أهم إنشغال بالنسبة إلي
قضية الثالثة: وزير العمل يصرح وصندوق التقاعد يوضح
بصدور القانون 14-06 المؤرخ في 9 أوت 2014، والمتعلق بالخدمة الوطنية، فان احتساب سنوات الخدمة الوطنية في الترقية والتقاعد أصبح واقعا ملموسا، فقد أوضحت المراسلة رقم 13/2014 الصادرة عن المديرية العامة للصندوق الوطني للتقاعد بتاريخ 05 نوفمبر 2014 ذلك، حيث أكدت بان مدة الخدمة الوطنية تحتسب في كل أنواع التقاعد بما فيها التقاعد المسبق أو النسبي والتقاعد دون شرط السن (32 سنة).
وقد راسلت المديرية العامة للصندوق الوطني للتقاعد كافة وكالاتها الولائية مطالبة إياهم باحتساب مدة الخدمة الوطنية عند اعداد ملفات التقاعد للذين سيحالون على التقاعد، وتسوية وضعية المتقاعدين الذين أحيلوا للتقاعد بعد تاريخ 09 اوت 2014. لكن الصدمة الكبرى في تصريح السيد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي يوم الخميس 13 نوفمبر 2014، في معرض رده على سؤال شفوي من أحد نواب المجلس الشعبي الوطني، يؤكد فيه بأن فترة الخدمة الوطنية " لا يتم احتسابها في نظام التقاعد النسبي أو دون شرط السن (قبل 60 سنة)"، مبررا ذلك، بأن نظام التقاعد النسبي أو دون شرط السن لا يحتسب في فترة الخدمة الوطنية لان ذلك يتطلب رصد موارد مالية إضافية.
ان هذا التصريح تناقض صارخ وتعارض فاضح مع القانون 14-06 المتعلق بقانون الخدمة الوطنية، والذي نص في مادته 70 بان الخدمة الوطنية تحتسب في "الترقية والتقاعد"، وعليه فان اقتصار احتساب مدة الخدمة الوطنية كخدمة فعلية فقط في التقاعد عند 60 سنة، هو أمر فيه تحايل وتجاوز للقانون، ومحاولة من الحكومة للتملص من التزاماتها فمعلوم ان اشتراكات صندوق التقاعد لسنوات الخدمة الوطنية ستتكفل بها الحكومة وتسددها للصندوق، لذلك نجد أن الحكومة تحاول أن تتخلص من بعض الأعباء بإقصاء فئة من العمال من الاستفادة من التدابير الجديدة التي جاء بها قانون الخدمة الوطنية، وكأني بالحكومة تقول للعمال عليكم بالبقاء في مناصب عملكم حتى سن الستين ان أردتم الاستفادة من سنوات خدمتكم العسكرية للوطن، وهنا كان الاجدى بالحكومة أن تلغي التقاعد دون شرط السن (32) سنة وتبقي على التقاعد النسبي او المسبق، رغم معارضتنا لمثل هكذا أمر لان التقاعد دون شرط السن أصبح حقا مكتسبا للعمال ولا يمكن التفريط فيه بأي حال من الأحوال، لكن في كلتا الحالتين فان العامل الذي أدى الخدمة العسكرية وهي واجب وطني مقدس المفروض أن يكافئ على ذلك أقله بأن تعتبر تلك السنوات التي قضاها في خدمة وطنه وبلده كخدمة فعلية تحتسب في التقاعد والترقية، وهي كذلك لان الخدمة العسكرية عمل حقيقي فيه التزام وشرف وواجب فلا يمكن فهم كيف تحتسب الخدمة الوطنية للعامل عند سن الستين ولا تحتسب له قبل ذلك.
