منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الحدود والتعزيرات الإسلامية
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018-10-23, 13:13   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سؤال عن قصة الصحابي الذي سُرِقت خميصته وهو نائم ، وهل تقطع يد المختلس لأموال الناس ؟

السؤال


أولا: سمعت من أحد المشايخ أن صحابيا كان نائما وتحت رأسه عباءته ، فجاء رجل ليسرقها من تحته فاستيقظ وأمسك به ، وكان ثمن العباءة 30 درهم

فأخذه للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يده ، فقال الصحابي للنبي صلى الله عليه وسلم : أسامحه ولا تقطع يده ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ألا قبل أن تأتني به وقطع يده .

فقال : نستنتج من ذلك من أراد أن يسامح في حقه يكون قبل ذهاب اللص للقاضي ، أما إذا ذهب اللص للقاضي فليس لأي أحد أن يسقط قطع اليد فهل هذه القصة صحيحة وما نصها ؟

ثانيا : وفي فتواكم رقم : (9935 ) تقولون أن يكون أخذ الشيء على وجه الخِفْيَةِ

فإن لم يكن على وجه الخفية فلا تُقْطَع اليد . فهل إذا سرق شخص من الناس شيئا في زحام مثل المواصلات أو السوق فلا تقطع يده لأن المسروق منه رآه ؟

مثل : رجل سرق حقيبة امرأة تحملها على كتفها ، وأخذ يهرب ، فصرخت المرأة لكي يتمكن الناس من إمساكه فهل هذه الحالة ليس فيها قطع يد ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

القصة التي تسأل عنها هي ما جاء في الحديث التالي :

عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ : " كُنْتُ نَائِمًا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى خَمِيصَةٍ لِي ثَمَنُ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا ، فَجَاءَ رَجُلٌ فَاخْتَلَسَهَا مِنِّي ، فَأُخِذَ الرَّجُلُ ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَ بِهِ لِيُقْطَعَ . قَالَ : فَأَتَيْتُهُ

فَقُلْتُ : أَنَقْطَعُهُ مِنْ أَجْلِ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا ، أَنَا أَبِيعُهُ ، وَأُنْسِئُهُ ثَمَنَهَا ؟ قَالَ: فَهَلاَّ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ )

رواه أبو داود ( 4394 ) ، والحاكم في " المستدرك " ( 4 / 380 ) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 2317 ) .

وما استنتجه هذا القائل ، من الحديث : صحيح مقرر ؛ أن التسامح في الحدود ، والعفو عنها : إنما يكون قبل أن يرفع ذلك إلى الإمام : الحاكم

أو القاضي ؛ فإذا رفعت القضية إليه ، فقد صارها نظرها ، والحكم فيها : حقا للشرع ، لا للشخص ، صاحب الواقعة .

قال ابن عبد البر رحمه الله :

" لَا أَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا فِي الْحُدُودِ إِذَا بَلَغَتْ إِلَى السُّلْطَانِ ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَفْوٌ لَا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ ، وَجَائِزٌ لِلنَّاسِ أَنْ يَتَعَافَوُا الْحُدُودَ مَا بَيْنَهُمْ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ ، وَذَلِكَ مَحْمُودٌ عِنْدَهُمْ .

وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَا لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ ، وَذَلِكَ مَا لَمْ يَبْلُغِ السُّلْطَانَ ، فَإِذَا بَلَغَ السَّارِقُ إِلَى السُّلْطَانِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ حُكْمِهِ فِي عَفْوٍ وَلَا غَيْرِهِ ، لِأَنَّهُ لَا يُتْبِعُهُ بِمَا سَرَقَ مِنْهُ إِذَا وَهَبَهُ لَهُ .

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السَّارِقَ لَوْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ يَجِبُ فِي مِثْلِهَا الْقَطْعُ سَرَقَهَا مِنْ رَجُلٍ غَائِبٍ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ رَبُّ السَّرِقَةِ

وَلَوْ كَانَ لِرَبِّ السَّرِقَةِ فِي ذَلِكَ مَقَالٌ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَعْرِفَ مَا عِنْدَهُ فِيهِ "

انتهى من " التمهيد " (11/225-226) .

ثانيا :

ما ذكر في السؤال ، من سرقة شنطة ... ونحو ذلك ، هو ما يعرف في الفقه بـ" الاختلاس" ، وهناك فرق بينه وبين السرقة .

فالسرقة في اللغة ، وفي الفقه ؛ هي أخذ المال من المسروق منه خفية .

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى :

" أما معناها – أي السرقة - : فتتفق كلمة أرباب اللسان على أن العنصر الأساسي في معنى مادة ( سرق ) هو ( الاختفاء ) .

ومنه قوله تعالى ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ ) أي تسمع مختفيا .

ومنه قيل للأبحّ : سرق صوته ، فهو مسروق ، لاختفاءٍ حصل فيه .

ومنه هنا ، قيل لمن يأخذ المال من غيره مختفيا : ( سارق ) ؛ فإن أخذه من غير خفية فهو: مختلس . ومستلب . ومحترس .
فمعنى ( السرقة ) في اللغة إذًا هو ( الأخذ بخفية ) ...

تعريفها في لسان الشرع :

يجد الناظر في بيان أهل العلم لمعنى السرقة في اصطلاح الشرع : التقاء تعريف السرقة اصطلاحا ، مع المعنى اللغوي ، بجامع الاختفاء . فهو عنصر أساسي في التعريف الاصطلاحي شرعا "

انتهى من " الحدود والتعزيرات عند ابن القيم " ( ص 346 – 347 ) .

وأما : "الاِخْتِلاَسُ" و"الخَلْسُ" - في اللّغة – فهو : " أخذ الشّيء مخادعةً ، عن غفلة .

.. ويزيد استعمال الفقهاء عن هذا المعنى اللّغويّ أنّه : أخذ الشّيء بحضرة صاحبه جهرا ، مع الهرب به ، سواء جاء المختلس جهارا أو سرّا ، مثل أن يمدّ يده إلى منديل إنسان فيأخذه " .

انتهى من " الموسوعة الفقهية الكويتية " ( 2 / 288 ) .

فالمختلس : يغافل صاحب المتاع الذي يريد سرقته ، فيستخفي فقط في ابتداء اختلاسه ، لكنه يُعْلَم به أثناء أخذه الشيء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"والمختلس: الذي يجتذب الشيء ، فيعلم به قبل أخذه " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 28 / 333 ).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :

" وهو الذي يأخذ المال خطفاً ، وهو يركض ، فهذا أخذه علناً ، لكن معتمداً على هربه وسرعته ، نقول: هذا ـ أيضاً ـ ليس عليه قطع ؛ لأن هذه ليست سرقة ، فالسرقة اسمها يدل على أن الإنسان يأخذ المال خفية .

كذلك : لو أنه وقف عند دكان ، وقال لصاحب الدكان : هل عندك كذا وكذا ؟ ثم قال له: أعطني كذا الذي بالداخل ، فإذا دخل الرجل أخذ مما أمامه ما يريد ، ثم هرب ، فهذا نسميه مختلساً "

انتهى من " الشرح الممتع " ( 14 / 327 ) .









رد مع اقتباس