القانون
مجموعة من القواعد والأسس التي تنظم مجتمعًا ما. ويُعد القانون واحدًا من بين أكثر النظم الاجتماعية الأساسية أهمية وضرورة. ولا يمكن لأي مجتمع أن يعيش إذا كان كل أفراده يفعلون مايروق لهم دون مراعاة لحقوق الآخرين، أو إذا كان أعضاؤه لا يعترفون بأن عليهم التزامات معينة في مواجهة بعضهم بعضًا. وهكذا، يقرر القانون القواعد التي تحدد حقوق أي شخص والتزاماته. ويضع القانون، أيضًا، الجزاءات التي توقع على من يخالف هذه القواعد، ويبين كيفية تطبيق الحكومة لتلك القواعد والجزاءات. وبالرغم من ذلك، يمكن للقواعد التي تطبقها الحكومة أن تتغير. ففي الواقع، تُعدل القوانين بصورة متكررة لكي تعكس المتغيرات التي تطرأ على حاجات المجتمع واتجاهاته.
وفي معظم المجتمعات، تضطلع أجهزة حكومية متعددة، وبخاصة أقسام الشرطة والمحاكم، بمهمة التأكد من إطاعة القوانين. ولأنه يمكن معاقبة أي شخص لعدم إطاعة القوانين، فإن معظم الناس تتفق على أن تكون القوانين عادلة. وتعد العدالة معيارًا أخلاقيًا ينطبق على كل أنماط السلوك الإنساني. وتنطوي القوانين التي تطبقها الحكومة على عناصر أخلاقية قوية. ولهذا، فإن العدالة، بوجه عام، من المبادئ الموجهة للقانون. لكن باستطاعة الحكومة تطبيق القوانين التي يعتقد كثيرٌ من الناس عدم عدالتها، وهي أحيانًا تطبقها بالفعل. وإذا ما أصبح هذا الأمر واسع الانتشار، فإن الناس قد يتخلوْن عن احترام وإطاعة القانون، وربما تعمدوا مخالفته. ولكن القانون نفسه في المجتمعات الديمقراطية، ينص على الوسائل التي يمكن استخدامها عند تعديل القوانين الجائرة أو إلغائها.
وتناقش هذه المقالة الفروع الرئيسية للقانون الوضعي والنظم القانونية الرئيسية في العالم، والوسائل التي تستخدمها الديمقراطيات في تعديل القوانين. وتقدم مقالات مستقلة في الموسوعة معلومات مفصلة حول الموضوعات المتصلة بالقانون. وللوقوف على قائمة بهذه المقالات، انظر: المقالات ذات الصلة في نهاية هذه المقالة. وللوقوف على الأحكام والقوانين الإسلامية المستمدة من الشريعة،
فروع القانون
يمكن تقسيم القانون إلى فرعين رئيسيين، :
1 - القانون الخاص
يحدد الحقوق والواجبات القانونية لأي شخص، فيما يتعلق بكثير من أنواع الأنشطة التي تربطه بأشخاصٍ آخرين. وتشتمل هذه الأنشطة على كل شيء تقريبًا مثل عمليات إقراض واقتراض النقود وشراء المنازل أو توقيع عقود العمل.
وتمضي الغالبية العظمى من المحامين والقضاة وقتها في نظر مسائل القانون الخاصّ. ويعالج المحامون أكثر هذه المسائل بعيدا عن المحكمة. لكن كثيرًا من الأوضاع تتطلب من القاضي أو هيئة المحكمة وجوب تحديد ما إذا كانت الحقوق التي يقرها القانون الخاص لشخص ما قد انتُهِكَت أم لا.
