[خالدي لعرج]

وهذا تكملة لما جاء في البحث

و لكن هل الحسن العسكري أعقب؟
إن أغلب أهل السنة ينكرون هذا و لهم حججهممنها
أولا
هذا الولد أي محمد المهدي لم يره أحد سوى خاصةأبيه فيما يزعمون و إن فرضنا أن هذا صحيح خوفا عليه من القتل, فلماذا صرحتوالدته بوجوده و طالبت بميراث الحسن العسكري لإبنها ألم يكن الأولى السكوتعلى ذلك حماية للولد, و إن كانت والدته لا تخشى عليه لهذا الحد فلما لم تظهرهو تقطع الألسن و تأخذ الميراث, مع العلم أن محمد المهدي أنكره حتى أقرب الناسإليه و هم أعمامه و جعفر الزكي تلقبه الرافضة بجعفر الكذاب لأنه أنكر أنلأخيه الحسن العسكري ولد و طالب بميراث أخيه و هنا بدأ الخلاف و الصراع حيثيقال أن أمة الحسن العسكري ادعت الحمل و منهم من يقول أن أباه أخفاه, و تعصبلأمة الحسن العسكري جماعة و أيدوها و أيدت جماعة جعفر الزكي و في الأخير حكملصالح جعفر الزكي و أخذ ميراث أخيه هو و أخ له لأن الولد لم يظهر و هذااعتراف شرعي أن ليس للحسن العسكري أولاد, و لو فرضنا أن أم الولد كانت تخشىعليه و هذا سبب عدم إظهاره فكان الأولى بها السكوت أصلا و التخلي عن الميراثمن أجل حماية ابنها.

ثانيا
إن فرضنا وجوده و أنه هاجر إلىالمغرب. فمع من هاجر؟ أعمامه أنكروه, و أمه بقت في العراق تخبر بوجوده وبدخوله السرداب حتى زادت الفتنة بدعواها و اشتدت إلى أن حبسها المعتضد فيقصره بعد أكثر من عشرين سنة من وفاة الحسن العسكري إلى أن ماتت في دولةالمقتدر. فلما لم تهاجر أمه معه و قد كان طفلا صغيرا ؟ و لما بقت تروج لدخولهالسرداب كل هذه المدة ؟ ألم تكن تعلم بهجرته و هي أمه؟ و إن جهل أعمامه و أمهبهجرته فمع من هاجر؟ رغم أنه لا يذكر أنه اختفى أحد سواه, فمن هؤلاء القوم منأهله الذين يروى أنهم هاجروا معه؟

ثالثا
إن فرضنا أنه هاجر إلى المغرب و أقام بفاس, فلماذا لم يشع خبره حينها و قد صار في مأمن؟ و لو تدبرنا في من هاجر قبلهفارا من العباسيين و بطشهم كإدريس الأول فقد ذاع خبره بعد أن استقر وأتمن علىنفسه, و كذلك عبد الرحمن الداخل الأموي صقر قريش فقد ذاع خبره بعد أن بلغمأمنه. و لم يكن محمد المهدي من المغمورين من آل البيت بل كانت الفتنة قائمةبسببه في المشرق.

إذن لماذا صدق الناس أمة و كذبوا إخوة الحسنالعسكري؟
لأن ببساطة مذهب الإمامية لا يقوم إلا بوجود الإمام, فبعد وفاةالحسن العسكري وجدوا أنفسهم أمام طريق مسدود فلا يمكن نقل الإمامة من أخ إلىأخيه إلا بالوصية وهي تتداول حسب قولهم من الأب إلا الابن, و قد حدث قبلهاعند وفاة إسماعيل بن جعفر الصادق قبل أبيه أن انشقوا و انقسموا فرقتين فمنهممن نقل الإمامة إلى موسى الكاظم و منهم من تمسك بإمامة إسماعيل. أما هنافالمشكلة أكبر فقد مات الإمام الحسن العسكري, فإلى من تكون الإمامةبعده؟

و عودة إلى الأنساب, من أين جاء كل منينتسبون إلى محمد المهديو لهم مشجرات متماثلة رغم تباعد سكناهم وتفرقهم في البلدان, فكيف يتكرر الخطأ لهذا الحد. فأقول لأن أغلبهم يلتقون فيجد جامع قبل الوصول إلى محمد المهدي, و أغلب من اطلعت عليهم يجتمعون فيالحسين الفاسي, و بهذا فإن الخطأ إنما حدث مرة واحدة ثم توارثه الباقون عبرالأجيال. أو على الأكثر مرات معدودات في الأجيال الأولى قبلتفرقهم.

كيف يمكن أن يحدث هذا الخطأ؟
كما ذكرت سابقا الأمر ممكن بسبب شهرة النسب أي باشتهار نسبهمأنهم من سلسلة الذهب أو من ذرية الأئمة, فمثلا لو فرضنا أن مولاي عبد الرحمنصاحب تاقدمت كان يٌعرف عن نفسه أو غيره يٌعرفه بأنه حفيد إدريس من ذرية سلسلةالذهب ( و كان الذاكر لهذا يضع في ذهنه من المٌسَلمات أن الحسن العسكري لميعقب) فبالضرورة كان يقصد من علي الهادي فما فوق و الانتساب إلى الأسلافالمشهورين بتخطي بعض الآباء أمر وارد. و لو ضربت مثلا مبسطا على هذا فمثلا لوكان هناك إمام أو عالم مشهور له ولدان أحدهما أعقب و الثاني لم يعقب ثم يأتيرجل فيقول أنا حفيد فلان فيذكر جده فمن البديهي أن يخطر ببالنا أنه إبن الولدالمعقب وهو فعلا يقصد ذلك, و لكن ماذا لو حدثت شبهة بعد ذلك و قيل أن الولدالثاني أعقب هو أيضا. إذن هنا من السهل أن يحدث التباس في الأمر و خصوصا إذاكان الولد غير المعقب إماما أيضا و له نفس شهرة أبيه, و هو الحال عندنا فيسلسلة الأئمة.

و ختاما أقول أن كل ما ذكرت كان من باب الترجيحأما الغيب فلا يعلمه إلا الله و المنتسبون إلى الحسن العسكري فهم أعلمبأنسابهم و المهم عندنا أن نسبهم محقق أثبته لهم الكثيرون و سواء كانوا منذرية جعفر الزكي أو من ذرية الحسن العسكري فالأصل واحد و الشرف ثابت والانتساب إلى العترة النبوية محقق.
هذا و اللهأعلم.