منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الرد على القبوري الطيباوي في هدم الاثار الاسلامية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-09-17, 15:26   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
قادة بلعيد
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي الرد على القبوري الطيباوي في هدم الاثار الاسلامية

الطيباوي القبوري يتحدث عن الأماكن التي ولد فيها االنبي صلى الله عليه وسلم والبيوت التي سكنها الصحابة .. وكذلك جلسوا فيها .. دار الأرقم وبيت خديجة رضي الله عنها .. وما شابه ذلك .

فهو يرى أن هذه الأماكن التاريخية لها مزية

ثم نسألُ فنقول : لماذا لم تحفظ الشريعة أماكن آثار الصالحين ، بل وقبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، كقبر الخليل ، وموسى عليهم السلام ؟

لماذا لم تحث الشريعة على حفظ قبور الصحابة رضي الله عنهم ؟ بل لماذا نهت الشريعة عن الكتابة على القبور والبناء عليها ، وتجصيصها ، والصلاة عندها ؟

الشريعة لم تأتِ بتعظيم الآثار ولا بِتعظيم القبور ، بل ولا بالغلو بالْمخلوقين ، وإنما جاءت الشريعة بالنهي عن تعظيم القبور ، ومن ذلك بناء المساجد عليها ، وكذلك بناء القبب والأضرحة .

فاتخاذ آثار الأنبياء والصالحين مساجد وجعلها مزارات من فعل أهل الجاهلية .

( وأما تعظيم الآثار بالأبنية والزخارف والكتابة ونحو ذلك . فهو خلاف هدي السلف الصالح ، وإنما ذلك سنة اليهود والنصارى ومن تشبه بهم ، وهو من أعظم وسائل الشرك . وعبادة الأنبياء والأولياء كما يشهد به الواقع ، وتدل عليه الأحاديث والآثار المعلومة في كتب السنة فتنبه واحذر ). أ ـ هـ .

ويقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ـ شرح مسائل الجاهلية ص227ـ في من يذهب إلى غار حراء وغار ثور ويصلون فيه وما شابه ذلك قال : (هذا كله من دين الجاهلية فالجاهلية هي التي تُعظِّم آثار أنبيائها ).

( تعظيم آثار المعظمين من العلماء أو من الملوك أو من الرؤساء ، بأن تُحيا هذه الآثار وترمم وتصان ، فهذا العمل وسيلة من وسائل الشرك ، وهذا من دين الجاهلية ؛ لأنه يأتي جيل فيما بعد يقولون ـ أو يقول لهم الشيطان ـ: إن آبائكم ما احتفظوا بهذه الآثار إلا لأن فيها بركة وفيها خيراً ، فيعبدونها من دول الله ؛ لأن الجيل الأول هيأ لهم الأسباب ، كما فعل الشيطان مع قوم نوح لما أمرهم بتصوير الصالحين لأجل أن تبعث فيهم النشاط على العبادة ، فهم أسّسوا هذا الشيء بنية صالحة ، ولكن جاء جيل جُهّال فعبدوها ) أ ـ هـ .

أن الرسول صلى الله عليه وسلم حطم الأوثان والأصنام .. فهدم اللات والعزى ومناة . مع أنها آثار عربية قديمة .

لم يقتصر على تحطيم الأصنام فقط . بل والمباني والأحجار التي كانت تعبد مع الله .

وقد ذكر محمد بن إسحاق والأزرقي ( كما في أخبار مكة للفاكهي 5/134) وغيره أن عمرو بن لحي هو أول من دعى العرب إلى عبادة الأصنام من دون الله ـ تعالى ـ ، إلا أن قريشاً قبله كانوا يعظمون أحجار مكة ، ويظعنون بها معهم إذا ظعنوا تعظيماً لها،حتى دعاهم عمرو بن لحي إلى عبادة الأحجار والأشجار وغير ذلك. أ ـ هـ

ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم أمّته عن الغلو، الذي كان سبب تغيير دين الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ مخافة ذلك ؛ لأنه سريع السراية في محو سنن المرسلين ، وتبديل عبادة رب العالمين بعبادة الشياطين ، حتى إنه ليصعب على عابديها الخروج من ذلك .

وقد سُئِل سفيان بن عيينة : ( كيف عبدت العرب الحجارة والأصنام ؟ فقال : أصل عبادتهم الحجارة أنهم قالوا : البيت حجر ، فحيث ما نصبنا حجراً فهو بمنزلة البيت) . وقد روى هذا الأثر بإسناده ابن الجوزي كما في تلبيس إبليس ص71 .

1ـ العزى : قال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (27/59) : ( وأما العزى فاختلف أهل التأويل فيها فقال بعضهم : كانت شجرات يعبدونها ، وقال آخرون : كان بيتاً بالطائف تعبده ثقيف ، وقال آخرون : بل كانت ببطن نخلة ، وقال آخرون : كانت العزى حجراً أبيض ) أ ـ هـ .

وقال ابن كثير رحمه الله كما في تفسيره (7/455) : ( كانت شجرة عليها بناءٌ وأستارٌ بنخلة وهي بين مكة والطائف كانت قريش يعظمونها ) أ ـ هـ .

وروى النسائي في السنن الكبرى برقم (11547) بإسناده عن أبي الطفيل قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى ، فأتاها خالد وكانت على ثلاث سمُرات ، فقطع السَّمرات ، وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : (( ارجع فإنك لم تصنع شيئاً )) . فرجع خالد ، فلما أبصرته السدنة ـ وهم حَجَبتها ـ أمعنوا في الحيل وهم يقولون : (( يا عزى ، يا عزى )) فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحفن التراب على رأسها ، فغمسها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال : (( تلك العزى )) .

فهذه العزى أصلها شجرة ذات سمرات ثلاث وقد عبدها المشركون .

2ـ اللات : فقد روى ابن عباس كما في صحيح البخاري برقم (4859) بأن ( اللات ) كان رجلاً يلت للحجيج في الجاهلية السويق . فلما مات عكفوا على قبره فعبدوه .

ونقل ابن كثير في تفسير الآية (7/454) أن هذا هو قول مجاهد والربيع بن أنس .

3ـ ذو الخلصة : وقد اختلف أهل العلم في (ذو الخلصة ) هل هو صنم أو بيت كان يعبد وقد رجح الأزرقي كما في أخبار مكة (1/375) أنه بيت كان يدعى الكعبة اليمانية فيه نصُب.

وقد جاء في صحيح مسلم برقم (2456) من حديث جرير رضي الله عنه أن ذا الخلصة كان يقال له الكعبة اليمانية والكعبة الشامية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( هل أنت مريحي من ذي الخلصة والكعبة اليمانية والكعبة الشامية ...)) الحديث ، وفيه فحرقها بالنار .

وروى البخاري في صحيحه برقم (7116) عن أبي هريرة رضي الله عنه : (( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة )).

فالرسول صلى الله عليه وسلم هدم وأزال أنواعًا من المعبودات منها الأصنام والمباني والأشجار والأحجار وغيرها ، ولم يقتصر على الأصنام فقط وكان هدمه لتلك الأوثان بالنظر إلى ما يفعل عندها من أولئك الجهال ولم يقتصر على ذلك بل أمر بإزالة أسباب الشرك وقطع الطرق الموصلة إلى الشرك فأمر بكسر التماثيل .. وطمس الصور .. وتسوية القبور إذا لم تعبد .. فكيف إذا عبدت .

قال ابن القيم ـ في قصة هدم اللات لما أسلمت ثقيف ـ : ( فيه أنه لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها ، يوماً واحداً .

وكذلك حكم المشاهد التي بنيت على القبور، والتي اتخذت أوثاناً تعبد من دون الله، والأحجار التي تقصد للشرك والنذر ، لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالتها . وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة ، وأعظم شركاً عندها وبها . فاتبع هؤلاء سنن من كان من قبلهم ، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة ، وغلب الشرك على أكثر النفوس ؛ لظهور الجهل وخفاء العلم . فصار المعروف منكراً والمنكر معروفاً، والسنة بدعة والبدعة سنة . وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام، وقل العلماء ، وغلب السفهاء ، وتفاقم الأمر ، واشتد البأس ، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) . أ ـ هـ زاد المعاد (3/506).