قانـون العـقود والتجارة قانـون الضـرر قانـون الأحـوال الشخصية
مشتريات آجلة الدفع الإزعاج التــبــــني
وثائق التأمين السب والتشهير حضانة الأطفال
براءات الاختراع الإصابة الشخصية الطـــــلاق
عقود العمل التقصير المهني بطلان الزواج
أذونات سندية التهاون الـــــزواج
عقود البيع المسؤولية عن المنتج
الضمانات حوادث المرور
الاكتتاب التعدي
قانون الملكية قانون المواريث قانون الشركات
العـلاقـة بين مـــالك الأملاك مالية الشركة
الأرض والمستأجر إثبات الوصايا نظام الشركة
الرهون العقارية الأمانات اندماج الشركات
نقل الملكية الوصايا وتملكها
ممتلكات بلا مالك
ويمكن تقسيم القانون الخاص إلى ستة فروع رئيسية، بحسب نوع الحقوق والالتزامات القانونية المتعلقة به، هي:
1 - قانون العقود والتجارة،
2 - قانون الضرر،
3 - قانون الملكية،
4 - قانون المواريث،
5 - قانون الأحوال الشخصية،
6 - قانون الشركات.
ورغم ذلك، فإن الخطوط الفاصلة بين هذه الفروع المتعددة ليست دائمًا واضحة. فعلى سبيل المثال يدخل كثير من حالات قانون الملكية ضمن اختصاص قانون العقود أيضًا.
قانون العقود والتجارة
يُعنى بحقوق الأشخاص الذين يبرمون عقودًا والتزامات. والعقد هو اتفاق بين شخصين أو أكثر، يمكن تنفيذه بالقانون. وتعتمد طائفة متنوعة من الأنشطة والأعمال التجارية على استخدام العقود. فتُبرم الشركات التجارية عقودًا مع الشركات الأخرى، كشركات التوريد وشركات النقل، وكذلك مع الأشخاص العاديين، كالعملاء والمستخدمين.
الضرر مخالفة التزام قانوني من جانب شخص، يترتب عليه ضرر يصيب شخصا آخر. وقد يسبب الفعل إصابة بدنية للشخص، أو تلفًا لممتلكاته، أوخسارة لتجارته، أو مساسًا بسمعته، أو استعمالاً لأمواله دون إذنه. ويجوز للشخص المتضرر مقاضاة الشخص، أو الأشخاص الذين تسببوا في ضرره. ويختص قانون الضرر بحقوق الأشخاص المتورطين والتزاماتهم في مثل هذه القضايا. ويقع كثير من المخالفات المدنية دون قصد، كالتسبب في إحداث ضرر نتيجةً لحوادث المرور. غير أنه إذا كانت المخالفة المدنية عمديةً ونتج عنها ضررٌ جسيمٌ، فمن الجائز اعتبارها جريمة.
قانون الملكية
قانون ينظم الملكية ومباشرة الحقوق التي تترتب عليها. والملكية قد تكون عقارية كالأرض والمباني، وقد تكون منقولة كالسيارة والملابس. وبالرغم من ذلك، يجب على المالك إدارة ممتلكاته بطريقة مشروعة. وللأفراد أيضًا، حق بيع ممتلكاتهم أو تأجيرها أو التنازل عنها، كما أن لهم حق شراء ممتلكات الآخرين واستئجارها. ويحدد قانون الملكية الحقوق والالتزامات المتعلقة بمثل هذه المعاملات.
قانون الميراث
أو قانون التركات يُعْنَى بانتقال الأموال عند موت أصحابها. ولكل دولة، تقريبًا، قوانين رئيسية تختص بالميراث، وتضع قائمة بالورثة من الأقارب أو خلافهم الذين يكون لهم حق الميراث. غير أنه يجوز للأفراد في معظم الدول الغربية الوصية بأموالهم لأشخاص آخرين خلاف الذين حددهم القانون، وفي مثل هذه الحالات أيضًا، يضع قانون المواريث القواعد التي تنظم عملية تحرير الوصايا.
وقد حددت الشريعة الإسلامية، في مصادرها الأساسية القرآن والسنة واجتهادات فقهائها، قواعد الميراث في المجتمعات الإسلامية، وبينّت نصيب كل وارث حسب حالته من حيث درجة قرابته للمورّث، ومن حيث نوعه ذكرًا أو أنثى. انظر: المواريث.
قانون الأحوال الشخصية
يحدد الحقوق القانونية والالتزامات الخاصة بالأزواج والزوجات، والأبوين والأبناء. ويعالج موضوعات مثل: الزواج، والطلاق، والتبني، وإعالة الأبناء.
