منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مجموع البشير فيما قيد من عقائد سلطان الجزائر الأمير عبدالقادر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2022-10-04, 12:42   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أبو أنس بشير
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي




[8] بيان ما نسب وألصق بالأمير
عبد القادر الحسني الجزائري
من الأقوال والعقائد الباطلة


الحلقة الخامسة : المجدد المربي الأمير عبد القادر الحسني الجزائري يزلزل المعتزلة والصوفية المتكلمة في أصل أصولهم ، ويهدم حصونهم

بسم الله الرحمن الرحيم
قد أظهر وأبان المجدد الأمير عبد القادر - رحمه الله - عن عقيدته في رسالته ( المقراض الحاد لقطع لسان منتقص دين الإسلام بالباطل والإلحاد ) ، والتي تستمد أصولها من عقيدة السلف الصالح ، وصدع بما يخالف عقيدة الدولة العثمانية - اي : الماتريدية الصوفية - ، وبما كان عليه تلك المجتمعات في عهده من العقيدة - أي : الأشعرية الصوفية المتكلمة - ، ومن الإلحاد في المجتمعات الغربية الكافرة .
فأظهر العقيدة الإسلامية الصحيحة ، والأخلاق المرعية ، والعلوم الدنيوية التي تميز بها الإسلام .
فيصح أن نجعلها متنا تدرس في المدارس النظامية والمعاهد ، وفي المساجد ، وتلقن للطلبة ، فتعرف من خلالها عقيدة مؤسس الدولة الجزائرية ، بل عقيدة السلف الصالح والإمام أبي الحسن الأشعري .

ومن أهم الأصول التي ختم بها عقيدة الرسالة ، كلامه عن كلام الله تعالى لموسى عليه السلام ، وعن القرآن ، ونزول عيسى عليه السلام ، وعن المسيح الدجال ، وهذه الأصول قد اضطرب فيها المعتزلة والأشاعرة والخوارج ، وخالفوا فيها السنة ، وعقيدة السلف الصالح ، فنبين هذه الأصول على النحو التالي :

الأصل الأول : الكلام :
الكلام صفة من صفات الله تعالى الثابتة بالكتاب والسنة وإجماع السلف .
قال الله تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما )
قال الأمير عبد القادر عن موسى عليه السلام : ( رسالته كانت رسالة التوحيد ، فهو عبد الله ورسوله ، وكليمه ، أنزل الله عليه التوراة ) .
وقال عن القرآن : ( والقرآن تلقاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما هو متلو بكلماته وتراكيبه )
وقال : ( وأما القرآن فناظمه الله تعالى ) .

➖ قلت ( بن سلة ) : فهذا من أوضح اللسان ، وأبلغ البيان في الرد على الجهمية والمعتزلة والأشاعرة المتكلمة فيما يخص أصل كلام الله تعالى .
إذ قالت الجهمية : الكلام ليس من صفات الله تعالى ، بل هو خلق من مخلوقاته ، يخلقه الله في الهواء أو في المحل الذي يسمع منه ، وإضافته إلى الله إضافة خلق أو تشريف مثل : ناقة الله ، وبيت الله .
وقالت الأشاعرة : كلام الله معنى قائم بنفسه لا يتعلق بمشيئته ، وهذه الحروف والأصوات المسموعة مخلوقة للتعبير عن المعنى القائم بنفس الله .
وقالوا : إن المعبر والمنظم لهذه الكتب السماوية هو جبريل عليه السلام ، وذلك أن جبريل فهم كلام الله النفسي القديم ، وقام جبريل عليه السلام بدوره فأفهم الرسول كلام الله القديم .
فيكون جبريل هو الذي عبر ونظم الكتب السماوية .
هذا هو مأخذ الأشاعرة المتكلمة ممن انحرف في عقيدة الكلام ، وشيخهم في ذلك ابن كلاب ، فهو أول من ابتدع الكلام النفسي ، وأن كلام الله تعالى لا يتعلق بمشيئته ، واتبعه في ذلك الأشاعرة المتكلمة ، ولكن محققي الأشاعرة وممن يرجع إليهم في مقالات الأشعري ، فإنهم لا يقولون بهذه المقالة المبتدعة ، ومن ثبت منهم أنه قال بها :
فإما أنه رجع عن هذا القول إذا ثبت ذلك عنه ، أو لم يقل به ، ومنهم : أبو الحسن الأشعري ، والحارث المحاسبي ، وأبو بكر الباقلاني .

