منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - علامات النبــوة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2015-10-12, 19:30   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
seifellah
عضو متألق
 
الصورة الرمزية seifellah
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز مميزي الأقسام 
إحصائية العضو










افتراضي

انتظام آيات السور رغم تعدد النجوم

وتباعد ما بينها



بقي القرآن الكريم يتنزل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم منجمًا (أي مفرقًا) في مدة ثلاث وعشرين سنة، فلما تمَّ تمَّ مترابطًا محكمًا لا متنافرًا متباعدًا.



قال الزرقاني رحمه الله تعالى: الإرشاد إلى مصدر القرآن وأنه كلام الله وحده وأنه لا يمكن أن يكون كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولا كلام مخلوق سواه وبيان ذلك أن القرآن الكريم نقرؤ ه من أوله إلى آخره، فإذا هو محكم السرد دقيق السبك قوي الاتصال آخذ بعضهم برقاب بعض في سورة وآياته وجمله، يجري دم الإعجاز فيه كله من ألفه إلى يائه كأنه سبيكة واحدة ولا يكاد يوجد بين أجزائه تفكك ولا تخاذل كأنه سمط وحيد وعقد فريد يأخذ بالأبصار نظمت حروفه وكلماته ونسقتت جمله وآياته, وهنا نتساءل: كيف اتسق للقرآن هذا التأليف المعجز؟ وكيف استقام له هذا التناسق المدهش؟ على حين أنه لم يتنزل جملة واحدة بل تنزل آحادًا مفرقة تفرق الوقائع والحوادث في أكثر من عشرين عامًا؟



الجواب: أننا نلمح هنا سرًّا جديدًا من أسرار الإعجاز و نشهد سمة فذَّة من سمات الربوبية ونقرأ دليلًا ساطعًا على مصدر القرآن وأنه كلام الواحد الديان ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا.



وإلا فحدثني -بربك- كيف تستطيع أنت أم كيف يستطيع الخلق جميعًا أن يأتوا بكتاب محككم الاتصال والترابط متبين النسج والسرد متآلف البدايات والنهايات مع خضوعه في التأليف لعوامل خارجة عن مقدور البشر؟ وهي وقائع الزمن وأحداثه التي يجيء كل جزء من هذا الكتاب تبعًا لها ومتحدثًا عنها سببًا بعد سبب وداعية بعد داعية مع اختلاف ما بين هذه الدواعي وتغاير ما بين تلك الأسباب ومع تراخي زمان هذا التأليف وتطاول آماد النجوم إلى أكثر من عشرين عامًا.



لا ريب أن هذا الانفصال الزماني وذاك الاختلاف الملحوظ بين هاتيك الدواعي يستلزمان في مجرى العادة الفكك والانحلال ولا يدعان مجالا للارباط والاتصال بين نجوم هذا الكلام.



أما القرآن الكريم فقد خرق العادة في هذه الناحية أيضًا: نزل مفرقًا منجمًا ولكنه تم مترابطًا محكمًا وتفرقت نجومه تفرق الأسباب و لكن اجتمع نظمه اجتماع شمل الأحباب ولم يتكامل نزوله إلا بعد عشرين عامًا ولكن تكامل انسجامه بداية وختامًا !



أليس ذلك برهانًا ساطعًا على أنه كلام خالق القوي والقدر ومالك الأسباب والمسببات ومدبر الخلق والكائنات وقيُّوم الأرض و السماوات العليم بما كان سيكون الخبير بالزمان وما يحدث فيه من شئون ؟



لاحظ فوق ما أسلفنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزلت عليه آية قال: «ضعوها في مكان كذا من سورة كذا» وهو بشر لا يدري (طبعًا) ما ستجيء به الأيام ولا يعلم ما سيكون في مستقبل الزمان ولا يدرك ما سيحدث من الدواعي والأحداث فضلًا عما سينزل من الله فيها وهكذا يمضي العمر الطويل والرسول على هذا العهد يأتيه الوحي بالقرآن نجمًا بعد نجم، وإذا القرآن كله بعد هذا العمر الطويل يكمل ويتم وينتظم ويتآخى ويأتلف ويلتئم ولا يؤخذ عليه أدنى تخاذل ولا تفاوت بل يعجز الخلق طرءًا بما فيه من انسجام ووحدة وترابط ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ.



إذًا فالقرآن الكريم ينطق نزوله منجمًا بأنه كلام الله وحده، وتلك حكمة جليلة الشأن تدل الخلق على الحق في مصدر القرآن.



﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * انتهى ملخصًا([1]).

([1]) مناهل العرفان (1/55).









رد مع اقتباس