منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مجموع البشير فيما قيد من عقائد سلطان الجزائر الأمير عبدالقادر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2022-10-04, 12:58   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أبو أنس بشير
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي




[13] حقيقة قادرية الأمير عبد القادر وتصوفه

بسم الله الرحمن الرحيم .
قد أزيد وأرغد علينا الطرقية المتصوفة ، بل المدرسة الفرنسية ، وطاروا بها كل مطار بأن الأمير عبد القادر - رحمه الله - كان قادريا صوفيا !!
وللبيان هذه الشبهة وما فيها من المغالطة والمجانبة للحق ، نقول :

الوجه الأول : إن الطريقة التي ينسب إليها الأمير عبد القادر هي طريقة الإمام عبد القادر الجيلاني - رحمه الله - في التعبد والتنسك والزهد ، وكما يعلم عند أهل العلم أن طريقة الإمام عبد القادر الجيلاني كانت على السنة وقد حرص علماء السنة على معرفتها وشرحها ، حتى الإمام المحقق المجدد شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - شرح رسالة الجيلاني ( فتوح الغيب ) وكان ينقل من كتابه ( الغنية ) ليبين لاتباعه - أي : اتباع الجيلاني - عقيدته التي كانت على عقيدة السلف الصالح في الأسماء والصفات وعلى مذهب إمام السنة أحمد بن حنبل - رحمه الله - .
وكما يعلم أن الطرق والمناهج التي سلكها المتنسكة واجتهاداتهم هي من جنس اجتهادات الفقهاء ما لم تخرج عن السنة والكتاب ، فهي يسوغ التسمي بها ما لم يعقد عليها الولاء والبراء وتخالف الشرع .
قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى ( ٣/٣١٦) : ( بل الأسماء التي قد يسوغ التسمي بها مثل انتساب الناس إلى إمام كالحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي أو إلى شيخ كالقادري والعدوي ونحوهم أو مثل الانتساب إلى القبائل : كالقيسي واليماني وإلى الأمصار كالشامي والعراقي والمصري .
فلا يجوز لأحد أن يمتحن الناس بها ولا يوالي بهذه الأسماء ولا يعادي عليها بل أكرم الخلق عند الله أتقاهم من أي طائفة كان .
وأولياء الله الذين هم أولياؤه : هم الذين آمنوا وكانوا يتقون ) ا.هـ
وقال أيضا ( ١١/ ١٤) : ( .. وكذلك ما يذكر عن أمثال هؤلاء من الأحوال من الزهد والورع والعبادة وأمثال ذلك قد ينقل فيها من الزيادة على الصحابة رضي الله عنهم وعلى ما - في - سنة الرسول .. والتحقيق : أنهم في هذه العبادات والأحوال مجتهدون كما كان جيرانهم من أهل الكوفة مجتهدين في مسائل القضاء والإمارة ونحو ذلك .. والصواب : للمسلم أن يعلم أن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وخير القرون القرن الذي بعث فيهم ، وأن أفضل الطرق والسبل إلى الله ما كان عليه هو وأصحابه ) ا.هـ

➖ قلت ( بن سلة ) : هل - والحالة هذه - يعاب على الأمير عبد القادر إذا لقن بعض كتب الشيخ الجيلاني وشروحاتها كما صنع الإمام ابن تيمية مع رسالته ( فتوح الغيب ) ؟
وهي على الطريقة السلفية ، وهي من كتب الرقائق والتعبد والأخلاق التي ينصح بها أهل العلم ، قبل التوجه لطلب العلم كما قال بعض الأئمة : ( من أراد الفقه والعلم بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ) .

