منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - مناقب التاريخ الاسلامي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2019-01-09, 17:12   رقم المشاركة : 319
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفصيل القول في قوله تعالى ( وتُخفي في نفسك ما الله مبديه )

السؤال

هل صحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما رأى زوجة زيد بن حارثة أعجبته

فطلب من زيد أن يطلقها حتى يتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ الرجاء توضيح هذه القصة واستغفر الله لي ولكم ، ولكم جزيل الشكر والتقدير

الجواب

الحمد لله

أولاً :

تقدمة :

إن مقام النبوة مقام شريف ، وقد اختار الله تعالى أنبياءه على علم على العالَمين

وما تتناقله كتب الإسرائيليات ، وبعض كتب التفسير – للأسف – يحط من ذلك المقام الشريف للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، ومن أمثلة ذلك ما روي عن بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم وقع حب زينب بنت جحش في قلبه

وأنه كان يقول لزوجها – زيد بن حارثة – أمسك عليك زوجك ، مع أنه يخفي في قلبه حبها ، وهذا لا يليق بمقام النبي صلى الله عليه وسلم أن يروى وينسب له صلى الله عليه وسلم .

وكل ما روي في كتب التفسير عن أحدٍ من السلف مثل هذا أو قريباً منه : فلا يصح عنهم ، ويوجد من اغتر بهذه الروايات فجعلها تفسيراً للآيات الواردة في المسألة .

قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :

ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم هاهنا آثاراً عن بعض السلف - رضي الله عنهم - أحببنا أن نضرب عنها صفحاً ؛ لعدم صحتها ، فلا نوردها .

" تفسير ابن كثير " ( 6 / 424 ) .

وقد جاء عن أنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهما ما يبين شدة هذه الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم

ومن فقه هذين الصحابيين رضي الله عنهما أنهما أخبرا أنه صلى الله عليه وسلم لو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية .

عَنْ أَنَسٍ قَالَ : جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) ، قَالَ أَنَسٌ : لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ

قَالَ : فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ .

رواه البخاري ( 6984 ) .

روى مسلم ( 177 ) عن عائشة رضي الله عنها مثل قول أنس رضي الله عنه .

ثانياً :

ذِكر الآية وسبب نزولها ومجمل معناها :

قال تعالى : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ

وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) الأحزاب/37 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

وكان سبب نزول هذه الآيات أن اللّه تعالى أراد أن يشرع شرعاً عامّاً للمؤمنين ، أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء حقيقة ، من جميع الوجوه ، وأن أزواجهم لا جناح على من تبناهم في نكاحهن
.
وكان هذا من الأمور المعتادة التي لا تكاد تزول إلا بحادث كبير ، فأراد أن يكون هذا الشرع قولاً من رسوله

وفعلاً ، وإذا أراد اللّه أمراً جعل له سبباً ، وكان زيد بن حارثة يُدعى " زيد بن محمد " قد تبناه النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فصار يدعى إليه حتى نزل ( ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ ) فقيل له : " زيد بن حارثة " .

وكانت تحته زينب بنت جحش - ابنة عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

- وكان قد وقع في قلب الرسول لو طلقها زيد لتزوَّجها ، فقدَّر اللّه أن يكون بينها وبين زيد ما اقتضى أن جاء زيد بن حارثة يستأذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في فراقها .

قال اللّه : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) أي : بالإسلام .

( وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) بالعتق ، حين جاءك مشاوراً في فراقها ، فقلت له ناصحاً له ومخبراً بمصلحته مع وقوعها في قلبك

: ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) أي : لا تفارقها ، واصبر على ما جاءك منها ، ( وَاتَّقِ اللَّهَ ) تعالى في أمورك عامة ، وفي أمر زوجك خاصة ، فإن التقوى تحث على الصبر ، وتأمر به .

( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) والذي أخفاه : أنه لو طلقها زيد : لتزوجها صلى اللّه عليه وسلم .

( وَتَخْشَى النَّاسَ ) في عدم إبداء ما في نفسك ، ( وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) فإن خشيته جالبة لكل خير ، مانعة من كل شر .
( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً ) أي : طابت نفسه ، ورغب عنها

وفارقها : ( زَوَّجْنَاكَهَا ) وإنما فعلنا ذلك لفائدة عظيمة ، وهي : ( لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) حيث رأوك تزوجت زوج زيد بن حارثة ، الذي كان من قبل ينتسب إليك .

" تفسير السعدي " ( ص 665 ، 666 ) .

وثمة فرق كبير بين أن يكون ما أخفاه صلى الله عليه وسلم في قلبه هو محبة زينب

وبين أن يكون المخفي زواجه منها ، ولذا كانت زينب رضي الله عنها تفخر بأن الذي زوَّجها هو الله تعالى – كما سبق وذكرنا الرواية في ذلك في " صحيح البخاري " -

وهو يؤكِّد صحة القول الصحيح الذي لا ينبغي غيره ، وأن الذي كان يخفيه صلى الله عليه وسلم هو زواجه بها ، وأنه يخشى من كلام الناس في ذلك .









رد مع اقتباس