بحث أثر الادارة بالقيم في التنمية البشرية المستدامة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحث أثر الادارة بالقيم في التنمية البشرية المستدامة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-12-06, 09:27   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
s.hocine
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية s.hocine
 

 

 
الأوسمة
وسام تشجيع في مسابقة رمضان وسام المسابقة اليومية وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي بحث أثر الادارة بالقيم في التنمية البشرية المستدامة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

خطة البحث

مقدمة:
1.مفهوم القيم وأنواعها وتصنيفها وأهميتها:
2. الإدارة بالقيم نشأتها وتطورها مفهومها وخصائصها:
3. مفهوم وخصائص الإدارة بالقيم:
4. أثر الإدارة بالقيم في التنمية البشرية المستدامة:
5. صنع القرار في ظل القيم وأثره في التنمية البشرية:
الخاتمة








مقدمة:

يقول تعالى: "ولكل درجات مما عملوا"
الإنسان هو محور كل تنمية بشرية، وتنمية الإنسان عملية مستديمة لم تعرف التوقف منذ وجوده على
سطح هذه المعمورة، وهي وإن كانت تتعثر عند تقهقر الحضارات البشرية إلا أنها ما تلبث أن تعود لتنمو أكثر
معتمدة على ما تراكم من معرفة إنسانية سابقة، والسبب في ذلك ما كرم به الله هذا الإنسان بتلك الشعلة التي تنطفأ ولا تعرف المستحيل ولها القابلية على الاستدامة في النمو.
والإدارة في حضارتنا القائمة تعتبر المركز الرئيسي لنمو القدرات البشرية وتفجير الطاقات الهائلة التي أودعها الله فيها، وهذه الطاقة إذا لم تسيج بالقيم الإنسانية الفاضلة. فقد تكون سببا في فساد وهلاك ما توصل إليه البشر فتحد من تنميته وتسبب في شقائه.
وموضوع بحثنا هذا يتطرق لهذا المحور الحساس الذي كثيرا ما يهمل من طرف الباحثين والمتخصصين، ويحاول أن يبين الأثر الايجابي الذي تحدثه القيم الإنسانية الفاضلة في تسيير الموارد البشرية التي تؤدي إلى وجود تنمية بشرية مستدامة من شأنها أن تشكل نظاما متكاملا من القيم والمعايير والحقائق الثابتة، والخبرات والمهارات والمعارف الإنسانية المتغيرة والمتطورة باستمرار يقصد الوصول إلى بعض من درجات الكمال التي هيأها الله للبشر لتحقيق أهدافهم المنشودة.







1.مفهوم القيم وأنواعها وتصنيفها وأهميتها:
حتى يتسنى لنا بحث أثر القيم لابد من الإلماح إلى مفهومها وتصنيفها وسماتها وقياسها وذلك فيما يلي:
-1.1 مفهوم القيم:
لقد اهتم الكثير من الفلاسفة والمنظرين بدراسة القيم التي تعتبر أحد المحددات الهامة في السلوك
الإنساني بجميع جوانبه، حيث اعتبروها نتاج اهتمام نشاط الفرد والجماعة.
وتستمد القيم أهميتها لما لها من خصائص نفيسة واجتماعية فهي حالة مكتسبة يتعلمها الإنسان من عقيدته الدينية وبيئته الاجتماعية وفطرته الإنسانية وينظر إليها على أنها تحدد ماهو متوقع وماهو مرغوب فيه.
وقد عرفها الفلاسفة والمفكرين في السابق واللاحق وعيروا عليها بمصطلحات شتى من أهمها "الخير
الأسمى"، "والكمال". ويعتقد بعض منظري الإدارة بأن القيم هي مجموعة من المعتقدات التي تشمل المقومات الأساسية أو المحور الذي تبنى عليه مجموعة الاتجاهات التي توجه الأشخاص نحو غايات أو وسائل تحقيقها أو أنماط سلوكية يختارها ويفضلها هؤلاء الأشخاص لأنهم يؤمنون بصحتها( 1).
والقيم هي أفكار الناس ومثلهم العليا، وهي الإطار المرجعي العام أو السائد الذي يربط الأفراد فيما بينهم، وهي بشكل أعم مجموعة الثوابت التي تشمل كل جوانب الحياة الإدارية والاجتماعية والاقتصادية، ويؤدي بها نحو تحقيق الهدف الأسمى، وتحظى بقبول الكثير من البشر حيث يتوحدوا على جعلها قيم مركزية تمثل جزءا هاما من دستور حياتهم.
-2.1 أنواع القيم:
تنقسم القيم إلى تقسيمات مختلفة تتبع الفكر المنبثقة عنه غير أننا سنتطرق إلى أهم هذه التقسيمات فيما يلي:




-1.2.1 القيم النهائية:
القيم النهائية هي تلك القيم التي تحدها حدود لا زمانية ولا مكانية، وهذا النوع يطلب لذاته، لاعتباره غاية لا وسيلة، ويسمى كذلك بالقيم الباطنية أو الكامنة، وأهمها الحرية، العدالة، الأمن، وغيرها( 2).
-2.2.1 القيم الأدائية:
وهذه القيم هي الأداة التي تستعمل لتحقيق القيم النهائية، وتسمى بالقيم الوسيلة، أو القيم الخارجية، مثل الشجاعة والإقدام، والنبل والشهامة وغيرها( 3).
-3.2.1 القيم الايجابية:
القيم الايجابية عند مجتمع ماهي التي تؤدي في نظرة إلى التنمية المستدامة وقد تختلف الايجابية والسلبية من مجتمع إلى آخر ومن عقيدة إلى أخرى، إلا أن هناك ما يجمع البشر حول قيم بعينها واعتبارها ايجابية مثل حب العمل، حرية الرّأي والتعبير، القوامة في الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، وغيره.
-4.2.1 القيم السلبية:
وهي تلك القيم التي ينظر إليها على أنها معرقله لحركة تطور الفرد والمجتمع وتعوق التقدم مثل العجز والبطالة القابعة في النفس البشرية، والفوضى والجهل، والارتجال وغيرها.
-3.1 تصنيف القيم:
يختلف تصنيف القيم باختلاف الأطر الفكرية والفلسفية الذي ينطلق منه كل تصنيف، بالإضافة إلى تداخل القيم، فقد تصنف القيمة في أكثر من مجال، فالقيمة السياسية قد تكون اجتماعية وقد تكون اقتصادية ويمكن أن نوضح هذا بالالتجاء إلى بعض أهم التصانيف فيما يلي:
-1.3.1 تصنيف القيم حسب محتواها:
صنف المفكر ""سبنجر" " Spranger " أنماط الناس حسب المحتوى إلى مجموعة استنادا إلى محتوى القيم التي تمثل النشاطات الإنسانية نتطرق باختصار إلى بعضها فيما يلي( 5)


-1.3.1.1 القيم الجمالية:
وهي تتضمن الحكم على الخبرات من منظور الجمال والتناسق ويعبر عنها اهتمام الفرد وميوله إلى كل
ما هو جميل من ناحية الشكل والتوافق والتناسق ويتميز الأفراد الذين تسود عندهم هذه القيمة بالفن والابتكار وتذوق الجمال والإبداع الفني.
-2.1.3.1 القيم الاجتماعية:
وهي تتضمن محبة الناس وإدراكهم كغايات لا كوسائل ويعبر عنها اهتمام الفرد وميله إلى غيره من الناس، فهو يحبهم ويميل إلى مساعدتهم. ويجد في ذلك إشباعا له، ويتميز الأفراد الذين تسود عندهم هذه القيمة بالعطف والحنان وخدمة الغير.
-3.1.3.1 القيم الاقتصادية:
وتتضمن الاهتمام بالعملية الإنتاجية، والمنفعة وتعظيم الأرباح ويعبر عنها اهتمام الفرد إلى ما يزيد من ثروته، وتسود هذه القيمة عند الأشخاص ذوو النظرة العملية، وعادة ما يكونون من رجال المال والأعمال.
-4.1.3.1 القيم العقائدية:
وتهتم بشؤون العقيدة، ويعبر عنها رغبة الفرد في حق معرفة الخالق والتقيد بنواهيه والالتزام بتشريعات، وتذهب إلى التطلع إلى معرفة العالم الغيبي ومصير الإنسان، ويتميز معظم الأفراد التي تسود عندهم هذه القيمة بإتباع تعاليم الديانة التي يدينون بها في كل المجالات.
-4.1 أهمية القيم:
للقيم أهمية بالغة في حياة الشعوب والأمم، ولاسيما في توجيه سلوكهم العام والخاص، الذي يؤدي إلى إصدار الأحكام على الممارسات التي يقوم بها، وهي الأساس السليم لبناء منهج متميز، ويمكن أن نستعرض هذه الأهمية في النقاط التالية:



-1.4.1 أهمية القيم على المستوى الفردي:
تعتبر القيم المحرك والموجه للسلوك القويم للفرد، فإذا غابت هذه القيم فإن الإنسان يغترب عن ذاته وعن
مجتمعه ويفقد دوافعه للعمل ويضطرب.
فالقيم تلعب دورا هاما في تشكيل الشخصية الفردية وتحدد أهدافها، كما تساعد الفرد على فهم العالم
المحيط به وتوسع إطاره المرجعي على فهم حياته وعلاقاته، وهي كذلك تحكم العقل وتحد من ملذات النفس
وشهواتها، وتوحي له بكيفية التصرف الآتي والمستقبلي.
-2.4.1 أهمية القيم على المستوى الجماعي:
الشعوب والأمم عبارة عن تجمعات بشرية ارتضت أن تعيش وتتعايش مع بعضها ولذلك فهي تحتاج إلى
قيم ومعايير تضبط بها سلوكاتها وحركاتها بحيث يكون التعاون ايجابي يساعد على استمرار ويمنع سيادة قانون الغابة، وبذلك فالقيم تساعد على الحفاظ على المجتمع واستقراره وكيانه في إطار موحد، فالقيم والأخلاق الفاضلة هي بمثابة الركيزة الأساسية التي تقوم عليها الحضارات، فإذا انهارت القيم الحميدة انهارت الحضارات، وصدق رسول الله إذ يقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
2. الإدارة بالقيم نشأتها وتطورها مفهومها وخصائصها:
الإدارة بالقيم هي ذلك الأسلوب الإنساني، الذي يعمل وفق معايير معينة وضوابط محددة بحيث يرسم ملامح السلوك الإنساني في الإدارة كما يجب أن يكون وسنوضح فيما يلي نشأتها وتطورها، وكذلك مفهومها وخصائصها في النقاط الآتية:



-1.2 نشأة وتطور الإدارة بالقيم:
القيم الإنسانية وجدت مع وجود الإنسان الذي ميزه الله عن بقية المخلوقات وكرمه على كثير ممن خلق، حيث وهبه العقل الذي يستطيع التمييز بين الخير والشر، والصالح والطالح، وبين الايجابي والسلبي، ولقد عرفت
البشرية في الحضارات القديمة نموذجا رائعا للإدارة بالقيم، أقامه يوسف ابن يعقوب –عليهما السلام- في عهد مصر القديمة، واستطاع يوسف وضع إستراتيجية إدارية تخطيطية قام هو بصفته المدير الاستراتيجي على تنفيذها وكانت نتائجها أن جنب مصر ومن حولها من المدن مجاعة دامت سبع سنين: قال تعالى واصفا الخطة الإستراتيجية التي وضعها يوسف وكان هو المدير التنفيذي لها:
"تزرعون سبع سنين دأبا، فما حصدتموه فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون، ثم تأتي من بعد ذلك سبع عجاب يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون"( 5).
وهكذا يتبين لنا أن هذه الخطة الإستراتيجية بعيدة المدى والمتمثلة في سبع سنين عجاف لا ماء ولا زرع ولا ضرع، كل شيء يبس ومات، لم تكن لتنجح لولا أنها اعتمدت على القيم وأهمها هي الحفظ المتمثل في أرقى أساليب التقنية العلمية والأمانة وقد جاء ذلك في قوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام: "اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم"( 6).
ويمكن أن نستخلص بأن الإدارة بالقيم قد ظهرت في أشكالها الأولى مع ظهور الإنسان وترسخت مع ترسخ القيم التي جاء بها الأنبياء والرسل وطورها الفلاسفة والمفكرون.
ولعل أهم تطور عرفته البشرية للإدارة بالقيم كان نتيجة ظهور العقيدة الإسلامية التي رسمت القيم
الإنسانية الفاضلة في شتى مجالات الحياة، وأهمها الإدارة باعتبارها محور التنمية البشرية المستدامة فقد أجمل
صلى الله عليه وسلم رسالته السماوية في القيم فقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ومكارم الأخلاق هي عينها القيم الإنسانية السامية.
وقد مر تطور الإدارة بالقيم في الإسلام بمراحل نوجزها فيما يلي( 7):

-1.2 مرحلة التخطيط:
وقد بدأت هذه المرحلة من مكة المكرمة بداية النبوة حيث كانت عبارة عن إعداد وزرع للقيم التي تقوم عليها إدارة الدولة القادمة وكان المدير الاستراتيجي فيها رسول الله صلى الله وسلم وكان مصدر هذا التخطيط هو الوحي الذي كان ينزل عليه من المولى عز وجل.
-2.2 مرحلة التنظيم:
وقد برزت هذه المرحلة بشكل أكبر من المدينة المنورة، حيث توفرت الشروط الأولية لقيام الدولة
الإسلامية، وقد كانت كل العمليات الإدارية مبنية أساسا على القيم حيث كان صلى الله عليه وسلم يمثل السلطة التشريعية والتنفيذية.
-3.2 تطور الإدارة بالقيم بعد عهد النبوة:
عرفت الإدارة بالقيم تطورا كبيرا بعد عهد النبوة وبالأخص في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب الذي رسخ الفكر الإداري القائم على القيم ولاسيما الشورى وتفويض السلطة والعلاقات الإنسانية، ثم تطورت أكثر في العهود اللاحقة وبعدها بدأت تظهر الانحرافات والابتعاد عن أسلوب القيم مما كان سببا في تراجع التنمية البشرية المستدامة وفقا لتراجع الإدارة بالقيم.
3. مفهوم وخصائص الإدارة بالقيم:
للإدارة بالقيم مفهوم وخصائص تختلف عن الإدارة بالأشكال الأخرى تستعرضها فيما يلي:
-1.3 مفهوم الإدارة بالقيم:
الإدارة بالقيم هي تلك الإدارة المتجردة من الانحياز، وتتسم بالموضوعية والتوجيه السليم والنية
الخالصة، وإتقان العمل والمراقبة المزدوجة الذاتية والخارجية وهي أساس تنظيم السلوك البشري الفعال الذي يؤدي إلى استثارة الهمم وتفجير الطاقات لإحداث التنمية البشرية المستدامة.
ومن هذا فإن الإدارة بالقيم تعتبر منهجا متميزا ومتفردا بكل الكمال والفضائل والايجابيات التي يمكن التصرف من خلالها جميعا بما يحقق أعلى الأداءات، وأكفئ المهارات مما يؤدي إلى تطوير القدرات البشرية. التي تنتج أكبر المنافع مما ينعكس على ترفيه الفرد والجماعة ويتسيب في تطوير الحياة وازدهارها.( 8)
وهكذا فإن المفاهيم السابقة للإدارة بالقيم تبين بأن فلسفتها تنطلق من القيم كأساس لتنظيم السلوك البشري . وتعظم منافعها بتجسيد ما آمنت به من قيم الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق التنمية البشرية المستدامة المرسومة والمنشودة.
-2.3 خصائص الإدارة بالقيم:
للإدارة بالقيم أثر كبير على السلوك الإداري في المؤسسة يتمثل في البعد القيمي والأخلاقي وقد أكسب هذا الأخير الإدارة بصفة عامة بعدا اجتماعيا هاما، وسنختصر أهم خصائص الإدارة بالقيم في النقاط الآتية:
أ- الإدارة بالقيم هي ثمرة المجتمع الذي يرتبط بأخلاقيات سامية فاضلة.
ب- تتميز الإدارة بالقيم على الاهتمام بالجانب المادي والروحي على حد سواء.
ج- تختص الإدارة بالقيم بتمنية الجانب الروحي وتعامل الفرد بإنسانية سامية تشركه في اتخاذ القرار حسب الاستعداد الفكري والمقدرة العقلية.
د- تعمل الإدارة بالقيم على احترام النظام وتحديد المسؤوليات، كما تحترم السلطة الرسمية والتنظيم الرسمي، والهيكل التنظيمي، وتعمل على تحقيق الطاعة.( 9)
ومن هذا يتبين بأن اعتماد أسلوب الإدارة بالقيم يضمن الاستخدام الأمثل للموارد ويفجر الطاقة البشرية، ويوجه السلوك الإنساني نحو تحديد الأهداف المنشودة مما يؤدي حتما إلى أحداث تنمية بشرية مستدامة.
-3 أثر الإدارة بالقيم في التنمية البشرية المستدامة:
تعتبر الإدارة بالقيم من أهم المناهج ترشيدا وتوجيها للسلوك الإداري وذلك لاعتمادها على القيم
الإدارية الفاضلة، التي تصقل نفسية العاملين وتجنبها المفاسد التي تشكل المعرقلات الرئيسية للتنمية البشرية المستدامة، ولهذا فإن أثر القيم في الإدارة يساعد على إيجاد إدارة نموذجية يكون العنصر البشري فيها هو المستفيد الأكبر لما ينعكس عليه من منفعة على حياته وحياة أسرته ووطنه والبشرية جمعاء. وسنحاول أن تقدم حسب ما تقتضيه طبيعة هذا البحث أهم العوامل والمناهج للإدارة بالقيم التي تؤدي إلى إحداث أثر كبير في التنمية البشرية المستدامة وذلك فيما يلي:


-1.3 أثر تنظيم الإدارة بالقيم في التنمية البشرية المستدامة:
إن هدف أي وحدة إنتاجية أو مؤسسة هو تحقيق تنمية مستدامة عن طريق البرامج التي تحمل الأهداف المرجوة، وحتى تصل إلى تحقيق هذه الأهداف يتطلب انجاز مجموعة من الأعمال بواسطة قوى بشرية معينة، ولكي يكون تحقيق هذه الأهداف ذو أثر فعال في تنمية الوحدة لابد من توزيع القوى البشرية العاملة على مسؤوليات محددة وتخصصات مختلفة وقيم ثابتة وعادة ما تنعث هذه العملية من تحرير الهدف إلى توزيع المسؤوليات وفق قيم ثابتة بعملية إعداد التنظيم الإداري المنشأة. ويمكن أن نميز في التأثير الذي ينشأ عن القيم في مبادئ التنظيم ومراحله والذي نوضحه باختصار فيما يلي:
-1.1.3 مبادئ التنظيم الإداري القيمي وأثره على التنمية البشرية المستدامة.
يمكن أن نوجز أهم هذه القواعد في النقاط الآتية:
أ- الشمولية:
يتسم التنظيم الإداري القيمي بالشمولية، أي أن القيم الايجابية والأخلاقية والإنسانية النبيلة لابد أن تسير مع بعضها البعض، فلا يمكن أن نأخذ بقيمة الحرص على الوقت وحسن استغلاله ونسمح بالتبذير في المنتجات أو إتلافها، فالتنظيم الإداري القيمي يعمل على تنظيم الجانب الإداري من العملية الإنتاجية بشكل خاص والحياة البشرية بشكل عام في تناسق وتكامل تام نتيجة تكامل، وشمول الأصل المتفرع منه، فلا يجوز أخذ الجزء والتفريط في جزء آخر. وشمولية القيم وتوحيدها لها أثر فعال على تربية الفرد تربية إدارية ايجابية فعالة.
ب- مبدأ التخصص وتقسيم العمل:
إن مبدأ التخصص يعتبر من أهم القيم التي تؤدي إلى زيادة الإنتاج والإنتاجية وقد أدى تقسيم العمل إلى ظهور نتائج ايجابية لهذه القيمة التي أكد عليها رائد الاقتصاد الغربي آدم سميث ومن قبله مؤسس الاقتصاد ابن خلدون، فإذا سيج هذا المبدأ بالقيم الفاضلة والمتمثلة في قناعه المستخدمين بقيمة التسخير التي جعلها الله سبحانه وتعالى آلية ليقسم بها حياة البشر، أدى ذلك إلى تفاني كل عامل في مستواه الإداري في عمله وإتقانه وتفعليه وهذا إيمانا بقوله تعالى: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ
بعضهم بعضا سخريا"( 9).
ويتبين من هذه الآية بأن الاختلاف والتباين من طبيعة البشر وهو روح مبدأ التخصص وتقسيم العمل كل حسب طاقته وقدرته وخبرته، كما أن المنهج الإداري القيمي يقسم الناس إلى درجات كل درجة مسخرة للأخرى وهي مرتبطة ارتباط إيماني لما فطروا عليه من قوة وضعف، وفطنة وذكاء، وعلم وجهل وجد وخمول وما إليه من طبائع البشر.
ج- العمل أساس الترقية الإدارية:
إن الترقية إلى الدرجات المختلفة هي قيمة من قيم الإدارة، وهي فطرة إلهية وطبيعة بشرية "ورفعنا
بعضكم فوق بعض درجات"، غير أن هذه الدرجات لابد أن يكون الارتقاء إليها نتيجة العمل، والعمل وحده هو المقياس الذي يمكن بواسطته تدرج المراتب، لأن بلوغ الدرجات المتميزة بعيدا عن مقياس العمل كالمحسوبية، والجاه والنسب يؤدي إلى عرقلة التنمية البشرية وتجعل ما تحقق منها عرضة للفناء. وهذا مصداقا لقوله تعالى: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"( 10 ).
د- العلم هو أساس التفاضل في الدرجات:
إذا كان العمل هو المقياس للوصول إلى أي درجة من الدرجات فإن أساس التفاضل بين المستخدمين هو العلم، والعلم كان ومازال وسيبقى هو الأساس في الرفعة والمفاضلة، وعندما يؤمن منتسبوا الإدارة بهذه القيمة فإن ذلك دليل على بلوغ مستوى من التنمية، فالعلم هو الطريق الصحيح لبلوغ التنمية المستدامة، فإذا بلغت قيمة العلم مبلغ الإيمان تنافس الناس على تحصيله وتفاضلوا عن طريقة فيصبح هو دافعهم للإبداع والاختراع وهذا ما يجعل أثره بالغا في التنمية البشرية المستدامة. يقول تعالى: "يرفع من نشاء درجات، وفوق كل ذي علم عليم"( 11 ).
هـ- الأجر بقدر العمل المبذول:
لكل درجة تعويض يسمى أجر، والأجر يختلف من عامل إلى آخر حسب طبيعة العمل المؤدى، فإذا سادت هذه القيمة وكانت تعبر بصورة صحيحة عن العمل المبذول أدى ذلك إلى ظهور النمو وزيادته، وإذا فسدت هذه القيمة وأصبح التعويض لا يتبع العمل وإنما يؤخذ حسب أساليب









