منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - من فضلكم ساعدوني
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-01-24, 20:46   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
mouloud69
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

المقدمة: يعتبر الانسان الحيوان الأخلاقي الوحيد الذي يستطيع أن يقيم أفعاله باستمرار فيحكم عليها إما بالخير و إما بالشر. لكن ما هو المعيار الذي يستند إليه للحكم على الفعل بالخير أو بالشر؟ هل الخير هو ما يتوافق مع المنفعة أم أن المنفعة هي التي ينبغي أن تتوافق مع الخير؟
القضيةالأولى: الخير ما كان موافقا للمنفعة: مذهب اللذة و المنفعة:
الحجج: وما يثبت ذلك ، إن القيم الأخلاقية ما هي إلا مسألة حسابية لنتائج الفعل ، وهذه النتائج لا تخرج عن تحصيل اللذات والمنافع ؛ فما يحفز الإنسان على الفعل هو دائما رغبته في تحصيل لذة أو منفعة لأن ذلك يتوافق مع الطبيعة الإنسانية فالإنسان بطبعة يميل إلى اللذة والمنفعة ويتجنب الألم والضرر ، وهو يٌقدم على الفعل كلما اقترن بلذة أو منفعة ، ويحجم عنه إذا اقترن بألم أو ضرر ، فاللذة والمنفعة هما غاية الوجود ومقياس أي عمل أخلاقي ، وهما الخير الاسمي والألم والضرر هما الشر الأقصى .
النقد: ولكن النفعيون لا يميزون بين الثابت والمتغير ولا بين النسبي والمطلق لأن القيم الأخلاقية قيم ثابتة ومطلقة ، والأخذ باللذة والمنفعة كمقياس لها يجعلها متغيرة ونسبية ، فيصبح الفعل الواحد خيرا وشرا في آن واحد ، خيرا عند هذا إذا حقق له لذة أو منفعة ، وشرا عند ذاك إذا لم يحقق أيًّا منهما . ثم أن المنافع متعارضة ، فما ينفعني قد لا ينفع غيري بالضرورة ، وأخيرا فان ربط الأخلاق باللذة والمنفعة يحط من قيمة الأخلاق و الإنسان معاً ؛ فتصبح الأخلاق مجرد وسيلة لتحقيق غايات كما يصبح الإنسان في مستوى واحد مع الحيوان .
نقيض الأطروحة : المنفعة ينبغي أن تتوافق مع الخير" المذهب العقلي":
الحجج: ويؤكد ذلك أن ( أفلاطون 428 ق م – 347 ق م ) قسم أفعال الناس تبعا لتقسيم المجتمع ، فإذا كان المجتمع ينقسم إلى ثلاث طبقات هي طبقة الحكماء وطبقة الجنود وطبقة العبيد ، فإن الأفعال – تبعا لذلك – تنقسم إلى ثلاثة قوى تحكمها ثلاث فضائل : القوة العاقلة ( تقابل طبقة الحكماء ) وفضيلتها الحكمة والقوة الغضبية ( طبقة الجنود ) وفضيلتها الشجاعة والقوة الشهوانية (العبيد ) وفضيلتها العفة ، والحكمة هي رأس الفضائل لأنها تحد من طغيان القوتين الغضبية والشهوانية ، ولا يكون الإنسان حكيما إلا إذا خضعت القوة الشهوانية والقوة الغضبية للقوة العاقلة .
- و عند المعتزلة ، فالعقل يدرك ما في الأفعال من حسن أو قبح ، أي أن بإمكان العقل إدراك قيم الأفعال والتمييز فيها بين ما هو حسن مستحسن وما هو قبيح مستهجن ، وذلك حتى قبل مجيء الشرع ، لأن الشرع مجرد مخبر لما يدركه العقل ، بدليل أن العقلاء في الجاهلية كانوا يستحسنون أفعالا كالصدق والعدل والأمانة والوفاء ، ويستقبحون أخرى كالكذب والظلم والخيانة والغدر .. وان الإنسان مكلف في كل زمان ومكان ولولا القدرة على التمييز لسقطت مسؤولية العباد أمام التكليف .
- والعقل عند ( كانط 1724 – 1804 ) الوسيلة التي يميز به الإنسان بين الخير والشر، وهو المشرّع ُ لمختلف القوانين والقواعد الأخلاقية التي تتصف بالكلية والشمولية ، معتبراً الإرادة الخيرة القائمة على أساس الواجب الركيزة الأساسية للفعل لأن الإنسان بعقله ينجز نوعين من الأوامر : أوامر شرطية مقيدة ( مثل : كن صادقا ليحبك الناس ) ، وأوامر قطعية مطلقة ( مثال : كن صادقا ) ، فالأوامر الأولى ليس لها أي قيمة أخلاقية حقيقية ، فهي تحقق أخلاق منفعة ، وتتخذ الأخلاق لا كغاية في ذاتها ، وإنما كوسيلة لتحقيق غاية . أما الأوامر الثاني فهي أساس الأخلاق ، لأنها لا تهدف إلى تحقيق أي غاية أو منفعة ، بل تسعى إلى انجاز الواجب الأخلاقي على انه واجب فقط بصرف النظر عن النتائج التي تحصل منه لذلك يقول : « إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية فعل نقي خالص , وكأنما هو قد هبط من السماء « .
- النقد : لكن التصور الذي قدمه العقليون لأساس القيمة الأخلاقية تصور بعيد عن الواقع الانساني ، فالعقل أولا قاصر وأحكامه متناقضة ، فما يحكم عليه هذا بأنه خير يحكم عليه ذاك بأنه شر فإذا كان العقل قسمة مشتركة بين الناس فلماذا تختلف القيم الأخلاقية بينهم إذن ؟ . كما يهمل هذا التصور الطبيعة البشرية ، فالإنسان ليس ملاكا يتصرف وفق أحكام العقل ، بل هو أيضا كائن له مطالب حيوية يسعى إلى إشباعها ، كما أن الفرد يتأثر بالمجتمع. والتي لها تأثير في تصور الفعل .وأخيرا أن الأخلاق عند كانط هي أخلاق متعالية مثالية لا يمكن تجسيدها على ارض الواقع .
التركيب: تحديد معيار القيمة الأخلاقية تتداخل فيه عدة عوامل. إن الإنسان في كينونته متعدد الأبعاد ؛ فهو إضافة إلى كونه كائن عاقل فإنه كائن بيولوجي أيضا لا يتواجد إلا ضمن الجماعة التي تؤمن بمعتقد خاص ، وهذه الأبعاد كلها لها تأثير في تصور الإنسان للفعل الأخلاقي و كيفية الحكم عليه . فقد يتصور الإنسان أخلاقية الفعل بمقتضى ما يحكم به عقله ، أو بمقتضى ما يهدف إلى تحصيله من وراء الفعل ، أو بمقتضى العرف الاجتماعي أو وفق معتقداته التي يؤمن بها .
الخاتمة حل المشكلة: وهكذا يتضح أن أسس القيم الأخلاقية مختلفة ومتعددة ، وهذا التعدد و الاختلاف يعود في جوهره إلى تباين وجهات النظر بين الفلاسفة الذين نظر كل واحد منهم إلى المشكلة من زاوية خاصة ، أي زاوية المذهب أو الاتجاه الذي ينتمي إليه . و إلى تعدد أبعاد الإنسان ، لذلك يمكن القول أن تحديد معيار القيمة الخلقية يتأثر بعدة عوامل متداخلة.










رد مع اقتباس