منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - تقرير حول بعض مدن المغرب العربي من خلال الرحالة العرب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-02-22, 17:55   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
زَخّآتُ آلمَطَر~
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية زَخّآتُ آلمَطَر~
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

معالم تلمسان كما وصفها الرحالة العرب
لقد أبهرت تلمسان منذ أن تأسست كحاضرة من أهم حواضر المغرب العربي كل منزارها من الرحالة وطلاب العلم والموفدين إليها من السفراء من المشرقوالمغرب واللاجئين إليها بحثا عن الآمان. ولم يتردد هؤلاء في وصفها فيكتبهم وسفراتهم ، فأكثروا في مدحها وأطنبوا في إظهار جمال منشآتهاالعمرانية وحسن تخطيطها وتطور حضارتها. وقد استهوت تلمسان حتى أولئك الذينتعرفوا عليها في كتب الآخرين ولم يزوروها، لما تمتعت به من شهرة طيبةوإشعاع باهر.
ومن بين الذين وصفوا لنا تلمسان بشيء من التفصيل والاهتمام بموقعها الجغرافي ومنشآتها المدنية والعسكرية والدينية الرحالة العمريالمتوفى سنة 749هـ، فقال:
" وأما تلمسان وهي قاعدة الملك الذي فتحه هذا السلطانبسيفه، واستضافه إلى ملكه، قال الشريففي كتاب روجار وهي في سفح جبل وبها آثار الأول، وماؤها مجلوب من عيون علىستة أميال، ولها أسواق ضخمة، ومساجد جامعة، وأنهار وأشجار، وشجر الجوزكثير بها، وفيها المشمش المقارب في حسنه لمشمش دمشق وعلى نهرها الأرحاء، ويصب نهرها في بركة عظيمة من آثار الأول، ويسمع لوقعه خرير على مسافة ثم يصب في نهر آخربعدما يمر على البساتين، ويستدير بقبليها وشرقيها، وتدخل فيه السفن اللطاف حيث يصب في البحر.
وهيدار علم متوسطة في قبائل البربر، ومقصد تجار الآفاق، زكية الأرض من الزرعوالضرع، وبها حصون كثيرة، وفرض عديدة أشهرها فرضة هنين وهي قبالة المرية (من الأندلس) ووهران (في شرقي تلمسان شمال قليل على مسيرة يوم من تلمسان،ومستغانم تقابل دانية من الأندلس).
وتلمسان على ما بلغ حد التواتر فيغاية المنعة والحصانة مع أنها في وطاءة لكنها محصنة البناء، ولقد أقام أبويعقوب يوسف عم هذا السلطان أبي الحسن نحو عشر سنينوبنى عليها مدينة سماها تلمسان جديدةثم مات، وسمى أهل تلمسان تلك السنة سنة الفرج حتى كتبوا في سكتهم ونقشوا: ما أقرب فرج الله، وشرع حينئذ أبو حموبعد إتمام سنة من الفرج من رحيل بني مرين عنها، وهو والد سلطانها أبيتاشفين المأخوذة منه في تحصيل قوتها، وتحصين أسوارها، ولم يدع ما يحتاجإليه المحاصر لعدة سنين كثيرة حتى حصله من الأقوات والآلات حتى سليتالشحوم، وتمليت بها الصهاريج وملئت أبراج المدينة بالملح والفحم والحطبواختزن داخل المدينة كلها زرع، ومات أبو حمو وولي بعده أبو تاشفين فزادهاتحصيلا من الأقوات، وتحصينا من الأسوار والآلات، وبنى بها البناءاتالعجيبة الشكل ، والقباب الغريبة المثل، والبرك المتسعة، والقصور المنيفة،وغرس فيها بساتين، غرس بها من سائر أنواع الثمار إلى أن حاصر بجايةونازلها وبنى عليها، فاستنجد الموحدون المريني، فأرسل إليه العلماءالصلحاء والأعيان، وندبوه إلى الصلح بينهم فأبى إلا عتوا وفسادا، فنهضإليه أبو الحسن وحاصره أشد حصار، وبنى عليه مدينة سماها المنصورة، وبقيأربع سنين محاصرا لها، مضيقا عليها آخذا بخناقها، ونصب عليها المجانيقوأخذ عليها المسالك من كل جهة، ولم يدع طريقا للداخل إليها ولا لخارجمنها، وسلطانها أبو تاشفين وجميع أهلها في ضيق الخناق معهم، ولا يفك لهموثاق، ولا يحل لهم خناق، ولا تبرق لديهم بارقة خلاص، وكانوا مع هذاالتشديد الشديد في غاية الامتناع، لحصانة بلدهم وكثرة ما بها من الماءوالأقوات، وكان في المدينة عين ماء لا يقوم بكفايتها، وكان يجري إليهاالماء من عين خارجة عن البلد لم يعرف لها (أحد) منبعا أخفيت بكثرة البناءالمحكم، ولم يظهر لها على علم إلى أن خرج أحد من يعرفها من البنائينالمختصين بسلطانها الكاشف عنها حين بنائها، فأظهرها للسلطان أبي الحسنوكشف عنها فقطعها عنهم، وأبعدها منهم، وصرفها إلى جهة أخرى فقنعوا بالعينالتي في داخل بلدهم، واكتفوا بالبلالة، ولم يظهر منهم وهن ولا خور لانقطاعالميرة لما كان عندهم من المخزون حتى قدائد اللحوم ومسليات الشحوم ولميتغير طعمها لأن بلاد الغرب مخصوصة بطول مكث المخزونات بها، فإنه ربما بقيالقمح والشعير في بعض أماكنها ستين سنة لا يتغير ولا يسوس ثم يخرج بعد خزنهذه المدة الطويلة فيزرع وينبت وخصوصا تلمسان في بر العدوة، وطليطلة فيالأندلس."
..ونعود إلى ذكر تلمسان، فنقول: إنها منحرفة إلى الجنوبالشرقي من فاس، ولها ثلاثة أسوار ومن جهة القصبة ستة أسوار بعضها داخلبعض، ولم يهجس بخاطر أنها تؤخذ ولكن بسم الله لهذا السلطان أبي الحسنالمريني صعبها وذلك له إباءها حتى ملك ناصيتها، وبلغ دانيتها وقاصيتها،وإذ قد ذكرنا قواعد الملك الثلاث فلنذكر ما لا بأس بذكره من هذه البلاد".
التخطيط العمراني لتلمسان في العهد الزياني
لم تشهد مدينة تلمسان حديثا حفريات ولا تنقيب في ميدان العمران والآثاربالشكل والحجم الذي كان يفترض أن يكون في مدينة كلها آثار، ولذلك يعانيالباحثون من صعوبة التعامل مع المعطيات العمرانية والأثرية لعدم توفرها. وأمام هذه الندرة، يلجأ الباحث إلى دراسة المخطط العمراني والبنيةالداخلية لمدينة تلمسان من خلال النصوص التاريخية التي تتناول جلها العهدالزياني، والمصنفات العامة والخاصة بتاريخ بني زيان وحضارتهم، وكذلكباللجوء إلى بعض الدراسات والأبحاث الميدانية الحديثة، على قلتها وندرتهاوغموض بعضها.
ولايسعنا في مثل هذه الحالة إلا أن ننبه إلى أن بعض المعلومات قد تكونتقريبية ولا سيما فيما يتعلق بتحديد أماكن الأحياء، والدروب والأزقةوالقصور، التي وردت أسماؤها في هذه النصوص لاندثارها وزوال معالمهاالعمرانية، بسبب يد الإنسان وفعل الزمان الذي عبث بها.
لا تختلف تلمسانفي تخطيطها عن المدن الإسلامية في المغرب والمشرق، فهي تحمل نفس الصفاتالعمرانية وتتسم ببنية داخلية مشابهة. تتميز المدينة الإسلامية عموما فيبلاد المشرق والمغرب بسمات مشتركة، بغض النظر عن الخصوصيات التي تفرضهاالبيئة الطبيعية والتقاليد المحلية، لأن تشييد المدينة الإسلامية مرتبطبضوابط وشروط معمارية أساسية. ولم تخرج تلمسان عن هذا النمط، فوجدت بهاتلك المعالم العمرانية الأساسية وعلى رأسها:
أولا: المسجد الجامع:
ويعتبرالنواة الأولى للعمران، ويقع في وسط المدينة، وهو مكان لأداء فريضةالصلاة، ومقر لاجتماع سكان المدينة لتداول أمورهم الاجتماعية والاقتصاديةوتعليم أبنائهم مختلف العلوم العقلية والنقلية.
ثانيا: القصبة:
وهيالحي الذي يسكنه الأمير، أو السلطان وأسرته وحاشيته وجنده، مكونة من مبانيمخصصة لهذه الطبقة الاجتماعية المرموقة التي تتصدر الهرم الاجتماعي فيالمدينة وتتربع عليه ولها أبواب خاصة بها.
ثالثا: الأسوار:
تحيط هذه الأسوار بالمدينة، وتدور حولها من جميع الجهات وهي التي تفصلها عن البادية والحقول الزراعية وتحميها من الغزاة.
رابعا: الأبواب:
تتضمنأسوار المدينة عدة أبواب، تربطها بالبادية من عدة جهات وتراقب فيها حركةالمتنقلين من التجار والقوافل التجارية. وجرت العادة عند المسلمين أنيؤسسوا أبوابا في اتجاه المدن الكبيرة سواء داخل القطر أو خارجه، ويسمونهافي بعض الأحيان بأسماء هذه المدن، مثل باب ’’ فاس ’’ في تلمسان، التي تقعفي الجهة الجنوبية الغربية للمدينة.
خامسا: القيصارية أو السوق الكبير:
ينتشرفيها عدد كبير من المحلات والدكاكين التجارية المختلفة، تقع قرب المسجدالجامع، حتى يتمكن المصلون من اقتناء حاجتهم بعد الصلاة.
سادسا: وظيفة سكان المدن:
يشتغلأهل المدينة في غالب الأحيان بوظائف الدولة، ويرتكز معظم عملهم في المجالالتجاري والحرفي ، وكذا الفضاء الثقافي والعلمي. ويمتلك أهل المدينة أراضيخارج أسوار المدينة يقومون بفلاحتها وتعود عليهم بمداخل معتبرة. وقداجتمعت في تلمسان الخصائص الوظيفية التي تجعل منها مدينة كبرى وحاضرةعظمى، لا سيما وأنها شيدت لأغراض سياسية لتكون مقرا للحكم وقاعدة للدولة،وسوق تجاري هام، ومركز إداري معتبر.
سابعا: الطرق والأزقة والمنازل:
أماشبكة الطرق الداخلية والأزقة، وتخطيط مسالك المواصلات والدروب المخصصةللراجلين والعربات والحيوانات، فهي ترمي إلى ربط مركز المدينة بأحيائها منجهة، وتصل المدينة بالخارج من جهة ثانية عن طريق أبواب وضعت في الأسوارلتؤدي إلى اتجاهات مختلفة.
ويمتاز سكان المدينة بحرصهم على صيانةديارهم وبنائها على نمط يصون حريمهم من العيون الخارجية، تمشيا مع القيمالأخلاقية والعادات والتقاليد التي بنيت عليها الأسرة الحضرية الإسلامية. فهذه الضوابط والتصرفات العمرانية يتقيد بها نظام مسكن الحي في المدينةقصد توفير أسباب الحصانة والراحة للمقيمين بها. ويهدف المخطط العمرانيلتلمسان أيضا إلى عزل المساكن، ووضعها بعيدا عن مسالك النقل الكبرى، حتىتوفر لأصحابها مزيدا من الأمن والراحة . وهي ضوابط تفند ما ذهب إليه بعضالمستشرقين من أن البناء في المدن الإسلامية يتميز بالعشوائية وعدمالتماسك.