 


قديم 2008-12-06, 09:28   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
s.hocine
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية s.hocine
 

 

 
الأوسمة
وسام تشجيع في مسابقة رمضان وسام المسابقة اليومية وسام الاستحقاق 
إحصائية العضو










افتراضي

أخرى، وإذا أصبح المفسد يتقاضى أكثر من المصلح والمسيء يجازى والمحسن يعاقب انقلبت الأمور إلى ضدها وأثر ذلك سلبا على الأداء البشري وتراجعت التنمية البشرية وقعد العاملين والمبدعين لذهاب آمالهم وتزعزع ثقتهم. لذلك فإن هذه القيمة تعتبر قيمة هامة ولها أثر كبير في التنمية البشرية المستدامة ولهذا فتنميتها والحرص على تطبيقها له شأن كبير في الإدارة خاصة وفي الحياة البشرية عامة. يقول عز وجل: "من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون."( 12 )
ويمكن استخلاص مما سبق أن العدالة النسبية بين الجهد المبذول والأجر قيمة تؤدي إلى تنمية القدرات البشرية، وأنه من الواجب كلما نمت هذه القدرات كلما تحرك الأجر ليواكب هذا النمو حتى يتسنى للعاملين الحصول على مستوى لائق من المعيشة في جو من الأمن والاستقرار والأمان.
كما يجب على كل مسؤول في مستوى مسؤوليته أن يعني بقيمة الأجر المعنوي، هذه القيمة المفقودة في زماننا هذا ولا سيما في الدول المسماة u1605 متخلفة أو في طريق النمو، وهذه القيمة المعنوية هي التي تقول للمحسن أحسنت وتشجعه وتدفعه إلى الاستزادة من الإبداع وتقول للمسيء أسأت وتؤدبه لإرجاعه إلى الصواب وتشجيعه على التخلي عن العمل السيئ، وهكذا يتشجع المبدع فيزيد من إبداعه ويعاقب المسيء فيتخلى عن سيئاته، وهذا من أكبر الدوافع للتنمية البشرية المستدامة.
-2.3 مراحل التنظيم الإداري القيمي وأثره في التنمية البشرية المستدامة:
يتوقف نجاح أي مشروع إلى حد كبير بمدى فاعلية المستخدمين في أدائهم، وتتوقف هذه الفاعلية على مهارة العاملين ورضاهم وتعاونهم، والتفافهم حول الأهداف السامية للمؤسسة، وهذه الأهداف إنما تتحقق بواسطة الموارد البشرية ولذلك فإن إدارة تسيير الموارد البشرية تهتم بهذه الحقيقة الحيوية وتبرزها من خلال اعتماد قيم معينة، تؤدي إلى تعزيز بناء التنظيم الإداري وتفعليه من أجل الوصول إلى تنمية بشرية مستدامة. وسنحاول أن نوضح بناء هذا التنظيم في المراحل الآتية:


-1.2.3 ملامح الوظيفة القيمية وأثرها في التنمية البشرية:
إن نظام الإدارة بالقيم قد سطر ملامح كثيرة لها الأثر البالغ في تنمية العنصر البشري وتفعيله ولعل
التعرض لبعض أهم هذه الملامح يوضح هذا التأثير الايجابي المنشود وهذا في النقاط الآتية:
أ- القوة والأمانة:
إن القوة والأمانة قيمتين أساسيتين في إسناد الوظائف، وهما متلازمتين ولا يمكن فصلهما عن بعضهما، وذلك لأن عمل أي منهما بمعزل عن الأخرى يتسبب في عرقلة التنمية البشرية بصفة خاصة والتنمية المستدامة بصفة عامة.
ويمكن تقريب فهم عمل هاتين القيمتين بالمثال الآتي:
هب أن وظيفة ما ولتكن عمليات بنكية أسندت إلى شخص ما له مؤهلات كبيرة في التقنيات البنكية (قوة) فهو يحسن التعامل مع الأرقام بشكل عجيب، وهو المطلوب غير أنه يفتقد لقيمة الأمانة، فهذا قد يؤدي إلى استعمال هذه المهارة في الاختلاس وإفلاس المؤسسة.
أما إذا أسندت هذه الوظيفة إلى شخص يشتهر بالأمانة والنظافة والتقوى ولكنه يفتقد إلى التقنية العلمية والمهارة الحسابية، فهذا ولاشك قد يؤدي جهله إلى عرقلة مسيرة المؤسسة وإفلاسها. ولذلك وجب تكامل هاتين القيمتين لإسناد الوظائف.
وقد ذكر القرآن الكريم هاتين القيمتين على لسان ابنة النبي شعيب عند طلب استئجار موسى عليهما السلام قائلا: "إن خير من استأجرت القوي الأمين"( 13 ).
ويتبين من هذا أن معيار الوظائف يكون متوافقا مع طبيعة العمل الذي سوف يوكل للأشخاص تنفيذا لقاعدة الأصلح قبل الصالح في التعيين في الوظيفة.
ب- التكليف والإلزام:
إن الوظيفة أمانة يجب أن يراعى في إسنادها إلى قيمتي التكليف والإلزام حتى يكون لها أثر فعال في
التنمية البشرية والمستدامة، وقيمة الالتزام يتولاها المسؤول عند عملية الاختيار فهو ملزم أن لا يقدم من هو أقل خبرة وعلما وتدريبا وصلاحا على من يستحقها وإلا أدى ذلك إلى التأثير السلبي على المؤسسة، فالأصلح ثم الصالح وهكذا، ولهذا نجد التشديد على القيمة في قوله صلى الله عليه وسلم: "من ولى أمر المسلمين شيئا، فولى رجل وهو يجد أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله".( 14 )
أما من ناحية المعين في الوظيفة فلابد من الشعور بأن هذه الوظيفة هي تكليف، وهي أمانة لابد من أدائها بحقها، وهي تجلب من المسؤولية أكثر مما تحمل من المغانم، ولابد أن يكون شاغلها متيقنا من قوته وقدرته على أدائها بفعالية كبيرة، وإذا كان غير قادر على أدائها فليتعفف منها، فقد حذر صلى الله عليه وسلم أبا ذر منها لما طلبها وقال له: "إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه."( 15 )
إذن فالوظيفة أمانة لابد أن تؤخذ بحقها وأن تؤدي ما عليها من واجبات.
ونلاحظ أن تسييح التعيين في أي وظيفة بهذا النظام القيمي يؤدي بلا ريب إلى إحداث تنمية بشرية مستدامة.
ج- الوظيفة تسند لعبئها ولا تطلب لذاتها:
إن من القيم الإدارية المؤثرة في فعالية المؤسسة أن تسند الوظيفة بحسب عبئها إلى القادرين على تحمل هذا العبء، وأن يسبق الاختبار جملة من التدابير منها التوجيه والتدريب والمتابعة والتقييم، وأن يكون الشخص المختار له القدرة الكافية لتحمل هذه المسؤولية وأن لا يرأس على من هم له كارهون، ولذلك من خير المؤسسة أن تأخذ رأي المرؤوسين فيمن يتم اختياره لقيادتهم أو على الأقل تجنب عدم رضاهم عنه، وقد وضحت هذه القيمة التي أصبحت المبدأ الذي تنادي به النظريات الحديثة للإدارة منذ عهد النبوة الأول حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله رجلا أم قوما وهم له كارهون"( 16 ).
أما طلب الوظيفة لذاتها فإن من القيم السلبية التي تؤدي إلى تعطيل مسار التنمية البشرية المستدامة في أي مؤسسة تسند فيها الوظائف تبعا لهذه القيمة، أي أن الوظيفة إذا أسندت خصيصا لشخص معين فإنها تكون عبئا على التنظيم، أما إذا أسندت على أسس علمية وموضوعية فإن هذا الإسناد يعين على القيام بحقها وتجعل شغلها خدمة التنظيم، وقد يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد سمرة قيم تولي الوظيفة عندما سأله الإمارة قائلا: "يا عبد سمرة لا تسأل الإمارة، فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها".( 17 )
قيمتين أساسيتين أثرهما فعال في التنمية البشرية المستدامة، والعمل بهما لاشك يؤدي إلى ظهور هذا
الأثر في كل مؤسسة خاصة كانت أم عامة.
-2.2.3 العلاقات القيمية في التدرج الإداري وأثرها على التنمية البشرية:
أي تنظيم إداري مهما كان لابد وأن يوضع في تدرج هرمي تتوسع فيه السلطات والمسؤوليات على درجات متعددة تربط القاعدة بالهرم وفق مدرجات معلومة. ويتميز الفكر الإداري القيمي بأنواع مختلفة من التنظيمات الإدارية وما تتطلبه من تدرج رئاسي وسلطوي، ووضع القيم التي تحكم اختيار نمط التدرج.( 18 )
والتسلسل الوظيفي في التنظيم الإداري القيمي يقوم على معايير ثابتة منها الكفاءة والخبرة والأمانة
والصدق، وإذا ما تم إسناد مهمة إلى أي شخص وفق هذه المعايير والقيم السالفة الذكر، فإنه يصبح من حقه أن يطاع من بقية المرؤوسين، في غير معصية الخالق إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل.
أما الهيئات الاستشارية فمن واجبها تقدير الرأي السديد، لتحقيق الأهداف المنشودة، والنصح الخالي من التملق والتخذلق للرئيس ومسايرته وتشجيعه على الخطأ للتقرب منه والتحصل جراء ذلك على منافع، فالنصح لتفادي الأخطاء والبحث عن تعظيم المنافع من أهم القيم الايجابية التي تساعد على التنمية المستديمة، وتبقى الرقابة على الجهات التنفيذية من بين أهم العوامل المساعدة على تحقيق الأهداف، ولهذا فإن السلطة والمسؤولية تعتبر من بين العناصر الأساسية التي تحكم العلاقات التنظيمية القيمية في المؤسسة وسنحاول أن نتطرق لهذين العنصرين بشيء من التوضيح فيما يلي:
أ- السلطة:
السلطة هي مجموعة من الحقوق التي تخولها الوظيفة لشاغلها، والتي تعطى له الحق في إصدار الأوامر والتعليمات للآخرين الأقل منه في المستوى الإداري.
والتنظيم القيمي يرجع إلى نمط السلطة الاقناعي أي تلك التي يبنيها القائد مع مرؤوسيه نتيجة النسيج القيمي، الذي يحكمه ويتعامل به مع أعضاء التنظيم ومنه أهمية التآلف والود والشورى والصداقات الشخصية، والحوافز المعنوية، مما يساعد القائد على تطبيق قرارات صحيحة بتقبل الآخرين لها برضاء كامل، لأنها لم تنبع بالأساس من الشعور بالتسلط وإنما بالإقناع والمشاورة، وقد ضرب خليفة رسول الله أبو بكر الصديق أروع الأمثلة في هذا المجال حيث قال: "أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم"، ولا يتأتى هذا إلا إذا شعر الرئيس بأن السلطة هي أمانة في عنقه تلزمه بتبعات كبيرة وهي مرتبطة بالوظيفة لا بالموظف.
ب- المسؤولية:
المسؤولية هي قوة قانون أخلاقي معين خاص على ضبط سلوك الفرد في مواجهة الرغبات المتعارضة، وهي كذلك محاسبة الآخرين على أداء الواجبات"( 19 )
والمسؤولية في التنظيم القيمي ذاتية وشخصية، أي أنها مرتبطة بالشخص نفسه، وقد حدد هذه الذاتية حديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، وهذا يبين بأن المسؤولية من أعظم القيم التي ترقى إلى الأمانة المطالب بأدائها على أكمل وجه وأخلص عمل، ولعظم شأنها يأمرنا الله أن نؤديها إلى أهلها فيقول: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"( 20 ).
ويتبين من هذا أن السلطة والمسؤولية هما قيمتان أساسيتان في التنظيم الإداري القيمي حيث تبين وتحدد الواجبات فتؤدي بفاعلية عظمى والسلطات فيمارس بحقها، وإذا ظهرت هذه القيم فلاشك أن تأثيرها يكون كبيرا على التنمية البشرية المستدامة.
4. صنع القرار في ظل القيم وأثره في التنمية البشرية:
يعتبر صنع القرار المحور الرئيسي الذي تدور عليه بقية أنشطة المؤسسة لأن القرار هو الذي يصنع
مستقبلها، ولهذا فأهميته في المؤسسة جد حساسة، والقرار إذا لم يسيج بالقيم الايجابية فقد يؤدي إلى انحراف المؤسسة عن هدفها المنشود، ولذلك فإن وجود نظام القرارات بجانب نظام الحوافز هو الملجأ الذي تعمل عليه كل مؤسسة تتطلع إلى تنمية بشرية مستدامة، وسنتناول هذا في المحاور الآتية:
-1.4 نظام القرارات القيمي وأثره في التنمية البشرية:
يضع نظام القرارات القيمي جملة من القيم التي تحكم عملية صنع القرار كما تضع جملة أخرى من القيم تسيج سلوك الشخص الإداري الذي يتخذ القرار النهائي. وسنختصر كل منهما فيما يلي:
-1.4 أهم القيم التي تحكم عملية صنع القرار وأثرها في التنمية البشرية:
توجد مجموعة كبيرة من القيم التي تحكم عملية صنع القرار نذكر أهمها باختصار في النقاط الآتية:
أ- الشورى:
من أهم القيم التي لها أثر بالغ في التنمية البشرية هي الشورى، هذه القيمة الأساسية التي تولد الشعور لدى المستخدمين بقيمتهم الذاتية، وتجعلهم يؤمنون بأن وجودهم في المؤسسة له معنى، وأن رأيهم جزء من صنع القرار، فالشورى تدعم جماعية الفكر والرأي وتؤدي إلى التفاهم المشترك، وتحفز الفرد لتبني هدف المؤسسة الذي كان طرفا في صنعه، ولذلك نجد الله سبحانه يأمر رسوله باتخاذ قيمة الشورى كأساس لاتخاذ القرار فيقول:
"وشاورهم في الأمر"، كما يأمر جماعة المسلمين بجعل مبدأ الشورى أساس بينهم فيقول: "وأمرهم شورى بينهم".( 20 )
ب- المرونة:
لا توجد قرارات صائبة تماما لسيادة ظروف عدم التأكد، وإنما هناك قرارات معقولة نسبيا، وتقديرات عملية في ظل الظروف المتاحة، ولذلك يجب أن يتسم صنع القرار بالمرونة الكافية وعدم التشدد والتفرد بالرأي أو اعتبار أن هناك قرارات ثابتة يمكن تطبيقها في جميع الظروف لأن مصدرها زيد أو عمر، وإلا أصبح الاستبداد في صنع القرار طريق للهلاك والإفلاس، وقد حذر الله من الصفة الفرعونية حيث يقول على لسان فرعون لقومه: "وما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".
ج- الاختيار والتجربة:
حتى يكون القرار صائبا لابد من اختياره من بين مجموعة من القرارات ومحاولة إخضاعه للتجربة قبل التنفيذ النهائي، وذلك للوصول إلى درجة عالية من التأكد بفعالية القرار الذي يجب أن يتصف باليسر والوضوح والواقعية التي تتماشى مع الطبيعة البشرية يقول عز وجل: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"( 21 ).