قانون الشركات
ينظم إنشاء المؤسسات والشركات التجارية وإدارتها. ويختص أساسًا بتنظيم سلطات ومسؤوليات إدارة الشركات وحقوق المساهمين. وكثيراً ما يُصنَّف قانون الشركات مع قانون العقود والتجارة تحت اسم واحـد هـــــو قانون الأعمال التجارية.
2- القانون العام
ويُعنى القانون الخاص بتنظيم الحقوق والالتزامات التي تنشأ نتيجة علاقات أفراد المجتمع بعضهم ببعض. ويُعنى القانون العام بالحقوق والالتزامات التي تنشأ للناس بوصفهم أعضاء ومواطنين في المجتمع. ويمكن تقسيم كل من القانون الخاص والقانون العام إلى عدة أقسام فرعية. وبالرغم من ذلك، تتقارب الفروع المتعددة للقانون العام والقانون الخاص، وتتداخل في حالات كثيرة.
يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالحكومة. ويحدد القانون العام حقوق أي شخص والتزاماته تجاه الحكومة، ويقرر، أيضا، الأقسام المختلفة للحكومة ويبين اختصاصاتها.
يمكن تقسيم القانون العام إلى أربعة فروع، هي:
1- القانون الجنائي،
2- القانون الدستوري،
3- القانون الإداري،
4- القانون الدولي.
وفي كثير من الأحوال، تتداخل فروع القانون العام، كما هو الحال بالنسبة لفروع القانون الخاص. فعلى سبيل المثال، قد تشكِّل مخالفة القانون الإداري مخالفة للقانون الجنائي أيضًا.
القانون الجنائي
يختص بالجرائم، أي الأفعال التي تُعَدُّ ضارة بالمجتمع. وتتفاوت الجرائم من حيث الخطورة مابين مجرد السلوك المخل بالنظام والقتل العمد. ويحدد القانون الجنائي هذه الجرائم، ويضع القواعد الخاصة بالقبض على المجرمين، وإمكان محاكمتهم، وعقوبات المذنبين. ويسمى القانون غير الجنائي القانون المدني، بالرغم من أن لذلك معنًى آخرَ ستتم مناقشته لاحقًا. إلا أن بعض الجرائم تُعد أيضًا ضررًا، يجوز للمتضرر فيها المطالبة بتعويض وفقًا للقانون المدني.
تتولى الحكومة المركزية في غالبية الدول إصدار معظم القوانين الجنائية. وفي بعض الدول، كأستراليا والولايات المتحدة، لكل ولاية، مثلما للحكومة الاتحادية، مجموعة قوانينها الجنائية. وبالرغم من ذلك، يجب أن تحمي القوانين الجنائية لكل ولاية الحقوق والحريات التي يضمنها القانون الدستوري الاتحادي.
القانون الدستوري.
الدستور مجموعة من القواعد والمبادئ التي تحدد سلطات الحكومة وحقوق الشعب. وتشكل المبادئ المقررة في أي دستور الأساس الذي يقوم عليه القانون الدستوري. ويشتمل القانون، كذلك، على قرارات رسمية حول كيفية تفسير مبادئ الدستور وتنفيذها.
ولدى معظم الأمم دساتير مكتوبة. وتُعد بريطانيا الاستثناء الأهم من هذه الناحية. فالدستور البريطاني دستورٌ غير مكتوب. وهو يشتمل على كل الوثائق والتقاليد التي أسهمت في صياغة نمط الحكومة البريطانية. ويتبوأ الدستور الوطني في معظم الديمقراطيات مكانًا يسمو به على جميع القوانين الأخرى. ويوضح الدستور كيفية تسوية التعارض بين أحكامه وأحكام القوانين الأخرى. وللمحاكم في كثير من الدول سلطة الرقابة على دستورية القوانين التي يجوز لها بموجبها إلغاء أية قوانين تخالف الدستور فتقضي بعدم دستوريتها.
القانون الإداري
تتمثل أهميته في تسيير مرافق الحكومة ويعد أكثر فروع القانون تعقيدًا.