قال الإمام أبو نصر السجزي في رسالته إلى أهل زبيد ( ص ٨٠ ) : ( اعلموا ـ أرشدنا الله وإياكم ـ أنه لم يكن خلاف بين الخلق على اختلاف نحلهم من أول الزمان إلى الوقت الذي ظهر فيه ابن كلاب والقلانسي والصالحي والأشعري.. في أن الكلام لا يكون إلا حرفاً وصوتاً ذا تأليف واتساق وإن اختلفت به اللغات ... فلما نبغ ابن كلاب وأضرابه وحاولوا الرد على المعتزلة من طريق مجرد العقل وهم لا يخبرون أصول السنة ولا ما كان السلف عليه .. فالتزموا ما قالته المعتزلة وركبوا مكابرة العيان وخرقوا الإجماع المنعقد بين الكافة المسلم والكافر وقالوا للمعتزلة: الذي ذكرتموه ليس بحقيقة الكلام وإنما يسمى ذلك كلاماً على المجاز لكونه حكاية أو عبارة عنه وحقيقة الكلام: معنى قائم بذات المتكلم )
من أولئك الأشاعرة الذين ينسب إليهم قول الأشاعرة المتكلمة في أن " كلام الله معنى قائم بنفسه لا يتعلق بمشيئته .." ، ألا وهو الإمام أبو بكر الباقلاني ، ولايزال من هناك من يصر على إضافة هذا القول إليه مع أنه رجع عنه !، وقرر عقيدة أهل السنة في كلام الله ، قال في كتابه ( الإنصاف / ص ٦٧ ) : ( اعلم أن الله تعالى متكلم ، له كلام عند أهل السنة والجماعة ، وأن كلامه قديم ليس بمخلوق ولا مجعول ولا محدث ، بل كلامه قديم صفة من صفات ذاته كعلمه وقدرته وإرادته ونحو ذلك من صفات الذات .
ولا يجوز أن يقال: كلام الله عبارة ولا حكاية)
وقال : ( اعلموا أن مذهبنا ومذهب أبي الحسن الذي سطره في سائر كتبه الكبار والمختصرات هو مذهب الجماعة وسلف الأمة وما مضى عليه الصالحون من الأئمة من أن كلام الله صفة من صفات ذاته غير محدث، ولا مخلوق، وأنه لم يزل متكلما، وذكر الحجة في ذلك‏ ) ، نقله الإمام ابن القيم في كتابه ( اجتماع الجيوش الإسلامية/ ج٢ص٣٠١)

فمن التلبيس والإضلال ، وعدم إنصاف الرجال أن ينسب إليهم مقالات قد رجعوا عنها ، أو لا تثبت عنهم ، أو يلحد في أقوالهم وتحمل على غير مرادهم ، فهذا من الظلم والجور وعدم العدل ، فكم ضل من الخلق بسبب عدم إقامة ميزان الحق ، وإدراك الصدق !!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( منهاج السنة النبوية / ج٦ص ٣٠٣) : ( وكثير من الناقلين ليس قصده الكذب ، لكن المعرفة بحقيقة أقوال الناس من غير نقل ألفاظهم وسائر ما به يعرف مرادهم قد يتعسر على بعض الناس ، ويتعذر على بعضهم )

➖ قلت ( بن سلة ) : تعبير الأمير الجزائري بقوله ( فناظمه الله تعالى ) يرد على الأشاعرة في ضلالتهم هذه ، وهو يجعل كلام الله تعالى حقيقة .
قال : ( والإنجيل المنزل كلام الله حقيقة )
وقال : ( فالتوارة والألواح كلام الله حقيقة )

إلا أنه ننبه على شيء ، يذكر ليعرف : أن الأمير عبد القادر - رحمه الله - خالف أهل الحديث في مسألة ، وهي قوله أن موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام هما من عبر عن كلام الله ، مما كان سببا في تحريف كتابهما ، فيكون قد خالف السلف في هذه الجزئية ، إذ لا فرق بين القرآن وبين التوراة والإنجيل فكلهم من عند الله ، إنما التحريف وقع في لفظهما أو معناهما ممن جاء بعدهما عليهما الصلاة والسلام وليس هذا مقام بيان ذلك ، وليرجع كتب العقائد والتفسير ليقف على كيف وقع التحريف للكتب السابقة .
وكما يقال " لكل جواد كبوة " ، فالعالم يصيب ويخطيء ، فالعصمة للأنبياء ، ما من عالم إلا ويصيب ويخطيء ، وقد وقع في زلات أئمة عظام في الحديث والتفسير كأمثال ابن حجر والنووي والسفاريني وغيرهم ، ولكنهم هم على خير كبير وعظيم ، نفع الله بهم الأمة الإسلامية - رحمهم الله -

الأصل الثاني : ذكر فتنة المسيح الدجال ، ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام .

قال الأمير عبد القادر عن عيسى عليه الصلاة والسلام : ( وسينزل قرب يوم القيامة ، ويقتل الأعور الكذاب الدجال ، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ) ا.هـ

➖ قلت ( بن سلة ) : هذا أصل من أصول أهل السنة والحديث خالفهم فيه المعتزلة والخوارج والملاحدة .
قال المحدث شيخ الأئمة حمود التويجري - رحمه الله - في كتابه ( الفتن والملاحم ) : ( والحامل لأبي عبية على هذا التحريف إنكاره لما تواترت به الأحاديث من خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام في آخر الزمان ، وقد تلقى رأيه هذا عن الذين أنكروا خروج الدجال ونزول عيسى عليه الصلاة والسلام من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة ) .
وقال الإمام السفاريني في كتابه ( البحور الزاخرة ) عن عيسى عليه الصلاة والسلام : ( قد أجمعت الأمة على نزوله ، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة ، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ) .

الأصل الثالث : حديث افتراق الأمة ، وذكر طوائف أهل البدع .
قال الأمير عبد القادر ذاكرا فرق الأمة : ( وافترقت بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على ثلاث وسبعين فرقة ، وأصول الفرق ستة : حرورية - أي : الخوارج - وقدرية وجهمية ومرجئة ورافضة وجبرية ، وانقسمت كل منها إلى اثنتي عشرة فرقة فصارت اثنتي وسبعين ، وتمام الثلاث والسبعين الفرقة الناجية وهم أهل السنة ) ا.هـ

➖ قلت ( بن سلة ) : حديث افتراق الأمة ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي – وفي رواية - : هي الجماعة.) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم
فأهل البدع ودعاة التقارب يسعون للطعن في هذا الحديث النبوي ، وعدم ذكره ، والتكلف لدفنه ، والتشغيب حوله ، وهدم أصوله وما يترتب عليه من الأحكام والفقه الإسلامي الذي يعصم أهله من الفتن والإحداث ، فلا تكاد تسمعه على منابرهم ، ولا في مجالسهم العامة ، وإذا ذكروه ، خصوا الفرقة الناجية ما هم عليه من الحزبية الضيقة والخروج !
ففي كلام الأمير عبد القادر ما يقطع وينسف كذبهم إذ ذكر أن الفرقة الناجية هم أهل السنة ، وعلامة أهل السنة هي أخذهم بالسنة علما وعملا ، ظاهرا وباطنا ، وتحكيمها في العقائد والأعمال ، فمن لم يكن كذلك فليس من أهل السنة .
جعلنا الله وإياكم من هذه الفرقة الناجية في الدنيا والآخرة .

كتبه : بشير بن سلة الجزائري










رد مع اقتباس