية ضخمة قد تساوي واردات الحكومة.
وتخزن العابد حصتها من البخور واللبان والمر والحاصلات الأخرى في خزائن المعبد، وتأخذ منها ما تحتاج إليه مثل البخور للأعياد وللشعائر الدينية و تبيع الفائض، وقد ترس مع القوافل لبيعه في البلاد الأخرى، وقد تعود قوافله محملة ببضائع اشترتها بأثمان البضائع المبيعة، و لذلك كانت أرباحها عظيمة، وكان أكثر الكهان من البيوتات الكبيرة ومن كبار الأغنياء.
نقود معينية
تعامل قدماء المعينيين مثل غيرهم من شعوب العالم بالمقايضة العينية، وبالمواد العينية دفعوا للحكومة و للمعابد ما عليهم من حقوق، وبها أيضاً دفعت أجور الموظفين والمستخدمين و العمال و الزراع. وقد استمرت هذه العادة حتى في الأيام التي ظهرت فيها النقود، وأخذت الحكومات تضرب النقود، وذلك بسبب قلة المسكوكات، و عدم تمكن الحكومات من سك الكثير منها كما تفعل الحكومات في هذه الأيام.
وقد عرف المعينيون النقود، وضربوها في بلادهم. فقد عثر على قطعة نقد هي "دراخما" أي درهم، عليها صورة ملك جالس على عرشه، قد وضع رجليه على عتبة، وهو حليق الذقن متدلٍ شعره ضفائر، وقد أمسك بيده اليمنى وردة أو طيراً وأسمك بيده اليسرى عصا طويلة، وخلفه اسمه وقد طبع بحروف واضحه بارزة بالمسند، وهو "اب يثع" و أمامه الحرف الأول من اسمه، وهو الحرف "أ" بحرف المسند، دلالة على إنه الآمر بضرب تلك القطعة. و لهذه القطعة من النقود أهمية كبيرة في تأريخ "النميّات" في بلاد العرب وفي دراسة الصلات التجارية بين جزيرة العرب والعالم الخارجي.
ويظهر من دراسة هذه القطعة ومن دراسة النقود المشابهة التي عثر عليها في بلاد أخرى، إنها تقليد للنقود التي ضربها خلفاء الإسكندر الكبير، سوى شيء واحد، هو أن عملة "أب يثع" قد استبدلت فيها الكتابة اليونانية بكتابة اسم الملك "اب يثع" الذي في أيامه، تم ضرب تلك القطعة بحروف المسند. أما بقية الملامح والوصف، فإنها لم تتغير ولم تتبدل، ولعلها قالب لذلك النقد، حفرت عليه الكتابة بالمسند بدلاً من اليونانية. ويعود تأريخ هذه القطعة إلى القرن الثالث أو القرن الثاني قبل الميلاد.
وقد كانت نقود "الإسكندر الكبير" والنقود التي ضربها خلفاؤه من بعده مطلوبة مرغوبة في كل مكان، حتى في الأمكنة التي لم تكن خاضعة لهم، شأنها في ذلك اليوم شأن الجنيه أو الدولار في هذا اليوم، وتلك النقود لا بد أن تكون قد دخلت بلاد العرب مع اتجار ورجال الحملة الذين أرسلهم لاحتلال بلاد العرب، فتلقفها التجار هناك وتعاملوا بها، وأقبلت عليها الحكومات، ثم أقدمت الحكومات على ضربها في بلادها بعد مدة من وصول النقود أليها. وأسست بذلك أولى دور ضرب النقود في بلاد العرب. ولا بد أن يكون نقد "اب يثع" قد سبق بنقد آخر، سبق هو أيضاً بالنقد اليوناني الذي وصل بلاد العرب، لأن درهم "اب يثع" مضروب ضرباً متقناً، وحروفه واضحة جليّة دقيقة دقة تبعث على الظن بوجود خبرة سابقة ودراية لعمال الضرب، أدت بهم إلى إتقان ضرب أسماء الملوك على تلك النقود.
الحياة للدينية
كان في كل مدينة معبد، وأحياناً عدة معابد خصصت بآلهة شعب معين. وقد خصص معبد بعبادة إلَه واحد، يكرس المعبد له، ويسمى باسمه، وتنذر له النذور، ويشرف على إدارته قَومة ورجال دين يقومون بالشعائر الدينية ويشرفون على إدارة أوقاف المعبد. ويعرف الكاهن والقيم على أمر الإله عندهم ب "شوع"، وقد وردت اللفظة في جملة نصوص معينة.
وقد تجمعت لدينا من قراءة الكتابات المعينية أسماء جمهرة آلهة معين، وفي مقدمتها اسم. "عثتر" "عثتار"، ويرمز إلى "الزهرة"، ويلقب في الغالب ب "ذ قبضم"، فيقال "عثتر ذ قبضم"، أي "عثتر القابض"، "عثتر ذو قبض"، كما ورد أيضاً "عثتر ذ يهرق" "عفتر ذو يهرق". ويهرق اسم مدينة من مدن معين، فيظهر أنه كان في هذه المدينة معبد كبير خصص بعبادة "عثتر".
ومن آلهة معين "ود" و "نكرح"، وترد أسماء هذه الآلة الثلاثة في الكتابات المعينية على هذا الرتيب: "عثتر"، "ود" و "نكرح" في الغالب، وترد بعدها في بعض الأحيان جملة: "الالت معن"، أي "آلهة معين" أما "نكرح"، فيظهر إنه يرمز إلى الشمس، وهو يقابل "ذات حمم" "ذات حميم" في الكتابات السبئية.
وقد ورد في عدة كتابات عثر عليها في "براقش" وفي "أبين" وفي "معين" وفي "شراع" في "أرحب" ذكر معبد سر للإلهَ "عثتر" دعي ب "يهر". كما ورد اسم حصن "يهر" و قد خصص ل "عثتر وقبض". وورد في كتابة أخرى اسم "يهر" على إنه بيت، وربما قصد به بيت عبادة. وورد في كتابة همدانية ذكر "يهر" إنه بيت الإلَه "تالب" "تألب" إلَه همدان. وورد اسم "يهر" على إنه اسم موضع واسم شعب. وذكر "الهمداني" إن "يهر" هو حصن في "معين". ويتبين لي من اقتران "يهر" بي "عثتر"، ومن تخصيص بيت للتعبد به سمي باسمه إن "يهر" جماعة كانت تتعبد لهذا الإلهَ وتقدسه ولهذا دعي معبده باسمها، كما إنه اسم مدينة نسبت تلك الجماعة إليها.
وأما "ود"، فقد ظلت عبادته معروفة في الجاهلية إلى وقت ظهور الإسلام، وقد ورد اسمه في القرآن الكريم. وقد تحدث عند ابن الكلبي في كتابه "الأصنام". وذكر إن قبيلة "كلب" كانت تعبد له بدومة الجندل. ووصفه فقال: "كان تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال، قد ذبر عليه حلتان، متزر بحلة، مرتد باخرى، عليه سيف قد تقلده، وقد تنكَّب قوساً، وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة فيها نبل.. ". وقد نعت "ود" في بعض الكتابات بنعوت، مثل: "الاهن" "الهن" أي "الإله"، و "كهلن" "كاهلن" "كهلان"، أي "القدير" "المقتدر". وكتب اسم "ود" بحروف بارزة على جدار في "القرية" "قرية الفأو"، وذلك يدل على عبادته في هذه البقعة.
ويرمز "ود" إلى القمر، بدليل ورود جملة: "ودم شهرن"، "ودم شهران"، أي "ود الشهر" في ب ضر الكتابات. ومعنى كلمة "شهرم" "شهر" "الشهر"، القمر. وضل هذه الالهة المعينية ثالوثاً يرمز إلى الكواكب الثلاثة: الزهرة، والشمس، والقمر.
ويلاحظ إن الكتابات المعينية الشمالية، آي الكتابات المدونة بلهجة أهل معين التي عثر عليها في أعالي الحجاز، لا تتبع الترتيب الذي تتبعه الكتابات المعينية الجنوبية نفسه في إيراد أسماء الآلهة، كما يلاحظ أيضاً أن للمعينيين الشماليين آلهة محلية لا نجد لها ذكراً عند المعينيين الجنوبيين، ولعلّ ذلك بتأثير الاختلاط بالشعوب الأخرى.
مدن معين
ومن أشهر مدن معين، مدينة "قرنو"، وهي العاصمة، وقد عرفت أيضاً ، ب "م ع ن" "معن"، أي "معين"، وب Carna و karana و Karna عند بعض الكتبة "الكلاسيكيين". وتقع على مسافة سبعة كيلومترات ونصف كيلومتر من شرق قرية "الحزْم"، مركز الحكومة الحالي في الجوف. و قد وصف خرائبها "محمد توفيق" في كتابه "آثار معين في جوف اليمن"، فقال: إنها تقع على اكمة من الطين منحدرة الجوانب، تعلو على سطح أرض الجوف بحمسة عشر متراً، وهي مستطيلة الشكل، واستطالتها من الغرب إلى الشرق وطولها 400 متر، وعرضها 250 متراً، ولها بابان أو مدخلان، أو مدخل ومخرج، أحدهما في جانبها الغربي والآخر في الجهة المقابلة من الجانب الشرقي، وليس لها أبواب أخرى. وسورها الذي كان يحيط بها، وقد قدّرَ ارتفاعه بخمسة عشر متراً، و قد وجد في بعض أقسامه فتحات المزاغل التي استعملت للمراقبة ولرمي السهام، كما تعرض لبحث البناء والزخرفةفي هذه المدينة، وقد حصل على تسع عشرة كتابة، نقل تسعاً منها بكتابة اليد، ونقل عشراً منها الباقية بالتصوير الفوتوغرافي.
ويقع معبد "رصفم" "رصف" "رصاف" الشهير، الذي طالما تقدم إليه المؤمنون بالهدايا والنذور وتوسلوا إليه لأن يمن عليهم بالعافية والبركة،خارج سور "قرنو". ونشاهد آثار سكن في مواضع متناثرة من المدينة. و قد كانت "قرنو" "القرن" مأهولة حتى القرن الثاني عشر ثم هجرت وتحولت إلى خراب.
وقد أشار الأخباريون إلى معين، وروى بعض منهم إنها من أبنية التبابعة، و أنها حصن، بني بعد بناء "سلحين"، بني مع يراقش في وقت واحد. ومن مدن حكومة معين "يثل"، وهي من المراكز الدينية، وعرفت به "براقش" فيما بعد. وكانت قائمة في أيام "الهمداني"، ووصف الهمداني الآثار والخرائب التي كانت بها. وقد ورد في إحدى الكتابات أن جماعة من كهنة "ود"، قاموا ببناء ثلاثين "أمه" أي ذراعاً من سور "يثل" من الأساس حتى القمة. والظاهر أن هذا العمل الذي قاموا به، هو الجزء الذي كان خصص بهم عمله على حين قام أناس آخرون، وفي ضمنهم مجلس يثل، ببقية السور.
وللاخباريين قصص عن "براقش". وقد زعم بعض منها إنها و "هيلان" مدبنتان عاديتان، وكانتا للأمم الماضية. وزعم بعض آخر إنها من أبنية التبابعة فهي من الأبنية القديمة إذن في نظر الأخبارين. وقد كان يسكنها "بنو الأدبر ابن يلحارث بن كعب" ومراد في الإسلام.
ولهم سكن سبب تسمية "براقش" ببراقش قصص. فزعم بعض منهم إنها إنما سميت بذلك نسبة إلى كلبة عرفت ببراقش. وزعم بعض آخر إنها امرأة، وهي ابنة ملك قديم، ذهب والدها للغزو، وأودع مقاليد بلاده أليها، فبنت مدينة براقش ومعين، ليخلد اسمها؛ فلما عاد والدها غضب، وأمر بهدمها. وزعم فريق منهم، إنها بإسم براقش امرأة لقمان بن عاد. ومصدر القصص مثل مشهور هو: "على أهلها تجني براقش". و " على اهلها براقش تجني "، وقد أشير في الشعر إليه.
و "يثل"، هي مدين شم Athlula , Athrula المذكورة في أخبار حملة "أوليوس غالوس" على اليمن، والتي زعم إنها آخر موضع بلغه الرومان في حملتهم هذه. و زعم القائلون من المستشرقين بهذا الرأي إن لفظة "يثل" لفظة صعبة على لسان الرومان واليونان، ولذلك حرفت فصارت إلى الشكل المذكور.
ومن بقية مدن معين: "نشق"، و "رشن" "ريشان" و "هرم" "هريم" "خربة هرم"، و "كمنه" "كمنهو" "خربة كمنه"، "كمنا"، و "نشن" "نشان" وهي "الخربة السوداء" "خربة السودا" في الوقت الحاضر.
وقد ورد في بعض الكتابات إن "يدع آل بين" مكرب سبأ، كان قد استولى على مدينة "نشق"، غير إننا لا نعرف اسم الملك المعيني الذي سقطت هذه المدينة في أيامه في أيدي السبئيين.
ويوجد موضع عادي خرب، يعرف بي "كعاب اللوذ" وب "خربة نشان" "خربة نيشان"، يحتمل في رأي بعضهم أن يكون مكان "نشان" "نشن". ويعارض بعض الباحثين ذلك، ويرون إنه بعيد بعض البعد عن مكان "نشن" المعيني، ويذهبون إلى إن هذا المكان هو بقايا معبد أو قبور قديمة، وانه يشير إلى وجود مسكن فيه قديم لا نعرف اسمه.
وقد تبين الباحثين في موضع "الخربة السوداء" التي هي موضع "نشن" "نشان" إن تلك المدينة كانت مدينة صناعية، لعثورهم بين أنقاضها على خامات المعادن، وعلى أدوات تستعمل في التعدين وفي تحويل المعادن إلى أدوات للاستعمال.
و "نشن" "نشان"، هي "نستم" NESTUM في كتاب "بلينيوس".
ويظن أن خرائب "مجزر"، هي من بقايا مدينة قديمة، لعلها المدينة التي سماها "بلينيوس" "مكوسم" Magusum، ويظهر من موقعها ومن بقايا آثارها إنها كانت ذات أهمية لعهدها ذاك، وأنها كانت عامرة بالناس لخصب أرضها ووفرة مياها.
وفي الجوف أماكن أخرى، مثل "بيحان" و "سراقة" و "ابنه" و"مقعم" و "بكبك" و "لوق"، وهي خرائب كانت مواضع معمورة في أيام المعينيين ومن جاء بعدهم فأخذ مكانهم.
وقد ذهب "كلاسر" إلى أن موضع "لوق"، هو Labecia الذي ذكره "بلينيوس" في جملة الأماكن التي استولى عليها "أوليوس غالوس". وذهب "فون وزمن" إلى أنه "لبة" Labbah.
ويرى علماء العربيات الجنوبية أن "نشق" هي Nesca , Nescus في كتب المؤلفين اليونان واللاتين القدماء. وهي Aska، Asca في "جغرافيا سترابون". وقد ذكرها "سترابون" في جملة المدن التي استولى عليها "أوليوس غالوس" إبانّ حمته على اليمن.
المعينيون خارج أرض معين
وعثر على كتابات معيننة خارج اليمن، ولا سيما في موضع "العلا"، وبينها عدد من كتابات "لحيانية" متأثرة باللهجة المعيننة. وقد وردت فيها أسماء معينية معروفة، شائعة بين المعينيين، مثل: "يهر" و "علهان"، و "ثوبت" و "يفعان"، كما وردت قبها أسماء آله معين، وذلك يدل على نزول المعينيين في هذا الموضع وفي الأرضين المجاورة أمداً، وتركهم أثراً ثقافياً فيمن اختلطوا بهم أو جاوروهم و فيمن خلفهم من خلق.
وقد جاء هؤلاء المعينيون من معين بالطبع، أي من اليمن، فنزلوا في هذه الأرضين التي تقع البوم في أعالي الحجاز وفي المملكة الأردنية الهاشمية وفي جنوب فلسطين. ومنهم من تاجر مع بلاد الشام والبحر المتوسط ومصر، بدليل عثور المنقبين على كتابات معينية في جزيرة "ديلوس" من جزر اليونان، وفي مصر: في "الجيزة" وفي موضع "قصر البنات". وظهر من كتابة "الجيزة" المؤرخة بالسنة الثانية والعشرين من حكم "بطلميوس بن بطلميوس"، أن جالية معينية كانت في مصر في هذا الزمن، ولعلها من أيام حكم "بطلميوس الثاني" وكان المعينيون يتاجرون في القرن الثالث أو الثاني قبل الميلاد بتجهيز معابد مصر بالبخور. ويرجع بعض الباحثين تأريخ هذه الكتابة إلى السنة "264 - 263 ق.م.".
و موضع "العلا" المذكور، هو موضع "ديدان" "الديدان" "علت" Ulat في التوراة. وقد قصد به فيها شعب عربي من الشعوب العربية الشمالية، يرجع نسبه إلى "كوش" كما جاء في موضع من "التكوين". والى "يقشان" من إبراهيم من "قطورة" Keturah في موضع آخر منه. وقد جعلت "الديدان" متاخمة لأرض أدوم Edom، وتقع في الجنوب الشرقي منها. وذكر في التوراة إن الديدانيين كانوا من الشعوب التي ترسل حاصلاتها إلى سوق "صور" Tyre.
ويرى أكثر الباحثين في دولة معين إن هذه المنطقة منطقة "الديدان" وما صاقبها من أرض، كانت جزءاً من تلك الدولة وأرضاً خاضعة لها، وان ملوك معين كانوا يعينون حكاماً عليها باسمهم، وان درجتهم هي درجة "كبر" أي "كبير" على طريقتهم في تقسيم مملكتهم إلى "محافد" أي أقسام، يكون على كل محفد أي قسيم من المملكة "كبير"، يتولى الحكم بإسم الملك في المسائل العليا وفي جمع الضرائب التي يبعث بها إلى العاصمة وفي المحافظة على الأمن. وقد عثر على كتابات ذكرت فيها أسماء "كبراء" حكموا باسم ملوك معين.
ومعنى هذا إن دولة معين، كانت تحكم من معين كل ما يقال له الحجاز في عرف هذا اليوم إلى فلسطين، وان هذه الأرضين كانت خاضعة لها إذ ذاك. ولكننا لا نجد في النصوص الآشورية أو العبرانية مثل التوراة ولا في الكتب الكلاسيكية ما يشير إلى ذلك. ولكن القائلين بالرأي الذكور يرون إن حكم سين كان في أوائل عهد معين، أي قبل أكثر من ألف سنة قبل الميلاد فلما ضعف ملوكها تقلص سلطان المعينيين عن الحجاز و بقي نافذاً في المنطقة التي عرفت بر "معن مصرن"، "معن مصران"، أي "معين المصرية"، ثم ضعف سلطان المعينيين الشماليين عن هذه الأرض أيضاً بتغلب السبئيين على معين، ثم بتغلب اللحيانيين في القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد، حيث استقلوا وكوّنوا "مملكة لحيان".
وقد أثارت "معن مصرن" "معين مصران"، جدلاً شديداً بين العلماء، ولا سيما علماء التوراة، فذهب بعضهم إلى أن "مصر" "مصرايم" Mizraim الواردة في التوراة ليست مصر المعروفة التي يرويها نهر النيل، بل أٌريد بها "معين مصران"، وهو موضع تمثله "معان" في الأردن في الزمن الحاضر. وان لفظة "برعو" Per'o التي ترد في التوراة أيضاً لقباً لملوك مصر، والتي تقابلها لفظة "فرعون" في عربيتنا، لا يراد بها فراعنة مصر، بل حكام "معين مصران"، وان عبارة "هاكرهم مصريت" Hagar Ham-Misrith، بمعنى "هاجر المصرية"، لا تعني "هاجر" من مصر المعروفة، بل من مصر العربية، أي من هذه المقاطعة التي نتحدث عنها "معن مصرن" وان القصص الوارد في التوراة عن "مصر" وعن "فرعون"، هو قصص يخص هذه المقاطعة العربية، وملكها العربي.
وقالت هذه الجمهرة: إن ما ورد في النصوص الآشورية من ذكر ل Musri لا يعني أيضاً مصر المعروفة، بل مصر العربية، وأن ما جاء في نص "تغلاتبلسر الثالث" الذي يعود عهده إلى حوالي سنة "734" قبل الميلاد، من أنه عين عربياً Arubu واسمه "ادبئيل" "ادب ال" "ادب ايل" "Idiba'il" حاكماً على "مصري" "Musri"، لا يعني أنه عينه حاكماً على "مصر" الإفريقية المعروفة، بل على هذه المقاطعة العربية التي تقع شمال "نخل مصري" أي "وادي مصري". ويرى "وينكر"، أن "سبعة" "Sib'e" الذي عينه "تغلاتبلسر" سنة "725 ق. م." على مصري، والذي عينه "سرجون" قائداً على هذه المقاطعة، إنما عين على أرض "مصر" العربية ولم يعين على "مصر" الإفريقية.
وقد ورد في أخبار "سرجون" أن من جملة من دفع الجزية إليه "برعو" Pir'u وقد نعت في نص "سرجون" ب "برعو" شاروت مصري"، أي "برعو ملك أرض مصري". وورد ذكر "برعو" هذا في ثورة "أسدود" التي قامت سنة "711 ق. م.". وورد ذكر "مصري" في أخبار "سنحريب" ملك آشور، وكان ملك "مصري" وملك "ملوخة" قد قامة بمساعدة اليهود ضد "سنحريب"، و ذلك في عام "700 ق. م."، وقد انتصر "سنحريب". ويرى "ونكلر" أن كل. ما ورد في النصوص الآشورية عن "مصري" مثل: "شراني مت مصري" "Sharrani Mat Musri"، أي "ملوك أرض مصر" إنما قصد به هذه المقاطعة العربية.
ويشير هذا الرأي مشكلات، خطيرة لقائليه ولعلماء التوراة، فرأي "شرادر" و "ينكلر" وأضرابهما المذكور يتعارض صراحة مع الرأي الشائع عند اليهود وعند التوراة والتلمود والمنشا والكتب اليهودية الأخرى في هذا الموضوع، ويتعارض كذلك مع رأي أهل الأديان الأخرى في الموضوع نفسه، ولم يلق هذا الرأي رواجاً بين الباحثين، وهم يرون أن وجود أرض عربية عند "معان" في الزمن الحاضر، تسمى "مصري" وهي تسمية "مصر" في اللغات السامية، ووجود حاكم عليها اسمه "برعو"، و "برعو" لقب ملوك "مصر"، ويقابل "فرعون" في لغتنا، لا يحتم علينا التفكر في هذه الأرض العربية، ومن الجائز على رأيهم أن يكون الآشوريون قد استولوا على هذه المقاطعة وحكموها ونصبواً حكاماً عليها على حين كانت الحوادث الأخرى قد وقعت في مصر الإفريقية. وبناء على ذلك فليس هناك أي داع للادعاء أن الإسرائيليين لم يكونوا في مصر، وأن فرعون لم يكن فرعون مصر، بل فرعون مصري التي هي "معين المصرية"، وليستبعد أيضاً إن تكون تسمية "مصري" العربية قد أخذت من مصر، فقيل "معين مصرن" لقربها من مصر، ولتمييزها عن "معن" أي "معين" اليمن.
وقد ذهب بعض الباحثين إلى إن "معين مصران" "معين المصرية"، لم تكن جزءاً من حكومة معين، بلى كانت مستوطنة مستقلة من مستوطنات المعينين. وذلك منذ القرن الخامس حتى القرن الأول قبل الميلاد. وان لقب "كبر" الوارد في نصوص هذه المستوطنة لا يعني إن حامله كان موظفاً في حكومة معين بل هو مجرد لقب حمله صاحب هذه المقاطعة باعتبار إنه كبير قومه وسيدهم والحاكم عليهم. وقد بقيت هذه المستوطنة مستقلة إلى القرن الأول قبل الميلاد، وحينئذ زال استقلالها بزوال حكومة المعينين الجنوبيين.
وتعدّ الكتابات المعينية التي عثر عليها في جزيرة "ديلوس" Delos=Delus ذات أمية كبيرة كذلك، في بحثنا هذا، فأنها ترينا وصول المكلين بين الجزر اليونانية و إقامتهم فيها، و اتجارهم مع اليونان. ومن جملة هذه النصوص، نص مكتوب بالمعينية وبالخط المسند و باليونانية وبالحروف اليونانية، ورد فيه: "هنا" أي "هانئ" و "زيد ايل من ذي خذب نصب مذبح ود وآلهة معين بدلث" أي: ب "ديلوس". وورد في اليونانية: "يا ود إلَه معين يا ود". وفي هذا النص دلالة على وجود جالية معينية في هذه الجزيرة وسكناها فيها، وعلى تعلقها بدينها وبآلهتها وعدم تركها لها حتى في هذه الأرض البعيدة عن وطنها. ومن يدري? فلعلها كانت تتصل ببلادها، وتتاجر وتتراسل معها، تصدر إليها حاصلات اليونان، وتستورد منها حاصلات اليمن والعربية الجنوبية و إفريقية والهند وتعمل مع اليونان شِركَةً أو تعاوناً في أسواق التجارة العالمية ذلك العهد.
قوائم بأسماء حكام معين
قائمة "البرايت"
وقد رتب "البرايت" قائمة لملوك معين على النحو الآتي: 1 - اليفع يثع، وهو ابن الملك "صدق ايل" ملك حضرموت. وقد حكم في حوالي السنة "400" قبل الميلاد.
2 - حفن ذرح، وهو ابن اليفع يثع.
3 - اليفع ريام، وهو ابن اليفع. وقد كان أيضاً ملكاً على حضرموت.
4 - هوف عثتر "هوفعث". "هوفعثتر"، وهو ابن اليفع ريام.
5 - أب يدع يثع "أبيدع يثع"، وهو شقيق هوف عثتر. و قد كان يحكم في حوالي السنة 343 قبل الميلاد.
6 - وقه آل ريم "وقه ايل ريام"، وهو ابن هوفعثتر.
7 - حفن صدق "حفن صديق"، وشقيق وقه ايل ريام.
8 - اليفع يفش وهو ابن حفن صديق.
...................................
1 - اليفع وقه، وقد كان حكمه في حوالي السنة250 قبل الميلاد.
2 - وقه ايل صديق "وقه آل صدق"، وهو ابن اليفع وقه.
3 - اب كوب يثع "أبكرب يثع" "أبيكرب يثع"، وهو ابن "وقه آ ل صدق". وقد ورد اسمه في كتابات "ددان" "ديدان" وذلك في الأيام اللحيانية المتأخرة.
4 - عم يثع نبط "عمى يثع نبط" "عميثع نبد"، وهو ابن "ابكرب يثع" "أب يكرب يثع".
.................................
1 - يثع ايل صدق "يغ آل صدق" "يثع ايل صديق".
2 - وقه آل يثع "وقه ايل صديق". وكان تابعاً للملك "شهر يجل يهرجب" ملك قتبان.
3 - اليفع يشر، وهو ابن "وقه ايل يثع".
4 - حفن ريام "خضم ريمم"، وهو ابن اليفع يشر.
5 - وقه آل نبط "وقه ايل نبط".
...................................
وذكر "البرايت" أسماء ما لا يقل عن خمسة ملوك، قال إنه غير متأكد من زمان حكمهم ومن مكان ترتيبهم في هذه القائمة، وهم: أب بدع "ريام?" وابنه "خلكرب صدق" "خاليكرب صديق". و "حفنم يثع"، وهو ابن "خلكرب صدق" و "يثع ايل ريام" و "تبع كرب" "تبعكرب"، وهو ابنه.
وقد أعاد "البرايت" النظر في قائمته السابقة، وأخرى عليها تعديلات على ضوء دراسة صور الكتابات وتغير أسلوبها بمرور العصور، ثم انتهى إلى وضع قائمة جديدة تتألف من ثلاث مجموعات هي:
المجموعة الأولى
1 - اليفع يثع، وهو ابن صدق ايل ملك حضرموت حوالي 400 ق. م.
2 - اليفع ريام.
3 - حفن عثت، وهو ابن اليفع ريام.
4 - أبيدع يثع 343 ق. م.
5 - وقه آل ريام.
6 - حفن صدق، وهو ابن وقه ايل ريام.
7 - اليفع يفش.
8 - عميثع نبط، "عم يثع نبط"، وهو ابن "ابكرب".
9 - يثع ايل ريام.
10- تبع كرب "تبعكرب"، وهو ابن يثع ايل ريام.
11- خلكرب صدق، وهو ابن أب يدع "ريام?".
12-حفن يثغ 250 ق. م.
المجموعة الثانية
1 - وقه ايل نبط 200 ق. م.
2 - اليفع صدق 3 - وقه ايل صدق 150 ق. م.
4 - أبيكرب يثع "أبكرب يثع".
5 - اليفع يشر الأول 100 ق. م.
6 - حفن ريام.
المجموعة الثالثة
1 - يثع آل صدق "يثع ايل صديق".
2 - وقه آل يثع "وقه ايل يثع" 75 ق. م.
3 - اليفع سر الثاني.
نهاية مملكة معين بين السنة 50 والسنة 25 قبل الميلاد.
قائمة "ريكمنس"
وقد دون "ريكمنس" "J. Ryckmans" أسماء ملوك معين على النحو الآتي: أب يدع "ملك? = أب يدع ريام ?".
خلكرب صدق.
..............
اليفع وقه.
وقه ايل صدق.
أب كرب يثع.
عم يثع نبط.
..............
يثع ايل ريام.
تبع كرب.
..............
اليفع ريام.
هوف عثت.
..............
اليفع يثع = معد يكرب ملك حضرموت.
..............
أب يدع يثع "343 قبل الميلاد = يثع ايل "بين?".
وقه ايل ريام.
حفن صدق.
..............
اليفع فش.
..............
يثع ايل صدق.
وقه ايل يثع اليفع يشر شهر يكل يهركب ملك قتبان حفن ريام.
..............
وقه ايل نبط.
..............
خلكرب.
..............
حفن يثع.
..............
يغ ايل حيو.
حفن ذرح










قديم 2012-05-01, 15:32   رقم المشاركة : 103
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










New1

الفصل العشرون والفصل الحادى و العشرون :
مملكة حضرموت



وعاصرت ملكة "معين" مملكة أخرى من ممالك العربية الجنوبية، هي مملكة "حضرموت"، وقد ظهرت قبل الميلاد أيضاً ، وما زال اسمها حياً لطلق على مساحة واسعة من الأرض، فلها أن تفخر بهذا على الحكومات العربية الأخرى التي عاشت قبل الميلاد، ثم ماتت أسماؤها، أو قلّ ذكرها قلة واضحة.
وقد قطع اسمها مئات من الأميال قبل الميلاد، فبلغ مسامع اليونان والرومان، وسجله كتّابهم في كتبهم لأول مرة في القارة الأوروبية، وكتب لذلك التسجيل الخلود حتى اليوم. ولكن سجلوه بشيء من التغير والتحريف، اقتضته طبيعة اختلاف اللسان، أو سوء السماع، أو طول السفر، فرواه "ايراتوستينس" "Chatramotitae"، ورواه "نبوفراستوس" "Hadramyta"، وأما "بلينيوس" فقد رواه و"Chatramotitae" . وقد ورد عند "بطلميوس" "Chatramitae" = "Adramitae" وقد تحدث مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الأريتري" عن سواحل حضرموت الجنوبية، فذكر إن فيها مناطق موبوءة، يتجنبها الناس، ولا يدخلونها إلا لضرورة، ولذلك لا يجمع التوابل والأفاويه إلا خول ملك حضرموت، وأولئك الذين يراد إنزال عقوبات صارمة عليهم. وهذا بدل على إن الروم والرومان كانوا قد سمعوا من ملاحيهم ومن غيرهم من ركاب البحر أخبار السواحل، وهي أخبار مهمة بالطبع بالنسبة إلى أصحاب السفن في ذلك العهد.
وكلمة "هزرماوت" "حزرماوت" "Hazarmaveth" الواردة في التوراة على إنها الابن الثالث لأبناء "يقطان"، تعني "حضرموت" ومعناها اللغوي "دار الموت" ولعل لهذا المعنى علاقة بالأسطورة التي شاعت عند اليونان أيضاً عن "حضرموت"، و إنها "وادي الموت"، وعرفت في الموارد الإسلامية كذلك. وقد وصلت في الإسلام من طريق أهل الكتاب، قال ابن الكلبي: "اسم حضرموت في التوراة حاضر ميت، وقيل: سميت بحضرموت بن يقطن ابن عابر بن شالخ".
وقد ذهب أكثر من بحث في أسباب التسمية من العلماء العرب إلى إن حضرموت هو اسم "ابن يقطن" أو "قحطان"، و"نه كان إنساناً وبه سميت الأرض، وما بنا حاجة إلى إن نقول مرة أخرى إن هذه النظرية ليست عربية، و إنما تسربت إلى الأخباريين من التوراة، إذ جعلت حضرموت اسم رجل هو "ابن يقطان".
وقد ورد اسم "حضرموت" في الكتابات العربية الجنوبية، كما عثر على كتابات حضرمية ورد فيها أسماء عدد من ملوك حضرموت، وأسماء اسر حضرمية ومدن كانت عامرة زاهية في تلك الأيام. وبفضل هذه الكتابات حصلنا على معلومات لا بأس بها عن مملكة حضرموت وعن علاقاتها بالدول العربية الجنوبية الأخرى. ولما كانت أكثر هذه الكتابات قد عثر عليها على وجه الأرض، أو هي من نتائج حفريات لم تتعمق كثيراً في باطن العاديات، فإننا نأمل أن يقوم المستقبل باقناع المحبين للتأريخ العربي، بالقيام بحفريات علمية منتظمة وعميقة في مواطن الاثار، لاستنطاق ما فيها عن تأريخ العرب الجاهليين، وأنا على يقين من أن في باطن الأرض وبين الأتربة المتراكمة على" هيأة أطلال و تلول أسراراً كثيرة ستغير من هذا الذي نعرفه اليوم عن تأريخ حضرموت وعن تأريخ غيرها من حكومات، وستزيد العلم به اتساعاً.
لقد قامت بعث بريطانية صغيرة بأعمال الحفر في موضع يقال له "الحريضة"، فاكتشفت فيه آثار معبد الإلَه "سين"، وهو يرمز إلى القمر، وعثرت على عدد من الكتابات تبين إن بعضها سبئية، كما عثت على قبور عثر فيها على عظام في حالة جيدة تمكن من دراستها، وعلى أواني ومواد من الفخار والخرف وخرز ومسابح يظن إنها من القرن السابع أو الخامس قبل الميلاد. وعثر في خرائب "شبوة" وفي "عقلة" وفي مواضع أخرى على عدد من الكتابات الحضرمية، كما استنسخ نفر من السياح صور بعض الكتابات التي نقلها الناس من مواضع العاديات إلى المواضع الحديثة جث استعملوا حجارتها في البناء.
وتشاهد في مباني "الحريضة" الحديثة، وهي لا تبعد كثيراً عن الموضع القديم، أحجار مكتوبة أخذت من تلك الخرائب، شوهت بعضها أيدي البنّائين وقضت على أكثرها معاولهم، ومحت آلاتهم كثيراً من تلك الكتابات، ولا يستبعد وجود عدد آخر من الأحجار أوجهها المكتوبة في داخل البناء، فلا يمكن الوقوف عليها، أو إنها كسيت بطبقة من "الجبس" أو مادة أخرى تجعل الجدران صقيلة مُلْساً.
ولم تتوصل جهود من بحث في الآثار التي استخرجا من معبد "سن" "سين" في "الحريضة" إلى نتيجة قطعية لتأريخ هذا المعبد، ويظن إن المقابر التي عثر عليها وبعض واجهات المعبد تعود إلى أواسط القرن الخامس فما بعد إلى القرن الرابع قبل الميلاد، وان قسماً من بناء المعبد يعاصر العهد "السلوقي". ويعرف موضع الحريضة في الكتابات الحضرمية باسم "مذب" "مذبم" "مذاب"، وفي هذه المدينة الحضرمية القديمة، معبد خصص بعبادة "سين"، وموف عندهم باسم معبد "سن ذ مذبم" "سين ذو مذاب"، كان الناس ينذرون له النذور، ويتقربون إليه، ليمنحهم العمر الطويل والخير والبركة.
وليس علمنا بأحوال حكام "حضرموت" بأحسن من علمنا بأحوال حكام الحكومات العربية الجنوبية الأخرى، مثل معين أو قتبان أو سباً، فلا نزال لا نعرف شيئا يذكر عن حكامها الأول وعن عددهم وعن مدد حكمهم وعن أمور أخرى من هذا القبيل، ولا نزال نجد الباحثين في أحوالها غير متفقين لا على مبدأ قيام حكومة حضرموت ولا على منتهاها وسقوطها فريسة في أيدي السبئيين، ثم لا نزال نراهم يختلفون أيضاً في عدد الحكام وفي مدد حكمهم.
والحكام الذين يذكر العلماء أسماءهم ليسوا بالطبع هم جميع حكام حضرموت، بل هم جمهرة الحكام الذين وصلت أسماؤهم إلينا مدونة في الكتابات، ولذلك لا نستبعد إن تزيد أسماؤهم في المستقبل، زيادة قد تكون كبيرة، وهي ستتوقف بالطبع على مقدار ما يعثر عليه من كتابات.
لقد تبين من بعض الكتابات الحضرمية إن عدداً من المكربين حكموا شعب حضرموت، وذلك قبل أن يتحول هذا الشعب إلى مملكة. و قد ذكر "فلبي" بعضهم في آخر القائمة التي رتبها بحسب رأيه لحكام حضرموت. ومن هؤلاء المكربين المكرب "يرعش بن أبيشع"، "يرعش بن أب يشع"، "يهرعش بن أب يشع" "يسكر ايل يهرعش بن أب يسع" "يشكر ايل يهرعش بن أببع" الذي ورد اسمه في كتابة سجلها "شكمم سلحن بن رضون" "شكم سلحان بن رضوان"، والظاهر إنه كان من الموظفين أو الأعيان البارزين في حكومة حضرموت. وقد كلفه المكرب بناء سور وباب وتحصينات لحصن "قلت" الذي يهيمن على واد تقطعه الطريق القادمة من مدينة "حجر" والمؤدية إلى ميناء "قانه" "كانه" "قنا"، كما كلف إنشاء جدر وحواجز في ممرات الوادي المهمة لحماية منطقة "حجر" والمناطق الأخرى من المغيرين ومن كل عدو يريد غزو حضرموت، ولا سيما الحمريين الذين صاروا يهددون المملكة، ويتدخلون في شؤونها. وقد وضع تحت تصرفه موظفين و معماريين للإشراف على العمل، وعمالاً يتولون أعمال البناء الذي تم في خلال ثلاثة أشهر تقريباً، وكان ذلك في السنة الثانية من سني "يشرح آل" "يشرح ايل" من آل "عذذ" "ذ عذذم"، ولسنا نعرف اليوم هذا التقويم: "تقويم يشح آل" الذي أرخت به الكتابة.
وقد أنجز "شكم سلحان" "شكم سلحن" العمل الذي كلف انجازه، فبنى الجدار والباب لحصن "قلت"، وبنى الحواجز والمواقع الأخرى للمواضع الخطيرة الرئيسية الواقعة في ممرات الوادي ومعابره، لتصد الأعداء والغزاة عن عبوره، وأنشأ استحكامات ساحلية لحماية البر مهن الهجوم الذي قد يقوم به العدو من جهة البحر. ويظهر إنه أقام حصوناً على لسانين كانا بارزين في البحر، فحمى بذلك الخليج الذي بينهما، كما حصن المنفذ المؤدي إلى وادي "أبنة" والى مدينة "ميفعة"، حيث بنى سوراً قوياً لها، وبرجين هما برج "يذان"، وبرج "يذقان"، وباب "يكن"، وأماكن حماية يلتجئ أليها الجنود إذا لزم الدفاع عن المدينة فضلاً عن بناء المواقع المذكورة وقد قام بهذا العمل الجنود بدليل ورود كلمة "أسدم" في النص، ومعناها الجنود.
وتوجد اليوم في "وادي لبنة" "لبنا" بقايا جدار كان يسد هذا الوادي في أيام مكربي حضرموت. ويظهر إن بانيه هو "شكم سلحن" "شكيم سلحان" المذكور، يبلغ ارتفاعها زهاء سبعة أمتار، وقد أقيم من أحجار مكعبة، قطعت من الصخر، ونحتت نحتاً جيداً، ونضد بعضها فوق بعض ووضعت بين سُوفها مادة من نوع السمنت، وفي وسط الجدار آثار باب عرضه خمسة أمتار لمرور الناس والقوافل منها. وقد بني هذا الجدار ليمنع المغيرين القادمين من الجنوب من الاتجاه نحو حضرموت، وذلك في ضمن الخطة العسكرية التي رسمت يومئذ لتحصين المدن المهمة و إحاطتها بأسوار وجدر قوية في الممرات المهمة والطرق المؤثرة من الوجهة الحربية لمنع الأعداء من الزحف على حضرموت. ويرى بعض الباحثين إن إنشاء هذا الجدار كان في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد.
ويرى بعض الباحثين إن الكتابة التي دوّنها "شكم سلحن" "شكيم سلحان" ووضعت على جدار "لبنا" وعثر عليها في مكانها، هي أقدم كتابة حضرمية وصلت إلينا حتى الآن، وتليها في القدم الكتابة التي عليها في "عقبة عقيبة" وتخص ممر "همريان"، شرق "شبوة". ويرجع هؤلاء زمن كتابة الكتابة الأولى إلى القرن ا الخامس أو أوائل القرن الرابع قبل الميلاد.
لقد كانت الغاية من سدّ الأودية بإقامة جدر قوية حصينة بين طرفيَ الوادي بحيث تمنع الناس من المرور في الوادي إلا من باب يشرف منه الجنود عليها، هو حماية حضرموت من غزو حمير. وكانت مساكن قبائل حمير إذ ذاك تجاور حضرموت. ولهذا صار الحميريون خطراً على حضرموت. ويفهم من إحدى الكتابات إن جدار "قلت" وحصنه إنما أقيما لصد غارات الحميريين وغزوهم المتوالي لأرض حضرموت. وقد جددت تلك الجدر والحصون ورممت مراراً وقوّيت بالحجارة الصلدة التي قدت من الصخر، إذ لم تتمكن من الوقوف أمام سيل غزاة حمير. والظاهر إن غزوهم كان مستمراً في أيام المكرب المذكور، فاضطر إلى بناء تلك العقبات والحواجز لمنعهم من تهديد شعبه.
لقد كانت مواطن الحمريين في هذا العهد في الجنوب وفي الجنوب الشرقي من "لبنا" "لبنه" ومدينة "ميفعة". ولم ينتقل الحميريون نحو الغرب إلى المواضع التي عرفت بأسمهم إلا في القرن الثاني قيل الجلاد، أو قبل ذلك بقليل. أما دولة حمير في أرض يافع وفي رعين وفي المعافر، فقد قامت في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، واستمرت هجرة حمير إليها إلى ما بعد الميلاد. وقد أطلق "الهمداني" على أرض "يافع" اسم سرو حمير".
ويرى "فون وزمن" إن حمير كانت قد استولت على ميناء "قنا" "قانه" في أيام هذا المكرب. وهذا الميناء هو الميناء الوحيد لحضرموت الصالح للاتجار بحراً مع الهند و إفريقية، أخذته من حمير، وكانت تتحكم - على رأيه - بطول الساحل بين "عدن" و "قنا". ولها أسطول من السفن للاتجار مع الساحل الإفريقي الذي ربما كان خاضعاً لها في ذلك الزمن.
وورد في إحدى الكتابات التي عثر عليها "فلبي" اسم مكرب آخر من مكربي حضرموت يسمى "علهان بن يرعش" "علهن بن يرعش". ويظهر إن "يرعش" والد "علهان" هذا، هو "يرعش" المكرب المتقدم. وقد دوّن نص "Philby 103" لمناسبة إنشاء طريق في مطر "همربان" "Hamraban" الذي يقع شرق "شبوة". وقد انهم أنشئت هذه الطريق لتسهيل وصول القوافل إلى العاصمة، ولأسباب عسكرية قد يكون منها تسجل مسيرة الجيش إلى مقر الملك للدفاع عنه.
وقد زهد آخر "مكرب" من مكربي حضرموت في لقبه هذا، فتركه إلى لقب آخر يتسمى به، يدل على الحكم الدنيوي وحده وعلى السلطان والملك، وهو لقب "ملك" فتسمى به. وانتقلت حضرموت بذلك من طور إلى طور، وصار النظام فيها نظاماً ملكياً، و إذا سألتني عن اسم هذا المكرب الذي أبدل لقبه، فصار ملكاً، وصار بذلك آخر مكرب وأول ملك، وأول جامع للقبين في حكومة حضرموت، فإني أقول لك إن علمي به لا يزيد على علمك به، وان العلماء الباحثين الذين آخذ علمي منهم، لا يزالون في ذلك على خلاف، بل إن علمهم به لا يزيد، ويا للأسف، على علمك وعلمي به.
لقد وضع "فلبي" الملك "صدق آل" "صدق ايل" "صديق اي ل" طليعة ملوك مملكة حضرموت، وجعل زمان توليه العرش في حدود عام "1020 ق ? م، " أما "البرايت"، فوضع اسم الملك "يدع آل" "يدع ايل" في راس القائمة التي رتبها لملوك حضرموت، وجعله معاصراً ل "كرب آل" "كرب ايل" أول ملوك مملكة سبأ، وقد حكم على رأيه في حوالي سنة"450 ق. م."، ثم ترك فراغاً بعد هذا الملك يشير إلى إنه لم يهتد إلى معرفة من حكم بعده، وذكر بعد هذا الفراغ اسم الملك "صدق آل" "صدق ايل" الذي كان ملكاً على حضرموت ومعين. وقد ذكر أنه حكم في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد. والفرق كما ترى، كبير جداً بين تقدير "فلبي" وتقدير "البرايت".
وقد وضع "هومل" الملك "صدق آل" "صدق ايل" على رأس قائمة ملوك حضرموت، وعلى هديه سار "فلبي" في ترتيبه لملوك هذه المملكة. وكان على رأيه يعاصر الجماعة الثانية من جماعات ملوك معين. وذكر بعده اسم ابنه "شهر علن" "لشهر علان"، ثم "معد يكرب بن اليفع يثع" "معدكرب بن اليفع يثع" ملك "معين". وكان ل "معد يكرب" ابنان هما:"هوف عثت" "هو فعثت"، و "أب يدع يثع" "أبيدع يثع"، لم يتوليا عرش حضرموت بعد أبيها، والظاهر إن حضرموت اندمجت بعد وفاة "معد يكرب" في مملكة "معين" مدة لا نعرف مقدارها بالضبط. ويرى "فلبى" إنها زهاء ثلاثة قرون إلى نحو سنة "650 ق. م.".
ولدينا كتابة حضرمية من أيام "معد يكرب"، ورد فيها اسمه واسم "شهر علن بن صدق آل" ملك حضرموت، واسم "أب يدع يثع" ملك معين. وقد تقرب فبها صاحبها إلى الإلَه "عثتر ذ قبضم" "عثتر ذي قبض" ببناء يرج موضع "حرف"، وتيمن فبها أيضاً بذكر الآلهة: "عثتر شرقن" "عثتر الشارق" و "ود" و "نكرح"، وتشر هذه الكتابة إلى الروابط المتينة التي كانت بين العرشين: عرش حضرموت وعرش معين. فقد كان "معد يكرب" ملكاً على حضرموت، على حين كان شقيقه ملكاً على معين. ولا ندري إلى متى دام حكم هذه الأسرة التي جمعت بين عرشي المملكتين.
وقد عثر على هذه الكتابة في "معين" وقد طمست منها كلمات واردة قبل اسم "اب يدع يثع"، ولم يبق منها غير "... خي... شو"، فلم يعرف المقصود بهذين المقطعين الباقيين. أيقصد بهما ابن أخيه "أب يدع يثع"، أم يقصد بهما أخاه "أب يدع يثع" ? أم مؤاخيه وحليفه "أب يدع يثع" ? ويعود الضمير في هذه الجملة إلى "معد يكرب" صاحب هذه الكتابة. وقد ذهب "هومل" إلى أن المقصود بذلك "ابن أخيه". وعلى هذا يكون "أب يدع يثع" الواردُ في هذا النص الملك "أب يدع يثع بن اليفع ريام" شقيق "معد يكرب" ملك معين، وهو ابن أخي "معد يكرب" ملك حضرموت.
ولورود جملة: "ملك معين" بعد اسم "أب يدع يثع"، وهي جملة ترد في النصوص بعد اسم كل ملك للدلالة على أنه كان ملكاً - نستنتج أن "أب يدع يثع" كان ملكاً على معين زمن إلى تدوين هذه الكتابة - نعني أنه كان هو ملكاً على معين في الزمن الذي كان فيه "معد يكرب" ملكاً على حضرموت، وهذا يبدو غريبا ما ذهب إليه "فلبي" من أن "أب يدع يثع" حكم في حدود سنة "935 ق. م." وأن "معد يكرب" حكم في حوالي "980 ق. م." وأن مملكة "حضرموت" لم يكن عليها ملك في حدود عام "935 ق. م."، بل كانت تتبع ملكة معين، فإن هذا الرأي يخالف ما جاء في النص المذكور من تعاصر الملكين.
وقد ورد في كتابة معينية وسمت ب "Halevy 520"، اسم "معد يكرب
ابن اليفع"، وذكرت بعده جملة: "ملك معين"، فذهب العلماء إلى أن "معد يكرب" هذا هو "معد يكرب" ملك حضرموت الذي نتحدث عنه، وجعلوه ملكاً على معين وعلى حضرموت. ولكن هذا الرأي يخالف ما ذهبوا إليه في ترتيبهم لأسماء ملوك معين، وقولهم إن ملك معين كان في هذا العهد الملك "أب يدع يثع"، وهو ابن الملك "اليفع ريام بن اليفع يثع". وأعود فأكرر ما قلته مراراً من أن ترتيب الملوك يمثل آراء العلماء ويختلف باختلاف هذه الآراء، فلا مندوحة من الوقوف منها موقف المتفرج الباحث في هذا العهد.
وقد سجله هذه الكتابة لمناسبة بناء برج "ذو ملح" في مدينة "قرنو" عاصمة مملكة معين، وبرج آخر في مدينة "يثل" المعينية. وقد ورد في النص اسما مدينتي "يفعن" "يفعان" و "هرن" "هران" من مدن المعينين كذلك، كما ورد فيها اسم معبد الإلهَ "عثتر ذو قبض".
ويظهر إن هذه الكتابة قد كتبت في زمن مقارب لزمن الكتابة المعينية المعروفة "Glaser 1155"، التي تحدثت عن حرب نشيت بين "مذي" و "مصر"، فصاحبها "عم صدق بن حم عثت" "عمصديق بن حم عثت"، من "ذ يفعن" "آل يفعان"، ورجل آخر اسمه "سعد بن ولج" من "ذ ضفجن" "آل ضفجان". وكانا "كبيرين" في حكومة معين. وقد ورد فيها اسم "اب يدع يثع" "أبيدع يثع" ملك "معين" و "معد يكرب بن اليفع". وأصحاب كتابتنا المتقدمة المعروفة ب "Halevy 520" ثلاثة، هم: "عم صدق" و "عم يدع" و "عم كرب" أبناء "حم عثت" من "آل يفعان" "ذ يفعن". فأحدهم، وهو "عم صدق بن حم عثت" اسهم مع صاحبه "سعد بن ولج" في تدوين الكتابة الأولى وأسهم مع اخوته في تدوين هذه الكتابة الثانية التي ورد فيها اسم "معد يكرب" ابن "اليفع" ملك معين، وقد كان معاصراً كما رأيت للملك "أب يدع يثع" ملك معين، ويكون زمن حكم "معد يكرب" في هذا الزمن الذي وقعت فيه تلك الحرب أو قبل ذلك. وقد ورد في أحد النصوص اسم "سعد" من "آل ضفجن"، و لم يذكر معه اسم أبيه، وكان "كبيراً" على "معين مصران"، وذلك في أيام الملك "أب يدع يثع" و "وقه آل ريمم" "وقه ايل ريام" ملك معين. ويلاحظ إن هذا النص قدم اسم "أب يدع يثع" على اسم "وقه آل ريام"، مع إن المعروف إن "أب يدع يثع" هو ابن "وقه ايل ريام" شقيق "معد يكرب" فهل يدل ذلك على إن "أب يدع يثع" كان شقيقاً للملك "معد يكرب" و ل "وقه ايل ريام" كما ذهب إليه بعض الباحثين ? وقد ورد في النص اسم مدينة "قرنو" أي عاصمة معين، و قبيلة "ضفجن" و "مزود معين"، وان "سعداً" أنشأ "مذاب" وعملها ?. وقد تيمن في النص بذكر أسماء آلهة معين. واسم "وهب آل بن رثدال" "وهب المجل بن رثد ايل" من "آل يفعان".
ويظهر من الأسماء الواردة في هذا النص، ومن مضمونه، ومن اسم ملك معين الوارد فبه، أن صاحب هذه الكتابة، "سعد" من "ضفجن" "ضفنكن" هو "سعد بن ولج" الذي اشترك مع "عم صدق بن حم عثت" وكان كبيراً مثله في الكتابة التي مر الحديث عنها. وقد رأيت أن "عم صدق" كان من "يفعان"، وقد ورد اسم "يفعان" في هذا النص فهو لذلك من نصوص هذا العهد.
وأشار "هومل" إلى الملك "يدع أب غيلان" بعد إشارته إلى "يدع ايل بين" "يدع آل بين" و "السمع ذبيان" ملكي حضرموت، وذكر أن الحميريين كانوا هم أصحاب الحل والعقد في ذلك الزمان. وذكر إن الذي تولى بعده هو "العز يلط" "العذيلط"، ولكنه لم يجزم أنه كان ابن "يدع أب غيلان". فأما "فلبي"، فقد جعله ابنه، غير إنه لم يضعه في هذا المكان.
وتطرق "هومل" إلى ذكر الملك "يدع آل" بعد الملك "معد يكرب" وقد جاء اسمه في النص الموسوم بي "Glaser 1000" الذي دوّن في مدينة "مرواح" وكان معاصراً للمكرب "كرب ايل وتيما" مكرب سبأ. وتحمل في نظره إن يكون "يدع ايل" هذا هو الملك "يدع ايل بين" الذي ذكر اسمه في الكتابة الحضومية المعروفة "SE 43". وهو ابن "سمه يفع"، وقد ذكر معه اسم الملك "السمع ذبين" "السمع ذبيان"، وهو ابن "ملك كرب" "ملكي كرب" "ملكيكرب".
و "غيلان" هو أول من تولى حكم حضرموت بعد هذه الفترة التي لم تعرف من حكم فيها بعد "معد يكرب" على رأي "البرايت". وقد حكم من بعده ابنه "يدع أب غيلان". وذكر "البرايت" إن اسم هذا الملك قد ذكر في كتابة عثر عليها في "وادي بيحان"، وهو يرى إن المحتمل إن يكون هو "يدع أب غيلان" الذي كان حليفاً ل "علهن نهفن" "علهان نهفان" ملك سبأ، وقد حكم على تقديره في حوالي سنة "50ق. م.".
وذهب "فون وزمن" إلى إن "يدع أب غيلان" المذكور كان معاصراً ل "علهان نهفان"، وان والده هو الملك "يدع ايل بين" وقد حكم على رأيه في حوالي السنة "140 ب. م.". وأما الملك "يدع أب غيلان" فقد حكم فهيما بين السنة "160 ب. م." إلى "190 ب. م.". وقد عقد صلحا مع "علهان نهفان" الهمداني.
أما "فلبي"، فقد رأى إن الذي حكم بعد هذه الفترة التي انتهت على حسب اجتهاده بحوالي سنة "650 ق. م." هو "السمع ذبيان بن ملك كرب" و "يدع ايل بين بن سمه يفع"، واندمجت حضرموت بعده في مملكة سبأ أو قتبان، ثم أصبحت جزءاً من مملكة سبأ إلى حوالي سنة "180 ق. م." حيث عادت فاستقلت، فتولى المُلك فيها الملك "يدع آل بين بن رب شمس" الذي كوّن أسرة ملكية جديدة اتخذت مدينة "شبوة" عاصمة لها.
وقد ذكر "البرايت" إن الذي حكم بعد "يدع أب غيلان" وهو ابن الملك "غيلان"، هو الملك "العذبلط" "العزيلط"، وقد نعته ب "الأول" وجعله معاصراً ل "شعرم أوتو" "شعر أوتر" ملك سبأ، وقد كان حكمه على تقديره في حوالي سنة "25 ق. م.".
وذهب "البرايت" إلى احتمال كون "العزيلط" هذا هو الملك "العزيلط بن عم ذخر" المذكور في كتابة عثر عليها في "وادي بي حان" في كتابات عليها "فلبي" في "عقلة" بحضرموت، غير إن "العزيلط بن عم ذخر" هو من المعاصرين للملك "شارن يعب يهنعم"، ولذلك لا يمكن إن يكون هو الملك "العزيلط" الذي لقبه "البرايت" بالأول، وجعله معاصراً للملك "شعرم أوتر" "شعر أوتر".
وقد وجد اسم الملك "العز" في كتابة حفرت على صخرة عند قاعدة جبل "قرنيم" "قرن"، كما عثر على اسمه في كتابات وجدت في "عقلة"، و "عقلة" موضع مهم عثر فيه على كتابات وردت فيها أسماء عدد من ملوك حضرموت، زاروا هذا المكان، وذكرت أسماؤهم فيه. وقد جاء في إحدى هذه الكتابات إن الملك "العزيلط" زار هذا الموضع، ورافقه في زيارته عدد من الزعماء والرؤساء، منهم: "شهرم بن والم" "شهر بن وائل" و "قريت ابن ذمرم" "قرية بن ذمر" و "ابفال بن القتم" "أبفأل بن القتم" و "وهب آل بن هكحد".
وسجل هؤلاء الرجال ذكرى هذه الزيارة في هذا النص الذي وسم ب "Phliby 81". وقد ذكر فيه اسم والد "العذ" "العز"، وهو "عم ذخر" "عمذخر"، ولم يدوّن كاتبه حرف العطف "الواو" بين الأسماء ة ورفقة الملك هؤلاء الذين صحبوه في رحلته إلى حصن "أنود"، وان كانوا لم يفصحوا عن مراكزهم ومنازلهم الاجتماعية نستطيع إن نجزم إنهم كانوا من الوجهاء والأعيان، فرفقة تصاحب الملك للاحتفال بزيارة كهذه الزيارة لا بد أن يكون لها شأن بين الناس.
وتعد الكتابة التي وسما به "Philby 82" من الكتابات المهمة، وقد دونها رجلان من أشراف "حمير يهن"، أي من حمير، رافقا الملك في سفرته إلى حصن "أنود"، لإعلان نفسه ملكاً على حضرموت ولمناسبة تلقبه بلقبه، وهي عادة كان يتبعها ملوك حضرموت عند توليهم الملك وتلقبهم بلقب جديد لم يكن يتلقبون به قبل انتقال العرش إليهم. ولسنا نعرف متى نشأ هذا التقليد عند ملوك حضرموت، ولا السبب الذي دفعهم إلى اختيار هذا المكان دون غيره. و لعله كان من الأماكن المقدسة القديمة عندهم، فكانوا يتبركون بتتويج أنفسهم قيه، أو إنه كان قلعة أو موضعاً قديماً فجرت العادة إن يتوج الملوك فيه. وقد كان هذان الرجلان بعثهما "ثارين يعب يهنعم" ملك "سبأ وذي ريدان" لمرافقة ملك حضرموت في هذه المناسبة. والظاهر إن ملك سبأ إنما بعثها لتهنئة ملك حضرموت ولتمثيله في هذا الاحتفال المهيب الذي بحري في "أنود"، فهما مبعوثان سياسيان من ملك إلى حليفه. وقد سجل "العذيلظ" "العزيلط" هذه المناسبة في كتابة قصيرة ورد فيها "العزيلط ملك حضرموت بن عم ذخر سيراد جندلن أنودم هسلقب"،أي "العزيلط ملك حضرموت ابن عم ذخر سار إلى حصن أنود ليتلقب بلقبه..." وقد كتبت هذه الكتابة في الزمن الذي دونت فبه الكتابتان الأخريان عن زيارة الملك لحصن "انود" عند إعلان لقبه الجديد وتوليه العرش رسمياً، غير إننا لا نعرف - ويا للأسف - تأريخ هذه المناسبة.
وذكر اسم الملك "العزيلط بن عم ذخر" في كتابة دوّنها جماعة من الأعيان عند تتويجه وتوليه العرش و إعلان ذلك للناس في حصن "أنود". وأصحاب هذه الكتابة هم: "نصرم بن نهد" "نصر بن نهد" و "رقشم بن أذمر" "رقاش بن أذمر"، و "والم بن يعللد" "وائل بن يعللد"، و "والم بن بقلن"، و "ابكرب ذو دم" "أيكرب ذو ود". وقد ورد إنهم ساعدوا الملك سيدهم "العزيلط بن عم ذخر" "العذيلط بن عم ذخر" حين ذهب إلى حصن "أنود" لإعلان نفسه ملكاً. ويظهر من ذلك إنهم كانوا من جملة رجال الحاشية الملكية التي صحبت الملك إلى ذلك المكان. ووردت نصوص أخرى سجلها رجال الحاشية الملكية تخليداً لاسمهم في هذه المناسبة. وقد سجل كتابة من هذه الكتابات رجل اسمه "حصين بن ذا ييم مقتوي العزيلط ملك حضرموت"، "حصين بن ذ أييم مقتوي العزيلط ملك حضرموت"، ويظهر إن هذا الرجل كان من قواد جيش الملك وضباطه ولعله كان من مرافقيه.
وقد منح بعض علماء العربيات الجنوبية هذا الملك، أي الملك "العز بن عم ذخر" "العذ" لقب "العز الثالث"، لذهابهم إلى وجود ملكين حكما قبله عرفا بهذا الاسم. ورأى "ركمنس" إن حكمه كان في حوالي السنة "200 ب.م.".
وقد ورد في كتابة حضرمية اسم ملك دعي ب العذ" "العز" ابن "العزيلط" "العذيلط" ملك حضرموت، فيظهر من ذلك إن والد هذا الملك كان ملكاً كذلك، ولم يشير أحد من الباحثين مثل "فلبي" أو "البرايت" إليه. ولعله ابن للملك المتقدم، وصاحب هذه الكتابة رجل اسمه "هبسل قرشم" وتذكرنا كلمة "قرشم" "قريشم"، أي "قريش" باسم قبيلة "قريش" صاحبة مكة.
ولم يتأكد "البرايت" من اسم الشخص الذي تولى العرش بعد "العزيلط"، فترك فراغاً ذكر بعده ملكاً سماه "العزيلط" "العذيلط" ميزه عن الأول بإعطائه لقباً، هو "الثاني". وقد رأى إنه كان معاصراً للملك "ثأرن يعب يهنعم" ملك سبأ. أما والد "العز الثاني" على رأيه فهو "علهان" أو "سلفان". ويرى "فلبي" إن "علهان" أو "سلفان" هو ابن "العزيلط" الأول. وقد سبق إن ذكرت إن "ثأرن يعب يهنعم" كان لحيفاً للملك "العذيلط بن عم ذخر"، وأنه أرسل وفداً لتهنئته بتتويجه و إعلانه لقبه الجديد. لذلك يبدو غريباً ما ذهب إليه "البرايت" من إن "العزيلط الثاني بن علهان" أو "سلفان" هو الملك المعاصر للملك "ثأرن يعب" السبئي.
ويحتمل على رأي "البرايت" إن يكون "العزيلط" "العذيلط" الذي ورد ذكره في النص "Glaser 1619=1430" الذي عثر عليه في "وادي بيحان" ويعود تأريخه إلى سنة "144" من التقويم السبئي التي تقابل سنة "29 م" تقريباً، هو "العزيلط الثاني". ويحتمل على رأيه أيضاً إن يكون هو الملك "Eleazos" الذي ذكر في كتاب ""الطواف حول البحر الأريتري" . وكان هذا الملك معاصراً لملك آخر سماه مؤلف هذا الكتاب "Karibael" = "Charibael" وهو ملك الحميرين والسبئيين، وقد أراد به الملك "كرب ايل وتر يهنعم"، وهو "ملك سبأ وذي ريدان" المذكور في النص "Glaser 483".
أما "فون وزمن"، فيرى إن كاتب النص قد أهمل الرقم ثلاث مئة فكتب مئة وأربعة وأربعين، على حين إن الصحيح هو "344" من التقويم الحميري، واذن يكون زمان تدوين الكتابة هو "299" أو "235" بعد الميلاد وهو وقت حكم "العزيلط بن عم ذخر" على تقديره.
وجاء اسم ملك يدعى "العزيلط" "العذيلط" في كتابة سجلها رجلان، يدعى أحدهما "عذ ذم بن اب انس" "عذ ذ بن أب انس" ويدعى الآخر "رب آل بن عذم لت" "رب ايل بن عذم لات"، وهما من عشيرة "مريهن" "مريهان"، ذكر فيهما انهما قسما إلى معبد الإلهَ "سن ذ علم" "سين ذي علم" في معبده "علم" المشيد في مدينة "شبوة"، سبعة تماثيل من الذهب "سبعة أصلم ذهبن"، كما أمرهما سيدهما الملك. ويظهر انهما كانا من حاشيته وأتباعه. وقد أهملت هذه الكتابة اسم والد هذا الملك، فلا نعرف أي ملك هو، اهو "العزيلط الأول"، أم "العزيلط الثاني" ? وقد ورد في بعض الكتابات ما يقيد استقبال "العزيلط" لضيوف وفدوا عليه من مختلف الأماكن: من الهند "هند"، ومهن "تدمر" "تذمر" ؛ وضيوف آراميون جاءوا إليه من "كشد"، بل ورد في الكتابة "Ja 919" مرافقة عشر نساء قرشيات له إلى حصن "أنود". و إذا كانت الكتابة قد قصدت من "قريش" قريش المعروفة صاحبة مكة، نكون بذلك قد وقفنا لأول مرة على اسمها في وثيقة مدونة.
و لإشارة النصين المذكورين إلى الهند وتدمر وإلى بني إرم وقريش، أهمية كبيرة ولا شك، إذ تدل على الاتصال الذي كان لمملكة حضرموت بالعالم الخارجي في ذلك الزمن، وعلى الروابط التجارية التي كانت تربط ذلك العالم بحضرموت. وقد كان اتصال حضرموت بالخارج عن طريق ميناء "قنا"، فقد كانت السفن تأتي إليه وتخرج منه لتذهب إلى إفريقية والهند وُعمان وأرض فارس.
وترك "البرايت" فراغاً بعد "العزيلط الثاني"، مغزاه إنه لا يدري من حكم بعد "العز" هذا، ثم ذكر بعده اسم "يدع أب غيلان بن امينم" "يدع أب غيلان بن أمين"، ثم جعل اسم ابنه من بعده، وهو "يدع ايل بين"، أي إنه هو الذي تولى الحكم من بعده. وقد بيّن إنه غير متأكد من زمان حكمهما، إلا إن دراسة الكتابات التي ذكر فيها اسمهاهما تدل على إنها من نوع كتابات القرن الأول للميلاد، ولذلك وضع زمانهما في هذا العهد.
ومن الكتابات التي ذكر فيها اسم "يدع ايل بين"، أي ولد "يدع أب غيلان بن أمينم" الكتابة التي وسمها العلماء بسمة "Glaser 1623"، وهي كتابة قصيرة تتألف من أربعة أسطر، ورد في جملة ما ورد في ما اسم الإله "سين ذو علم"، أي الإله "سين" رب معبد "علم". وكان معبد "علم" قد خصص بعبادة هذا الإلهَ.
وقد وصلت إلينا كتابة أخرى ورد فيها اسم "يدع ايل بين"، إلا إنها لم تذكر لقب والده، وهو "غيلان"، وانما اكتفى فيها بتسجيل الاسم وحده وهو "يدع أب". وقد ذكر فيها إن هذا الملك بنى وحصن سور مدينة "شبوة" ابتغاء وجه الإلهتين. "ذات حشولم" "ذت حشولم" "ذات حشول" و "ذت حمم" "ذات حميم"، وذكر فيها اسم "صدق ذخر" "كبر" "كبير" حضرموت. ويظهر إن الغرض من ذكر اسم هذا الكبير "كبير" في النص، إن تؤرخ الكتابة به على في ما رأينا في الكتابات المعينية من التأريخ بأسماء الرجال.
ولم يذكر "البرايت" من حكم بعد "يدع ايل بين"، فترك فجوة تدل على إنه لا يدري من حكم فيها، ثم ذكر بعدها ملكاً آخر، سماه "يدع أيل بين"، قال: إنه ابن "سمه يفع"، ثم ذكر "السمع ذبيان بن ملكي كرب" "مليكرب" من بعده، وقال إنهما كانا متعاصرين. وشد حكما حكماً مزدوجاً، أي إن كل واحد منهما كان يحكم بلقب "ملك حضرموت". وكان حكمهما في حوالي السنة "100" بعد الميلاد على بعض الآراء.
ثم عاد "البرايت"، فترك فراغاً بعد "السمع ذبيان"، دلالة على وجود فجوة في ترتيب أسماء ملوك حضرموت، لا يدري من حكم فيها، ثم ذكر بعدها الملوك: "رب شمس" "ربشمس" ثم "يدع ايل بن" ثم "الريم يدم" ثم "يدع اب غيلان".
وقد ذكرت اسم "رب شمس" قبل قليل، وقدمت زمانه بعض التقديم، وذلك حكاية عن رأي بعض العلماء وفي ضمنهم "فلبي" الذي جعل حكمه في حوالي سنة "180 ق. م."، ثم عدت لأذكره هنا مجاراة لرأي "البرايت" الذي وضعه في أواخر قائمته لملوك حضرموت. وقد ذهب بعض الباحثين إلى إن حكم هذا الملك كان بعد سنة "200 ب. م."، وفرق كبير كما نرى بين التقديرين.
وقد جعل "فون وزمن" زمان "رب شمس" بين السنة "100" و "120 ب. م."، وصيّره من معاصري "اوسلت رفش" "أوسلة رفشان" ملك همدان ومن معاصري الفترة الواقعة بين حكم "ذمر علي يهبر" و "ثأران يعب" الحميربين. ثم البقية التي جاءت بعده، وتتألف من "يدع آل بين" "يدع ايل بين"، ثم "الريم يدم" "الريام يدم"، ثم "يدع اب غيلن" "يدع أب غيلان"، ثم "رب شمس" "ربشمس" وقد جعل نهاية حكمه سنة "180 ب. م.".
وبعد النصر الموسوم ب "Philby 84" من النصوص المهمة بالنسبة إلى تأريخ مدينة "شبوة"، وقد كتب في عهد "يدع ايل بين بن رب شمس"، وجاء فيه إن "يدع ايل بين بن رب شمس" من "أحرار يهبأر" "أحرار يهبار" "أحرر يهبر" مر مدينة "شبوة" وأقام بها، وبنى المعبد بالحجارة، وذلك بعد الخراب الذي حل بها، وعمر ما تهدم وتساقط منها، وانه احتفالاً بهذه المناسبة أمر بتقديم القرابين، فذبح "35" ثوراً و "82" خروفاً و "25" غزالاً و "8" فهود "أفهد"، وذلك في حصن "أنود".
وقد حدثنا هذا النص حديثاً صريحاً باًن أصل "يدع ايل بين" من أحرار "يهبأر" "أحرر يهبر" أي من صرحاء القبيلة، وحدثنا أيضاً بأنه بنى مدينة شبوة، وعمّر مجدها وكسا جدره بطبقة من القار أو غيره لتكون ملساً، من أساسها إلى شرفاتها، وذلك بعد الخراب الذي حل بشبوة، إلا إن الملك لم يتحدث عن سبب ذلك الخراب الذي أصاب المدينة ومعبدها معها، وهو خراب كبير على ما يظهر، فتركنا في حيرة من أمره، وتباينت آراء الباحثين فيه.
ويرى "البرايت" إن النص المذكور هو من نصوص القرن الثاني بعد الميلاد. أما "ركمنس" فيرى إنه من نصوص ما بعد السنة "200" بعد الميلاد. فهو إذن نص يكاد يجمع أكثر علماء العربيات الجنوبية على إنه من نصوص بعد الميلاد. و إذا صدق رأي هؤلاء، كان خراب شبوة إذن و إعادة تعميرها قد وقعا بعد الميلاد.
وقد ة فَسر بعض الباحثين خراب "شبوة" باستيلاء أحد ملوك "سبأ وذي ريدان" عليها، فلما نهض "يدع ايل بين"، لاستردادها من السبئيين، وقع قتال شديد فيها بينه وبينهم في المدينة نفسها، لم ينته إلا بعد خراب المدينة وتدمير معبدها معبد الإلهَ "سين". وعندئذ ارتحل عنها السبئيون، فاضطر "يدع ايل" الذي طردهم منها إلى إعادة بناء المدينة والمعبد، فلما تم له ذلك، احتفل بهذه المناسبة، أو بمناسبة تتويجه ملكاً على حضرموت في حصن "أنود" وقرّب القرابين إلى إلَه حضرموت "سين" وإلى بقية الآلهة، شكراً لها على ذلك النصر، وعلى النعم التي أغدقتها عليه. هذا في رأي فريق من علماء العربيات الجنوبية.
ورأى فريق آخر إن في خراب "شبوة" سبباً من سبيين، فإما إن يكون "يدع ايل" وهو من أحرار قبيلة "يهبأر"، قد أعلن الثورة على السبئيين الحميرين الذين كانوا قد استولوا على شبوة، وقاومتهم مقاومة عنيفة أدت إلى الحاق الأذى بالمدينة، فلما تركها السبئيون الحميريون كانت ركاماً، فأعلن "يدع ايل" نفسه ملكاً على حضرموت، بعد إن ظلت المملكة بدون ملك. وإما إن يكون ذلك الخراب بسبب عصيان "يدع ايل" على الأسرة المالكة الشرعية ومقاومته لها، مما أدى إلى إنزال التلف في المدينة، فلما تغلب على الآسرة المالكة أعاد بناء المدينة وجددها وجدد معيدها على في ما جاء فقط النص.
وليس في النصر شيء ما عن الطريقة التي كسب بها تاج حضرموت، إلا إن إشارة وردت في كتابة تفيد إن بعض الأعراب ورجال القبائل كانوا قد تعاونوا معه وساعدوه، فقد عاونه رجل من قبيلة "يم" "يام"، ومئة من بني أسد، ومئتان من "كلب" أو "كليب"، وعاونه ولا شك آخرون، وبفضل هؤلاء وأمثالهم من رجال القبائل تغلب على من ثار عليهم، فانتزع التاج منهم. والإشارة المذكورة على إنها غامضة، كافية في إعطائنا فكرة عمن ساعد "يدع ايل" على الظفر بالعرش.
ويظهر من كل ما تقدم إن "يدع ايل بين"، وهو من أبناء العشائر، كان قد جمع حوله جماعة من القبائل، ساعدته في عصيانه وتمرده على السلطة الحاكمة في "شبوة" فاستولى على المُلك وقد جاء بعده عدد من الملوك، إلا إن الأمر أفلت زمامه منهم، إذ نجد إن الملك "شمر يرعش" "شمر يهرعش" يضيف "حضرموت" إلى الأرضين الخاضعة لحكومته، حتى صار اسم حضرموت منذ ذلك الحين جزءاً من اللقب الذي يلقب به الملوك. ومعنى ذلك انقراض مملكة حضرموت ودخولها في حكومة "ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنت" اللقب الرسمي الذي اختاره "شمر" المذكور نفسه.
ويرى "فون وزمن" إن الكتابة الموسومة ب Jamme 629 ، من الكتابات التي تعود إلى أيام هذا الملك. وقد جاء فيها إن "مرثدم" "مرثد" و "ذرحن" "ذرحان"، وهو قائد من قواد جيش "سعد شمع أسرع" و "مرثدم يهحمد" من "آل جرت" "آل جرة"، قد حاربا الملك "يدع آل" "يدع ايل" ملك حضرموت والملك "نبطم" "نبط" ملك قتبان، و "وهب آل بن معهر" "وهب ايل بن معاهر" و "ذ اخولن" "ذو خولان" "ذ خولن" و "ذ خصبح" "ذو خصبح" و "مفحيم" "مفحى" حارباهم في أرض "ردمان" قرب العاصمة "وعلن" "وعلان".
ويرى "فون وزمن" إن هذه الحرب قد وقعت في أواخر أيام حكم الملك "نبطم" "نبط" ملك قتبان، المعروف ب "نبطم يهنعم"، وقد لقب في هذه الكتابة بلقب: "ملك قتبان"، إلا أنه كان في الواقع تابعاً لحكم ملك حضرموت. وقد كانت "تمنع" - كما يرى هو أيضاً - قد خربت قبل هذا العهد، و تحولت إلى قرية صغيرة. وقد التقت عساكر "سعد شمس" و "مرثد" بخصومها قرب هذا المكان. ولم تكن "أوسان" مملكة في هذا العهد، بل كانت قبيلة. وقد أذلت "شيعان" بعد هذه الحرب.
وأما "مرثد" "مرثدم" صاحب الكتابة، فهو من "ذ بن جرفم" "بني ذي جرفم" "بني ذي جرف" ب "صنعو"، أي "صنعاء". وقد عمل مع الملكين: "سعد شمس أسرع" و "مرثدم يهحمد"، وهما من ملوك مملكة "جرت" "جرة"، لتنظيم اجتماع لسادات القبائل في موضع "رحبت" "رحابة" الواقع شمال صنعاء، بأرض "سمعي". وقد حضر الاجتماع: "شرحثت"، وهو من سادات "بتع" و "الرم" "الرام" "الريام"، وهو من "بني سخيم"، و "يرم ايمن" الهمداني. ويظهر إن ملكي "جرة" كانا قد استحوذا على مرتفعِات سبأ في هذا الحين.
وكان "وهب آل بن معهر" "وهب ايل بن معاهر" صاحب "ردمان" "ردمن" والأرضين المتاخمة ل "خولان" في هذا الوقت. وقصد ب "معهر" دار الحكم بمدينة "وعلن" "وعلان" من أرض "ردمان".
وأما "خصبح"، فبطن من بطون قتبان.
وتولى الملك بعد "يدع ايل بين" ابنه "الريم يدم" "الريام يدم". ونحن لا نعرف من أمره شيئاً يذكر، إلا ما ورد في كتابة تذكر إنه ذهب إلى حصن "أنود"، واحتفل هناك بتوليه العرش، و إعلانه لقبه الذي اتخذه لنفسه، و إلا ما ورد في كتابة أخرى، دوّنها "رب شمس بن يدع أيل بين"، أي شقيق "الرم يدم"، تذكر إنه رافق شقيقه إلى حصن "أنود" عند المناسبة المتقدمة، فكان من جملة المشاهدين لحفلة التتويج.
ولا نعرف من أمر ""يدع أب غيلان" شقيق "الريم يدم" شيئاً يذكر كذلك. وقد جعله "البرايت" خليفة شقيقه المذكور. وكل ما لدينا عنه، لا يتجاوز ما ذكرناه عن شقيقه. فقد جاء في كتابة إنه ذهب إلى حصن "ازود"، فاحتفل فيه بتتويجه وأعلن في الاحتفال اللقب الذي لقب نفسه به، وجاء في كتابة أخرى سجلها "رب شمس"، أي شقيقه، إنه ذهب مع أخيه "يدع أب" إلى حصن "أنود" لمشاهدة الاحتفال بتتويجه و بإعلانه اللقب.
وقد ورد في أحد النصوص إن "يدع أب غيلن" "يدع أب غيلان"، سوّر مدينة "ذ غيلن". و يرى بعض الباحثين، إن هذا الملك كان قد بنى هذه المدينة في أرض قتبانية فتحت في أيام والده، في مكان يقع عند فم وادي "مبلقه" "مبلقت" المؤدي إلى وادي "بيحان". ويشك بعض الباحثين في صحة قراءة اسم المدينة.
وفي الكتابة المرقمة برقم Philby 88 جملة هي: "رب شمس خير اسدن بن يدع آل بين"، ترجمها "بيستن" ب "رب شمس أمير أسد بن يدع ايل بين" على إن "أسداً" قبيلة، واستدل على ذلك بما جاء في إحدى الكتابات من إن الملك "ختن أسد"، ومعنى ذلك إنه كان ختناً ل "بني أسد". وأرى إن لفظة "اسدن" "اسد" هنا لا تعني قبيلة أسد و إنما تعني جنوداً أو جيشاً، وهي بهذا المعنى في العربيات الجنوبية، فان لفظة "اسدم" تعني الجندي، وان المراد من جملة "رب شمس خبر اسدن" "رب شمس أمير الجند" أو "الجيش"، أي إن لفظة "خير" بمعنى أمير أو قائد، وخير القوم سيدهم، فيكون بذلك قائداً أو أميراً لجيوش حضرموت.
وبناء على ما تقدم نكون قد عرفنا اسم ثلاثة أولاد من أبناء "يدع ايل بين" تولى الملك اثنان منهم على وجه أكيد، أما الثالث، وهو "رب شمس" فلم تصل إلينا كتابة تذكر ذهابه إلى حصن "أنود" للاحتفال بتتويجه و إعلان لقبه. لذلك لا نستطيع إن نبت في موضوع توليه عرش حضرموت. ولم يذكر "البرايت" اسمه بين أسماء أبناء "يدع ايل بين". وقد استخرجته أنا من الكتابات التي ذكرتها، وهي الكتابات التي استنسخها "فلبي" من موضع "عقله".
وفي اللوح النحاس المحفوظ في المتحف البريطاني اسم ملك من ملوك حضرموت هو "صدق ذخر برن" "صدق ذخر بران"، ووالده "الشرح"، وقد ذكر فيه إن هذا الملك قدم نذوراً إلى الآلهة: "سين" و "علم" و "عثتر" لخيره ولخير "شبوة" ولخير أولاده وأفراد أسرته، وقد وردت فيه أسماء قبائل يظهر إنها كانت خاضعة في هذا الزمن لحكمه هي: "مرشد" و "أذهن" "أذهان"، و "ينعم". ولورود اسم "شبوة" في هذا النص، يجب إن يكون هذا الملك قد حكم بعد تأسيس هذه المدينة.
وذكر "هومل" إنه وجد محفوراً على الجهة الثانية من اللوح النحاس "مونكراما" Monogramm طغراء تشير إلى اسم الملك الذي كان ? حضرموت في ذلك الزمن، وقد دعاه "هومل" "سعد شمسم" "سعد شمس".
وورد اسم ملك آخر من ملوك حضرموت، هو: "حي آل" "حي ايل"، وقد ورد اسمه في نقد حضرمي. وما نعرف من أمره في الزمن الحاضر شيِئاً.
ولم يشر "البرايت" و "فلبي" و "هومل" وغيرهم إلى اسم ملك حضرمي ورد ذكره في النص المرقم ب رقم "948" المنشور في كتاب CIH. وهو نص متكسر في مواضع متعددة منه، أضاعت علينا المعنى. واسم هذا الملك "شرح آل" "شرح ايل" "شرحبيل".
وقد سقطت كلمات قبل هذا الاسم، لعلها تكملته. وقد وردت بعده جملة: "ملك حضر..."، وسقطت الأحرف الباقية من كلمة حضرموت وكلمات أخرى.
وقد ورد في النص المذكور اسم "شمر يهرعش" ملك "سبأ وذي ريدان وحضرموت و يمنات". ويدل ورود اسم "شمر يهرعش" في هذا النص مع اسم "شرح ايل" على إن الملكين كانا متعاصرين، ويدل هذا النص على إن مملكة حضرموت بقيت إلى ما بعد الميلاد، وحتى أيام "شمر يهرعش"، يحكمها حكام منهم، يحملون لقب "ملك".
وكان آخرهم هو "شرح ايل" هذا المدون اسمه في النص المذكور. ولكنه لم ي كن مستقلاً كل الاستقلال، بل كان تحت حماية "شمر يهرعش" ووصايته. ودليلنا على ذلك ذكر "شمر" في النص خ "شرح ايل" و إدخال اسم "حضرموت" ضمن أسماء المواضع الخاضعة لحكم "شمر"، أي في اللقب الرسمي الذي اتخذه "شمر" لنفسه بعد استيلائه على حضرموت.
وعثر على نص وسم ب Ja 656، جاء فيه اسما ملكين من ملوك حضرموت أحدهما "رب شمس"، الآخر "شرح أيل" "شرح آل". وليس في النص ما يكشف عن هوية الملكين، وأرى إن "رب شمس" هذا هو "رب شمس" المتقدم شقيق الملكين، وابن "يدع ايل بين". و إذا صدق رأيي هذا، يكون قد تولى الملك لمدة قليلة، تولاه بعد وفاة شقيقه "يدع أب غيلان" ثم انتقل العرش إلى "شرح ايل"، وهو في نظري "شرح ايل" الذي اعترف بسيادة "شمر يهرعش" وسلطانه عليه كما تحدثت عنه.
وقد يكون أحد أبناء "رب شمس" وقد يكون حمل لقب "ملك حضرموت" مع "رب شمس" في إن واحد. وهذا النص هو بالطبع أقدم من النص المتقدم الذي ورد فبه اسم "شمر يهرعش".
لقد جعل بعض علماء العربيات الجنوبية سقوط مملكة "حضرموت" واندماجها نهائياً في مملكة "سبأ وفي ري دان" في أيام "شمر يهرعش"، وبعد السنة "300 ب. م.". و اود إن آبين هنا إننا لم نظفر بكتابة عربي جنوبية، فيها شيء عن كيفية سقوط مملكة حضرموت، وعن كيفية استيلاء "شمر يهرعش" أو غيره من الملوك عليها، فنحن لهذا في وضع لا يسمح لنا بوصف نهاية تلك المملكة وذكر الأحداث التي أدت إلى سقوطها واندماجها في مملكة سبأ وذي ريدان.
وقد ذهب بع ض الباحثين إلى إن سقوط حضرموت كان في القرن الرابع بعد الميلاد، وقبل احتلال الجيش للعربية الجنوبية بقليل. وقد وقع هذا الاحتلال على رأيهم فيما بين السنة "335 ب. م." والسنة "370 ب. م.".
وقد أدت فتوحات "شمر يهرعش" لحضرموت، ولأرضين أخرى تعد من المناطق الخصبة الكثيفة بسكانها في جزيرة العرب، إلى هجرة الناس عنها إلى مناطق بعيدة نائية، وإلى نزول الخراب في كثر من القرى والمدن، إذ تهدمت بيوتها ومعابدها، و قتل كثير من أهلها، وأتت النار على بعضها حرقاً ،فتحولت منازل الناس إلى خرائب، وجفت مزارعهم فآضت بوادي، فهجرها أهلوها ولم يعودوا إليها بعد هذا الخراب. فزادت مساحة الصحاري، ولم تعمر منذ ذلك الحين. وقد زاد في نكبة العربية الجنوبية هذه إن حروب "شمر يهرعش" المذكورة استمرت زمناً طويلاً، وشملت أكثر اليمن حتى بلغت البحر، مما أطمع الجيش في العربية الجنوبية، فزادت قواتها في الأرضين التي احتلتها، وتوغلت في مناطق وَاسعة، ولا سيما بعد موت "شمر يهرعش".
هذا، وقد انتهت إلينا كتابات عدة تعرضت لأنباء الحروب التي نشبت بين حضرموت وسبأ، وبين حضرموت وحكومات أخرى، منها كتابات لم تذكر فيها أسماء الملوك الذين وقعت في أيامهم تلك الحروب، كالكتابة المرقومة ب "4336" المنشورة في كتاب REP. EPIG . وقد قدم صاحبها إلى إلهه الشكر والحمد، وتمثالين من الذهب إلى معبده في "نعلم" لأنه نجَّى سيده "بشمم" "بشم" ومَنَّ عليه بالشفاء من الجرح الذي أصابه في المعركة التي نشبت في مدينة "ثبير" في أرض "يحر". وهي معركة من معارك نشبت بين "شمر ذي ريدان" و "أب أنس" من قبيلة "معهرم" "معهر" "معاهر" وأمراء "خولان" وملك سبأ وملك حضرموت. ولما كانت هذه الِكتابة قد كتبت لإعلان شكر صاحبها لإلهه وإعلانه بوفائه لنشره، وهي في موضوع شخصي لم تكن متبسطة في أخبار تلك الحرب المزعجة، لذلك اكتفيت بذكرها أجمالاً دون تفصيل. أما نحن العطاش إلى معرفة خبر تلك الحرب، وما كان من أمرها، فقد خرجنا بعد قراءتنا لهذا النص ونحن آسفون على بخل صاحبها علينا وتغيره في تفصيل خبر هذا الحادث المهم، وشاكرون الله مع ذلك على سلامة رجل وقاه الله شر تلك الحرب.
هذا ما وصل إلى عمنا من أسماء ملوك حضرموت و "مكربيها". ولست أرى بأساً في التنبيه مرة أخرى على إن هذه الأسماء لم ترتب إلى الآن ترتيباً زمنياً مضبوطاً، وإنما رتبت على حسب اجتهاد الباحثين. ولذلك نجدهم يختلفون في هذا الترتيب وغيره، في أسماء الملوك. وسجلنا الآن إن نحاول جهد الإمكان حصر هذه الأسماء حتى يأتي اليوم الذي نستطيع فيه الترتيب والتصنيف.
والظاهر إن حكم الحمريين لحضرموت، لم يتحقق بصورة فعلية، بل كان في اواخر أيامهم، ولا سيما في أواخر القرن الخامس وابتداء القرن السادس للميلاد، حكماً شكلياً، لأننا نجد أرض حضرموت وقد استقل فيها حكام المدن وسادات القبائل وأشراف الأودية، وقد لقب أكثرهم أنفسهم بلقب "ملك". وقد ذكر "ياقوت الحموي" إن بني "معد يكرب بن وليعة" وهم: مخوص، ومشرح، وجمد، و أبضعة، كانوا يسمون ملوكاً، لأنه كان لكل واحد وادٍ يملكه. والواقع إن كثيراً من سادات القبائل قبل الميلاد وبعده، كانوا يلقبون أنفسهم بلقب ملك، ولكنهم لم يكونوا غير سادات قبائل وأصحاب أرض.










قديم 2012-05-01, 15:35   رقم المشاركة : 104
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع / مملكة حضرموت

?قبائل حضرمية
وفي حضرموت كما في كل الأماكن الأخرى من جزيرة العرب قبائل و عشائر وأسر ذوات حكم وسلطان وجاه في مواطنها، وقد ورد أسماء عدد منها في الكتابات، ومن قبائل حضرموت وعشائرها وأسرها: "شكمم" ، أي "شكم" "شكيم"، وعشير "يشبم" "يشبوم".
ويرجع نسب عشيرة "رشم" إلى قبيلة "مقنعم" "مقنع" أو "يقنعم" كما جاء في بعض الكتابات، وهو اسم قبيلة لا نعرف من أمرها شيئاً في الزمن الحاضر، وكان يحكمها "أقيال" منهم: "هو فعثت" و "لحى عثت"، وهما من موضع "عليم"، أي "علب". وقد جاء في نص انهما قدّما وثناً "صلمن" إلى الآلهة "عثتر" و "هبس" "هوبس" و "المقه" و "ذت حمم" "ذات حميم". وقد يفهم من ذلك إن هذه القبيلة كانت قبيلة سبئية، نزحت إلى حضرموت، واستقرت فيها، أو إنها كانت من القبائل السبئية التي خضعت لحضرموت.
و "يهبأر" "يهبر" "يهبار" من القبائل المعروفة في العربية الجنوبية، ولا يستبعد إن تكون قبيلة Iobaritai التي ذكر اسمها "بطلميوس" ? وكانت منازلها على ما يظهر من جغرافيته على مقربة من الموضع الذي سماه Sachalitai أي "الساحل" أو "السواحل"، فهي من القبائل العربية الجنوبية التي لا تبعد منازلها عن الساحل كثيراً، وقد كان "يدع ايل بين بن رب شمس" من أبنائها الأحرار.
و قبيلة "أسد" من القبائل العربية الشمالية المعروفة بعد الميلاد. أما في نصوص المسند، فليست فيها معروفة. ويظهر إن قسماً منها كان قد نزح من نبد إلى الجنوب حتى بلغ أرض حضرموت، فساعد "يدع ايل بين". ولعل نزوحها إلى الجنوب كان بسبب خلاف وقع بين عشائرها أو مع قبائل أخرى، فاضطر قسم منها إلى الهجرة إلى العربية الجنوبية.
و "يام" من القبائل المعروفة حتى اليوم، وتسكن عشائر منها حول نجران.
وأما "كلب" أو "كليب"، فإنها من القبائل التي يرجع النسابون نسبها إلى عدنان، أي إلى العرب الشماليين.
مدن ومواقع حضرمية
و "شبوة"، هي عاصمة حضرموت وهي Sabbaths=Sabotha=Sabota عند الكتبة الكلاسيكيين. وهي Sabtah المذكورة في التوراة في نظر بعض الباحثين. وزعم "هوكارت" Hogarth إنها Sawa. وذكر "الهمداني" موضع "شبوة" في جملة ما ذكره من حصون "حضرموت" ومحافدها.
وقد ظن "فون مالتزن" وآخرون غيره إنها مدينة "شبام". وزار "فلبي" "شبوة"، وعثر على آثار معابدها وقصورها القديمة، كما شاهد بقايا السدود التي كانت في وادي شبوة لحصر مياه الأمطار والاستفادة منها في إرواء تلك المناطق الواسعة الخصبة.
وتشاهد في "وادي أنصاص" وفي خرائب "شبوة" بقايا سدّ وأقنية للاستفادة من المياه وخزنها عند الحاجة إليها. وهناك سدود أخرى بنيت في مواضع متعددة من العربية الجنوبية للاستفادة من مياه الأمطار وللسيطرة على السيول، وتحويلها إلى مادة نافعة تخدم الإنسان.
وأما حصن "أنود" "أنودم"، الموضع الذي يحتفل فيه الملوك عند تتويجهم وإعلانهم اللقب الذي يتلقبون به بعد توليهم العرش، فإنه موضع "عقلة" في الزمن الحاضر. وهو خربة على شكل مربع. وقد زار هذا المكان جملة أشخاص من الغربيين ووصفوه، منهم "فلبي"، وقد وجد فيه خرائب عادية ووجد عدداً من الكتابات الحضرية، هي الكتابات التي وسمت باسمه. ويشرف هذا الموضع على واد شد، فيتصل بتلال "شبوة". و قد كان حصناً ومعسكراً يقيم فيه الجيش، لحًماية مزارع هذا الوادي، ولا بد إن يكون هنالك سبب جعل الملوك يختارون هذا المكان لإعلان اللقب الرسمي الذي يختاره الملوك لأنفسهم عند التتويج.
وقد تبين من بعض الكتابات المتعلقة بنصيب ملوك حضرموت في هذا المكان إنهم كانوا يتقربون في يوم إعلان تتويجهم في حصن "أنود" بنحر الذبائح للآلهة. و قد تبين من بعضها إن في جملة تلك الذبائح التي قدمت إلى الآلهة حيوانات وحشية مثل الفهود. وقد استمرت هذه الاحتفالات قائمة إلى القرن الثاني بعد الميلاد على رأي "البرايت"، وإلى حوالي السنة "200" بعد الميلاد على رأي "ركمنس".
ومن مدن الحضرميين مدينة "ميفعت" "ميشعة"، وكانت على ما يظن عاصمتهم القديمة. وقد ورد في بعض الكتابات ما بفيد أن "يدع ايل بن سمه علي" رمم أسوار هذه المدينة. وقد ذهب بعض الباحثين إلى إنها Mapharitis التي أشار إليها مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الأريتيري"، ولدينا نص حضرمي يفيد إن "هبسل بن شجب" بنى سور المدينة و أبوابها، واستعمل الحجارة والأخشاب، وأنشأ فيها بيوتاً ومعابد، وأتم عمله بعده ابنه "صدق يد" فأعلى سور المدينة وأحكمه.
ولم تذكر الكتابة الجهة التي أنفقت على هذا العمل الذي يحتاج إلى نفقات عظيمة ولا شك، ولعل الدولة هي التي عهدت إليهما هذا العمل على انهما مهندسان أو من المقاولين المتخصصين بأعمال البناء.
وكانت "ميفعة" من المدن المهمة، و قد ذكرت في عدد من الكتابات، وهي Maipha Metropolis عند "بطلميوس"، ويقع عند "حصن السلامة" موضع عادي خرب، يقال له "ريدة الرشيد"، يظهر إنه كان محاطاً بسور حصين، كما يتبين ذلك من أحجاره الفخمة المبعثرة الباقية. وقد كان مدينة، يرى إنها Raidaعند "بطلميوس" وقد وضعها في جنوب شرقي Maipha Metropolis أي ميفعة.
وعثر على كتابات عديدة أخرى، تتحدث عن تحصين "ميفعت" "ميفعة"، وعن تسويرها بالحجارة وبالصخر المقدود وبالخشب، وعن الأبراج التي أقيمت فوق السور لصد المهاجمين عن الدنو إليه. وذكر اسمها في كتابة "لبنة" "لبنا" التي هي من أيام المكربين في حضرموت.
ويظهر إن الخراب حل ب "ميفعة" في القرن الرابع بعد الميلاد، وحلّ محلها موضع آخر عرف ب Sessania Adrumetorum، أي "عيزان" ف "عيزان" اذن، هو الوليد الجديد الذي أخذ مكان "ميفعة" منذ هذا الزمن.
ومن مدن حضرموت مدينة سماها بعض الكلاسيكيين Cane Emporium، وذكر إنها ميناؤها. وأما "أريانوس"، فقال إنها الميناء الرئيسي لمللك أرض اللبان، وقد سماه Eleazus وقال إنه يحكم في عاصمته Sabatha.
وقد ذكر هذا الميناء "بلينيوس" كذلك، فقال إن السفن التي تأتي من مصر في طريقها إلى الهند، أو السفن الآيبة من الهند إلى مصر، كانت ترسو إما في ميناء Cana=Qana، وإما في ميناء Occelis على ساحل البحر عند المضيق. وذكره مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الأريتري" كذلك فقال: Cana=Qana ميناء حضرموت، وله تجارة واسعة مع "عمان" 'Omana ، على الخليج، وعلى سواحل الهند. ومع سواحل الصومال في إفريقية. وقال إن السواحل كانت مأهولة بالأعراب، وبقوم يسمون Ichthyophogi، أي "أكلة السمك".
وفي ميناء Cana "قنا" يجمع اللبان والبخور وغير ذلك، ويصدر إلى الخارج، إما بحراً حيث تنقلها وسائل النقل البحرية، وفي ضمنها بعض الوسائط التي تطفو على سطح البحر بالقُربَ المنفوخة بالهواء، و أما براً حيث تنقلها القوافل. ويقع هذا الميناء إلى شرق "عدن" وعلى مسافة منه جزيرتان، جزيرة Ornenon أو جزيرة الطيور، وجزيرة Trulla. ويقع إلى الشرق من Cana ميناء آخر، يقال له Mathath Villa. ويرى "فورستر" وأكثر الباحثين الآخرين إلى إن ميناء Cana هو المحل المعروف باسم "حصن غراب" في الزمن الحاضر.
و "حصن غراب"، قد بني على مرتفع من صخر أسود على لابة بركان قديم، يشرف على المدخل الجنوبي الغربي لخليج أقيم عليه الميناء، فيحميه من لصوص البحر ومن الطامعين فيه. وقد زاره بعض السياح، مثل "ولستيد" فوصفه. وزاره B.Don سنة "1957 م" وتحدث عنه.
وقد ورد اسم هذا الحصن في الكتابة الموسومة ب CIH 728، وقد سمي فيها "عرمريت" "عرماوية". وهو الاسم القديم لهذا الحصن الذي يعرف اليوم ب "حصن غراب" "حصن الغراب". وورد في الكتابة الطويلة المعروفة ب CIH 621 التي يعود تأريخها إلى سنة "531م". وتتحدث عن ترميم هذا الحصن و تجديد ما تهدم منه، وذلك بأمر "سميفع أشوع" "السميفع أشوع".
وورد ذكره في النص Ryckmans 538 الذي يتحدث عن الحروب التي خاضتها جيوش الملك "شعرم اوتر" "ملك سبأ وذي ريدان" في أرضين لقبائل قتبائية ورومانية وقبائل مضحيم "مضحى" وأوسان فبلغت "عرمويت" "عر ماوية" وموضع "جلع" في جملة ما بلغتها من ارضين. و "جملع" قرت قرية الساحل شمال غربي "بلحاف" في الزمن الحاضر.
وقد وجد "ولستيد" Wellsted في "حصن غراب" الكتابة التي وسمت ب CIH 728. وقد جاء فيها إن "صيد أبرد بن مشن" "مشان"، كان مسؤولاً عن "بدش" "باداش"، وعن "قنا"، وقد كتب ذلك على "عر مويت" "عر ماوية"، أي حصن "ماوية". و "قنا هو اسم الميناء الشهير. و أما الحصن الباقي أثره حتى اليوم، فيسمى "حصن ماوية"، وأما "باداش"، فإنه ما زال معروفاً حتى اليوم، ولكن بشيء من التحريف. وفي هذا المكان يعيش قوم رعاة يعرفون بي "مشايخ باداس"، وقد جاء هذا الاسم من "باداش القديم". وهكذا حصلنا من النص المذكور عل اسم ميناء حضرموت الذي كانت الموارد "الكلاسيكية" هي أول من وافتنا به.
فحصن غراب أذن هو "عر مويت"، وهو حصن مدينة "قناة" المدينة نفسها، ولا تزال آثار مخازن مائه القديمة باقية، وهي صهاريج تملأ بالأمطار عند نزولها، لتستغل وقت انحباسها. وقد أمكن التعرف على موضع البرج الذي يجلس فيه الحرس والمراقبون لمراقبة من يريد الوصول إلى المكان. ويرى بعض الباحثين إن موقع المدينة الأصلية كان في السهل الواقع عند قدم الحصن من الناحية الشمالية، حيث ترى فيه آثار ابنية و مواضع سُكنى. أما ما يسمى ب "بير علي" "بئر علي" في هذا اليوم، فانه مستوطنة حديثة بنيت بأنقاض تلك المدينة القديمة.
ومن مدن حضرموت مدينة "مذب" "مذاب"، وقد اشتهرت بمعبدها الذي خصص بعبادة الإلَه "سن" "سين". وتقع بقاياه اليوم في الموضع المعروف باسم "الحريضة". وقد سبق إن قلت إن بعثة بريطانية نقبت هناك، ووجدت آثار معبد ضخم هو معبد الإله "سين"، الإله الذي يرمز إلى القمر.
وقد تبين للذين بحثوا في أنقاض معبد "مذب" "مذاب" إنه بني عدة مرات. ويظهر إنه تداعى، فجدد بناؤه مراراً. وقد تبين من الكتابة الحلزونية التي عثر عليها في أنقاض هذا المعبد إنها من أيام "المكربين" وانها ترجع بحسب رأي الخبراء الذين درسوها إلى حوالي السنة "400 ق. م."، وان تأريخ المدينة ومعبدها يرجع إلى الفترة الواقعة بين القرن السادس والقرن الخامس قبل الميلاد.
وقد تبين من بعض الكتابات إن "كبير" "كبر" "مذب" كان من آل "رمي" "رامي". وكان يقيم في الموضع المسمى ب "جعدة" في الزمن الحاضر. وكان يملك جزءاً كبيراً من "وادي عمد"، وله بئر في المدينة تتصل بصهريج مدرج نخزن فيه الماء، تعرف ب "شعبت" "شعية" "شعبات". ومن قبائل هذا الموضع: "عقنم" "عقن" "عقان"، و "كرب" "جرب"، و "يرن" "يارن".
وقد تبين من فحص مواضع من جدران مجد "سين" إن الحجارة التي استعملت في إقامته كانت قد قدت من الصخر، ونحتت لتنسجم بعضها مع بعض، وقد ربط بعضها إلى بعض حتى لا تفصل بسهولة. وتبين إن قاعة المعبد كانت فيها أعمدة تحمل سقفها، وربما كانت قاعة كبيرة واسعة تتسع لعدد كبير من المؤمنين المتقين الذين يؤمونها لتعبد والتقرب إلى الإلَه في معبده هذا.
وعثر في الأماكن التي حفرت على أدوات من الخزف، وعلى مباخر وقلائد و مسابح صنعت حباتها من الحجر والخرز، وعلى أختام خفيفة من النوع المعروف عند الفرس بين القرنين السادس والرابع قبل الميلاد. ويرى بعض الباحثين إن تأريخ "مذاب" ومعبدها يعود إلى الفترة الواقعة بين القرن الخامس والقرن الثالث قبل الميلاد.
وقد ذهب بعض من درس معبد "مذاب" إلى إن حضارة حضرموت وحضارة بقية العربية الجنوبية لقديمة كانت قد تأثرت بالمؤثرات الحضارية العراقية في بادئ الأمر، وذلك في أيام المكربين، ولكن تلك الحضارة كانت متماسكة وذات طابع خاص، أخذ من ظروف العربية الجنوبية، غير إنها أخذت تبتعد من بعد عن المؤثرات الحضارية العراقية منذ القرن الأول قبل الميلاد فما بعده، وتتقرب من مؤثرات حوض البحر المتوسط والمؤثرات الإيرانية، وذلك نتيجة اتصال الروم والرومان والفرس بالعربية الجنوبية، فظهرت حضارة عربية جنوبية جميلة، وأبنية حديثة، إلا إنها لم تكن في متانة الحضارة العربية الجنوبية القديمة وقوتها، وليست لها تلك الشخصية التي أسبغها الفنان العربي القديم في القرون السابقة للميلاد على أبنيته، فذهبت بذلك العناصر العربية الجنوبية الأصلية، وتراجعت، وطغى عصر التجديد أو التقليد البعيد على تلك الشخصية العربيةالقديمة في هذه البقاع.
ومن مواضع حضرموت، موضع عرف في الكتابات باسم "مشور"، وقد اشتهر بمعبده المسمى "سن ذ مشور"، أي "سين رب مشور"، وفي مكانه في الزمن الحاضر خرائب عادية تعرف باسم "صونة" و ب "حدبة الغصن". وقد عثر فيه على كتابات ورد فيها اسم هذا المعبد، كما عثر فيه على حجارة مزخرفة نقشت عليها صور حيوانات نقشت بصورة تدل على فن وبراعة وإتقان. ويرى بعض الباحثين إن هذه الزخارف تشبه الزخارف التي عثر عليها في معبد "حقه" "حقة"، ويقدر عمرها بحوالي القرن الثالث قبل الميلاد.
وفي أرض حضرموت مواضع قديمة حضرمية و سبئية ينسبها الناس اليوم إلى "عاد" "وثمود". فقي ملتقى "وادي منوة" بوادي ثقبة صخور مهيمنة على الوادي، وقد نقرت لتكون ملاجئ ومواضع للسكنى وربما جعلت ملاجئ للجنود يختبئون فيها ليهاجموا منها الأعداء الذين يخترقون الوادي و يرموهم بالسهام والحجارة. وعلى المرتفعات بقايا بيوت ومساكن، يظهر إنها كانت قرى آهلة قبل الإسلام، وعلى واجهة الوادي الصخرية كتابات دونت بلون أحمر، ظهر للسباح الذين رأوها انها كتابات سبئية، و إنها أسماء أشخاص، لعلها أسماء الجنود أو المسافرين الذين اجتازوا هذا المضيق.
وفي موضع "غيبون" على مقربة من "المشهد" خرائب يرى أهلها إنها من آثار "عاد". ويظن الآثاريون الذين رأوها إنها من بقايا مدينة "حميرية". وقد وجدوا فيها فناراً وزجاجاً قديماً وحجارة مكتوبة، وعلى مقربة منها موضع يقال له "مقابر الملوك". ونظرا إلى إنها في موقع حضرمي، يقع بين "القعيطي" و "الكثيري" "آل كثير" في الزمن الحاضر، فلا أستبعد إن يكون من القرى أو المدن الحضرمية.
وعلى مقربة من "تريم" خرائب جاهلية أيضاً، ينسبها الناس إلى عاد. وهي من آثار معيد، وطريق كان معبّداً يوصل إليه. وقد بني هذا المعبد على قمة تل وعنده آثار بيت وأحجار متناثرة قدت من الحجر، عليها مادة بناء توضع بين الأحجار لتشد بعضها إلى بعض.
وعند موضع "سون" "سونة" "سونه" خرائب تسمى "حدبة الغصن" تشبه خرائب "غيبون"، هي عبارة عن بقايا أبنية لعلها كانت قرى أو مدناً حجارتها متناثرة على سطح الأرض. ولا تزال بعض الأسس على وضعها، ترشد إلى معالمها. وقيل هذه الخرائب بقايا جدار كان متصلاً بجانبي وادً، يظهر إنه من بقايا سدّ بني في هذا المكان لحبس السيول والأمطار، للاستفادة منها عند انحباس المطر.
وفي حضرموت موضع آثاري، يسمى "حصن عر"، وهو بقية حصن جاسلي، لعله من حصون ملوك حضرموت، يظهر إنه أسس في هذا المكان لحماية المنطقة من الغزاة ولحفظ الأمن فيها. وقد كان الحصن عالياً مرتفعاً فوق تل، ولا تزال بقايا بعض جدرانه وأواره ترتفع في الفضاء زهاء خمسين قدماً. وهناك بقايا أبنية ومعالم طريق ضيقة توصل إلى ذلك الحصن الذي لا نعرف اسمه القديم.
و قد تمكن "فان دير م ويلن" Van Der Meulen و "فون وزمن" H. Von Wissmann من زيارة مواضع أثرية أخرى في حضرموت، مثل "المكنون" El-Mekenum، و "ثوبة" و "العرّ" وتقع آثار "مكنون" "المكنون" على مقربة من "السوم". وهناك أرض مكشوفة يزعم. المجاورون لها إنها أرض "عاد".
أما "ثوبة" أو "حصن ثوبة"، فإنه بقايا أبنية على قمة تل، يظهر إنه كان في الأصل حصناً لحماية المنطقة من الغزاة ولمنع الأعداء من الوصول إلى قرى مدن المنطقة ومدنها أو اجتياز الأودية للاتجاه نحو الجنوب. ولا تزال بقايا جدر الحصن مرتفعة عن سطح الأرض. وأما "العرّ"، فهو موضع حصن قديم أيضاً بني لسكنى الجنود الذين يدافعون عن الأرضين التي بنيت فيها.
يظهر من آثار الحصون والقلاع الباقية في حضرموت إن مملكة حضرموت كانت قد حضت حدودها، وحمتها بحاميات عسكرية أقامت على طول الحدود لحمايتها من الطامعين فيها ولحماية الأمن الداخلي أيضاً. وقد أقيمت هذه الحصون في مواقع ذات أهمية من الوجهة العسكرية، على تلال وقمم جبال ومرتفعات تشرف على السهول ومضايق الأودية حيث يكون في متناول الجنود إصابة العدو و إنزال الخسائر به، وبهذه التحصينات دافعوا عن حدود بلادهم.
ويعد ميناء "سمهرم" المعروف ب "خور رورى"، وهو في "ظَفارِ" عمان من الموانئ المعروفة التي كانت في القرن الأول للميلاد. ويرى بعض الباحثين إن مؤسسيه هم من الحضارمة، ولذلك كان من موانئ مملكة حضرموت. وقد عثرت البعثة الأمريكية لدراسة الإنسان على بقايا خزف، تبين لها من فحصه إنه مستورد من موانئ البحر المتوسط في القرن الأول للميلاد. ووجوده في هذا المكان يشر بالطبع إلى الاتصال التجاري الذي كان بين العربية الجنوبية وسكان البحر المتوسط في ذلك العهد.
قوائم حكام حضرموت
قائمة هومل
صدق آل "صدق ايل"، "صديق ايل"، وكان معاصراً للملك "أب يدع يثع" "أبيدع يثع"، ملك معين.
شهرم علن "شهر علن"، "شهر علان"، وهو ابن "صدق آل".
معد يكرب "معدي كرب".
.......................
سمه يفع "سمهو يفع" "سمهيفع"، ولا نعرف اسم والده.
يدع آل بين "يدع ايل بين"، وقد ورد اسمه مع اسم "السمع ذ بين بن ملك كرب "السمع ذبيان بن ملكيكرب" على انهما ملكا حضرموت.
امينم "أمينم"، "أمين".
يدع أب غيلن "يدع أب غيلان".
يدع آل بين "يدع ايل بين(،. Glaser 1623.
.......................
يدع أب غيلن "يدع أب غيلان".
العزيلط.
.......................
يدع أب غيلن "يدع أب غيلان".
.......................
سلفن "سلفان"، أو "علها ن" "الهان".
العزيلط: حكم حوالي سنة "29" بعد الميلاد.
.......................
رب شمس "ربشمس".
يدع آل بين.
.......................
نهاية حكومة حضرموت، وقد كانت في حوالي سنة "300" بعد الميلاد، في أيام "شمر يهرعش".
المكربون
اب يزع "أب يزع".
حي آل "حي ايل"، "حيو ايل".
قائمة "فلبي"
1 - صدق آل "صديق ايل"، ملك حضرموت و معن. وقد حكم على تقديره في حوالي سنة "1020" قبل الميلاد.
2 - شمر علن بن صدق آل "شهر علان بن صدق ايل"، وقد تولى الحكم في حوالي سنة "1000" قبل الميلاد.
3 - معد يكرب بن اليفع يثع ملك معين، وقد تولى في حوالي سنة 980 قبل الميلاد.
ويرى "فلبي" إن "حضرموت" ألحقت بعد "معد يكرب" بمملكة معين، وقد ظلت تابعة إلى حوالي سنة ""650" قبل الميلاد.
4 - السمع ذ بين بن ملك كرب "السمع ذبيان بن ملكى كرب" "السمع ذبيان بن ملكيكرب".
5 - يدع آل بين بن سمه يرخ "يدع ايل بين سمهيفع"، وقد حكما من سنة "650" إلى سنة "590" قبل الميلاد.
ومنذ سنة "590" قبل الميلاد، أصبحت حضرموت على رأي "فلبي" جزءاً من قتبان أو سبأ حتى سنة "180" قبل الميلاد.
6 - يدع آل بين ين رب شمس "يدع ايل بين بن ربشمس". وهو مؤسس أسرة ملكية جديدة في العاصمة "شبوة".وقد حكم في حدود سنة "180" قبل الميلاد.
7 - اليفع ريم بن يدع آل بين "اليفع ريام بن يدع ايل بين". وقد حكم في حوالي سنة "160" قبل الميلاد.
8 - يدع أب غيلن بن يدع آل بين "يدع أب غيلان بن يدع ايل بين". وقد حكم في حوالي سنة "140" قبل الميلاد.
9 - العز بن يدع اب غيلن "العز ين يدع أب غيلان" وشقيق "امينم" "امين". وقد حكم في حوالي سنة 120 قبل الميلاد.
10- يدع أب غيلن بن امينم "يدع أب غيلان ين أمين"، وقد حكم في حوالي سنة "100" قبل الميلاد.
11- يدع آل بين بن يدع أب غيلن "ي دع ايل بين بن يدع أب غيلان". وحكم في حوالي سنة "80" قبل الميلاد. وترك "فلبي" فجوة لم يعرف من حكم فيها جعلها بين سنة "60" وسنة "35" قبل الميلاد.
12- عم ذخر "عمذخر" ولم يرد في الكتابات اسم أبيه. وقد حكم في حوالي سنة "35" قبل الميلاد. وربما لم يتول الحكم.
13- العزيلط بن عم ذخر. وقد حكم في قرابة سنة "150" قبل الميلاد.
14- الهان "علهان" أو "سلفان" بن العزيلط. وقد حكم في حدود سنة "5" بعد الميلاد.
15- العزيلط بن الهان "علهان" أو "سلفان". وقد حكم من سنة "25" إلى سنة65 بعد الميلاد. وهو الملك Eleazos الذي ذكره مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الأريتري".
16- أب يزع "أبيزع" "أبيع" "أب يسع". وكان مكرباً. من المحتمل إنه حكم في حوالي سنة "65" بعد الميلاد.
17- يرعش بن أب يزع. ربما حكم في حوالي سنة "85" بعد الميلاد.
18 - علهان "الهان" "105 -125" بعد الميلاد ?.
ويعد ميناء "سمهرم" المعروف ب "خور رورى"، وهو في "ظَفارِ" عمان من الموانئ المعروفة التي كانت في القرن الأول للميلاد. ويرى بعض الباحثين إن مؤسسيه هم من الحضارمة، ولذلك كان من موانئ مملكة حضرموت. وقد عثرت البعثة الأمريكية لدراسة الإنسان على بقايا خزف، تبين لها من فحصه إنه مستورد من موانئ البحر المتوسط في القرن الأول للميلاد. ووجوده في هذا المكان يشر بالطبع إلى الاتصال التجاري الذي كان بين العربية الجنوبية وسكان البحر المتوسط في ذلك العهد.
قوائم حكام حضرموت
قائمة هومل
صدق آل "صدق ايل"، "صديق ايل"، وكان معاصراً للملك "أب يدع يثع" "أبيدع يثع"، ملك معين.
شهرم علن "شهر علن"، "شهر علان"، وهو ابن "صدق آل".
معد يكرب "معدي كرب".
.......................
سمه يفع "سمهو يفع" "سمهيفع"، ولا نعرف اسم والده.
يدع آل بين "يدع ايل بين"، وقد ورد اسمه مع اسم "السمع ذ بين بن ملك كرب "السمع ذبيان بن ملكيكرب" على انهما ملكا حضرموت.
امينم "أمينم"، "أمين".
يدع أب غيلن "يدع أب غيلان".
يدع آل بين "يدع ايل بين(،. Glaser 1623.
.......................
يدع أب غيلن "يدع أب غيلان".
العزيلط.
.......................
يدع أب غيلن "يدع أب غيلان".
.......................
سلفن "سلفان"، أو "علها ن" "الهان".
العزيلط: حكم حوالي سنة "29" بعد الميلاد.
.......................
رب شمس "ربشمس".
يدع آل بين.
.......................
نهاية حكومة حضرموت، وقد كانت في حوالي سنة "300" بعد الميلاد، في أيام "شمر يهرعش".
المكربون
اب يزع "أب يزع".
حي آل "حي ايل"، "حيو ايل".
قائمة "فلبي"
1 - صدق آل "صديق ايل"، ملك حضرموت و معن. وقد حكم على تقديره في حوالي سنة "1020" قبل الميلاد.
2 - شمر علن بن صدق آل "شهر علان بن صدق ايل"، وقد تولى الحكم في حوالي سنة "1000" قبل الميلاد.
3 - معد يكرب بن اليفع يثع ملك معين، وقد تولى في حوالي سنة 980 قبل الميلاد.
ويرى "فلبي" إن "حضرموت" ألحقت بعد "معد يكرب" بمملكة معين، وقد ظلت تابعة إلى حوالي سنة ""650" قبل الميلاد.
4 - السمع ذ بين بن ملك كرب "السمع ذبيان بن ملكى كرب" "السمع ذبيان بن ملكيكرب".
5 - يدع آل بين بن سمه يرخ "يدع ايل بين سمهيفع"، وقد حكما من سنة "650" إلى سنة "590" قبل الميلاد.
ومنذ سنة "590" قبل الميلاد، أصبحت حضرموت على رأي "فلبي" جزءاً من قتبان أو سبأ حتى سنة "180" قبل الميلاد.
6 - يدع آل بين ين رب شمس "يدع ايل بين بن ربشمس". وهو مؤسس أسرة ملكية جديدة في العاصمة "شبوة".وقد حكم في حدود سنة "180" قبل الميلاد.
7 - اليفع ريم بن يدع آل بين "اليفع ريام بن يدع ايل بين". وقد حكم في حوالي سنة "160" قبل الميلاد.
8 - يدع أب غيلن بن يدع آل بين "يدع أب غيلان بن يدع ايل بين". وقد حكم في حوالي سنة "140" قبل الميلاد.
9 - العز بن يدع اب غيلن "العز ين يدع أب غيلان" وشقيق "امينم" "امين". وقد حكم في حوالي سنة 120 قبل الميلاد.
10- يدع أب غيلن بن امينم "يدع أب غيلان ين أمين"، وقد حكم في حوالي سنة "100" قبل الميلاد.
11- يدع آل بين بن يدع أب غيلن "ي دع ايل بين بن يدع أب غيلان". وحكم في حوالي سنة "80" قبل الميلاد. وترك "فلبي" فجوة لم يعرف من حكم فيها جعلها بين سنة "60" وسنة "35" قبل الميلاد.
12- عم ذخر "عمذخر" ولم يرد في الكتابات اسم أبيه. وقد حكم في حوالي سنة "35" قبل الميلاد. وربما لم يتول الحكم.
13- العزيلط بن عم ذخر. وقد حكم في قرابة سنة "150" قبل الميلاد.
14- الهان "علهان" أو "سلفان" بن العزيلط. وقد حكم في حدود سنة "5" بعد الميلاد.
15- العزيلط بن الهان "علهان" أو "سلفان". وقد حكم من سنة "25" إلى سنة65 بعد الميلاد. وهو الملك Eleazos الذي ذكره مؤلف كتاب "الطواف حول البحر الأريتري".
16- أب يزع "أبيزع" "أبيع" "أب يسع". وكان مكرباً. من المحتمل إنه حكم في حوالي سنة "65" بعد الميلاد.
17- يرعش بن أب يزع. ربما حكم في حوالي سنة "85" بعد الميلاد.
18 - علهان "الهان" "105 -125" بعد الميلاد ?.
ولا نجد في الكتب العربية شيئاً يستحق الذكر عن قتبان، والظاهر إن أخبارهم قد انقطعت قبل ظهور الإسلام بزمن، فلم نجد لهم من أجل هذا شيئأ في أخبار الجاهلية القريبة من الإسلام، كل ما ورد عنهم إنهم من قبائل حمير، وان هناك موضعاً في عون يقال له "قتبان"، سمي بقتبان بطن من رعين من حمير، أو بقتبان بن ردمان بن وائل بن الغوث، مع إنه لا صلة في النسب بين حمير و قتبان في النصوص القتبانية أو الحمرية. وعندي إن هذا النسب إنما وقع بسب ضعف "قتبان" التي اندمجت بعد فقد استقلالها في حكومة سبأ "سبأ وذي ريدان" وهي الحكومة للتي يطلق عليها المؤرخون اسم "حمير"، وبسبب كون "حمير" القبيلة الرئيسية في اليمن عند ظهور الإسلام، وكان لها حكومة قاومت الأحباش وتركت أثراً في القصص العربية وفي قصة الشهداء النصارى الذين سنتحدث عنهم، لذلك عدّت معظم القبائل التي كانت خاضعة لها من حمير،ونسبت إليها، وفيجملتها قتبان.
وقد دوّن اسم "قتبان" في الترجمة العربي لكتاب "حتي" "تأريخ العرب" "History of the Arabs" على هذا الشكل: "قطبان"، كما دوّن بهذه. الصورة أيضاً في عدد من الترجمات لكتب غربية ظهرت حديثاً، وهو خطأ بالبداهة فان النصوص العربية الجنوبية قد كتبت الاسم بالتاء "ق ت ب ن"، كما إن الكتب العربية قد ضبطت الاسم "قتبان"، ويظهر إن مترجمي الكتاب والكتب الأخرى قد حسبوا إن هذا الاسم أعجمي، ولا سيما بعد تردده في الكتب "الكلاسيكية"، فحاولوا جعله عربياً، فصيروا "التاء" "طاءً" فصارت "قطبان" الواردة في كتابات المسند وفي الكتب العربية "قطبان". وهي هفوة لم أكن أرغب في الإشارة إليها في متن هذا الكتاب، لولا حرصي على صحة الأشياء لئلا يخطئ من لا علم له بهذه الأمور من القراء، أو الباحثين فيأخذها على الصورة التي دونت بها في هذه الترجمات.
والكتابات القتبانية تشارك الكتابات العربية الجنوبية الأخرى في إن غالبها قد كتب في أغراض شخصية، فهي لا تفيد المؤرخ في إخراج تأريخ منها. فهي في إصلاح أرض، أو شراء ملك، أو تعمير دار أو نذر، وما شابه. غير إننا نرى في الذي وصل إلينا منها إنه يمتاز عن غيره من الكتابات العربية الجنوبية بكثرة ما ورد فيه من نصوص رسمية تتعلق بالضرائب أو القوانين أو التجارة، بالقياس إلى ما ورد من مثله في الكتابات المعينية أو الحضرمية أو السبئية. وهي تشارك الكتابات الأخرى أيضاً في خلوها من صيغة المتكلم أو المخاطب واقتصارها على صيغة الغائب، وتشاركها أيضاً في خلوها من نصوص أدبية من شعر أو نثر، ومن نصوص دينية من أدعية وصلوات. وهو أمر يبدو غريباً، ولكننا لا نستطيع إن نحكم حكماً قطعياً في مثل هذا، فما وصل الينا كثير، وما لم يصل إلينا كثير، والححكم بيد المستقبل.
ويعود الفضل إلى السياح، وعلى رأسهم "كلاسر"، في حصول علماء العربيات الجنوبية على أخبارهم عن مملكة قتبان، فقد كانت الكتابات التي حصل عليها في رحلته إلى اليمن في سفره الرابع "1892 - 1894 م" أول كتابات قتبانية تصل إلى أوربة. و قد ذهب "هومل" في دراسته لها إلى أنها تعود إلى زهاء ألف سنة قبل الميلاد، القرن الثاني قبل الميلاد، و هو الزمن الذي انقرضت فيه مملكة قتبان على رأيه.
%175 و قد جمع منها اسم ثمانية عشر ملكاً، حكموا المملكة. و أفادتنا دراسات "نيكولاوس رودو كناكس" "Nikolaus Rhodokanakis" و "دتلف نيلسن" "Ditlef Nielsen" للكتابات القتبانية فائدة كبيرة في كتابة تأريخ قتبان.
و قد ذهبت بعثة أمريكية علمية في عام 1949-1950م مؤلفة من طائفة من المتخصصين إلى "وادي بيحان" للتنقيب عن الآثار هناك، فزارت "تمنع" المدينة القتبانية القديمة، وعاصمة المملكة وبعض المواضع القريبة منها. وسوف يكون للنتائج التي تتوصل إليها بعد دراستها دراسة علمية كافية، أهمية كبيرة في توجيه تأريخ العرب قبل الإسلام.
وقد تبين من دراسة الكتابات القتبانية إن لهجتها أقرب إلى اللهجة المعينية منها إلى اللهجة السبئية، فهي تشترك مع المعينية مثلاً في إضافة السين إلى أول الفعل الأصلي بدلاً من الهاء الذي يلحق أول الفعل الأصلي في السبئية، ويقابل هذا في عربيتنا "أفعل" مثل "سحدث" في المعينية والقتبانية، و "هحدث" في السبئية، وفي أمور أخرى ترد في نحو اللهجات العربية الجنوبية.
وقد حاول الباحثون في العربيات الجنوبية وضع تقويم لحكومة قتبان، غير إنهم لم يتفقوا حتى الآن في تعيين مبدأ أو نهاية لهذه المملكة. ولما كانت هذه الحكومة قد عاصرت - كما جاء في الكتابات المعينية و السبئية - حكومة معين وحكومة سبأ، فقد توقف تعيين تأريخ قتبان أيضاً على تثبيت تأريخ هاتين الحكومتين وعلى البحوث "الأركيولوجية" والكتابات. وقد رجع "هومل" تاريخها إلى ما قبل سنة "1000" قبل الميلاد، ووضع "البرايت" تأريخ "هوف عم يهنعم" وهو من قدماء "المكربين" في القرن السادس قبل الميلاد. وهو يلي "سمه علي" في الترتيب. و "سمه علي" هو أقدم "مكرب" يصل خبره الينا، وقد رجع "فلبي" أيامه إلى حوالي سنة 865 قبل الميلاد. وذهب "ملاكر" إلى إن ابتداء حكم "قتنان" كان في حوالي سنة "645 ق.م." وأن نهاية استقلالها ا كان في القرن الثالث قبل الميلاد.
ومن علماء العربيات الجنوبية الذين عنوا بتبويب أسماء حكام "قتبان" وتصنيفها تصنيفاً زمنياً، "كروهمن"، و "دتلف نلسن". و "ويبر"، و "هارتمن" 7 و "البرايت"، و "فلبي"، وغيرهم، ويختلف هؤلاء في كثير من الأمور: يختلفون في مبدأ قيام قتبان، وفي ترتيب الملوك وفي مدد حكمهم، كما يختلفون في نهاية هذه الحكومة. فبينما يرى "كلاسر" إن نهاية هذه الدولة كانت بين "200" و "24 ق. م." وريما كان قبل ذلك. يرى غيره إن هذه النهاية كانت بعد الميلاد، وربما كان في حوالي ستة "200" بعد ميلاد المسيح. ويرى "البرايت" إن نهايتها كانت على أثر خراب مدينة "تمنع" واحراقها كما يتبين ذلك من طبقات الرماد الكثيفة التي عثر عليها في أنقاضها، وكان ذلك في حوالي سنة "50ق. م.". وقد ذهب "ريكمنس" إن نهاية مملكة "قتبان" كانت في حوالي السنة "210" أو "207" للميلاد.
أما "فون وزمن"، فذهب إلى إن نهايتها كانت في حوالي السنة "140" أو "146" بعد الميلاد.
والرأي عندي إن الوقت لم يحن بعد للحكم بأن المكرب الفلاني أو الملك الفلاني قد حكم في سنة كذا أو قبل هذا أو ذاك، لأننا لا نزال نطمع في العثور على أخبار حكام لم تصل أسماؤهم إلينا، لعلها لا تزال في بطن الأرض، كما إن ما عثر عليه من كتابات لا يبعث أيضاً على الاطمئنان، فإنها لا تزال قليلة، وقد وردت فيها بعض أسماء للحكام بدون نعوت، تهشمت نعوتها، أو سقط قسم منها، ووردت في بعض الكتابات كاملة مع نعوتها، ووردت في بعض آخر مع نعوتها، غير إنها لم تذكر اللقب الذي كان يلقب به أبو الملك أو ابنه، فأحدث ذلك ارتباكاً عند الباحثين سبب زيادة في العدد أو نقصاناً، و أحدث خطأ في رد نسب بعضهم إلى بعض، لهذه الأسباب أرى التريث وعدم التسرع في إصدار مثل هذه الأحكام.
وأرى إن خير ما يستطاع عمله في الزمن الحاضر هو جمع كل ما يمكن جمعه من أسماء حكام قتبان على أساس الصلة والقرابة وذلك بأن يضم الأبناء و الأخوة إلى الأباء، على هيأة جمهرات، ثم تدرس علاقة هذه الجمهرات بعضها ببعض، وترتب سلى أساس دراسات نماذج الخطوط التي وردت فيها أسماء الحكام، وطبيعة الأحجار التي حفرت الحروف عليها، والأمكنة التي وجدت فيها، أكانت من سطح الأرض أم بعيدة عنه، وأمثال ذلك لتكوين أحكامنا منطقية علمية تستند إلى دليل. ولانتفاء ذلك، أصبحت القوائم التي وضعها علماء العربيات الجنوبية لحكام قتبان أو حضرموت أو معين، قوائم غير مستقرة في نظري، ومن أجل ذلك لا أميل إلى ترجيح بعضها على بعض ما دامت غير مبوبة على الأسس التي ذكرتها، ولا يمكن إن تبنى على هذه الأسس ما دامت البعثات العلمية غير متمكنة من القيام بحفريات علمية منظمة عميقة، تدرس طبقات التربة وما يعثر عليه، دراسات آثارية دقيقة من كل الوجوه.
و أني إذ أذكر حكام قتبان، لا أتبع في ذلك قائمة معينة، لأني لا أرى إنها قد رتبت ترتيبا تأريخياً يطمئن إليه، ولا أستطيع إن أخطّئ أحداً في الأسلوب الذي اتبعه في ترتيبه. و سبيلي إن أذكر المكربين ثم الملوك، وان أشير بعد ذلك إلى الكتابات المدونة في أيامهم وما ورد فيها من أمور. فإذا قدمت أو أخرت فانما أسير برأيي الخاص، لا أتبع رأي أحد من الباحثين الذين عنوا بترتيب أسماء حكام قتبان. وقد رجحت ذكر بعض قوائمهم، ليطلع عليها القراء، وليروا ما فيها من مطابقات ومفارقات.
حكام قتبان
وجد من دراسة الكتابات القتبانية إن حكام قتبان الأول كانوا يلقبون أنفسهم باللقب الذي تلقب به حكّام "سبأ" الأول نفسه وهو لقب "مكرب". وتترجم هذه الكلمة بكلمة "مقرب" في لهجتنا، وتعبر "كرب" "قرب" عن التقرب إلى الآلهة. فالمكرب هو المقرب إلى الآلهة والشفيع إليها والواسطة بينها وبين الإنسان. وهو كناية عن الكاهن الحاكم الذي يحكم باسم الآلهة التي يتحدث باسمها وتقابل "باتيسي" "Patesi" في إلاكادية و "اشاكو" "Ischschakku" في الآشورية.
وقد كان هؤلاء المكربون يحكمون في جماعتهم وطوائفهم حكماً يشبه حكم "قضاة بني إسرائيل". فلما توسع سلطان "المكرب"، و تجاوز حدود المعبد، ولم يعد حكماً دينياً فقط، بل انصرف الحكم إلى خارج المعبد، وصدر حكماً زمنياً، لقب نفسه بلقب "ملك"، ومن هنا صارت طبقة الملوك متأخرة بالنسبة إلى طبقة المكربين، أي إن المكربين هم أقدم من الملوك.
ومن قدماء مكربي قتبان -على رأي أكثر علماء العربيات الجنوبية - المكرب "سمه علي وتر"، وابنه "هوف عم يهنعم". وقد عثر على كتابات من أيام "سمه علي وتر" كتبت بشكل حلزوني يبدأ السطر منها من جهة اليمين إلى جهة اليسار ثم يبدأ السطر الثاني من جهة اليسار وينتهي في جهة اليمين، وهكذا. فقارئ الكتابة يقرأ السطر الأول من اليمن على في ما نقرأ في العربية، غير إنه يقرأ السطر الثاني من جهة اليسار متجهاً في اليمين، أي على طريقة الكتابة اللاتينية، ويقال لهذا النوع من الكتابات في الإنكليزية "Boustrophedon Inscriptinas" وتعد في نظر علماء الخط و الآثار أقدم عهداً من الكتابات الأخرى التي تسير على نسق واحد من اليمين إلى اليسار، أو من اليسار إلى اليمين. ويرى "البرايت" إن هذا المكرب قد حكم في القرن السادس قبل الميلاد. وجعله "فلبي" في حوالي سنة "845 ق. م.".
ولم يذكر "فلبي" في قائمته التي صنعها ووضعها في ذيل كتابه "سناد الإسلام" اسم والد المكرب "سمه علي"، ولا كنيته، ولم يذكر "البرايت" في القائمة التي ألفها لحكام "قتبان" اسم والده أيضاً، غير إن هنالك نصاً قبانياً ورد فيه "هوف عم يهنعم بن سمه علي وتر، مكرب قتبان، بن عم".و"سمه علي" في هذا النص، هو هذا المكرب الذي. نتحدث عنه، ووالده إذن هو "عم" وقد سقط لقبه من النص بسبب كسر أو تلف حدث في الكتابة، لأن من عادة ملوك العرب الجنوبيين اتخاذ الألقاب.
وقد وصلت إلينا كتابات قتبانية، ورد فيها ذكر "هوف عم ينعم"، "هوفعم يهنعم"، سْها الكتابات التي وسمت ب "Glaser 1117,1121,1333,1344,1345"، وهما من الكتابات المزبورة على الطريقة الحلزونية "Boustrphedon Inscription".
وجاء بعد "هوف عم يهنعم" في قائمة "فلبي"، اسم "شهر يجبل يهرجب" "شهر يكل يهركب"، وهو ابن "هوف عم يهنعم"، و قد جعله ملكاً، حكم على رأيه في حوالي سنة "825 ق. م."، وذكر إنه فتح معيناً. وكان له من الأولاد "وروال غيلن يهنعم" "وروايل غيلان يهنعم"، و قد لقب بلقب "ملك". و "فرع كرب يهوضع" "يهودع". ثم ذكر "فلبي" اسم "شهر هلل" "شهر هلال" بعد "فرع كرب يهودع"، جاعلاً حكمه في حوالي سنة "770 ق. م."، وقد كان ملكاً على قتبان. وهو ابن "ذرأ كرب". ثم نصب "يدع اب ذ بين يهرجب" "يدع أب ذبيان يهركب"، من بعده، وقد كان حكمه - على رأيه - في حوالي سنة "750 ق. م."، وقد جعله مكرباً وملكاً. ثم ترك فراغاً بعده، مكتفياً بالإشارة إلى إن الذي تولى بعده هو أحد أبنائه، و لم يشر إلى اسمه، وقد قدر إنه حكم من سنة "735 ق. م." حتى سنة "720 ق. م."، ثم جعل من بعده ملكاً سماه "شهر هلل يهنعم" "شهر هلال يهنعم"، وهو أحد أبناء "يدع اب ذبين يهرجب" "يدع أب ذبيان يهركب"، وقد حكم - على رأيه - حوالي سنة "720 ق. م."، ثم خلفه "يدع أب ينف" أو "يجل يهنعم بن ذمر علي" وقد يكون - على حد قوله أيضاً- شقيقاً ل "لشهر هلال بن يدع أب ذبيان يهركب" وقد كان حكمه في حوالي سنة "680 ق. م.".
وترك "فلبي" فراغاً بعد الملك المتقدم، كناية عن حكم ملك لم يصل اسمه إلينا، حكم في حوالي سنة "660 ق. م." حتى سنة "640 ق. م." حيث دوّن بعده اسم ملك سماه "سمه وتر" لم يذكر لقبه الثاني ولا اسم أبيه. ثم ذكر. بعده اسم ملك آخر، سماه "وروال" "وروايل"، لم يذكر لقبه، يتصور إنه ابن "سمه وتر"، وقد جعل حكمه في حوالي سنة "620 ق.م.". ثم ترك "فلبي" فجوة قدرها بنحو من عشر سنين بين الملك المتقدم والملك الذي تلاه، ثم ذكر بعدها اسم ملك سماه "آب شبم" "أب شبم"، لم يعرف اسم أبيه، وقد حكم - على تقديره - في حوالي سنة "590ق. م."، وذكر بعده اسم "اب عم" "أبعم" "أب عم"، وهو ابن "اب شبم"، وقد كان حكمه في حوالي سنة "570ق. م." تلاه في الملك على - رأي "فلبي" - الملك "شهر غيلن" "شهر غيلان"، وهو ابن "أبشم" "اب شيم"، وقد حكم من سنة "555ق. م." إلى سنة "540ق.م.". وفي هذه السنة، أي سنة "540ق. م." كانت نهاية مملكة قتبان، فاندمجت - على رأيه - في مملكة سبأ، وصارت جزءاً منها.
هذه هي قائمة حكام قتبان، من مكربين وملوك على وفق رأي "فلبي"، ويلاحظ إنه وضع مدداً لحكم كل مكرب أو ملك تراوحت من خمس وعشرين سنة إلى عشر سنين. فامتد أجل هذه الحكومة بحسب قائمته من سنة "865" قبل الميلاد إلى سنة "540" فبلى الميلاد. وتقديراته هذه هي تقديرات شخصية، لا تستند إلى كتابات قتبانية ولا غير قتبانية، و إنما هي رأي شخصي واحد، ومن هنا اختلف في مذهبه هذا عن مذاهب الباحثين الآخرين في مدد حكم ملوك قتبان، وكلهم مثله يستندون في أحكامهم إلى آرائهم وتقديراتهم الشخصية، ولا يوجد بينهم من وجد نصاً فيه تأريخ مرقوم ثابت لأحد من هؤلاء الحكام، يستند إليه في تثبيت حكم مكربي وملوك قتبان. ونرى مما تقدم إن "فلبي" جعل عدد من عرفهم من حكام قتبان سبعة عشر رجلاً.
أما البرايت، فقد ترك فراغاً، ولم يحدد مدته بعد "هوف عم يهنعم"، ثم ذكر بعده اسم مكرب دعاه "شهر"، ولم يشر إلى لقبه ولا إلى اسم أبيه، وذكر بعده اسم "يدع أب ذبين يهنعم" "يدع أب ذبيان يهنعم"، قال إنه ابن "شهر"، وقد كان مكرباً، وذكر بعده اسم ابن له يقال له "شهر هلل يهو.."، "شهر هلال يهو.."، وقد صار مكرباً بعد وفاة أبيه "يدع اب ذبيان يهنعم". وقد سقط حرفان أو ثلاثة أحرف من لقب "شهر هلال" الأخير فصار "يهو"، ولعله "يهودع" أو "يهنعم" في الأصل.
وترك "البرايت" فراغاً بعد "شهر هلال يهو.."، ذكر بعده اسم "سمه وتر"، قال: إن من المحتمل إن يكون هو المكرب الذي هزمه ""يثع أمر وتر" مكرب "سبأ". ثم ترك فراغاً آخر ولم يحدد مدته، ثم ذكر إن من المحتمل إن يكون قد تولى الحكم بعد هذه الفترة مكرب آخر هو "وروايل" ولم يشر إلى لقبه، وقد كان تابعاً ل "كرب ايل وتر" أول ملك من ملوك سبأ، وقد حكم - على تقديره - حوالي سنة "450 ق. م.".
وترك "ألبرايت" فراغاً بعد اسم "وروايل" يشير إلى وجود فجوة لم يعرف من حكم فيها، ثم ذكر مكرباً آخر سماه "شهر"، ولم يذكر لقبه، ثم ذكر اسم ابنه بعده وهو "يدع أب ذبيان"، قال إنه آخر مكرب وأول ملك في قتبان، و قد ترك عدداً من الكتابات، ومنها كتابة عثر عليها خارج الباب الجنوبي لمدينة "تمنع"، وقد حكم - على رأيه - في نهاية القرن الخامس قبل الميلاد، وتولى ابنه من بعده "شهر هلال" "شهر هلل" ثم "نبط عم" ابن "شهر هلال". ويحتمل إن يكون "يدع أب ذبيان" هذا - حسب رأيه - هو باني ذلك الباب.
نرى إن قائمة "البرايت" قد كتبت اسم "شهر" وابنه وحفيده مرتين، وأشار هو نفسه إلى إن من الممكن إن يكون ذلك من باب التكرار، غير أنه ذكر من جهة أخرى إنه ما دامت الأدلة التي تثبت هذا التكرار غير متوافرة، فإنه يسجل هذه الأسماء على هذا الوضع، فلعلّ أسماء هذه المجوعة المتشابهة هي لأشخاص آخرين، إلى إن يثبت بالدليل خلاف ذلك.
وترك "ألبرايت" فراغاً بعد "نبط عم" "نبطعم"، ذكر بعده "ذمر علي"، ثم ابنه "يدع أب يبل" "يدع أب يكل"، ويرى "ألبرايت" إنه كان معاصراً لثلاثة ملوك من ملوك سبأ، عاشوا في القرن الرابع قبل الميلاد، ولم يستبعد احتمال كونهم من رجال القرن الثالث قبل الميلاد، حينما كانت سبأ مجزأة منقسمة على أمرها.
وقد كانت معظم أرض حمير خاضعة في هذا العهد للقتبانيين. وقد يكون هذا هو السبب الذي جعل الحميريين ينعتون أنفسهم ب "ولد عم"، لأنّ "عما" هو إلَه القتبانيين. و "ولد عم" تعني "أولاد عم" و "شعب عم".
وترك "ألبرايت" فراغاً بعد الملك "يدع أب يكل"، ذكر بعده ملكاً سماه "اب شبم"، "ابشبام" "أب شبام"، ولم يذكر اسم أبيه ولا نعوته، ثم ذكر بعده الملك "شهر غيلن" "شهر غيلان"، قال إنه ابن "أبشبام"، وإن المنقبين قد عزوا على كتابات عديدة من أيامه، منها كتابة عثر عليها عند الباب الجنوبي لمدينة "تمنع". ثم ذكر بعده ملكاً آخر سماه "بعم" وهو ابن الملك السابق، أي "شهر يخلان"، ثم الملك "يدع أب يبل" "يدع أب يكل"، وهو شقيق "بعم"، ثم نصب "ألبرايت" بعده الملك "شهر يجل" "شهر يكل"، قال إنه ابن الملك "يدع أب"، وإنه صاحب جملة كتابات وفاتح معين في حوالي سنة "300 ق. م.". ثم ذكر الملك "شهر هلل يهنعم" "شهر هلال يهنعم" من بعده، وهو شقيق "شهر يجل" "لشهر يكل"، وقد تركت أيامه جملة كتابات، منها كتابة عثر عليها عند باب مدينة "تمنع" الجنوبي.
وقد ذهب "ألبرايت" إلى إن حكم الأسرة أو المجموعة المتقدمة قد كان فيما بين "350" و "250 ق. م.". وهو لا يدري من حكم بعد "شهر هلال" آخر ملوك هذه المجموعة، ولذلك ترك فراغاً، انتقل بعده إلى مجموعة جديدة من الملوك، وضع على رأسها "ندع أب ذبين يهرجب" "يدع أب ذبيان يهركب"، وقال إنه لا يرى إن وضع هذا الملك في هذا المكان هو من قبيل التأكد، وإنما يرى إن ذلك شيء محتمل، ثم ترك فراغاً آخر بعد هذا الملك يشعر إنه لا يدري من حكم فيه، ثم ذكر بعد هذا الفراغ الملك "فرع كرب" ثم ابنه "يدع أب غيلن". "يدع أب غيلان". وقد ذكر إن في أيامه بني "بيت يفش" المذكور في كتاب قتبانية، وأن ذلك كان في أواخر القرن الثاني قبل الميلاد.
وترك "البرايت"، فراغاً بعد "يدع اب غيلان"، ذكر بعده الملك "هوف عم يهنعم" "هو نعم يهنعم"، وقد جعل حكمه في حوالي سنة "150 ق. م.". ثم ذكر ابناً له حكم - على رأي "البرايت" - من بعده سماه "شهر يجل يهرجب" "شهر يكل يهركب"، وإلى ايامه تعود الأسود المصنوعة من البرنز التي عثر عليها في أنقاض "تمنع"، والكتابة المتعلقة ببناء حصن الباب الجنوبي للعاصمة. وكتابة بناء "بيت يفش". ثم ذكر "وروال غيلن يهنعم" "وروايل غيلان يهنعم" من بعده "وهو ابن "شهر يكل يهركب" وقد عثر على قطعة نقد ضربت في مدينة "حريب"، تحمل اسم "وروايل غيلن"، يرى "البرايت" احتمال كونها تعود إليه. وذكر بعده الملك "فرع كرب يهودع" "يهوضع"، وهو ابن الملك "شهر يكل، وشقيق "وروايل غيلان".
وقد ترك "البرايت" بعد "فرع كرب يهودع" "يهوضع" فراغاً يشير إلى إنه لا يعرف من حكم بعد ذلك الملك، ثم ذكر بعد هذا الفراغ ملكاً آخر سماه "يدع اب ينف" "يدع اب ينوف". وقد عثر على نقود له ضربت من ذهب في "حريب". ولا يعرف "البرايت" اسم من حكم بعده، لذلك ترك فراغاً، ذكر بعده ملكاً سماه "ذراكزب" "ذرأكرب"، ولم يذكر نعته ولا اسم أبيه، وقد جعل بعده ابنه "شهرو هلل يهقبض" "شهر هلال يهقبض"، ويرى احتمال كونه "شهر هلل" "شهر هلال"، الذي أمر بضرب نقد من ذهب في "حريب". وبه ضمت قائمة "البرايت" لحكام قتبان من مكربين وملوك إذ ذكر بعد اسمه خراب "تمنع" العاصمة ونهاية استقلال قتبان، وذلك في حوالي سنة "50" قبل الميلاد.
ويرى "البرايت" إن "شهر هلال يهقبض" هذا هو الذي بنى البيت المسمى "بيت يفعم" "بيت يفع"، الذي عثر على أطلاله وأسسه عند باب المدينة الجنوبي.
وتعد هذه الفترة القريبة من الميلاد هي أهم المراحل الحاسمة في تأريخ قتبان، في رأي "البرايت"، إذ فيها كان سقوط الحكم الملكي وزواله عنها، ودخولها في حكم مملكه "معين"، أو دخول قسم منها في حكم معين، وقسم آخر في حكم مملكة السبئيين.
ويرى "البرايت" إن عاصمة قتبان كانت قد تعرضت قبل الميلاد لغزو أليم، وقد استدل عليه من وجود طبقة من الرماد تغطي أرض للعاصمة، وقد فسر هذا بسقوط المدينة فريسة لنار أججها في المدينة ملك، لم نقف على اسمه حتى الآن، ولا على الأسباب التي حملته على إحراق المدينة أو إحراق أكثرها.
ويرى "البرايت" أيضاً إن مملكة حضرموت كانت قد اغتصبت جزءاً من مملكة قتبان، وذلك بعد سقوط "تمنع" في القرن الأول للميلاد. وقد كانت مملكة حضرموت، ومعها مملكة سبأ، من أهم الممالك في العربية الجنوبية في هذا العهد ومنذ القرن الأول للميلاد فما بعده، فقد القتبانيون استقلالهم واندمجوا في حكومة "سبأ وذي ريدان" في النهاية.
وقد عثر على كتابة في "وادي بيحان"، ورد فيها "يدع اب غيلان بن غيلان ملك حضرموت بنى مدينته مدينة: ذي غيلان". وذهب شراء هذه الكتابة إلى إن مدينة "ذي غيلان"، هي مدينة بناها هذا الملك في "وادي بيحان" على مسافة عشرة أميال من موضع "بيحان القصب" في الزمن الحاضر أي في أرض قتبانية، وذلك بعد سقوط مدينة "تمنع". وقد عثر على كتابتين حضرموتيتين أخري ين في هذا الوادي، وردت فيها أسماء ملوك حضرميين.
كتابات وحوادث قتبانية
أحاول هنا تدوين الحوادث التي وقعت في قتبان في أيام المكربين وأيام الملوك مستخلصاً إياها من كتابات العهدين، فابدأ بالبحث في الكتابات التي يرجع عهدها إلى المكربين. وفي جملة الكتابات أيام "المكربين" كتابة وسمها العلماء ب "Galser 1410-1681"، وقد، 1 دوّنت عند قيام قبيلة "هورن" "هوران" ببناء بيت في أرضها للإله "عم ذو دونم"، بنته بالخشب وبالحجارة والرخام ومواد أخرى، تقرباً إلى ذلك الإلَه وإلى آلهة قتبان الأحرى: "عم" و "أنبي" و "ذات صنتم" و "ذات ظهران". وقد وردت في النص أسماء مواضع هي: موضع "لتلك" الواقع في منطقة "ذبحتم" "ذبحة"، و "دونم" "دون" و "إذ فرم" "إذ فر". وقد سقط منة السطر. الأول اسم "المكرب" وبقي اسمه الثاني وهو "ذبين" "ذبيان"، ولقبه وهو "يهنعم"، واسم أبيه وهو "شهر". ويظهر من عبارة: "ذبين يهنعم بن شهر، مكرب قتبن وكل ولدعم واوسن وكحد ودهسم و"تبنو بكر انبي وحوكم". أي ".. ذبيان يهنعم بن شهر مكرب قتبان وكل ولدعم واوسان وكحد ودهس وتبنو بكر أنبي وحوكم" إن قتبان وكل المتعبدين للإله "عم" الذي يمثله مكرب قتبان نفسه والأوسانيون وكحد ودهس وتبنى كانوا متحدين في ذلك العهد متحالفين، يحكمهم المكرب المذكور.
وقد رأينا إن "ألبرايت" جعل هذا المكرب في الجمهرة الثانية من جمهرة المكربين الذين حكموا قتبان، ولم يذكر شيئاً عن أبيه "شهر" لعدم ورود شيء عنه في الكتابات. أما اسم المكرب الأول الساقط من النص، فهو ""يدع اب".
وفي أسماء المواضع المذكورة دلالة على إنها كانت خاضعة لحكم قتيان في أيام المكرب المذكور. وأن حدود قتبان كانت واسعة إذ ذاك أي في القرن السابع قبل الميلاد على رأي بعض الباحثين أو في النصف الثاني من القرن الخامس قبل الميلاد على رأي بعض آخر.
وقد عثر على اسم المكرب "شهر هلل بن يدع اب" "مكرب قتبان" في كتابتين، رقمتا برقم "RES 312" و،"Res 312 + SE60". و قد ورد فيهما اسم "أنبي" و "حوكم" و "عم" من أسماء.آلهة قتبان. وورد فيها أسماء مواضع مثل: "لتك"، و "ذبحتم" و "اضفرم"، وقبيلة أو جماعة تعرف به "هورن" "هوران" . و كان سبب تدوينها التوسل والتضرع إلى الإلَه "أنبي" ليمن على أصحاب الكتابتين فيبعث إليهم بالخير والبركة، ويقيهم شر المجاعة. والظاهر إن قحطاً كان قد حدث في أيام هذا المكرب فتوسل أصحاب الكتابة إلى إلههم "أنبي" إن يمن عليهم بإنقاذهم منه.
ويلاحظ إن هذه الكتابة تحدثت عن موضع "لتك" في "ذبحة" التابعة لقبيلة "هورن" من قبائل قتبان، إلا إنها لم تذكر "قتبان وولد عم وأوسان وكحد ودهس" كما جاء ذلك في النص السابق. وقد سقط من هذه الكتابة "شهر هلل" "شهر هلال"، كما إنها لم تذكر لقب "يدع اب" مكرب قتبان وهو والد "شهر". ولا نستطيع بالطبع الادعاء لي إنه كان أقدم من المكرب السابق أو إنه جاء من بعده في الحكم لعدم وجود دليل ملموس لدينا يثبت أحد الرأيين.
وقد عثر على عدد من الكتابات القتبانية، ورد فيها اسم المكرب: "يدع اب ذبين بن شهر" "يدع أب ذبيان بن شاهر" "شهر". منها الكتابة الموسومة برقم "Glaser 1600". وقد جاء فيها: إن "ي دع أب ذبين بن شهر مكرب قتبان، وكل أولاد عم وأوسان وكحسد ودهسو وتبني" فتحوا طريقاً، و انشأوا "مبلقة" بين موضعي "برم" و "حرب" "حريب"، وجددوا "بيت ود" و "عثيرة"، وبنوا "مختن" في موضع "قلي". ووردت في هذه الكتابة أسماء، آلهة أخرى، هي عثتر، وعم، وأني، وحوكم، وذات صنتم، وسحرن، ورحبن.
وقد وردت في الكتابة لفظة "منقلن"، و يراد بها الطريق في الجبل. وهي بهذا المعنى أيضاً في معجمات اللغة التي نزل بها القرآن الكريم. و وردت فيه لفظة "مبلقة"، و معناها فتحة وثغرة، وهي بهذا المعنى في عربيتنا كذلك، يقال انبلق الباب إذا انفتح، وأبلق الباب: فتحه كله أو أغلقه بسرعة، ومعنى الكلمة في النص عمل ثغرة في الجبل ليمر منها الطريق المار في الجبل من كان إلى مكان. وفي هذا العمل المشترك الذي اشترك فيه هذا المكرب وشعب قتبان وقبائل أخرى غير قتبانية، هي أوسان وكحد ودهس و تبني، دلالة على وجود فن هندسي راق عند العرب الجنوبيين في هذا العهد الذي لا نعرف مقدار بعده عن الميلاد، ولكننا نجزم إنه كان قبل الميلاد.
ولدينا كتابة أخرى تشبه الكتابة المقدمة، دونت في أيام هذا المكرب كذلك. ورد فيها بعد اسم المكرب جملة: "وكل ولد عم"، ثم أسماء من ساعد "ولد عم" في إباء، وهم "أوسان" و "كحد" "ودهس" "وتبني" و "يرفأ"، ثم وليت هذه الأسماء جملة "ايمنن واشامن"، أي "الجنوبيون والشماليون"، وبعبارة أخرى "أهل الجنوب وأهل الشمال"، ويقصد بذلك على ما يظهر من سياق الكلام سكان المناطق الشمالية وسكان الجنوب. أما جملة "ولد عم" فإنها كناية عن أهل "قتبان". و "عم" هو إلا "قتبان" الرئيس، ولذلك أطلق القتبانيون على أنفسهم "ولد عم". ويفهم من ذكر أسماء القتبانيين وغيرهم في هذه الكتابة إن العمل المذكور في الكتابة كان ضخماً واسعاً، لذلك اشترك في اتمامه و إنجازه أهل أوسان والقبائل الأخرى. ولم يتحدث النص عن كيفية اشتراك اوسان و القبائل الأخرى المذكورة في هذا العمل: أكان ذلك لأنها كانت خاضعة في وقت تدوين هذهالكتابة لحكم المكرب "يدع أب" فاضطرت إلى الاشتراك فيه، أم هي قامت به بالاشتراك مع قتبان لأنه في مصلحتها، لأنها ستستفيد منه كما يستفيد منه القتبانيون، فتعاونت مع قتبان في إنجازه و إتمامه.
والكتابة وفي ثيقة مهمة تتحدث عن عمل هندسي مهم خطير، هو فتح طريق جبلي في مناطق وعرة وفي أرضين جبلية، فاستوجب العمل تمهيد الأرض وتسويتها و إحداث ثغر في الصخور وفتح أنفاق ليمر بها الطريق. وقد كرس العمل باسم الآلهة "عم ذو شقرم" و "عم ذو ريمت" و "أنبي" و "حوكم" و "ذات صنتم" و "ذات ظهران" و "ذات رحبان"، وتقرب به إليها. وقام به وأشرف عليه رجل اسمه "أوس عم بن يصرعم" "أوسم بن يصرعم" "أوس بن يصرع"، أدار هذا الرجل العمل، ورسم الخطط وقام برصف الطريق وتبليطه ورصف ممر "ظرم" بصورة خاصة بطبقة سميكة من الحجارة. وقد قام بكل ذلك بأمر سيده المكرب "يدع اب".
ونحن هنا أمام رجل كان له علم خاص بهندسة المطرق وله تجارب ودراية في أحداث الثغُر في الصخور و إنشاء الممرات و المناقل للقوافل والمارة في المناطق الوعرة ولهذا كلفه حاكم قتبان القيام بذلك العمل، فأنجزه وأتمه على النحو الموصوف.
وكان "اوس عم بن يصرعم" من قبيلة تسمى "مدهم".
وقام المهندس المعماري المذكور بأعمال هندسية أخرى لسيده المكرب، فقد جاء في نص آخر إنه شق طرقاً وثنايا في مواضع جبلية وعرة، وحفر انفاقاً تمر السابلة منها، وبنى أيضاً "بيت ودم"، أي معبد الإلهَ "ود"، و "مختن ملكن بقلي"، أي "مختن الملك" بموضع "قلي". وقد سبق إن أشير إلى هذا "المختن" في النص "Glaser 1600" الذي تحدثت عنه قبل قليل، وهو من النصوص التي تعود إلى هذا المكرب نفسه. والتي تتحدث عن فتح طريق وبناء "بيت ود" و "مختن الملك بقلي"، إلا إنه لم يذكر اسم "المهندس" الذي أشرف على العمل في النصر الموسوم ب "Glaser 1600".
وليست لدينا معرفة تامة بمعنى "مختن"، الواردة في النصين المذكورين، وقد ذهب بعض الباحثين إلى انها من الألفاظ المستعملة في الشعائر الدينة، و إنها تؤدي معنى محرقة، أو الموضع الذي توضع عليه القرابين التي تقدم إلى الآلهة أو المذبح الذي تذبح فيه الضحايا، فهي بمعنى "يبحت" و "ومنطف" و "منطفت" "منطفة". وذلك لورود هذه الألفاظ في كتابات تتعلق بالقرابين، كما سأتحدث عنها في فصل "الحياة الدينية عند الجاهليين".
ويظهر إن لاسم قرية "شقير" و "حصن شقير" الموجودتين في اليمن في الوقت الحاضر، علاقة بمعبد "عم ذو شقرم" الذي تقرب صاحب النص المذكور إليه ببناء الطريق ورصفه، وقد كان "شقرم" موضع في ذلك الوقت أقيم به معبد خصص بعبادة الإله "عم". ولعل الطريق الذي في شيده "يدع أب ذبيان" كان يمر به، وأنه أوصل إليه ليسهل على المؤمنين الوصول إليه، فكرس الطريق لذلك بأسمه فذكر قبل بقية الآلهة، تعبيراً عن هذا التخصيص.
ويرى بعض الباحثين إن ملك قتبان كان قد توسع في عهد "يدع أب ذببان" هذا فصار يشمل كل "أوسان" و قتبان ومراد حتى بلغ حدود سبأ. ولحماية أرضه أقام حواجز وفتح طرقاً في الهضاب والجبال ليكون في إمكان جيشه اجتيازها بسهولة في تحركه لمقاتلة أعدائه، أقامها في شمال أرضه وفي جنوبها لمنع أعدائه من الزحف على مملكته. وتعبيراً عن فتوحاته هذه في شمال وفي جنوب قتبان استعمل جملة "ايمنن واشامن" أي "الجنوبيون والشماليون"، وهو لقب يعبر عن هذا التوسع الذي تم على يديه.










قديم 2012-05-01, 15:37   رقم المشاركة : 105
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تابع / مملكة حضرموت :


ويظهر إن الذي حمل "يدع ذبيان" على الأقدام على شق الطرق في المرتفعات وفي الجبال وعمل الأنفاق وتبليط الطرق بالإسفلت، هو عدم اطمئنانه من الطرق الممتدة في السهول، إذ كانت هدفاً سهلاً للأعداء. فإذا اجتازتها قواته هاجمهما الغزاة ويكون من الصعب عليها الدفاع حينئذ عن نفسها، أما الطرق التي أنشأها فإنها وان كانت صعبة وفي السير بها مشقة إلا إنها آمنة لأنها تمر في أرض خاضعة لحكمه وهي أقصر من الطرق المسلوكة في الأرض السهلة. ثم إن الدفاع عنها أسهل من الدفاع عن الطرق المفتوحة. فبهذا التفكير الحربي أقدم على فتح تلك الطرق. وقد تبين من ورود لفظة "ملك" في بعض هذه الكتابات وجود لقب "مكرب" فيها، إن "ي دع اب ذبيان" هذا كان كاهناً في الأصل، أي حاكماً يحكم بلقب "مكرب"، ثم تحلى بلقب "ملك" أيضاً. ولعله استعمل اللقبين معاً، ولهذا ذكرا معاً في الكتابات المشار إليها. إلا إن الكتابات المتأخرة.
نعنته بلقب ملك فقط، وفي اكتفائها بذكر هذا اللقب وحده دلالة على أنه صرف النظر عن اللقب القديم، وجعل لقبه الرسمي ر هو اللقب "ملك" فقط.
ومن الكتابت التي تعود إلى أوائل حكم "يدع أب ذبيان"، أي أيام حكمه "مكرباً" الكتابات: Ryckmans 390 و REP. EPIG 3550,4328. أما الكتابة: REP.EPIG. 3878، فتعود إلى أيام تلقبه بلقب "ملك". وتتناول الكتابات الأولى موضوع فتح وتعبيد طريق "مبلقة"، وقد عثر عليها مدونة على الطريق وفي "شقرم" "شقر" التي تقع إلى الغرب منها.
ومن كتابات أيام الملكية الكتابة الموسومة ب "Glaser 1581"، وقد دونت عند الانتهاء من بناء حصن "برم" "محفدن بوم" تقرباً وتودداً لآلهة شبان. وكان العمل في أيام الملك "يدع أب ذبين بن شهر ملك قتبين" "يدع أب ذبيان بن شهر ملك شبان". وكان صاحب البناء الذي قام به "لحيعم بن ابانس" من "آل المم" و "عبد أيل بن هاني". ويظهر انهما كانا من المقربين إلى الملك المذكور، وربما كانا من كبار الموظفين، أو من أصاب الأرضين والأملاك أو من رؤساء العشائر.
وللملك "يدع اب ذبيان بن شهر"، وثيقة على جانب كبير من الأهمية لأنها قانون من القوانين الجزائية المستعملة في مملكة قتبان، بل في الواقع من الوثائق القانونية العالمية، ترينا أصول التشريع وكيفية إصدار القوانين عند العرب الجنوبيين قبل الميلاد، فيها روح التشريع الحديث وفلسفة التقنين، ترينا إن الملك وهو المرجع الأعلى للدولة هو وحده الذي يملك حق إصدار القوانين ونشرها والأمر بتنفيذها، وترينا أيضاً إن مجالس الشعب، وهي المجالس المسماة ب "المزود" وتتكون من ممثلي المدن ومن رؤساء القبائل والشعاب، هي التي تقترح القوانين وتضع مسودات اللوائح، فإذا وافقت المجالس عليها عرضتها على الملك لإمضائها ولنشرها بصورة ارادة أو أمر ملي، ليطلع الناس على أحكام الأمر الملكي ويعملوا به.وسأتحدث عن ذلك في فصل "التشريع الجاهلي" بكل تفصيل وتوضيح.
والوثيقة المذكورة هي قانون أصدره الملك في شهر "ذي مسلعت" "ذو مسلعة" من سنة "غوث آل" "غوث ايل" وقد شهد على صحتها للتعبير عن شرعيتها جماعة من الأعيان والرؤساء وهم من أعضاء "المزود" ومن أشراف المملكة ورؤساء القبائل، ذكرت أسماؤهم وأسماء الأسر والعشائر التي ينتمون إليها. وقد كانت العادة في قتبان إن ذكر عند إصدار القوانين والأوامر أسماء أعضاء المزود والرؤساء وكبار الموظفين كما تفعل الدول الحديثة في هذا اليوم من ذكر اسم رئيس الدولة الذي يصدر القانون بأمره وباسمه، واسم رئيس الوزراء والوزراء أصحاب الاختصاص، وذلك لإظهار موافقة المذكورين على القوانين، دلالة على اكتسابها للصفة القانونية بنشر أسمائهم مع اسم الملك.
وفي جملة القبائل التي ذكرت في هذه الكتابة "ردمن" "ردمان" و "الملك" "الممالك" و "مضحيم" "مضحى"، و "يسر"، و "بكلم" "بكيل" و "ضرب"، و "ذو ذرآن" "ذ درن"، و "شهران"، و "هران" "هرن"، و "غربم"، و "رشم"، و "زخران"، و "غربان"، و "جرعان"، و "نظران"، و قبائل أخرى. وقد ذكرت أسماء الرؤساء الذين أمضوا القانون وصدقوا صحته ودونت قبل أسمائهم هذه الجملة: "وتعلماي ايون.."، ومعناها: "علموا عليها بأيديهم.."، وكتب قبل اسم الملك: "وتعلماي يد"، ومعناها: "وعلم عليها بيده"، ويعود الضمير إلى الملك.
والوثيقة التي نتحدث عنها هي قانون في عقوبات القتل العمد أو القتل الخطأ غير المتعمد وفي العقوبات التي يجب إن يعاقب بها من يصيب إنساناً بجرح أو جروح قد تحدث آفات وعطلاً في الشخص. وسأتحدث عن هذا القانون وعن المصطلحات الفقهية الواردة فيه في فصل "التشريع عند الجاهليين"، ويرى "فون وزمن" إن هذه الوثيقة المهمة هي من الأوامر التي اصدرها الملك في النصف الأول من القرن الرابع قبل الميلاد. ويتبين من الوثيقة المتقدمة إن القتبانيين كانوا يحكمون الرومانيين في هذا العهد. ومخلاف "ردمان" من مخاليف اليمن المهمة، فيه قبائل كبيرة. ولهذا فان خضوعه لقتبان هو ذو أهمية كبيرة بالقياس إلى الحكومة.
ويعد موضع "جهر وعلان" حاضرة مخلاف "ردمان"، ومن أماكن "ردمان" "رداع" و "كدار"، وهو مكان قريب من "وعلان"، وقد ورد اسم "وعلان" في الكتابات إذ جاء: "وعلن ذردمن"، "وعلان ذو ردمان".
ويظن إن الملك "يدع أب ذبيان يهرجب بن شهر، ملك قتبان" الذي أمر بتدوين النص الذي وسم ب "Jamme 405+406"، هو هذا الملك الي نتحدث عنه، أي الملك المعروف في الكتابات باسم "يدع أب ذبيان بن شهر"، والفرق بين الاسمين هو في وجود اللقب "يهرجب" "يهركب" في النصين المذكورين وسقوطه من الكتابات الأخرى. ويستدل مَنْ قال بأن الأسمين هما لشخص واحد بورود أسماء قبائل في النصين وردت في كتابات دوّنت في عهد الملك المتقدم ثم لأنهما استعملا مصطلحات ترد في كتابات تعود إلى هذا العهد، ثم لأن أسلوب الكتابة و نموذج كتابتها يدلان على إنها كانت في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، أو في القرن الرابع قبل الميلاد. وفي هذا الوقت كان حكم هذا الملك على رأي بعض الباحثين. لذلك رأوا إن الكتابتين قصدتا هذا الملك.
وخلاصة ما جاء في النصين إن الملك "يدع أب ذبيان يهرجب بن شهر ملك قتبان" وكل أولاد عم وأوسان و "كحد" و "دهسم" "دهس" و "تبنو"، بنوا "يسرن" "يسران" والأقسام التابعة لها "ريمت" "ريمة" و"رحبت" "رحبة"، وذلك من الأساس إلى القمة، ولحماية ما أمر الملك ببنائه من كل أذى وسوء وقدّموا ما قاموا به إلى الآلهة "عثتر" و "عم" و "ود".
أما القبائل المذكورة في هذين النصين، فقد تعرفنا عليها في الكتابات السابقة.
ولدينا كتابة وسمها علماء العربيات الجنوبية ب "REP.EPIG. 4094"، دونها "زيدم بن آل وهب" "زيد بن أيل وهب"، و "أب عم بن شهرم" من "ذي طدام"، عند اتمامهما بناء عدة بيوت أو معابد ذكرا أسماءها، وهي: "يفش مبش"، و "اهلن"، و "شمس مبش" لملكي قتبان: "يدع أب ذبيان" وابنه "شهر". وقد ورد فيها اسم الآلهة: عثتر، وعم" وانبي، وذات صنتم، وذات ظهرن "ذات ظهران". وهي الآلهة التي ترد أسماؤها عادة في معظم كتابات القتبانيين. وجاءت بعد أسماء الآلهة، هذه الجملة "وببش واهلن"، ولا نعرف اليوم شيئاً عن "مبش" ولا عن "اهلن"، اهما اسمان لإلهين من آلهة قتبان بديل ورودهما بعد أسماء الآلهة التي ورد ذكرها تيمناً في هذه الكتابة، أم هما اسمان لقبيلتين أو لمقاطعتين أولمعبدين من المعابد المشهورة التي كانت في قتبان?.
أما "طدام"، فهو اسم قبيلة أو أسرة قتبانية، و قد ورد في كتابات أخرى عديدة غير قتبانية. وأما "أبعم" "أب عم" و "زيدم" "زيد" فمن الأسماء التي ترد في مختلف الكتابات، ولكن اسم "اب عم" "أبعم" هو من الأسماء المنتشرة بصورة خاصة في قتبان.
وقد اختلف الباحثون في تعيين زمان حكمه، فذهب بعضهم إلى إنه كان في القرن الخامس قبل الميلاد، وذهب بعض آخر إلى إنه كان في القرن الرابع قبل الميلاد، أو القرن الثاني قبل الميلاد أو في أوائل القرن الأخر قبل الميلاد. وقد ذكر اسم الملك "شهر هلل" وابنه "نبطعم" في كتابة دونها رجل اسمه "نبط عم بن يقه ملك" "نبطعم بن يقهملك" إذ حفر بئراً في حصن له لإرواء أرضه وأملاكه، وجعلها في رعاية آلهة قتبان وحمايتها، لتبارك له ولذريته، وذكر إن حفر هذه البئر كان في أيام الملك المذكور وفي أيام ابنه.
وقد ذهب "ألبرايت" إلى إن "شهر هلال" المذكور وهو والد "نبطعم" هو ابن "يدع أب ذبي إن بن شهر".وقد جعله كما قلت قبل قليل آخر المكربين وأول من تلقب بلقب "ملك" في قتبان.
وجاء اسم الملك "شهر هلل بن يدع اب"، في قانون أصدره للقتبانيين المقيمين بمدينة "تمنع" أي العاصمة وللمقيمين في الخارج، وذلك لتنظيم التجارة ولتعيين حقوق الحكومة في ضرائب البيع والشراء، والأماكن التي يكون فيها الاتجار. وفي هذا القانون مصطلحات تجارية مهمة ترينا مبلغ تقدم القتبانيين في أصول التشريع التجاري بالقياس إلى تلك الأيام.
ووصلت إلينا كتابة قتبانية وسمت ب "REP.EPIG. 4325"، وهى قانون لتنظيم التجارة وفي كيفية دفع الضرائب. وقد صدر في أيام "شهر"، وقد سقط من النص لقب الملك واسم والده ولقبه، كما سقطا أسطر من القانون بسبب تلف أصاب الحجر المكتوب، فأضاع علينا فهم أكثر القانون. ولوجود جملة ملوك حكموا قتبان باسم "شهر"، لا نستطيع تعيين هذا الملك، صاحب هذا القانون، وقد يكون "شهر هلال بن يدع اب"، أي الملك المتقدم.
وذكر اسم الملك "ذمر علي" واسم ابنه الملك "يدع اب يبجل" "يدع اب يكل" في النص القتباني المعروف ب "Glaser 1693"، ولم يرد فيه اللقب الذي كان يلقب به.
وقد ورد اسم ملك قتباني هو "يدع أب"، في عدد من الكتابات، دون إن يذكر لقبه أو اسم أبيه، وقد ذهب "فلبي"، إلى احتمال إنه "يدع اب بن ذمر علي" أي الملك المذكور في النص "Glaser 1693".
وفي أيام "يدع اب يبل" نشبت حرب بين "سبأ" و "قتبان" " ذكرت في النص الموسوم ب "REP.EPIG 3858". وهو نص سجله "ذمر ملك بن شهر" من "آل ذران" "آل ذرأن"، وكان والياً ولاه الملك على قبيلة "ذبحن" النازلة في أرض "حمر"، بعد إن ثارت وتمردت على ملك قتبان، فتغلب عليها، وضرب عليها الجزية وأخذ غنائم منها ومن القبائل التي عضدتها، ويظهر إن هذه القبيلة انتهزت فرصة حرب نشبت بن "سبأ" و "قتبان"، فأعلنت عصيانها على ملوك قتبان وثارت ومعها قبائل أخرى انضمت إليها،ولكنها لم تنجح، ففرضت قتبان عليها جزية كبيرة وانتزعت منها بعض أملاكها. وقد أشار النص إلى: "حرب يدع آل بين وسمه علي ينف ويثع أمر وتر ملوك سبأ، وسبأ وقبائلها وإلى ملوك رعنن وقبيلة رعن"، ويظهر من هذه الجملة إن الحرب كانت قد نشبت في أيام الملوك المذكورين، وهم ملوك سبأ، ومع "ملوك سبأ، وسبأ وأشعبها"، ويظهر إنه يقصد بجملة "ملوك سبأ" المذكورة بعد اسم "يثع امر وتر" مباشرة، ملوك سبأ آخرون، أو سادات قبائل، تلقبوا يلقب "ملك". وأما لفظة "أشعب"، فهي "الشعوب" في لهجتنا، وتعبر عن معنى القبائل. ويكون الملك "يدع اب يجل" من معاصري الملوك المذكورين إذن بحسب هذا النص.
وقد أشير إلى "ذبحن ذحمرر" "ذبحان ذو حمرو" في الكتابة: "REP.EPIG. 3550" وذكر فيها اسم "نعمن" "نعمان" و "صنع".
وقد ورد اسم هذا الملك في كتابات أخرى عثر عليها في مواضع من "وادي بيحان".
وقد ورد اسم الملك "شهر غيلن بن ابشم"، وكذلك اسم ابنه "بعم"، في نص قتبان وسم ب "REP.EPIG. 3552". وقد دوّن هذا النص عند قيام "شرح عث بن عبد بل بن تنزب"، وهو معمار كلفه الملك المذكور انشاء "محفد عريم"، أي برج في موضع يسمى "عرب" "عربم". وقد قام بالعمل وأتمه، ووضعت "تخليده هذه الكتابة شاهداً على إتمام البناء. وقد تضمنت شكراً وحمداً لآلهة قتبان، التي سهلت العمل، ومنت على القائمين به بإنجازه واتمامه، نيمناً باسمها على عادة العرب الجنوبيين كلهم في ذكر أسماء الآلهة التي يتعبدون لها.
وورد في شابة أخرى اسم الملك "شهر غيلن بن أبشم"، أمر الملك نفسه بتدوينها، عند تجديده إحدى العمارات و إنشائه "صحفتن"، أي برجاً، فخلد ذلك العمل بهذه الكتابة وشكر الآلهة "عم" و "انبي" و "عم ذيسرم"، لمنتها عليه وتسهيلها هذا العمل له.
وتعد الكتابة المرقمة برقم: "Glaser 1601" من الكتابات المهمة المدونة في أيام هذا الملك، لأنها أمر ملكي في كيفية جباية الضرائب من قبيلة "كحد ذ دتنت". وقد عقدت بين ملك قتبان ورؤساء قبيلة "كحد" النازلة في "دتنت" "دتنه"، واشهدت آلهة قتبان عليها. وقد جاء في هذا الأمر أن "كبر" أي "كبير" لّيلة "كحد" هو الذي سيتولى أمر هذه الجباية والأشراف على تنفيذ الأمر وتطبيق أحكامه على كل من يخصه ويشمله، وذلك من تأريخ تعيينه "كبيراً" إلى يوم انتهاء ويخضه، على إن يقدم الوارد إلى الحكومة سنة فسنة، فإذا انتهت مدة تعيينه، تولى من يخلفه في هذا المنصب أمر الجباية، وقد جعل تأريخ تنفيذ هذا العقد من: "بن شهر و رخن ذ تمنع خرف موهبم ذ ذرحن اخرن لاخرن"، ومعناها: "من هلال شهر ذو تمنع سنة موهب ذو ذرحن" "ذرحان" آخراً فآخراً"، وتعني "اخرن لأخرن" والأشهر التي تليه إلى أمر آخر.
وأما الضرائب المفروضة، أي الجباية التي يجب إن تجبى من قبيلة "كحد": فقد حددت بهذه العبارة: "عشر سل هنام وموبلم وتقنتم وترثم وكل ثفطم بيثفط"، أي " عشر كل ربح صاف، وكل ربح يأتي من التزام أو من بيع أو من ارث يورث"، فحصر هذا القانون ضريبة "العشر" في الأرباح المتأتية من هذه المكاسب، وتجبى هذه الضرائب لخزانة الحكومة.
وقد ذكرت في هذه الوثيقة ضريبة أخرى، هي "عصم" "عصمم"، وهي ضربية خاصة تجبى للمعابد، أي إنها تذهب إلى الكهان لينفقوا منها على إدارة المعبد، فهي ضريبة مقررة تجبى كما تجبى ضرائب الدولة، وهي مصطلح يطلق على كل أنواع الجبايات التي تسمى بأسماء الآلهة والمعابد.
ويرى "رود كناكس" إن "العصم" لفظة تطلق على كل ما يسمى للإلهة أو المعابد من "زكاة" أو نذر أو صدقات تقدم في مختلف الأحوال، عند برء من سقم، أو عند حدوث زيادة في الغلات. وقد وردت في النصوص مصطلحات مثل: "ودم" و "شفتم" و "بنتم" وأمثالها، وهي تعبر عن النذور والهبات التي يقدمها المؤمنون تقرباً وزلفى إلى آلهتهم، وهي غير محدودة ولا معينة ولا ثابتة، و إنما تقدم في المناسبات كما في أكثر الأديان.
وجاءت في هذه الكتابة جملة "وسطر ذتن اسطون ببيت ورفو"، أي "وسطرن هذه الأسطر ببيت ورفو "، وتؤدي لفظة "بيت" في أمثال هذا السياق معنى "معبد"، كما نقول "بيت الله"، وقد وقعها الملك في شهر "ذبرم" وأعلنها للناس وأوضح ذلك بهذه العبارة: "يد شهر و رخس ذبرم قد من خرف موهبم ذ ذرحن"، أي "وقد وقع عليها شهر بيده في شهر ذي برم الأول من سنة موهب آل ذرحن". وجعل شاهداً على صحة الوثيقة رجلاً اسمه "نبط عم بن السمع" من "آل هيبر".
وحظي معبد "بيحان" بعناية الملك "شهر غيلان"، فشد أمر بترميم أقسامه القديمة وتجديدها وبناء أقسام جديدة فيه. وقد تيمن بهذا العمل بذكر الآلهة "عثر نوفان"، أي "عئتر النائف". وسجل هذا العمل في كتابة وسمها علماء العربيات الجنوبية ب "REP.EPIG. 4932". وقد ذكر فيها أسماء آلهة أخرى تيمناً بذكر أسمائها وتقرباً إليها.
وكان هذا المعبد قد خصص لعبادة "عم ذلبخ"، فهو اذن أحد المعابد التي سميا باًسم الإلَه "عم". وقد عرفت معابده ب "عم ذلبخ". ومعبد "بيحان" هو معبد من هذه المعابد التي حملت اسمه. وكانت لها جماعة تتعبد بها، ولعلها مذهب أو طائفة خصصت نفسها بعبادة هذا الإله. وكانت هذه المعابد تجبي أموالاً من أتباعها لتقيم بها المعابد، وصرف الملوك عليها كذلك.
وفي الكتابة الموسومة ب "Ryckmans 216" خلر نصر أحرزه الملك "شهر غيلان" على حضرموت و "أمر" "آمر" "أأمر". وتخليداً له أمر ببناء معبد "عثتر ذ بحن"،أي معبد الإلَه "عثتر" في موضع "ذبحن" "ذبحان". ويرى "فون وزمن" إن موضع "ذبحان" الذي بني فيه هذا المعبد، هو المكان المسمى "بيحان القصب" في الوقت الحاضر. و يقع عند قدم "جبل ريدان". وفي هذا المكان خرائب واسعة تدل على إنه كان مدينة أو قرية كبيرة. ويرجع "فون وزمن" زمان هذا الملك إلى أواخر القرن الرابع لما قبل الميلاد.
ويتبين من النص المتقدم إن "قتبان" كانت في عهد هذا الملك قوية، فقد انتصرت كما رأينا على حضرموت و "امر"، وكانت تحكم "دتنت" "دتنه" و "كحد"، كما كانت تحكم أرضين أخرى غير قتبانية. ولولا القوة لانفصلت تلك الأرضين عنها.
وقد عثر عدد من الكتابات القتبانية ورد فيها اسم الملك "شهر بجل بن يدع أب". منها الكتابة التي وسمت ب "Glaser 1602". وهي أمر ملكي في كيفية جمع الجباية من "اربي عم ذلبخ"، أي من "طائفة معبد الإله عم في أرض لبخ"، ويظهر من هذا المصطلح ومن مصطلحات مشابهة أخرى إن العرب الجنوبيين كانوا يؤلفون طوائف تنتمي إلى إلهَ من الآلهة تتسمى به وتقيم حول معبده. ويعر عن الطائفة بلفظة "اربي" وتقيم في الأرض تستغلها، وتسمي نفسها باسم الرب الذي تنتمي الطائفة إليه. و يجوز إنها كانت تتعاون فيها بينها في استغلال الأرض وفي تصريف الإنتاج لخير الطائفة بأسرها. وتقدم الطائفة حقوق الحكومة إلى الجباة الذين يجبون تلك الحقوق، فيقدمونها إلى "الكبير"، أي نائب الملك المعين والياً على المقاطعات ليقدمها إلى الملك.
وقد أصدر الملك "شهر يجل" أمره هذا، وأمر بتنفيذه، وذلك في معبد "عم ذلبخ"، المشيد في موضع "بن غيلم" أي "في غيل"، وذلك في شهر "ذبشم" سنة "عم علي" كما يفهم من العبارة القتبانية: "ورخس ذبشهم خرف عم علي".
وتتألف "الاربي"، أي طائفة "عم" إله معبد "ذلبخ" من أُسر تجمع بينها صلة القربى، وكان لهم رؤساء يديرون شؤون الطائفة سماهم الملك، وهم: "معدي كرب" "معدي يكرب بن هيبر" و "دال" و"دايل بن رباح" "ربح"، و "اخهيسمى" أي واخوتهما. وقد قصد الملك من ذكرهما في هذه الكتابة انهما هما اللذان كانا يقومان بجمع الغلات ودفع ما على أتباعهما إلى خزانة الحكومة وإلى خزائن المعابد التي في أرض "لبخ" وفوّض امر استثمارها إلى هذه الطائفة.
وهناك كتابات أخرى تبحث في الموضوع نفسه، موضوع أرض "لبخ" وطائفة "عم" "اربي عم" القاطنة بها، وعباراتها هي عبارات النص المذكور إلا في أمور، إذ تختلف فيها، في مثل أسماء الأشخاص وتواريخ عقد تلك الاتفاقيات ومواضعه، لأنها عقدت في أوقات مختلفة و مع أشخاص آخرين.
وتقدم النصوص المذكورة نماذج عن طرق كتابة العقود الرسمة بن الحكومة القتبانية والموظفين والجماعات في موضوع الالتزامات والعقود، فلها أهمية خاصة لمن يريد دراسة أصول التشريع عند الجاهليين.
والعادة كتابة هذه الوثائق وإعلانها للناس بوضعها في محالّ بارزة، يتجمع عندها الملأ في العادة أو يمرون عليها، مثل المعابد أو أبواب المدن، فإنها من أكثر الأماكن التصاقاً بالأفراد والجماعات. وتؤرخ بالتواريخ المستعملة في أوقات عقد العهود، ليعمل بتلك الأوامر وفي الأوقات المثبتة في الكتابات.
ولدينا نص أمر ملكي أصدره الملك إلى القتبانيين أحرارهم وعبيدهم، رجالهم ونسائهم، وإلى كل المولودين في مدينة "تمنع" في كيفية دفعهم "العصم" أي الضرائب. وقد صدر هذا الأمر و أعلن للناس في "ورخم ذبرم اخرن ذ ذران"، أي في "شهر برم الثاني من السنة الأولى من سني من آل ذرأن". وقد سقط من الكتابة اسم الرجل الذي أرخت الكتابة به.
ويرى "البرايت" إن "شهر يجل"، هذا كان قد حكم في حوالي سنة "300 ق. م." وانه تغلب على المعينيين فحكمهم.
وعثر على أمر ملكي أصدره الملك "لشهر هلل يهنعم بن يدع اب" في كيفية جباية "ابي عم لبخ"، وهو أمر يشبه الأمر الملكي الذي صدر من الملك "شهر يجل بن يدع اب" السابق. و قد ذكر الملك إنه اصدر أمره هذا تنفيذاً لمشيئة معبد "حطبم" "حطب" المخصص بعبادة "عم ذ دونم" "عم ذو دونم"، ومعبد "رصفم" "رصف" "رصاف" معبد الإلهَ "انبي" ولوحي الآلهة "شمس" و "الهلال" "ربع شمس"، وذكر أسماء وكلاء الطائفة وممثليها: طائفة "عم ذي لبخ" "اربي عم ذلبخ" في "ذي غيل". وقد نشر الأمر و أعلن على باب "شدو" من أبواب مدينة "تمنع"، وذلك في شهر "ذي تمنع" وفي السنة الثانية من سني "شهر" من عشيرة "يجر".
ويرى ألبرايت إن هذا الملك كان شقيقاً للملك "شهر يجل"، وأنه كان تابعاً لحكومة معين. وقد حمله على هذا الرأي اشتراك اسم الأب. وأنا مع عدم معارضتي لهذا الرأي لا أرى إن اشتراك اسم الأب يمكن إن يكون دليلاً على إن شخصين أو أكثرهم إخوة، فإن أسماء الملوك في العربية الجنوبية متشابهة وتتكرر، والذي يفرق بينها هو اللقب أو الألقاب، بل إننا حتى في هذه الحالة نجد الألقاب تتكرر أيضاً، وهي وان بدت وكأنها اسم شخص واحد، إلا إنها في الحقيقة لجملة أشخاص. وقد عبر المحدثون عن ذلك بالترقيم، فقالوا فلان الأول، وفلان الثاني، وفلان الثالث، وهكذا، وذلك كناية عن الاشتراك في الاسم و في اسم الأب وفي الألقاب. ويقع ذلك عند أمم أخرى أيضاً: وقع ذلك في القديم، و وقع في الأيام الحديثة حتى اليوم. ونحن لجهلنا تواريخ ارتقاء الملوك العروش، ولعدم تيقننا من تقدم بعضهم على بعض، لا نستطيع لذلك ترقيم الملوك بحسب التقدم في الحكم بصورة يقينية، فليس لنا إذن إلا التربص للمستقبل فلعل الأيام تقدم. إلينا مفاتيح نفتح بها الملفات في تواريخ العرب قبل الإسلام.
وعندنا وثيقة أخرى من الوثاثق الخاصة ب "اربي عم" في "لبخ"، من أيام الملك "شهر هلل" "شهر هلال". وهي أيضاً أمر ملكي أصدره الملك في كيفية جباية الضرائب من هذه المنطقة. وقد أمر بوضع هذا الأمر وتعليقه عند باب "ذي شدو" من أبواب مدينة "تمنع"، وذلك في شهر "ذو أبهى" في السنة الثانية من سني "عم شبم" من "آل يجر".
وقد مر" ذكر "آل يجر" في نص سابق، حيث أرخ أيضاً برجل منها، منها يدل على إنها كانت من الأسر المعروفة المشهورة في قتبان.
والوثيقة كما نرى هي في الموضوع السابق نفسه، موضوع جباية الضرائب من طائفة "عم" النازلين بوادي "لبخ". ولذلك لا تختلف في أسلوبها وفي الألفاظ والمصطلحات القانونية الواردة فيها عن ألفاظ ومصطلحات الوثائق السابقة. ولكنها تختلف عنها في إنها لم تذكر أسم والد "شهر هلال"، ولذلك تعذر علينا تعيين هذا الملك وغدا صعباً علينا تثبيت نسبه بالنسبة إلى الملوك المذكورين. وقد ترك "البرايت" فراغاً بعد اسم "شهر هلال يهنعم" وضع بعده اسم "يدع اب ذبيان يهركب"، غير أنه بين أنه غير متأكد من أن موضعه في هذا المكان. وأنه وضعه على سيبل الظن، و ذلك اعتماداً على خط الكتابة التي ورد فيها اسمه والتي يناسب أسلوبها أسلوب كتابات هذا الوقت.
ثم عاد "ألبرايت" فترك فراغاً بعد هذا الاسم، لا أدري من حكم فيه، ثم ذكر بعده اسم "فرع كرب"، ولم يذكر أي لقب له، ثم ذكر من بعده اسم "يدع اب غيلان" وهو ابنه وفي عهده بني "بيت يفش" الشهير الذي ورد اسمه في عدد من الكتابات القتبانية. ويرى "البرايت" أن ذلك كان في أوائل القرن الثاني قبل الميلاد.
وقد حصلت "البعثة الأميركية" الني نقبت في خرائب مدينة "تمنع"، على كتابة تتعلق ببيت "يفش"، وباسم الملك "يدع اب غيلان بن فرع كرب". وصاحب هذه الكتابة رجل اسمه "هوفعم بن ثونب"، ذكر فيها انه اشترى وتملك ورمم البيت المسمى "يفش" و أجرى فيه تعميرات كثيرة وفي القسم الخاص منه باستقبال الضيوف "مز ود هو"، أي المحل الذي يجلس فيه الزائرون فيتسامرون، فهو نادي ذلك البيت، وكذلك في القسم المسقوف منه، أي القسم الخاص بالمسكن إلى أعلى البناء. وبهذه المناسبة تيمن صاحب البيت بذكر أسماء آلهته: "ابني" و "التّعلي" و "عم" و "عثتر" و "ذات صنتم" و "ذات ضهران"، ثم تيمن بذكر الملك الذي تم ذلك العمل في ايامه، وهو الملك "يدع اب غيلان بن فرع كرب" ملك قتبان.
وعثر على كتابة ورد فيها اسم "يدع أب غيلان" "يدع أب غيلن"، عثر عليها عند الجدار الشمالي "لحصن الحضيري" الواقع على مسافة "كيلومتر" إلى الشق من "جبل أوراد". وقد جاء فيها أن الملك أجرى ترميمات في مدينته "ذ غلين" "ذو غيلان".
وكانت مدينة "ذغيلم" "غيلن" "غيلان" من المدن التي أنشئت في عهد الملك "يدع أب غيلان". بناها على رأي بعض الباحثين في حوالي القرن الثاني قبل الميلاد وذلك عند معبد "عم ذي لبخ" الشهير الكائن في موضع "ذغيلم"، أو إنها كانت موجودة ولكنه جدد بناءها فعرفت ب "ذغيلان". ولذلك فإن اسمها في الكتابات هو "ذغيلم" و "ذ غيلن" و "ذغيلان". وقد اشتهرت بمعبدها المذكور.
وترك "البرايت" فراغاً بعد اسم "يدع غيلان"، يعني إنه لا يدري من حكم في خلاله، ثم ذكر اسم "هوف عم يهنعم" "هو فعم يهنغم" بعده. وقد حكم - على تقديره - في حوالي السنة "150 ق. م.". ثم ذكر من بعد اسم ابنه "شهر يجل يهركب".
ولدينا كتابة رقمت برقم "REP.EPIG. 4335" وقد ذكر فيها اسم "شهر يجل بهرجب بن هوفعم". وقد دونت هذه الكتابة عند اشتراك "شوشن" و "حمرم"، ابني "عم كرب" في بناء "محفد" لهما اسمه "غيلن" في أرضهم "طوب" "طوبم"، وتيمناً وتبركاً بذلك ذكرا أسماء آلهة قتبان واسم الملك المذكور.
و عثر على كتابة أخرى، فهم منها إنه في عهد الملك "شهر يجل يهرجب"، جدد بناء الباب الجنوبي لمدينة "تمنع"، وجدد بناء بيت "يفش". ويرجع "البرايت" أيام هذا الملك إلى ما بعد سنة "150 ق. م." بقليل، ويستند في تقديره هذا إلى تمثاليْ أسدين عثر عليهما في خرائب مدينة "تمنع"، وقد وجدت عند قاعدتها كتابات قتبانية، ورد فيها اسم الممعار "ثويبم" "ثويب"، و قد سبق إن عثر على كتابة ورد فيها اسم هذا المعمار وقد كتبت في عهد الملك "شهر يبل يهرجب"، و من اشتراك الاسمين استنتج "البرايت" إن التمثالين هما من عهد هذا الملك، ويرى "البرايت" أيضاً إن هذين التمثالين صنعا على نمط صناعة التماثيل عند اليونان، ولا يرتقي عهد صناعتهما إلى أكثر من القرن الثاني قبل الميلاد، لذلك لا يمكن في نظره إن يرتقي عهد هذا الملك إلى أكثر من "150" سنة قبل الميلاد.
ويظهر من الكتابة "Jamme 119" إن "ثويبم بن يشرح عم" و "صبحم" و "هوفعم"، وهم من آل "مهصنعم" اشتروا ونقلوا اسم البيت باسمهم، أي سجلوه باسمهم، وسجلوا كل ما يتعلق به من أبنية و مسقفات في الطابق الأرضي وفي الأعلى وذلك وفقاً لشريعة الإله "انبي". وتيمناً بهذه المناسبة سجلوا شكرهم للآلهة "عثتر" و "عم" و "انبي" و "ورفو ذلفن" و "ذات صنتم" و "ذات ضهران"، وكانت تلك المناسبة في أيام الملك "شهر يجلى يهرجب بن هوفعم يهنعم". وفي عهد "فرع كرب" من أسرة "ذرحن" ونائب الملك "شهر".
وقد استنتح بعض الباحثين من هذا النص إن "هو فعم" والد "شهر يجل يهرجب" كان شقيقاً ل "فرع كوب" الذي كان نائباً عن الملك أو حاكماً يوم دوّن هذا النص. وقد كان من أسرة أو قبيلة "ذرحان". وقد كان له ابن هو الملك: "يدع اب غيلان".
ويلاحظ إن هذه الأسماء تنطبق على الأكثر على مجموعة ملوك ذكرها "ألبرايت" في بحث له بعد اسم "شهر هلال يهنعم" وقبل "يدع أب ينف". وسيأتي الكلام عنها فيما بعد. غير إن الزمان الذي قدره لحكم هذه المجموعة متأخر عن الزمان المذكور.
وقد وردت في نص من النصوص المعينية عبارة مهمة جداً لها علاقة بقتبان، و بشخص ملكها "شهر يجل يهرجب"، وبالحالة السياسية التي كانت في حكومة معين. ورد فيها ما ترجمته: "في يوم سيده وقه آل يثع وابنه اليفع يشر ملك معين، وبيده شهر يجل يهرجب ملك قتبان". وقد ذكر "هومل" إن كلمة "مراسم" في السطر الرابع من النص قد يمكن قراءتها "مرأس"، ولو قرئت على هذه الصورة لكانت تعني إن "شهر يجل يهرجب" كان رئيساً على ملك "معين" وابنه، وهذا يعني إن حكومة معين كانت خاضعة لحكومة قتبان في هذا العهد. ويرى "فلبي" إن ذلك كان حوالي سنة "820 ق. م." وان حكم "شهر يجل يهرجب" كان على رأيه أيضاً من سنة "825- 800 ق. م،" وفي هذا العهد لم تكن "سبأ" قد كونت حكومتها بعد، ومن المحتمل أن قبائلها كانت يومئذ كما يرى "فلبي" متحالفة مع قتبان.
ويرى "رودوكناكس" إن نص "Halevy 504" يشر إلى أحد أمرين: تحالف بين معين وقتبان كان في عهد الملك "شهر يجل يهرجب" أو إن حكومة معين كانت حقاً خاضعة لسيادة قتبان. وقد ذهب بعض الباحثين إلى إن حكم "شهر يجل يهرجب"، كان في القرن الأول قبل الميلاد، وفي حوالي السنة "75 ق. م.". و بناءً على ذلك يكون خضوع معين المذكور في النص في هذا الزمن ويكون "اليفع يشر" الذي نعتوه بالثاني من هذا العهد أيضاً. ويرون أيضاً إن استيلاء "قتبان" على معين لم يدم طويلاً، لأن السبئيين سرعان ما أخذوا زمام الأمور بأيديهم، فاستولوا على معين. ثم إن الحميريين استولوا على الأرضين الجنوبية لقتبان الممتدة إلى البحر فأضعفوا قتبان، حتى عجزت عن الهيمنة على المعينيين.
ولم يؤثر اعتراف "معين" بسيادة ملوك "شبان" عليها في استقلالها الذاتي، إذ بقي ملوكها يحكمونها كما يظهر ذلك من الكتابة المذكورة: "Halevy 504" ومن كتابات أخرى. وقد جاء في كتابة "معينية" أمر بتدوينها الملك "اليفع يشر" ملك "معين" في عاصمته "قرنو"، ذكر كاهنين من "كهلان" "كهلن" من قتبان، حضرا حفلة تتويجه، وربما يستشف من ذكر هذين الكاهنين الإشارة إلى الروابط السياسية التي كانت بين معين وقتبان، وأن حكومة "قرنو" كانت خاضعة لسيادة "قتبان" دون إن يؤثر ذلك في استقلالها الذاتي الذي كانت تتمنع به، أو إنها كانت قد تحالفت مع قتبان، أو كونت اتحاداً دون إن يؤثر ذلك في الملكية في معين أو قتبان.
ولدينا نص مهم طويل، هو قانون أصدره "شهر يجل يهرجب" باسمه وباسم شعب "قتبان"، لقبائل قتبان، في كيفية الاستفادة من الأرضين واستثمارها وقد صدر هذا القانون بعد موافقة الملك عليه في اليوم التاسع، وسو يوم ذو "اجيبو" "ذ اجيبو" من شهر "ذي تمنع" من السنة الأولى من سني "عم علي" من "آل رشم" من عشيرة "قفعن". ويظهر إن رؤساء القبائل وأعيان المملكة قد عقدوا اجتماعات عدبدة، و تداولوا الرأي في استثمار الأرض وقسمتها على القبائل والعشائر والفلاحين، و بعد إن اتفقوا على الأسس رفعوها إلى الملك فأصدر أمره بإقرارها، كما أقرها الكهان، وكانت لمعابدهم أوقاف جسيمة يستغلها الفلاحون، فلا بد إن يكون لهم رأي مهم في صدور أمثال هذه القوانين.
وذكرت في نهاية نص القانون طائفة من الأسماء كتبت بعد جملة "ايد هو" وتعنى إن هؤلاء الذين سترد أسماؤهم قد قرأوا القانون، وقد شهدوا على صحة صدوره من الملك فوقعوا بأيدهم عليه. وأنهم موافقون على كل ما جاء فيه، وهم يمثلون بالطبع رؤساء القبائل وأعيان العاصمة والمملكة، وقد ذكرت مع أسمائهم أسماء الأسر والعشائر التي ينتمون إليها، فكانت لهذه الأسماء فائدة عظيمة في دراسة القبائل والأسر التي عاشت قبل الإسلام.
وخد وردت في النص كلمة "فقد" وكلمة "بتل"، ويظهر منه إن لهاتين الكلمتين دلالة على معنى مجالس استشارية، أو ما شابه ذلك، كانت تمثل رأي طبقات من الناس، مثل سادات القبائل أو أمثالهم من أصحاب الجاه والسلطان. فقد وردتا في النص بمعنى تقديم رأي إلى الملك للموافقة عليه، وذلك في شهر "ذوبرم" وفي السنة الثانية من سني "اشبن" من عشيرة "حضرن" "حضران" من قبيلة شهر.
وإلى عهد الملك "شهر يجل يهرجب"، تعود الكتابة التي دوّنها "عقريم بن ثويبم" "عقرب بن ثويب" من "آل مهصنعم" من عشيرة "صويعم" وذلك لمناسبة بنائه محلاً "خطبس"، وذلك بحق الإله "انبي". وقد تيمن بهذه المناسبة بذكر الآلهة "عثتر" و "عم" و "ورفو" و "ذات صنتم" و "ذات ضهران"، وكان ذلك في عهد الملك المذكور.
وإلى عهده أيضاً تعود الكتابة التي وسمت ب "Jamme 874"، وهي كتابة قصيرة ورد فيها إن "شهر يجل يهرجب ملك قتبان" وضع أو قدّم. ولم تذكر الكتابة شيئاً بعد ذلك.
وقد عثر على كتابة في "وسطى"، ورد فيها اسم "شهر يجل يهرجب بن هوفعم يهنعم"، و قد لقب فيها "مكرب"، مع إنه من الملوك وقد لقب في جميع الكنايات بلقب "ملك". وقد حكم بعد "يدع اب ذبيان بن شهر" الذي ترك لقب "مكرب" واستعمل لقب "ملك" بزمن. واستعمال كلمة "مكرب" في هذه الكتابة يلفت النظر، إذ كانت الكتابات قد تركتها منذ زمن "يدع اب"، فهل نحن إذن أمام ملك آخر اسمه نفس اسم "شهر يكل" شهر يجل" واسم والده كاسم والد هذا الملك، وقد كان مكرباً، فيجب علينا إدخاله إذن في جملة المكربين، ونقله من هذا الموضع? أو هل نحن أمام خطأ وقع فيه كاتب الكتابة، إذ استعجل فكته كلمة "مكرب" موضع لفظة "ملك"? أو هل نحن أمام مصطلح فقط، يبين لنا إن الحكام وان كانوا قد تركوا لقب "مكرب"، إلا إن الناس كانوا يطلقونها عليهم فيما بينهم على اعتبار إن لهم مقاماً دينياً عندهم، و إنها لا تنافي الملكية، تماماً علىنحو ما يفعل اليمانيون من إطلاقهم لفظة "إمام اليمن" و "ملك اليمن" على حكامهم وذلك لجمعهم بين الصفة الدينية والصفة الدينية في آن واحد?.










موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
لحمير, أخطأ, مؤرخوا, البربر, اليمن, fdlkfd


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc