لقد سار المشرع الجزائري مثلما سارعليه جمهور الفقهاء في جواز الرجوع في الهبة ، إلا أن هذا الرجوع مقيد أو بالأحرى مقصور في حالة واحدة وهي حالة هبة الوالد لولده وهي ما تسمى عند المالكية " إعتسار الهبة "
وعليه فالهبة في التشريع الجزائري لا يجوز الرجوع فيها إلا ما استثني بنص
إن الرجوع في الهبة أمر وارد في التشريع والشريعة الإسلامية ، إذا ما نظرنا إليه من الناحية الجوازية والسبب في إمكانية الرجوع عنها إلى مالها من أهمية بالغة في محيط المعاملات الناقلة للملكية من جهة وما قد يؤول إليه الواهب جراء هذا التبرع من جهة أخرى.
لقد نصت المادة 211 من قانون الأسرة الجزائري على : " للأبوين حق الرجوع في الهبة لولدهما مهما كان سنه إلا في الحالات التالية :
1 – إذا كانت الهبة من أجل زواج الموهوب له .
2 – إذا كانت الهبة لضمان قرض أو ضمان دين .
3 – إذا كان تصرف الموهوب له في الشيء الموهوب ببيع أو تبرع أو ضاع عنه أو أدخل عليه ما غير طبيعته .
إن المشرع الجزائري استمد حكم الرجوع من الحديث النبوي الشريف : " لا يحل للرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها ، إلا الوالد كما يعطي ولده " .
وهذا ما ذهبت إليه المذكرة الصادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية بتاريخ 14 فيفري 1994 تحت رقم 626 .
حيث جاء فيها : " يمكن للولي الرجوع والعدول عن هبته لأحد أبنائه إذا ما رأى في ذلك إجحافا أو إهدارا لحق أحد أولاده على آخر " .
والملاحظ أن هذه الأسباب المؤدية للرجوع في الهبة غير واردة في القانون والتشريع الجزائري خاصة قانون الأسرة الذي تناول موضوع الرجوع عن الهبة وبالتالي وجب الرجوع إلى القانون المدني المصري في مادته 859 التي تنص على أن : " الرجوع في الهبة بسبب جحود الواهب لا يؤثر في التصرفات الحاصلة من الموهوب له
التصرف وقد يكون الرجوع في الهبة بطريقين ، إما بالتراضي أو بالتقاضي .
أ/ الرجوع بالتراضي :
ويتم ذلك بإرادة أحد الوالدين مع اشتراط تحرير عقد الرجوع باللجوء إلى الموثق من طرف المعني ، ويتم بموجبه استرجاع الواهب لأملاكه حيث يتم إلغاء الحق بنفس الشكل الذي نشأ به ، بمعنى أن الواهب يسترجع حقوقه بنفس الإجراءات الشكلية التي يتم بها التصرف .
وخلاصة القول فإن الرجوع في الهبة حق ثابت للوالدين على سبيل الإستثناء ويتم ذلك بالإرادة المنفردة لأحدهما ولو كان ذلك دون موافقة ولدهما .
ب/ الرجوع بالتقاضي :
ذهبت بعض التشريعات الحديثة إلى أنه إذا لم يقبل الموهوب له الرجوع في الهبة جاز استصدار حكم يقضي بذلك ، وهذا ما نجده مطبقا في القضاء المصري من خلال نص المادة 500/2 مدني مصري التي تنص " فإذا لم يقبل الموهوب له جاز للواهب أن يطلب من القضاء الترخيص له في الرجوع متى كان يستند في ذلك إلى اعتدال مقبول ولم يوجد مانع من الرجوع "
وهذا ما لا نجده في قانون الأسرة الجزائري حيث لا نجد واهب يلجأ للقضاء قصد استصدار حكم بفسخ حكم الهبة بعد أن يبرر هذا الرجوع .
ونستخلص من ذلك أنه من بين الأعذار المقبولة للرجوع في الهبة غير الأعذار التي ذكرها المشرع ، لقيام الموهوب له بالتزامات تمثل مقابلا للهبة ، ففي هذه الحالة أصبحت الهبة عقد ملزم لجانبين .
يجوز للواهب طلب فسخ الهبة من القضاء ويخضع ذلك للسلطة التقديرية للقاضي طبقا لقواعد الفسخ القضائي .
**********وقل ربي زدني علما*************