-2.4 أهم القيم التي تحكم صانع القرار وأثره في التنمية المستدامة:
كما أن هناك قيم تحكم صنع القرار فإنه يوجد مثل ذلك في صانع القرار وسنختصر ذلك في النقاط الآتية:
أ- الشورى:
يجب أن يلتزم صانع القرار بقيمة الشورى ويشاور من حوله لمعرفة آرائهم، فالعقل البشري لا يحيط بكل شيء ورأي الجماعة خير من رأي الفرد الواحد، والشورى تجنب الأخذ بالظن يقول تعالى: اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم."( 22 )
ب- الحياد:
يجب أن يكون مصدر القرار قويا وأمينا وغير متحيز لرأي معين نتيجة لتأثير جاه أو منصب أو غيره أو مكانة اجتماعية، كما يجب أن يكون بعيد عن التسرع والتعسف والتقليد الأعمى، فالواقعية هي القيمة الأساسية لنجاح القرار.
ج- القدوة:
لابد أن يكون صانع القرار القدوة في كل شيء، وأهمها الصدق والأمانة والجدية في العمل والمسؤولية وقوة الإقناع مما يجعل التأثير على المرؤوسين ايجابيا. يقول عز وجل: "أتأمرون الناس بالمعروف وتنسون أنفسكم."( 23 )
-5 نظام الحوافز القيمي وأثرها في التنمية البشرية:
تعتبر الحوافز القوة التي تدفع الرغبة في تحقيق الأهداف وزيادة النشاط وتكثيف الجهود، وهي من أهم القيم الدافعة لإحداث تنمية بشرية مستدامة، وسنختصر بعض أهم هذه الحوافز في النقاط الآتية :
أ- استئثار الهمم وتفجير الطاقات:
إن اختلاف القدرات البشرية تجعل من استئثار الهمم وتفجير الطاقات من القيم التي لها أثر كبير في التنمية البشرية، ويمكن تفعيل هاتين القيمتين عن طريق نظام الحوافز.
وإذا كان البعض من البشر ينطلق من الحافز الباطني وهو ثواب الله وجزائه عند إتقان العمل والسهر على زيادته، مصداقا لقوله تعالى: "وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى"( 24 ). إلا أن هناك حوافز أخرى خارجية تشجع على تنمية هاتين القيمتين.
ب- الحوافز الخارجية:
إن الناس يختلفون في دوافع حياتهم وهم يحتاجون إلى حوافز خارجية منها المعنوي والمتمثل في تثمين الأعمال المتقنة الجيدة، والإشادة بصاحبها، ومنها التعويض المادي الملائم لهذه الأعمال، الأمر الذي يشجع مجموع العاملين على التنافس للوصول إلى أعلى الدرجات. وهذا له بالغ الأثر في تنميتهم ورقيهم الفكري والعلمي، وهو الروح الواقعة للتنمية البشرية المستدامة.
