تنشئ الحكومات كثيرًا من المرافق الإدارية لكي تضطلع بعمل الحكومة. وتختص المرافق بأعمال، مثل: التربية والتعليم، والصحة العامة، والضرائب. وتوفر مرافق أخرى متطلبات الرعاية الاجتماعية، كمعاشات التقاعد والضمان الاجتماعي. وفي معظم الحالات، تقام المرافق كجزء مكمل للجانب التنفيذي بموجب اختصاصات تمنحها السلطة التشريعية. ويتكون القانون الإداري أساسًا من:
1- الاختصاصات القانونية التي تمنحها السلطة التشريعية للمرافق الإدارية،
2- القواعد التي تقررها المرافق لتنفيذ اختصاصاتها. ويشمل القانون الإداري أيضًا، قرارات المحاكم الصادرة بشأن القضايا المقامة بين المرافق والمواطنين العاديين.
القانون الدولي
مجموعة القواعد والمبادئ العامة التي يتعين على الأمم مراعاتها في علاقاتها بعضها مع بعض. وتنشأ بعض القوانين الدولية نتيجة عُرْف يتكون بمرور السنين. ويرجع أصل بعضها الآخر إلى المبادئ القانونية العامة التي تقرها الأمم المتقدمة. كما توجد قوانين دولية أخرى يتم الاتفاق عليها في المعاهدات أو تنشئها الأحكام القضائية.
يختص بتنظيم العلاقات التي تنشأ بين الدول، سواء في وقت الحرب أو السلم. وهو يُعنى بالتجارة، والاتصالات، ومنازعات الحدود، ووسائل القتال، واستخدامات المحيطات، ومسائل أخرى كثيرة. ولكي تصبح القوانين قادرة على تنظيم العلاقات الدولية، فقد طُوِّرت عبر القرون بطريق العرف والمعاهدات. غير أن القانون الدولي، خلافًا لفروع القانون الأخرى، يصعب تطبيقه.
وقد بقي كثير من الأعراف التي تختص بالعلاقات الدولية لمئات السنين. من ذلك مثلاً، مادرج عليه قدماء الإغريق من حماية السفراء الأجانب من التعرض لسوء المعاملة، حتى في أوقات الحرب. وقد استمرت الأمم نحو ألفي سنة تمنح السفراء حماية مماثلة. وظلت المعاهدات أو العقود تبرم بين الدول لآلاف السنين. وكثير من تلك المعاهدات، كان يبرم لأغراض التجارة بين الدول، بينما بعضها الآخر يُبرم بغرض منح حقوق للمواطنين بشكل مُتبَادل، كمعاهدات تسليم المتهم الفار.
[color= darkred]أنواع القانون الدولي[/color]
تقسم قواعد القانون الدولي، عمومًا، إلى: قوانين السلم، وقوانين الحرب، وقوانين الحياد. ويعد السلم الحالة العادية للعلاقات بين الأمم.
قوانين السِّلْم.
تحدد قوانين السلم حقوق الأمم وواجباتها بعضها تجاه بعض في زمن السلم. ولكل دولة الحق في البقاء، والمساواة القانونية، والاختصاص بإقليمها، وتملك الأموال، وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى. ويختص كثير من قوانين السّلم بموضوع الاعتراف بالدول أعضاء في الأسرة الدولية، والاعتراف بالحكومات الجديدة التي تنشأ في إطار أمم قديمة. ويتم الاعتراف بمعظم الحكومات على أساس القانون، بمعنى الاعتراف بها حكومات شرعية. ويجوز الاعتراف بحكومة ما، على أساس الواقع في ظل الأحوال المضطربة، بمعنى الاعتراف بها حكومة تسيطر فعليًا على البلاد، سواء استند ذلك إلى حق أو لم يستند. وتشمل القواعد الخاصة بالإقليم: حقوق الأجانب وواجباتهم، وحق المرور عبر المياه الإقليمية، وتسليم المتهمين الفارين والمجرمين.
قوانين الحرب.