وهــــــران
وهران مدينة جزائرية على الساحل الغربي للبلاد على البحر المتوسط، عاصمة غرب البلاد وثاني أكبر مدينة بعد الجزائر العاصمة. تعد المدينة مركزا اقتصاديا وميناء بحريا هاما.
تقع مدينة وهران داخل الخليج الذي يحمل اسمها, على خطي العرض 35 و42 درجة شمالا وعلى خطي الطول 30 و38 درجة غربا, ويبلغ عرض خليجها 21 كلم, وتحيط بالمدينة جبال لا يتجاوز ارتفاعها 579 م, وهي بذلك تقع في منطقة معتدلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. أما موقع المدينة فإنها توجد بين السفوح الشرقية لجبل (مرجاجو) غربا و(الجروف الصخرية) وهضبة (بئر الجير) شرقا, والسبخة الكبرى جنوبا. تحتل وهران موقعا استراتيجيا هاما, فهل تطل على البحر الأبيض المتوسط من جهة ولا تبعد عن شبه جزيرة إيبيريا كثيرا, إضافة أنها تعتبر منفذا حضاريا هاما, سواء غربا أو شرقا أو شمالا.
تعتبر مدينة وهران عاصمة إقليمية للغرب الجزائري بسبب تحكمها في طرق المواصلات (البرية والبحرية والجوية والحديدية), وسيطرتها على الحركة التجارية مع الداخل (المدن الغربية والجنوبية الغربية) والخارج (أوربا كفرنسا وإسبانيا).
أصل التسمية:

كانت النواة الأولى للمدية تقع على الضفة اليسرى لوادي (رأس العين) وتدعى قرية (إيفري) وكان سكانها ينتمون إلى قبيلتي (مغراوة) و(نفزاوة) البربريتين, ولكن التاريخ لا يذكر شيئا عنها وعن حركة القبيلتين ولا عن موطنهما الأصلي, لكن الثابت تاريخيا أن وهران بنيت في القرن 3 الهجري, ولقد ظهر اختلاف كبير في تسمية وهران:
- قيل: "أن (بني يفرق) عندما أرادوا غزوها لم يستطيعوا التعرف على مكانها, وعثروا على رجل من أهلها فسألوه عنها فرفض أن يرشدهم إليها وشددوا عليه فصوب عصاه نحوها, وقالوا له: هي صوب عصاك هذه؟ فقال لهم: واه. ثم سمعوا شخصا آخر يقول: رانا. فقصدوه وعثروا على المدينة وسلبوا أهلها وسبَوهم وقالوا: هذه غنيمة (واه رانا)"
- وقيل: أن كلمة وهران جمع ومفردها: (أهرى) بمعنى (مخزن أو مستودع).
- وقيل: بأن وِهران بكسر الواو كلمة بربرية تتكون مشتقتاها من عدة معاني: (وَ) معناه: مكان في, (هر) مرادف (أهر) ومعناها الأسد, (آن) هي علامة جمع؛ وخلاصة القول أن وهران عرين الأسد أي مخزنه ومكانه.
- هناك رأي آخر: يذهب إلى أن وهران كلمة بربرية, ومعناها في لغة قبائل الزناتة: الثعلب.
- ويذهب آخرون: بان (وِهران) مثنى (وِهر) بمعنى الأسد, وهذا الذي يمكن الاعتماد عليه باعتبار أن وهران كان يعيش بها الأسد, كما يوجد بها جبل الأسود, وهناك من الرحالة المسلمين من يشير إلى وجود الأسد بضواحي وهران.



وهران عبر التاريخ:

تعتبر مدينة وهران إحدى المدن القديمة, ويعتبر واد (راس العين) منطقة استقرار بشري قديمة, قدم الإنسان الحجري الذي عاش فيها منذ عصر ما قبل التاريخ, وهذا ما أكدته البحوث العلمية التي أجريت على المغارات والكهوف الموجودة بها: ضواحي (أكميل) وحي (سي صالح), وعدة مغارات أخرى مصنفة وطنيا, كما يوجد بها عدة محطّات على الساحل الشرقي لمدينة وهران, خاصة بدوّار (بلقايد).
ولقد سكن مدينةَ وهران بعضُ القبائل (نفزة وبني مزغن) المنحدرة من قبيلة (أزديجة البربرية).
أما في العهد الروماني, فلقد احتلت وهران مكانة هامة خاصة ميناؤها (المرسى الكبير) والذي كان يسمى (بالميناء الإلهي) وكانت وهران تسمى بـ(كيزا), ولا يذكر التاريخ القديم شيئا هاما عن مدينة (كيزا) ما عدى ميناءها الذي احتل مكانة هامة.
يرجع تاريخ تأسيس مدينة وهران إلى سنة 903م الموافق 290ه من قبل البحارة الأندلسيين أيام حكم الأمويين بالأندلس.
بنتها مغراوة (قبيلة كانت تستقر بين سهل مليانة شرقا إلى واد تافنة غربا) فلْذةُ أمراء الأندلس الأمويين, والذي شيّدها وكان المخطِّط لها هو (هوخرز بن حفص صولات). والذي أمر ببنائها هو الخليفة الأموي بالأندلس (أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان –تولى الحكم من سنة 257ه وتوفي في ربيع الأول سنة 300ه). [مدينة وهران, بشير مقييس ص 79-80]. ولقد شُيّدت وهران قبل وفاته بعشرة أعوام, أي في سنة 290ه/ 903م.
وقيل أن (مغراوة) هي التي بنت وهران من طرف (محمد بن أبي عون ومحمد بن عبدون) وجماعة من البحارة الأندلسيين الذين كانوا ينتجعون مرسى وهران مع قبائل النفزة وبني مزغن [قبيلة بربرية كانت تسكن وهران, وكانت تنتقل بين السهول والهضاب, على مقربة الساحل في الغالب.] وكان ذلك في القرن الثالث الهجري.


