منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - استاذ الفلسفة
الموضوع: استاذ الفلسفة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2014-05-08, 20:36   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
mansour741
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

دافع عن الأطروحة القائلة السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة).

شاع لدى عامة الناس والخاصة منهم وهم العلماء وبعض المفكرين أن هناك اختلاف من حيث الطبيعة بين السؤال الفلسفي والسؤال العلمي، أي أن السؤالين الفلسفي والعلمي ليسا من طبيعة واحدة، غير أن هذه الفكرة الشائعة لاقت اعتراضا من طرف الفلاسفة وبعض المفكرين اللذين ذهبوا إلى اعتبار أن السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة ولا وجود لاختلاف بينهما؛ فإذا كانت الأطروحة القائلة السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة) أطروحة فاسدة من حيث السياق الفلسفي والمنطقي في نظر البعض من المفكرين والفلاسفة، فكيف يمكن لنا إثبات صدقها؟ أو بعبارة أخرى: كيف يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة؟
إن الأطروحة القائلة: السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة) تعني أن هناك تشابه بين السؤالين الفلسفي والعلمي، أي أن السؤال العلمي هو نفسه السؤال الفلسفي؛ بعبارة أخرى السؤالين الفلسفي والعلمي من طبيعة واحدة، أي لهما الخصائص والميزات نفسها.
هناك من دافع عن هذه الأطروحة القائلة: ( السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة) واعتبرها صادقة من حيث سياقها الفلسفي والمنطقي حيث يرى الفلاسفة و بعض المفكرين وهم أنصار الأطروحة أن السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة، أي أن السؤال العلمي هو نفسه السؤال الفلسفي، ولقد استند هؤلاء الفلاسفة إلى مجموعة من الأدلة والبراهين من بينها نذكر: أن كل منهما ناتج عن ملاحظة الظواهر التي تواجه الإنسان في حياته اليومية،بعبارة أخرى الفيلسوف يتأمل ثم يتساءل والعالم يلاحظ ثم يتساءل، فمثلا فلاسفة اليونان قديما تأملوا في الكون وما يحمله من عناصر طبيعية وحية ثم تساءلوا عن أصل الكون وما يحمله من الأشياء، كذلك الأمر بالنسبة إلى العلماء يلاحظون الظواهر ثم يتساءلون عن القوانين التي تتحكم فيها، فالفيلسوف اليوناني "طاليس" يعتبر من الفلاسفة الأوائل اللذين كانوا يتأملون في الطبيعة وظواهرها وهو من تساءل عن أصل الطبيعة والموجودات، لقد كان منشغلا بمراقبة الأفلاك وعيناه معلٌقتان في السٌماء، يبذل كلٌ ما في وسعه لمعرفة ما يدور في السٌماء، هذا الأمر موجود كذلك عند العلماء من بينهم العالم الألماني "ألبرت أينشتاين" الذي كان شديد الملاحظة كثير التساؤل عن الظواهر التي يلاحظها، فمثلا تساؤل "أينشتاين" عن موجات الضوء التي تستطيع أن تنتشر في الخلاء دون الحاجة لوجود وسط أو مجال لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة ملاحظته للموجات الأخرى المعروفة التي تحتاج إلى وسط تنتشر فيه كالهواء أو الماء، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن كل من السؤال الفلسفي والسؤال العلمي مصدرهما "المشاهدة"، أي الملاحظة الفلسفية والملاحظة العلمية. من جهة أخرى نجد أن كلاهما يعبر عن قلق فكري إزاء مشكلة أو إشكالية واجهت العالم أو الفيلسوف، فعلى سبيل المثال "سقراط" الفيلسوف اليوناني كان معروفا بقلقه الفكري الدائم حيال المشكلات الفكرية والاجتماعية التي سادت "أثينا" آنذاك، هذا القلق الفكري جعله يتساءل عن "الحق والواجب"، "السعادة"، "أصل المعرفة"، " العدالة"... وغيرها من المشكلات الفلسفية. هذا القلق الفكري موجود أيضا عند العالم، فمثلا العالم "كلود برنار" عبر كثيرا في مقالاته العلمية عن قلقه اتجاه المشكلات العلمية التي كانت تواجهه أثناء قيامه بالتجارب العلمية، فمن الأسئلة التي كانت تعبر عن قلقه الفكري نذكر مثلا: تساؤله عن إمكانية "دراسة الكائنات الحية دراسة تجريبية"، من هنا يمكن القول أن كل من السؤالين نابع من معاناة فكرية تصيب العالم والفيلسوف. هناك عامل آخر يجعل من السؤالين ذات طبيعة واحدة هو أن كلاهما يحتاج إلى قدرات ذهنية عالية تتمثل في "حدة الذكاء"،"قوة الذاكرة"،"التخيل العلمي الواسع"،"الإدراك الحسي والعقلي"... وغيرها من القدرات الذهنية التي تعمل على صياغة وبناء السؤال الفلسفي والسؤال العلمي.
هناك من عارض الأطروحة القائلة السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة) واعتبرها فاسدة من حيث السياق الفلسفي والمنطقي وهم خصوم الأطروحة حيث يذهب بعض العلماء والمفكرين إلى أن السؤال الفلسفي والسؤال العلمي ليسا من طبيعة واحدة، أي أن السؤال العلمي ليس هو نفسه السؤال الفلسفي، نذكر من بين المعارضين للأطروحة علماء الفيزياء والبيولوجيا وغيرهم ممن فصلوا بين السؤالين من حيث الخصائص والميزات.
إن من يعارضون الأطروحة القائلة: ( السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة) أفكارهم لاتستند إلى سياق فلسفي ومنطقي سليم وذلك من خلال موقف المؤيدين للأطروحة وهم الفلاسفة و بعض المفكرين حيث كذبوا أفكارهم مستندين في ذلك إلى جملة من الحجج نذكر من بينها: أن السؤال الفلسفي والسؤال العلمي كلاهما يتجاوز المعرفة العامية التي يتميز بها الإنسان العادي في حياته اليومية البسيطة، فالفيلسوف والعالم أسئلتهما تخص الظواهر الطبيعية كالتساؤل عن "حركة الكواكب" أو"سرعة الضوء" أو التساؤل عن "العدالة الاجتماعية" أو "الحياة الأخلاقية" وغيرها من المشكلات الكبرى التي تواجه العالم والفيلسوف، بينما الإنسان العادي فأسئلته بسيطة وسهلة كالتساؤل عن "محطة الحافلات" أو "كم الساعة؟" وغيرها من الأسئلة اليومية البسيطة والسهلة التي لا تحتاج إلى تفكير علمي أو فلسفي. زد على ذلك أن كلاهما يهدف إلى بلوغ الحقيقة، أي محاولة معرفة الحقائق الصحيحة للأشياء، أو بعبارة أخرى معرفة الأسباب والعلل أولى التي تتحكم في الظواهر والأشياء، فالفيلسوف مثلا عندما يبحث في أي إشكالية فلسفية فهو يتساءل عن الأسباب الأولى التي كانت سببا لوجودها، الشيء نفسه بالنسبة للعالم فهو أيضا يتساءل عن العلل الأولى التي تكون مصدرا لحدوث الظاهرة.
مما سبق تحليله نستنتج أن الأطروحة القائلة: ( السؤال الفلسفي والسؤال العلمي من طبيعة واحدة) صادقة وصحيحة من حيث السياق الفلسفي والمنطقي وذلك من خلال الحجج التي قدمها لنا أنصار الأطروحة والتي تؤكد أنها صادقة، نذكر على سبيل المثال أن الفيلسوف والعالم أسئلتهما تخص كل الظواهر الموجودة في هذا الوجود والتي لها علاقة بالإنسان.










رد مع اقتباس