وهناك إشكالية أخرى مطروحة تتمثل في أن الإجراءات التطبيقية المتعلقة بتنفيذ احكام قانون الخدمة الوطنية الجديد خاصة ما تعلق منها باحتساب سنوات الخدمة الوطنية في الترقية للعمال والموظفين، فلحد الان لم تصدر المديرية العامة للوظيف العمومي أي مراسلة بهذا الشأن، لأنه طبقا لأحكام المادة 70 من ذات القانون فان كل الموظفين والعمال الذين هم قيد الخدمة بتاريخ 09 اوت 2014 وأدوا واجب الخدمة الوطنية من حقهم طلب اعتماد أقدمية للسنتين التي كانوا فيها بالجيش وتحتسب لهم في الترقية والادماج حسب الحالة, فان كانت مدة أدائهم للخدمة الوطنية قبل التوظيف فتعتمد لهم كخبرة مهنية تحتسب في الترقية في الدرجات فقط, أما ان كان أدائهم لها بعد التوظيف فتعتمد لهم كخبرة مهنية تحتسب للترقية في الدرجات أو الترقية عن طريق التأهيل أو امتحان مهني وتحتسب أيضا في الترقية عن طريق الادماج، لكن الامر هذا الامر يحتاج الى تعليمة واضحة وصريحة من الوظيف العمومي توضح كيفيات احتساب الخدمة الوطنية في الترقية، وبدون ذلك لا يمكن احتسابها, وهو ما يعني انه على الإدارات العمومية والنقابات أن توجه استفسارا الى المديرية العامة للوظيف العمومي قصد توضيح الامر ليقطع الشك باليقين.
وفي الأخير فان استقرار قطاع الوظيف العمومي مرهون بمدى استجابة الحكومة لمطالب نقابات العمال وجديتها وصدقيتها في التحاور والتفاوض معهم، والاهم من كل هذا الوفاء بتعهداتها والتزاماتها لهم، والتوقف فورا عن التصريحات الاستفزازية غير المسؤولة، والتي لا تخدم أي طرف ولن تحقق أي هدف الا زيادة الاحتقان والغليان في صفوف القواعد العمالية.
ان إضفاء جو من الثقة والتفاهم المتبادل بين وزارة التربية والنقابات لن يتأتى الا بالتعامل الجدي للوزارة مع مطالب عمال القطاع والتكفل التام بانشغالاتهم ومطالبهم المشروعة، وذلك وفق رؤية واضحة ونظرة استراتيجية شاملة تضمن تسوية كل الملفات المطروحة للنقاش والتفاوض بشكل مرحلي متدرج لكن جذري وشامل وحاسم، بحيث يتم غلق الملفات الواحد تلو الاخر، وبهذا يكون للحوار معنى وللتفاوض ثمر، وعندها فقط يبتعد شبح الاضراب عن المدرسة الجزائرية ويصبح جزء من الماضي، وعندها تتفرغ النقابات المهنية لقضايا وملفات أخرى تنتظر التفاتة منها قصد معالجتها وإيجاد حلولا لها كملف الإصلاح التربوي الذي ظل يراوح مكانه وكل وزير يأتي بإصلاحات جديدة لمنظومتنا التربوية، ليخلفه آخر يعيد اصلاح هاته الإصلاحات، وهكذا منذ سنة 1996 وجلسات تعقد ومشاورات تنظم وتوصيات تقدم ولجان تنشئ، والإصلاحات ما برحت تراوح مكانها ومنظومتنا التربوية أضحت مظلومة عليلة، وكل يجرب فيها دواءه وأهواءه، كما أن هناك ملفات أخرى لا زالت في الظل مثل ملف الصندوق الوطني لمعادلة الخدمات الاجتماعية (fnpos)، وملف التعاضدية الوطنية لعمال التربية والثقافة (munatec)، وملف تحيين القوانين التي تسير المدرسة الجزائرية والتي أغلبها يعود الى سنتي 1990 و1991 ومنها ما يعود الى سنوات 1983 و1984، وملف طب العمل والمناصب المكيفة وملف السكن الوظيفي للأساتذة، لكل هذا ولغيره فاني أعتقد ان الوقت قد حان لإنهاء ملف القانون الأساسي لعمال التربية وملف ادماج الايلين للزوال وملف المنح والتعويضات بما فيها ملف منحة المنطقة لولايات الجنوب والهضاب وملف اسلاك الاقتصاد، وملف الخدمات الاجتماعية، هاته الملفات استهلكت وقت وجهد كبيرين من النقابات والوزارة، لذا فوجب إيجاد تسوية عادلة ومنصفة ودائمة ترضي الجميع.