منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ساااااااااااااااااعدوني في بحثي حول موضوع التسرب المدرسي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-12-29, 20:14   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ADAM
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

مستخدمي التربية دائـرة البحـث و التـوثيــق
و تحسين مستواهم












على الفرد و التسرب المدرسي وأثره في المجتمع





النمط : مدير ثانوية الشعبة : مدير ثانوية
الإشـراف :








إذا كـانت ظـاهرة التسـرب المدرسي ظـاهرة عـالمية ، فـإن المختصيـن فـي علـوم التربيـة يـرون أن مسببـاتها متعـددة و متفـاعلـة ، وتكـاد تكـون مشتركـة حتـى و إن اختلفـت أسبـابهـا و فـي درجـة حدتهـا و فـي طبيعتهـا و مفعولهـا مـن بيئة إلى أخـرى .
لقـد أدركت البلـدان النـامية أهميـة التعليـم القاعـدي الذي يعتبـر شرطـا أساسيـا في نموهـا الاقتصـادي و الاجتماعي ، و هـذا ما يوضحـه " ادوارد .ب. فسك " الـذي أصدرتـه اليونسكو حول موضوع التسرب المدرسـي سنة 1998 . إذ يقول " لقد أصبـح مسؤولـو البلـدان التـي هي فـي طريق النمـو على وعي بالاستثمار في التربيـة القـاعدية ، ذلك لأنهـم على دراية بان التحكـم في آليـات القـراءة و الكتابة و الحساب شرط أساسي مستلزم لتكوين يد عاملة مؤهلة و قادرة على المنافسة ،و كذا إعـداد أوليـاء قـادرين على تحمـل مسـؤولياتهـم و مواطنيـن نشطيـن " 1 . فإن كـانت الدول النامية قـد أدركت أهمية التعليم في عمليـة النمو الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافـي ، فإنها أدركت أيضا أن هذه العملية لا تقـوم بها إلا منظومة تربوية فعالة ترصد لهـا موارد مالية كبيرة و خبرات بشرية معتبـرة .
و إن كـانت بلادنـا قد بدلت جهودا كبيرة في هذا المجال ، فإن ظاهرة التسرب المدرسي تشكـل تحديـا كبيرا للمجتمـع يعرقـل مسيرته ،و يرهـن تطـوره ، لذلك يجب أن تتضـافر الجهـود لمعالجة هذه الظاهرة التي استفحل أمرها و امتدت آثارها إلى المجالات الأخرى ، و هذا يتطلب تحديدها و معرفة أسبابها .














*مفهوم التسرب
*أسباب التسرب




*مفهوم التسرب
و لقـد أوردت منضمة "اليونسكو " مفهوما عـاما لظـاهرة التسـرب: " بمفهومها العام و الواسع ، يمكننا القول أن ظاهرة التسرب المدرسي عبـارة عن العدد الهـائل من التلاميذ الذيـن لا يتمكنون من اكتساب مجمل المهارات التي تلقـن لهم خلال مرحلة التعليـم الابتدائـي لسبـب أو لآخـر " 2
و ان كـان هذا التعريـف يحصـر التسـرب في العـدد الهـائل مـن التـلاميذ الذيـن لم يكتسبـوا المهـارات الملقنـة لهم فـي التعليـم الابتدائي ، فإن ظاهرة التسرب في التعليم الابتدائي لا تشكل الآ نسبة قليلـة من مجموع التلاميذ المتسربين في الطوريـن المتوسـط و الثـانوي .
وفي تعريـف آخر للتسـرب المدرسـي حسب اليونسكو دائما " يخص التلاميـذ الذين لا ينهـون دراستهـم فـي عـدد السنـوات المحـددة لهم ، إمـا لأنهـم ينقطعون عنها نهـائيا أولكونهم يعيـدون السنـة ، و بعبـارة أوضـح فهـو عبـارة عـن الفـرق بيـن عـدد التلاميـذ الـذين يبـاشرون دراستهـم ( طـور ، سنـة ، وحـدة تعليمية ، درس ) و عـدد أولئـك الـذين ينهونهـا فـي الآجال المحددة " 1
فـإن كـان هذا التعريـف يجعـل التـلاميذ المعيديـن ضمـن المتسربيـن فان المفهـوم العـام للتسـرب هـو انقطـاع المتعلميـن عن النظام التربوي ،و هذا الانقطـاع عن الدراسـة لـه أسبـاب كثيـرة ، و يشمـل فئـات مختلفة من المتمدرسيـن و هـذا يتضح مـن خـلال الدراسـة التـي قـام بهـا المركـز الوطني للوثـائق التربـوي بـأن ظاهـرة التسـرب في الجزائـر تتمثـل في ثـلاث فئـات مـن التلامـيذ .
الفئة الأولى : و تتمثل في التلاميذ الذين تخلوا عن الدراسة بمحض إرادتهم قبل بلوغهم السن الإلزامي (16) سنة و على وجه الخصوص الإناث في الوسط الريفي .
الفئة الثانية : و تتمثل في التلاميذ المرغمين على مغادرة مقاعد الدراسة بعد بلوغهم السن (16) سنة بسبب نتائجهم الدراسية .
الفئة الثالثة : و تتمثل في التلاميذ الذين ينقطعون عن الدراسة لأسباب مادية ، وعلى ضـوء هذا التقسيـم يمكن أن نصنف مسببـات التسرب المدرسـي الى عوامل اقتصـادية و اجتماعية و ثقافية و تربوية .



*أسباب التسرب
علـى ضوء الدراسـة التي قـام بهــا المركز الوطنـي للوثائق التربوية في السنـوات الثلاث : 1997 – 1998 – 1999 التـي يسجـل فيهـا النسب التـالية حسـب السنـوات 07.24 – 06.38 – 06.74 .
كمـا نلاحظ أنا النسبـة تتـراوح مـا بين 02.34 % و 02.56 % في الطورين الأول و الثـاني ، أمـا فـي الطـور الثـالث فهـي النسبـة الكبيـرة إذ تتـراوح مـا بيـن 11.29 % و 14.18 % و فـي التعليـم الثـانوي تشكـل نسبـة أكبـر إذ تتراوح مـا بين 14.80% و 15.12 % (1) .
إن هـذه المعاينـة العددية تمثـل عمليـة إحصـاء للـتلاميذ المتسـربين و الذين يتجـاوز عددهـم نصـف مليون سنويـا ، و أكثـرهـم لم يحصلـوا على مستـوى تعليـم قـاعـدي .
و هـذه مـؤشرات واضحـة تـدل علـى تفـاقـم ظـاهـرة التسـرب الـمدرسـي و تـراجع منظومتنـا التربويـة فـي أدائهـا ، لأن هـذه الظـاهرة الخطيـرة تشكل تحديـا لتطـور المجتمـع ، و تـرهن تطـوره الاقتصـادي و الاجتماعـي ، إذ يجب الوقـوف عـند المسببـات الاقتصاديـة و الاجتماعيـة و التربويـة لإلقـاء الضوء علـى هـذه الظـاهرة أو علـى رأس هـذه المسببات .
العامل الاقتصادي : حيث عرفـت البلاد أزمـة اقتصـادية خـانقة انعكسـت آثارها على المؤسسات كلهـا و ما رافـق ذلك من البطـالة التـي مست شرائـح واسعة في المجتمـع ، هذا بالإضافـة إلى تدنـي الدخـل الفردي حيث أصبحـت نسبـة كبيـرة من المجتمـع تحت عتبـة الفقـر ، كـل ذلك انعكـس على الأسـر المتماسكة التي عجزت حتى عـن توفير الطعـام لأبنائهـا ، كمـا ارتبط بالبطالـة تصـور المجتمع للدراسـة لأن البطـالة شملـت اليـد العاملة و العمال التقنيين و المتخرجين من الجامعـات مـن ذوي الشهادات العلـيا ، و بـذلك تغيـرت صورة المجتمع للتعليم ، حيث كـان يعتقـد أن الانسـان المتعلـم و صـاحب الشهـادة العليـا لابد أن تكـون لـه مكانتـه في المجتمـع ، لكن الواقـع المفـروض على الشعـب جعل الكثـير من الأسـر لا تـرى جـدوى في الدراسـة .
فالهـزة التـي تعـرض لها المجتمـع كـانت عنيفـة غيـرت الكثـير مـن المفاهيم و التصـورات ، فانقلـب سلـم القيـم ، بحيـث لـم يعـد الفـرد يقيَم بما يقدمه للمجتمع مـن علـم و عمل ، بـل أصبـح يقيَـم بمـا يملك ، و أمام هذا الوضع المتدنـي لـم يعـد فـي استطاعـة الأسـرة أن توفـر لأبنائهـا الطعـام و اللبـاس و الأدوات الدراسيـة و كلفـة التنقـل و الـعلاج و هـذا الوضع الاقتصادي كـان له تـأثيره القـوي على الجـانب الاجتماعـي و التربـوي إذ أن المنظومة التربوية لا تعمـل في فـراغ فهي كمـا تتـأثر بالواقـع الاقتصـادي تتـأثر كذلك بمعطيـات الـواقع الاجتماعـي ، و يتمثـل هـذا الواقـع فـي عـدد من المستويـات التي تبدأ من الأسـرة و هي المكـان الأول لتنميـة شخصيـة المتعلـم ، و نقل التراث الاجتماعـي و استيعـاب القيم و الاتجـاهات ، و اكتسـاب الحس المدنـي ، فلا يمكـن للمؤسسـة التربويـة أن تحسـن مـردودها إذا لـم تتعـاون معها الأسرة ، حيـث أن وعـي الأسرة بأهمية دورها التربـوي و تعـاونها المسؤول مع أجهـزة التعليم شرط ضروري لرفع مردود المنظومـة التربويـة ، كما أن المؤسسـة التربوية ليس وحـدة منعزلـة عن الهيكـل الاجتمـاعي العـام بمختلـف بنياتـه ، إد هـي فـي الواقـع حلقـة فـي السلسلـة الاجتماعـية ، و هـي و إن كانـت أهـم حلقاتها فان وظيفتها لا تكتمل إلا إذا تآزرت مـع جهود المؤسسـات الاجتماعية الاخـرى ، غيـر أنه يلاحظ ارتفـاع نسبة الأميـة عندنا بالنظـر إلى المجهودات المبذولة في الحقـل التربـوي ، و هـذا الأمر لا يسمـح بنمـو الثـروة البشرية إذ أن الثروة المـادية للمجتمع لا يمكـن أن تنمـو و تستمر في نموهـا إلا إذا صـاحبتهـا زيـادة في الرصيـد الوطني مـن الثروة البشريـة المـزودة بالمهـارات الفنيـة ، و بالوعي السياسي و الطمـوح و الجديـة ، فعـدم الانتباه لهـذه المسلمـة جعل الكثـير من البلـدان المستقلـة حديثـا تجـد نفسهـا أسيـرة نـوع جديـد من التبعيـة ، يتمـثل في حـاجتهـا المستمـرة إلـى استيـراد الخبـرة و ارتبـاط مشـاريعها الاقتصـادية و الثـقافية بمنظرين و منفذيـن لا صلـة لهـما بحقـائـق واقعهـا .
و لكي تقـوم المنظومة التربوية بمهامهـا الحضـارية ، فان اصلاحهـا لا يقوم إلا علـى اصلاحـات اقتصاديـة و اجتماعيـة عميقـة و ادارة سياسـية قوية قـائمة على العلـم و هـذا بـدوره يتطـلب إعـادة فـي تسييـر المؤسسـة و تنظيمهـا من حيـث :

