حادثة شقّ الصّدر الأولى. - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم

منتدى نصرة الرسول صلى الله عليه و سلم كل ما يختص بمناقشة وطرح مواضيع نصرة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم و كذا مواضيع المقاومة و المقاطعة...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حادثة شقّ الصّدر الأولى.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-11-14, 23:22   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
كلمات مبعثرة
عضو محترف
 
الصورة الرمزية كلمات مبعثرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي حادثة شقّ الصّدر الأولى.

حادثة شقّ الصّدر هي أيضا من الإرهاصات التي تقدّمت نبوّته صلّى الله عليه وسلّم، ويدخل ضمن خوارق العادات التي حدثت له صلّى الله عليه وسلّم بمرأى من الغلمان.

- وإنّ العلماء قد اختلفوا في عدد مرّات شقّ صدره صلّى الله عليه وسلّم:

فأكثر ما قيل: إنّ ذلك خمس مرّات.

وأقلّ ما قيل: مرّة واحدة.

والصّواب – إن شاء الله –: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم شُقّ صدره مرّتين اثنتين، ولا دليل على أخرى، فالأولى كانت في صغره، والثّانية كانت ليلة الإسراء كما في الصّحيحين عن أنس رضي الله عنه، وسيأتي تفصيله في موضعه إن شاء الله.

تقول حليمة كما في (1/301) من " السّيرة النبويّة " لابن هشام:

" فرجعنا به، فوالله إنّه بعد مقدمنا بشهر مع أخيه لفي بَهْمٍ[1] لنا خلف بيوتنا، إذ أتانا أخوه يشتدّ، فقال لي ولأبيه:

ذَاكَ أَخِي القُرَشِيّ ! قَدْ أَخَذَهُ رَجُلاَنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَاهُ، فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَهُمَا يَسُوطَانِهِ[2] ".

قالت: فخرجت أنا وأبوه نحوَه، فوجدناه قائماً منتقعا وجهُه، فالتزمتُه والتزمه أبوه، فقلنا له:

- ما لك يا بُنَيَّ ؟!

- قال: جَاءَنِي رَجُلاَنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَانِي وَشَقَّا بَطْنِي، فَالْتَمَسِا شَيْئًا لاَ أَدْرِي مَا هُوَ ؟

قالت: فرجعنا إلى خبائنا، وقال لي أبوه:

- يا حليمة ! لقد خشِيتُ أن يكون هذا الغلام قد أصِيب، فألحِقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به.

فاحتملناه، فقدمنا به على أمّه، فقالت:

- ما أقدمك به يا ظئرُ ؟ [والظّئر: هي المرضعة المستأجرة]، وقد كنت حريصة عليه، وعلى مكثه عندك ؟!

- فقلت: فقد بلغ الله بابنِي، وقضيت الّذي عليّ، وتخوّفت الأحداثَ عليه، فأدّيته إليكِ كما تحبّين.

- قالت: ما هذا شأنك ! فاصدُقيني خبرَك.

فلم تدعْنِي حتّى أخبرتها [3]".

كان عمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حينها ثلاث سنوات كما في " سيرة ابن إسحاق "، ولكن ..

كيف بقِي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحده، وقد كان أخوه من الرّضاعة معه ؟

فاعلم أنّ الله إذا أراد شيئا هيّأ له أسبابه.

فما هو إلاّ أن استيقظ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأخوه من الرّضاعة فخرجا من الخباء خلف أغنامهما، لم يتذكّر أحدٌ منهما أنّهما من غير زاد، وتفصيل ذلك في الرّواية الآتي ذكرها:

روى الإمام أحمد[4] عن عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ:

(( كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ لَنَا، وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا، فَقُلْتُ:

- يَا أَخِي ! اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا.

فَانْطَلَقَ أَخِي، وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ، فَأَقْبَلَ رَجُلاَنِ أَبْيَضَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ:

- أَهُوَ هُوَ ؟

- قَالَ: نَعَمْ !

فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي، فَأَخَذَانِي، فَبَطَحَانِي إِلَى الْقَفَا، فَشَقَّا بَطْنِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي، فَشَقَّاهُ، فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَةً سَوْدَاءَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ:

- ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ.

فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي وقَلْبِي.

ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي، وَفَرِقْتُ فَرَقًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي، فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُهُ، فَأَشْفَقَتْ عَلَيَّ أَنْ يَكُونَ أُلْبِسَ بِي، قَالَتْ:

- أُعِيذُكَ بِاللَّهِ ! فَرَحَلَتْ بَعِيرًا لَهَا، فَجَعَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، وَرَكِبَتْ خَلْفِي، حَتَّى بَلَغْنَا إِلَى أُمِّي ".

وفي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السّلام وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ:" هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ".

ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ ! فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ.

قَالَ أَنَسٌ:" وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ ".

* ورواية أنس هذه تبيّن بيانا شافيا أنّ هذه الحادثة كانت حِسًّا، وتمّت بما هو فوق طاقة البشر، وإلاّ لو كانت مناما - كما هو موقف ضِعاف الإيمان - لما رأى أنسٌ أثر المِخْيط، ولما رأى الغلمان الملكين، ولا خافت عليه حليمة السّعدية لأجل رؤيا رآها.

* العبر من هذه الحادثة:

- كما سبق، فهي من دلائل نبوّته صلّى الله عليه وسلّم، ومن الإرهاصات والمقدّمات لبعثته.

- فيه إعداد للعصمة من الشرّ ومن عبادة غير الله:

فلا يحلّ في قلبه شيء إلاّ التّوحيد، وقد دلّت أحداث صباه على تحقّق ذلك، فلم يركب الآثام، ولم يعبد الأصنام من صغره.

فقد كان هناك طائفةً من العرب بقيت على ملّة إبراهيم، وعُرِفوا بالحنفاء، ومن أشهرهم زيد بن عمرو بن نفيل والد سعيد بن زيد رضي الله عنه أحدِ العشرة المبشّرين بالجنّة.

إنّه زيد الّذي قال فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم - فيما رواه أحمد والطبراني عن سعيد زيد -: (( إِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَاحِدَةً )).

ومنهم قُسّ بن ساعدة الإيادي الذي كان يصعد على ظهر الكعبة ويدعو النّاس إلى التّوحيد.

ولكنّ هؤلاء جميعهم عبدوا في صغرهم ومرحلة شبابهم الأصنام. أمّا سيّد الأنام، محمّد عليه الصّلاة والسّلام، ما سجد لصنم قط، وما عبد صنما قط.

روى الإمام أحمد عَنْ الزّبير بن العوّام قَالَ: حَدَّثَنِي جَارٌ لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ يَقُولُ لِخَدِيجَةَ: (( أَيْ خَدِيجَةُ ! وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ! وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ أَبَدًا ! )).

- وإنّ الله كان يربّيه على مكارم الأخلاق، فقد روى البخاري ومسلم عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ، وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ: يَا ابْنَ أَخِي ! لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَهُ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ ! قَالَ: فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صلّى الله عليه وسلّم.

بل عُرِف صلّى الله عليه وسلّم بين النّاس بالصّادق الأمين.

- أراد الله الكمال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم:

فإنّ الإسلام لمّا كان هو الدّين الكامل الشّامل، المهيمن على ما قبله أراد الله أن يكون مبلّغه كاملا.

نقول ذلك؛ لأنّه لم يحدُث لنبيّ ما حدث له من نزع حظّ الشّيطان من قلبه. بل إنّ الله خصّه بأن أسلم له قرينه من الشّياطين، فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ )) قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ )).

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( فَأَسْلَم ))، روي بضمّ الميم وفتحها، وهما روايتان مشهورتان.

فأمّا على رواية الضمّ، فمعناه: أسلمُ أنا من شرّه وفتنته، واختاره الخطّابي وابن تيمية رحمهما الله كما في "مجموع الفتاوى" (17/523).

وأمّا على رواية الفتح، فمعناه: إنّ القرين أسلم – من الإسلام –، ورجّحه القاضي عياض رحمه الله، وقال النّوويّ: وهذا هو الظّاهر.

وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم مبيّنا أثر إسلامه: (( فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاَّ بِخَيْرٍ )).

ثمّ إن الإسلام يستلزم الاستسلام ولا عكس.

- والحاصل: هو وجوب الإيمان بعصمة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في تبليغ الشّريعة، قال القاضي عياض رحمه الله:" واعلم أنّ الأمّة مجتمعة على عصمة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الشّيطان في جسمه وخاطره ولسانه "اهـ.








 


رد مع اقتباس
قديم 2013-11-15, 00:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
Sofiane-dz
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية Sofiane-dz
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2013-11-16, 14:35   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2013-11-16, 14:36   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2013-11-16, 20:13   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
كلمات مبعثرة
عضو محترف
 
الصورة الرمزية كلمات مبعثرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

امين وفيكم بارك الله شكرا على مروركم










رد مع اقتباس
قديم 2013-11-18, 23:03   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
djemaldj
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2015-01-26, 00:45   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
العوفي العوفي
عضو برونزي
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كلمات مبعثرة مشاهدة المشاركة
حادثة شقّ الصّدر هي أيضا من الإرهاصات التي تقدّمت نبوّته صلّى الله عليه وسلّم، ويدخل ضمن خوارق العادات التي حدثت له صلّى الله عليه وسلّم بمرأى من الغلمان.