أصبحت مدينة وهران بعدها محط نزاع بين الأمويين والفاطميين, خربت المدينة عدة مرات أثناء هذه الفترة وقامت تحالفات عدة بين الدولتين والقبائل الضاربة على نواحيها كـ(أزجاس و مغراوة و صنهاجة).
انتهت فترة الاضطرابات بعددخول المدينة في نفوذ الأمويين سنة 1016 م. جاءت بعدها الفترة المرابطية سنة 1081م. و عرفت المدينة الصراع الأخير للمرابطين من أجل البقاء حيث فر إليها آخرهم(تاشفين) الذي حاول الفرار من المرسى الكبير إلى الأندلس إلا أنه هلك.
بعدظهور دولة (بني عبد الواد) ضمت وهران إليها. إلا أن هذه الدولة كان عليها أن تواجهالدولتين الحفصية و المرينية. وكانت وهران دائما أهم مدينة دخلت في هذا الصراع. كانت المدينة تمثل أهم ميناء تجاري للدولة الزيانية ومنفذا لها على البحر المتوسط؛ وعلى هذا كان المرينيون يعرضون على الزيانيين الصلح في مقابل تسليمهم مدينة وهران. حاصرها المرينيون مرات عدة أولها سنة 1296 م. وآخرها سنة 1368 م, تنقلت المدينة أثنائها بين أيادي الحفصيين، المرينين ثم الزيانيين. منذ 1425 م. وبعد أن بسط السلطان الحفصي أبو فارس هيمنته على الدولة و بداية الصراع والانقسام بين أسرةالزيانيين، شكلت مدينة وهران بلاطاً ثانيا بعد مدينة تلمسان، حيث كان يلجأ إليهاأفراد الأسرة المعارضين للسلطان. كل هذه العوامل وغيرها مكنت الإسبان من الاستيلاء على المدينة سنة 1509م.
كانت أسبانيا بقيادة الكاردينال شيسيروس قد احتلتالمرسى الكبير سنة 1504م. ثم بدأت بعدها شنَّ هجمات على المدينة انتهت بسقوطها. أعمل الإسبان السيف في سكان المدينة كما قاموا بتحويل الجوامع إلى كنائس. كانت المدينةتمثل بالنسبة للإسبان نقطة ارتكاز للاستيلاء على باقي البلاد. إلا أن النتائج جاءتمخيبة. و لم يأت احتلال المدينة الذي دام طويلاً بأي نتائج. كانت مقاطعة أهل البلاد لهم وقطع الموارد عنهم سببا أجبرهم على طلب المؤونة من أسبانيا, وكان الإسبانيتوقعون سهولة الحصول عليها بعد نهب المناطق المجاورة.
على مدار الثلاثةقرون الثالية حاصر الأتراك المدينة عشرات المرات، دام بعضها أسابيع والآخر أشهراً. كما كانت القبائل الضاربة في المنطقة تقوم بشن حملات مناوشة ضد الحامية الإسبانية. وأمام عدوانية أهل البلاد بقي الإسبان وراء حصونهم ولم يعد يهمهم التوسع بقدر ما كانيشغلهم مسألة توفر المؤونة.
استطاع البايبوشلاغم دخول المدينة سنة 1705 م بعد حصارها، إلا أن الإسبان استطاعوا تجميع أسطولبحري كبير مكنهم من انتزاع المدينة مجدداً سنة 1732 م. و كانت هذه الفترة بالنسبةللإسبان أعسر من سابقتها. انتهت الفترة الثانية يوم 8 أكتوبر 1792 م. بعد محاصرة الباي محمد بن عثمان الكبير. ضرب المدينة زلزال كبير أثناء اليوم الأول من الحصارفدمرها عن آخرها. كان بمقدور الباي المهاجمة و الاستيلاء على المدينة بسهولة إلاأنه ترك الإسبان يدفنون موتاهم. بدأت بعدها جولة مفاوضات طويلة بين الباي والملكشارل السادس انتهت بقبول هذا الأخير التنازل عن المدينة والمرسى الكبير وجلاءالحامية الإسبانية من البلاد نهائياً. بين سنوات 1792-1830 م تداول على المدينةالتي أصبحت مركزا لبايليك الغرب عدة بايات كان آخرهم حسن باي.
بعد استيلاءالفرنسيين على مدينة الجزائر سنة 1830 م، أرسل القواد حملة بقيادة الماريشال بورمونالذي استطاع الاستيلاء على المرسى الكبير. بعد مفاواضات مع الباي حسن قبل الأخيرالتسليم و تنازل عن المدينة. بعد فترة الإنتظار و الترقب دخل الفرنسيون المدينة سنة 1831 م. رحل الباي بعدها إلى مكة و معه عائلته.
وصف وهران من خلال الكتّاب الجغرافيين المسلمين:

يذكر أغلب الجغرافيين والمؤرخين والرحالة المسلمين أن وهران مدينة ساحلية بالمغرب الأوسط, وهي تقابل مدينة (مرية) من ساحل الأندلس.
أما عن تأسيسها فالرأي الغالب والأصوب أنه يرجع إلى الأندلسيين كما سبق, وهذا لا يعني أن المدينة لم تكن موجودة قبل هذا التاريخ, إنما هذا التاريخ يعتبر الانطلاقة الحقيقية لظهور مدينة كبيرة على الساحل الغربي للمغرب الأوسط.
ويرى بعض الباحثين أن سبب تأسيسي مدينة وهران سنة 290 ه/ 903م إنما يرجع أساسا إلى مينائها الهام الذي يلعب دورا بارزا في التجارة, في حين ذهب بعضهم إلى أنه مرتبط بالغزو الشيعي الذي استفحل أمره في نهاية القرن الثالث في المغربين الأدنى والأوسط والذي أصبح يهدد مصالح الأمويين في المغرب العربي.
والجدير بالإشارة أن وهران قد تعرضت لمرات عديدة للتخريب, وكان في كل مرة يعاد بناؤها من جديد كما حصل في عهد الموحدين (1145-1248ه). وقد عرفت وهران صراعات كثيرة كانت سببا مباشرا في حرقها مرات عديدة, ومن هذه الصراعات صراع داخلي سببه التنازع على الملك وحب السيطرة من جهة, وبين الدول والقبائل والأسر التي ما انفكت تتقاتل فيما بينها من جهة أخرى.
كما عرفت صراعا خارجيا بين العالم الإسلامي بقيادة تركيا والعالم المسيحي بقيادة إسبانيا, وتعتبر الحرب الصليبية التي شنتها إسبانيا على المغربين العربي عامة ووهران خاصة فترة تاريخية هامة في تاريخ هذه المدينة الحضاري.
وميناء وهران (المرسى الكبير) نوّه به كثير من الجغرافيين والرحالة الذين وصفوا وهران, فـ(ليون الإفريقي) اعتبره من أكبر موانئ الدنيا, ترسو به مئات المراكب والسفن -التجارية منها والحربية- دون خطر, فهو في مأمن عن كل عاصفة أو هجوم بحري؛ وتشير مصادر العصر الوسيط بأن وهران كانت تحتل موقعا تجاريا هاما, وذلك لكثرة الفائض الذي كان يصدّر إلى الخارج, وكان هذا الفائض في غالبه منتوجات زراعية وحيوانية, وبعض الصناعات البسيطة, وبعض الصناعات التقليدية, وبعض الحرف الصغيرة, كدباغة الجلود والصوف وصناعة الخزف والحلي, وحتى تجارة العبيد.
1- وصف سكان وهران:

تشير بعض المصادر أن سكان وهران أناس طيبون, وكرماء وظرفاء, يحبون الغريب, ويجيرون من استجارهم, ولهم عزة نفس وأنفة, وكانوا يتمتعون بحرية تامة في اختيار رئيس مجلسهم المكلف في النظر في قضاياهم المدنية والجنائية, فلقد كانوا يعيشون في استقلال عن ملوك تلمسان يوم كانت وهران تحت سلطتهم, ولم تشر المصادر القديمة إلى وجود صراعات بين العرب والبربر أو بين السكان الأصليين وبين القادمين من الأندلس.
2- وصف الجانب الفلاحي:

يذكر أغلب الرحالة والجغرافيين المسلمين كالحميري والمزاري أن مدينة وهران مدينة فلاحية, وبها سهول خصبة وأراضي شاسعة, وبها مياه وعيون سائحة, ومن خلال الوصف يتضح بأنه كان لوهران إنتاج وفير من المنتوجات الزراعية, وكان في الغالب يصدر للدول المجاورة, كما كانت هناك منتوجات أخرى كالعسل والسمن واللحم بسبب تربية الأبقار والغنم؛ في حين يصفها ليون الإفريقي بأنها "لم تعرف وهران الرخاء, فلقد كان مأكل السكان من خبز الشعير", وهذا الوصف صحيح لأنه وصفها زمن الحروب وبعد دخول الإسبان إليها, مما أدى إلى تدهور المستوى المعيشي للسكان.
3- وصف الجانب العمراني:

لقد ركز معظم الرحالة والجغرافيين المسلمين على الجانب العمراني لوهران, فأول من وصف وهران عمرانيا هو ابن حوقل, ووصفها البكري وقال بأنها مدينة حصينة, ووصفها الإدريسي فقال هي مدينة على مقربة البحر وعليها سور تراب متقن, وبها أسواق وحصون, ووصفها ليون الإفريقي فقال: "وهران مدينة كبيرة, تحتوي زهاء 6 آلاف موقد..., وبها مؤسسات وبنايات, وتتميز بطابع المدينة المتحضرة, وذلك لما تشمله من مساجد ومدارس ومستشفيات وحمامات وفنادق ذات أسوار عالية." وقال أحمد ابن سحنون الراشدي: "قد حماها البحر من شمالها وأحاطت حصونها بيمينها وشمالها وأحاطت بها الخنادق إحاطة المناطق, ودارت عليها الأسوار دوران السوار". ويصف بعض الرحالة الطرق والفجاج المؤدية إليها, ويحصي المسافة والموقع عن بعض المدن المعروفة وقتذاك مثل تلمسان وغيرها...
4- وصف الجانب التجاري للمدينة:

تعتبر مدينة وهران نقطة اتصال بين المغربين الأوسط والأقصى, من حيث الموقع, كما تتمتع بطرق برية هامة بين الشمال والجنوب وزادها المرسى الكبير أهمية بحيث جعلها على اتصال بالعالم الخارجي المسيحي, فكانت وهران مركزا تجاريا هاما بالنسبة للأوربيين الكاتالونيين والجنويين, كما كان التجار يجهزون سفنا تجارية وأخرى حربية قصد القرصنة. وقد وصف أكثر الرحالة والجغرافيين (كياقوت الحموي والحميري وليون الإفريقي والمازري) أهلَ وهران بأنهم تجار, والذي جعل من وهران مدينة تجارية هامة هو الميناء من جهة وطيبة سكانها وحبهم للغريب من جهة أخرى وتطور مدينة وهران في الميدان الإقتصادي والعمراني.
قلعة بني حماد :

ومدينة بجاية هي ثاني عاصمة لدولة بني حماد ، أماعاصمتهم الأولى فقد كانت مدينة القلعة المشهورة بـ "قلعة بني حماد" التياختطها الأمير حماد بن زيري بن مناد بن بلكين ، في حدود عام 398هـ (1007 – 1008مـ) ليعلنا منها تأسيس الدولة "الحمادية " دولة مستقلة عن دولة " بنيزيري " التي كان على إمارتها في ذلك الوقت باديس بن أبي المنصور بن زيري ،وهو ابن أخي حماد.
وتتميز قلعة بني حماد التي تقع في الحدود الشماليةلسهول"الحضنة" بموقعها الاستراتيجي الهام فهي من الشمال محمية بجبل تاقرستالذي يبلغ ارتفاعه (1418 متراً) ومن الغرب بجبل قرين (1190 متراً) ويحيطبها من الشرق وادٍ بشكل مضائقه سوراً طبيعياً للمدنية , أما من جهة الجنوبفإن الطريق الوحيدة المؤدية إلى القلعة عبارة عن ثنية ملتوية تتبع "واديفرج " ولذلك كان ابن الأثير ، دقيقاً حين وصفها بأنها ، أحسن القلاعوأعلاها , ولا ترام على رأس جبل شاهق , لا يكاد الطرف يحققها لعلوها.
وتحدثابن خلدون في تاريخه عن مراحل تطورها : فأشار إلى أن حماداً اتم بناءهاوتمصيرها على رأس المائة الرابعة , وشيد بنياتها وأسوارها , واستكثر فيهامن المساجد والفنادق ، وأن الناصر بن علنّاس بني المباني العجيبة المؤنقة , وأن المنصور بني فيها قصر الملك والمنار الكوكب وقصر السلام.
وذكر صاحب كتاب الاستبصار أن بني حماد ، لهم بالقلعة مبان عظيمة , وقصور منيعة متقنة البناء عالية السناء.
واشتهرتالقلعة بالفلاحة , وتربية المواشي والصناعة والنشاط التجاري , ووصفالإدريسي الجغرافي أهلها بأنهم أبد الدهر شباع ، وذلك لغناها بالحبوب , وقد لخص ابن خلدون ما اشتهرت به القلعة في كلمات موجزات فقال : استبحرت فيالعمارة , واتسعت بالتمدن ، ورحل إليها من الثغور القاصية والبلد البعيدطلاب العلوم , وأرباب الصنائع ؛ لنفاق أسواق المعارف والحرف والصنائع بها.
تأسيس بجاية :
ظلتقلعة بني حماد عاصمة للدولة الحمادية منذ عهد مؤسسها حماد الذي توفي سنة 419هـ وحتى عهد الناصر بن علناس بن حماد ، مروراً بعهود القائد بن حمادالمتوفي سنة 446 هـ و محسن بن القائد ، الذي لم يستمر بالإمارة أكثر منتسعة أشهر , وعهد بلكين بن محمد بن حماد ، والذي يمكن اعتباره عهداًانتقالياً بين عهدي "محسن" و"الناصر " وذلك لما اكتنفه من أحداثداخلية...إلا أن "الناصر" كره الإقامة في القلعة بالرغم من أنها أصبحت فيعهده عاصمة دولة قوية , تشتمل على ست ولايات هي : مليانة وحمزة (البويرةحالياً ) ونقاوس وقسنطينة ، والجزائر ، ومرسى الدجاج ، وأشير .. فأسسبجاية , وانتقل إليها في عام 461هـ .
وفي معجم البلدان كتب ياقوتالحموي ، يصف بجاية وسبب اختطاطها وما انطوي عليه من أحداث: ...مدينة علىساحل البحر بين أفريقية والمغرب كان أول من اختطها الناصر بن علناس بنحماد بن زيري في حدود عام 457هـ بينها وبين جزيرة مزغناي (الجزائر العاصمةحالياً) أربعة أيام كانت قديماً ميناء فقط , ثم بنيت المدينة من لحف جبلشاهق ، وفي قبلتها جبال كانت قاعدة ملك بني حماد وتمسى "الناصرية" أيضاًباسم بانيها , وهي مفتقرة إلى جميع البلاد , لا يخصها من المنافع شيء إنماهي دار مملكة , تركب منها السفن وتسافر إلى جميع الجهات وبينها وبين " ميلة " ثلاثة أيام.
وكان السبب في اختطاطها أن تميم بن المعز بن باديس، صاحب أفريقية أنفذ إلى ابن عمه "الناصر بن علناس" " محمد بن البعبع" رسولاً لإصلاح حال كانت بينهما فاسدة , فمر" ابن البعبع " بموضع "بجاية " وفيه أبيات من البربر قليلة , فتأملها حق التأمل ...وأشار عليه (أي علىالناصر) ببناء "بجاية" وأراه المصلحة في ذلك , والفائدة التي تحصل له منالصناعة بها , وكيد العدو .
فأمر من وقته بوضع الأساس وبناها بعسكره.. .ولما توفي الناصر سنة 481هـ واصل خلفه ما كان عليه من اهتمام بعمرانالمدينة , ولا سيما ابنه المنصور الذي خلفه في الإمارة , وكان معروفاًبولعه بالبناء ، فأسس جامع "بجاية" وجدد قصورها ، وتأنق في اختطاط المباني، وتشييد القصور وإجراء المياه في الرياض والبساتين.

دور بجاية السياسي :
أولاً : في حركة الموحدين :
لاتكاد تجد حقبة هامة في تاريخ المغرب العربي الكبير إلا وبجاية تشكل محورأحداثها ... فدولة الموحدين التي يمكن اعتبارها مرحلة حاسمة في تاريخالأمة الإسلامية في جناحها الأفريقي انبثقت نواتها الأولى في بجاية , أوقريباً منها , ذلك أن "عبد المؤمن بن علي الكومي الندرومي الجزائري " التقى ( قابل) " المهدي بن تومرت المصمودي المغربي " في مسجد ملالة الذييبعد نحو ستة أميال عن بجاية , وقررا الإطاحة بالدولة الزيرية في تونس , والدولة الحمادية في الجزائر ، والدولة المرابطية في المغرب ، فقد شاخت , وهزمت جميعها , ودب فيها الفساد والانحلال , حتى قال عنها ابن خلدون : "استرجلت فيها النساء ، وتأنث فيها الرجال ، وانقلبت المفاهيم ، وانعكستالآية ..."ومن ربوع بجاية انطلقت دولة الموحدين تقوم الاعوجاج , وتعيدالأمور إلى نصابها ، وتوحد المسلمين في الشمال الأفريقي والأندلس....



دار هجرة العلماء:
وصفت بجاية بأنها دار هجرة العلماء ,وذلك راجع إلى هجرتين أساسيتين.أما الأولى فهي هجرة رجال الفكر والأدب من قلعة بني حماد التي كانت دارعلم وأدب ومعهداً لتحفيظ القرآن والحديث ، وتعليم العربية ... أما الهجرةالثانية فهي هجرة العلماء والمحدثين والأدباء من الأندلس فارين بدينهم منمحاكم التفتيش , والاضطهاد الإسباني بعد سقوط دولة المسلمين هناك.
يضافإلى ذلك هجرات العلماء من القيروان والقرويين وغيرهما من الحواضر الفكرية .. فشهدت بذلك مرحلة من التلاقح الفكري والامتزاج الثقافي , جعلت منهامركز الإشعاع الفكري في وسط الجزائر , إلى جانب تلمسان في الغرب وقسنطينةفي الشرق.
ولم تكن قبلة العلماء والمفكرين وحدهم ، وإنما ، وبسبب ذلك ،كانت غاية طلاب العلم , يشدون إليها الرحال من كل حدب وصوب, قاصدينعلماءها ومعاهدها التي بلغت شهرتها الآفاق ... كما لم يكن العلم وقفاً علىالرجال دون النساء , فجامعة " سيدي التواتي " مثلاً كان يؤمها في يوم منأيام بجاية ثلاثة آلاف طالب منهم خمسمائة طالبة ويقال : إن إحداهن أوفدتإلى مؤتمر علمي فألقت محاضرة , امتدت ثلاثة أيام وكان موضوعها حول علمالفلك والحساب الرياضي. ..
ويذكر المؤرخون أن هناك أكثر من ألف امرأةكانت تحفظ المدونة ، التي كتبها الإمام سحنون في الفقه المالكي ، عن ظهرقلب كما تحفظ القرآن الكريم ,
وقد خلد الإمام عبدالحميد بن باديس ـرحمه الله ـ دور نساء بجاية في نهضتها الفكرية في عبارته الشهيرة التيوصفهن بها ـ إلى جانب نساء بغداد وقرطبة ـ بأنهن بلغن مكاناً عالياً فيالعلم , وهن محجبات.
ومما يؤكد أهمية بجاية والمكانة العلمية التيبلغتها في عهودها الزاهرة ، اتجاه غير المسلمين إليها وطلبهم العلم فيمعاهدها , فقد تعلم أهل بيزا الإيطاليون صنع الشمع من مصانعها , ونقلوهإلى بلادهم , ومنها إلى أوروبا ، ولا يزال يمسى الشمع عندهم (بوجي) مأخوذاً عن اسم بجاية كما أن العالم الرياضي الإيطالي الشهير (فليوناردوبيزة) تتلمذ على أيدي علمائها.
أعلام بجاية :
لقد تخرج من بجايةأعلام كثيرون في الفقه ، والأدب والشعر والطب والرياضيات وغيرها ... ورغمأن أبا العباس أحمد بن عبدالله الغبريني ، وضع كتابه "عنوان الدارية " للترجمة لمشايخه من علماء القرن السادس الهجري الذي يعد من أكثر قرونبجاية ازدهاراً في الحياة العلمية والتعليمية ، إلا أنه لم يأت عليهمجميعاً , واكتفى بأن قال بعد أن أورد مجموعة منهم :" وقد بقي خلق كثير منأهل المائة السادسة , ممن لهم جلال وكمال , ولكن شرط الكتاب منع من ذكرهم.
وفيإطار الترجمة لأبي علي المسيلي : الذي درس ببجاية , وولي القضاء بها , وجمع بين العلم والعمل , وعرف بأبي حامد الغزالي الصغير ، أشار الغبرينيإلى حجم العلماء المجتهدين الذين قاموا على حل المسائل الشرعية الدقيقة ...فأورد قولا لأبي علي المسيلي ، جاء فيه : "أدركت ببجاية ما ينيف علىتسعين مفتياً , ما منهم من يعرف الحسن بن علي المسيلي".
لقد استطاعتبجاية أن تكون لأكثر من أربعة قرون قبلة العلماء , ومهبطاً لأفئدة طالبيالعلم ، وساحة لتبادل الأفكار والآراء ، وميداناً للإبداع العلمي ؛ حيثراجت حركة نشطة للتأليف في الفقه والتاريخ والرياضة والفنون والنحو وغيرذلك ... ويذكر المؤرخون أن الفرنسيين عندما غزوا بجاية استولوا على حمولةاثنتي عشرة سفينة من الكتب القيمة جمعت من مدارس بجاية ومساجدها ويقال إنهذه الكتب غرقت جميعها في البحر ...
تقع القيروان في تونس على بُعد 156 كم من العاصمةتونس. وكلمة القيروان كلمة فارسية دخلت إلى العربية، وتعني مكان السلاحومحط الجيش أو استراحة القافلة وموضع اجتماع الناس في الحرب. قام بإنشاءالقيروان عقبة بن نافع رضي الله عنه عام 50هـ، ولقد لعبت القيروان دوراًأساسياً في تغيير مجرى تاريخ الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط وفيتحويل إفريقية (تونس) والمغرب من أرض مسيحية لهجتها لاتينية، إلى أرضلغتها العربية ودينها الإسلام.
وتعتبر القيروان من أقدم وأهم المدن الإسلامية، بل هىالمدينة الإسلامية الأولى في منطقة المغرب ويعتبر إنشاء مدينة القيروانبداية تاريخ الحضارة العربية الإسلامية في المغرب العربي، فلقد كانت مدينةالقيروان تلعب دورين هامين في آن واحد، هما: الجهاد والدعوة، فبينما كانتالجيوش تخرج منها للغزو والفتح، كان الفقهاء يخرجون منها لينتشروا بينالبلاد يعلِّمون العربية وينشرون الإسلام.
ولقد استطاعت القيروان أن تفرز طوال أربعة قرونمتتالية مدرسة متعدّدة الخصائص أبقت على ذكرها خالداً وحافظت على مجدهاالتليد، وكانت المدينة آنذاك سوقاً للمعرفة يغترف من مناهلها الواردون علىأحواضها والمتعطّشون لمعارفها، فطبقت شهرتها الآفاق وعمّ ذكرها كامل أرجاءالمغرب الإسلامي.
وانتصب بها منذ أواخر القرن الثالث هجري (التاسعميلادي) بيت للحكمة محاك لمثيل ببغداد في التبحّر في مجالات العلوم الطبيةوالفلكية والهندسية والترجمة وركّزت مقومات النهضة الفكرية والعلميةبالبلاد.
وقد ظلت عاصمة للبلاد وأحد أكثر مراكز الثقافة العربيةالإسلامية تألقاً بالمغرب الإسلامي طيلة خمسة قرون من السابع إلى الثانيعشر للميلاد.
إن قيمة معالم القيروان وأصالتها وثراء كنوزها الأثريةوتنوعها تجعل منها أيضا متحفاً حياً للفنون والحضارة العربية الإسلامية،وما تتسم به معالم المدينة من أشكال معمارية فاخرة ومن تنوع في رصيدهاالزخرفي ينم ويشهد في آن واحد على الدور الذي قامت به في تأسيس الفنالإسلامي ونضجه ونشره.


من المعالم التاريخية:
1-الجامع الكبير: ويرجع تاريخه إلى العام 836م ويعدمحرابه وأرضيته ذات البريق المعدني وكذلك منبره ومقصورته من روائع تحفالفن الإسلامي.
مسجد ابن نيرون أو جامع الأبواب الثلاثة : وهو يقدمواحدة من أجمل وأقدم الواجهات المزخرفة التي يرجع عهدها إلى القرن الثالثه التاسع م.
الفسقيات: وقد بنيت في العام 836م لتزويد القيروان بالماء ،وهي تشكل أهم التجهيزات المائية المقامة في العصر الوسيط.
ولا تزال المدينة تحتفظ أيضاً بعدد لكبير من مساجدالخطبة بالأحياء أو ببعض الحمّامات العمومية، وبأسواقها ومقابرها القديمة،وبالقسط الآخر من نسيجها الحضري الإسلامي.
وإلى هذه المعالم يضاف عدد كبير من المباني الدينيةتعود إلى القرن الخامس عشر مثل: الزوايا والمدارس، ومقامات الصالحين، ممابناه أهل القيروان تخليداً لذكرى أعلام المدينة، وقد أضفت هذه المباني علىالمدينة صبغة المدينة المقدسة.
2-جامع عقبة بن نافعيعد هذا المسجد الجامع بالقيروانأبرز ما جاءت به العمارة القيروانية في الحضارة الإسلاميةبالمغرب العربي،وقد أسس سنة 50 ه، ويعود الفضل لزيادة الله الأول في رسم ملامحه وتخطيطهالنهائي 220 - 226ه ، وهو يشتمل على 17 بلاطة وثمانية أساكيب، ويستمدتخطيطه من الجامع الأموي مع الاقتداء بمثال جامع الرسول بالمدينة.
ويتميَّز جامع القيروان، بالإضافة إلى معماره وتركيبهالهندسي، بالمحافظة على أغلب أثاثه الأصلي الذي يرجع إلى فتراته الأولى،وحسبنا للتدليل على ذلك أن نذكر المنبر الخشبي 284ه وهو أقدم المنابرالإسلامية التي سلمت من تقلُّب الأزمات، وهو مصنوع من خشب الساج، ويشتملعلى ما يربو عن 106 لوحة تحمل زخارف بنائية وهندسية بديعة، تعبر عن تمازجالتأثيرات البيزنطية وتوحيدهها في روح إسلامية.
3-البرك الأغلبية :
وتعد برك الأغالبة من أشهر المؤسسات المائية فيالحضارة الإسلامية، وقد أقامها الأمير أبو إبراهيم أحمد بن الأغلب سنة 284ه، بعد عامين من العمل المتواصل، وتأنق في مظهرها وإبراز تفاصيلهاالهندسية بما يتناسب مع مظهر عاصمته القيروان، وتعتمد البركة على ثلاثةعناصر أساسية :
- حوض للترسيب يبلغ قطره 34، وسعته 4000 متر مكعب تسنده دعائم داخلية 17 وأخرى خارجية.
- الحوض الكبير وهو يتصل بالحوض الأول عن طريق فتحهتسمى السراج، ويمتاز بأبعاده المترامية حيث يبلغ قطره 7ر127م وعمقه 8ر4 م، ويشتمل على 64 دعامة داخلية و 118 دعامة خارجية ، وتبلغ طاقة استيعابه 000ر58متر مكعب.
الصهريج، وهو معد لتخزين ماء الشرب، ويسع حوالي 9000متر مكعب، إن هذه البركة الكبيرة بأبعادها الشاسعة ، إسهام تذكاريلمجد المدينة الصامدة وتجسيد لمعركتها القديمة ضد القحط.
من أعلام القيروان:
من أعلام القيروان الإمام سحنون بن سعيد تلميذ الإمام مالك ومؤلف كتاب المدونة الذي كان له دور كبير في تدوين المذهب المالكي.
مدينة طنـــــجة :

تتميزطنجة بكونها نقطة التقاء بين البحر الأبيض المتوسط من جهة، و بين القارةالأوروبية و القارة الإفريقية من جهة أخرى. هذه الوضعية الإستراتيجيةالهامة مكنتها من الاستئثار باهتمام الإنسان، و جعلت منها محطة اتصال وعبور و تبادل الحضارات منذ آلاف السنين. مما تشهد عليه المواقع و البقاياالأثرية المتواجدة بطنجة و منطقتها، و المنتمية إلى حضارات ما قبل التاريخو حضارات الفنيقيين و البونيقيين التي ربطت اسم طنجة في أساطيرها العريقةباسم " تينجيس " زوجة " آنتي " ابن" بوسايدون " إله البحر و " غايا " التيترمزللأرض. ثم الفترة الرومانية التي خلالها أصبحت طنجة تتمتع بحق المواطنةالرومانية، بل من المحتمل جدا أن روما جعلت من طنجة عاصمة لموريتانياالطنجية، المقاطعة الغربية لروما بشمال إفريقيا.
بعدفترة من السبات، استعادت طنجة حيويتها مع انطلاق الفتوحات الإسلامية لغزوالأندلس علي يد طارق بن زياد سنة 711م، ثم من طرف المرابطين و الموحدينالذين جعلوا من طنجة معقلا لتنظيم جيوشهم و حملاتهم. بعد ذلك تتالت علىطنجة فترات الاحتلال الإسباني و البرتغالي و الإنجليزي منذ 1471م إلى 1684م، والتي تركت بصماتها حاضرة بالمدينة العتيقة كالأسوار و الأبراج والكنائس.
لكن تبقى أهم مرحلة ثقافية و عمرانية مميزة في تاريخ طنجة الوسيط والحديث هي فترة السلاطين العلويين خصوصا المولى إسماعيل و سيديمحمد بن عبد الله.
فبعد استرجاعها من يد الاحتلال الإنجليزي سنة 1684مفي عهد المولى إسماعيل، استعادت طنجة دورها العسكري و الدبلوماسي والتجاري كبوابة على دول البحر الأبيض المتوسط، و بالتالي عرفت تدفقاعمرانيا ضخما، فشيدت الأسوار و الحصون و الأبواب. وازدهرت الحياة الدينيةو الاجتماعية، فبنيت المساجد والقصور و النافورات و الحمامات والأسواق،كما بنيت الكنائس والقنصليات و المنازل الكبيرة الخاصة بالمقيمين الأجانب،حتى أصبحت طنجة عاصمة ديبلوماسية بعشر قنصليات سنة 1830م، و مدينة دوليةيتوافد عليها التجار والمغامرون من كل الأنحاء نتيجة الامتيازات الضريبيةالتي كانت تتمتع بها.
أسوار المدينة العتيقة : تمتد على طول 2200م، مسيجة بذلك الأحياء الخمسة للمدينة العتيقة: القصبة، دار البارود، جنان قبطان، واد أهردان، و بني إيدر.
بنيتأسوار المدينة على عدة مرا حل، و التي من المحتمل جدا أنها بنيت فوق أسوارالمدينة الرومانية "تينجيس". تؤرخ الأسوار الحالية بالفترة البرتغالية (1471-1661م)، إلا أنها عرفت عدة أشغال الترميم و إعادة البناء و التحصينخلال الفترة الإنجليزية (1661-1684)، ثم فترة السلاطين العاويين الذينأضافوا عدة تحصينات في القرن 18م، حيث دعموا الأسوار بمجموعة من الأبراج: برج النعام - برج عامر - برج دار الدباغ و برج السلام. كما فتحوا بها 13بابا منها: باب القصبة - باب مرشان- باب حاحا - باب البحر- باب العسة - باب الراحة و باب المرسى.
قصبة غيلان :تقععلى الضفة اليمنى لوادي الحلق, على الطريق المؤدية إلى مالاباطا شرقالمدينة العتيقة. تم بناؤها حوالي 1664 م، و يرتبط اسمها باسم الخديرغيلان قائد حركة الجهاد الإسلامي ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتل مدينةطنجة ما بين 1662م و 1684 م.
تتوفر القلعة على جهاز دفاعي محكم، عبارة عن سورين رباعيا الأضلاع محصنين ببرجين نصف دائريين و بارزين، تتوسطهما باب عمرانية ضخمة.

قصر القصبة أو دار المخزن :تحتل هذه البناية موقعا استراتيجيا في الجهة الشرقية من القصبة, من المرجح جدا أنه استعمل خلال فترات أخرى من التاريخ القديم.
بنيقصر القصبة أو قصر السلطان مولاي إسماعيل في القرن XVIII م، من طرف الباشاعلي أحمد الريفي، على أنقاض القلعة الإنجليزية « uper castel ».
وهو يحتوي على مجموعة من المرافق الأساسية: الدار الكبيرة، بيت المال، الجامع، المشور، السجون، دار الماعز والرياض.
في سنة 1938م تحولت البناية إلى متحف إثنوغرافي و أركيولوجي لطنجة و منطقتها.


الجامع الكبير :علىمقربة من سوق الداخل يتواجد الجامع الكبير. تم تحويله إلى كنيسة خلال فترةالاستعمار البرتغالي، بعد استرجاعه في سنة 1684م عرف عدة أعمال ترميم وتوسيع خلال الفترة العلوية.
تتميز هذه المعلمة ببهائها وغنى زخارفها،حيث استعملت فيها كل فنون الزخرفة من فسيفساء و زليج و صباغة ونقش ونحت وكتابة على الخشب و الجبس.
يحتوي الجامع الكبير على بيت للصلاة مكون من ثلاثة أروقة متوازية مع حائط القبلة و صحن محاط من كل جانب برواقين.
و بذالك فهو يعتبر نموذجا للمساجد العلوية المعروفة ببساطة هندستها.

جامع الجديدة:يعرفكذلك باسم جامع عيساوة و أحيانا بمسجد النخيل، يقع أمام الزاوية العيساويةعلى زنقة الشرفاء. . يتميز المسجد بمنارته ذات الزخارف الفسيفسائية.
جامع القصبة:يوجد بزنقة بن عبو. بني في القرن XVIII م من طرف الباشا علي أحمد الريفي، و يعتبر من ملحقات قصر القصبة أو ما يسمى بدار المخزن.









رد مع اقتباس