1 – البرامج و المضـامين : إذ يجـب أن تـدرس البرامـج المقـررة دراسـة علمية و تربويـة في تكاملهـا و انسجـامها فـي مختلـف الأطـوار التعليميـة مع مراعاة التسلسـل فـي مضامينهـا لتحقيـق الأهـداف المرجوة منهـا .

2 – تكويـن المدرسين : فإذا كان المدرس هو المحور الأساسـي فـي المنظومة التربويـة فهـو الذي يقدم البرامـج و المضاميـن التعليميـة و التربوية للتلاميذ ، فيجـب اعـادة النظـر في انتقائه و أسلوب تكوينه .

3 – المرافق و التجهيزات : إن الهيـاكل و المنشـآت التربوية المنجـزة هنا و هناك ، نجد الكثـير منهـا يفتقـد إلى الوسـائل البيداغوجية و التجهيـزات العلمية لإنجاز البـرامج المقررة .
هـذه أهم الملاحظـات المرتبطـة بالمنظومـة التربويـة و التـي لها انعكاس على تحصيل التلاميـذ المعرفي ، ممـا أدى إلى استفحـال ظـاهرة التسرب المدرسـي التي تنعكـس آثـارها على الفـرد و المجتمـع .





















*آثاره على الفرد

*آثاره على المجتمع














آثار التسـرب علـى الفـرد و المجتمـع :

إن المجتمـع لمـا ينشـئ المدرسـة ، فانـه يسلـم أساسـا بأهميـة الفـرد فـي البنـاء الاجتماعي و هو بـذلك يسلم بذكـاء الفرد و قيمتـه الانسانيـة ، و لذلك تكون أهـداف التربيـة متمركزة على النمـو و مساعـدة قـوى الفرد على تحقيـق ذاتـه ، و تنميـة قدراتـه الفكريـة و الوجدانيـة ، لأن الأمم بـأفرادها فإن عمـل الفرد تطـورت الأمـة و ارتفعـت مكانتهـا و إن أهمـل ضعـفت الأمـة و تأخرت عن الركـب الحضـاري .
و أمـام التحـولات التي يشهدهـا العالـم ، و فـي ظـل عولمـة الاقتصـاد القائم على المنافسـة ، يتحتـم على المدرسـة الجزائريـة أن تعيد النظـر في إعـداد الفرد إعـدادًا سليمًـا لمواجهـة تحديـات القرن 21 الذي يشهـد انفجـارًا معرفيًا في المجـالات المختلفة ، والـذي لا مكانـة فيه للأمـي أو الضعيـف الـذي لم يـعدَ إعـدادًا كافيًا لينـدمج في مجتمعـه و ليكـون فـردًا صالحًـا يعمل لخيـره الخاص كمـا يعمل لخير مجتمعـه ، فأميتـه لا تسمـح له بالتعـرف على مصـادر الثروة في بيئتـه ، و المساهمـة في مجالات العمل و النشـاط فيهـا ، وكيـف يستثمـرها و يستفيـد منها ، وبذلك لا يكون هـذا الفـرد مفيدا في بنـاء مجتمعه و لا يـدرك الروابـط التـي تربطـه بالمجتمع ،مـن قيـم و لغـة و ديـن و تـاريخ ، وهـو بذلك يجهـل مسؤوليتـه و دوره في مجتمعـه ، كل تلك العوامـل تـؤدي به إلى الاقصـاء و التهميـش الذي يجعلـه عرضـة للانحرافات الخطيـرة التـي تهـدد سلامـة المجتمـع و أمنـه .
و هـذا أمـر لا يستقيـم مع أي مجتمـع انسانـي يـؤمن بأهميـة الفـرد و دوره في بنـاء مجتمـع ديمقراطـي "مجتمع يعتبـر قـوى الأفـراد و استقلالهـم قـاعدة هـامة ، مجتمع يفتـرض أن يسهـم كـل مواطـن فيـه فـي تسيـر الأمـور التـي يهتم بهـا الشعـب كمجمـوع" 1 .
فـالمـتســرب يعـد خسـارة للمجتمـع و جـانبـا ضعيفـا فيـه .