فهذه الأحجار والمباني في مكة هي آثار مع أن أصلها حجارة ، لكن لما عبدت من قبل أولئك الجاهلين انتقلت من كونها آثاراً إلى أوثان تعبد مع الله ، فكان صنيع النبي صلى الله عليه وسلم هو تحطيمها .

وهكذا آثار الصالحين .. وبيوتهم وأماكن ولادتهم متى ما كانت تعبد مع الله فيسجد لها وينذر لها وتدعى مع الله فهي أوثان لابد من هدمها لكي يقطع الشرك وأسبابه.

وهذه الأعمال الشركية من قبل الجهال هي التي تنقل هذه الآثار إلى كونها أوثاناً ؟

جاء في صحيح مسلم من حديث أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي رضي الله عنه : ( ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . أن لا تدع صورة إلا طمستها ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته ).رواه مسلم 2/969.

دل هذا الحديث على أن ما كان فيه فتنة للناس كارتفاع القبر .. ووجود الصور فإنه يزال ... ولا يترك مع القدرة على إزالته

قال الإمام القرطبي رحمه الله : (وأما تعلية البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيماً وتعظيماً فذلك يُهدمُ ويزال ). تفسير القرطبي 10/381 .

وقال ابن تيمية رحمه الله : ( فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم ، يتعين إزالتها بهدم أو بغيره هذا مما لا أعلم فيه خلافاً بين العلماء المعروفين ) اقتضاء الصراط المستقيم 2/675 .

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله عن حكم المساجد المبنية على القبور : ( حكم الإسلام فيها أن تهدم كلها حتى تسوى بالأرض ، وهي أولى بالهدم من مسجد الضرار ) أ ـ هـ . إغاثة اللهفان 1/210.


ا روى محمد بن وضاح (ص87) وغيره أن عمر بن الخطاب أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم .وقد روى هذا الأثر ابن سعد في الطبقات بسنده عن نافع، الطبقات الكبرى 2/100 ، وذكره ابن حجر في الفتح (7/513) وقال : ( ثم وجدت عند ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر ... ).

وقال ابن وضاح (ص87) في كتابه البدع والنهي عنها : ( سمعت عيسى بن يونس مفتي طرسوس يقول : أمر عمر بن الخطاب بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها فخاف عليهم الفتنة ). أ ـ هـ .

قال أبو بكر الطرطوشي في كتابه : [الحوادث والبدع ] ص38 بعد أن ذكر حديث أبي واقد الليثي : ( فانظروا رحمكم الله أيضاً أينما وجدتم سدرة أو شجرة يقصدها الناس ، ويعظمون من شأنها ، ويرجون البر والشفاء من قبلها ، وينوطون بها المسامير والخرق ، فهي ذات أنواط فاقطعوها ) أـ هـ .

وقال عبدالرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة في كتابه [الباعث على إنكار البدع والحوادث] ص24 : ( ولقد أعجبني ما صنعه الشيخ أبو إسحاق الجبيناني رحمه الله تعالى ـ أحد الصالحين ببلاد أفريقية في المائة الرابعة ـ ، حكى عنه صاحبه الصالح أبو عبدالله محمد بن أبي العباس المؤدب أنه كان إلى جانبه عين تسمى : عين العافية، كانت العامة قد افتتنوا بها، يأتونها من الآفاق ، من تعذر عليها نكاح أو ولد ، قالت : امضوا بي إلى العافية فتعرف بها الفتنة ، قال أبو عبدالله : فإنا في السحر ذات ليلة إذ سمعت أذان أبي إسحاق نحوها فخرجت فوجدته قد هدمها ، وأذن الصبح عليها ، ثم قال : اللهم إني هدمتها لك فلا ترفع لها رأساً . قال : فما رفع لها رأس إلى الآن ) أ ـ هـ .


ولم يُعظِّم الصحابة قبور الشهداء ، ولا آثار وأماكن الغزوات ، فأعظم نصر كان في أول الإسلام هو ما كان في يوم بدر ، ومع ذلك لم يُعرف عن أحد من الصحابة تعظيم مكان الغزوة ، ولا زيارته أو تعاهده .

وكذلك ما كان من آثار الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام .
وكذلك فَعَل الصحابة رضي الله عنهم مع قبر النبي دانيال عليه السلام .
فقد روى ابن أبي شيبة من طريق أبي عمران الجوني عن أنس أنهم لَمَّا فتحوا تستر قال : كانوا يستظهرون ويستمطرون به ، فكتب أبو موسى إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب عمر إنّ هذا نبي من الأنبياء ، والنار لا تأكل الأنبياء ، والأرض لا تأكل الأنبياء ، فكتب : أن انظر أنت وأصحابك – يعني أصحاب أبي موسى – فادفنوه في مكان لا يعلمه أحد غيركما . قال : فذهبت أنا وأبو موسى فَدَفَـنَّاه .
ورواه أبو عُبيد القاسم بن سلاّم في كتاب ” الأموال ” وتمام الرازي من طريق قتادة قال : لَمَّا فُتِحَت السوس وعليهم أبو موسى الأشعري وجدوا دانيال ، وإذا إلى جنبه مالٌ موضوع من شاء أن يستقرض منه إلى أجل ، فإن أتى به إلى ذلك الأجل وإلاَّ بَرِص . قال : فالتزمه أبو موسى وقَبَّلَه وقال : دانيال ورب الكعبة ، ثم كتب في شأنه إلى عمر ، فكتب إليه عمر : أن كفنه وحَنّطه وصَلّ عليه ، ثم ادفنه كما دُفِنت الأنبياء ، وانظر ماله فاجعله في بيت مال المسلمين . قال : فَكَفَّنَه في قباطي وصَلى عليه ودفنه .
فلم يجعلوا مَالَه ولا شيئا من آثاره للناس ، بل دَفنوا جُثمانه وجَعلوا مَالَه في بيت مال المسلمين .
وفي رواية لابن أبي شيبة وابن عساكر في ” تاريخ دمشق ” من طريق مطرف بن مالك أنه قال : شهدت فتح تستر مع الأشعري قال : فأصبنا دانيال بالسوس قال : فكان أهل السوس إذا أسنّوا أخرجوه فاستقوا به ! … قال : وأصبنا معه رَبْطَتَيْن مِن كِتَّان .

فماذا ترى فعل الصحابة ومن معهم بأثر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ؟

وتعظيم آثار الصالحين كان سبب الشرك في الأرض ، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال عن ” وُدّ ، وسُواع ، ويَغوث ، ويَعُوق ، ونسر ” : أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ ، فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ .
قال القرطبي المالكي ( المتوفّى سنة 671 هـ ) : قال علماؤنا: ففعل ذلك أوائلهم ليتأسَّوا برؤية تلك الصور ، ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ، ويعبدون الله عز وجل عند قبورهم ، فَمَضَت لهم بذلك أزمان ، ثم أنهم خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم ، ووسوس لهم الشيطان أن آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها ، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك . وشدد النكير والوعيد على من فعل ذلك ، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال : اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد . وقال : اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ” . اهـ .
ومما وقعت به بنو إسرائيل وضلّت بسببه : تعظيم الآثار !
ألا ترى إلى فعل السامري وما الذي حمله على ما فعل حتى جَعَل لِبني إسرائيل إلهـًا يُعبد من دون الله ؟
وما كان سبب ذلك إلاّ تعظيم الآثار ، كما قال تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام مع السامري : (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) .
قال الإمام السمعاني في تفسيره : يعني : مِن تُراب حَافِر فَرَس جِبريل .
وتعظيم الآثار مما أطبقت الأمة على إنكاره ، فقد أنكره علماء الأمة عامة ، وعلماء المالكية خاصة ، سواء في المغرب أو في الأندلس .
روى الإمام مالك بن أنس – صاحب المذهب المتبوع المشهور – عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم لا تجعل قبري وَثَنا يُعْبَد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .
قال الإمام ابن عبد البر المالكي ( المتوفّى سنة 463 هـ ) : وليس فيه حُكم أكثر من التحذير أن يُصَلّى إلى قبره ، وأن يُتَّخَذ مَسْجِدًا . وفي ذلك أمْر بأن لا يُعْبَد إلاَّ الله وحده . وإذا مُنِع من ذلك في قبره فسائر آثاره أحْرَى بذلك .
قال : وقد كَرِه مَالك وغيره من أهل العلم طلب موضع الشجرة التي بُويع تحتها بيعة الرضوان ، وذلك – والله أعلم – مُخَالَفَة لِمَا سَلَكه اليهود والنصارى في مثل ذلك . اهـ .
وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي ( المتوفَّى سنة 530 هـ) ، وهو في الأصل من علماء الأندلس ، ومن فقهاء المالكية :
وروى محمد بن وضاح أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أمَر بِقَطْع الشجرة التي بُويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الناس كانوا يَذْهَبُون إليها ، فَخَاف عُمَر رضي الله عنه الفتنة عليهم .
قال : وكان مالك وغيره من علماء المدينة يكرهون تلك المساجد وتلك الآثار التي في المدينة ما عدا قباء وأُحُدًا .
ودخل سفيان الثوري رحمه الله تعالى ببيت المقدس فصلى فيه ولم يتَّبِع تلك الآثار والصلاة فيها .
وكذلك فعل غيره أيضا ممن يُقْتَدى به .
قال محمد بن وَضَّاح : كم مِن أمْرٍ هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان مُنْكَرًا عند من مَضى ، وكم مُتَحَبِّبٍ إلى الله تعالى بما يُبْغِضُه الله تعالى عليه ، ومُتَقَرِّب إلى الله تعالى بما يُبْعِده منه ، وكل بدعة عليها زِينة وبَهْجَة . اهـ .
ونَقَله أبو شامة الشافعي ( المتوفَّى سنة 665 هـ) في ” كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث ” .
وابن وضّاح مالكي المذهب ، وهو مُحدِّث الأندلس في زمانه . توفِّي سنة 287 هـ .
ولم يكن من شأن الصحابة تعظيم الآثار ، ولَمَّا لم يكن لتلك الآثار مَنْزِلة في الشريعة لم يتكفّل الله بِحفظها .
فقد روى البخاري في صحيحه من طريق طَارِق بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : انْطَلَقْتُ حَاجًّا فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ قُلْتُ : مَا هَذَا الْمَسْجِدُ ؟ قَالُوا : هَذِهِ الشَّجَرَةُ حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ ، فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ سَعِيدٌ : حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ . قَالَ : فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ ؟ فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ .
قال ابن حجر : قال سعيدٌ هذا الكلام مُنْكِرا ، وقوله : ” فأنتم أعلم ” هو على سبيل الـتَّهَكُّم . اهـ .
وهذا مما يدلّ على أن الصحابة رضي الله عنهم لم تكن لهم عناية بالآثار من الأماكن وغيرها .
فقد روى البخاري من طريق سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ ثُمَّ أَتَيْتُهَا بَعْدُ فَلَمْ أَعْرِفْهَا .
فإذا كانت تلك الآثار قد اندرست منذ زمن الصحابة رضي الله عنهم فما بالك بها بعد ذلك ؟
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم قد حرصوا على إزالة تلك الآثار التي يفتتن بها بعض الناس ، فهل ترى لها باقية ؟!
وهل نحن أشدّ حرصا من الصحابة رضي الله عنهم على آثار النبي صلى الله عليه وسلم ، مع شِدّة محبّتهم له عليه الصلاة والسلام ؟
ومع ذلك لا يُعرف عنهم تعظيم لتلك الآثار ولا الأماكن التي نَزَلها النبي صلى الله عليه وسلم ، أو حتى التي صلّى فيها يومًا على الطريق ، بل عُرِف عنهم ضِدّ ذلك كما تقدّم عن عمر رضي الله عنه وعن غيره من إنكار قصد تلك الأماكن وتقصّد إتيانها .

منقول من عدة كتب









 


رد مع اقتباس