لايزال القانون التقليدي يعترف بالحرب. ويطلق على الدول المتقاتلة اسم المتحاربة. وتفرض قوانين الحرب قيودًا محددة على وسائل القتال. فعلى سبيل المثال، لايجوز قصف المدن غير المدافع عنها، وهي التي تسمى بالمدن المفتوحة. وعلى الغزاة ألا يستولوا على الممتلكات الخاصة دون تعويض. ولايجوز قتل الجنود المستسلمين أو الهجوم عليهم، وإنما يجب أن يعاملوا معاملة أسرى الحرب.
وجميع قوانين الحرب تتعرض للانتهاك بشكل متكرر. ففي زمن الحرب، تقاتل الأمم من أجل بقائها، وليس من الممكن، دائمًا، إلزامها بالتقيد بقواعد القانون. فكل أمة تعمل بكل طاقتها لتدمير عدوها، مستخدمة في ذلك ما تستطيع الحصول عليه من الأسلحة الفتاكة.
ومع ذلك، وحتى خلال الحرب، تُحترم كثير من القواعد الدولية. فخلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945م) اتبعت كثيرٌ من الأمم المتحاربة القواعد الدولية الخاصة بمعاملة أسرى الحرب. فهناك ملايين من الأشخاص الذين كانوا أسرى حرب سابقين مازالوا أحياء إلى اليوم، لأن هذه القواعد كان يتم تطبيقها أكثر من انتهاكها.
قوانين الحياد.
وفقًا للقانون الدولي، يُحظر على الدول المتحاربة تحريك قواتها عبر الأقاليم المحايدة. ولايجوز استخدام المياه الإقليمية والموانئ المحايدة في القتال البحري. ويتعين على السفن الحربية المقاتلة التي تدخل موانئ محايدة، أن تغادرها خلال أربع وعشرين ساعة وإلا جاز حجزها.
طالبت الأمم المحايدة، خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، بكثير من الحقوق المتعلقة بسفنها في أعالي البحار. ولكن القوانين الخاصة بالمحايدين، شأنها في ذلك شأن القوانين الخاصة بالحرب، كثيرًا ما كانت تنتهك. فقد كانت الدول المحايدة تتعرض للغزو في كثير من الحروب، وتنتهك حقوق الحياد في أعالي البحار بصورة متكررة.
تنفيذ القانون الدولي
بعد أن تجيز السلطة التشريعية قانونًا لأمة أو دولة، تقوم الشرطة بتنفيذ القوانين. ويقدم الأشخاص الذين يخالفون هذه القوانين إلى القضاء لمحاكمتهم. غير أنه لا توجد سلطة تشريعية دولية تجيز القواعد التي يجب على جميع الأمم مراعاتها، كما لا توجد قوة شرطة دولية تجبر الدول على طاعة القانون الدولي. ونتيجة لذلك، يصعب في كثير من الأحيان، تنفيذ أحكام القانون الدولي.
رضاء الأمم.
كثيرًا ما يصنّف القانون الدولي، بحسب عدد الدول التي أقرته، إلى ثلاث مجموعات من القوانين، هي:
1- القانون الدولي العالمي:
ويشمل القواعد التي أقرتها جميع الأمم جزءًا من القانون الدولي. وتشمل هذه القواعد موضوعات مثل: قدسية المعاهدات، وسلامة السفراء الأجانب، واختصاص كل دولة بالمجال الجوي الذي يعلو إقليمها.
2ـ القانون الدولي العام:
ويشمل القواعد التي أقرتها غالبية الدول، وعلى الأخص الدول القوية. ومن بين القوانين التي تدخل في هذا النوع، القاعدة التي تنص على أنه لكل دولة سيطرة على مياهها الإقليمية، وهي المسطح المائي الذي يمتد من شواطئها لمسافة 22كم باتجاه البحر. والتزمت كثير من الدول بهذه القاعدة، ولكن بعضها الآخر لم يلتزم بها. فالإكوادور وبيرو، مثلاً، طالبتا بمسافة 370كم حدًا لمياههما الإقليمية.
3ـ القانون الدولي المحدود:
ويشمل الاتفاقيات التي تعقد بين دولتين، أو بين عدد قليل من الدول، كالاتفاقيات التجارية مثلاً.
الانتهاكات.
