منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - // ** - ماذا بعد سقوط حكم بشار الأسد ؟؟ هل ستستمرالأفراح- ** //
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-06-18, 12:48   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
قاهر العبودية
عضو محترف
 
الصورة الرمزية قاهر العبودية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إن الأنظمة العربية التي مرت بها رياح الربيع العربي تتسم بمجوعة من القواسم المشتركة: الاستبداد السياسي، الفساد السياسي والمالي، غياب برامج الإصلاح الحقيقية، نشوء طبقة رأسمالية طفيلية ارتبطت بالحاكم عائليًّا وحزبيًّا قدمت نموذجًا فاسدًا لسياسات الانتقال من الملكية العامة للخصخصة، التضييق على مؤسسات المجتمع المدني والكيانات الفاعلة في المجتمع، غياب برامج العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة، التوريث في النظم الجمهورية.

كل هذه القواسم المشتركة لم يكن مرضيًا عنها شعبيًّا، فالإحباط الشعبي والنخبوي وعلى مدى عقد كامل كان يتزايد عامًا بعد عام، ولا أدلّ على ذلك من إطلاق مشاريع الإصلاح التي تبنّتها النظم القديمة في سوريا مع بشار الأسد وفي مصر مع جمال مبارك وفي ليبيا مع سيف الإسلام القذافي في محاولة لإشعار المواطنين بأن النظام السياسي يستوعب حالة عدم الرضا الشعبي من سياسات الحكومة، وأنه يقوم بعملية إصلاح متدرجة تقود نحو العدالة الاجتماعية والحرية وتفعيل المجتمع المدني والمشاركة السياسية، ولكنها في حقيقة الأمر كانت مشاريع وهمية هدفها امتصاص الغضب الجماهيري المتصاعد من الحالة المزرية التي وصلت لها تلك الأنظمة، بل إنها كرست من حجم الفساد السياسي والاقتصادي في تلك الدول، فرموز تلك المشاريع هم أنفسهم رموز الفساد في تلك الأنظمة.

وهنا ينبغي أن نشير إلى تصاعد المعارضة السياسية في الداخل والخارج تجاه تلك الأنظمة تزامنًا مع انسداد الأفق السياسي ومساهمة الفضاء الإعلامي والإنترنت بما يملكانه من قدره فائقة في رصد ونشر وتحليل فساد تلك الحكومات على مدى سنوات، والتي باعتقادي مهّدت إلى تبلور حالة الربيع العربي كما شهدناها وعايشناها. صحيح أنّه لم يكن هناك من يتوقع اليوم والساعة التي تهتز فيها تلك الانظمة، لكن كانت كل المؤشرات الموضوعية تقود إلى هذه النتيجة في الأمد القريب أو المتوسط.

كان الهدف من هذه المقدمة الإشارة إلى نقطتين من الأهمية بمكان: أولًا، أُمّ الحقائق الباردة وهي أن الربيع العربي لم يكن مؤامرة أو حالة عبثية/ عرضية حدثت بصورة همجية عندما تزعزعت هيبة النظام السياسي والأمني في تونس لتعمّ الاحتجاجات مناطق مختلفة من العالم العربي، وإنما كانت لتلك الحركات الاحتجاجية أسبابها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على أرض الواقع، بيد أنها كانت بأمس الحاجة إلى شرارة فقط لكي تنطلق، فكان البوعزيزي شرارة تونس وكانت تونس شرارة البلدان الأخرى.

بالتالي، فإن تصاعد المعارضة لشكل العلاقة بين الدولة والمجتمع كانت حالة سابقة وممهدة للربيع العربي بصورته القائمة...

ثانيًا، إن الثورة لم تكن خيارًا أصيلًا، وكل الشعارات المرفوعة في لحظة البدايات كانت شعارات إصلاحية لم تستهدف الثورة ابتداءً حتى واجهتها النظم السياسية بمقاومتها سُنن التاريخ في التغيير باستخدامها الحلّ الأمني لقمع المظاهرات الشعبية؛ هذا الحلّ الأمني الذي اعتقدت تلك الانظمة أنه هو الوسيلة الناجعة لإخماد الاحتجاجات الشعبية هو الذي أدى بالمحصلة إلى نزع الشرعية عن تلك الأنظمة السياسية ليستحيل المشهد إلى حالة ثورية عميقة وكررتها الأنظمة الأخرى تباعًا وبغباء منقطع النظير.

إن اللوم الذي أوجهه في هذه اللحظة العصيبة التي نعايش فيها كل أشكال الفشل السياسي لبلدان الربيع العربي، هو رفض النظام السياسي للإصلاح وتفضيل الحل الأمني في مواجهة الحركات الاحتجاجية ثم مقاومة النظام الجديد في الحالات الأخرى والتي عرفت إعلاميًّا بسياسات ومعسكرات الثورة المضادة، ولا يمكن لي أن أوجه لومي ابتداءً لملايين المتظاهرين وللنخب الفاعلة لإحساسي بصدق المطالب التي رفعوها بغية تحسين أوضاعهم السياسية والاقتصادية.


منقول بتصرف