آثار التسرب على المجتمع :
إذا كـان عـدد التلاميذ المنخرطيـن سنويـا لا يمثـل الا المـادة الخـام التـي تتلقـاها الآلـة المدرسيـة لتصهـر فيهـا الخبرة الوطنيـة " فـإن مردود العملية التعليميـة يمكـن أن يقيـم بالمقارنـة بين قـاعدة الهرم التعليمـي ( التعليم الابتدائي ) و قمتـه ( التعليم الثانوي و الجامعي) كما يمكن أن يقَيم أيضا بمـدى تأثير الخبـرة التي تصنعها المؤسسات التربوية على الحياة الاقتصاديـة و الاجتماعية و الثـقافية " 2 .
لذلك نجـد الدول قـد أولـت التعليم عنايـة خـاصة ، بعد أن أدركت أنه العامل الرئيسـي في نموهـا و تقدمهـا ، " ويتضح ذلك مـن خلال حجـم الانفاق عليه بالقيـاس الى المجـالات الأخرى ، و لذلـك ارتبط التعليـم بالاقتصـاد ، فصارت الكـفاءة التعليمية مرتبطة بالكفـاءة الاقتصاديـة " 3 .
والمراد بالكفاءة التعليمية،هي قدرة النظام التعليمي على تحقيق الاهداف المنشودة،
و هـذه الكفـاءة تتحدد هي الأخـرى بعدة جـوانب مرتبطة بالتربيـة ، منهـا الكفاءة الخارجيـة ، و يقصد بهـا مدى قـدرة النظـام التعليمـي على تحقيـق أهداف المجتمـع الـذي وجد النظـام مـن أجـل خدمتـه و لقياس الكفـاءة الخارجيـة اعتمـدت مؤشـرات تبيـن مـدى قـدرة أي نظـام تعليمـي في خدمـة مجتمعـه ، و تتمثـل هـذه المؤشـرات في عـدد الخريجين ، و مدى مسـاهمتهم في المجـالات المختلفـة ، فـإذا نظرنـا مـن خـلال هـذه المؤشرات إلى قوافـل المتسربيـن الـذين يغـادرون المؤسسـات التعليميـة سنويـا دون أن يتلقـوا تعليمـا قـاعديـا يمكنهـم مـن الاندمـاج فـي المؤسسـات الاقتصـاديـة و الاجتماعيـة و الثقافيـة ، فإن المجتمع يكـون قد خسـر طاقـات بشريـة هائلة تتمثل في الشبـاب الـذي هـو آمال كل أمـة ، و الذي لـم تتمكـن الآلـة المدرسيـة أن تصهـرهم في مجتمعهـم ، بحيـث تصبـح هـذه الشريحـة الواسعـة تشكـل تحديا كبيرا للمجتمـع ، و ترهـن تطـوره الاقتصـادي و الاجتماعي و الثقافي ، لأن هذه الطاقـات المهدورة من الشبـاب الأمـي لا يمكن الاعتماد عليها في تحديث الاقتصـاد الوطني الذي يواجه منـافسة شرسـة ، تتطلـب خبرات و مهارات متطـورة ، و بـذلك تتحـول تلك الطـاقات الى قـوة تغـدي صفوف البطالة .

