منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-01-10, 15:26   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل وضع عيسى عليه السلام على الصليب؟


السؤال

هناك مسألة ستفجر رأسي من التفكير ، وهي كلمة شبه لهم ، أولا قبل أي شئ أنا اعتقادي هو ما جاء في القرآن وليس شيئا آخر : (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)

عندما جئت لكتب التفسير وجدت أن شبه لهم فسروها علي قول الرواة أنه هناك شبيه ، وعندما كنت أبحث في المسألة وجدت كتاب أحمد ديدات "صلب المسيح حقيقة أم افتراء"

ووجدت مناظراته ، وهنا بدأ الإشكال حيث في كتابه يثبت أن عيسي عليه السلام وضع بنفسه

وكل ما قاله سليم ومنطقي لكن يتعارض مع التفاسير ، فقلت : لعله يستخدم ذلك ضد النصارى ، لكن المشكلة أن الأقوال التي في الكتاب المقدس ليست مختلقة ، وخاصة في قصة صعود المسيح لتلاميذه الغرفة

وأثبت لهم أنه ليس روحا ، فكيف سيكذب التلاميذ في شئ رأوه بأنفسهم ؟

ومما زاد الإشكال في نفسي تعليق شيخ الأزهر السابق الشيخ شلتوت رحمه الله على آية ( وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) ، أريد أن أعرف الحقيقة لأن الروايتين تتوافقان مع القرآن

والقرآن لم يبين المراد بقوله (شبه لهم)، والمشكلة أن رواة الأحاديث أقوالهم متضاربة ، وليس منهم أحد من الحواريين تلاميذ المسيح عيسى عليه السلام ، والكلام المذكور في الإنجيل هو للحواريين أنفسهم

وأنا أميل أكثر للحديث ، لكن عقلي لا يقبل إلا الموجود في كتاب ديدات ، والذي يؤكد فيه صحته وأنه ليس يستخدمه ضدهم فقط ، بالإضافة لتعليق شيخ الأزهر السابق ، أرشدوني إلى الصواب .


الجواب

الحمد لله

أولا:

قال الله تعالى:( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء /157 - 158.

فالقرآن نص بوضوح على أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب، والذي حصل أنه شبه لهم، وإنما وقع الخلاف في صفة التشبيه.

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:

" فقال: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ )، يعني: وما قتلوا عيسى، وما صلبوه، ولكن شبه لهم.

واختلف أهل التأويل في صفة التشبيه الذي شبه لليهود في أمر عيسى ... " انتهى من "تفسير الطبري" (7 / 650).

وصفة التشبيه، معرفتها ليست بذات أهمية؛ لذا لم تفصّلها نصوص الوحي من القرآن والسنة.

وما يذكره المفسرون من أخبار في كيفية نجاة عيسى عليه السلام؛ فهذه الأخبار

: الظاهر من بعضها والمقطوع به في بعضها الآخر أنها مأخوذة عن أهل الكتاب من النصارى؛ لأن الوحي أذن في سماع أخبارهم التي لا تعارض ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

( كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: ( آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ) الآيَةَ ) رواه البخاري (4485).

وعن ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا:

آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ ) رواه أبوداود (3644)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6 / 712).

وهذا خاص بما لم ينص الوحي على كذبه.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

"وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم، خوف أن يصدقوا بباطل، أو يكذبوا بحق.

ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات؛ في واحدة منها يجب تصديقه، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه

وفي واحدة يجب تكذيبه، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق، كما في الحديث المشار إليه آنفا: وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه "

انتهى من "أضواء البيان" (4 / 238).

وأما ما يذكره النصارى من حصول الصلب لعيسى عليه السلام؛ فهذه أخبار لا شك في كذبها؛ لأنها معارضة لنص كلام الله تعالى، والله هو الذي قدّر هذه الحادثة وتفاصيلها فهو أعلم بها، ومن أصدق من الله حديثا.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم، الذي أنزله على رسوله الكريم، المؤيد بالمعجزات والبينات والدلائل الواضحات، فقال تعالى وهو أصدق القائلين، ورب العالمين

المطلع على السرائر والضمائر، الذي يعلم السر في السموات والأرض، العالم بما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون-: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ )، أي: رأوا شبهه فظنوه إياه "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 / 449).

وينضاف إلى كونها مخالفة لنص القرآن؛ أن كتبهم هذه قد لحقها التغيير والتبديل والتحريف، وهذا أمر متفق عليه.

فكيف نعارض القرآن الذي حفظه الله تعالى من التبديل والتغيير بكتب قد وقع الإتفاق وقامت الأدلة على أنه قد لحقها التحريف والتبديل؟!

وينضاف إلى أدلة ضعف خبر الصلب؛ أن الأناجيل نصت على أن كل أصحاب عيسى عليه السلام اختفوا، فلم يشهد عملية الصلب أحد منهم فكيف يثبتون أنه قد صلب حقيقة؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" قال تعالى: ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ).

وأضاف هذا القول إليهم -أي إلى اليهود- وذمهم عليه.

ولم يذكر النصارى؛ لأن الذين تولوا صلب المصلوب المشبه به هم اليهود، ولم يكن أحد من النصارى شاهدا هذا معهم، بل كان الحواريون خائفين غائبين، فلم يشهد أحد منهم الصلب،

وإنما شهده اليهود وهم الذين أخبروا الناس أنهم صلبوا المسيح، والذين نقلوا أن المسيح صلب من النصارى وغيرهم، إنما نقلوه عن أولئك اليهود وهم شُرَطٌ من أعوان الظلمة، لم يكونوا خلقا كثيرا يمتنع تواطؤهم على الكذب "

انتهى من " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" (4 / 33 - 34).

ومقالة النصارى في "صلب المسيح" عليه السلام : مقالة مضطربة غاية الاضطراب ، متعارضة، متناقضة في نفسها ، وهي باطلة بطلانا معلوما بالضرورة من دين الإسلام .

ويمكنك مراجعة ما كتبه الإمام الكبير أبو محمد ابن حزم ، رحمه الله حول هذه المسألة في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل"

وما كتبه العلامة رحمة الله الهندي في كتابه "إظهار الحق"، وما جاء في كتاب " مناظرة بين الإسلام والنصرانية" للدكتور محمد جميل غازي رحمه الله ، وآخرين معه .