انتهكت اليابان القانون الدولي في سنة 1941م بهجومها على ميناء بيرل هاربر دون إعلان سابق بالحرب. وخرقت ألمانيا القانون الدولي إبان الحرب العالمية الثانية، حينما قتلت حكومتها الملايين من الأوروبيين، وأجبرت عمالاً من دول أوروبية أخرى للعمل أرقاء في المصانع الحربية الألمانية. وانتهك الاتحاد السوفييتي (سابقًا) القانون الدولي برفضه إعادة كثير من أسرى الحرب نهائيًا إلى بلادهم بعد انقضاء فترة طويلة على نهاية الحرب العالمية الثانية. ورُفعت تقارير إلى الأمم المتحدة حول المعاملة الوحشية التي تلقاها كثيرون من أسرى الحرب التابعين للأمم المتحدة على أيدي الشيوعيين الصينيين والكوريين الشماليين خلال الحرب الكورية (1950-1953م)، والحرب الأهلية الباكستانية (1971م)، وحرب فيتنام (1957 - 1975م).
إن واقعة انتهاك القوانين لاتجرد هذه القوانين من صفتها كقوانين. ففي أحيان كثيرة تُنتهك قوانين المدن والدول والأمم، ولكن هذه القوانين تظل قوة فاعلة. فليس هناك دولة تنكر وجود القانون الدولي.
القضاء والتحكيم.
أنشئت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي بهولندا سنة 1899م، باعتبار أن وسيلة التحكيم أفضل من وسيلة الحرب في تسوية المنازعات. وعمل أعضاء هذه المحكمة محكّمين وليسوا قضاة.
وأنشأت عصبة الأمم محكمة العدل الدولية الدائمة في سنة 1920م. واضطلعت الأمم المتحدة بأمر هذه المحكمة في سنة 1946م، وأطلقت عليها اسم محكمة العدل الدولية، وتصدر هذه المحكمة أحكامًا بشأن منازعات الحدود، وطائفة أخرى من مسائل القانون الدولي. ولايتطلب من الدول اللجوء إلى المحكمة، ولكن في حالة لجوئها إليها، يتعين عليها قبول قراراتها.
العقوبة.
لاتوجد طريقة موحدة لتنفيذ القوانين الدولية. وتنص القوانين داخل الدول على الجزاءات التي تطبق على من يخالفها. غير أنه لا تملك دولة سلطة معاقبة الدول الأخرى، أو إجبارها على عرض مخالفاتها على محاكم التحكيم. فإذا رفض المعتدي اللجوء إلى التحكيم، فيجوز للدولة المتضررة أن تعتمد على نفسها في رد الاعتداء، الأمر الذي قد يعني، في بعض الحالات نشوب الحرب. ولكن، حين تكون الدولة المعتدية قوية والدولة المعتدى عليها ضعيفة، فإن مثل هذا الإجراء لايكون عمليًا. ولهذا، فإن معاهدات التحالف الدفاعي، كمعاهدة حلف شمال الأطلسي، توفر الحماية للدول الضعيفة في مثل هذه الحالات. وينص ميثاق الأمم المتحدة على جواز الدفاع الجماعي.
تُعد محاكمات الزعماء الألمان واليابانيين في نورمبرج وطوكيو في أعقاب الحرب العالمية الثانية، خطوة مهمة في مسار تطور القانون الدولي. فقد اتُهم بعض هؤلاء الزعماء، ليس فقط بخرق قوانين الحرب، وإنما كذلك بتسببهم في اندلاع الحرب نفسها. إن الفكرة القائلة بإمكان تنفيذ القوانين الدولية عن طريق معاقبة أولئك الذين يخالفون هذه القوانين، تمثل إضافة مهمة لنظرية القانون الدولي. ولقد أجرت لجنة الأمم المتحدة كثيرًا من الدراسات على القانون الدولي بقصد إيجاد وسائل متطورة في صياغة القانون الدولي و تنفيذه.
نبذة تاريخية
في الأيام الغابرة.
