ثالثا :
ولعل الأقرب في الجواب عن السؤال أن يقال : لا شك أن تأثير الإسلام في النفوس تأثير بالغ عظيم ، حتى في قلوب الغزاة الذين يتربصون بأمة الإسلام الدوائر
فلا يستبعد أن تتأثر فئات من المغول - نتيجة اختلاطهم بالمسلمين واطلاعهم على النور الذي أنزل إليهم
– بدين الإسلام العظيم ، ولكن الإنصاف يقضي أيضا بخطأ اختزال العوامل الكثيرة التي ينتشر الإسلام بسببها في عامل واحد هو " المغول " .
يؤكد ذلك أمران اثنان :
1- أن دين الإسلام كان قد انتشر في آسيا منذ القرون الهجرية الأولى على يد القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهلي سنة ( 94هـ) ، حيث فتح " كاشغر "
عاصمة الصين آنذاك ، ثم توقفت الفتوحات العسكرية لتبدأ الفتوحات المعرفية بنشر الإسلام في جميع بقاع آسيا عن طريق العلم والدعوة والأخلاق الحميدة .
انظر كتاب "ظاهرة انتشار الإسلام" محمد فتح الله الزيادي (ص/222-224)
2- أن أكثر المغول الذين انتسبوا إلى الإسلام لم يعرفوه حق معرفته ، ولم يقفوا عند حدوده وشرعه ، ولم يمنعهم الدين الجديد الذي انتسبوا إليه من اقتحام بلاد المسلمين
وتكرار اعتداءاتهم عليها بعد عصر " جنكيز خان " الطاغية
ولم تختلف سيرتهم كثيرا عن سيرة أسلافهم من المجرمين ، مما حدا بأهل العلم إلى الفتوى بكفرهم وعدم صحة إسلامهم ، وهي فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية المشهورة ، حتى إنه كان يقول :
" إذا رأيتموني من ذلك الجانب – يعني الذي فيه المغول – وعلى رأسي مصحف فاقتلوني " ، لما كان يجزم به من كفرهم وظلمهم وعدوانهم .
انظر "البداية والنهاية" (14/24)
فكيف لهؤلاء أن يحملوا دعوة التوحيد والمعرفة والسلام إلى العالم ، وكيف للشعوب في بلاد آسيا أن تتبعهم على دينهم بعد أن لقوا منهم العذاب والنكال !!
( يمكن الرجوع إلى المصادر الآتية لاستكمال تفاصيل البحث : "
وثائق الحروب الصليبية والغزو المغولي للعالم الإسلامي " محمد ماهر حمادة ، " المغول في التاريخ من جنكيز خان إلى هولاكو خان " فؤاد الصياد ، " تاريخ المغول " عباس إقبال ، وغيرها )
والله أعلم .