- وإنّ العلماء قد اختلفوا في عدد مرّات شقّ صدره صلّى الله عليه وسلّم:

فأكثر ما قيل: إنّ ذلك خمس مرّات.

وأقلّ ما قيل: مرّة واحدة.

والصّواب – إن شاء الله –: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم شُقّ صدره مرّتين اثنتين، ولا دليل على أخرى، فالأولى كانت في صغره، والثّانية كانت ليلة الإسراء كما في الصّحيحين عن أنس رضي الله عنه، وسيأتي تفصيله في موضعه إن شاء الله.

تقول حليمة كما في (1/301) من " السّيرة النبويّة " لابن هشام:

" فرجعنا به، فوالله إنّه بعد مقدمنا بشهر مع أخيه لفي بَهْمٍ[1] لنا خلف بيوتنا، إذ أتانا أخوه يشتدّ، فقال لي ولأبيه:

ذَاكَ أَخِي القُرَشِيّ ! قَدْ أَخَذَهُ رَجُلاَنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَاهُ، فَشَقَّا بَطْنَهُ، فَهُمَا يَسُوطَانِهِ[2] ".

قالت: فخرجت أنا وأبوه نحوَه، فوجدناه قائماً منتقعا وجهُه، فالتزمتُه والتزمه أبوه، فقلنا له:

- ما لك يا بُنَيَّ ؟!

- قال: جَاءَنِي رَجُلاَنِ عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، فَأَضْجَعَانِي وَشَقَّا بَطْنِي، فَالْتَمَسِا شَيْئًا لاَ أَدْرِي مَا هُوَ ؟

قالت: فرجعنا إلى خبائنا، وقال لي أبوه:

- يا حليمة ! لقد خشِيتُ أن يكون هذا الغلام قد أصِيب، فألحِقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به.

فاحتملناه، فقدمنا به على أمّه، فقالت:

- ما أقدمك به يا ظئرُ ؟ [والظّئر: هي المرضعة المستأجرة]، وقد كنت حريصة عليه، وعلى مكثه عندك ؟!

- فقلت: فقد بلغ الله بابنِي، وقضيت الّذي عليّ، وتخوّفت الأحداثَ عليه، فأدّيته إليكِ كما تحبّين.

- قالت: ما هذا شأنك ! فاصدُقيني خبرَك.

فلم تدعْنِي حتّى أخبرتها [3]".

كان عمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حينها ثلاث سنوات كما في " سيرة ابن إسحاق "، ولكن ..

كيف بقِي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحده، وقد كان أخوه من الرّضاعة معه ؟

فاعلم أنّ الله إذا أراد شيئا هيّأ له أسبابه.

فما هو إلاّ أن استيقظ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأخوه من الرّضاعة فخرجا من الخباء خلف أغنامهما، لم يتذكّر أحدٌ منهما أنّهما من غير زاد، وتفصيل ذلك في الرّواية الآتي ذكرها:

روى الإمام أحمد[4] عن عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: كَيْفَ كَانَ أَوَّلُ شَأْنِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ:

(( كَانَتْ حَاضِنَتِي مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنٌ لَهَا فِي بَهْمٍ لَنَا، وَلَمْ نَأْخُذْ مَعَنَا زَادًا، فَقُلْتُ:

- يَا أَخِي ! اذْهَبْ فَأْتِنَا بِزَادٍ مِنْ عِنْدِ أُمِّنَا.

فَانْطَلَقَ أَخِي، وَمَكَثْتُ عِنْدَ الْبَهْمِ، فَأَقْبَلَ رَجُلاَنِ أَبْيَضَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ:

- أَهُوَ هُوَ ؟

- قَالَ: نَعَمْ !

فَأَقْبَلَا يَبْتَدِرَانِي، فَأَخَذَانِي، فَبَطَحَانِي إِلَى الْقَفَا، فَشَقَّا بَطْنِي، ثُمَّ اسْتَخْرَجَا قَلْبِي، فَشَقَّاهُ، فَأَخْرَجَا مِنْهُ عَلَقَةً سَوْدَاءَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ:

- ائْتِنِي بِمَاءِ ثَلْجٍ.

فَغَسَلَا بِهِ جَوْفِي وقَلْبِي.