كان القانون الدولي لآلاف السنين، يتكون فقط، من أعراف ومعاهدات مبرمة بين أمتين أو ثلاث أمم. وفي القرن السابع عشر، عبّر هوجو جروتيوس، (رجل دولة هولندي)، عن الفكرة التي تنادي بتقيّد جميع الأمم في تصرفاتها بقواعد دولية محددة. وبسبب هذه الفكرة، ولما قدمه من كتابات حول هذا الموضوع، كثيرًا ما أطلق على جروتيوس اسم أبي القانون الدولي.
خلال القرن التاسع عشر.
عقدت مؤتمرات دولية لمحاولة وضع قواعد تتقيد بها الأمم في وقت الحرب. وانعقد أول مؤتمر مهم في جنيف سنة 1864م. وتمكن ذلك المؤتمر من إنشاء الصليب الأحمر الدولي، ووضع قواعد لمعاملة الجرحى معاملة إنسانية، ولحماية الذين يُعنى بهم من غير المقاتلين. وتعتبر معاهدة جنيف معاهدة مهمة، على الأقل من حيث إنها دلّت على إمكان تدوين تلك القواعد لكي تسير على هديها الأمم.
نتيجة للمؤتمرات الدولية التي انعقدت في لاهاي في 1899 و 1907م، جُمعت قوانين الحرب والسلم والحياد، وأدمجت في 14 معاهدة. واستوعبت تلك المعاهدات موضوعات مثل: حقوق المحايدين وواجباتهم في الحرب البرية والحرب البحرية، والتسوية السلمية للمنازعات الدولية. ووقعت 12دولة، فقط، على معاهدة جنيف الأولى. ولكن اجتمعت في مؤتمر السلام بلاهاي 44 دولة سنة 1907م، وقّع معظمها على كثير من المعاهدات.
بعد الحرب العالمية الأولى.
أمَّل كثير من الأشخاص في أن عصبة الأمم، التي أنشئت في سنة 1920م، قادرة على تنفيذ القانون الدولي، للحيلولة دون وقوع حرب عالمية ثانية. فوفقًا لعهد عصبة الأمم، لم يكن يُسمح للدول الأعضاء بدخول الحرب إلا بعد انقضاء مدة ثلاثة أشهر على قيام محكمة تحكيم أو مجلس العصبة بمحاولة لإنهاء النزاع. ولكن، بعد أن غزا اليابانيون منشوريا في سنة 1931م، لم يكن باستطاعة العصبة سوى إدانة ذلك الغزو باعتباره خرقًا للقانون الدولي. وبعد ذلك، انسحبت اليابان من العصبة، واستمرت في مهاجمتها للصين. وفي سنة 1935م، سارت إيطاليا على نهج اليابان، فغزت قواتها أثيوبيا.
وفي الفترة بين 1928 و 1934م، وقعت أكثر من 60 دولة على ميثاق كيلوج ـ برييان للسلام، الذي اتفقت فيه الدول الموقعة على عدم اللجوء إلى الحرب بغرض تحقيق غاياتها. غير أن الميثاق لم يفعل شيئًا لأسباب الحرب. وقاد فشل الميثاق إلى إيجاد قناعة لدى كثير من الناس بأنه ما من شيء يستطيع وقف الحروب، وأنه يمكن، فقط، تسخير القانون الدولي في محاولة لجعل الحرب أقل وحشية.
بعد الحرب العالمية الثانية.
شُكلت الأمم المتحدة بوصفها منظمة تعمل على صيانة السلم. وأمل الكثيرون في أن تصبح الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الوقت المناسب، سلطة تشريعية عالمية بمقدورها سن القوانين الدولية. وكان في اعتقادهم أن الأمم المتحدة بإمكانها أن تستفيد من أخطاء عصبة الأمم، وأن توفَّق في ما أخفقت فيه العصبة. وكان من رأي معظم الدول الموقعة على ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1945م، وجوب منح الأمم المتحدة سلطة تنفيذ قراراتها، بقوة السلاح إذا لزم الأمر. وقد منح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سلطة تحديد ما إذا كانت هناك دول تهدد بأعمالها السلم العالمي، والتوصية عند ذلك بالتدبير الذي يتعين اتخاذه.