اعلموا إخواني في الدين أنّه لا يجوز لأيّ كان أن يحتج بالأحاديث المروية عن النّبي صلى الله عليه وسلم قبل التأكّد من صحتها عنه، وذلك حتّى لا نكون من الذين يحتجّون بالباطل وهم لا يشعرون، قال صلى الله عليه وسلم«كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكلّ ما سمع »رواه مسلم.
قال ابن حبّان رحمه الله « في هذا الخبر زجر للمرء أن يحدّث بكلّ ما سمع حتّى يعلم علم اليقين صحّته» [color="rgb(255, 140, 0)"]الضعفاء 1/9 [/color]
هذا وقد بين العلماء رحمهم الله بأنّه لا يجوز لأيّ مسلم مهما كان علمه الشرعي أن يحتجّ بحديث من غير علم بحاله وحال روّاته.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله « سبيل من أراد أن يحتجّ بحديث من السنن أو بأحاديث من المسانيد واحد، إذ جميع ذلك لم يشترط من جمعه الصحّة ولا الحسن خاصّة، فهذا المحتجّ إن لم يكن متمكّن لمعرفة الصحيح من غيره، فليس له أن يحتجّ بحديث من السنن من غير أن ينظر في إسناده وحال روّاته، كما أنّه ليس له أن يحتجّ بحديث من المسانيد حتّى يحيط علما بذلك.
وإن كان غير متأهّل لدرك ذلك فسبيله أن ينظر في الحديث إن كان قد خُرّج في الصحيحين أو صرّح أحد الأئمّة بصحّته فله أن يقلّد في ذلك وإن لم يجد أحدا صحّحه ولا حسّنه فماله أن يقدم على الاحتجاج به فيكون كحاطب ليل يحتجّ بالباطل وهو لا يشعر » النكت على ابن صلاح 1 /349
وقال الشيخ زكريا بن محمد الأنصاري رحمه الله «طريق من أراد الاحتجاج بحديث من السنن أو المسانيد: أنه إن كان متأهلا لمعرفة ما يحتجّ به من غيره فلا يحتج به حتى ينظر في اتصال سنده وحال رواته، وإلا فإنّ وجد أحدا من الأئمّة صححه أو حسنه فله تقليده وإلاّ فلا يُحتج به» [color="rgb(255, 140, 0)"]فتح الباقي على إلفيه العراقي[/color]
وقال العلاّمة الشوكاني رحمه الله «أمّا بقية السنن والمسانيد التي لم يلتزم مصنفوها الصحّة فما وقع التصريح بصحّته أو حسنه منهم أو من غيرهم جاز العمل به، وما وقع التصريح كذلك بضعفه لا يجوز العمل به، وما أطلقوه ولم يتكلّموا عليه ولا تكلّم عليه غيرهم لم يجز العمل به إلاّ بعد البحث عن حاله إن كان الباحث أهلا لذلك » [color="rgb(255, 140, 0)"]نيل الأوطار 1/13 [/color]
وقال العلامة الطاهر الجزائري الدمشقي رحمه الله « وإن كان مريد الاحتجاج بحديث منها غير متأهل لتمييز الصحيح من غيره فسبيله أن يبحث عن حال ذلك في كلام الأئمة فإن وجد أحدا منهم صححه أو حسنه فله أن يقلده وإن لم يجد ذلك فليس له أن يقدم على الاحتجاج به إذ في الاحتجاج به خطر عظيم» [color="rgb(255, 140, 0)"]توجيه النظر إلى أصول الأثر 376 [/color]
وقال العلامة الألباني رحمه الله «وقد صرّح النووي رحمه الله بأنّ من لم يعرف ضعف الحديث لا يحلّ له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفا أو بسؤال أهل العلم إن لم يكن عارفا» [color="rgb(255, 140, 0)"]تمام المنّة في التعليق على فقه السنة ص34 [/color] وانظر [color="rgb(255, 140, 0)"]شرح مسلم للنووي 1/126[/color]