منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - موضوع مميز مساحة حرّة : أجمل وأصدق ما قرأت اليوم
عرض مشاركة واحدة
قديم 2024-03-06, 00:05   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أبو حــــاتم
أستــاذ
 
إحصائية العضو










افتراضي الهوى وإفساده للعدالة!

السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
حيّاكم الله وبيّاكم وجعل الجنّة مثوانا ومثواكم.
إليكم قصّة قصيرة من الأدب العربي بها الكثير من العبر والموعظة.
بعنوان: الهوى وإفساده للعدالة!
في أحد الأيّام جاء رجل عادي إلى محل دجاج وفي يده دجاجة مذبوحة يريد تنظيفها من الرّيش وتقطيعها، وكالعادة الجارية طلب منه صاحب المحل تركها والإتيان لأخذها بعد نصف ساعة حالما يكون قد انتهى من عمله.
وإذا بقاضي المدينة يأتي لمحلّ الدّجاج ويطلب من مالكه أن يبيعه دجاجة، فيخبره الرّجل بأنّه لا يملك أي دجاجة بالمحلّ ويقسم على ذلك مخافة من القاضي إلاّ هذه الدّجاجة وهي ملك لرجل سيأتي ليأخذها بعد انتهائه من العمل عليها.
فيقول له القاضي: “أعطني إيّاها وعندما يأتيك صاحبها أخبره بأنّها قد طارت، وإن اعترض على ذلك فدعه يشتكيك ولا يهمّك أيّ شيء”.
وبالفعل أخذ القاضي الدّجاجة ورحل، وعندما مرّت نصف السّاعة جاء صاحب الدّجاجة ليأخذها، فعندما رآه صاحب محلّ الدّجاج أخبره بأن دجاجته قد طارت، فقال له الرّجل: “هل جننت يا هذا؟!، كيف لها أن تطير وقد أحضرتها إليك وهي مذبوحة أيّ ميتة!، هيا بنا للقاضي ليحكم بيننا ويظهر الحقّ لصاحبه”.
وبينما كانا الرّجلين ذاهبين للقاضي إذ بهما يفاجأن في طريقهما بمسلم ويهودي يتعاركان مع بعضهما البعض، فأراد صاحب محل الدّجاج أن يفض بينهما ولكنه ولسوء حظه يدخل إصبعه في عين اليهودي فيفقأها له!
فاجتمع الناس من حوله وأمسكوه بشدّة ليزجوا به عند القاضي وينالوا حقهم منه، ولكنّه ما إن اقترب من المحكمة أفلت منهم وركض خوفا من العقاب، ودخل مسجدا وصعد فوق منارته، وعندما أدركوه قفز من على المنارة على شيخ عجوز فمات الشّيخ حينها.
أدخلوه على القاضي وقد كانوا: صاحب الدجاجة، واليهودي الذي فقأت عينه، وابن الشّيخ الذي مات، وكثير من الناس؛ عندما رآه القاضي عرفه يقين المعرفة ولكنّه لم يكن يعلم أن عليه ثلاثة قضايا، وما إن علم بذلك طلب منهم أن يحكم في قضية تلو الأخرى…
قال القاضي نادوا على صاحب الدّجاجة، فقال الرّجل بدوره: “يا سيّدي القاضي لقد أعطيته دجاجتي وطلب منّي أن أذهب وأعود لأخذها، وعندما جئته قال لي بأنها طارت، كيف يعقل هذا يا سيّدي القاضي والدّجاجة كانت مذبوحة؟!”
فقال له القاضي: “ألا تؤمن بالله يا رجل؟!”، قال: “بلى أؤمن به سبحانه وتعالى”.
فقال له القاضي: “يحيي العظام وهي رميم، قم وليس لك شيء عند هذا الرّجل.

وجاء باليهودي والّذي قصّ عليه ما حدث، فقال له القاضي: “في إسلامنا دية المسلم لأهل الذمّة النصف، بمعنى نفقأ عينك الثانية لنفقأ للرجل عينا واحدا”، فقال اليهودي: “إني أتنازل عن حقّي يا سيدي”.

وجاء ابن الشيخ الميت فقصّ على القاضي ما حدث، فقال له القاضي: “اذهبوا بالمتهم عند المنارة واصعد أنت فوقها واقفز عليه”، فقال ابن القتيل: “ولكن إذا تحرّك يمينا أو يسارا أموت أنا يا سيّدي القاضي”، فأجابه: “والله إنها ليست بمشكلتي إذا، لماذا لم يتحرك والدك يمينا أو يسارا حينها؟!”
فقال الشابّ: “إنني أتنازل عن حقّي في الادّعاء عليه يا سيدي”.


ملاحظة: أهل الذّمّة = هو مصطلح فقهي إسلامي يقصد به كلا من النّصارى واليهود أهل الكتاب وأصحاب الدّيانات الأخرى الّذين يعيشون تحت الحكم الإسلامي أو في البلاد ذات الأغلبية المسلمة.









آخر تعديل أبو حــــاتم 2024-03-06 في 08:00.
رد مع اقتباس