خطبة حول الفتن (2) للشيخ عبد القادر زيتوني

[issac noway]

p { margin-bottom: 0.25cm; direction: rtl; line-height: 120%; text-align: right; widows: 2; orphans: 2; }

أما بعد فيا أيها المؤمنون اتقوا الله وتعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن وتحصنوا بالإيمان والعمل الصالح قبل أن يقول المفرط يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله، فالخلق يُفتن بعضهم ببعض قال تعالى: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون " قال الإمام بن القيم رحمه الله "وهذا عام في جميع الخلق، أُمتحن بعضهم ببعض، فامتحن الرسل بالمرسل إليهم وامتحن المرسل إليهم بالرسل وامتحن العلماء بالجهال، وامتحن الجهال بالعلماء، وامتحن الأغنياء بالفقراء والفقراء بالأغنياء وامتحن الضعفاء بالأقوياء والأقوياء بالضعفاء"، أجل عباد الله الفتن إذا ابتلي بها الناس تغيرت عقولهم وأحوالهم ولقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلمعن الفتن التي تكون بين يدي الساعة فهو الرحمة المهداة وأمته هي الأمة المرحومة، روى الحاكم وصححه بسند صحيح عن أبي بردة رحمه الله قال: "بينا أنا واقف في السوق في إمارة زياد إذ ضربت بإحدى يدي على الأخرى تعجبا فقال رجل من الأنصار مما تعجب يا أبا بردة قلت أعجب من قوم دينهم واحد، ونبيهم واحد ودعوتهم واحدة وحجهم واحد وغزوهم واحد يستحل بعضهم قتل بعض، قال: فلا تعجب فإني سمعت والدي أخبرني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أمتي مرحومة ليس عليها في الآخرة حساب ولا عذاب انما عذابها في القبر والزلازل والفتن" وفي


رواية عن أبي موسى عند الإمام أحمد "أن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب إنما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلازل" الله أكبر عباد الله لقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بأحوال هذه الأمة وما يكون بين يدي الساعة من أمور عظام ينكرها أهل الإيمان، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: "لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج قالوا وما الهرج يا رسول الله قال القتل القتل"، وفي رواية للبخاري عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه"بين يدي الساعة أيام الهرج يزول فيها العلم ويظهر فيها الجهل" والمقصود يا عباد الله بالقتل قتل المسلمين لبعضهم البعض عياذا بالله، روى الإمام أحمد عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن بين يدي الساعة الهرج قالوا: وما الهرجقال: القتل قالوا أكثر مما نقتل إنا نقتل في العام الواحد أكثر من سبعين ألف قال"ليس بقتلكم المشركين ولكن قتل بعضكم بعضا قالوا وما على عقولنا يومئذقال إنه لينزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان ويخلف له عصباء من الناس يحسب أكثرهم أنه على شيء وليسوا على شيء". وإذا كثرت الفتن وكثر القتل فالناس لا يدري القاتل لأي شيء قتل ولا المقتول عن أي شيء قتل، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلمقال: "والذي نفسي بيده لا تذهب
1


2






الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل فقيل كيف يكون ذلك قال الهرج القاتل والمقتول في النار".معاشر المؤمنين و ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث قد وقع بعض منها في عهد الصحابة رضي الله عنهم بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ولا يزال القتل والهرج مستمرا إلى قيام الساعة وإذا توالت الفتن على الناس يتمنى الأحياء أنهم أموات، روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني كنت مكانه"، وقد يقع هذا في بلاد دون بلاد وهو من أشراط الساعة العظام، قال ابن بطال: "وتمني الموت عند ظهور الفتن إنما هو خوف ذهاب الدين بغلبة الباطل وأهله وظهور المعاصي والمنكر ومما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم"بين يدي الساعة قتال الترك وقد قاتل المسلمون الترك من عصر الصحابة رضي الله عنهم وذلك في أول خلافة بني أمية في عهد معاوية رضي الله عنه وأرضاه، روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك قوما وجوههم كالمجانالمطرقةـ وهذا تشبيه لوجوههم في عرضها ونتوء وجناتها ـ يلبسون الشعر ويمشون في الشعر" وللبخاري عن أبي هريرة


رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنوف كأن وجوههم المجانّ المطرقة" وبقي الأمر على هذا إلى أن دخل كثير من الترك في الإسلام ووقع على أيديهم خير كثير للإسلام والمسلمين، ومما أخبر به نبي الله صلى الله عليه وسلم"بين يدي الساعة قتال العجم" كما عند البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا ـ وهي بلاد حوزيستان ـ وكرمان من الأعاجم...."الحديث، وقد وقع هذا القتال كما أفاد ذلك الإمام العسقلاني رحمه الله.
3


4

الخطبة الثانية

من البلايا التي ابتلي بها المسلمون في القديم والحديث بل بزغ رأسهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فتنة الخوارج وما أدراكم ما الخوارج، أخرج البخاري وغيره من حديث أبي سعيد الخدري قال: "بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله إعدلفقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبُثت وخسرت إن لم أكن أعدل"، تأمل يا رعاك الله في جرأة ذلك الرجل، وفيما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عنه وعن الخوارج وقد تواترت الأحاديث بخروج هذه الطائفة في هذه الأمة في أكثر من ثلاثين حديثا، كما أفاد ذلك الحافظ بن كثير، فالخوارج هم الذين ألّبوا على قتل عثمان رضي الله عنه فقتل والخوارج هم الذين قاتلهم علي في النهراوان وهم الذين قتلوا عليا وأغروا عبد الرحمن بن ملجم لقتله وهو أشقى القوم. وتأمل بارك الله فيك في قول النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي الخويصرة "إنه يخرج من ضئضئي هذا قوم يحقر أحدهم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوزحناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية...أينما لاقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة" وفي رواية : "لئن


أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد"، قال الإمام البخاري رحمه الله: "وكان ابن عمر رضي الله عنه يراهم شر خلق الله، وقال انطلقوا إلى إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين". معاشر الفضلاء ولا يزال الخوارج يظهرون حتى يدرك آخرهم الدجال، روى ابن ماجة عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينشأ نشء يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج قرن قطع" قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجال". معاشر المؤمنين هذه بعض الفتن التي تكون قبل قيام الساعة ووقعت ولا تزال تقع والسؤال كيف النجاة من الفتن ؟ هذا موضوع جمعتنا القادمة بحول الله.
5


6