و على الصعيـد السياسـي فـإن هذه الطاقـات المهدورة ليـس لهـا تصور سياسي ، و لا قـدرة للأحـزاب السياسيـة فـي بـلادنـا علـى استثمـار تـلك الطاقـات في
برامجها السياسيـة ، كمـا أن تلك الطـاقات المهـدورة لا قدرة لهـا على فهـم البرامـج السياسيـة و مناقشتهـا ، و المساهمـة في إرسـاء قـواعد ديمقراطيـة يحتكـم اليها المجتمع ، و مؤسسات ديمقراطيـة تسيـر شؤونـه فبالإضافـة الـى الأمية الاقتصـادية و الأمية السياسية نجـد الأميـة الثقافية و التي تتمثل فـي عدم ادراك المتسربيـن للروابط التـي تـربطهم بمجتمعهـم و وطنـهم لـذلك تجدهم يشعرون بالإقصاء تارة ، و بالتهميش تارة أخـرى ، و مـن تم يكـون مـآلهم الانحـراف الذي تـترتـب عنه قضايا خطيـرة تمثـل تحديـا كبيـرا لتطـور المجتمـع و استقـراره .
ان تسليمنـا بتراجـع المنظومـة التربويـة فـي ادائها يـدل علـى نقـص واضح في كفـاءتها الكميـة و التـي تتمثل في عدد التلاميذ الـذين يخـرجهم النظـام بنجاح حيـث يرتبط بهـذا الجـانب دراسـة حـالات الرسـوب و التسـرب و الإعادة . 2 إننـا في كثيـر من الأحيـان ننـاقش و نحـلل النتـائج و نربطهـا في الغـالب بنوعية التـلاميذ متناسييـن تـارة و متغـافلـين أخرى نـوعية المناهـج و البرامـج و المعلمين و هذه العناصر كلها لها صلة بالتسرب المدرسي و لهـا دورها في الحكـم على كفاءة المنظومة التربويـة و لقد صـرح السيد وزير التربيـة الوطنيـة في مداخلاته أمـام اللجنـة الوطنيـة لإصلاح المنظومة التربويـة بقوله : " توحي النسبة المرتفعة للتسـرب المدرسي بضعف نجـاعة المنظومة و كلفتهـا العالية "1 . ثم يؤكد في المداخلة نفسها على الضرورة الملحة لإصلاح المدرسة الجزائرية . إذ قال : " نظرا لحجم الرسـوب و التسرب المسجـل و انعكاساتهما على مردود المدرسة ، و نظرا للنفقـات الإضافيـة التي يولـدانها في مجـال التكوين ، و نظـرا للأولوية المطلقـة التي أعطتها سلطات الـدولة إلى التربيـة التـي تعتبـر الآن كـاستثمـار إنتـاجي .
و نظـرا لكل هـذه العناصر أصبـح إصـلاح المدرسـة الجزائريـة ضـرورة ملحـة " 2 . فـإن كـان السيد الوزيـر قـد أوضح الأهميـة الكبرى التي توليها الدولة لقطـاع التربيـة الذي يعد قطـاع حيـوي يعتمد عليـه فـي الاستثمـار و الإنتاج ، لأن نظريـة " رأس المـال الإنساني ( CAPITAL HUMAIN ) تعتبر المجال التربوي
استثمـارا منتجا بحيـث ترى هـذه النظرية أن التربية المدرسيـة تؤثر على الانتاجيـة في مجموع النشاطات المسوقة و الغير مسوقة طوال دورة الحياة ، و هذا التأثير يبدو بوجه خاص في مضاعفة الربح الفردي مقابل مضاعفة الانتاجيـة المسوقة " 3 . غير أن اصلاح المنظـومة التربوية عملية معقـدة لارتبـاطها الوثيـق بـالمجـالات الأخـرى فاصلاحهـا لا يقـوم الا على اصلاحـات اقتصادية و اجتماعيـة عميقـة ، و ارادة سياسية قويـة قائـمة على العلـم و التخطيط للسيـر بالأمـة نحو مستقبل مشـرق ، بعيـدا عـن الخطـب الجوفـاء و الـرنـانة التـي تعمـد الـى اثــارة مشـاعـر و عـواطف المواطنـين .
فالإصـلاحات التي شهدتهـا منظومتـنا التربوية كـانت اصلاحـات ظرفيـة استعجاليـة حاولـت التخفيـف من وطـأة ظـاهرة التسـرب التـي تشكل تحديا للمجتمـع بكـل مؤسسـاته ، فهـذه الا صلاحـات الجزئيـة لـم تمـس سـوى البرامـج مـن حـيث التقديم و التأخير في الـدروس ، و الحـذف و الزيـادة و لم تجـر تعديـلا فـي مضـامينهـا و الحجـم السـاعـي المـلائــم لها و للطلاب و المـدرسـين .
و إذا كـان المـدرس هـو المحـور الرئيسـي في المنظومة التربويـة و هو الذي يقـدم البرامـج و المضـامين المعرفية للتلاميـذ و ما يحرزه التلاميذ من تقـدم علمي و اجتمـاعي في الحقـل التربوي يعتمد علـى كفاءة المعلم ، فان واقع المدرسة الجزائريـة يؤكـد لنـا أن المعلـم مـا تـزال أحـواله المـادية سيـئة و كفاءته العلميـة و التربـوية في تدهـور مستمـر أمام التغيرات المتسارعة التي يشهـدها العالـم في المجال المعرفـي .












أمـا المؤسسـات التربوية فهـي تتلقى كل سنة حشودًا مـن التلاميـذ ، فبالرغم من الجهـود المبذولـة في انشـاء المؤسسات التربوية ، إلا أنـه يمكن ان نلاحظ أن الكثيـر من المؤسسـات تشهد أقسامها اكتظـاظًا يصعب معـه على المدرسين القيام بمهامهم على الوجـه المقبول فتتحـول الدروس الى محاضـرات و خطب ، وهذا ينعـكس سلبـا علـى التحصيـل المعرفـي ، كما أن الكثيـر مـن المؤسسات التربويـة تفتقـد الى التجهيـزات العلميـة و علـى وجـه الخصـوص في مجـال علوم الطبيعة و الحيـاة ، و في مجال العلوم الفيزيائيـة ، حيـث أن هذه العلوم التجريبية دروسها في الغالب على شكل دروس نظرية يستعيـن فيها المـدرس فـي الغـالب الأعـم بالطبشـور و السبورة الخشبـية ، و على وجـه الخصوص في مجـال الكيميـاء و التي يـدرسون فيها مـواد لا يعـرفون سـوى أسماءهـا ، كـل هذه العوامـل تساهم في الرسوب و التسـرب ، و بنـاء على التقيـيم الـذي يجريه المدرس على المتعلـمين فـاذا كانـت الفروض و الاختبارات محطات لتقييم عمل المدرس و مدى استيعاب التلاميـذ للمنهـاج فان المـدرسين لا يقيمون في الحقيقة الا التلميذ بمـلاحظات مقتضبة ، تلميـذ ضعيف ، لا يرغب في العمل ، تلميذ متوسط ، ، يمكنه أن يتحسـن ، فهذا تقويم جزئي و لا يكشـف عـن مواطـن الضعف لكن المدرس يعتبره حكما نهـائيـا و عـاما ، و بذلك تفقـد الفـروض و الاختبارات وظيفتهـا التربويـة ، فتتـدهورنفسيـة المتعلـم و يحكـم على نفسـه بالفشل و هـو مـا يؤدي به في الأخير الى التسـرب المدرسي .
و تتحـول الفروض و الاختبارات الـى جدل بين التلاميذ و المدرسين حـول العلامات الممنوحة ، و هـذا كلـه يؤدي إلى ضياع أجيـال و طاقـات بشرية و أمـوال طـائلة ما أحــوجنـا إليهـا ..



