وهذا الذي نلتمسه في الواقع ، وعرفناه في مسيرتنا الدعوية أنه دخل بعض الشباب في العلم ، وأخذهم بعض مسائله بغير الآداب والتنسك ، فضلوا وأضلوا وانحرفوا وانقطعوا ، وتتطاولوا على العلم وأهله ، وأفسدوا وخربوا وكانوا أسوة سيئة في مجتمعاتهم ، والله المستعان

الوجه الثاني : لم يعرف عن الأمير عبد القادر ولا جاء في سيرته أنه كان يبايع على الطريقة القادرية ، أو كانت هي شغله الشاغل ، ويقدم الإجازات والأذكار فيها ، بل كانت حياته وتأسيس دولته على الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح ، ويوصي بذلك ويقرره في رسائله ويقدم الإجازات في صحيح البخاري ، وكانت كلمة التوحيد هي نقش جيشه ، ولم يذكر أنه كان يذكر القادرية أو يعقد عليها الولاء والبراء ويتعاهد عليها .
قال المؤرخ سعد الله في كتابه ( الحركة الوطنية ) : ( إن الأمير عبد القادر فوق الطرق الصوفية كلها ، أي إنه كان يعمل من أجل فكرة أشمل وهي الدين والوطنية ) ا.هـ
وقالت الأميرة بديعة نقلا عن جدتها زينب بنت الأمير عبد القادر أنها قالت عنه : ( كان والدي يردد أمامنا هذا البيت :
عليك بشرع الله فالزم حدوده
حيثما سار سر وإن وقف قف ) ا.هـ

أما إذا جئت إلى الدعوات الأخرى من التيجانية والأحمدية والرفاعية وغيرهم من الجماعات المبتدعة المعاصرة ، فشغلهم الشاغل هو البيعة على أصولهم ولرجالهم وتلقين أذكارهم المنحرفة المبتدعة ، فمثلا إمام الإخوان المسلمين حسن البنا لقن الطريقة الحصافية ووظائفها وأورادها وكان يواظب على الحضور حضرتها ، انظر كتابه ( مذكرات الدعوة والداعية )
وأيضا أبو الحسن الندوي الذي هو من كبار مشايخ التبليغ أنه كان يبايع على الطريقة الجشتية النقشبندية القادرية السهروردية ويعمل عليها ، وقد بايع على يديه في المسجد النبوي بعض طلبة الجامعة ، ولهم في ذلك أوراد وأذكار يتواصون عليها ، وهي مخالفة للسنة ، انظر كتاب ( القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ ) .

الوجه الثالث : الطريقة القادرية في الجزائر قد اخترقتها فرنسا واستعملتها لحسابها كما ذكر ذلك المؤرخ المحقق سعد الله - رحمه الله - في كتابه ( تاريخ الجزائر الثقافي ) والذي كان يحركها هو الضابط ريبورتر الذي يدعى " المواطن الصحراوي ) ، وهو من حصد الشعب الجزائري ، وكان يعمل في جهاز استخبارات الفرنسي ، انظر كتاب ( الأمير عبد القادر حقائق ووثائق ) .

➖ قلت ( بن سلة ) : هل هذه الطريقة والجنود الأوفياء لفرنسا تمثل الأمير عبد القادر ؟!! إذا كان عندك مسكة عقل فتبرأ من هذا الهراء ، أما إذا كنت من حزب فرنسا فلا حيلة لنا معك ، إلا أن نقول : قطع الله لسانك ، وكشف خبثك ومكرك أمام الأمة .

الوجه الرابع : ظهر في زمان الأمير عبد القادر ، في إقليم الجزائر محمد بن عبد الله البغدادي القادري وكان يدعي أنه من أحفاد الجيلاني ، وبدأ يجمع الناس حوله ، فما كان من الأمير عبدالقادر إلا أن يقمعه هو وأتباعه ويحصد ثورته وفكرته .
لو كان الأمير عبد القادر ممن يتعصبون للقادرية لقدم محمد بن عبد الله القادري على الدولة الجزائرية السنية ودخل تحت بيعة هذا عبد الله القادري حفيد الجيلاني ، تعظيما للطريقة القادرية ولأحفاد إمامها !
ولكن لم يكن هذا ، بل كان جهاد السلطان الجزائري الأمير عبدالقادر هو أن يلتحق وينضم جميع الشعب الجزائري بمدارسه ، وجماعاته ، وجمعياته ، وقبائله إلى وطنية الجزائر واحدة ، وقومية واحدة ، تحت راية واحدة ، وعد السلطان الأمير عبد القادر كل من عدى هذه الراية ، ولم يلتحق بهذه الوطنية الجزائرية من الخوارج ، ومن الخونة وعملاء فرنسا ، فكل من درس سيرة الأمير عبدالقادر الجهادية والفترة الجزائرية ، وقف ما كان من الأمير الجزائري من قمعه للمتمردين ، وتنكيله بالخونة ، ومن أظهرهم الطائفة التيجانية والبغدادي القادري .
فمن رسائل الدولة الجزائرية في التنديد ما كان من تمرد الخوارج ما كتبه الخليفة محمد بن علال ولي ولاية ( مليانة ) إلى الخوارج الذين انضموا إلى معسكر محمد البغدادي القادري الخارجي ، وجاء فيها بعد الحمدلة وذكر من خرج من القبائل : ( ... ومن والاهم ووافقهم على الخروج عن طاعة حضرة الأمير ، أنه لما بلغه أيده الله خبر عتوكم وشقكم عصى المسلمين بخروجكم عن الطاعة ومخالفتكم لأهل السنة والجماعة ، وإعلانكم بالعدوان ومجاهرتكم بالعصيان ، صدر أمره العالي المطاع بالله تعالى باعذاركم وانذاركم ، وبذل النصيحة لكم ،فإن رجعتم عن غيكم وارتكاب ما أداكم إليه جهلكم ومرض قلوبكم وضعف دينكم وجئتم إليه تائبين وعن أفعالكم الشنيعة مقلعين فذلك ، وإلا فإنه نصره الله يقاتلكم وينتقم بسيف الله ورسوله منكم ، ولا يخفى أنكم بانتقاضكم عليه وخروجكم عن طاعته التي أجمع عليها أهل المغرب الأوسط وبايعوه عليها صرتم ممن أباح الله دماءهم وأموالهم ، فالمقتول منكم مصيره إلى النار ، والمقتول من العساكر المحمدية المنصورة مآله إلى الجنة ، فيجب عليكم أيها الناس أن تتوبوا إلى الله تعالى وترجعوا عما أنتم عليه من الضلال وتعلنوا بالطاعة والدخول في سلك الجماعة ...)
وقال السلطان الأمير عبد القادر بعدما قمع خروج التيجاني برسالة إلى خلفائه : ( الحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده :
وبعد فإن الله تعالى منذ ولانا أمر المسلمين والنظر في مصالحهم لم نزل نجتهد ونسعى في تأليف قلوبهم على الاتحاد والخضوع لشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لقوله عز وجل :{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } .
وقد توجهنا هذه المرة إلى بلاد الأغواط لجمع كلمتهم وإصلاح فسادهم ، فاظهر عامة أهلها غاية الطاعة والانقياد إلا ما كان من التيجني ومن انتمى إليه فإنهم تجاهزوا بالشقاق وتظاهروا بالتصدي عن الوفاق فأمرناهم بالرجوع إلى الحق وحذرناهم من شق عصا المسلمين غير مرة وناشدناهم الله في صون دمائهم وأعراضهم ، فلم يرجعوا عن غيهم بل صمموا على قتالنا واستعدوا لمحاربتنا فخفنا أن أهملنا أمرهم من سريان هذا الفساد إلى غيرهم فيفوت المقصود الذي هو جمع الأمة على كلمة واحدة وطريقة متحدة ، فأخذنا في حصار حصنهم والتضييق عليهم ، ولما استشرفوا على الردى وكادت أن تعمل فيهم المدى طلبوا منا الأمان مع أنهم خدعونا مرات عديدة ، فمنحناهم الصفح الجميل صونا لدمائهم وحفظا لاعراضهم لقوله تعالى :{ فاعفوا واصفحوا } ...) ، انظر النصين في كتاب ( تحفة الزائر في مآثر الأمير عبدالقادر/ ج١ص ١٨٧ – ١٩٧)
➖ قلت ( بن سلة) : في هذين النصين أظهر البيان ما كان عليه السلطان الأمير عبد القادر من سعيه إلى إقامة دولة راشدة على أصول الخلافة الراشدة ، ليس غرضها إلا وطنية جزائرية واحدة ، فهو لم يخطر بباله هذه الطرق المحدثة ، ولم تأت رسومها بباله ، لما هي عليه من التفرق ومضادة الوحدة الوطنية الجزائرية ، فانتبه لهذا رعاك الله وأرشدك لطاعته ، وإدراك حقيقته .

الوجه الخامس : لماذا الطرقية الحلولية دائما تدندن إلا حول التصوف ونسبته إلى عظماء الأمة من الفقهاء والمحدثين والأمراء والعباد والزهاد وهم من أهل السنة في التوحيد والأسماء والصفات والعبادة كأحوال الجنيد وابن أدهم والجيلاني ؟
فلفظة التصوف ألصقت بهم وهم ما أرادوها شأن لفظة المالكية و الأحناف والشافعية والحنابلة ، هل أولئك الأئمة العظام أطلقوا على أنفسهم تلك الألقاب أم هي مجرد اصطلاحات أطلقها عليهم اتباعهم ؟

قرر الإمام ابن تيمية في الفتاوى في ( ١١ / ١٦ ) : ( أن التصوف هو طريق يسلكه العباد والزهاد مما فيه اجتهاد ، وهؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف ، وليس طريقهم مقيدا بلباس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ، ولا علقوا الأمر به ، لكن أضيفوا إليه لكونه ظاهر الحال ، وإنما التصوف هو حقائق وأحوال ، فما وافق الشرع أقر ، وما خالفه رد على صاحبه ، وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم كالحلاج مثلا ) ، ونحو ذلك .
وقال في ( ١١ / ٧٠ ) : ( وأما المستأخرون: فالفقير في عرفهم عبارة عن السالك إلى الله تعالى، كما هو الصوفي في عرفهم أيضا ، ثم منهم من يرجح مسمى الصوفي على مسمى الفقير لأنه عنده الذي قام بالباطن والظاهر ، ومنهم من يرجح مسمى الفقير لأنه عنده الذي قطع العلائق ولم يشتغل في الظاهر بغير الأمور الواجبة ، وهذه منازعات لفظية اصطلاحية .
والتحقيق بأن المراد المحمود بهذين الاسمين داخل في مسمي الصديق والولي والصالح ونحو ذلك من الأسماء التي جاء بها الكتاب والسنة، فمن حيث دخل في الأسماء النبوية يترتب عليه من الحكم ما جاءت به الرسالة ، وأما يتميز به مما بعده صاحبه فضلا وليس بفضل أو مما يوالى عليه صاحبه غيره ونحو ذلك من الأمور التي يترتب عليها زيادة الدرجة في الدين والدنيا ، فهي أمور مهدرة في الشريعة ، إلا إذا جعلت من المباحات كالصناعات فهذا لا بأس به بشرط ألا يعتقد أن تلك المباحات من الأمور المستحبات .
وأما ما يقترن بذلك من ألأمور المكروهة في دين الله من أنواع البدع والفجور فيجب النهي عنه كما جاءت به الشريعة، ) ا.هـ

➖ قلت ( بن سلة ) : فهذه هي نظرة الإمام المجدد الأمير عبد القادر للتصوف ، وهي عين نظرة كل علماء السنة في جميع الأعصار والأمصار ، فالكبار من الفقهاء والمحدثين من أهل السنة نسبوا إلى التصوف بهذا المصطلح ، فالعبرة بأعمالهم وأقوالهم ومعتقداتهم ، فمن كان على الطريقة السلفية فهو من أهل السنة ، وأما من كان يعتقد وحدة الوجود ويدعو إليها ويقررها ويدعو إلى الحلول ووحدة الأديان والقبورية وتعطيل الشرع والأسباب ، والغلو في الدين ، ويقدم الأولياء على الأنبياء ، ويقدم أذكاره على القرآن وأصوله على أصول السنة ، فهذا ليس سلفه عبد القادر الجيلاني والجنيد ، وهو ليس من تلك المدرسة وإن نسب نفسه إليها ، كما هو الشأن في المعتزلة والأشاعرة الكلابية المتكلمة الذين انتسبوا إلى الأئمة الأربعة وإلى الإمام أبي الحسن الأشعري ، وهم على غير عقيدتهم ، وعلى غير أصولهم ، فتنبه يا أيها المسلم لذلك ، بصرك الله بخبث ومكر أهل البدع والأهواء

كتبه : بشير بن سلة الجزائري











رد مع اقتباس