ثُمَّ انْطَلَقَا وَتَرَكَانِي، وَفَرِقْتُ فَرَقًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى أُمِّي، فَأَخْبَرْتُهَا بِالَّذِي لَقِيتُهُ، فَأَشْفَقَتْ عَلَيَّ أَنْ يَكُونَ أُلْبِسَ بِي، قَالَتْ:

- أُعِيذُكَ بِاللَّهِ ! فَرَحَلَتْ بَعِيرًا لَهَا، فَجَعَلَتْنِي عَلَى الرَّحْلِ، وَرَكِبَتْ خَلْفِي، حَتَّى بَلَغْنَا إِلَى أُمِّي ".

وفي صحيح مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السّلام وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ:" هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ ".

ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ - يَعْنِي ظِئْرَهُ - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ ! فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ.

قَالَ أَنَسٌ:" وَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَثَرَ ذَلِكَ الْمِخْيَطِ فِي صَدْرِهِ ".

* ورواية أنس هذه تبيّن بيانا شافيا أنّ هذه الحادثة كانت حِسًّا، وتمّت بما هو فوق طاقة البشر، وإلاّ لو كانت مناما - كما هو موقف ضِعاف الإيمان - لما رأى أنسٌ أثر المِخْيط، ولما رأى الغلمان الملكين، ولا خافت عليه حليمة السّعدية لأجل رؤيا رآها.

* العبر من هذه الحادثة:

- كما سبق، فهي من دلائل نبوّته صلّى الله عليه وسلّم، ومن الإرهاصات والمقدّمات لبعثته.

- فيه إعداد للعصمة من الشرّ ومن عبادة غير الله:

فلا يحلّ في قلبه شيء إلاّ التّوحيد، وقد دلّت أحداث صباه على تحقّق ذلك، فلم يركب الآثام، ولم يعبد الأصنام من صغره.

فقد كان هناك طائفةً من العرب بقيت على ملّة إبراهيم، وعُرِفوا بالحنفاء، ومن أشهرهم زيد بن عمرو بن نفيل والد سعيد بن زيد رضي الله عنه أحدِ العشرة المبشّرين بالجنّة.

إنّه زيد الّذي قال فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم - فيما رواه أحمد والطبراني عن سعيد زيد -: (( إِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَاحِدَةً )).

ومنهم قُسّ بن ساعدة الإيادي الذي كان يصعد على ظهر الكعبة ويدعو النّاس إلى التّوحيد.

ولكنّ هؤلاء جميعهم عبدوا في صغرهم ومرحلة شبابهم الأصنام. أمّا سيّد الأنام، محمّد عليه الصّلاة والسّلام، ما سجد لصنم قط، وما عبد صنما قط.

روى الإمام أحمد عَنْ الزّبير بن العوّام قَالَ: حَدَّثَنِي جَارٌ لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ يَقُولُ لِخَدِيجَةَ: (( أَيْ خَدِيجَةُ ! وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ! وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ أَبَدًا ! )).

- وإنّ الله كان يربّيه على مكارم الأخلاق، فقد روى البخاري ومسلم عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ، وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ: يَا ابْنَ أَخِي ! لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَهُ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ ! قَالَ: فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صلّى الله عليه وسلّم.

بل عُرِف صلّى الله عليه وسلّم بين النّاس بالصّادق الأمين.

- أراد الله الكمال لنبيّه صلّى الله عليه وسلّم:

فإنّ الإسلام لمّا كان هو الدّين الكامل الشّامل، المهيمن على ما قبله أراد الله أن يكون مبلّغه كاملا.

نقول ذلك؛ لأنّه لم يحدُث لنبيّ ما حدث له من نزع حظّ الشّيطان من قلبه. بل إنّ الله خصّه بأن أسلم له قرينه من الشّياطين، فقد روى مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

(( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنْ الْجِنِّ )) قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: (( وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ )).

وقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( فَأَسْلَم ))، روي بضمّ الميم وفتحها، وهما روايتان مشهورتان.

فأمّا على رواية الضمّ، فمعناه: أسلمُ أنا من شرّه وفتنته، واختاره الخطّابي وابن تيمية رحمهما الله كما في "مجموع الفتاوى" (17/523).

وأمّا على رواية الفتح، فمعناه: إنّ القرين أسلم – من الإسلام –، ورجّحه القاضي عياض رحمه الله، وقال النّوويّ: وهذا هو الظّاهر.

وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم مبيّنا أثر إسلامه: (( فَلاَ يَأْمُرُنِي إِلاَّ بِخَيْرٍ )).

ثمّ إن الإسلام يستلزم الاستسلام ولا عكس.

- والحاصل: هو وجوب الإيمان بعصمة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في تبليغ الشّريعة، قال القاضي عياض رحمه الله:" واعلم أنّ الأمّة مجتمعة على عصمة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من الشّيطان في جسمه وخاطره ولسانه "اهـ.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأولى., الشّجر, حادثة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 18:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc