منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - شعب الجزائر مسلم والى العروبة ينتسب
عرض مشاركة واحدة
قديم 2017-06-11, 12:20   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
sami_yougourthen
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

ثناء بن باديس عن اتاتورك العلماني محطم الدولة الاسلامية في الترك يطرح تسائل معمق
بقلم: الشيخ عبد الحميد ابن باديس
جريدة الشهاب، نوفمبر 1938
في السابع عشر من رمضان المعظم ختمت انفاس اعظم رجل عرفته البشرية في التاريخ الحديث , و عبقري من اعظم عباقرة الشرق , الذين يطلعون على العالم في مختلف الاحقاب , فيحولون مجرى التاريخ و يخلقونه خلقا جديدا , ذلك هو مصطفى كمال بطل غاليبولي في الدردنيل و بطل سقاريا في الاناضول و باعث تركيا من شبه الموت الى حيث هي اليوم من الغنى و العز و السمو
و اذا قلنا بطل غاليبولي , فقد قلنا قاهر الانكليز اعظم دولة بحرية الذي هزمها في الحرب الكبرى شر هزيمة لم تعرفها في تاريخها الطويل
و اذا قلنا بطل سقاريا فقد قلنا قاهر الانكليز و حلفاءهم من يونان و طليان و فرنسيين بعد الحرب الكبرى و مجليهم عن ارض تركيا بعد احتلال عاصمتها و التهام اطرافها و شواطئها
و اذا قلنا باعث تركيا فقد قلنا باعث الشرق الاسلامي كله , فمنزلة تركيا التي تبواتها من قلب العالم الاسلامي في قرون عديدة هي جبهة منزلتهافلا عجب ان يكون بعثه مرتبطا ببعثها , لقد كانت تركيا قبل الحرب الكبرى هي جبهة صراع الشرق ازاء هجمات الغرب و مرمى قدائف الشر الاستعماري و التعصب النصراني من دول الغرب , فلما انتهت الحرب و خرجت تركيا منها مهشمة مفككة تناولت الدول الغربية امم الشرق الاسلامي تمتلكها تحت اسماء استعمارية ملطفة , و احتلت عاصمة الخلافة و اصبح الخليفة طوع يدها و تحت تصرفها , و قال الماريشال اللونبي”اليوم انتهت الحروب الصليبية” فلو لم يخلق الله المعجزة على يد كمال لذهبت تركيا و ذهب الشرق الاسلامي معها , لكن كمالا الذي جمع تلك الفلول المبعثرة فالتف به اخوانه من ابناء تركيا البررة , و نفخ من روحه في ارض الاناضول حيث الارومة التركية الكريمة و غيل ذلك الشعب النبيل , و قاوم ذلك الخليفة الاسير و حكومته المتداعية , و شيوخه الدجالين من الداخل , و قهر دول الغرب و في مقدمتها انكلترا من الخارج , لكن كما لا اوقف الغرب المغير عند حده و كبح من جماحه و كسر من غلوئه , و بعث في الشرق الاسلامي امله و ضرب له المثل العالي في المقاومة و التضحية فنهض يكافح و يجاهد , فلم يكن مصطفى محيي تركيا وحدها بل محيي الشرق الاسلامي كله , وبهذا غير مجرى التاريخ ووضع للشرق الاسلامي اساس تكوين جديد , فكان بحق من اعظم عباقرة الشرق العظام الذين اثروا في دين البشرية و دنياها من اقدم عصور التاريخ
ان الاحاطة بنواحي البحث في شخصية اتاتورك ”ابي ترك ” مما يقصر عنه الباع و يضيق عنه المجال , و لكنني ارى من المناسب او من نواحي عظمة مصطفى اتاتورك التي ينقبض لها قلب المسلم و يقف متاسفا و يكاد يولي مصطفى في موقفه هذا الملامة كلها حتى يعرف المسؤلين الحقيقيين الذين اوقفوا مصطفى ذلك الموقف , فمن هم هؤلاء المسئولون؟
هم خليفة المسلمين , شيخ اسلام المسلمين و من معه من علماء الدين , شيوخ الطرق المتصوفون , الامم الاسلامية التي كانت تعد السلطان العثماني خليفة لها
اما خليفة المسلمين فيجلس في قصره تحت سلطة الانجليز المحتلين لعاصمته ساكنا ساكتا , استغفر الله بل متحركا في يديهم تحرك الالة لقتل حركة المجاهدين بالاناضول , ناطقا باعلان الجهاد ضد مصطفى كمال و من معه , الخارجين عن طاعة امير المؤمنين… .ء
و اما شيخ الاسلام و علماؤه فيكتبون للخليفة منشورا يمضيه باسمه و يوزع على الناس باذنه , و تلقيه الطائرات اليونانية على القرى برضاه يبيح فيه دم مصطفى كمال و يعلن خيانته و يضمن السعادة لمن يقتله
و اما شيوخ الطرق الضالون و اتباعهم المنومون فقد كانوا اعوانا للانجليز و للخليفة الواقع تحت قبضتهم , يوزعون ذلك المنشور و يثيرون الناس ضد المجاهدين
و اما الامم الاسلامية التي كانت تعد السلطان العثماني خليفة لها فمنها من كانوا في بيعته فانتفضوا عليه ثم كانوا في صف اعدائهم و اعدائه , و منها من جاءت مع مستعبديها حاملة السلاح على المسلمين شاهرة له في وجه خليفتهم
فاين هو الاسلام في هذه ” الكليشيات” كلها؟ و اين يبصره مصطفى الثائر المحروب , و المجاهد الموتور- منها؟
لقد ثار مصطفى كمال حقيقة ثورة جامحة جارفة و لكنه لم يكن على الاسلام و انما ثار على هؤلاء الذين يسمون بالمسلمين , فالغى الخلافة الزائفة و قطع يد اولئك العلماء عن الحكم فرفض مجلة الاحكام و اقتلع شجرة زقوم الطرقية من جذورها و قال للامم الاسلامية عليكم انفسكم و علي نفسي , لا خير لي في الاتصال بكم ما دمتم على ما انتم عليه فكونوا انفسكم ثم تعالوا نتعاهد و نتعاون كما تتعاهد و تتعاون الامم ذوات السيادة و السلطان
اما الإسلام فقد ترجم القران لامته التركية بلغتها لتاخذ الاسلام من معدنه , و تستقيه من نبعه , و مكنها من اقامة شعائره فكانت مظاهر الاسلام في مساجده , ومواسمه تتزايد في الظهور عاما بعد عام حتى كان المظهر الاسلامي العظيم يوم دفنه و الصلاة عليه تغمده الله برحمته
لسنا نبرر صنيعه في رفض مجلة الاحكام و لكننا نريد ان يذكر الناس ان تلك المجلة المبنية على مشهور و راجح مذهب الحنفية ما كانت تسع حاجة امة من الامم في كل عصر لان الذي يسع البشرية كلها في جميع عصورها هو الإسلام بجميع مذاهبه لا مذهب واحد او جملة مذاهب محصورة كائنا ما كان و كائنة ما كانت , و نريد ان يذكر الناس ايضا ان اولئك العلماء الجامدين ما كانوا يستطيعون ان يسمعوا غير ما عرفوه من صغرهم من مذهبهم و ما كانت حواصلهم الضيقة لتتسع لاكثر من ذلك , كما يجب ان يذكروا ان مصر بلد الازهر الشريف ما زالت الى اليوم الاحكام الشرعية معطلة فيها , و مازال “كود” نابليون مصدر احكامها الى اليوم , و ما زال الانتفاع بالمذاهب الاسلامية في القصاء مهجورا كذلك الا قليلا جدا
نعم , ان مصطفى اتاتورك نزع عن الاتراك الاحكام الشرعية و ليس مسؤولا في ذلك وحده و في امكانهم ان يسترجعوها متى شاءوا و كيفما شاءوا و لكنه رجع لهم حريتهم و استقلالهم و سيادتهم و عظمتهم بين ام الارض و ذلك ما لا يسهل استرجاعه لو ضاع , وهو وحده كان مبعثه و مصدره , ثم اخوانه المخلصون , فاما الذين رفضوا الاحكام الشرعية الى “كود” نابليون فماذا اعطوا امتهم ؟ و ماذا قال علماءهم ؟
عبد الحميد ابن باديس










رد مع اقتباس