[سيدتي الفاضلة]

العبرة ليست في كمِّ الأصدقاء، لكن في نوعيتهم، في مدى صدق ودهم ومدى قربهم منك.

أظنك أخطأت في مفهوم الصديق .. الذين ضننتهم أصدقاء في حقيقة الأمر لم يكونو سوى معارفك .. ربما رفاق دراسة، أو عمل، أو جيران .. جمعكم مكان ما، مصلحة ما، صدفة ما فتعارفتم .. جِدْ أيّ مسمّى لما يربطك بهم عدى أن تعدّهم أصدقاء.

أتدري من هو الصّديق ؟! الصّديق هو ذاك الذي تثق به و ترتاح لمجالسته وتستأنس بقربه، إن شكوته همّك أنصت إليك وإن غبت عنه سأل عنك وان خاصمك صالحك وإن خالفته في رأيه لم يختلف معك وإن احتجت لمشوررة ما قصدته، لأنك تثق به و بتكتمّه على أسرارك .. الصّديق هو ذاك الشخص الذّي يحزن لحزنك ويفرح لفرحك ويعذر زلاّتك ويتقبّلك كما أنت بمحاسنك ومساوءك.

الصّديق هو شخص يشبهك، جمعك به القدر في درب من دروب الحياة فكان لك نعم الأخ الصادق المخلص، في زمن يكثر فيه الخداع، الحريص على القرب منك مهما باعدت بينكما المسافات.. تشاركه أفراحك وأقراحك فيفرح لفرحك ويحزن لحزنك. ببساطة الصديق نادر الوجود لأنه كنز، العثور عليه مكسب في هذا الزمن .. بوجوده لن تعاني الوحدة، لن تعاني الكآبة .. لن تعاني في صمت.
قد يكون الصديق أخا أو زوجا أو قريبا أو شخصا التقيته صدفة وأحببتما بعضكما في الله .. فالأرواح المتشابهة تتآلف بسرعة .. المهمّ، الوحدة خير من مصاحبة أشباه الأصدقاء .. دع حبل الود ممدودا بينكم لكن لا تمنحهم مساحة أكبر ، لا من وقتك ولا من اهتمامك وعش حياتك كما خططت لها .. من يدري! علّك تجد كنوزا في مفترق طرقات دربك .. حظا سعيدا.