منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - ماذا لا تحب المرأة الرجل الملتحي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-12-21, 01:01   رقم المشاركة : 89
معلومات العضو
كلمات مبعثرة
عضو محترف
 
الصورة الرمزية كلمات مبعثرة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المتاملة مشاهدة المشاركة
اولا وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

لم افهم قولك مش لي تشبه اللحية تاع السلفيين؟ اممكن ان توضح؟ انت هنا عممت بلفظك السلفيين وهم من سلكوا خطى رسول الله صل الله عليه وسلم.
وماذا بهم السلفية؟ لا تخوضي في امر انت بعيدة عنه فهناك امران اما ان يكون سلفي من تبع سنة الحبيب محمد صل الله عليه وسلم واما التلفي الذي يريد ان يقلد بيئة غير بيئته "الغرب" او صاحب عقيدة فاسدة.
الحمد لله رجعت قلتي لا افراط ولا تفريط ولكن يبقى تطاولك على منهج رسول الله من حيث لا تدري كونك ربطتي بينهما فالسلفيون اقصد الجادة لم يأتوا بشيء من عندهم باش تقولي ماشي كي نتاع السلفيين وتوضحيها بلا افراط ولا تفريط والسلفية معروف عنها انها الفرقة الوسطية .لان صراحة انتبهت في مجتمعنا انه كل من يضع لحية = سلفي وتتهمون المنهج ان اخطا الشخص بعينه وبذلك تنفرون الناس من اقامة الواجب وهي اعفاء اللحية او لا يوجد من الفرق الضالة من هم ملتحون مثل الصوفية مثلا؟؟؟؟ فلماذا السلفية هي التي دائما على السنتكم؟
لان من كلام
ك اعيد القول معناه تطاول وانتقاص من تبع منهج رسوله صل الله عليه وسلم وهذا لن ارضاه ولن اسكت عنه ولحية رسول الله كانت كثيفة و في الحذيث قالت عائشة رضي الله عنها: " كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية".
ملاحظة اردت ان اضغط على اقتباس فضعطت على شكرا بالخطأ
والسلام عليكم ورحمة الله
سبحان الله وعلى اي اساس حكمتي على الصوفية بانهم فرق ضالة؟؟؟ وعلى اي اساس حكمتي على السلفية بانهم خالدون في الجنة؟؟؟ يبدوا انك تخلطين بين السلف الصالح والتيار السلفي السعودي الدي يجتاح الوطن العربي...فالسلفية ابدا لاتعني منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم اعلمي ان الرسالة المحمدية جاءت لجميع البشر وليس للسعوديين فقط ..وكل مسلم في بقاع الارض يهدف باسلامه الى دخول الجنة والابتعاد عن النار.ولااحد يملك صك الغفران


وهده فتوى تبيح حلق اللحى لعلك تكفين عن اتهام الاخت بالتطاول على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم...

إراحة المرتاب ببيان جواز الأخذ من اللحية بدون عتاب


السائل/ عمر بن عبد الهادي الكرخي:
السلام عليكم ورحمة الله، كيف حالكم فضيلة الشيخ؟ عساكم في خير وعافية.
فضيلة الشيخ: ما رأيكم بقول مَن يقول: بأنّ (الذين يأخذون من اللحية هؤلاء ليسوا بطلبة علم!)؟ مع رجاء التفصيل في ذلك، حفظكم الله، وجزاكم خير الجزاء.

الجواب/
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، و بعد...
و عليك السلام ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، أنا في خير و عافية، بارك الله فيك، وصرف عنك كل مكروه في الدنيا و الآخرة.
أما بخصوص سؤالك: فلا أظن أن قائل هذا القول له علاقة بالعلم بأي نوع من أنواعه،فهذا كلام جاهل بالشريعة الإسلامية، بمسائلها ودلائلها، وهو عموما من كلام عوام الناس، ممن لا يعرف منازل العلماء، ولا مراتب الأصول العلمية، و المذاهب الفقهية.
فهذا كلام بعيد عن محجة العلماء، لا يقوله إلا ضعيف الحجة، بعيد عن العلم و البيان، عاجز عن إقامة الحجة و البرهان، لا يملك من سلطان الحجة ما يظهر به قوة قوله، ورجحانه، فليس هذا الأسلوب من طريقة أهل العلم القويم و الدين الحق.
فالأخذ من اللحية هو مذهب جمهور أئمة السنة ،و فقهاء الأمصار،وهو المأثور عن الصحابة و التابعين.
و من أراد أن يفهم النصوص، و مذاهب الصحابة فعليه بآثار التابعين فإنهم أظهر حجة، و أقوم محجة، فإنها تحل كل إشكالات هذا الباب،وهذه قاعدة سلفية قد يغفل عنها كثير من طلبة العلم.
وقد أغفل المعارض لهم هذه القاعدة العظيمة، و غلط غلطا كبيرا في الأخذ بظاهر اللفظ، و غرق فيه حتى فرّط في العلل المنصوصة، و الأسباب الواضحة، فجمع بين المختلفات، وفرق بين المتماثلات، فمثله يتكلم بمثل هذا الكلام الذي لا يتكلم به الواثقون، أصحاب الحجة الواضحة، و التبرير الشرعي السليم.
فهذا الكلام لا يقوله من عرف أحوال العلماء و أقوالهم،بل لا يقوله عاقل، لأن العقل لا يرجح في موارد النزاع قولا على قول، و قائلا على قائل إلا بموجب، أما مجرد التقليد لأحد القائلين بغير حجة و دليل فلا يسوغ في عقل، ولا دين، فكيف إذا نفى عن أسياده في العلم و الإيمان طلب العلم، لأنهم لا يقولون بقوله؟!
ففي الحقيقة هذا من الكذب الظاهر على أهل العلم الذي لا يقوله إلا جاهل.
و عليه،فإن لم يكن ابن عمر، و أبو هريرة، و جابر بن عبد الله ، و ابن عباس، وعطاء، و مجاهد، و الحسن البصري، و ابن سرين،و القاسم ابن محمد، و قتادة، وإبراهيم النخعي،ومحمد بن كعب القرضي،و مالك، و أبو حنيفة، و محمد بن الحسن، و أبو يوسف ، و الشافعي،و الطبري،و أحمد ـ كما في رواية ابن هانئ،و الخلال ـ،و القاضي عياض،، وابن بطال، وابن التين،و البهيقي، و الحافظ ،وغيرهم من أهل العلم، فعلى هذا القائل رحمة الله وعفوه !
قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ))البخاري(رقم:6919)،و مسلم(رقم:3240).
فمن قال بموجب علمه،و استفرغ جهده في طلب الحق،و أخذ بأسباب النظر الشرعي، ولم يتبع هواه، فإن أصاب فله أجران، و إن أخطأ فما عليه من سبيل، قال الله تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }(التوبة:91).
وطالب العلم يجتهد بقدر علمه ،فإذا ثبت عنده شيء بمقتضى ما أداه علمه و اجتهاده و اختياره إليه في مسألة، فإن الواجب عليه ما أداه إليه اجتهاده، وهذه المسألة "الأخذ من اللحية"قد فصلت في مذاهب المتقدمين، وفرغوا منها، فيجتهد في ترجيح أقوال بعضهم على بعض، لا إحداث قول ما قاله أحد قبله، كقائل هذا الكلام الشنيع الساقط عن طلبة العلم و العلماء.
فمن يتكلم في مسائل العلم فإما يتكلم مرجحا بعلم وحجة،و إما معيدا لكلام من سبقه ،أو دارسا له ،أما هذا الكلام فكلام الأسواق.
ولا ينفي عن أهل العلم وطلبته طلب العلم إلا جاهل بالعلم وطرقه،و الأظهر أن هذا من كلام العوام المتمشيخين الذين يعظمون بعض المسائل، و يبالغون فيها إلى حد يجعلونها من قضايا الهجر و التحذير، و الذم و الانتقاص، وهي ليست كذلك.
ليس لهم دليلا إلا التهويل الفارغ، و التعظيم الزائف، خارجين عن منهج البحث، و مهملين قواعد النظر العلمي، غافلين عن طرق السلف في الفهم عن الله وعن رسوله.
فهؤلاء ينطلقون من مقدمة مسلمة لديهم مسبقا، يدافعون عنها بالغث و السمين لا يطلبون استفادة الحكم.
وقد يأخذون كلام بعض العلماء الذي هو محض اجتهادهم المتأثر ببيئتهم، و ما نشؤا عليه ، و يشكل عرفهم، ويجعلونه معتمدهم.
وقد نظرت في جل النصوص المتعلقة باللحية فوجدت أن كثيرا منها ضعيف أو ضعيف جدا،و أن أصحها و أقواها ما ثبت عن ابن عمر ، و أبي هريرة ـ رضي الله عنهم ـ بعدة ألفاظ، منها:
عن ابن عمرـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال(خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى ، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ))البخاري في كتاب اللباس: باب: تقليم الأظافر(رقم:5553).
وأخرج عنه في كتاب اللباس باب إعفاء اللحى بلفظ(أنْهِكوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى ))
ومسلم(رقم:622)ولفظه: "أَعْفُوا اللِّحَى"بدل من "وفروا"،وفي باب (رقم:625): " وَأَوْفُوا اللِّحَى"
وفي لفظ أبي عوانة : ((خَالِفُوا الْمَجُوسَ أحفوا الشَّوَارِبَ و أعفوا اللِّحَى)).
وفي لفظ عند البخاري (رقم:5892): (( انْهَكُوا الشَّوَارِبَ ، وَأَعْفُوا اللِّحَى))
و الحديث الثاني عنه:
((أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أَمَرَبِإِحْفَاءِ الشَّوَارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ ))
أخرجه مالك في (الموطأ)(رقم:3486)،ومن طريقه مسلم (رقم:624).
وعنه أيضا ـ ابن عمر ـ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في المجوس : ((إِنَّهُمْ يُوفُونَ سِبَالَهُمْ وَيَحْلِقُونَ لِحَاهُمْ فَخَالِفُوهُمْ))ابن حبان في (صحيحه)(12/290)(رقم:5476)بسند حسن.
وثبت من طريق أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا الْمَجُوسَ ))أخرجه مسلم (1/222 رقم: 260).
وفي رواية عن أبي هريرة(أَعْفُوا اللِّحَى وجُزُّوا الشَّوَارِبَ وغَيِّرُوا شَيْبَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ))قال الشيخ الألباني: صحيح، انظر حديث (رقم: 1067)في (صحيح الجامع).
وعند أحمد (2/356 ، رقم 8657)بلفظ: "وَخُذُوا الشَّوَارِبَ"، قال المناوي: إسناده جيد.
وفي سياق عن أبي هريرة : ((إن أهل الشرك يعفون شواربهم و يحفون لحاهم فخالفوهم فأعفوا اللحى و احفوا الشوارب))
رواه البزار (رقم:8123)،قال الهيثمي في (مجمع الزوائد)(5/300): ((بإسنادين في أحدهما عمرو بن أبي سلمة: وثقه ابن معين وغيره، وضعفه شعبة وغيره، وبقية رجاله ثقات.))
وعنه كذلك (كانت المجوس تُعْفي شَوَارِبَها ، وتُحفي لِحاها، فَخالِفُوهم فجزوا شواربَكم، وأعفُوا لحاكُم))
البخاري في (التاريخ)(1/140)بسند حسن، ورواه غير واحد بلفظ أتم من هذا بإسناد جيد.
وجاء عن أبي أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((يا معشر الأنصار حمروا و صفروا و خالفوا أهل الكتاب.
فقلنا: يا رسول الله إن أهلالكتاب يتسرولون ولا يأتزرون؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تسرولوا و ائتزروا و خالفوا أهل الكتاب.
فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون؟
فقال النبي صلى الله عليه و سلم: فتخففوا و انتعلوا وخالفوا أهل الكتاب.
قال: فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم و يوفون سبالهم؟فقال النبي صلى الله عليه و سلم: قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم و خالفوا أهل الكتاب))
أخرجه أحمد (5 / 264 )، و البيهقي في (الشعب ) (2 / 259 / 2 ).
قال الألباني في (الصحيحة)(3/249): هذا إسناد حسن ، و قال الهيثمي (5 / 131 ): رواه أحمد و الطبراني ،و رجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم و هو ثقة، و فيه كلام لا يضر.
فهذه أقوى الأحاديث سندا، و دلالة، و أكثر أحاديث الباب ضعيفة أو موضوعة، أو أقل صحة من هذه التي ذكرت.
لم أذكر أحاديث سنن الفطرة لأن سنن الفطرة مندوبات إلا الختان كما ذكر العلماء، وكما هو واضح من ألفاظ الأحاديث ، فيحتج بها على من يرى حلق اللحية، لا على من يرى الأخذ منها ، لأنه وكما سأثبته في هذه الرسالة فإن الأخذ منها لا ينافي الإعفاء، ولكن ينافي الإعفاء المطلق.
ثانيا: أحسن شيء ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم في الأخذ من اللحية مرسل عطاء بن يسار في (موطأ)مالك، و فيه أمر بإصلاح اللحية و تهذيبها.
وهو مرسل ضعيف لكنه معتضد بالآثار عن الصحابة و التابعين.
المهم عندما نتأمل هذه الأحاديث نستخلص منها شيئين:
1 ـ أنها وردت بصيغة الأمر، و الأمر يدل على الوجوب إلا أذا صرفت قرينة الوجوب إلى الندب، وهذا سننظر فيه فيما بعد.
2 ـ أنها كلها معللة،أي العلة منصوصة فيها لا تحتاج للاستخراج أو استنباط ،و معلوم أن الحكم يدور مع علته عدما ووجودا، و علة هذه الأحاديث مخالفة أهل الكتاب و المجوس، وليس فيها ذكر المشركين لأنهم كانوا يوفرون لحاهم، وهذا سأفصله لاحقا.
أدلة جواز الأخذ من اللحية:
1 ـ ما ثبت عن الصحابة:
أهم وسيلة لفهم مقاصد النبي صلى الله عليه و سلم النظر في أقوال أصحابه و أفعالهم، فإن لم نجد لها مخالفا صريحا، و ليس احتماليا (أي عدم فعل) لأنه لا يجوز للصحابة السكوت عن الخطأ المنسوب إلى النبي صلى الله عليه و سلم علمنا أن ذلك هو السنة، وهو مراد رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وكون بعض الصحابة خالفهم بفعله بحيث لم يفعل مثلهم يدل على جواز الفعلين، لا يدل على المخالفة، لأنه لو كان فعل الأوائل مخالفا للسنة لنبه عليه من خالفهم ،ولا نقل عنه إنكاره، و إذا لم يفعلوا فلجواز فعله عندهم ،فمن يعتقد أن من لم يأخذ من لحيته من الصحابة فقد خالف من يأخذ منها فهذه مخالفة ظنية(احتمالية) استدلالية، وهي في مثل هذا ضعيفة،لان سكوتهم عن الإنكار دليل على الإباحة،و الصحة،فالسكوت عن البيان في موضع البيان بيان، ولا يتهم السلف بالتقصير ، فتنبه لهذا فإنه مهم.
نعم قد يكون السكوت مهابة كما سكت ابن عباس أمام عمر مهابة له، وقد يكون للتأمل و النظر، وكل هذا ليس موضعه هذه المسألة لأن سكوت المهابة سببه اختلاف السن،أو المنزلة و المكانة،و لا يقال أن عليا أو عثمان أو غيرهم من الصحابة كانوا يهابون ابن عمر و أبا هريرة.
أما سكوت التأمل فيكون في الواقعة الواحدة، وليس في الفعل المتكرر المنتشر،وهو صحيح بشرط صيانة الحق عن الضياع.
وعلى هذا الأساس فقد ثبت عن الصحابة أنهم كانوا يأخذون من لحاهم.
فعن جابر بن عبد الله قال: ((كُنَّا نُعْفِي السِّبَالَ إِلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ))
أخرجه أبو داود(4/136)(رقم:4203)بإسناد حسن.
ويشهد لصحته الأحاديث الصحيحة عن ابن عمر و أبي هريرة.
قال المباركفوري في (تحفة الأحوذي)(8/38): سنده حسن، وكذلك قال قبله الحافظ في(فتح الباري)(10/350).
قال الشيخ عبد المحسن العباد في (شرح أبي داود): الحديث منكر لأن السبال هي الشوارب: وقد صح الأمر بإحفاء وجز الشارب .
قلت:وهذا التعليل ضعيف،لان لفظ"السبال"يقصد به الشوارب كما يقصد به ما طال من اللحى، وفي هذا الحديث المقصود به اللحى.
قال في القاموس المحيط (1/1308): ((السَّبَلَةُ محرَّكةً : الَدائِرةُ في وَسَطِ الشَّفَةِ العُلْيا أو ما على الشارِبِ منَ الشَّعَرِ أو طَرَفُهُ أَو مُجْتَمَعُ الشارِبَيْنِ أَو ما على الذَّقَنِ إلى طَرَفِ اللِحْيَةِ كُلِّها أو مُقَدَّمُها خاصَّةً.))
قلت: أي هي ما تأخذه القبضة.
وقيل: هو مُقَدَّم اللِّحية خاصَّةً، وقيلَ: هي اللِّحية كلها بِأسْرِها.
قال ابن سيده في (المخصص)(1/79): ((والسَّبَلة مُقدَّم اللِّحيةِ ، أبو زيد: هي ما على الشاربِ من الشَّعَر، وأنكرها أبو حاتم، وقيل :هي ما على الذَّقَنِ إلى طَرف اللِّحية، والجمع سِبَال.))
و أنشد المبرّد في (الكامل):
وكُــــــلُّ امْــــــرِئٍ ذِي لِحْيَةٍ عَثْوَلِيَّةٍ *** يَقُومُ عَلَيْها ظَنَّ أَنَّ لــــــه فَضْلاَ
وما الفَضْلُ في طُولِ السِّبالِ وعَرْضِها *** إِذا اللهُ لم يَجْعَلْ لِصاحِبِها عَقْلاَ
قال الحافظ في (فتح الباري)(10/350): ((فإن السبال بكسر المهملة، و تخفيف الموحدة: جمع سبلة بفتحتين، وهي ما طال من شعر اللحية)).
وجاء عن ابن عمر بطرق صحيحة مثله،منها: ((أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَلَقَ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ ثُمَّ أَمَرَ فَسَوَّى أَطْرَافَ لِحْيَتِهِ)).
البيهقي في(شعب الإيمان)(رقم:6435)،وقال(قال الحليمي ـ رحمه الله ـ : فقد يحتمل أن يكون لعفو اللحى حد ، وهو ما جاء عن الصحابة في ذلك فروي عن ابن عمر أنه كان يقبض على لحيته فما فضل عن كفه أمر بأخذه، وكان الذي يحلق رأسه يفعل ذلك بأمره، ويأخذ عارضيه، ويسوي أطراف لحيته، وكان أبو هريرة يأخذ بلحيته، ثم يأخذ ما يجاوز القبضة.))
ومنها عن أبي زرعة: ((كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقْبِضُ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنِ الْقُبْضَةِ.))
أخرجه ابن أبي شيبة(5/225)(رقم:25481) بسند صحيح.
قال الألباني في (الضعيفة): ((إسناده صحيح على شرط مسلم.))
كما صح عن ابن عباس أنه شرح "التفث"في قوله تعالى:{لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}[الحج:29]فقال: ((التفث: الرمي، و الذبح، و الحلق، و التقصير، و الأخذ من الشارب، و الأظفار، و اللحية)).
أخرجه ابن أبي شيبة (4/88)،و ابن جرير قبله (17/149)بسند جيد.
وكذلك صح هذا التفسير عن مجاهد، وعن محمد بن كعب القرظي أخرجهما ابن جرير(17/149)،و(17/149)بسند حسن.
وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح (رقم:25993)عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: ((كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُعْفُوا اللِّحْيَةَ إلاَّ فِي حَجٍّ ، أَوْ عُمْرَةٍ )).
فإذا ثبت من خلال هذه الآثار الصحيحة عن الصحابة كابن عمر، و أبي هريرة، و جابر، و ابن عباس أنهم كانوا يأخذون من لحاهم ،خاصة عن ابن عمر، و أبي هريرة، وهم من روى أحاديث الإعفاء لزم أن المقصود بالإعفاء ليس على إطلاقه كما فهمه بعض الناس.
وهناك فائدة أخرى من هذه النقول الصحيحة، وهي أنه و إن ذكر أكثرهم التقييد بالحج و العمرة إلا أن أبا هريرة لم يقيد بوقت.
و الأهم من ذلك أن فهم الإعفاء بأنه ليس الإرخاء و التطويل بدون قيد هو فهم ثابت عن هؤلاء الصحابة، ولم يكن أمثال هؤلاء أن يزيدوا في الحج و العمرة، و هي عبادات ما ليس منها، أو بمحض اجتهادهم، وهم من روى أحاديث الإعفاء.
كذلك نستفيد من حديث ابن عمر: ((أمر أن يسوى أطرافها))أن القبضة ليست حدا شرعيا عندهما، و إنما وحدة قياس لضبط شكل اللحية و انسجامها لأن القبضة للطول فقط،أما تسوية الأطراف فبالنظر و المشط، وهذا واضح و سنجده عند جل التابعين.
أنكر ابن التين ظاهر ما نقل عن ابن عمر فقال : ((ليس المراد أنه كان يقتصر على قدر القبضة من لحيته ، بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذ منها ، فيمسك من أسفل ذقنه بأصابعه الأربعة ملتصقة فيأخذ ما سفل عن ذلك ليتساوى طول لحيته)).(فتح الباري)(10/350).
2 ـ ما ثبت عن التابعين:
عن أبي هلال الراسبي قال: سألت الحسن و ابن سرين يعني عن اللحية فقالا: ((لاَ بَأْسَ بِهِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ طُولِ لِحْيَتِك.)).
أخرجه ابن أبي شيبة (8/564)بسند حسن.
قال ابن قتيبة في (عيون الأخبار)(1/213) : حدثني زيد بن أخزم قال: حدثنا أبو قُتَيبة قال: حدثنا أبو المِنهال البَكْرَاويّ قال: ((كان الحسن إذا أخِذَ من لِحْيته شيء، قال: لا يكن بك السوءُ)).
وعن عائذ بن حبيب عن أشعث أن الحسن قال(كَانُوا يُرَخِّصُونَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقُبْضَةِ مِنَ اللِّحْيَةِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا.)).
أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف)(رقم:25995)
وهذا سند صحيح فإن عائذ و إن قال فيه الجوزجاني في (أحوال الرجال)(1/64): غال زائغ ، فهو على مذهبه في الرواة الشيعة،فقد ذكره ابن حبان في الثقات ،وقال يحي بن معين : ثقة، ومرة أخرى قال فيه: صويلح،قال ابن سعد في (الطبقات): ثقة إن شاء الله ،وقال أبو زرعة: صدوق في الحديث.
أما أشعث فهو أشعث بن عبد الملك الحمراني صاحب الحسن، قال الذهبي في (الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم)(1/68)(ثقة هو أجل الأشاعثة الذين هم هو، وأشعث بن سوار الكندي، وأشعث الحداني ما خرجا له شيئا)).
وعن أفلح بن حميد قال: ((كَانَ الْقَاسِمُ إذَا حَلَقَ رَأْسَهُ أَخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ.))أخرجه ابن أبي شيبة(8/563)بسند صحيح.
كما أخرج ابن أبي شيبة (8/563)من طريق ابن جريج عن طاوس أنه كان يأخذ من لحيته ولا يوجبه، وهذا سند فيه ضعف.
وعن إبراهيم النخعي : ((كانوا يأخذون من جوانبها و ينظفونها يعني اللحية))..
أخرجه ابن أبي شيبة (8/564)، والبيهقي في (شعب الإيمان )(5/220/6438)بإسناد صحيح عن إبراهيم.
وهو : ابن يزيد النخعي ، تابعي جليل، من فقهاء التابعين.
والظاهر أنه يقصد من أدركهم من الصحابة، وكبار التابعين ،كالأسود بن يزيد - وهو خاله - وشريح القاضي ، ومسروق، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وغيرهم، وهذا موافق لقول عطاء بن أبي رباح في ذكر ما كان عليه الصحابة و التابعين.
وفي رواية (( كَانَ إبْرَاهِيمُ يَأْخُذُ مِنْ عَارِضِ لِحْيَتِهِ)).
أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح(25993)، و البيهقي في (الشعب)(6/438).
نقل ابن عبد البر في (الاستذكار)(27/66)عن قتادة ((أنه كان يأخذ من لحيته و عارضيه)).
وقال في (التمهيد)(24/146): ((كان قتادة يكره أن يأخذ من لحيته إلا في حج أو عمرة، وكان يأخذ من عارضيه.
وكان الحسن يأخذ من طول لحيته، وكان ابن سيرين لا يرى بذلك بأسا.
وروى الثوري عن منصور عن عطاء أنه كان يعفي لحيته إلا في حج أو عمرة، قال منصور: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: كانوا يأخذون من جوانب اللحية ))
ونفهم من هذه الآثار الصحيحة عن التابعين إباحة الأخذ من اللحية من غير حد كالقبضة، خلاف ما فهمه بعضهم من أنها حد لا يجوز تجاوزه.
وكذلك من غير توقيت بحج أو عمرة، ولم يخالف الحسن، و ابن سيرين، و القاسم، و إبراهيم النخعي أحد من أهل عصرهم في شيء من هذا.
قال ابن عبد البر في (التمهيد)(24/146): ((هذا ابن عمر روى أعفوا اللحى وفهم المعنى فكان يفعل ما وصفنا، وقال به جماعة من العلماء في الحج وغير الحج)) .
3 ـ ما ثبت عن العلماء:
1 ـ جاء في(المنتقى شرح الموطأ){حديث رقم 1488}: ((وقد روى ابن القاسم عن مالك لا بأس أن يؤخذ ما تطاير من اللحية وشذ ، قيل لمالك فإذا طالت جدا قال : أرى أن يؤخذ منها وتقص ، وَرُوِيَ عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة)).
2 ـ قال القرطبي في(المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)(1/512): ((لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قص الكثير منها )).
3 ـ قال القاضي عياض في (الإكمال في شرح مسلم)(1/120): ((وكره قصها و حلقها و تحريقها، و أما الأخذ من طولها و عرضها فحسن))
4 ـ قال أبو يوسف في (كتاب الأثر)(ص:235)عن إبراهيم النخعي ((لا بأس أن يأخذ الرجل من لحيته مالم يتشبه بأهل الشرك))
وهذا مذهب أبي حنيفة، و محمد بن الحسن، و أبي يوسف.
وهو مذهب جمهور الأحناف،قالوا: إن أخذ ما زاد عن القبضة سنة،جاء في (الفتاوى الهندية)(5/358): ((القص سنة فيها،وهو أن يقبض الرجل على لحيته،فإن زاد منها عن قبضته شيء قطعه،كذا ذكره محمد ـ رحمه الله ـ عن أبي حنيفة، وبه نأخذ.))
5 ـ قال الشافعي في (الأم)(1/21): ((فمن توضأ ثم أخذ من أظفاره ،ورأسه و لحيته، و شاربه، لم يك عليه إعادة وضوء، وهذا زيادة نظافة و طهارة))
قال الحافظ في (فتح الباري)(10/350): ((الشافعي نص على استحبابه الأخذ منها في النسك..))
جاء في (تاريخ دمشق )(51/280) عن إبراهيم المزني قوله : (( ما رأيت وجها أحسن من وجه الشافعي، ولا رأيت لحية أحسن من لحيته، وكان ربما قبض عليها فلا تفضل عن قبضته، ولقد سمعته يوما ينشد :
قوم يرون النبل تطويل اللحا *** لا علم دين عندهم ولا تقى
ربوا صغارا ثم خلوهم سـدا *** بغرة الجهل وآداب النـــسا
فلو ترى شيخـهم إذا احتبى *** ثم ابتدى في رخص سعر وغلا ))
6 ـ نقل ابن هاني في مسائله للأمام أحمد (2/15)الأخذ بما زاد عن القبضة. و روى الخلال في (كتاب الترجل ): قال : أخبرني حوب ،قال : سئل أحمد عن الأخذ من اللحية ؟قال : كان ابن عمر يأخذ منها ما زاد على القبضة، وكأنه ذهب إليه، قلت له: ما(الإعفاء) ؟قال: يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: كان هذا عنده الإعفاء.
أخبرني محمد بن أبي هارون: أن إسحاق حدثهم قال: سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه ؟قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة.
قلت:فحديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى" ؟قال : يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه، ورأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه.
و أما ما نقله الخلال عن عبيد الله بن حنبل أنه قال : حدثني أبي قال :قال أبو عبد الله : ويأخذ من عارضيه ، ولا يأخذ من الطول ، وكان ابن عمر يأخذ من عارضيه إذا حلق رأسه في حج أو عمرة ، لا بأس بذلك .
فهذه الرواية ظاهرة الضعف،لأن الخلال صرح في الأولى أن إسحاق رأى الإمام أحمد يفعله،وهذه شهادة عين تؤيد خبر،لا مجرد خبر، وإسحاق هذا هو إسحاق بن حنبل ابن أخ الإمام أحمد، و جد عبيد الله بن حنبل،وعنه يروي عبيد الله.
وقد يكون هذا ما استقر عليه مذهبه آخرا لأن قوله عن ابن عمر: كان يأخذ من عارضيه، مخالف لأحاديث ابن عمر الثابتة في أنه كان يأخذ مما زاد عن القبضة.
وعبيد الله بن حنبل إذا تفرد ضعف فكيف إذا خالف؟!
قال الخطيب في (التاريخ )(10/347): ((حدث عن أبيه ، سوى عنه أبو بكر الخلال )).
ثم روى الخلال ، عن أبي زرعة بن جرير قال : ((كان أبو هريرة يقبض على لحيته ، ثم يأخذ ما فضل عن القبضة))كأن رواية عبيد الله بن حنبل لا لم تترجح عنده.
قال الشيخ صالح آل الشيخ : ((الإمام أحمد وأصحابه ذهبوا إلى أنَّ إعفاء اللحية بتركها على حالها سنّة،وأنّ الأخذ منها إذا لم يكن إلى حد الحلق فإنه مكروه ،وهذا هو الذي مدوّنٌ في مذاهبهم،والإمام أحمد كان يأخذ من لحيته كما ذكره إسحاق ابن هانئ في (مسائله).))
قلت:الكراهة تحتاج إلى نهي لأنها من الأحكام الشرعية،وتكون في أفعال رتب عليها عقوبة فتدل على التحريم، و إلا فالتنزيه.
فلفظ الكراهة يطلق على عدد من المعاني منها التحريم، وقد ورد ذلك في القرآن الكريم ، فإن الله ذكر شيئا من المحرمات في سورة الإسراء ، ثم قال : {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}[الآية: 38].
وإن كان المشهور عند الأصوليين إطلاق لفظ الكراهة على النهي غير الجازم.
و النهي يستدعي الترك فإن كان بجزم و تعلق العقاب بالفعل كان تحريما، و إن فهم منه الحث على الترك من غير تعلق العقاب بفعله دل على الكراهة.كما بيّنه القرافي في (الفروق).
و أحاديث الإعفاء عن اللحية فيها نهي بعد أمر، أي أمر بالإعفاء، ونهي عن مشابهة غير المسلمين ،ولكن هو نهي عن التشبه بهم في حلقهم لحاهم و توفيرهم شواربهم،فلم تكن لهم لحى،وليس هذا موضع الخلاف بل الأخذ من اللحية.
فإذا كان حلق اللحية حرام فالأخذ منها لا يكون حراما لأن علة النهي مخالفتهم ولم تكن لهم لحى حتى نخالفهم بتوفير اللحي، ولكن باتخاذ اللحى.
وهذا النهي ـ عن مشابهتهم ـ قد يكون لمجرد الكراهة كما سأبيّنه في آخر البحث، و المكروه يمدح فاعله، ولا يذم تاركه.
و الأمر يدل على النهي بدلالة الاقتضاء، و هي دلالة ظنية يتطرق إليها الاحتمال.
7 ـ قال ابن حجر في (الفتح)(10/350)(واختارـ أي الطبري ـ قول عطاء، وقال : إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به.))
ثم قال ابن حجر: (( قال الطبري: ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا [أخذ] شيئا من اللحية من طولها و من عرضها، وقال قوم: إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد ثم ساق بسنده إلى ابن عمر أنه فعل ذلك، و عن عمر أنه فعل ذلك برجل، ومن طريق أبي هريرة أنه فعله، و أخرج أبو داود من حديث جابر بسند حسن قال: ((كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة ))، وقوله: نعفي بضم أوله و تشديد الفاء أي نتركه وافرا، وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر، فإن السبال بكسر المهملة، و تخفيف الموحدة: جمع سبلة بفتحتين، وهي ما طال من شعر اللحية، فاخبر جابر إلى أنهم يقصرون منها في النسك، ثم ذكر الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية، هل له حد أم لا؟))
8 ـ قال ابن بطال في(شرح صحيح البخاري)(9/147): ((وقال آخرون: يأخذ من طولها وعرضها مالم يفحش أخذه، ولم يحدوا في ذلك حدا غير أن معنى ذلك عندي - والله أعلم - مالم يخرج من عرف الناس.))
ـ فقه النصوص النبوية الصحيحة:
أ ـ هل الأمر للوجوب؟:
هل هذه الأحاديث من جهة الوجوب أم الندب؟
فإذا لم يرد في التعليل إلا المخالفة المجردة عن الحلال و الحرام، خاصة و أن النصوص جميعها خالية من الوعيد على عدم الإعفاء، وقد ورد من الوعيد في أكل البصل و الثوم ـ ترك الصلاة في المسجد ـ ولم يرد في أمر الإعفاء.
فإن الأمر لا يزيد عن الندب،وما كان كذلك كان غاية مخالفته مكروها في أقصى حد.
و صيغة الأمر في الأحاديث تدل على الندب للقرائن المذكورة ، و لأخرى ،منها:
1 ـ قوله صلى الله عليه و سلم : ((أَعْفُوا اللِّحَى وجُزُّوا الشَّوَارِبَ وغَيِّرُوا شَيْبَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى))، و تغيير الشيب مندوب و ليس بواجب ،و إن جاء في صيغة أمر كما في الحديث الآخر : (( إ ِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ)).
أخرجه أحمد (رقم:7274)،البخاري(رقم:3275)،ومسلم(رقم:2103).
ومعلوم أن الشيب من الأمور التي لا كسب للإنسان فيها، فهو يقع من غير اختياره، فمجرد وجوده لا يعني التشبه بهم،و الأمر هنا ليس على سبيل الإلزام و الإيجاب، فقد جاء النقل عن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أنهم كانوا يصبغون ويتركون، كما هو شأن عمر بن الخطاب، و علي بن أبي طالب.
وفعله أبو بكر، و عثمان، و أبو هريرة، و ابن عمر، و ابن عباس.
و تركه طلحة، و أبو ذر، و السائب بن يزيد.
سأذكر أدلة أخرى في مسألة التشبه بغير المسلمين، وأنه ليس على الوجوب دائما.
2 ـ حديث أبي أمامة الباهلي تضمن أوامر أربعة ،خرجت كلها مخرجا واحدا و لعلة واحدة،وإذا كانت ثلاثة منها مندوبة لزم أن الرابع مندوب، لأنه ذكر له نفس العلة ،وخرج نفس المخرج،قال صلى الله عليه و سلم : ((يا معشر الأنصار حمروا و صفروا و خالفوا أهل الكتاب،فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون؟فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تسرولوا و ائتزروا و خالفوا أهل الكتاب، فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون؟فقال النبي صلى الله عليه و سلم: فتخففوا و انتعلوا وخالفوا أهل الكتاب، قال: فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم و يوفون سبالهم؟فقال النبي صلى الله عليه و سلم: قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم و خالفوا أهل الكتاب))
أ ـ قوله ((حمروا و صفروا))يعني صبغ الشيب، و قد بيّنت بأنه مندوب.
ب ـ قوله ((تسرولوا و ائتزروا))كذلك هو على الندب، فلا يوجد من قال إن لبس الإزار ولو مرة واحدة واجب،و أكثر المسلمين يلبس السراويل بدون أزر، ومنهم من يلبس الإزار بدون سراويل، كاهل اليمن.
ج ـ قوله : ((فتخففوا و انتعلوا))هو للندب،فمن شاء لبس الخف، و من شاء لبس النعال، ولا يعلم القول بوجوب الجمع بينهما بالتناوب، وقد دلّ حديث آخر على أنه مندوب ،وهو قوله صلى الله عليه و سلم : ((خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم)).
أبو داود(رقم:652).
فأثبت أن اليهود يلبسون النعال و الخفاف.
ح ـ فلزم أن قوله ((قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم))له نفس حكم سابقيه أي الندب، و ليس الوجوب، و هذا واضح، ولا يوجد دليل التفريق.
ب ـ علة الاعفاء:
تبيّن لنا من خلال الأحاديث الصحيحة عن ابن عمر، و أبي هريرة، و أبي أمامة أنها معلقة بعلة مخالفة غير المسلمين،ولا يمكن أن نعترض على هذا الأصل بحجة أن بعض الأحاديث الأخرى لم تذكر هذه العلة " مخالفة أهل الكتاب و المجوس" لأنها أحاديث رويت مختصرة،و الاختصار في الروايات تدفع إليه مقتضيات تختلف بحسب المناسبة ، ولا يجوز الاستدلال بالمختصر منها، مع إهمال دلالة المفصل المطول لأنه أتم عبارة،و أدل على المراد.
وزيادة الثقات مقبولة، وقد تضمنت بيانا زائدا على غيرها، و الزيادة الصحيحة في الرواية ترفع تطرق الاحتمال برفعها الإجمال،كما تضبط المعنى المختلف الذي قد يظهر من المختصرات.
و إذا اعتبرنا الروايات الطويلة مقيدة للمختصرة بعلة مخالفة غير المسلمين، فمعلوم أن التقييد زيادة حكم، بينما التخصيص إنقاص حكم، ولذلك يوجد من التعارض بين الخاص و العام ما لا يوجد بين المقيد و المطلق.
ولو كان المطلق بعد المقيد ،وهو المستبعد جدا هنا ـ لأنه أقل تفصيلا،ويخالف مناسبة النص ـ فيلزم منه النسخ أو التعارض.
و التقييد ليس تخصيصا إلا ظاهرا،بينما في الحقيقة هو ابتداء حكم يرفع ما سكت عنه ، هذا إذا جاء بعد المطلق، وهنا لا تعارض بين المقيد و المطلق.
وعليه، فهذا حكم شرعي معلل بعلة منصوصة مكررة ،فالأصل مراعاة مقصد الشرع، فإن الحكم الشرعي يدور مع علته عدما ووجودا.
و عليه، فمن تأمل العلل و القرائن المختلفة التي ذكرتها قال بالندب و الاستحباب مع وجود العلة،ومن أهمل التعليل جعل إعفاء اللحية عبادة محضة مهملا علة النص، وهذا منهج مختل و خطا بيّن.
وهذا يقودنا إلى التساؤل التالي: إذا صار الإعفاء شعارا لغير المسلمين،أو طائفة منهم كما هو عند أقباط مصر اليوم أكثرهم يعفي لحيته، فهل يبقى الأمر بالإعفاء لمخالفتهم قائما، وقد زالت علته؟
وبمعنى آخر: إذا فرضنا أن إعفاءها واجب،و إعفاء اللحية اليوم لا يميّز المسلم عن غيره، فلزم أن الحكم بوجوب إعفائها زال.
فالمخالفة إما علة مفردة، أو علة أخرى، أو بعض علة،وكل القرائن و الدلائل تدل على أنها علة مفردة.
فالذي فهمه التابعون كالحسن البصري، و عطاء، و غيرهما، و الأئمة كالطبري، و الحافظ ابن حجر، و غيرهما، أن الإعفاء معلق بعلة المخالفة فإن زالت هذه العلة لم يصر مطلوبا، قال ابن حجر في ( فتح الباري)(10/350): (( فأسند ـ يعني الطبري ـ عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف، وعن الحسن البصري أنه يؤخذ من طولها و عرضها مالم يفحش، وعن عطاء نحوه ، قال: وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها و تخفيفها ))
فهؤلاء السلف كان يرون جواز الأخذ منها دون القبضة، مستندين في ذلك على أن نهي الأخذ منها إنما كان بغرض مخالفة الكفار، و أنه متى زال هذا السبب أو العلة زال هذا النهي، و لذلك كانوا يرون جواز الأخذ منها فيما دون القبضة منهم:عطاء، و الحسن البصري،و ابن سرين، و إبراهيم النخعي، و ابن القاسم، و أبي حنيفة كما نقلته عنه مسبقا، و الطبري، و بعض المتأخرين عن هؤلاء.
وعندما سأفصل مسألة التشبه سنذكر نصوصا صحيحة عن النبي صلى الله عليه و سلم يوضح هذا الأمر.
ج ـ فهم حقيقة التشبه بالكفار:
1 ـ من المعلوم أنه ليس كل تشبه بغير المسلمين فهو حرام ،فقد يكون الأمر بمخالفتهم للاستحباب ،قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في (الاقتضاء) (1/12): ((بدأنا بذكر بعض ما دل من الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة سواء كان ذلك عاما في جميع الأنواع المخالفة أو خاصا ببعضها، وسواء كان أمر إيجاب أو أمر استحباب ....)).
2 ـ التشبه بهم يكون في الأمور التي ليست من ديننا، ولا من هدي سلفنا،و إلا فلا اعتبار بهم ، قال ابن تيمية (إنما هو في أنا منهيون عن التشبه بهم فيما لم يكن سلف الأمة عليه، فأما ما كان سلف الأمة عليه فلا ريب فيه سواء فعلوه أو تركوه)).
و الأخذ من اللحية من هدي سلفنا الصالح، فقد فعله الصحابة، و كبار التابعين،و نص عليه أكثر أئمة الفقهاء.
أمثله عن صرف الأمر بمخالفتهم إلى الندب:
1 ـ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ)) .
البخاريفي (صحيحه)(3/1435رقم:3728).
وظاهر الحديث أنه كان في العرب مشركون يفرقون شعورهم خالفهم النبي صلى الله عليه و سلم، ووافق أهل الكتاب لأنهم أقرب للحق، ولما تاب العرب و دخلوا في الإسلام ، ولم يبق من الكفر إلا أهل الكتاب تمحضت المخالفة لهم فخالفهم ففرق شعره . انظر (فتح الباري)(10/262).وهذا يدل على الندب قطعا.
2 ـ عن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ)).
مسلم في (صحيحه)(3/130 رقم:2604).
ومعلوم أنه لو ترك المسلم أكلة السحر لصح صيامه، و لم يأثم ، فكيف إذا قدمه من غير قصد التشبه بهم ، فهذه الصورة تدل على الاستحباب فقط.
3 ـ عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ((خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا خِفَافِهِمْ )).
أبو داود في (السنن)(1/176رقم:652)
وهذا الأمر يدل على الاستحباب و ليس الوجوب لوجود قرينة في قوله صلى الله عليه و سلم في الحديث الآخر : ((إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَلَا يُؤْذِ بِهِمَا أَحَدًا لِيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا)).
أبو داود في (السنن)(1/176رقم:655)بإسناد صحيح.
5 ـ الختان في السابع ذهب بعض الفقهاء ومنهم مالك إلى أنه مكروه لأنه عمل اليهود،فيكره التشبه بهم.
6ـ تعجيل المغرب ،فقد نص على استحبابه كثير من الأئمة كراهة للتشبه باليهود.
7 ـ كراهة السجود في الطاق لأنه يشبه صنيع أهل الكتاب.
8 ـ كراهة ترك العمل يوم الجمعة كفعل أهل الكتاب يوم السبت و الأحد .
9 ـ لبس المنطقة فقد كرهها بعض الأئمة لأنها من زي الأعاجم، ولكن ثبت عن بعض الصحابة أنهم لبسوها،وعلق القول فيها لأن في المنطقة منفعة عارضت ما فيها من التشبه.
فهذه الأمثلة تدل على أنه ليس كل أمر بمخالفة أهل الكتاب فهو للوجوب، و قد ذكرت من القرائن الكثيرة اللفظية و المعنوية ما يفيد أن الأمر بمخالفتهم في الإعفاء عن اللحى بمعنى توفيرها، و توفيرها بدون اخذ منها هو للندب، و ليس للوجوب.
الخلاصة:
1 ـ لقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالتجمل و إكرام الشعر،وهذا صح عن صحابته كابن عمر، و أبي هريرة، و جابر، و ابن عباس، بالأخذ منها سواء بقياس القبضة، أو بما هو دون ذلك، كما ثبت عن ابن عباس، و جابر بن عبد الله ،و عطاء بن أبي رباح ما نقله عن الناس، وهذا ليس فيه حد.
2 ـ و ابن عمر و إن حد بالقبضة فقد صح عنه في الحديث نفسه و السياق ذاته أنه كان يأمر بتسوية أطرافها، و القبضة اختيار و ليست حدا شرعيا، أي: وسيلة ضبط الطول، لا حده.
3 ـ والأقرب من حيث الجمع بين النصوص، و آثار الصحابة و التابعين، ومن حيث النظر أن الأخذ منها ليس له حد إلا أن يخرج عن المعهود عند الناس تسميته لحية ، يؤيد هذا الرأي لأن اليهود و النصارى و المجوس كانوا يحلقون لحاهم، ويعفون عن الشوارب، فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بمخالفتهم،و الأمر هنا موجه إلى مخالفتهم في الحلق، و ليس في الإعفاء بدون حد.
و المقصود بالإعفاء عدم حلق اللحية، فلو كان لغير المسلمين لحى ولكنهم يأخذون منها، و أمر النبي صلى الله عليه و سلم بمخالفتهم بإعفائها لكان الإعفاء مطلقا، ولا حد له، فتنبه لهذا فإنه في غاية الأهمية.
وهذا قد فهمه الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ ولكنه أخطأ عندما اعتبر أن الزيادة عن القبضة بدعة لأنه صح عن بعض الصحابة أنهم لم يأخذوا من لحاهم، بل لم يصح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أخذ من لحيته،وهذا لا يعني أن فهم الشيخ الألباني خطأ، و لكنه لم ينتبه إلى أن القبضة ليست حدا شرعيا و لكنها اختيار، و أن الإعفاء مندوب، و ليس بواجب، و كذلك الأخذ منها.
4 ـ أصح ما روي في الأمر بالإعفاء عن اللحية حديث ابن عمر، و أبي هريرة ، و قد صح عنهما أنهما كانا يأخذان من اللحية.
قال ابن عبد البر في (الاستذكار)(27/66): ((قد صح عن ابن عمر في الأخذ من اللحية، وهو الذي روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه أمر باحتفاء الشوارب، و إعفاء اللحى، وهو أعلم بما روى)).
خاصة، و المعهود عن ابن عمر شدة متابعته للنبي صلى الله عليه و سلم حتى عرف بالتكلف في ذلك في مسائل مشهورة، فما بالك بما روى عنه ؟
5 ـ صح الأخذ من اللحية عن جميع كبير من التابعين، منهم: الحسن البصري و محمد بن سرين،و إبراهيم النخعي، و القاسم بن محمد، و قتادة ، و عطاء ولم يعلم لهم مخالف .
6 ـ ذهب أكثر أئمة السنة، و فقهاء الملة ـ قد ذكرتهم قبل هذا ـ إلى استحباب الأخذ من اللحية ما زاد عن القبضة، ومنهم من قال بما دون ذلك.
هذا،و إن إخراج مثل هذه المسائل عن حيزها عند أهل العلم،والاهتمام بها فوق قدرها ومنزلتها وأهميتها في الشرع مما يحدث بلبلة في الفهم،وتعثر في التعامل بين المسلمين،لأن مثل هذه المسائل التي ليس القول فيها محدثا كما بيّنت في هذه الرسالة، لا تحتاج إلى كل هذا الضجيج الذي لا يدل إلا على ضيق الأفق العلمي،و الاستنصار على المخالف بأي شيء، ولو كان لازمه تجهيل أئمة السلف، و علماء الإسلام.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين.
أرزيو/ الجزائر،24 جمادى الثانية 1432هـ
مختار الأخضر طيباوي









رد مع اقتباس