الخاتمة:

إن المتفحص في دراسة هذا البحث يلخص بلا شك إلى الملاحظة الواضحة التي تبين بأن الإدارة بأسلوب القيم هي نظام متميز عن بقية الأنظمة الإدارية المختلفة، ذلك لأنها تأخذ في التسيير بأنبل القيم الإنسانية؛ سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو نفسية عقائدية، وهي في اعتقادنا الدافع الكبير لأي تنمية بشرية مستدامة، لأنها توظف أعظم ما يمكن أن يتصف به البشر من فعالية وأخلاق وجدية وإتقان، ومعاملة مع الغير .
ولا شك أن الخصائص التي يتميز بها نظام القيم تكسبه فاعلية تطبيقية بما يحقق الأهداف الجماعية
والفردية المشروعة، بحيث يقدم منهجا متكاملا وشاملا لكافة متطلبات الحياة الإدارية.
ولهذا فإن تكريس مثل هذا المنهج في المؤسسة وفي كل مستوياتها وأنشطتها وأنظمتها u يساهم بفعالية في تحقيق الأهداف المرجوة ويؤدي إلى تنمية بشرية مستدامة.














الهوامش:

القرآن الكريم.
( 1)- سمير محمد فريد، القيم وأثرها على كفاءة وفعالية المنظمة، نحو مدخل بيئي للدراسة والتحليل، الملتقى الدولي
للقيم الاجتماعية والثقافية وإدارة المؤسسات، جامعة سطيف، 26 مارس، 1986 ، ص 05 .
( 2)- محمود حمدي زقزوق، أثر القيم الإسلامية في التنمية، الملتقى الدولي المنظم من طرف نادي ابن خلدون،
جامعة قسنطينة، 14 - 17 أفريل، 1988 ، ص.ص 8،9 .
( 3)- طلعت همام، سين جيم عن علم النفس الاجتماعي، مؤسسة الرسالة، عمان، 1984 ،
ص 112 .
( 4)- ضياء زاهر اللقاني، القيم في العملية التربوية، ط 2، مؤسسة الخليج العربي، السعودية،
1986 ، ص 08 .
( 5)- سورة يوسف، رقم الآيات 52 - 54 .
( 6)- سورة يوسف، رقم الآية 35 .
( 7)- محمد مهنا العلي، الإدارة في الإسلام، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1985 ،
ص 76 .
( 8)- حسن صالح العناني، جمال البنا، الحل الإسلامي لأزمة الإدارة في العهد الحديث، المعهد الدولي للبنوك
والاقتصاد الإسلامي، 1993 ، ص 12 .
( 9)- سورة الزخرف، رقم الآية 32 .
( 10 )- سورة النجم، الآية رقم

( 11 )- سورة يوسف، الآية رقم 76 .
( 12 )- سورة النحل، الآية رقم 97 .
( 13 )- سورة القصص، الآية
( 14 )- رواه مسلم في صحيحه.
( 15 )- رواه مسلم في صحيحه.
( 16 )- رواه الترميذي.
( 17 )- رواه البخاري عن عبد الرحمن بن سمرة.
( 18 )- أحمد عبد العظيم محمد، أصول الفكر في الإسلام، مكتبة وهبه، القاهرة، 1994 ،
ص 145 .
( 19 )- شاكر عصفور محمد، أصول التنظيم والأساليب، دار الشروق، جدة، 1993 ،
ص 92 .
( 20 )- سورة الشورى، الآية 36 .
( 21 )- سورة البقرة، الآية 166 .
( 22 )- سورة الحجرات، الآية 12 .
( 23 )- سورة البقرة، الآية 44 .










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:51

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc