منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الى طلبة كفائة مهنية محاماة عنابة (مراجعة جماعية )
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-02-12, 06:49   رقم المشاركة : 95
معلومات العضو
"راجية الجنة"
عضو فريق رفع إعلانات التوظيف
 
الصورة الرمزية "راجية الجنة"
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ضمانات المشتبه فيه أثناء التحريات الأولية

المبحث الأول : تعريف المشتبه فيه و بداية الإشتباه و انتهاؤه.
المبحث الثاني : الضمانات العامة للمشتبه فيه في الأحوال العادية.
المبحث الثالث : ضمانات المشتبه فيه في حالات التلبس .


المبحث الأول :
تعريف المشتبه فيه وبداية الاشتباه وانتهاؤه


تعريف المشتبه فيه :
لغة : أصله من المشابهة والتشابه فيقال أشبه كل من الشخصين حتى التبس والشبهة بالضم الالتباس وشبه عليه الأمر تشبيها , لبس عليه . والشبهة مالم يتيقن كونه حراما أو حلالا ومن تم من التبس امره ولا يدري احلال هو ام حرام وحق هو ام باطل عد مشتبها وهذا المعنى اللغوي هوالمراد بمصطلح المشتبه فيه في القانون ذلك لان المشتبه فيه هو ذلك الشخص الذي لازالت لم تتأكد براهين ادانته ولم ترجح .
فقها : لقد عرف المشتبه فيه الدكتور محمد عوض بقوله بأنه :" من قامت قرائن حوله علىانه ارتكب جريمة , والاشتباه في ذاته غير مؤتر مالم يتحول الى الاتهام ."
ومن تم فان الشخص يبقى على هذا الوصف حتى يتم تحريك الدعوى الجزائية فبهذا التحريك تزول عنه هذه الصفة وتحل محلها صفة الاتهام وكما نعلم بان هذه الأخيرة لا تكون الا إذا توافرت ضد الشخص دلائل كافية وقوية ومتماسكة من شانها التدليل على اتهامه , وحركت الدعوى , وفي هذا الموضوع أيضا لاعتبر الشخص الذي يجرى معه البحث التمهيدي متهما بارتكابه الجريمة موضوع البحث ولو توافرت قرائن قوية ضده بل حتى ولو ضبط متلبسا بالجريمة ولذلك فالشخص الذي يجري معه البحث التمهيدي مجرد مشبوه فيه ولو اعترف بارتكابه الجريمة .
و على هذا فإننا نقول بأن النصوص القانونية التي تكلمت على المشتبه فيه كالمادة 41-42 الفقرة 4, المادة 45 الفقرة 1و2 , المادة 58 –59 و غيرها محقة عند وصفها الشخص بأنه مشتبه فيه و لم تضف عليه صفة الاتهام ذلك لان هذا الأخير لا يكون الا لمن حركت الدعوى العمومية في حقه و توافرت دلائل كافية ضده تدعو للاعتقاد بأنه قد ساهم في ارتكاب الجريمة إما بوصفه فاعلا أو شريكا .
و هذا ما تؤكده المادة 51 الفقرة 3 بقولها :" و إذا قامت ضد شخص دلائل قوية و متماسكة من شأنها التدليل على اتهامه فيتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يقتاده إلى وكيل الجمهورية ".
و مما سبق فإننا نعرف المشتبه فيه بأنه الشخص الذي بدأت ضده مرحلة التحريات لقيام قرائن تدل على ارتكابه الجريمة أو مشاركته فيها و لم تحرك الدعوى الجزائية ضده.
مرحلة بداية الإشتباه و انتهاؤه :
بداية الإشتباه : لو ارتكب الشخص جريمة ما يعاقب عليها القانون و لم تتبين الضبطية القضائية أمره فإنه يبقى على حاله من أصل البراءة ظاهريا اتجاههم و اتجاه المجني عليه و المجتمع. فإذا ظهرت بعد ذلك دلائل و قرائن تفيد ارتكابه لتلك الفعلة بدأ يتزعزع مركزه بقدر صحة تلك الدلائل و قوتها فينتقل من بريء إلى مشتبه فيه إلى متهم إلى محكوم عليه . فالشخص لا يعتبر مشتبها فيه إلا إذا بدأت الضبطية القضائية في إجراءاتها أو وصلت بلاغات أو شكاوى إليها فيما يتعلق بالجريمة و مرتكبها وفق ما نصت عليه المادة 17 ق إ ج :" يباشر ضباط الشرطة القضائية السلطات الموضحة في المادتين 12 و13 ويتلقون الشكاوى والبلاغات ويقومون بجمع الاستدلالات وأجراء التحقيقات الابتدائية ".
ومن تم فان بداية الاشتباه لا تكون قطعا وحتما الا بعد ارتكاب الجريمة وبداية التحريات من طرف الضبطية القضائية وسواء من تلقاء أنفسهم أثناء قيامهم بعملهم العادي آو بناءا على بلاغ أو شكوى , وكما نعلم ان البلاغ والشكوى لم يشترط فيهما المشرع أي شرط بل يقدمان كتابة أو مشافهة أوع طريق الهاتف أو بأي أسلوب من الأساليب المؤدية إلى الغرض المقصود .
ولكن يختلفان في ان البلاغ يكون من غير المجني عليه بما إذا كان من المجني عليه فانه يسمى شكوى وهذه الأخيرة يتقدم بها الشخص المضرور من الجريمة إلى الجهة المختصة بنفسه أو من ينوب عليه.
وعلى هذا فإننا نقول بان بداية الاشتباه لابد لها من توافر الشرطين التاليين :
الشرط الاول : وقوع الجريمة , حيث ذلك لان وقوعها هو الذي يضفي على عملها وصف الضبطية القضائية , حيث لو لم تقع الجريمة و أخبرت الضبطية للتحضير لها أو أنها ستقع مستقبلا بتاريخ كذا, فاحتاطت لها فإن هذا يدخل ضمن الضبط الاداري لا القضائي .
الشرط الثاني : أن يكون هناك غجراء قانوني القصد من ورائه البحث عن الجريمة و المجرمين, فالبحث عن المجرم إذا كان معلوما , أو القيام بتفتيش مسكنه , و ما الى ذلك من الاجراءات الموكلة الى رجال الضبطية القضائية كافية لصيرورة الشخص مشتبها فيه.
أما إذا كان غير معلوم , وكانت التحريات عن الجريمة قائمة فان صفة الاشتباه موقوفة ومعلقة حتى تقوم قرائن تدل على الفاعل , فان لم يظهر ولم يعلم امره طيلة هذه المرحلة قدم ملف التحريات اللى وكيل الجمهورية للتصرف فيه , فان راى هذا الاخير ضرورة اجراء تحقيقمن طرف المحقق ارسل اليهملف التحريات , وطلبا افتتاحيا يطلب منه فتح تحقيق ضد مجهول ,وهكذا يستمر الحال حتى نهاية التحقيق . ان راى وكيل الجمهورية عدم اهمية الدعوى مع عدم معرفة الفاعل اصدر امرا بالحفظ .

2-نهاية الاشتباه : ان صفة الاشتباه تزول عن الشخص اذا ماتوافر احد الاساليب التالية :
1-تقادم الدعوى : اذا ارتكب شخص جريمة من الجرائم فان القانون قد اعطى مدة زمنية معينة لجهتي المتابعة والتحقيق قصد اتخاد الاجراءات اللازمة قبل زوال الاثر القانوني لهذه الجريمة . وهذه المدة الزمنية تختلف من الجناية الى الجنحة الى المخالفة وقد وضحت المواد 7-8-9 من قانون الاجراءات الجزائية هذه المدد وهي على التوالي :

- عشر سنوات كاملة من يوم اقتراف الجناية اذا لم يتخذ بشانها أي اجراء , وان اتخذ ذلك فالعشر سنوات من تاريخ اخر اجراء .
- ثلاث سنوات كاملة من يوم اقتراف الجنحة اذا لم يتخذ بشانها أي اجراء فان كان ذلك فثلاث سنوات من تاريخ اخر اجراء .
- سنتين كاملتين للمخالفة اذا لم يتخد بشانها أي اجراء فان حصل ذلك فمن اخر اجراء اتخذ.

2- امر الحفظ : اذا انهى رجال الضبطية القضائية التحريات الاولية احالوا الملف الى وكيل الجمهورية , والنيابة بما منحت من السلطة التقديرية اتجاه القضية تستطيع ان تحفضها متى رات توافر احد الاسباب القانونية والموضوعية لذلك , او ظهر لها بان القضية ليست ذات اهمية اصلا وان ضرر المتابعة اكثر من تركها .

وبهذا الامر تقضي النيابة العامة على صفة الاشتباه في الشخص وان لم يكن قضاءا نهائيا ولا دائما حيث يمكنها الرجوع على امرها في أي وقت حيت تنص المادة 36/4 من قانون الاجراءات الجزائية على :" ويبلغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق او المحاكمة لكي تنظر فيها او تامر بحفظها بقرار قابل دائما للالغاء …".

والاسباب القانونية التي ذكرناها والتي يمكن للنيابة ان تعتمد عليها في هذا الامر هي جميع الاسباب التي تؤدي الى انقضاء الدعوى كحال سحب الشكوى او عدم وجودها اصلا اوتقادم الدعوى او عدم توافر الاركان القانونية وما الى ذلك .
أما الاسباب الموضوعية , كعدم معرفة الفاعل أو عدم كفاية الادلة , ذلك لان النيابة إذا عملت ما في وسعها و طلبت من رجال الضبطية المرة تلو الاخرى إجراء تحريات و لم تتعرف عن الفاعل أو تحصل على أدلة كافية للاتهام, فإن لها السلطة التقديرية في إصدار أمر الحفظ متى كانت الجريمة غير جناية, ذلك لان هذه الاخيرة جسامة الواقعة فيها تفرض على النيابة عدم الاكتفاء بتحري رجال الضبطية و من تم فإن إنهاء صفة الاشتباه لا يكون بأمر الحفظ أصلا, و إنما يكون بإضفاء صفة الاتهام إذا ما عرف الشخص فيما بعد, او بان لا وجه للمتابعة إذا نا استمر الغموض و الجهالة و عدم كفاية الادلة سائدا.

3- الطلب الإفتتاحي : إذا كانت القضية المطروحة بين يدي النيابة العانة يصفها القانون بأنها جناية فإن التحقيق الإبتدائي فيها وجوبي وفق ما تنص عليه المادة 66 ق إ ج و من تم فإن النيابة العامة ليس لها حق إصدار أمر الحفظ فيها و لا تستطيع إحالة القضية مباشرة إلى الغرفة الجنائية , بل كل الذي بيدها هو الطلب الافتتاحي توجهه إلى قاضي التحقيق تطلب منه إجراء تحقيق في تلك الجناية .

هذا الطلب الافتتاحي إذا ح0مل إسم المشتبه فيه فإنه يقضي على صفة الاشتباه و يحوله الى متهم له حقوق و عليهع واجبات أكثر مما كان عليه من قبل , ذلك لان هذا الطلب تبدأ به الخصومة الجزائية وببدايتها يصير من كان مشتبها فيه متهما إن كان معروفا.

أما إذا كانت القضية المطروحة بين يدي وكيل الجمهورية موصوفة بانها جنحة او مخالفة فإن المشرع قد أعطاه السلطة التقديرية ما لم تكن هناك نصوص خاصة تستلزم التحقيق , و إذا ما قررت النيابة إجراء تحقيق وجهت طلبا افتتاحيا مع ملف التحريات الى قاضي التحقيق, و بهذا الطلب نقضي ايضا على صفة الاشتباه متى كان الشخص معلوما و محددا , ذلك لان الشخص ببداية أول إجراء تحقيقي معه ينتقل الى متهم و تبدأ معه أول مرحلة من مراحل الدعوى.

4- التكليف بالحضور : اجاز المشرع الجزائري للنيابة العامة ان ترفع الدعوى مباشرة الى المحكمة المختصة بناءا على ملف التحريات الاولية اذا رات كفاية , وكانت الجريمة جنحة او مخالفة وفق ما نص عليه في المادتين 36/4, 66/2, حيث تقول الاولى منهما " ويبلغ الجهات القضائية المختصة بالتحقيق او المحاكمة لكي تنظر فيها او تامر بحفظها …". اما الثانية فتنص : " اما في مواد الجنح فيكون اختياريا – أي التحقيق – مالم يكن ثمة نصوص خاصة ,كما يجوز اجراءه في المخالفات اذا طلبه وكيل الجمهورية " .

هذا التكليف بالحضور الذي توجهه النيابة العامة الى المتهم يعتبر رفعا للدعوى وتحريكا لها , ومن تم فان الشخص بصدور هذا الامر في حقه يصير متهما لامشتبها فيه وعلى هذا لابد من ان يحتوي هذا التكليف على كل البيانات الجوهرية من اسم المتهم , والتهمة الموجهة اليه , موادالقانون التي تعاقب على ذلك , والجهة المصدرة للتكليف بالحضور ةالمحكمة المطلوب الحضور امامها , وتاريخ الجلسة .
وبهذا التكليف تخرج القضية من حوزة النيابة لتدخل الى حوزة المحكمة , فهذا التكليف اذن شبيه بالطلب الافتتاحي في كون كل منهما ناقلا للقضية من حوزة النيابة الى مرحلة اخرى ومضفيا على الشخص صفة الاتهام بدل الاشتباه .

المبحث الثاني :
الضمانات العامة للمشتبه فيه في الأحوال العادية


إن مرحلة التحريات مواصفات عامة تضفي على المشتبه فيه ضمانات تجاه تصرفات الضبطية أثناء قيامها بأعمالها طيلة تلك المرحلة .
و كلامنا هذه الضمانات سوف يكون كالتالي :
1-تود التحريات و استدلاليتها و ما يحققانه للمشتبه فيه من ضمانات :
و سنتناول في هذا العنصرين اثنين :
أولا : وجود مرحلة التحريات يعد ضمانا للمشتبه فيه :
إن وجود مرحلة التحريات في حد ذاته يعتبر ضمانة فيه ذلك لان رجال الضبطية القضائية هم أقرب السلطات و الجهات القضائية للمجتمع و من ثم هم أقرب الأشخاص إلى الاطلاع على الجرائم و معرفتها و ذلك في وقت ممكن و حيث رجال الضبطية بما لديهم من تعدد في المصادر الاطلاع كالمخبرين و المساعدين و الأعوان قد تصلهم المعلومات في وقت مبكر , و كما نعلم بأن الإجراءات كلما كان قريبا من وقت الجريمة كلما كانت أسلم , و أدق في الإثبات من غير أن يشوبها تغيير أو تحريف . و على هذا نجد المشرع قد الزم رجال الضبطية بالانتقال الفوري إلى مكان وقوع الجريمة فور وصول المعلومات إليهم و ذلك قصد معاينة الآثار المادية و المحافظة عليها و إثبات حالة الأماكن و الأشخاص , و كل ما يفيد الحقيقة و هذا كله لصالح المشتبه فيه و المجتمع جميعا .

و من تلك النصوص المادة 42 ق أ ج , حيث تقول : " يجب على ضابط الشرطة القضائية الذي بلغ بجناية في حالة التلبس أن يخطر بها وكيل الجمهورية على الفور ثم ينتقل بدون تمهل إلى مكان الجناية و ينفد جميع التحريات الأزمة , و عليه أن يسهر على المحافظة على أثار التي يخشى أن تختفي ."

كما أن ما تتمتع به الضبطية من قدرات و إمكانيات مادية يجعلها تستطيع أن تغطي أكبر قدر ممكن من متفرقات معالم الجريمة أو الشهود أو المساهمين في وقت واحد , و في هذا فائدة عظيمة بالنسبة للأدلة , حيث يصلون إلى المساهمين في وقت واحد , و في هذا فائدة عظيمة بالنسبة للأدلة , حيث تفيد النيابة العامة من ناحية في تصرفات في الدعوى , ذلك لان وكيل الجمهورية لا يستطيع إحالة القضية لمجرد بلاغ أو أخبار وصل إليه , و إنما لا بد من وجود دلائل يعتمدها للاتهام عند التكليف المباشر أو الطلبي الافتتاحي .
ومن تم فان فائدة التحريات الأولية على المشتبه فيه أيضا لا تنكر ذلك لأنها تبعد قضايا كيدية كثيرة عن جهاز العدالة , و منة ثم تمنع اتهام الأشخاص , حيث أن التحريات إذا لم تسفر عن دلائل قوية من شأنها اتهام الشخص فان النيابة العامة تصدر أمرا بالحفظ و لو كانت التحريات ناتجة عن بلاغ او شكوى , وما على المشتكي في هذه الحل إلا اللجوء إلى قاضي التحقيق قصد الادعاء المدني وفق ما نصت عليه المادة 72 ق أ ج .

ثانيا: استدلالية مرحلة التحريات يعتبر ضمانة للمشتبه فيه :
لما كان رجال الضبطية يعدون جزءا من السلطة التنفيذية , فان المشرع احتاط للمشتبه فيه من أعمالهم لما ينشأ منهم عدم الحياد و الاستقلال من جهة , و لقلة الخبرة المماثلة به من جهة التحقيق الأصلية من جهة ثانية , فجعل لذلك أعمالهم تحريات أولية ذات قيمة استدلالية . و المعنى من هذا الأخير أن المشرع لم يمنح محاضرها إلا القيمة الاستدلالية أي أنها غير ملزمة للقاضي , بعد توافر الشروط للأخذ بهذه القيمة , فقط إذا كان مثبتا لجناية أو جنحة .

أما المخالفة فقد استثناها المشرع لبساطتها من ناحية , و خفة عقوبتها من ناحية ثانية و عدم إجراء تحقيق فيها من ناحية ثالثة , و هذا يعتبر عيبا من عيوب القانون الجزائري ذلك لان المخالفة تدخل أيضا ضمن نطاق الجريمة كالجناية و الجنحة, و لها أيضا عقوبة , و العقوبة سواء أكانت قليلة أم كثيرة هي باقية على تلك الصفة , و ذات مساس أدبي بسمعة الإنسان و اصل براءته و الادهى من ذلك هنالك أنواعا كثيرة جدا من مخالفات تكون عقوبتها سالبة للحرية .

و لكن في هذا الموضع لا بد من الإشارة إلى أننا لا نعني باستدلالية التحريات و عدم لزوميتها استبعادها أصلا من ضمن وسائل الإثبات أو اعتبار الحكم المعتمد على وقائعها وحدها معيبا كما يقول سليمان بارش. و لقد نصت المادة 212 من ق أ ج على انه يجوز إثبات الجرائم بأي طريق من طرق الإثبات ما عدا الأحوال التي ينص فيها القانون على غير ذلك وللقاضي أن يصدر حكمه تبعا لاقتناعه الخاص .

و معنى هذا أن القاضي حرية في تقدير الأدلة المطروحة عليه و في ترجيع بعضها على البعض الأخر , سواء أكان الدليل مباشرا و مؤديا بذاته إلى النتيجة التي انتهى إليها القاضي أم كان غير مباشر لا يتوصل بواسطته القاضي إلى تكوين عقيدته و قناعته إلا بعد بذل مجهود عقلي على ملاحظة الوقائع و التفكير فيها قصد الوصول إلى الحقيقة .

2-تدوين التحريات و سريتها و ما يحققانه للمشتبه فيه من ضمانات :

أولا – تدوين التحريات و ما يحققه للمشتبه فيه من ضمانات :
لقد أوجب المشرع على ضابط الشرطة القضائية ان يثبتوا جميع أعمالهم و ما قاموا به من إجراءات في محاضر موقع عليها من طرفهم , و على كل ورقة منها , و ينوه فيها عن صفة رجل الضبطية الذي قام بها وفق ما نص عليه في المادتين 17 - 45 من قانون الإجراءات الجزائية .
و هذا التحرير و التدوين و أن اعتبر ضمانة للمشتبه فيه من ضياع الأدلة أو نسيانها إلا أن هذه الضمانة لا ترقى إلى التدوين الذي طلبه المشرع في إجراءات التحقيق الابتدائي حيت في هذا الأخير استلزم المشرع تحريرها بمعرفة كاتب التحقيق .

ثانيا : سرية التحريات وماتحمله للمشتبه فيه من ضمانات : لقد نصت المادة 11 ق إ ج على ان اجراءات التحري والتحقيق سرية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك , وهذه السرية التي تكلم عليها المشرع هي لفائدة المشتبه فيه ذلك لان علانية الاجراءات من شانها اشاعة الاخبار حول ادانة الاشخاص والحكم عليهم مسبقا بالاجرام وذلك لعدم تفرقة الراي العام بين مشتبه فيه ومتهم ومحكوم عليه ,هذه السرية اكدتها المادة 51 ق.إ.ج عند بيانها لحجز الاشخاص وزيارة عائلاتهم لهم , حيت نصت هذه المادة على تمكين المشتبه فيه من الاتصال وفورا ومباشرة بعائلته ومن زيارتهم له مع الاحتفاظ بسرية التحريات .

وهذه الامور جاء بها القانون لانه يعلم بان هذه المرحلة ما هي الا مرحلة تمهيدية سابقة لتحريك الدعوى اصلا وقد تؤدي هذه التحريات الى حفظ الدعوى وعدم قيامها وانتهاء اجراءات المتابعة فيها وهنا في هذه الحالة القضية لم تصل الى مرحلة الاتهام فما بالك بالحكم على الشخص ؟ مما يجعل سرية الاجراءات في هذه المرحلة ذات فائدة معنوية عظيمة جدا بالنسبة للاشخاص.

كما ن السرية تفيد المشتبه فيه من جهة اخرى وخاصة اذا غير المرتكب للفعلة حقا او كانت الشكوى والبلاغ كيدين , حيت ان هذه السرية في هذه الحالة تضمن لنا عدم اعاقة التحريات او كتمان الادلة او تغييرها , وبذلك نحقق الطمأنة للفاعلين الاصليين لاحساسهم بان الانظار قد انصرفت الى غيرهم حتى اذا ما حان الوقت ووجدت الدلائل الكافية ضدهم تمت المتابعة وهنا لا ينكر بتزعزع المركز القانوني للشخص ويستمر عما كان عليه .

2- شرعية التحريات وما تحمله للمشتبه فيه من ضمانات :
ان الشرعية الاجرائية تعد من اهم الضمانات وابرزها في المحافظة على الحريات الفردية , ذلك لانها تتعاصر وتتزامن في تطبيقاتها مع الشرعية الموضوعية تماما , حيت لاعقوبة دون إجراء أو دون حكم صادر عن الهيئة القضائية المختصة , ومن تم ان الدستور الجديد ولو لم ينص صراحة على مبدأ الشرعية الاجرائية الا أنه جاء بصيغة الجمع الحاملة للشرعية الموضوعية والاجرائية والتدابير الامنية , حيت نصت المادة 140من دستور 1996, على مايلي : " أساس القضاء مبادئ الشرعية والمساواة ." ومبادئ الشرعية منها مايتعلق بالجرائم وعقوباتها ومنها ما يتعلق بالاجراءات ومنها ما يتعلق بالتدابير ولذا قلنا بان عموم النص يحتويها جميعا .

ومما يؤكد هذا هو تلك النصوص التي جاءت تتكلم على ان لا متابعة ولا توقيف ولا حجز الا في الحالات المحددة قانونا -المادة 47 من الدستور – وكذلك ان الحريات الفردية مضمونة ومصانة ولا تمس الا بمقتضى القانون وهي محمية من طرفه وما الى ذلك . أنظر المواد 32‘39‘40 من الدستور .

فبالنظر الى العصور الغابرة المظلمة و حتى القرن الثامن عشر نجد أن الإعتراف في ظل النظم الوضعية هو سيد الأدلة , و يقتضيه حكم الإدانة و كانت الدول تعترف رسميا بوسائل التعذيب و تباشرها على المتهمين لحملهم على الاعتراف.

و بالمقارنة مع حاضرنا نجد أن وسائل التعذيب أمكن و بكل بساطة القول بعدم شرعيتها, و إذا كنا نعلم أن للانسان حرية شخصية و لا يحق لأي احد التدخل فيها و لا تقييدها الا بالقدر اللازم الذي يضمن لغيره من اعضاء المجتمع التمتع بنفس الحقوق , و حيث ان في بعض الاحيان تتضارب مصلحتان إحداهما فردية و الاخرى جماعية فتقيد تبعا لذلك حرية الفرد بالقدر الضروري و اللازم للحفاظ على مصلحة المجتمع و الصالح العام , و من هذا المنعطف تجد الضبطية القضائية أساسا لشرعية تحرياتها, و إن كان هناك من يقول أن الضبطية القضائية عند قياهما بمهامها هذه هي في الحقيقة تجري وراء تقصي الحقائق المبتغات من طرف المجتمع و تريد بعملها هذا جمع الادلة للوصول اليها .

و لكن للمسالة وجه اخر لا ينبغي اغفاله حيث ان هذه الإجراءات قد تطول و بالتالي يزداد تقييدها للحرية الفردية و قد توجه ضد بريء و حتى لو كانت ضد مجرم فإن الشخص في نظر القانون لا يعتبر كذلك الا بعد صدور حكم نهائي يدينه مما اضطر الدول الى النص على شرعية الاجراءات و بالتالي وضع إطار قانوني يتقيد به رجال الضبطية .
وحيث ان رجل الضبطية قد اوكل اليه أمر المحافظة على النظام العام وهذا كسلطة مانعة لوقوع الجريمة او الاخلال بالقانون فانه ايضا انيط به بعد ذلك البحث والتحري عن الجرائم والاخلالات التي وقعت دون علمه ولم يستطع منعها ورجل الضبطية سواء على الحال الاول اوالحال الثانية منح صلاحيات يحقق بها النتائج المرجوة والمطلوبة منه ولكن من الجهة الثانية وحتى لا تصاب تلك الاعمال والاجراءات بالعقم وعدم الجدوى اشترطت فيها الشرعية والقانونية وترتبا على ذلك فان اعمال الضبطية لاتكون صحيحة الا اذا صدرت بناءا على قانون بل واحيانا بالتطبيق الصحيح للقانون بحيث لو حصلت على غير ذلك لم تكن مشروعة , الشيء الذي استلزم مرة ثانية القول بوجوب شرعية التحريات الاولية وقانونيتها .

والتحريات الاولية عندنا نجدها تستمد اساسها من المادة 12/3 ق أ ج والتي تمنح لضابط الشرطة القضائية البحث عن الجرائم ومرتكبيها وكذلك المادة 17 في فقرتها الاولى حيت تقول " يباشر ضابط الشرطة القضائية السلطات الموضحة في المادتين 12-13 ويتلقون الشكاوي والبلاغات ويقومون بجمع الاستدلالات واجراء التحقيقات الابتدائية ". وكذلك المادة 63 حيت تقول :" يقوم ضابط الشرطة القضائية بالتحقيقات الابتدائية للجريمة بمجرد علمهم بوقوعها اما بناءا على تعليمات من وكيل الجمهورية او من تلقاء أنفسهم ." .

فهذه المواد تمنح لضابط الشرطة القضائية عند علمه باي طريق كان ارتكاب جريمة اتخذ كافة الاجراءات الموصلة والمؤدية الى معرفة مرتكبيها والقيام بجمع التحريات والاستدلالات الموصلة الى الحقيقة .

اذا كان هذا احد اسس شرعية التحريات الاولية فان مهام الضبطية تفقد شرعيتها اذاخرجت عن هذا النطاق وهذا كان يقوم ضابط الشرطة القضائية بايقاف شخص للثار او الانتقام فهذا الاجراء يعد باطلا ولو زعم ضابط الشرطة بان ذلك تحر أو القصد منه الحصول على دليل , كما تفقد التحريات شرعيتها اذا كان طريق الوصول اليها أفعال غير جائزة قانونا كالتجسس على المساكن أو الاطلاع على الاسرار الخاصة دون وجه حق .

ومع هذا كله فان رجل الضبطية في بعض الحالات يجد أنه لامفر من التحايل على الجاني من أجل جمع الاستدلالات والقيام بالتحريات كأن يقوم في بعض الاحيان بالاتصال بمرتكب الجريمة زاعما معاونته فيها وهذا كحال المساعدة على التهريب او البيع للمسروق فعمله هذا يعد مشروعا , شريطة أن لايكون أساسيا لولاه ما أقدم المجرم على الجريمة ولولا مساعدته تلك ما إرتكب فعلته الشنعاء .
المبحث الثالث :
مهام الضبطية عند التلبس و ما تحمله للمشتبه فيه من ضمانات :


تعريف التلبس :
لـغـــة : كما جاء في مختار الصحاح من لبس عليه الأمر خلط , و منه قوله تعالى : " و ألبسنا عليهم ما يلبسون " و في الأمر لبسه بالضم أي شبهة و يعني ليس بواضح .
كما جاء فيه أيضا لبس الثوب يلبسه بالفتح لبسا بالضم , و لباس الرجل امرأته , و زوجها لباسها و قال تعالى :" هن لباس لكم و أنتم لباس لهن " , و يستفاد من هذا التعريف أن هذا اللفظ يوحي بشدة الاقتراب و الالتصاق, فالرجل بعد الزواج يصير بمثابة اللباس للزوجة و هي تصير له كذلك, و لا شيء أقرب إلى الجسد من اللباس أو الثوب .
و من هنا وصف المجرم بالمتلبس بالجريمة في حال ما إذا كانت الأدلة لازالت قائمة و واضحة عند انعدام الفارق الزمني , أو كونه يسيرا لدرجة أن لا يشك شخص في كون غيره هو المرتكب للجريمة .

فـــقــها : هو عبارة عن تقارب زمني بين وقوع الجريمة و اكتشافها , و ذلك إما بمشاهدته عند الارتكاب أو نهايته منها و لازالت الآثار المثبتة كلها دالة عليها ,أو عقب الارتكاب ببرهة يسيرة و بزمن قليل , و من تم فإن التلبس يمكن أن نقول عنه أيضا بأنه تلك الجريمة الواقعة و التي أدلتها ظاهرة و واضحة بحيث أن منطقة وقوع الخطأ حولها طفيفة و التأخير في مباشرة إجراءاتها يعرقل سبيل الوصول إلى حقيقتها و طمس معالمها , و هذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى بقراره الصادر عن الغرفة الجزائية يوم 27/10/1964 حيث لم يعتبر القبض على المتهم في مكان ارتكاب الجريمة هو المعيار المعتمد لقيام حالة التلبس , بل إن حالة التلبس تكون قائمة و إجراءاتها صحيحة ما دامت أدلتها ظاهرة و واضحة , و بالتالي التأخير في إجراءاتها يعرقل سبيل الوصول إلى الحقيقة فيها , و عليه عللت الغرفة رفض نقد المتهم بما يلي :
" إن تعريف المتلبس لا يتطلب القبض على المتهم في نفس المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة كما أن الفقه و القضاء متفقان على أن بداية التحريات طبقا لحالة التلبس تكون قائمة ما دامت الأدلة ظاهرة و قائمة والبحث فيها جاريا قصد اكتشاف المشتبه فيه و الذي تتطلب إجراءاته القبض عليه فورا".
مما سبق ذكره فالتلبس حالة تتعلق باكتشاف الجريمة لا بأركانها القانونية هذا الاكتشاف سواء أكان بالسمع أو بالبصر أو الشم .

أحوال التلبس : حدد المشرع الجزائري حالات التلبس وذكرها على سبيل الحصر جاعلا نصب عينيه هذا كله خطورة ما ترتبه الجرائم من آثار تمس غالبيتها حريات الأفراد , والناظر إلى نص المادة 41 يجد أنها قد حددت صورا للتلبس , وأضافت المادة 62 إجراءات الحالة السابعــة.
1 - مشاهدة الجريمة حال ارتكابها .
2 - مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها .
3 – تـتبع المـجني عليه بـالصياح :
 أن يتبع العامة ذلك المرتكب للجريمة بالصياح.
 أن يكون لهذا التتبع مظهر خارجي متمثل في الصياح .
 أن يكون هناك تقارب زمني بين التتبع ووقوع الجريمة .
4 – العثور على أشياء في وقت قريب جدا في حوزة الجاني .
5 – وجود آثار أو دلائل من شأنها التدليل على مساهمة المتصف بها في ارتكاب الجريمة .
6 – المبادرة في الحال بالأخبار عن الجريمة عقب اكتشافها .
7 – حالة وجود جثة .

الطبيعة القانونية لإجراءات التلبس ومرتبتها :

1 – الطبيعة القانونية لإجراءات التلبس : إن معرفة الطبيعة القانونية لإجراءات التلبس يعد من أهم الموضوعات , ذلك لأن هذه الطبيعة نعرف بها صلاحيات رجل الضبطية , وفق أي كيفية وجد عليها فيمنع عند خروجه عن صلاحياته وزيادته فيها , كما أنه لبيان طبيعتها يعرف المشتبه فيه حقوقه فيطالب بها , وذلك كحقه في الاتصال بأهله وأسرته ويطلب طبيبا لفحصه وما إلى ذلك .

و من النظر إلى القانون نجد أن المشرع قد منح لرجال الضبطية القضائية سلطات واسعة في حالة التلبس حتى تمكنهم ظروف الحال من القيام بجميع ما تتطلبه لتك الحالات من الإجراءات , و عليه منحوا بعض الصلاحيات تماثل صلاحيات جهات التحقيق كالتفتيش و القبض على الأشخاص و غيرها , و إن اختلفت في شروطها و كيفية تطبيقها .

و إن الفقهاء معتمدون في قولهم بأن الإجراءات التي تتخذ حالة التلبس هي إجراءات التحقيق بالمعنى الصحيح على أن الإجراءات التي تتخذ في هذه المرحلة تتسم بالطابع الجبري و التي هي أصلا من صفات قاضي التحقيق .

كما أن ضابط الشرطة القضائية يملك إزاءها كل سلطات قاضي التحقيق , كما آن لقاضي التحقيق الحق في إعادتها لأننا بصدد تحقيقات خولت استثناء و لمدة محدودة بالنظر لحالة الاستعجال لضابط الشرطة القضائية , و عليه فإن لصاحبها الأصلي حق إعادتها و هذا كان معمولا به في فرنسا قبل صدور قانون الإجراءات الجزائية.
أما بعد صدور قانون الإجراءات الجزائية فصارت الطبيعة القانونية لتلك الإجراءات مبهمة , حيث هي تجري بنفس الإجراءات التي يتم بها التحقيق الابتدائي و بما له من إلزام, و لكنها تهضم فيها حقوق الدفاع حيث ليست محمية في تلك الإجراءات التي تقوم بها الضبطية القضائية .

كما أن نص المادة 43 ق إ ج المعدل قد بين المشرع فيه و وصف أعمال الضبطية في هذه الفترة بأنها إجراءات أولية للتحقيق القضائي و ليست أعمالا قضائية , فلو كان تحقيقا قانونيا بمعناه الصحيح, فما المانع من وصفها كذلك و لو استثناءا ؟ , و لن المشرع اطلق تسمية الإجراءات الاولية و هي المقصود بها التحريات .

و مما يدل يقينا ان الأعمال التي يقوم بها رجل الضبطية القضائية في حالة التلبس هي عبارة عن تحريات هو النص المادة 67 ق أج / 1 التي تنص على أنه : " لا يجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيقا الا بموجب طلب من وكيل الجمهورية لإجراء التحقيق حتى ولو كان ذلك بصدد جناية أو جنحة متلبس بها ." فالمشرع لم …… هذا الاستثناء حتى لقاضي التحقيق , ولو في حالة التلبس والذي هو أصلا مناط به هذا العمل ومن حقه أن يجريه , وأي عمل يقوم به يعتبر تحقيقا لاخلاف فيه الا ان المشرع منعه من ذلك وخلع عن عمله هذا صفة التحقيق , إذغ ما قام به دون إذن من وكيل الجمهورية.

-إطار وصلاحيات مهام الضبطية عند التلبس وما تحمله للمشتبه فيه من ضمانات :
1 – إطار وصلاحيات مهام الضبطية عند التلبس :
أ – الإخطار الفوري للنيابة : لقد أوجب المشرع على رجل الضبطية الذين أخبروا بجناية حال التلبس أن يخطروا بها وكيل الجمهورية فورا , ثم ينتقلوا إلى مكان الحادث , كما أوجب عليهم القيام بهذا العمل عند التبليغ بالعثور على جثة مهما كان سبب الوفاة , والمشرع عند إلزامه رجل الضبطية القضائية بذلك الاخطار لم يحدد كيفيته هل بتم ذلك شخصيا أم برسالة أم يكفي فيه الهاتف , مما جعل رجال الضبطية يفسرونه تفسيرا واسعا , فاكتفوا فيه بالاخطار بالهاتف , والاخطار هذا ليس خاصا بحالة التلبس بل هو موجود حتى في الاحوال العادية عند قيام ضابط الشرطة القضائية بتحرياته , ولكن إلزامية الإخطار ونوعية الجرائم هي مختلفة في حالتين , حيت الوجوب واضح الدلائل والمشرع صريح في تحديد الجرائم في حالة التلبس والتي هي محل إخطار , وذلك في المادتين 42-62 حبت نص على الاخطار الفوري لوكيل الجمهورية , وإن كانت كلمة الفور غير مقيدة بزمن معين إلا أن المشرع ألزم ضابط الشرطة القضائية به قبل القيام والانتقال للمعاينة , كما ألزمه من ناحية أخرى أن يتنقل إلى مكان الحادث من غير تمهل .

ب – الانتقال إلى مكان الحادث قصد المعاينة : الواجب الثاني من واجبات الضبطية القضائية عند التلبس هو الانتقال إلى مكان الحادث قصد المعاينة والمشرع بنصه هذا قد رأى بأن للحظات الأولى من إرتكاب الجريمة ومعاينة آثارها دورا كبيرا في إثباتها , وأن كل تخلف أو فوات مدة أو ضياع بعض المعالم هو لفائدة المشتبه فيه على حساب الحقيقة , وإثقال كاهل العدالة وجهاز التحقيق والتحريات بصفة خاصة , ذلك لأن طمس المعالم يجهد رجال الضبطية وجهات التحقيق قصد معرفة الحقيقة وبناء أدلة تزيل عن الشخص البريء أصل ما كان متمتعا به .

و المعاينة تمكن منذ البداية ضابط الشرطة القضائية من الحصول على الأدلة القاطعة التي بها يمكن التثبت من حقيقة وقوع الجريمة وممن هي , كذلك اسبابها و دوافعها و الكيفية التي تمت بها الامر الذي يفيد في معرفة الجاني إن كان مجهولا , أو في جمع الادلة التي تثبت ارتكابها من قبل شخص معين بالذات , و من تم جاء نص المادتين 42 و 62 بصيغة الإلزام و الوجوب لضابط الشرطة القضائية في الإنتقال الفوري إلى مكان الجناية المبلغ عنها .

ج – التحفظ على الحاضرين بمكان الحادث : خول المشرع ضابط الشرطة القضائية سلطة واسعة بها يستطيع منع الحاضرين من مغادرة مكان الجريمة عند التلبس و ذلك حتى يتمكن من إجراء تحرياته حيث إن المادة 50 ق ا ج خولته الحق في استماع من كان حاضرا عند ارتكاب الجريمة من مشتبه فيه أو شاهد قصد التعرف على هويته و التحقق من شخصيته فقط, و ذلك حتى إذا ما دعت اليه الحاجة سهلت معرفته و تمكنت الضبطية من العثور عليه .

ومن تم فإننا نقول بالرغم من ان المشرع خول لرجل الضبطية منع من كان حاضرا من مغادرة مكان الجريمة – و هذا المنع يعتبر صورة من صور التوقيف و الامر بعدم التحرك – إلا انه مع هذا لم يخول لهم الحق في إلزامه بالكلام و ذلك لان هذه الإجراءات التي يقوم بها ضابط الشرطة القضائية كلها هي إجراءات تحريات في حالة التلبس , فلو أعطاه المشرع الحق في استجوابهم لنقله ذلك الحق إلى التحقيق الامر لم يقل به أي تشريع إلا تلك التشريعات التي تمنح سلطة التحقيق لرجل الضبطية .
د – نذب الخبراء : نص قانون الإجراءات الجزائية في المادة 49 على انه لضابط لبشرطة القضائية إمكانية إجراء معاينة من طرف اشخاص مؤهلين إذا رأى أن مقتضيات الحال تستدعي ذلك كخوف ضياع الأدلة أو فوات الفرصة بوفاة المتهم أو طمس المعالم … والمشرع عند نصه على الاستعانة باهل الخبرة اشترط حالة الضرورة أي أن هذه الحالة لا تحتمل التاخير و ذلك بأن تكون هنالك ضرورة ملحة في اللجوء إلى احد هؤلاء الأشخاص المؤهلين والذين لهم خبرة و دراية في هذا الخصوص.

و الخبرة هذه قد تكون لصالح المشتبه فيه و خاصة اذا لحقته اضرار من جراء تلك الشجارات أو المنازعات , فيستطيع بذلك إثبات حالة الدفاع الشرعي , و أن الضحية هو المبتدئ أولا, و نوع الآلة التي استعملها معه , و ما الى ذلك , كما ان طلب القانون من الخبير اداء اليمين القانونية و هو قطعا لصالح المشتبه فيه , حيث بهذه اليمين نضمن عدم إضافة الأضرار و الجروح السابقة على الجريمة , كما نضمن أيضا إعطاء الوصف القانوني الحقيقي لتلك الأضرار دون تضخيم او زيادة قد تغير من الوصف اصلا و بها قد تغير العقوبة تبعا لذلك.

و- حجز الأشخاص : إن حجز الاشضخاص هو اخطر الإجراءات الممنوحة لرجال الضبطية القضائية لكونه ماسا للحرية الشخصية للانسان و المساس بالحرية هو أصلا من اختصاص السلطات القضائية إلا أنه من جهة أخرى يعد إجراءا ضروريا يسشتلزمه مرحلة التحريات لتمكين رجال الضبطية من جمع تحرياتهم .

و الجحز نعني به اتخاد تلك الإحتياطات اللازمة لتقييد حرية المقبوض عليه و وضعه تحت تصرف الشرطة او الدرك فترة زمنية مؤقتة تستهدف منعه من الفرار و تمكين الجهات المختصة من اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.

و المشرع عند نصه على هذا الإجراء الخطير أسوة بغيره من التشريعات نجده قد بدأ يقيد الحرية الفردية شيئا فشيئا و ذلك تبعا لحالة الضرورة وما يتطلبه ذلك الإجراء من زيادة في الصلاحيات , فالمادة 50 مثلا قد منحت لضابط الشرطة القضائية الحق في منع أي شخص من مبارحة مكان الجريمة , حيث بدأت بالتقييد الجزئي لحريات الافراد , ثم جاءت المادة 51 وزادت رجال الضبطية صلاحيات أكثر وذلك تبعا لمقتضيات التحريات أيضا فأجازت لهم هذه المادة أن يحتجزوا أي شخص مدة لاتتجاوز 48 ساعة بعد إبلاغ ضابط الشرطة لوكيل الجمهورية بهذا الاجراء , وهذا ماجاءت به المادة 45 من الدستور ناصة عليه بقولها : " يخضع التوقيف للنظر في مجال التحريات الجزائية للرقابة القضائية ولا يمكن أن يتجاوز مدة 48 ساعة … ولايمكن تمديد مدة التوقيف للنظر الا استثناءا ووفقا للشروط المحددة بالقانون ."
هذا الحجز الذي نحن بصدده له عدة شروط هي كالتالي :
• أن تكون الجناية او الجنحة متلبسا بها ومعاقبا عليها بعقوبة الحبس .
• أن تكون هناك مصلحة من وراء الحجز .
• أن يخطر ضابط الشرطة القضائية وكيل الجمهورية عند قيامه بالحجز .
• أن لاتزيد مدة الحجز عن 48 ساعة من وقت الانتهاء من المحضر الاول والتوقيع عليه من طرف الشخص المراد حجزه .
أن يضع رجل الضبطية تحت تصرف المشتبه فيه كل وسيلة تمكن من الاتصال فورا ومباشرة بعائلته وهذه ضمانة نص عليها المشرع في المادة 51 من ق إ ج .

هـ - تحرير المحضر : حماية للحريات الفردية ومنعا من التعسف الزم المشرع ضابط الشرطة القضائية تحرير المحاضر المثبتة لما قاموا به من إجراءات مبينين فيها انها قد اتخذت وفق ما يوجبه القانون وما يتطلبه من اجراءات حتى لا ترمى إجراءاتهم بالعقم او توصف بعدم الجدوى , هذه المحاضر يلزم أن تكتب من طرف ضابط الشرطة مثبتا فيها صفته القضائية وأسلوب كشف الجريمة طبقا لما جاء في المادة 18 ق إ ج ولكن مع هذا لا ضرر اذا ما كتبت من طرف كاتب أو عون بحضور ضابط الشرطة وكانت موقعة منه .

أما ان لم تكن كذلك فهي تعتبر محاضر غير قانونية طبقا لما جاء في المادة 54 ق إ ج , هذه المحاضر أيضا لابد وأن تحمل توقيع صاحب الشأن أو أن يشارفيها الى إمتناعه إن إمتنع عن ذلك , كما إن كان المحضر هو محضر سماع أقوال مع حجز تحت المراقبة أن يتضمن هذا المحضر مدة سماع الاقوال ودوامها كا يتضمن هذا المحضر فترات الراحة التي تخللت ذلك , واليوم والساعة اللذين أطلق سراحه فيهما وعلى رجال الضبطية القضائية بمجرد إنتهائهم من أعمالهم هذه أن يوافوا مباشرة وكيل الجمهورية ييياصول تلك المحاضر التي حرروها وكذلك جميع الوثائق المتعلقة بالجريمة .

أما محاضر الاستنطاق حتى تكون ذات قيمة قانونية لا مجرد تصريحات شفوية يجب أن تكون موقعة من طرف المعني أما محاضر الاستنطاق والحجز فيجب أن تكون موقعة من طرف المعني فإن لم يوقع عليها لإمتناعه ذكر ذلك في المحضر فإن كان ضابط الشرطة القضائية هو الذي لم ينبئه بهذا او لم يمنحه ذلك المحضر للتوقيع عليه عد باطلا وبالتالي كان الحجز تعسفيا .

ي – التفتيش : لما كان للمساكن و الأشخاص حرمة كفلتها الدساتير ونص عليها في ميثاق حقوق الإنسان و استوجب المشرع عدم المساس بها وإنتهاك حرمتها , الا أن هذا المبدأ الذي يحترم الحرية الشخصية والمصالح الخاصة قد يتطلب بعض الأحيان للمحافظة عليه الإضرار بالصالح العام وذلك عند إساءة إستعمال هذا الحق وتلك الحرية أو الحرمة من الاشخاص.

ونظرا لأن التدخل في حرية الشخص أو في مسكنه يعد إهدارا لما كفله الدستور لذا نظم هذا التدخل تنضيما يعد به عن الإساءة في التدخل ويبعد به عن التعسف في إستعمال هذا الحق , وكان لابد أن يوضع هذا الحق للجهة القضائية المختصة , وذلك بصفتها الأمينة على ذلك وهذا ما نص عليه الدستور في المادة 38 :" تضمن الدولة عدم إنتهاك حرمه المسكن … فلا تفتيش الا بمقتضى القانون في إطار إحترامه , ولا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة ."
نقول بداية أن التفتيش إما أن يكون محله الشخص نفسه وغما ان يكون المسكن وتوابعه , وذلك لأن هذه هي الأمكنة التي يمكن أن تكون محلا لكتمان الأسرار وعليه فإننا نجد المشرع قدأولاها عناية خاصة وهذا بالمحافظة عليها ومنعه من إنتهاك حرمتها إلا بالقدر اللازم المسموح به قانونا , ومن ذلك التقسيم سنتكلم عن تفتيش الاشخاص ثم المنازل.

أ – تفتيش الأشخاص : هذا من الإجراءات الجوهرية والتي لها مساس بالحريات الشخصية , وبالتالي فلا يجوز لضابط الشرطة القضائية أ، يقوم به دون أن يكون مخولا \لك الحق بنص قانوني صريح والمشرع لم ينص بذلك صراحة ولو في حالات التلبس .

والتفتيش الذي نحن بصدد الكلام عنه هو ذلك التفتيش المعتبر إجراء من إجراءات التحري أما التفتيش الإداري فلا يزيد عن كونه تجريد للمتهم من الأشياء أو الأسلحة التي تمكنه من المقاومة , وعليه كان من مستلزمات القبض ذاته ولا يقصد منه إلا إمكانية تنفيذه على وجه القانون ومن ثم فهو يعتبر وسيلة من وسائل الحيطة الواجب توافرها للتأمين من خطورة المقبوض عليه .
أما اللازم للتحري والغير منصوص عليه قانونا , فلا وسيلة لإجازته إلا برضى الشخص المراد تفتيشه وذلك لأن الرضى يصحح ما يعيب الإجراء ويبيح ماكان يحضره القانون حيث أن الشخص هو الذي رضي بنفسه وتنازل لضابط الشرطة القضائية في المساس بحريته وتقييدها وهذا أمر جائز له , وهذا الرضى لابد أن يكون صريحا صادرا من الشخص بمحض إرادته لا نتيجة إكراه , كما يشترط في هذا الرضى أن يكون صادرا قبل الإجراء لا بعده .

ب- تفتيش المساكن : منح القانون لضابط الشرطة القضائية الحق في تفتيش المساكن وذلك برغم ما أقره الدستور وأظفاه عليه من حرمة , وإن كان هذا الحق وتلك الصلاحية مشروطة ومقيدة بقيود حيت أن المشرع رخص في حالات وظروف معينة ازالة الجحب عن هذه المساكن بالقدر اللازم في تأدية مهامهم وعليه فإنه لايملك حقا عاما على كل المنازل وعلى كل الاشخاص حيت أن بإنتهاء ذلك الترخيص وإنعدام الإذن من السلطة القضائية المختصة يكون التفتيش غير جائز ومعاقب عليه مالم يحصل برضى صاحب المسكن أو بطلبه , وتفتيش المساكن في حالة التلبس يكون بشروط :

• - أن تكون الجريمة المرتكبة والمتلبس بها جناية أو جنحة : ذلك لأن المخالفة لايمكن إجراء التفتيش فيها , لأن المشرع بين ما ينتج عن ذلك التفتيش وما يحصل منه من إنتهاك لحرمة المساكن وفضل الابقاء على حرمة المسكن دون تفتيش في المخالفات لعدم أهميتها وهذا ضمانا للمشتبه فيه .
• -أن تكون الجنحة عقوبتها الحبس : وهذا طبقا لما جاء في المادة 55 ق إ ج حيث يلاحظ فيها أن المشرع قد ساوى بين حرمة الاشخاص وحرمة المساكن حيث إشترط في كل منهما أن تكون عقوبة الجنحة الحبس أو الحبس والغرامة على الإختيار , أما الغرامة وحدها فهي غير كافية وذلك لأن المشرع قد رأى بأن القبض تقييد لحرية المشتبه فيه , بينما التفتيش لايير فيه الامر إلى ذلك وكل ما فيه هو كشف الأشياء التي تفيد التحقيق فقط وعليه فإن حرمة المسكن تأتي في الدرجة الثانية في الحريات الفردية فضيق المشرع من صلاحيات ضابط الشرطة القضائية فيه ووسعها في التفتيش بالقدر اللازم له حتى تسير الأمور على نسق واحد .

• - أن التفتيش في الفترة المحددة قانونا : لقد إشترط المشرع أن يتم التفتيش في الاوقات المحددة طبقا للمادة 47 ق إ ج – لايجوز تفتيش المساكن أو معاينتها قبل الخامسة صباحا وبعد الثامنة مساءا الا في الإستثناءات : كطلب صاحب المنزل أو ما تعلق بجرائم الفسق والدعارة – المواد 342 إلى 348 ق إ ج .

ونص المادة 47 ق إ ج بقوله :" لايجوز البدأ في النتفتيش للمساكن ….." يطرح مسألتين هما : أولا : إذا بذأ التفتيش قبل الساعة الثامنة مساءا ولم يكتمل إستمر إلى مابعدها صحيحا منتجا لآثاره القانونية , وإن كان المشرع قد قيد ذلك الغستمرار بحالة الضرورة القصوى كالخوف من إخفاء الأدلة أو إندثارها أو نوعية الشرعية حتى لا يتخد ذلك ذريعة ويقوم ضابط الشرطة القضائية ببداية تفتيشه في أواخر أوقات التفتيش قصد إزعاج أصحاب الشأن في ذلك . ثانيا : أن بداية التفتيش قبل الساعة الخامسة وإستمراره حتى بعدها لا يعتبر صحيحا ذلك لأن ذخول المنازل قبل الساعة الخامسة للشروع في التفتيش هو إجراء باطل وغير قانوني وما بني عليه يكون باطلا , ولذا إذا ماعثر على أي شئ في هذا التفتيش يستبعد من الأدلة المثبتة للتهمة .
4- أن يكون هناك إذن بالتفتيش من جهة قضائية مختصة : لقد إشترط المشرع في المادة 44 ق إ ج على أن لايتم التفتيش إلا إذا تم أخد إذن من الجهة القضائية المختصة وإطلاع المعني عليه , وإن كان يلاحظ على هذا النص انه أطغى حماية كبيرة للمساكن حتى لايعبث بها أو تنتهك حرمتها ولكن لا يوجد بالمقابل له في تفتيش الأشخاص , وعليه فإن ضابط الشرطة القضائية إذا ما أجرى أي تفتيش دون إذن ولم تتوافر حالة من الحالات الإستثنائية كان التفتيش باطلا .

5 أن يكون التفتيش بحضور المعني بالأمر : لقد إشترط المشرع لإجراء التفتيش حالة التلبس في الجناية أو الجنخة المعاقب عليها بالحبس , أن يتم ذلك التفتيش بحضور المشتبه فيه إن كان هو المراد تفتيشه أو بحضور الشخص المراد تفتيشه إن لم يكن مشتبها فيه ,ولكن إشتبه أن في حوزته أوراقا أو أشياءا لها علاقة بالأفعال الإجرامية , هذا ما نصت عليه المادة 44 ق إ ج والمنطبق على تفتيش مسكن المشتبه فيه ومنزل غير الأجنبي عن الجريمة ولكن صاحبه إشتبه أن في حوزته أشياء لها علاقة بالجريمة , والناظر للنص ولأول وهلة يرى أن المشرع قد ساوى بين المشتبه في مساهمته في إرتكاب الجريمة وبين الأجنبي عنها , حيث أن المشرع قد عامل هذا الأخير معاملة قاسية وصارمة لا تتناسب مع موقفه كبرئ , ولعل من أجدر الأسباب التي دفعت المشرع إلى القول بهذا هو حالة التلبس , تلك الحلة التي تتطلب السرعة في الإجراءات ووضع اليد على أدلة الجريمة قبل إنذثارها , ولو كان سبيل ذلك هو المساس ببعض الحريات.
-ضمانات التلبس : سنحاول في هذا المفهوم بيان ضمانات التلبس العامة والمتعلقة بجميع الإجراءات وفق ذلك الوصف , ذلك أننا عند كلامنا عن صلاحيات رجال الضبطية القضائية ومهامهم قدر الإمكان على بيان الضمانات الخاصة لكل إجراء ومن هذه الضمانات العامة :
-أن تكون حالة التلبس سابقة عما يتخذ من إجراءات : وذلك لأن سمة التلبس وصفته هي التي منحت ضابط الشرطة القضائية السعة في سلطاته والزيادة فيها وإمكانية إتخاذ الإجراءات التي قام أو يقوم بها بناءا عليها فإذا ما قام بهذه الإجراءات قبل حدوث مبررها إعتبرت تحكيمية وبالتالي باطلة وما لحق بها كان باطل مادامت مؤسسة وقائمة على التلبس الذي لازال لم يحدث بعد .
وعليه فلا بد أن يثبت التلبس أولا ثم بعد ذلك يكون لضابط الشرطة القضائية الحق في إتخاد ما يراه لازما من إجراءات فالتفتيش مثلا أو ضبط الأشياء لا يكونان الا بعد إكتشاف حالة التلبس فلو قام بإحداهما قبلها كان عمله باطلا ويترتب عن ذلك بطلان الدليل المستمد منه وفي هذا ضمان لمصلحة المشتبه فيه , حيث يعلم أن رجل الضبطية هو الآن في حالة تحريات عن التلبس ومن ثم فإن الصلاحيات الممنوحة له موسعة ولا يمكن الإحتجاج عليه بها مادامت في إطارها القانوني والشرعي أما لو كانت الأمور عادية والجريمة غير معلومة ولا مكتشفة لحد القيام بالإجراءات فليعلم المشتبه فيه بأن التوسع فيه بناءا على حالة التلبس لكونها لم توجد بعد .
- إكتشاف حالة التلبس من طرف ضابط الشرطة القضائية أو حضوره عقب وقوعها أو عقب إكتشافها : لقد منح المشرع لضابط الشرطة القضائية سلطة واسعة في حالة التلبس بها تقيد الحرية الفردية كما أباح له بعض الإجراءات التي لم يحزها أثناء الأحوال العادية لتوقع وقوع الخطإ فيها أو لعدم ثبوت التهمة أو وجود أدلة كافية , أما في هذه الحالة فإحتمال الخطإ مستبعد , والإجراءات المتخدة الماسة بالحرية والشبهة اكثر دليلا , لذا أوجب عليه التحقق, حيث لم يكتفي المشرع بنقل نبإها اليه ممن شاهدها و من ثم فان المشاهدة من الغير غير كافية لقيام حالة التلبس , وبطريق اخرى فان التلبس لا يقوم و لا يثبت بشهادة الشهود بل ينبغي على ضابط الشرطة القضائية التحقق بنفسه من قيام هذه الحالة , فلو أنه قد أمر أحد المخبرين بان يشتري من احد الأشخاص مادة مخدرة و فعلا تم ذلك و لكن عند حضور رجل الضبطية لم يكن أي اثر للجريمة قائما غلا تلك المادة , فلا يمكن الغعتماد عليها و اعتبارها في حالة تلبس , بل هي تدخل ضمن الإطار القانوني للاحوال العادية.
- ان يتم إثبات التلبس بالطريق المشروع : أي ان تكون الإجراءات المتبعة و الموصلة لحالة التلبس جائزة قانونا و مشروعة , فحالة التلبس لا تكفي وحدها لاعتبار الجريمة متلبسا بها , لو لم يكن السبيل الموصل اليها مشروعا , و عاليه فإن انتفاء هذا الشرط يفقد تلك الحلة صفة التلبس القانوني و لو تمت المشاهدة الفعلية لضابط الشرطة القضائية , و عدم الشرعية هذا آت من أسبقية الإجراءات المتبعة من طرفه لحالة التلبس و إما لمجاوزة حدوده و سلطاته المخولة له شرعا.
فإذا كانت الجريمة على أي حال من الأحوال الغير مشروعة فإنه لا يحق ل ضابط الشرطة القضائية ضبطه باعتبارها حالة تلبس لعدم سلامة إرادة المشتبه فيه , اذ لولا ذلك العمل الذسي قام به ضابط الشرطة القضائية لما أقدم المشتبه فيه على فعلته تلك .

وقد ذهب بعضهم الى أن تحريض ضابط الشرطة القضائية على إرتكاب الجريمة بقصد ضبطها أثناء أو بعد ارتكابها يعتبر أمرا غير مشروع لا يتفق مع واجبهم في الحرصعلى حسن تطبيقالقانون ومن ثم فإن إجراء التحريات المبينة على ذلك تعتبر غير مشروعة وباطلة ولا أثر لها ولايجوز الإعتماد عليها اذا لم تكن هناك أدلة أخرى يعتمد عليها .










رد مع اقتباس