منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - بحث حول جماعة الديوان ومظاهر التجديد في شعرهم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2010-01-29, 00:46   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الصقرالشمالي
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية الصقرالشمالي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

https://medhatfoda.jeeran.com/m3th/adb%203th/3tha3.htm

:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: :::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::

بحث حول الشعر عند جماعة الديوان.

أفراد جماعة الديوان :



تكونت علاقة صداقة بين عبد الرحمان شكري وابراهيم عبدالقادر المازني وكان للصحافة فضل في تعرف المازني على العقاد.شاركا في تحرير مجلة (البيان) سنة1911 .بالإضافة إلى نشاطات مختلفة جعلت الأديبين "لايكاد يذكر أحدهما دون الآخر"
أما تعارف شكري والعقاد فيرجع الفضل فيه إلى المازني الذي كان في انجلترا وكان يتحدث كثيرا عن شكري. ولما عاد شكري إلى مصر 1913 ثم اللقاء بينه وبين العقاد وبهذا تشكل عقد جماعة الديوان.

العوامل التي شكلت اتجاه جماعة الديوان

وحدة الثقافة.
إتفاق النظرة إلى الأدب.
الإتجاه الجديد الذي أرادوا أن يمنحوه للأدب العربي.
الإشتراك في الظروف الإجتماعية والأدبية.

مفهوم الشعر عند جماعة الديوان

تحدث (وورد زورث)عن العملية الشعرية فقال "لقد قلت أن الشعر إنسياب تلقائي للمشاعر القوية" ويؤكد هذا التحليل مبدأين أساسيين في مذهب الرومنسية :
أولهما :أن الشعر حقا تعبير عن النفس ومشاعرها.
ثانيهما :أن هذا التعبير مطبوع لاتكلف فيه.
وهي نفس الرؤية التي يراها شكري تقريبا في قوله :"انفعالا عصبيا" يسبق عملية الشعر‘وأن الشعر "تدفق الأساليب كالسيل " تدل على الطبع في التعبير الشعري الرومانسي وعند جماعة الديوان.وهكذا تتألف العملية الشعرية من مرحلتين؛الأولى تثور فيها عواطف الشاعر ‘والثانية يتأمل فيها الشاعر عواطفه‘ويضبطها‘ويكوّن منها ماهو أصلح للتعبير الشعري.
فالشعرفي نظر جماعة الديوان كما هو في نظر الرومنسيين الإنجليز. تعبير عن النفس ومشاعرها.وهذه أبرز قضية في مذهب جماعة الديوان . يقول هازلت :"إن أصدق تعريف يمكن أن يعرف به الشعر هو أن الصورة الطبيعية لأي غرض أو حادثة .فإن قوته تولّد الخيال والعاطفة...وتبعث رخامة في الأصوات المعبّر عنها."فالعواطف في نظر جماعة الديوان والرومانسيين الانجليز‘هي المنفذ الوحيد الذي يطل منه الشاعر على العالم الخارجي وشؤونه. وتعبير شكري عن اتصال عواطف الإنسان بالعالم الخارجي أجمل وأعمق من تعبير (هازلت)‘فهو يشبه قلب الإنسان بالأركسترا الكثير الآلات والأنغام‘علاوة على ان شكريا يقسم الشعر بين العواطف الخالصة‘وهي العواطف التي هي تعبير عن مظاهر الوجود. ويدخل في المفهوم الشعري عند جماعة الديوان للعواطف الطبيعية فالطبيعة في نظرهم طبيعتان:
1-طبيعة تحيط بنا ويمكن للشاعر الكبير أن يتصل بها وأن يحول موضوعها بشعره عن طريق الخيال والعواطف.
2-طبيعة توجد في نفس الشاعر‘وهي قدرته على التوفيق بين حياته الباطنية وبين حياته الخارجية التي هي جزء من الحياة العامة.

وظيفة الشعر في نظر جماعة الديوان:
تحدد الرومانسية للشعر هدفين اثنين :
الأول :توفير المتعة للقارئ عن طريق اشتراكه في المتعة الوجدانية التي يحس بها الشاعر.
الثاني: هو الكشف عن الحقيقة في أعمق صورها وأتمها.
وجماعة الديوان تلح في كثير من أقوالها على هذه الوظيفة للشعر .قال شكري:"إن وظيفة الشاعر في الإبانة عن الصلات التي تربط أعضاء الوجود ومظاهره والشعر يرجع إلى طبيعة التأليف بين الحقائق."
ويرى العقاد أن الشعر يطلعك إلى مالم تستطع الوصول إليه من أسرار تكمن وراء مظاهر الأشياء .ويتغلغل بك إلى اللباب ويكشف عن جوهر ما في الحياة.
ويرى العقاد أن الشعر لايعتبر شعرا مالم يكن إنسانيا يعبّر عن ذات الإنسان وأدق أحاسيسه ومشاعره تعبيرا صادقا لاتكلّف فيه ولا تصنع...
يقول:"إن الشاعر العظيم هو من تتجلى من شعره صورة كاملة للطبيعة بجمالها وحبه لها ‘وعلانيتها وأسرارها ‘أو أن يستخلص من مجموعة كلامه فلسفة للحياة ومذهبا في حقائقها وفروضها أيّا كان المذهب."
ويحدثنا العقاد عن الصدق في الشعر بصورة مفصّلة في كتاب (ساعات بين الكتب) فيرى أن الشعر هو التعبير عمّا عاناه الشاعر من تجربة تعبيرا لاجدل فيه ولا تزويق ولاخداع ‘وعنده أن الحد بين الشعر الصادق والزائف يقع في محاولة الشاعر التمويه على السامع بالحلية اللفظية ليشغل السامع بالتزويق فيبعده عن الحقيقة والصدق‘ ويضرب في الشعر الزائف غير الصادق بقول الأندلسي :

وقانا لفحة الرمضاء واد***سقاه مضاعف الغيث العميم
نزلنا دوحه فحنا علينا ***حنو المرضعات على الفطيم
وأشربنا على ظمإ زلالا***ألذ من المدامة للنديم
يصد الشمس أنّا واجهتنا***فيحجبها ويأذن للنسيم
يروع حصاه حالية العذارى***فتلمس جانب العقد النظيم.

يقول : "فهذه أبيات من الشعر البليغ يتسق لها حسن الصياغة وجودة الوصف‘وبساطة الأداء‘إلا بيتا واحدا منها يتطرق إليه اللعب العابث والتزييف المكشوف‘ونعني به البيت الأخير‘مع أنه عند النقاد أروع هذه الأبيات وهو بيت هذه القصيدة‘وهو عندي زائف لأن الصورة التي عرضها الشاعر غريبة عن أصل المعنى كاذبة كل الكذب‘ولا فضل فيها للبراعة والطّلاوة."

وظيفة الشاعر عند جماعة الديوان:
ترى جماعة الديوان أن الشاعر هو رسول الطبيعة ترسله مزودا بالنغمات العذاب كي يصقل بها النفوس ويهذبها ويحركها ويزيدها نورا ونارا ‘فعظم الشاعر في عظم إحساسه بالحياة وفي صدق السريرة الذي هو سبب إحساسه بالحياة‘والشاعر الكبير في نظرهم هو الشاعر الذي يعيش لفنّه الجليل قصيدة رائعة تختلف أنغامها باختلاف حالات الحياة‘ففيها نغمة البؤس والشقاء‘وفيها نغمة النعيم والجذل‘وفيها أنغام الحقد واللئم..."
وهو الذي يتعرف كيف يقتبس من هذه الحالات أنغاما.ويصوغها شعرا‘ وهو الذي له عواطف مثل عواطف الوجود مثل الأمواج والرياح والضياع والنار والكهرباء.إذًا فهذا الشعر (شعر العواطف) يفترق عن شعر الحوادث الإجتماعية إذ لابد للشاعر أن يبلغ إلى أعماق النفس "وأن يضرب على كل وتر من أوتارها".

الصورة الشعرية عند جماعة الديوان :

اهتم أفراد جماعة الديوان بالإحساس والشعور في دراستهم الأدبية اهتماما شديدا وهنا الإهتمام نابع من مفهوم الشعر عندهم‘فالصورة الشعرية في نظرهم إنما تقوم أساسا على هذه الملكات والعواطف الإنسانية نتيجة اتصال الشاعر بالطبيعة؛يتلقى رموزها وصورها ثم يحول هذه الرموز والصور إلى خواطر ورموز مجردة ذاتية‘وفي المرحلة الثالثة تتدخل هذه "الملكة الخالقة" التي تعتمد على الشعور الواسع والدقيق.وبإدراك الشاعر للحديث الرئيسي في مضمون القصيدة وترتيبه للأحداث الثانوية ترتيبا منطقيا وضروريا‘تتشكل هذه الصورة الشعرية التي لم يتحدث عنها أفراد جماعة الديوان.
ومنه فالعناصر الثلاثة: الإحساس والخيال والتشبيه يحتاجها الشاعر في عملية التعبير(1) ‘فالخيال عند جماعة الديوان ضروري وملازم للعاطفة في الشعر.يقول عبدالرحمان شكري:"وبعض القراء يرى أن الشعر مقصور على التشبيه مهما كان الشبه الذي فيه متوهما‘ومثل الشاعر الذي يرمي بالتشبيهات على صحيفته من غير حساب مثل الرسام الذي تغره مظاهر الألوان فيملأ بها رسمه من غير حساب .
وليس الخيال مقصورا على التشبيه‘فإنه يشمل روح القصيدة وموضوعها وخواطرها وقد تكون القصيدة ملأى بالتشبيهات وهي بالرغم من ذلك تدل على ضآلة خيال الشاعر‘وقد تكون خالية من التشبيهات وهي تدل على عظم خياله (...) إن الخيال هو كل ما يتخيله الشاعر من وصف جوانب الحياة وشرح عواطف النفس وحالاتها‘والفكر وتقلباته‘(...) وأن أجمل الشعر ماخلا من التشبيهات البعيدة والمغالطات المعنوية.
أنظر مثلا قول (مويلك) يرثي امرأته وقد خلفت له بنتا صغيرة فقال ييصف حالها بعد موتها :

فلقد تركت صغيرة مرحومة***لم تدر ماجزع عليك فتجزع
فقدت شمائل من لزامك حلوة***فتبيت شهر أهلها وتفجع
وإذا سمعت أنينها في ليلها ***طفقت عليك شئون عيني تدمع.
فهو لم يعلمك شيئا جديدا لم تكن تعرفه ‘ولم يبهر خيالك بالتشبيهات الفاسدة والمغالطات المعنوية ‘لكنه ذكر حقيقة ‘ومهارته في تخيل هذه الحالة ووصفها بدقة‘وهذا أجل التخييل وأجل المعاني الشعرية ماقيل في تحليا عواطف النفس ووصف حركاتها كما يشرح الطبيب الجسم.

وحدة القصيدة :
إن القراء من الجمهور يحكمون على القصيدة بأبيات منها تستهوي نفوسهم‘ إما بحق وإما بباطل لأنهم يعدون كل بيت وحدة تامة وهذا خطأ.فإن قيمة البيت في الصلة بين معناه وبين موضوع القصيدة لأن البيت جزء مكمل‘ ولا يصح أن يكون البيت شاردا خارجا عن مكانه من القصيدة بعيدا عن موضوعها(...) فينبغي أن ننظر إلى القصيدة من حيث هي شيئ فرد كامل‘ لا من حيث هي أبيات مستقلة‘فإننا إذا فعلنا ذلك وجدنا ان البيت قد يكون مما لا يستغر القارئ لغرابته‘وهو بالرغم من ذلك جليل لازم لتمام معنى القصيدة ‘ومثل الشاعر الذي لايعطي وحدة القصيدة خفها. مثل النقاش الذي يجعل نصيب كل أجزاء الصورة التي ينقشها من الضوء نصيبا واحدا.

الوزن والقافية:
وحدثنا العقاد عن رأيه في الوزن والقافية وتطورهما بتطور أغراض الشعر الحديث واطلاع الشعراء المحدثين في الشعر الغربي.وهو حين يدعو للتطور في هذا المجال لايريده مفاجئا ‘وإنما يدعو إليه بروية وتؤدة.
يقول في مقدمة ديوان المازني :
"ولا مكان للريب في أن القيود الصناعية ستجري عليها أحكام التغيير والتنقيح‘فإن أوزاننا وقوافينا أضيق من أن تنفسح لأغرض شاعر تفتحت مغالق نفسه وقرأ الشعر الغربي فرأى كيف ترحب أوزانهم بالأقاصيص المطولة والمقاصد المختلفة‘وكيف تلين في أيديهم القوالب الشعرية فيود عنها ما لا قدرة لشاعر عربي على وضعه في غير قالب النثر."
فما يريده العقاد أن الوزن ضرورة شعرية‘لأنه موسيقى بنائه الفني أما القافية على هذه الصورة الرتيبة فهي بقايا الشعر البدائي‘أو الفن البدائي الذي لايحتمل سوى بعض المعاني الغنائية المحدودة‘ ولا يتسع للموضوعات المفصلة المطولة.

موقف جماعة الديوان من الشعر التقليدي :

وقد حمل أعضاء جماعة الديوان على الشعر التقليدي لأنه يقال في المناسبات لا حسب انفعال الشاعر بموقف معين- يقول شكري : "إن الشاعر الكبير لاينظم إلا في موجات انفعال عاطفي‘فتغلي أساليب الشعر في ذهنه‘وتتضارب العواطف في قلبه‘(...) ثم تتدفق الأساليب الشعرية كالسيل من غير تعقد منه لبعضها دون بعض‘أما في غير هذه النوبات فالشعر الذي يصنعه يأتي فاتر العاطفة قليل الطلاوة والتأثير."
وهذا التصنع لنظم الشعر دون انفعال يغلب على شعراء الصنعة اللفظية‘ والبيانية السطحية (...) وهكذا تخرج الصنعة إلى التكلف في الصور‘ وإلى المبالغات الممجوحة التي لاتعبر عن أحاسيس صادقة ولا تعكس انفعالات جادة.
"ومن اجل ذلك شاع عندهم أن الشعر نوع من الكذب‘وليس أدل على جهلهم وظيفة الشعر من قرنهم الشعر بالكذب‘فليس الشعر كذبا بل هو منظار الحقائق‘ ومفسر لها‘وليست حلاوة الشعر في قلب الحقائق بل في إقامة الحقائق المقلوبة ووضع كل واحدة منها في مكانها."