الحق و الباطل...

[أحمد محمدي الجزائري]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على نبيه الأمين .
أما بعد
فإن الصدع بالحق و التنبيه عن الأخطاء و الزلات من شعار أهل السنة و الجماعة العالمين بالحق و العاملين به و الراحمين للخلق فيه..
و ليس أحد من الناس ينشرح صدره لقبول الحق إلا عد من القليل النادر ، و كما قيل :
كانوا إذا عدوا قليلا ....فصاروا أقل من القليل
و مما أثر عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال : "ما عرضت الحق على أحد فقبله إلا عظم في عيني ، و ما رفضه أحد إلا سقط من عيني"
و ما الذي هوى بالمشركين على وجوههم في نار جهنم غير إيثارهم الباطل على الحق؟! و لذلك جاءت هذه الشريعة الغراء بمقصد لطيف المأخذ جليل النفع ذكره الامام الشاطبي في كتابه الموافقات حيث قال "أن الشريعة أتت لتخليص الانسان من داعية هواه"..
فالهوى متأصل في كل إنسان إلا من رحم الله و لا مخلص منه سوى نهي النفس عنه، و لا سبيل إلى جنة المأوى إلا بالانتهاء عن الهوى ، قال الله تعالى:"وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى"
و لهذا قال أويس بن عامر القرني رحمه الله سيد التابعين و العباد في زمنه:
" إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدع للمؤمن صديقا : نأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا ويجدون على ذلك أعوانا من الفاسقين حتى والله لقد رموني بالعظائم وأيم الله لا أدع أن أقوم فيهم بحقه" ذكره الشاطبي في كتاب الإعتصام..
يشتمون عرض هذا الامام الجليل و يرمى بالعظائم،وقد زكاه النبي صلى الله عليه و سلم و أثنى عليه .
ذكر الحافظ الذهبي سيرته في كتابه الكبير سير أعلام النبلاء فقال: "حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري ، عن أبي نضرة عن أسير بن جابر ، قال : لما أقبل أهل اليمن ، جعل عمر -رضي الله عنه- يستقرئ الرفاق فيقول : هل فيكم أحد من قرن ، فوقع زمام عمر أو زمام أويس فناوله -أو ناول أحدهما الآخر- فعرفه ، فقال عمر : ما اسمك؟ قال : أنا أويس . قال : هل لك والدة؟ قال : نعم . قال : فهل كان بك من البياض شيء؟ قال : نعم ، فدعوت الله فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي . قال له عمر : استغفر لي . قال : أنت أحق أن تستغفر لي ، أنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فقال عمر : إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : إن خير التابعين رجل يقال له أويس ، وله والدة وكان به بياض ، فدعا الله ، فأذهبه عنه إلا موضع الدرهم في سرته ، فاستغفر له ، ثم دخل في غمار الناس فلم ندر أين وقع ... "
فلا غرو إذن إذا لم تقبل بعض النفوس الحق و لم تنقد إليه بعد هذا!
و الموضوع مفتوح للاثراء ...
و الحمد لله رب العالمين...