*الاستبيان ومناقشته

*مقترحات





تدعيـما للـموضوع حـول التسـرب المدرسي ، طرحت الأسئلة الآتية على بعض المربين ، نورد فيما يلي أجوبة اثنيـن منهـما .

س1 – برزت مصطلحات عديـدة في ميـدان التربيـة و التعليم ، الفشل المدرسي ،
التخـلي عـن الدراسـة ، التسـرب المدرسـي ، هـل بـإمكـانكم إعطـاء
معنى لكـل منـهـا ؟

س2 – تمثـل ظـاهرة التسـرب المـدرسي مشكـلا كبيرا فـي المجتمعات و لأكبر
شريحـة مـن الشبـاب ، ما هـي فـي رأيكـم الأسبـاب التـي دعت إلى
الانشغـال بمـوضوع التسـرب ؟

س3 – أدت هذه الظاهرة الى ضعف نجاعة النظام التربوي فيـم تترجمون هذا الضعف ؟

س4 – يعتبر التسرب المدرسي اشكالية معقـدة ، ما هي العوامل المسببة لهذه الظاهرة ؟
ما ملمـح المتسـرب ؟
ما نـوع المتسربيـن ؟

س5 – في الختام ، انطلاقا من خبرتكم ، هل لديكم اقتراحات حول بعض النشاطات التي :

تقـي مـن التخـلي عـن الدراسـة ؟
تشجع على العودة الى مقاعد الدراسة ؟






مناقشة الاستبيان حول التسرب المدرسي 1


هنـاك تقـارب واضح في تحديد التسـرب بمفهومـه العـام و علاقته بالتخلي عن الدراسـة والفشـل المدرسي ، إلا أن الـفشـل المدرسي يرتبـط دائـما بالتلميـذ الذي ( يحصـل على نتائج سيئـة ) مع أن هذه النتـائج السيئـة ليست نتائج المتعلم وحده ، بـل هـي كـذلك نتـائج المعـلم فـي مـعرفته و طريقتـه و منهجه العام في التدريـس لأن عمليـة التقيـيم التي يمارسهـا المعلم فـي القسـم لا يقيـم التلميذ فحسـب ، بل هـو يقيـم المعـرفة التـي قدمهـا ، و يقيـم الطريقـة التـي قدمت بها المعرفـة ، ثم يقيم التلـميذ .
أمـا فيما يتعلـق بالعنصـر الثـاني في الاستبيـان و المتمثل في ظـاهرة التسـرب التي تمثـل مشكلا كبـيرًا في المجتمـعات ، و الأسـباب الـداعية الـى الاهتـمام بهـذا الموضـوع فان كان المتدخـل الأول لم يحـدد الظـاهرة ، و لـم يـذكر الأسبـاب الداعيـة الى ذلـك ، بل دعـا بشكل عـام الدولـة الى الاهتمام بمسألة التسـرب ، و ذلك بالنظـر الى مـا تصرفـه من أمـوال طـائلة علـى حساب قطاعـات أخرى ، و لم تحقـق الأهـداف المرجـوة من تلـك النفقـات .
لكن المتـدخل الثانـي حـاول أن يحدد العوامل المسـاهمة في عملية التسرب المـدرسي منـها :
1 – الجانب الاجتماعي : التوقف المبكـر عـن الدراسـة ، و تغـذية صفـوف البطـالين و الدخـول في معتـرك الحيـاة بمستوى ثقافي ضعيف مما يؤدي الى الانحـراف .
2 – الجانب الاقتصادي : حيـث يشير الى انعكـاس التسـرب و ضعـف التكـوين على النتـاج الاقتصـادي و الخدمـات، فالمتدخـل الثـاني قـد بـين انعكـاس التسـرب على المجاليـن الاجتمـاعي و الاقتصـادي ، لكنـه لم يشـر الى أثـره في المجـال الثقافـي ، و لم يشـر من قـريب أو بعـيد للعوامـل المسـاهمة فـي عمليـة التسـرب .
أما العنصر الثـالث في الاستبـيان و المتعلـق بظـاهرة التسـرب و ضعف نجاعة النظـام التربـوي .








فـان المتدخـل الأول قـد قيـم المنظومـة التربوية علـى أساس المخرجات العـملية التربويـة التـي نجدهـا دون المستـوى المطلـوب ، حيث أن نتـائج التحصيـل تبـين ضعف المتمدرسين و هو تعريف يشير الى النقص بشكل عام في المنظومة التربويـة .
أمـا المتدخل الثانـي ، فقد اعتبر أن ظاهرة التسـرب كشفت عن النـقص الموجـود في النظام التربـوي ، والـذي يمكـن ملاحظته في مستويات هي :
1 – مستوى البـرامج
2 – مستوى التـوجيه
3 – مستوى التكامل و التنسيق بين مختلف جوانب المنظومة التربوية
4 – مستوى التكامل و التنسيق بين الأسرة و المدرسة
فان كـان المتدخل الثانـي حـاول أن يشير الى مستويـات النقص في المنظومة التربوية ، إلا أن تلـك الاشـارات تحتـاج الى التوضيح لأنها عامة ، فعلى سبـيل المثـال ( في مستوى البرامج ) لـم يوضـح المتدخل طبيعة النقص في البرامج ، أهو نقص في المجـال المعـرفي أم فـي مجـال الترابـط و الانسجـام بين عناصر البرامج أم فـي الطريقـة و المنهجيـة التي قـدم بها البرنـامج ، وكـذلك الأمر بالنسبـة إلى النقـص في مجـال التوجيـه ، هل النـقص فـي إعداد الموجهين ، أم النقص في الأسلـوب المعتمـد فـي نظـام التوجيه ، كـما يمكـن أن نشيـر هنا إلى أن المتدخـل لـم يشـر الى ضعـف المدرس العلمـي و التربوي ، و الذي يعـد المحور الرئيسي في العمليـة التربويـة

اننـا لا نغالي اذا قلنـا أن العنصر الإنسـاني سيظـل هو العـامل الرئيسي في كل نشـاط انسانـي ، واهمـال هذه الحقيقـة و عدم الاكتراث بها ، سواء في اعداد المكونيـن و الاطـارات الكفـأة في التخطيـط و التنظيـم من مشرفين و منفذين سـاهرين على السير الحسن لمنظومتنـا التربوية ، فعدم الاكتراث بهذه الحقـائق جعـل منظـومتنا التربويـة تعـاني من الضعـف و العجـز المستمر .
العنصـر الرابع فـي الاستبيـان و المتمثـل في معرفـة العوامل المسببة لظاهرة التسـرب المعقدة ، و نوعيـة التلاميـذ المتسربين .


فـإن كـان المتدخـل الأول قد ربـط بيـن ظـاهرة التسـرب و الظروف الاقتصادية و الاجتماعيـة ، و كـذلك العوامل التربوية ، حيث بيـن أن نظـام المدرسـة في بعض الأحيـان يكون سببا فـي التسرب ، كالتأطـير اليبداغوجـي المسيـر للمؤسسـة و الـذي يكـون دون المستـوى المطلـوب ، و المـدرس نفسـه يـكـون من المسببيـن في نفور التلاميذ لنقص تكوينه العلمي و البيداغوجي .

أمـا المتـدخل الثاني فـقد ارجـع التسـرب الى عوامل نفسيـة خـاصة بالتلميذ كـالانطواء على النفس والظروف المادية و عدم الرضى بالتوجيه .

فـان كان كـل متدخل قـد حـاول تحديد العوامل المـؤدية لظـاهرة التسـرب ، إذ ركز بعضهم علـى الجـانب الاقتصـادي و الجـانب الاجتماعي ، باعتبارهما من العوامـل الرئيسيـة المسببة لظـاهرة التسـرب ، فقـد اعتبر المتدخل الثاني ان العوامـل النفسية هي العوامـل الرئيسيـة في ظـاهرة التسرب ، إلا أننـا نرى أن ظـاهـرة التسرب ظـاهرة معقدة تشتـرك فيهـا عـوامـل اقتصاديـة و اجتماعيـة و ثقـافية و تربويـة و نفسيـة ، و لمعالجـة هذه الظاهرة لا يجب أن يغفل أي عامل مـن هذه العوامـل .










المقترحات :

إذا كانـت المنظومـة التربويـة تتضمـن مشروع المجتمـع الجديـد ، فـان المؤسسة التربويـة هـي المخبـر الـذي ينـقل عبـره الماضي بعـد تقييمـه و تطـويـره ، و هـي المؤسسـة التـي تحقـق الانسجـام الثقافـي بين فئـات الشعب ، و ترسخ الانتمـاء المشترك للوطـن ، ومـا دامت المنظومـة التربويـة تمثـل رؤية حضارية لإنجـاز المستقـبل فـان صياغتـه و تنفيـذه ينبغـي أن يحظـى باهتمام المسؤوليـن المتخصصيـن في المجـالات المختلفـة لتبنـى الرؤيـة الحضـارية للمنظومـة التربويـة علـى أسس علميـة صحيحـة بعيـدة عن المزايدات السياسية ، و الحسابات الحزبية الضيقـة التي تتغـذى بالخطاب الايديولوجـي المثير لمشـاعر المواطنين ، إذ يقـول الفيلسـوف "جون ديوي" :

" إذا أردنـا أن نخلـق مجتمعًـا ديمقراطيًـا ، رأينا أننا في حاجة الى نظام تعليمي تكـون فيه عملية التطـور الخلقية و العقليـة من الناحيتين العلمية و النظرية عملية تعـاون متبـادل تستهدف البحث و الجـري وراء حقائـق الأشياء ، و هذه العملية يمارسها أفـراد أحـرار مستقلـون يعالجون الآراء و الأفكـار كما يعالجون قرار الماضي على أنهـا وسائل و طرائـق توصلهـم الى تحقيق حيـاة مثمرة كمًا و كيفًا ، ويفيـدون منها في الكشـف عن أشياء أفضل و تثبيـت دعـائم هذا الـذي يتوصلون إليـه " 1 .
فـإذا أردنـا أن نبني منظومـة تربويـة قـوية قادرة علـى تخطي حاضرها و بنـاء المستقبـل الذي ينشـده المجتمـع ، يجب أن تبنى علـى أسـس علمية صـحيحـة و تشرف عليهـا إطـارات تتمتع بتكوين علمـي يسمـح لها بالسير نحو المستقبـل بخطـى ثابتة لتحقيق نقلة نوعيـة في المجال العلمي و المعـرفي .








و إن كان الـمدرس هو حجر الزاوية فـي النظـام التعليمـي ، فـان نجـاح التعليـم و تحقـيق غـايات التربية يعتمـد بالدرجـة الأولـى على المـدرس ، لـذا يجـب اعـادة النظـر في انتـقاء المدرسيـن ، و اسلـوب تكوينهـم ، إذ لابـد من تكوين جيـل جديـد من المعلميـن يعملـون مخلصـين أن يمنحـوا تلاميذهم خير ما لذيهـم مـن علم و تربيـة ، و ذلك بتحويـل ما يؤمنـون به بأنـه مبادئ اساسيـة في التربية و التعليـم الى عمل ملموس .

حيـث يلاحـظ فـي مـدارس كثيـرة ضعـف التـأطير فـي الجـانبين المعـرفـي و البيداغوجـي ، هذا بالإضافة الى انعدام رغبة المدرسين في التكوين و تحسين مستوياتهـم ، وعلىوجه الخصوص في المناطق النـائية مـن المدن ، حيث يعتمـد فيهـا علـى توظيـف المستخلفيـن الذيـن لا صـلة لمجـال تكوينهـم بمجـال التربيـة والتعليـم .

لـذا يمكن أن نـؤكد حقيقة ، و هـي ان الاصلاحـات التي شهـدتها المنظومة التربوية لم تمـس الانسـان القائم على الفعل التربـوي ، بل هي اصلاحـات ظرفية أجريت علـى المواقيـت تارة ، و تعديـل البرامـج تارة أخرى ، و هذه الاصلاحات الاستعجاليـة الظرفية لم تأتـي بنتـائج تذكر ، بل أحدثـت نوعـا من الاضطـراب لدى المدرسيـن و التلاميـذ و أوليائـهم و فـي المنهـج بشكـل عام . لأن المناهج تبنـى بطريقـة علميـة يـراعى فيهـا جـوانب كثيـرة ، و بوجـه خـاص التـدرج و التكـامل بين المـواد ، و المنهاج يتطلـب الشـروط الضـرورية لتنفيذه مـن وسائـل و تجهيـزات علمية لإجراء التطبيقات و التجارب المخبرية .
























لقد أدركـت المجتمعـات الانسانيـة حـاجاتها الماسـة الى التمـدرس الذي يضمن للفرد المعرفـة : إتقان الفعل ( Savoir faire ) و المعرفة السلوكية ( savoir être ) اللـذان يجعلان منه مواطنًـا صالحًـا و شخصًا مسؤولاً منسجمًـا مع مجتمعـه ، يمكنه التكـيف مع المتغيرات ، و تعلم كيف يتعلم .

فالفرد ان لم يرضـع تـراث المجتمع و قيمـه كالصـواب و الخطأ ، و اللائق و الغير الـلائق، و الحلال و الحـرام ،و الحـق و الـواجب ، والقانون و العادات و التقاليد ، فانـه لا يكون فردا صالحًـا في مجتمعه ، بــل في الغالب يتمـرد على المجتمـع ، و ينحـرف عنه ، بحيـث لا يشعـر بـالـروابط التـي تربطـه بـوطنـه و مـجتمعـه .و أخيـرًا يعد التسـرب المدرسـي عمليـة إهمـال تدريجـي فـي نظام تربـوي متـأزم ، يستعصـى تحديـد مشـاريعه بوضـوح ، بحيـث لا نجـد للشبـاب مكانًا معتبرًا يعنيه أو يخصه .

فعمليـة الاهمال التدريجي تمتد عبر مراحل متعاقبة بدءا بعدم الانسجام مع المدرسة إلى النفـور و اللا مـبالاة . فالشاب الواقـع في هذه الدوامـة لا يـرى سوى مخـرجًا وحيدًا للخلاص من هذه الدوامة ألا و هو التسـرب .

لذا يجـب النظـر الى التسرب الذي استفحل دائه في التعليـم ، و هو مشكـلة لا تعني قطاع التربيـة و التعليم وحـده ن بل قطاعات أخرى . و عليـه يجب ان تتظـافر الجهود في المجـالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقـافية لعرقلة تطوره و محاولة الحد من آثاره ، لأن هذه الظاهرة تمثل ضياعا يمـتد آثاره الى المجـالات الأخرى . فالمتسـرب يشكل خسارة كبيرة للمجتمـع ، و جانبًـا ضعيفًـا فيه لأنه يغذي طبقة عـاطلة في المجتمـع .






المراجع المعتمدة في البحث


1 – المهام الحضارية للمدرسة و الجامعة الجزائرية محمد العربي ولد خليفة

2 – مدارس المستقبل (جون ديوي ) ترجمة – عبد الفتـاح
الـمنيــاوي

3 – التسرب المدرسي في التعليم الأساسي و الثانوي مديرية التقويم و التوجيه
و الاتصال فيفري 2000

4 – موعدك التربوي - التسرب المدرسي المركز الوطني للوثائق
التربوية رقم 6- 2001

5 – الادارة التعليمية ، أصولها و تطبيقاتها المعاصرة د/ أحمد محمد الطيب
ط ، الأولى 1999









الفهرس

*الإهــداء
*كلمة تقدير و شكر
*مقدمــة 1……………………………………………………………
الفصل الأول
*مفهوم التسرب3…………………………………………………
*أسباب التسرب 6….……………………………………………
*الفصل الثانـي
*أثاره على الفرد8…………………………………………………
*أثاره على المجتمع12………………………………………..
*الفصل الثالث
*الاستبيان………………………………………………………… 14
* مناقشته…………………………………………………………….17
*مقترحات……………………………………………………. …. 19
*خـاتمـة21…………………………………………..……………
*قائمة المراجع22……………...……………………………….